الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(بَاب فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ)
[3421]
(كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ) أَيْ حَرَامٌ (وَمَهْرُ الْبَغِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ فَعُولٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْفَاعِلَةِ مِنْ بَغَتِ الْمَرْأَةُ بِغَاءً بِالْكَسْرِ إِذَا زَنَتْ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تُكْرِهُوا فتياتكم على البغاء وَمَهْرُ الْبَغِيِّ هُوَ مَا تَأْخُذُهُ الزَّانِيَةُ عَلَى الزنى وَسَمَّاهُ مَهْرًا لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ وَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمَّا ثَمَنُ الْكَلْبِ فَفِي حُرْمَتِهِ اخْتِلَافٌ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ
وَأَمَّا كَسْبُ الْحَجَّامِ فَفِيهِ أَيْضًا اخْتِلَافٌ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فِي النَّيْلِ إِنَّهُ حَرَامٌ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَذَهَبَ الجمهور إلى أنه حلال واستدلوا بحديث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِيَيْنِ فِي الْبَابِ وَقَالُوا إِنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبِيثِ فِي قَوْلِهِ كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ الْمَكْرُوهُ تَنْزِيهًا لِدَنَاءَتِهِ وَخِسَّتِهِ لَا الْمُحَرَّمُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ منه تنفقون فَسَمَّى رَاذِلَ الْمَالِ خَبِيثًا
وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ وَأَنَّهُ كَانَ حَرَامًا ثُمَّ أُبِيحَ وَهُوَ صَحِيحٌ إِذَا عَرَفَ التَّارِيخَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَا مُحَصَّلُهُ إِنَّ مَعْنَى الْخَبِيثِ فِي قَوْلِهِ كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ الدَّنِيُّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَمَنُ الْكَلْبِ خبيث ومهر الْبَغِيِّ خَبِيثٌ فَمَعْنَاهُ الْمُحَرَّمُ وَقَدْ يَجْمَعُ الْكَلَامُ بَيْنَ الْقَرَائِنِ فِي اللَّفْظِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعَانِي وَذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ فِيهَا وَقَدْ يَكُونُ الْكَلَامُ فِي الْفَصْلِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَبَعْضُهُ عَلَى النَّدْبِ وَبَعْضُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَبَعْضُهُ عَلَى الْمَجَازِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِ الْأُصُولِ وَبِاعْتِبَارِ مَعَانِيهَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[3422]
(عن بن مُحَيْصَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بَيْنَهُمَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ أَوْ مَكْسُورَةٌ مُشَدَّدَةٌ (فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ) أَيْ فِي أُجْرَتِهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ أَيْ فِي أَخْذِهَا أَوْ أَكْلِهَا (فَنَهَاهُ عَنْهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلِارْتِفَاعِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن بن محيصة بفتح المهملة الأولى والثانية بينهما تحتانية ساكنة أو مكسورة مشددة في إجارة الحجام أي في أجرته كما في رواية الموطأ أي في أخذها أو أكلها فنهاه عنها قال النووي هذا نهي تنزيه للإرتفاع عن
عَنْ دَنِيءِ الِاكْتِسَابِ وَلِلْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِي الْأُمُورِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُفَرَّقْ فيه بين الحر والعبد فإنه لايجوز لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطْعِمَ عَبْدَهُ مَا لَا يَحِلُّ (فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ) أَيْ فِي أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي أَكْلِهَا فَإِنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ كَانَتْ لَهُمْ أَرِقَّاءُ كَثِيرُونَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْ خَرَاجِهِمْ وَيَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ أَطْيَبِ الْمَكَاسِبِ فَلَمَّا سَمِعَ مُحَيْصَةُ نَهْيَهُ ذَلِكَ وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى أَكْلِ أُجْرَةِ الْحِجَامَةِ تَكَرَّرَ فِي أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (اعْلِفْهُ) أَيْ أَطْعِمْهُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَلْفُ كَالضَّرْبِ الشُّرْبُ الْكَثِيرُ وَإِطْعَامُ الدَّابَّةِ كَالْإِعْلَافِ (نَاضِحَكَ) هُوَ الْجَمَلُ الَّذِي يُسْقَى بِهِ الْمَاءُ (وَرَقِيقَكَ) أَيْ عَبْدَكَ لِأَنَّ هَذَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا شَرَفٌ يُنَافِيهِ دَنَاءَةُ هَذَا الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّامِ حَلَالٌ لِلْعَبْدِ دُونَ الْحُرِّ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ فَقَالُوا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَكَرِهُوا لِلْحُرِّ الِاحْتِرَافَ بِالْحِجَامَةِ وَقَالُوا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا وَيَجُوزُ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ مِنْهَا وَأَبَاحُوهَا لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا وَعُمْدَتُهُمْ حَدِيثُ محيصة هذا
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن ماجه وقال الترمذي حديث حسن
وقال بن مَاجَهْ حَرَامُ بْنُ مُحَيْصَةَ عَنْ أَبِيهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ وَيُقَالُ أَبُو سَعِيدٍ حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيْصَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ وَيُقَالُ حَرَامُ بْنُ مُحَيْصَةَ يُنْسَبُ إِلَى الْجَدِّ وَيُقَالُ حَرَامُ بْنُ سَاعِدَةَ وَهُوَ بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[3423]
(وَلَوْ عَلِمَهُ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْرَ الْحَجَّامِ (خَبِيثًا) أَيْ حَرَامًا (لَمْ يُعْطِهِ) أَيِ الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي إِبَاحَتِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[3424]
(حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاسْمُهُ نَافِعٌ (وأمر