المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب في ثمن الخمر والميتة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٩

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب فِي جَمْعِ الْمَوْتَى فِي قَبْرٍ)

- ‌(بَابٌ فِي الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ)

- ‌(بَاب فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بَاب كَمْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ)

- ‌(باب كيف يدخل الميت قبره)

- ‌(باب كيف يجلس عِنْدَ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ كَسَحَابَةٍ)

- ‌ بَاب فِي تَعْمِيقِ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حِينٍ)

- ‌(بَاب فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(باب المشي بين القبور في النعل)

- ‌(بَاب فِي تَحْوِيلِ الْمَيِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ)

- ‌(بَاب فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ)

- ‌ بَاب فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ)

- ‌(بَاب فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ)

- ‌(باب ما يقول إذا مر بالقبور)

- ‌(باب كيف يصنع بالمحرم إذا مات)

- ‌21 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌ بَاب فِي من حلف ليقتطع بها مالا)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النبي)

- ‌ باب اليمين بغير الله)

- ‌ باب كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْآبَاءِ)

- ‌ بَابُ كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ بِالْأَمَانَةِ)

- ‌ بَابُ الْمَعَارِيضِ فِي الْأَيْمَانِ)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ وَبِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ)

- ‌ بَاب الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ)

- ‌(باب الحنث إذا كان خيرا)

- ‌(بَاب فِي الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا)

- ‌(باب في الحلف كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا)

- ‌(بَاب كَمْ الصَّاعُ فِي الْكَفَّارَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ)

- ‌(باب كراهية النذر)

- ‌(باب النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى عَلَيْهِ)

- ‌ بَاب مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المقدس)

- ‌(باب قَضَاءِ النَّذْرِ عَنْ الْمَيِّتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ)

- ‌(باب ما يؤمر به)

- ‌(باب النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ)

- ‌(بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ)

- ‌(باب نذر الجاهلية الخ)

- ‌(بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ)

- ‌(بَاب لَغْوِ الْيَمِينِ)

- ‌(باب فيمن حلف)

- ‌ بَاب الْيَمِينِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(باب الحالف يستثنى بعد ما يَتَكَلَّمُ)

- ‌(بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ)

- ‌22 - كِتَابِ الْبُيُوعِ

- ‌(باب في التجارة)

- ‌ بَاب فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ)

- ‌(بَاب فِي اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ)

- ‌ بَاب فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ)

- ‌(بَاب فِي وَضْعِ الرِّبَا)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ)

- ‌ بَاب فِي الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ)

- ‌(بَاب فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلخ)

- ‌(باب في التشديد في الدين)

- ‌ بَاب فِي الْمَطْلِ أَيِ التَّسْوِيفِ وَالتَّأْخِيرِ)

- ‌(بَاب فِي حُسْنِ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّرْفِ)

- ‌(باب في حلية السيف تباع بالدراهم)

- ‌(بَاب فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنْ الْوَرِقِ)

- ‌(بَاب فِي الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً)

- ‌(بَاب فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)

- ‌(باب في الثمر بالثمر)

- ‌(بَاب فِي الْمُزَابَنَةِ)

- ‌ بَاب فِي بَيْعِ الْعَرَايَا)

- ‌(بَاب فِي مِقْدَارِ الْعَرِيَّةِ)

- ‌(بَابٌ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَايَا)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ السِّنِينَ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْغَرَرِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْمُضْطَرِّ مُفْتَعَلٌ مِنَ الضُّرِّ)

- ‌(بَاب فِي الشَّرِكَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُضَارِبِ يُخَالِفُ الْمُضَارَبَةُ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَتَّجِرُ فِي مَالِ الرَّجُلِ)

- ‌ بَاب فِي الشَّرِكَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ)

- ‌(بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي زَرْعِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُخَابَرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُسَاقَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَرْصِ)

- ‌كتاب الإجارة

- ‌(باب في كسب العلم)

- ‌ بَاب فِي كَسْبِ الْأَطِبَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ)

- ‌ بَابُ فِي كَسْبِ الْإِمَاءِ)

- ‌ بَاب حُلْوَانِ الْكَاهِنِ)

- ‌ بَاب فِي عَسْبِ الْفَحْلِ)

- ‌ بَاب فِي الصَّائِغِ)

- ‌(بَاب فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ وَلَهُ مَالٌ)

- ‌ بَاب فِي التَّلَقِّي)

- ‌ بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ النَّجْشِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ)

- ‌(بَاب مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَكَرِهَهَا)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ الْحُكْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَسْرِ الدَّرَاهِمِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْعِيرِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ)

- ‌(بَاب فِي خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْإِقَالَةِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ)

- ‌ بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ الْعِينَةِ)

- ‌(بَاب فِي السَّلَفِ)

- ‌(بَاب فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا)

- ‌(بَابٌ السَّلَفُ يُحَوَّلُ)

- ‌(بَاب فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَفْسِيرِ الْجَائِحَةِ)

- ‌(بَاب فِي مَنْعِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ)

- ‌(بَاب فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ)

- ‌ بَاب فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ)

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ)

- ‌(بَاب فِي الْعُرْبَانِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ)

- ‌(بَاب فِي شَرْطٍ فِي بَيْعٍ)

- ‌(بَاب فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا)

- ‌(بَاب إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ)

- ‌ بَاب فِي الشُّفْعَةِ)

- ‌ بَاب فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ)

- ‌ باب فيمن أحيى حسير)

- ‌(بَاب فِي الرَّهْنِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجِدُ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ حَقَّهُ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ)

- ‌(باب في قبول الهدايا)

- ‌(بَاب الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدِيَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ فِي النُّحْلِ)

- ‌ بَاب فِي عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي الْعُمْرَى)

- ‌(بَاب فِي الرُّقْبَى)

- ‌(بَاب فِي تَضْمِينِ الْعَارِيَة)

- ‌(بَاب فِيمَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلَهُ)

- ‌(بَاب الْمَوَاشِي تُفْسِدُ زَرْعَ قَوْمٍ)

- ‌23 - كِتَابِ الْقَضَاء

- ‌(باب في طلب القضاء)

- ‌ باب في القاضي)

- ‌(بَاب فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ وَالتَّسَرُّعِ إِلَيْهِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الرَّشْوَةِ)

- ‌ بَاب فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ)

- ‌ بَاب كَيْفَ الْقَضَاءُ)

- ‌ بَاب فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يَجْلِسُ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي)

- ‌ بَاب الْقَاضِي يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ)

- ‌ بَاب الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْقَضَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الصُّلْحِ)

الفصل: ‌ باب في ثمن الخمر والميتة)

3

([3485]

‌ بَاب فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ)

(عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ (وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ هِيَ مَا زَالَتْ عَنْهُ الْحَيَاةُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ بَيْعِ السِّرْقِينَ وَبَيْعِ كُلِّ نَجَسِ الْعَيْنِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ

وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فكرهت طائفة ذلك

وممن منع منه بن سِيرِينَ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ اللِّيفُ أَحَبُّ إِلَيْنَا

وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[3486]

(إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ) وَالْعِلَّةُ فِيهِ السُّكْرُ فَيَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى كُلِّ مُسْكِرٍ (وَالْأَصْنَامِ) جَمْعُ صَنَمٍ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْوَثَنُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ الوثن كل ماله جُثَّةٌ مَعْمُولَةٌ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ أَوْ مِنَ الْخَشَبِ أَوْ مِنَ الْحِجَارَةِ كَصُورَةِ الْآدَمِيِّ تُعْمَلُ وَتُنْصَبُ فَتُعْبَدُ وَالصَّنَمُ الصُّورَةُ بِلَا جُثَّةٍ

قَالَ وَقَدْ يُطْلَقُ الْوَثَنُ عَلَى غَيْرِ الصُّورَةِ (أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي (فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (يُطْلَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِهَا) أَيْ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ (السُّفُنُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ السَّفِينَةِ (وَيُدْهَنُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ) أَيْ يَجْعَلُونَهَا فِي سُرُجِهِمْ وَمَصَابِيحِهِمْ يَسْتَضِيئُونَ بِهَا أَيْ فَهَلَ يَحِلُّ بَيْعُهَا لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَنَافِعِ فَإِنَّهَا مُقْتَضِيَةٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ (فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ) أَيِ الْبَيْعُ هَكَذَا فَسَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَالشَّافِعِيِّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حمل قوله وهو حَرَامٍ عَلَى الِانْتِفَاعِ فَقَالَ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فَلَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ أَصْلًا عِنْدَهُمْ إِلَّا مَا خُصَّ بِالدَّلِيلِ وَهُوَ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَتَنَجَّسُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْجَوَازِ

ص: 273

وقال أحمد وبن الْمَاجِشُونِ لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَتْ لَهُ دَابَّةٌ سَاغَ لَهُ إِطْعَامُهَا لِكِلَابِ الصَّيْدِ فَكَذَلِكَ يَسُوغُ دَهْنُ السَّفِينَةِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَلَا فَرْقَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ حَرَامٌ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ

وقال القارىء أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ أَرَأَيْتَ إِلَخْ (قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ) أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَلَعَنَهُمْ وَيُحْتَمَلُ إِخْبَارًا وَدُعَاءً هُوَ مِنْ بَابِ عَاقَبْتُ اللِّصَّ (لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا) أَيْ شُحُومَ الميتة قاله القسطلاني

وقال القارىء الضَّمِيرُ يَعُودُ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنَ الْبَقَرِ والغنم حرمنا عليهم شحومهما قَالَ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ اسْمُ جِنْسٍ يَجُوزُ تَأْنِيثُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (أَجْمَلُوهُ) بِالْجِيمِ أَيْ أَذَابُوهُ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الشُّحُومِ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ

ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ أَذَابُوهَا حَتَّى تَصِيرَ وَدِكًا فَيَزُولُ عَنْهَا اسْمُ الشَّحْمِ تَقُولُ جَمَلْتُ الشَّحْمَ وَأَجْمَلْتُهُ إِذَا أَذَبْتُهُ

قَالَ وَفِي هَذَا بَيَانُ بُطْلَانِ كُلِّ حِيلَةٍ يُحْتَالُ بِهَا لِلتَّوَصُّلِ إِلَى مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِتَغَيُّرِ هَيْئَتِهِ وَتَبْدِيلِ اسْمِهِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ

[3488]

(حَدَّثَاهُمْ) أَيْ مُسَدَّدٌ أَوْ غَيْرُهُ (الْمَعْنَى) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِيهِمَا وَاحِدٌ وَفِي أَلْفَاظِهِمَا اخْتِلَافٌ (عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ) هُوَ خَالِدُ بْنُ مِهْرَانَ الْبَصْرِيُّ الْحَذَّاءُ (عَنْ بَرَكَةَ) بِفَتَحَاتٍ (فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بِإِضَافَةِ حَدِيثٍ إِلَى خَالِدٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي حَدِيثِهِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الضَّمِيرِ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ

وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ الطَّحَّانُ (عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْوَلِيدِ) كُنْيَةُ بَرَكَةَ فَزَادَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ لَفْظَ أَبِي الْوَلِيدِ بَعْدَ لَفْظِ بَرَكَةَ وَأَمَّا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ فَلَمْ يَزِدْ فِي حَدِيثِهِ هَذَا اللَّفْظَ (ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ بِشْرٌ وَخَالِدٌ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ إِلَخْ) قَالَ فِي

ص: 274

الْمُنْتَقَى وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ الدُّهْنِ النَّجَسِ (وَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ) أَيْ مَكَانَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[3489]

(فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ فَلْيَسْتَحِلَّ أَكْلَهَا وَالتَّشْقِيصُ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَذْبَحَهَا بِالْمِشْقَصِ وَهُوَ نَصْلٌ عَرِيضٌ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَجْعَلَهَا أَشْقَاصًا بَعْدَ ذَبْحِهَا كَمَا يَفْصِلُ أَجْزَاءَ الشَّاةِ إِذَا أَرَادُوا إِصْلَاحَهَا لِلْأَكْلِ

وَمَعْنَى الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ تَوْكِيدُ التَّحْرِيمِ وَالتَّغْلِيظُ فِيهِ يَقُولُ مَنْ اسْتَحَلَّ بَيْعَ الْخَمْرِ فَلْيَسْتَحِلَّ أَكْلَ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُمَا فِي الْحُرْمَةِ وَالْإِثْمِ سَوَاءٌ أَيْ إِذَا كُنْتَ لَا تَسْتَحِلُّ أَكْلَ الْخِنْزِيرِ فَلَا تَسْتَحِلَّ ثَمَنَ الْخَمْرِ فَإِنَّكَ تُهْلَكُ وَتُحْرَقُ بِالنَّارِ انْتَهَى

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا لَفْظُ أَمْرٍ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ تَقْدِيرُهُ مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيَكُنْ لِلْخَنَازِيرِ قَصَّابًا انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[3490]

(لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ الْأَوَاخِرُ إِلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ هُوَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ الرِّبَا بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَإِنَّ آيَةَ الرِّبَا آخِرُ مَا نَزَلَ أَوْ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّهْيُ عَنِ التِّجَارَةِ مُتَأَخِّرًا عَنْ تَحْرِيمِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِتَحْرِيمِ التِّجَارَةِ حِينَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الرِّبَا تَوْكِيدًا وَمُبَالَغَةً وَلَعَلَّهُ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ تَحْرِيمُ التِّجَارَةِ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ

ص: 275