الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قِصَّةِ أَبِي إِسْرَائِيلَ هَذَا أَعْظَمُ حُجَّةٍ لِلْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ أَوْ مَا لَا طَاقَةَ فِيهِ
قَالَ مَالِكٌ لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ تَضَمَّنَ نَذْرُهُ نَوْعَيْنِ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْوَفَاءِ بِمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ طَاعَةٍ وَهُوَ الصَّوْمُ وَأَنْ يَتْرُكَ مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ مِنَ الْقِيَامِ فِي الشَّمْسِ وَتَرْكِ الْكَلَامِ وَتَرْكِ الِاسْتِظْلَالِ بِالظِّلِّ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَشَاقُّ تُتْعِبُ الْبَدَنَ وَتُؤْذِيهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وُضِعَ عَنِ الْأُمَّةِ الْأَغْلَالُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَتَنْقَلِبُ النَّذْرُ فِيهِ مَعْصِيَةً فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِيهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الصَّوْمَ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ أَخَوَاتِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْمُبَاحِ أَوْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ بِطَاعَةٍ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ فِي الشَّمْسِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ مِمَّا لَا طَاعَةَ فِيهِ وَلَا قُرْبَةَ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ كَالْجَفَاءِ وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى إِبْطَالِ مَا أَحْدَثَتْهُ الْجَهَلَةُ الْمُتَصَوِّفَةُ مِنَ الْأَشْغَالِ الشَّدِيدَةِ الْمُحْدَثَةِ وَالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ الْمُنْكَرَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا طَرِيقَةُ تَزْكِيَةِ أَنْفَاسِهِمْ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُمْ عَنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا إِلَّا بَيَّنَهُ فَمِنْ أَيْنَ وَجَدُوهَا وَمِنْ أَيْنَ أَخَذُوهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ البخاري وبن مَاجَهْ
9 -
(بَاب مَنْ رَأَى عَلَيْهِ)
[3290]
(كَفَّارَةً إِذَا كَانَ) النَّذْرُ (فِي مَعْصِيَةٍ) كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ
(لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَفِي
رِوَايَةٍ لَهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ فَنَذْرُهُ بَاطِلٌ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا غَيْرُهَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ العلماء
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة كَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بْن أَبِي عَتِيق وَمُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ الزُّهْرِيِّ وَسُلَيْمَان بْن أَرْقَمَ مَتْرُوك وَالْحَدِيث عِنْد غَيْره عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر الْحَنْظَلِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيّ بْن الْمُبَارَك عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير إِلَّا فِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيِّ لَا نَذْر فِي غَضَب وَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ مُحَمَّد بْن الزبير ورواه بن أَبِي عَرُوبَة عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر وَقَالَ لَا نَذْر فِي مَعْصِيَة اللَّه
وَرَوَاهُ عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عِمْرَان بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ رَجُل حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِد قَوْمه فَقَالَ عِمْرَان سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا نَذْر فِي مَعْصِيَة اللَّه وَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين وَفِي هَذَا دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ عِمْرَان
وَرَوَاهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر عَنْ رَجُل صَحِبَهُ عَنْ عِمْرَان
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر عَنْ الْحَسَن عَنْ عِمْرَان إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا نَذْر فِي مَعْصِيَة أَوْ فِي غَضَب قَالَ فَهَذَا حَدِيث مُخْتَلَف فِي إِسْنَاده وَمَتْنه كَمَا ذَكَرْنَا
وَلَا تَقُوم الْحُجَّة بِأَمْثَالِ ذَلِكَ
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ أَنَّهُ قَالَ مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر الْحَنْظَلِيّ مُنْكَر الْحَدِيث
وَفِيهِ نَظَر
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَإِنَّمَا الْحَدِيث فِيهِ عَنْ الْحَسَن عَنْ هَيَّاج بْن عِمْرَان الْبُرْجُمِيّ أَنَّ غُلَامًا لِابْنِهِ أَبَقَ فَجَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَيَقْطَعَنَّ يَده فَلَمَّا قَدَرَ عَلَيْهِ بَعَثَنِي إِلَى عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ فَسَأَلْته فَقَالَ إِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَحُثّ فِي خُطْبَته عَلَى الصَّدَقَة وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَة
فَقُلْ لِابْنِك فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينه وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ غُلَامه
قَالَ وَبَعَثَنِي إِلَى سَمُرَة فَقَالَ مِثْل ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحّ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عِمْرَان
وَاخْتُلِفَ فِي اِسْم الَّذِي رَوَاهُ عَنْ الْحَسَن فَقِيلَ هَكَذَا
وَقِيلَ حِبَّان بْن عِمْرَان البرجمي
وَقَالَ أَحْمَدُ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ وَأَمَّا حَدِيثُ كفارته يمين فضعيف باتفاف الْمُحَدِّثِينَ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ قُلْتُ قَدْ صَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ انْتَهَى
قَالَ السِّنْدِيُّ لَا نَذْرَ فِي معصية ليس
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَالْأَمْر بِالتَّكْفِيرِ فِيهِ مَوْقُوف عَلَى عِمْرَان وَسَمُرَة
والذي روي عن بن عَبَّاس مَرْفُوعًا مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَة اللَّه فَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين لَمْ يَثْبُت رَفْعه وَاَللَّه أَعْلَم
قَالَ الْمُوجِبُونَ لِلْكَفَّارَةِ فِي نَذْر الْمَعْصِيَة وَهُمْ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه هَذِهِ الْآثَار قَدْ تَعَدَّدَتْ طُرُقهَا
وَرُوَاتهَا ثِقَات
وَحَدِيث عَائِشَة اِحْتَجَّ بِهِ الْإِمَام أَحْمَد وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَإِنْ كَانَ الزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ أَبِي سَلَمَة فَإِنَّ لَهُ شَوَاهِد تُقَوِّيه رَوَاهُ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سِوَى عَائِشَة جَابِر وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَهُ التِّرْمِذِيّ وفيه حديث بن عَبَّاس رَفَعَهُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَة فَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ بن الجارود في مسنده ولفظه عن بن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم النَّذْر نَذْرَانِ فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَكَفَّارَته الْوَفَاء بِهِ وَمَا كَانَ لِلشَّيْطَانِ فَلَا وَفَاء فِيهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَرَوَى أَبُو إِسْحَاق الْجُوزَجَانِيُّ حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ فِي كِتَابه الْمُتَرْجَم وَقَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول النَّذْر نَذْرَانِ فَمَا كَانَ مِنْ نَذْر فِي طَاعَة اللَّه فَذَلِكَ لِلَّهِ وَفِيهِ الْوَفَاء وَمَا كَانَ مِنْ نَذْر فِي مَعْصِيَة اللَّه فَلَا وَفَاء فِيهِ وَيُكَفِّرهُ مَا يُكَفِّر الْيَمِين وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ عَائِشَة عن النبي صلى الله عليه وسلم من نَذَرَ أَنْ يُطِيع اللَّه فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِي اللَّه فَلَا يَعْصِهِ وَيُكَفِّر عَنْ يَمِينه وَهُوَ عِنْد الْبُخَارِيّ إِلَّا ذِكْر الْكَفَّارَة
قَالَ الْإِشْبِيلِيّ وَهَذَا أَصَحّ إِسْنَادًا وَأَحْسَن مِنْ حَدِيث أَبِي دَاوُدَ يَعْنِي حَدِيث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة الْمُتَقَدِّم
وَفِي مُصَنَّف عَبْد الرَّزَّاق عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي حَنِيفَة وَعَنْ أَبِي سَلَمَة كِلَاهُمَا عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا لَا نَذْر فِي غَضَب وَلَا فِي مَعْصِيَة اللَّه وَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين قَالُوا وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ كَفَّارَة النَّذْر كَفَّارَة الْيَمِين
وَهَذَا يَتَنَاوَل نَذْر الْمَعْصِيَة مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّهُ عَامّ لَمْ يُخَصّ مِنْهُ نَذْر دُون نَذْر
مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا إِذْ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَفَّارَتُهُ إِلَخْ بَلْ مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ وَهَذَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ (وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ انْتَهَى
وَفِي الْمِرْقَاةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ من أبي سلمة وإنما سَمِعَهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أرقم متروك
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الثَّانِي أَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْيَمِينِ وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى الْمَعْصِيَة وَحَنِثَ لَزِمَهُ كَفَّارَة يَمِين بَلْ وُجُوب الْكَفَّارَة فِي نَذْر الْمَعْصِيَة أَوْلَى مِنْهَا فِي يَمِين الْمَعْصِيَة لِمَا سَنَذْكُرُهُ
قَالُوا وَوُجُوب الْكَفَّارَة قَوْل عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَسَمُرَة بْن جُنْدَب وَلَا يُحْفَظ عَنْ صَحَابِيّ خِلَافهمْ
قَالُوا وَهَبْ أَنَّ هَذِهِ الْآثَار لَمْ تَثْبُت فَالْقِيَاس يَقْتَضِي وُجُوب الْكَفَّارَة فِيهِ لِأَنَّ النَّذْر يَمِين وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْخَمْر أَوْ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمِين وَإِنْ كَانَتْ يَمِين مَعْصِيَة فَهَكَذَا إِذَا نَذَرَ الْمَعْصِيَة
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَة النَّذْر يَمِينًا لَمَّا قَالَ لِأُخْتِ عُقْبَة لَمَّا نَذَرَتْ الْمَشْي إِلَى بَيْت اللَّه فَعَجَزَتْ تُكَفِّر يَمِينهَا وَهُوَ حَدِيث صَحِيح وَسَيَأْتِي
وَعَنْ عُقْبَة مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا النَّذْر حَلْفَة
وَقَالَ بن عَبَّاس فِي اِمْرَأَة نَذَرَتْ ذَبْح اِبْنهَا كَفِّرِي يَمِينك
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّذْر دَاخِل فِي مُسَمَّى الْيَمِين فِي لُغَة مَنْ نَزَلَ الْقُرْآن بِلُغَتِهِمْ
وَذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَته هِيَ حَقِيقَة الْيَمِين فَإِنَّهُ عَقَدَهُ لِلَّهِ مُلْتَزِمًا لَهُ كَمَا أَنَّ الْحَالِف عَقَدَ يَمِينه بِاَللَّهِ مُلْتَزِمًا لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بَلْ مَا عَقَدَ لِلَّهِ أَبْلَغ وَأَلْزَم مِمَّا عَقَدَ بِهِ فَإِنَّ مَا عَقَدَ بِهِ مِنْ الْأَيْمَان لَا يَصِير بِالْيَمِينِ وَاجِبًا فَإِذَا حَلَفَ عَلَى قُرْبَة مُسْتَحَبَّة لَيَفْعَلَنَّهَا لَمْ تَصِرْ وَاجِبَة عَلَيْهِ وَتُجْزِئهُ الْكَفَّارَة وَلَوْ نَذَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تُجْزِئهُ الْكَفَّارَة
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِالْتِزَام بِالنَّذْرِ آكَد مِنْ الِالْتِزَام بِالْيَمِينِ فَكَيْف يُقَال إِذَا اِلْتَزَمَ مَعْصِيَة بِيَمِينِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَإِذَا اِلْتَزَمَهَا بِنَذْرِهِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الْيَمِين فَلَا كَفَّارَة فِيهَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَة إِلَّا هَذَا وَحْده لَكَانَ كافيا
[3291]
(حدثنا بن السرح) قال الحافظ المزي حديث بن السرح في رواية بن العبد وبن دَاسَةَ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى (فِي هَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ (حَدَّثَ أَبُو سَلَمَةَ) وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بَلْ إِنَّمَا رَوَى خَبَرُهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ (فَدَلَّ ذَلِكَ) الْقَوْلُ الْمُشْعِرُ بِالتَّدْلِيسِ (لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ) لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْفَرَوِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ يونس عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أن رسول الله قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ اليمين (وقال أحمد بن محمد) المروزي شيخ الْمُؤَلِّفِ (وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ) أَيْ تَدْلِيسُ الزُّهْرِيِّ فِي هذا الحديث (ما حدثنا أيوب يعني بن سُلَيْمَانَ) وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ بِتَمَامِهِ (أَفْسَدُوا عَلَيْنَا هَذَا الحديث)
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّذْر آكَد مِنْ الْيَمِين
أَنَّ النَّاذِر إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَل كَذَا فَقَدْ عَقَدَ نَذْره بِجَزْمِهِ أَيْمَانه بِاَللَّهِ وَالْتِزَامه تَعْظِيمه كَمَا عَقَدَهَا الْحَالِف بِاَللَّهِ كَذَلِكَ فَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوه سَوَاء وَالْمَعْنَى الَّذِي يَقْصِدهُ الْحَالِف وَيَقُوم بِقَلْبِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ مَقْصُود لِلنَّاذِرِ قَائِم بِقَلْبِهِ وَيَزِيد النَّذْر عَلَيْهِ أَنَّهُ اِلْتَزَمَهُ لِلَّهِ فَهُوَ مُلْتَزِم مِنْ وَجْهَيْنِ لَهُ وَبِهِ
وَالْحَالِف إِنَّمَا اِلْتَزَمَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ خَاصَّة فَالْمَعْنَى الَّذِي فِي الْيَمِين دَاخِل فِي حَقِيقَة النَّذْر فَقَدْ تَضَمَّنَ النَّذْرُ الْيَمِين وَزِيَادَة فَإِذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَة فِي يَمِين الْمَعْصِيَة فَهِيَ أَوْلَى بِأَنْ تَجِب فِي نَذْرهَا
وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْقُوَّة وَالتَّأْكِيد قَالَ بَعْض الْمُوجِبِينَ لِلْكَفَّارَةِ فِيهِ إِنَّهُ إِذَا نَذَرَ الْمَعْصِيَة لَمْ يَبْرَأ بِفِعْلِهَا بَلْ تَجِب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة عَيْنًا وَلَوْ فَعَلَهَا لِقُوَّةِ النَّذْر بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا تَلْزَمهُ الْكَفَّارَة إِذَا حَنِثَ لِأَنَّ الْيَمِين أَخَفّ مِنْ النَّذْر
وَهَذَا أَحَد الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَد وَتَوْجِيهه ظَاهِر جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُ عَنْ الْوَفَاء بِالْمَعْصِيَةِ وَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَة عَيْنًا فلا يخرج من عهدة الأمر إلا بأدائها
وبالله التوفيق
أَيْ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ جهة إسناده (قيل له) أي لأحمد هَلْ (صَحَّ إِفْسَادُهُ عِنْدَكَ) مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَثَبَتَ عِنْدَكَ ضَعْفُهُ (وَهَلْ رَوَاهُ) أَيْ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ بِزِيَادَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ (غَيْرُ بن أَبِي أُوَيْسٍ) أَيْ غَيْرُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنِ بن أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَيَجِيءُ حَدِيثُهُ فَإِنْ رَوَاهُ غَيْرُهُ أَيْضًا فَيُعْتَبَرُ بِرِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَدْلِيسِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (قَالَ) أَحْمَدُ فِي جَوَابِهِ (أَيُّوبُ) مُبْتَدَأٌ وَهُوَ اسْمُ كَانَ (أَمْثَلَ) أَيْ أَشْبَهَ وهو خبر كان (منه) أي من بن أَبِي أُوَيْسٍ فِي الثِّقَةِ يُقَالُ مَاثَلَهُ مُمَاثَلَةً شَابَهَهُ وَمَاثَلَ فُلَانًا بِفُلَانٍ شَبَّهَهُ بِهِ وَلَا تكون المماثلة إلا بين المتفقين تقول نَحْوُهُ كَنَحْوِهِ وَفِقْهُهُ كَفِقْهِهِ وَإِتْقَانُهُ كَإِتْقَانِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ تَفَرُّدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ثِقَةٌ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَشْبَهَ فِي الثِّقَةِ عَنْ أَبَى بَكْرٍ فَهُمَا ثِقَتَانِ (وَقَدْ رواه أيوب) بن سُلَيْمَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الثِّقَةِ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
قُلْتُ أَمَّا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ الْمَدَنِيُّ فَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ فِيمَا رواه الآجرى عنه والدارقطني وبن حِبَّانَ
وَأَمَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فقد وثقه بن معين وأبو داود وبن حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ
كَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ
(عَنْ) أبيه (سليمان بن بلال) المدني (عن بن أَبِي عَتِيقٍ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لَا يُسَاوِي فَلْسًا
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ تَرَكُوهُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَيْضًا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَالسَّعْدِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَبُو زُرْعَةَ والنسائي وبن حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ هَذَا لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ الْقَوْلُ بِهِ وَاجِبًا وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ لَازِمًا إِلَّا أَنْ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ زَعَمُوا أَنَّهُ حَدِيثٌ مَقْلُوبٌ وَهِمَ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ فَرَوَاهُ
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَحَمَلَهُ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَأَرْسَلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سُلَيْمَانَ بْنَ أَرْقَمَ وَلَا يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسَاقَ الشَّاهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي هَذَا وَقَالَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الزُّبَيْرِ هُوَ الْحَنْظَلِيُّ وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ فَالْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ مَقْلُوبٌ وَمِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ فِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَالِاحْتِجَاجُ به ساقطا انْتَهَى
[3292]
(قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ) إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَرْقَمَ غَلِطَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ كَوْنِهِ ضَعِيفًا (إِنَّمَا الْحَدِيثُ) الْمَرْوِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ (حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ) الْبَصْرِيِّ وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ) الْيَمَامِيِّ ثِقَةٌ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ) الْحَنْظَلِيِّ الْبَصْرِيِّ
قَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وضعفه بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ (عَنْ أَبِيهِ) الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ بن الْمُبَارَكِ وَهُوَ عَلِيٌّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ قَالَ رسول الله لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (أَرَادَ) هَذِهِ مَقُولَةُ أَبِي دَاوُدَ تُوَضِّحُ مُرَادَ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ أَيْ يَقُولُ أَحْمَدُ الْمَرْوَزِيُّ إِنَّ سُلَيْمَانَ وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ
وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَرَوَاهُ حَقِيقَةً عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ لَكِنْ تَرَكَ ذِكْرَهُ لِضَعْفِهِ وَأَرْسَلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ
وَأَجَابَهُ الْعَلَّامَةُ السِّنْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ فَقَالَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ إِسْنَادِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي بَعْضِهَا حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ وَهَذَا يُثْبِتُ سَمَاعَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي بَعْضِهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِإِثْبَاتِ سَمَاعِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمَرَّةً عَنْ أَبِي سَلَمَةَ نَفْسِهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا قَطْعَ لِضَعْفِهِ سِيَّمَا حَدِيثَ عُقْبَةَ وَعِمْرَانَ يُؤَيِّدُ الثُّبُوتَ انْتَهَى (قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى بَقِيَّةُ) وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ قال رسول الله لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ انْتَهَى
[3293]
(أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً) أَيْ مَاشِيَةً غَيْرَ لَابِسَةٍ فِي رِجْلِهَا شَيْئًا (غَيْرُ مُخْتَمِرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَيْ غَيْرُ مُغَطِّيَةٍ رَأْسَهَا بِخِمَارِهَا قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الْخِمَارُ مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَقَدِ اخْتَمَرَتْ وَتَخَمَّرَتْ إِذَا لَبِسَتِ الْخِمَارَ (فَلْتَخْتَمِرْ) لِأَنَّ كَشْفَ رَأْسِهَا عَوْرَةٌ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ لَا نَذْرَ فِيهَا (وَلْتَرْكَبْ) لِعَجْزِهَا لِمَا سَيَجِيءُ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِنْ عَدَمِ طَاقَتِهَا لَا سِيَّمَا مَعَ الْحَفَاءِ (وَلْتَصُمْ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْهَدْيِ أو عن أنواع كفارة اليمين
قاله القارىء
قال الإمام الخطابي وقوله وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الصِّيَامَ بَدَلٌ مِنَ الْهَدْيِ خُيِّرَتْ فِيهِ كَمَا يُخَيَّرُ قَاتِلُ الصَّيْدِ أَنْ يَفْدِيَ بِمِثْلِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهُ وَأَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ بَدَلَ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صياما انْتَهَى
قَالَ فِي السُّبُلِ وَلَعَلَّ الْأَمْرَ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَجْلِ النَّذْرِ بِعَدَمِ الِاخْتِمَارِ فَإِنَّهُ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ فَوَجَبَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي النَّذْرِ بِمَعْصِيَةٍ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ
وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عن بن عَبَّاسٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً قِيلَ وهو على
شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يَصِحُّ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْأَمْرُ بِالْإِهْدَاءِ فَإِنْ صَحَّ فَكَأَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَفِي وَجْهِهِ خَفَاءٌ انْتَهَى (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مُتَوَالِيَةً إِنْ كَانَ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِلَّا فَكَيْفَ شاءت
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى
وَفِي إِسْنَادِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ انْتَهَى
[3294]
(أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيَّ) بِرَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مُصَغَّرًا وَهُوَ جُعْثُلُ بْنُ هَاعَانَ الْمِصْرِيُّ فَقِيهٌ صَدُوقٌ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَبُو سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ جُعْثُلُ بْنُ هَاعَانَ مِصْرِيٌّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
وَحَدِيثُ مَخْلَدِ بْنِ خَالِدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الحسن بن العبد وبن دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ عبد الله بن مالك المحصي الْمِصْرِيَّ يَرْوِي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ الرُّعَيْنِيَّ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَأَبِي نَضْرَةَ الْغِفَارِيِّ وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَعَلُوهُمَا اثْنَيْنِ وَهُوَ أولى بالصواب انتهى
[3299]
(نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ) وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ النَّذْرِ بِإِتْيَانِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لِغَيْرِ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً لَمْ يَنْعَقِدْ
ثُمَّ إِنْ نَذَرَهُ رَاكِبًا لَزِمَهُ فَلَوْ مَشَى لَزِمَهُ دَمٌ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَةِ الرُّكُوبِ وَإِنْ نَذَرَ مَاشِيًا لَزِمَهُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْحَجُّ أَوِ الْعُمْرَةُ فَإِنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَلَزِمَ دَمٌ
وَفِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ
وَإِنْ رَكِبَ بِلَا عُذْرٍ أَلْزَمَهُ الدَّمَ
وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْعَاجِزِ يَرْجِعُ مِنْ قَابِلٍ فَيَمْشِي مَا رَكِبَ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَ مُطْلَقًا فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مُطْلَقًا كَذَا فِي النَّيْلِ (لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ) فِيهِ أَنَّ النَّذْرَ بِالْمَشْيِ وَلَوْ إِلَى مَكَانٍ الْمَشْيُ إِلَيْهِ
طَاعَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يَجُوزُ الرُّكُوبُ لِأَنَّ الْمَشْيَ نَفْسَهُ غَيْرُ طَاعَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ الْوُصُولُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ كَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ ولهذا سوغ للنبي الرُّكُوبَ لِلنَّاذِرَةِ بِالْمَشْيِ فَكَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ النَّذْرِ بِالْمَشْيِ وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ الطَّاقَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّاذِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيِ الْآتِي أَنْ يَرْكَبَ جَزْمًا وَأَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ أَنْ تَمْشِيَ وَأَنْ تَرْكَبَ لِأَنَّ النَّاذِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ شَيْخًا ظَاهِرَ الْعَجْزِ وَأُخْتُ عُقْبَةَ لَمْ تُوصَفْ بِالْعَجْزِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَمْشِيَ إِنْ قَدِرَتْ وَتَرْكَبَ إِنْ عَجَزَتَ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ حَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ الْمَشْيِ فَلَهُ الرُّكُوبُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَدِيثُ أُخْتِ عُقْبَةَ مَعْنَاهُ تَمْشِي فِي وَقْتِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْمَشْيِ وَتَرْكَبُ إِذَا عَجَزَتْ عَنِ الْمَشْيِ أَوْ لَحِقَتْهَا مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فَتَرْكَبُ وَعَلَيْهَا دَمٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الصُّورَتَيْنِ هُوَ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ الدَّمُ وَأَمَّا الْمَشْيُ حَافِيًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَفَاءُ بَلْ لَهُ لُبْسُ النَّعْلَيْنِ وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مُبَيَّنًا أَنَّهَا رَكِبَتْ لِلْعَجْزِ قَالَ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً وَإِنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
وَأُخْتُ عُقْبَةَ هِيَ أُمُّ حِبَّانَ بِنْتِ عَامِرٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتِ انْتَهَى كلامه
[3296]
(أَنْ تَرْكَبَ) أَيْ لِلْعَجْزِ (وَتُهْدِيَ هَدْيًا) وَأَقَلُّهُ شَاةٌ وَأَعْلَاهُ بَدَنَةٌ فَالشَّاةُ كَافِيَةٌ وَالْأَمْرٌ بِالْبَدَنَةِ لِلنَّدْبِ قَالَ الْقَاضِي لَمَّا كَانَ الْمَشْيُ فِي الْحَجِّ مِنْ عِدَادِ الْقُرُبَاتِ وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَالْتَحَقَ بِسَائِرِ أَعْمَالِهِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِلَّا لِمَنْ عَجَزَ وَيَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ الْفِدْيَةُ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَاجِبِ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه تَجِبُ بَدَنَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ دَمُ شَاةٍ كَمَا مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالْبَدَنَةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وهوقول مَالِكٍ وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْهَدْيِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ بَيَانِهِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3297]
(مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ) وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ (رَوَاهُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ) عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ (نَحْوَ) أَيْ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ فَلْتَرْكَبْ كَمَا رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ وَلَمْ يَذْكُرِ الهدي كما ذكره همام عن قتادة رواه (خالد عن عكرمة عن النبي) فَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ لِقَتَادَةَ (نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ قَتَادَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْهَدْيِ
[3298]
(أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِمَعْنَى هِشَامٍ) قال الحافظ المزي حديث بن عَدِيٍّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ خالد عن عكرمة مرسل والله أعلم
[3295]
(أَنْ تَحُجَّ) مِنْ بَابِ نَصَرَ (بِشَقَاءِ أُخْتِكَ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْمَدِّ أَيْ بِتَعَبِهَا أَوْ مَشَقَّتِهَا أَيْ لَا حَاجَةَ لِلَّهِ تَعَالَى بِهِ وَلَا يَكُونُ أَجْرٌ لَهَا بِهَذَا الْفِعْلِ الشَّاقِّ عَلَيْهَا (شَيْئًا) أَيْ مِنَ الصُّنْعِ فَإِنَّهُ مُنَزَّهٌ مِنَ الضَّرَرِ وَجَلْبِ النَّفْعِ (فَلْتَحُجَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَضَمُّهَا أَيْ إِذَا عَجَزَتْ عَنِ الْمَشْيِ فَلْتَحُجَّ (رَاكِبَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْفِيرِ كَفَّارَةُ الْجِنَايَةِ وَهِيَ الْهَدْيُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الصَّوْمِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
[3303]
(فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لِتَنْحَرَ (بَدَنَةً) أَيْ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِبِلًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ اللؤلؤي
قَالَ الْمِزِّيُّ هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ
[3304]
(حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ) الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ
وَقَالَ الْمِزِّيُّ هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يذكره أبو القاسم
[3301]
(يُهَادَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بَيْنَ ابْنَيْهِ) أَيْ يَمْشِي بَيْنَ وَلَدَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفٍ (فَسَأَلَ عَنْهُ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مَا بَالُ هَذَا (فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ) أَيْ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ (هَذَا نَفْسَهُ) نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنِ الْمَشْيِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ فإن الله غني عنك قال بن الْمَلَكِ عَمِلَ بِظَاهِرِهِ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ نَقْصًا بَعْدَ الْتِزَامِهِ
قَالَ الْمُظْهِرُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَذَرَ بِأَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَمْشِي إِنْ أَطَاقَ الْمَشْيَ فَإِنْ عَجَزَ أَرَاقَ دَمًا وَرَكِبَ
وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْكَبُ وَيُرِيقُ دَمًا سَوَاءٌ أَطَاقَ الْمَشْيَ أَوْ لَمْ يُطِقْهُ انْتَهَى
قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ وَفِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ