الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
82 -
(باب ما يقول إذا مر بالقبور)
[3237]
(السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّ السَّلَامَ عَلَى الْمَوْتَى كَهُوَ عَلَى الْأَحْيَاءِ فِي تَقْدِيمِ الدُّعَاءِ عَلَى الِاسْمِ وَلَا يُقَدَّمُ الِاسْمُ عَلَى الدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ دُعَاءٍ بِخَيْرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت وكقوله تعالى سلام على الياسين وَقَالَ تَعَالَى فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي إلى يوم الدين فَقَدَّمَ الِاسْمَ عَلَى الدُّعَاءِ (دَارَ قَوْمٍ) أَيْ أَهْلَ دَارٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَنَّهُ سَمَّى الْمَقَابِرَ دَارًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الدَّارِ قَدْ يَقَعُ عَلَى الرَّبْعِ الْعَامِرِ الْمَسْكُونِ وَعَلَى الْخَرَابِ غَيْرِ الْمَأْهُولِ (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ) قَالَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا رِوَايَة الْبَيْهَقِيِّ وَقَوْلهَا نَهَى عَنْهَا ثُمَّ أَمَرَ بِزِيَارَتِهَا فَهِيَ مِنْ رِوَايَة بَسْطَام بْن مُسْلِم وَلَوْ صَحَّ فَهِيَ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ غَيْرهَا مِنْ دُخُول النِّسَاء وَالْحُجَّة فِي قَوْل الْمَعْصُوم لَا فِي تَأْوِيل الرَّاوِي وَتَأْوِيله إِنَّمَا يَكُون مَقْبُولًا حَيْثُ لَا يُعَارِضهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهَذَا قَدْ عَارَضَهُ أَحَادِيث الْمَنْع
قَالُوا وَأَمَّا حَدِيث أَنَس فَهُوَ حُجَّة لَنَا فَإِنَّهُ لَمْ يُقِرّهَا بَلْ أَمَرَهَا بِتَقْوَى اللَّه الَّتِي هِيَ فِعْل مَا أَمَرَ بِهِ وَتَرْك مَا نَهَى عَنْهُ وَمِنْ جُمْلَتهَا النَّهْي عَنْ الزِّيَارَة وَقَالَ لَهَا اِصْبِرِي وَمَعْلُوم أَنَّ مَجِيئَهَا إِلَى الْقَبْر وَبُكَاءَهَا مُنَافٍ لِلصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَتْ أَنْ تَقْبَل مِنْهُ وَلَمْ تَعْرِفهُ اِنْصَرَفَ عَنْهَا فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْآمِر لَهَا جَاءَتْهُ تَعْتَذِر إِلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَة أَمْره
فَأَيّ دَلِيل فِي هَذَا عَلَى جَوَاز زِيَارَة النِّسَاء
وَبَعْد فَلَا يُعْلَم أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّة كَانَتْ بَعْد لَعْنه صلى الله عليه وسلم زَائِرَات الْقُبُور وَنَحْنُ نَقُول إِمَّا أَنْ تَكُون دَالَّة عَلَى الْجَوَاز فَلَا دَلَالَة عَلَى تَأَخُّرهَا عَنْ أَحَادِيث الْمَنْع أَوْ تَكُون دَالَّة عَلَى الْمَنْع بِأَمْرِهَا بِتَقْوَى اللَّه فَلَا دَلَالَة فِيهَا عَلَى الْجَوَاز فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا تُعَارِض أَحَادِيث الْمَنْع وَلَا يُمْكِن دَعْوَى نَسْخهَا بِهَا وَاَللَّه أَعْلَم
وَأَمَّا قَوْل أُمّ عَطِيَّة نُهِينَا عَنْ اِتِّبَاع الْجَنَائِز فَهُوَ حُجَّة لِلْمَنْعِ
وَقَوْلهَا وَلَمْ يُعْزَم عَلَيْنَا إِنَّمَا نَفَتْ فِيهِ وَصْف النَّهْي وَهُوَ النَّهْي الْمُؤَكَّد بِالْعَزِيمَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي اِقْتِضَاء التَّحْرِيم بَلْ مُجَرَّد النَّهْي كَافٍ وَلَمَّا نَهَاهُنَّ اِنْتَهَيْنَ لِطَوَاعِيَتِهِنَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَاسْتَغْنَيْنَ عَنْ الْعَزِيمَة عَلَيْهِنَّ وَأُمّ عَطِيَّة لَمْ تَشْهَد الْعَزِيمَة فِي ذَلِكَ النَّهْي
وَقَدْ دَلَّتْ أَحَادِيث لَعْنَة الزَّائِرَات عَلَى الْعَزِيمَة فَهِيَ مُثْبِتَة لِلْعَزِيمَةِ فَيَجِب تَقْدِيمهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق