الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى الْبَيْعِ (بِالصَّدَقَةِ) فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِمَّنْ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَقَالَ إِنَّهُ لَوْ كَانَ يَجِبُ فِيهَا صَدَقَةً كَمَا يَجِبُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ لَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ
وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ غَيْرِ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فِي تَضَاعِيفِ الْأَيَّامِ مِنَ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ كَفَّارَةً عَنِ اللَّغْوِ وَالْحَلِفِ فَأَمَّا الصَّدَقَةُ الَّتِي هِيَ رُبُعُ الْعُشْرِ الْوَاجِبُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَقَدْ وَقَعَ الْبَيَانُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَقَدْ رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا الصَّدَقَةَ عَنِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا لِلْبَيْعِ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ثُمَّ هُوَ عَمَلُ الْأُمَّةِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ وَلَا نَعْرِفُ لِقَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا
وَأَخْرَجَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ البغوي هذا الحديث وقال لا أعلم بن أَبِي غَرْزَةَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ إلا من بر وصدق فمنهم من يجعلهما حَدِيثَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
([3328]
بَاب فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ)
جَمْعُ مَعْدِنٍ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ كَمَجْلِسٍ مَنْبَتُ الْجَوَاهِرِ مِنْ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى
(أَوْ تَأْتِيَنِي بِحَمِيلٍ) أَيْ ضَامِنٍ (فَتَحَمَّلَ) أَيْ تَكَفَّلَ (فَأَتَاهُ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِلْغَرِيمِ وَالْمَنْصُوبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَمَّا رَدُّهُ الذَّهَبَ الَّذِي اسْتَخْرَجَهُ مِنَ الْمَعْدِنِ وَقَوْلُهُ لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَخْ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِسَبَبٍ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ خَاصَّةً لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الذَّهَبَ الْمُسْتَخْرَجَ لَا يُبَاحُ تَمَوُّلُهُ وَتَمَلُّكُهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنَ الْمَعَادِنِ وَقَدْ أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةَ وَكَانُوا يُؤَدُّونَ عَنْهَا الْحَقَّ وَهُوَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ إِلَى الْيَوْمِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَعَادِنِ يَبِيعُونَ تُرَابَهَا مِمَّنْ يُعَالِجُهُ فَيَحْصُلُ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهُوَ غَرَرٌ لَا يُدْرَى هَلْ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَوْ لَا وَقَدْ كَرِهَ بَيْعَ تُرَابِ الْمَعَادِنِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرٌ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ أَيْ لَيْسَ فِيهَا رَوَاجٌ وَلَا لِحَاجَتِنَا فِيهَا نَجَاحٌ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٌ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ تِبْرٌ غَيْرُ مَضْرُوبٍ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَضْرِبُهُ دَنَانِيرَ وَإِنَّمَا كَانَ تُحْمَلُ إِلَيْهِمُ الدَّنَانِيرُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ فَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ السِّكَّةَ فِي الْإِسْلَامِ وَضَرَبَ الدَّنَانِيرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَهِيَ تُدْعَى الْمَرْوَانِيَّةَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الشُّبْهَةِ وَيَدْخُلُهُ مِنَ الْغَرَرِ عِنْدَ اسْتِخْرَاجِهِمْ إِيَّاهُ مِنَ الْمَعْدِنِ وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اسْتَخْرَجُوا بِالْعُشْرِ أَوِ الْخُمُسِ أَوِ الثُّلُثِ فَمَا يُصِيبُونَهُ وَهُوَ غَرَرٌ لَا يُدْرَى هَلْ يُصِيبُ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا أَمْ لَا فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ عَلَى رَدِّ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى هَلْ يَظْفَرُ بِهِمَا أَمْ لَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الْحَمَالَةِ وَالضَّمَانِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ مُلَازَمَةِ الْغَرِيمِ وَمَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي عليه انتهى
قال المنذري وأخرجه بن ماجه