المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في زرع الأرض بغير إذن صاحبها) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٩

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب فِي جَمْعِ الْمَوْتَى فِي قَبْرٍ)

- ‌(بَابٌ فِي الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ)

- ‌(بَاب فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بَاب كَمْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ)

- ‌(باب كيف يدخل الميت قبره)

- ‌(باب كيف يجلس عِنْدَ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ كَسَحَابَةٍ)

- ‌ بَاب فِي تَعْمِيقِ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حِينٍ)

- ‌(بَاب فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ)

- ‌(باب المشي بين القبور في النعل)

- ‌(بَاب فِي تَحْوِيلِ الْمَيِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ)

- ‌(بَاب فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ)

- ‌ بَاب فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ)

- ‌(بَاب فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ)

- ‌(باب ما يقول إذا مر بالقبور)

- ‌(باب كيف يصنع بالمحرم إذا مات)

- ‌21 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌ بَاب فِي من حلف ليقتطع بها مالا)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النبي)

- ‌ باب اليمين بغير الله)

- ‌ باب كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْآبَاءِ)

- ‌ بَابُ كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ بِالْأَمَانَةِ)

- ‌ بَابُ الْمَعَارِيضِ فِي الْأَيْمَانِ)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ وَبِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ)

- ‌ بَاب الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ)

- ‌(باب الحنث إذا كان خيرا)

- ‌(بَاب فِي الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا)

- ‌(باب في الحلف كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا)

- ‌(بَاب كَمْ الصَّاعُ فِي الْكَفَّارَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ)

- ‌(باب كراهية النذر)

- ‌(باب النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى عَلَيْهِ)

- ‌ بَاب مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المقدس)

- ‌(باب قَضَاءِ النَّذْرِ عَنْ الْمَيِّتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ)

- ‌(باب ما يؤمر به)

- ‌(باب النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ)

- ‌(بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ)

- ‌(باب نذر الجاهلية الخ)

- ‌(بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ)

- ‌(بَاب لَغْوِ الْيَمِينِ)

- ‌(باب فيمن حلف)

- ‌ بَاب الْيَمِينِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(باب الحالف يستثنى بعد ما يَتَكَلَّمُ)

- ‌(بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ)

- ‌22 - كِتَابِ الْبُيُوعِ

- ‌(باب في التجارة)

- ‌ بَاب فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ)

- ‌(بَاب فِي اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ)

- ‌ بَاب فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ)

- ‌(بَاب فِي وَضْعِ الرِّبَا)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ)

- ‌ بَاب فِي الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ)

- ‌(بَاب فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلخ)

- ‌(باب في التشديد في الدين)

- ‌ بَاب فِي الْمَطْلِ أَيِ التَّسْوِيفِ وَالتَّأْخِيرِ)

- ‌(بَاب فِي حُسْنِ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّرْفِ)

- ‌(باب في حلية السيف تباع بالدراهم)

- ‌(بَاب فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنْ الْوَرِقِ)

- ‌(بَاب فِي الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً)

- ‌(بَاب فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)

- ‌(باب في الثمر بالثمر)

- ‌(بَاب فِي الْمُزَابَنَةِ)

- ‌ بَاب فِي بَيْعِ الْعَرَايَا)

- ‌(بَاب فِي مِقْدَارِ الْعَرِيَّةِ)

- ‌(بَابٌ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَايَا)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ السِّنِينَ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْغَرَرِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْمُضْطَرِّ مُفْتَعَلٌ مِنَ الضُّرِّ)

- ‌(بَاب فِي الشَّرِكَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُضَارِبِ يُخَالِفُ الْمُضَارَبَةُ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَتَّجِرُ فِي مَالِ الرَّجُلِ)

- ‌ بَاب فِي الشَّرِكَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ)

- ‌(بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي زَرْعِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُخَابَرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُسَاقَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَرْصِ)

- ‌كتاب الإجارة

- ‌(باب في كسب العلم)

- ‌ بَاب فِي كَسْبِ الْأَطِبَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ)

- ‌ بَابُ فِي كَسْبِ الْإِمَاءِ)

- ‌ بَاب حُلْوَانِ الْكَاهِنِ)

- ‌ بَاب فِي عَسْبِ الْفَحْلِ)

- ‌ بَاب فِي الصَّائِغِ)

- ‌(بَاب فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ وَلَهُ مَالٌ)

- ‌ بَاب فِي التَّلَقِّي)

- ‌ بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ النَّجْشِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ)

- ‌(بَاب مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَكَرِهَهَا)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ الْحُكْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَسْرِ الدَّرَاهِمِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْعِيرِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ)

- ‌(بَاب فِي خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْإِقَالَةِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ)

- ‌ بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ الْعِينَةِ)

- ‌(بَاب فِي السَّلَفِ)

- ‌(بَاب فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا)

- ‌(بَابٌ السَّلَفُ يُحَوَّلُ)

- ‌(بَاب فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَفْسِيرِ الْجَائِحَةِ)

- ‌(بَاب فِي مَنْعِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ)

- ‌(بَاب فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ)

- ‌ بَاب فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ)

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ)

- ‌(بَاب فِي الْعُرْبَانِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ)

- ‌(بَاب فِي شَرْطٍ فِي بَيْعٍ)

- ‌(بَاب فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا)

- ‌(بَاب إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ)

- ‌ بَاب فِي الشُّفْعَةِ)

- ‌ بَاب فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ)

- ‌ باب فيمن أحيى حسير)

- ‌(بَاب فِي الرَّهْنِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجِدُ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ حَقَّهُ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ)

- ‌(باب في قبول الهدايا)

- ‌(بَاب الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدِيَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ فِي النُّحْلِ)

- ‌ بَاب فِي عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي الْعُمْرَى)

- ‌(بَاب فِي الرُّقْبَى)

- ‌(بَاب فِي تَضْمِينِ الْعَارِيَة)

- ‌(بَاب فِيمَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلَهُ)

- ‌(بَاب الْمَوَاشِي تُفْسِدُ زَرْعَ قَوْمٍ)

- ‌23 - كِتَابِ الْقَضَاء

- ‌(باب في طلب القضاء)

- ‌ باب في القاضي)

- ‌(بَاب فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ وَالتَّسَرُّعِ إِلَيْهِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الرَّشْوَةِ)

- ‌ بَاب فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ)

- ‌ بَاب كَيْفَ الْقَضَاءُ)

- ‌ بَاب فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يَجْلِسُ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي)

- ‌ بَاب الْقَاضِي يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ)

- ‌ بَاب الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْقَضَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الصُّلْحِ)

الفصل: ‌(باب في زرع الأرض بغير إذن صاحبها)

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ عِيسَى بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعٍ وَهُوَ الصَّوَابُ

[3402]

(فَقَالَ أَرْبَيْتُمَا) أَيْ أَتَيْتُمَا بِالرِّبَا أَيْ بِالْعَقْدِ الْغَيْرِ الْجَائِزِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ مُلْحَقٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ

ثُمَّ قِيلَ إِنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ مُضْطَرِبٌ فَيَجِبُ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ إِلَى حَدِيثِ خَيْبَرَ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَخَذُوا بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ إِلَّا تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي فتح الودود

قال القارىء وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا انْتَهَى

قَالَ النَّوَوِيُّ وَتَأَوَّلُوا أَيِ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ أَحَادِيثَ النَّهْيِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا حَمْلُهَا عَلَى إِجَارَتِهَا بِمَا عَلَى الْمَاذْيَانَاتِ أَوْ بِزَرْعِ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ الرُّوَاةُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَالثَّانِي حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَالْإِرْشَادُ إِلَى إِعَارَتِهَا وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ

3 -

(بَاب فِي زَرْعِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا)

[3403]

(مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا كَانَ الزَّرْعُ

ص: 190

لِلْمَالِكِ لِلْأَرْضِ وَلِلْغَاصِبِ مَا غَرِمَهُ فِي الزَّرْعِ يُسَلِّمُهُ لَهُ مَالِكُ الْأَرْضِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وهو قول أحمد وإسحاق قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ بَذْرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَاسْتَرْجَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا مَالِكُهَا وَيَأْخُذَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ يَسْتَرْجِعَهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ فَإِنْ أَخَذَهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ حصاد الزرع فإن الزرع لغاصب الأرض لانعلم فِيهَا خِلَافًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَتَسْوِيَةُ حَفْرِهَا

وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا مِنَ الْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فِيهَا لَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَخُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَمْلِكُ إِجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظُهَيْرٍ فَأَعْجَبَهُ الْحَدِيثُ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وَهَذَا فَرْضٌ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لِعِرْقِ ظالم حق

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَلَيْسَ مَعَ مَنْ ضَعَّفَ الْحَدِيث حُجَّة فَإِنَّ رُوَاته مُحْتَجّ بِهِمْ فِي الصَّحِيح وَهُمْ أَشْهَر مِنْ أَنْ يُسْأَل عَنْ تَوْثِيقهمْ وَقَدْ حَسَّنَهُ إِمَام الْمُحَدِّثِينَ أَبُو عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ بَعْده وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يُضَعِّفهُ فَهُوَ حَسَن عِنْده وَاحْتَجَّ بِهِ الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو عُبَيْد وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِده مِنْ حَدِيث رَافِع بْن خَدِيج فِي قِصَّة الَّذِي زَرَعَ فِي أَرْض ظُهَيْر بْن رَافِع فَأَمَرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَاب الْأَرْض أَنْ يَأْخُذُوا الزَّرْع وَيَرُدُّوا عَلَيْهِ نَفَقَته وَقَالَ فِيهِ لِأَصْحَابِ الْأَرْض خُذُوا زَرْعكُمْ فَجَعَلَهُ زَرْعًا لَهُمْ

لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَنْفَعَة أَرْضهمْ فَتَوَلُّده فِي الْأَرْض كَتَوَلُّدِ الْجَنِين فِي بَطْن أُمّه

وَلَوْ غَصَبَ رَجُل فَحْلًا فَأَنْزَاهُ عَلَى نَاقَته أَوْ رَمْكَته لَكَانَ الْوَلَد لِصَاحِبِ الْأُنْثَى دُون صَاحِب الْفَحْل لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون حَيَوَانًا مِنْ حَرْثهَا وَمَنِيّ الْأَب لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَة أَهْدَرَهُ الشَّارِع لِأَنَّ عَسْب الْفَحْل لَا يُقَابَل بِالْعِوَضِ

وَلَمَّا كَانَ الْبَذْر مَالًا مُتَقَوِّمًا رَدَّ عَلَى صَاحِبه قِيمَته وَلَمْ يَذْهَب عَلَيْهِ بَاطِلًا

وَجَعَلَ الزَّرْع لِمَنْ يَكُون فِي أَرْضه كَمَا يَكُون الْوَلَد لِمَنْ يَكُون فِي بَطْن أُمّه وَرَمْكَته وَنَاقَته فَهَذَا مَحْض الْقِيَاس لَوْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ حَدِيث فَمِثْل هَذَا الْحَدِيث الْحَسَن الَّذِي لَهُ شَاهِد مِنْ السُّنَّة عَلَى مِثْله وَقَدْ تَأَيَّدَ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيح مِنْ حُجَج الشَّرِيعَة وبالله التوفيق

ص: 191

يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إِذَا اسْتَرْجَعَ أَرْضَهُ وَالزَّرْعُ فِيهَا وَأَمَّا إِذَا اسْتَرْجَعَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَيْضًا لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَكِنَّهُ إِذَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ كَانَ مُخَصِّصًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ مَا قاله الأولون

قال بن رَسْلَانَ إِنَّ حَدِيثَ لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ فِي وَرْدِ الْغَرْسِ الَّذِي لَهُ عِرْقٌ مُسْتَطِيلٌ فِي الْأَرْضِ وَحَدِيثُ رَافِعٍ وَرَدَ فِي الزَّرْعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى

وَلَكِنْ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْجَمْعِ أَرْجَحٌ لِأَنَّ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْلَى مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ

(وَلَهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي الْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَقِيمَةِ الْبَذْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ قِيمَةُ الزَّرْعِ فَتُقَدَّرُ قِيمَتَهُ وَيُسَلِّمُهَا الْمَالِكُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ

قَالَ الإمام أبو سليمان الخطابي بعد ما ضَعَّفَ الْحَدِيثَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ وَثَبَتَ عَلَى الْعُقُوبَةِ وَالْحِرْمَانِ لِلْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ وَتَكُونُ مِنْهُ وَعَلَى الزَّارِعِ كِرَاءُ الْأَرْضِ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَقُولُ إِذَا كَانَ الزَّرْعُ قَائِمًا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَأَمَّا إِذَا حَصَدَ فَإِنَّمَا يكون له الأجرة

وحكى بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خديج فقال عن رافع ألوان ولكن أبا إِسْحَاقَ زَادَ فِيهِ زَرَعَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَيْسَ غَيْرُهُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَرْفَ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ أَنَّهُ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ غَيْرُ شَرِيكٍ وَلَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَعَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَافِعِ بْنِ خديج

ص: 192