الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ عِيسَى بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعٍ وَهُوَ الصَّوَابُ
[3402]
(فَقَالَ أَرْبَيْتُمَا) أَيْ أَتَيْتُمَا بِالرِّبَا أَيْ بِالْعَقْدِ الْغَيْرِ الْجَائِزِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ مُلْحَقٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ
ثُمَّ قِيلَ إِنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ مُضْطَرِبٌ فَيَجِبُ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ إِلَى حَدِيثِ خَيْبَرَ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَخَذُوا بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ إِلَّا تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي فتح الودود
قال القارىء وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ وَتَأَوَّلُوا أَيِ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ أَحَادِيثَ النَّهْيِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا حَمْلُهَا عَلَى إِجَارَتِهَا بِمَا عَلَى الْمَاذْيَانَاتِ أَوْ بِزَرْعِ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ الرُّوَاةُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَالثَّانِي حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَالْإِرْشَادُ إِلَى إِعَارَتِهَا وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
3 -
(بَاب فِي زَرْعِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا)
[3403]
(مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا كَانَ الزَّرْعُ
لِلْمَالِكِ لِلْأَرْضِ وَلِلْغَاصِبِ مَا غَرِمَهُ فِي الزَّرْعِ يُسَلِّمُهُ لَهُ مَالِكُ الْأَرْضِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وهو قول أحمد وإسحاق قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ بَذْرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَاسْتَرْجَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا مَالِكُهَا وَيَأْخُذَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ يَسْتَرْجِعَهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ فَإِنْ أَخَذَهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ حصاد الزرع فإن الزرع لغاصب الأرض لانعلم فِيهَا خِلَافًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَتَسْوِيَةُ حَفْرِهَا
وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا مِنَ الْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فِيهَا لَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَخُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَمْلِكُ إِجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظُهَيْرٍ فَأَعْجَبَهُ الْحَدِيثُ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وَهَذَا فَرْضٌ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لِعِرْقِ ظالم حق
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَلَيْسَ مَعَ مَنْ ضَعَّفَ الْحَدِيث حُجَّة فَإِنَّ رُوَاته مُحْتَجّ بِهِمْ فِي الصَّحِيح وَهُمْ أَشْهَر مِنْ أَنْ يُسْأَل عَنْ تَوْثِيقهمْ وَقَدْ حَسَّنَهُ إِمَام الْمُحَدِّثِينَ أَبُو عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ بَعْده وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يُضَعِّفهُ فَهُوَ حَسَن عِنْده وَاحْتَجَّ بِهِ الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو عُبَيْد وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِده مِنْ حَدِيث رَافِع بْن خَدِيج فِي قِصَّة الَّذِي زَرَعَ فِي أَرْض ظُهَيْر بْن رَافِع فَأَمَرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَاب الْأَرْض أَنْ يَأْخُذُوا الزَّرْع وَيَرُدُّوا عَلَيْهِ نَفَقَته وَقَالَ فِيهِ لِأَصْحَابِ الْأَرْض خُذُوا زَرْعكُمْ فَجَعَلَهُ زَرْعًا لَهُمْ
لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَنْفَعَة أَرْضهمْ فَتَوَلُّده فِي الْأَرْض كَتَوَلُّدِ الْجَنِين فِي بَطْن أُمّه
وَلَوْ غَصَبَ رَجُل فَحْلًا فَأَنْزَاهُ عَلَى نَاقَته أَوْ رَمْكَته لَكَانَ الْوَلَد لِصَاحِبِ الْأُنْثَى دُون صَاحِب الْفَحْل لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون حَيَوَانًا مِنْ حَرْثهَا وَمَنِيّ الْأَب لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَة أَهْدَرَهُ الشَّارِع لِأَنَّ عَسْب الْفَحْل لَا يُقَابَل بِالْعِوَضِ
وَلَمَّا كَانَ الْبَذْر مَالًا مُتَقَوِّمًا رَدَّ عَلَى صَاحِبه قِيمَته وَلَمْ يَذْهَب عَلَيْهِ بَاطِلًا
وَجَعَلَ الزَّرْع لِمَنْ يَكُون فِي أَرْضه كَمَا يَكُون الْوَلَد لِمَنْ يَكُون فِي بَطْن أُمّه وَرَمْكَته وَنَاقَته فَهَذَا مَحْض الْقِيَاس لَوْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ حَدِيث فَمِثْل هَذَا الْحَدِيث الْحَسَن الَّذِي لَهُ شَاهِد مِنْ السُّنَّة عَلَى مِثْله وَقَدْ تَأَيَّدَ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيح مِنْ حُجَج الشَّرِيعَة وبالله التوفيق
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إِذَا اسْتَرْجَعَ أَرْضَهُ وَالزَّرْعُ فِيهَا وَأَمَّا إِذَا اسْتَرْجَعَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَيْضًا لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَكِنَّهُ إِذَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ كَانَ مُخَصِّصًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ مَا قاله الأولون
قال بن رَسْلَانَ إِنَّ حَدِيثَ لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ فِي وَرْدِ الْغَرْسِ الَّذِي لَهُ عِرْقٌ مُسْتَطِيلٌ فِي الْأَرْضِ وَحَدِيثُ رَافِعٍ وَرَدَ فِي الزَّرْعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى
وَلَكِنْ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْجَمْعِ أَرْجَحٌ لِأَنَّ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْلَى مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ
(وَلَهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي الْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَقِيمَةِ الْبَذْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ قِيمَةُ الزَّرْعِ فَتُقَدَّرُ قِيمَتَهُ وَيُسَلِّمُهَا الْمَالِكُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ
قَالَ الإمام أبو سليمان الخطابي بعد ما ضَعَّفَ الْحَدِيثَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ وَثَبَتَ عَلَى الْعُقُوبَةِ وَالْحِرْمَانِ لِلْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ وَتَكُونُ مِنْهُ وَعَلَى الزَّارِعِ كِرَاءُ الْأَرْضِ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَقُولُ إِذَا كَانَ الزَّرْعُ قَائِمًا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَأَمَّا إِذَا حَصَدَ فَإِنَّمَا يكون له الأجرة
وحكى بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خديج فقال عن رافع ألوان ولكن أبا إِسْحَاقَ زَادَ فِيهِ زَرَعَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَيْسَ غَيْرُهُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَرْفَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ أَنَّهُ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ غَيْرُ شَرِيكٍ وَلَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَعَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَافِعِ بْنِ خديج