الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الإجارة
[3416]
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ مَعْلُومَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
(باب في كسب العلم)
(الرُّؤَاسِيُّ) بِضَمِّ الرَّاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ خَفِيفَةٌ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نَسِيٍّ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الْخَفِيفَةِ الْكِنْدِيِّ الشَّامِيِّ قَاضِي طَبَرِيَّةَ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (وَالْكِتَابُ) أَيِ الْكِتَابَةُ كَذَا قِيلَ (قوسا) أي أعطانيها هدية وقد عد بن الْحَاجِبِ الْقَوْسَ فِي قَصِيدَتِهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ تَأْنِيثِهِ (لَيْسَتْ بِمَالٍ) أَيْ لَمْ يُعْهَدْ فِي الْعُرْفِ عَدُّ الْقَوْسِ مِنَ الْأُجْرَةِ فَأَخْذُهَا لَا يَضُرُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (وَلَيْسَتْ بِمَالٍ) أَيْ عَظِيمٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْجُمْلَةُ حَالٌ ولا يجوز أن يكون من قَوْسًا لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ صِرْفَةٌ فَيَكُونُ حَالًا مِنْ
فَاعِلِ أَهْدَى أَوْ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ يُرِيدُ أَنَّ الْقَوْسَ لَمْ يُعْهَدْ فِي التَّعَارُفِ أَنْ تُعَدَّ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ لَيْسَتْ بِمَالٍ أَقْتَنِيهِ لِلْبَيْعِ بَلْ هِيَ عِدَّةٌ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (أَنْ تُطَوَّقَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَتَأْوِيلِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى ظَاهِرِهِ فَرَأَوْا أَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ غَيْرُ مُبَاحٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ وَقَالَ طَائِفَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لم يشترط وهو قول الحسن البصري وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبَاحَ ذَلِكَ آخَرُونَ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي خَطَبَ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يَجِدْ لَهَا مَهْرًا زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ عُبَادَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَبَرَّعَ بِهِ وَنَوَى الِاحْتِسَابَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ وَقْتَ التَّعْلِيمِ إِلَى طَلَبِ عِوَضٍ وَنَفْعٍ فَحَذَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِبْطَالَ أَجْرِهِ وَتَوَعَّدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ سَبِيلُ عُبَادَةَ فِي هَذَا سَبِيلَ مَنْ رَدَّ ضَالَّةً لِرَجُلٍ أَوِ اسْتَخْرَجَ لَهُ مَتَاعًا قَدْ غَرِقَ فِي بَحْرٍ تَبَرُّعًا وَحِسْبَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلَوْ أَنَّهُ طَلَبَ لِذَلِكَ أُجْرَةً قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ حِسْبَةً كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا
وَأَهْلُ الصُّفَّةِ قَوْمٌ فُقَرَاءَ كَانُوا يَعِيشُونَ بِصَدَقَةِ النَّاسِ فَأَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ وَدَفْعُهُ إِلَيْهِمْ مُسْتَحَبٌّ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَهُ حَالَاتٌ فَإِذَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَقُومُ بِهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَرْضَ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ فِي حَالٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ لم تحل له الأجرة وعلى هذا يؤول اخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ فِيهِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قَالَ السُّيُوطِيُّ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْمٌ وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ وَقَالُوا هُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابَ اللَّهِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رِجَالُ إِسْنَادِ عُبَادَةَ كُلُّهُمْ مَعْرُوفُونَ إِلَّا الْأَسْوَدَ بْنَ ثَعْلَبَةَ فَإِنَّا لَا نَحْفَظُ عَنْهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ حديث مختلف فيه على عبادة وحديث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْهُ انْتَهَى
قُلْتُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ تَقْدِيمُ الْمُحَرِّمِ وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ عِنْدَ التَّسَاوِي لَكِنْ كَلَامُ أَبِي دَاوُدَ يُشِيرُ إِلَى دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي الطِّبِّ وَحَدِيثَ عُبَادَةَ فِي التَّعْلِيمِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ جَائِزًا فِي الطِّبِّ دُونَ التَّعْلِيمِ وَقِيلَ هَذَا تَهْدِيدٌ على فوت العزيمة والإخلاص وحديث بن عَبَّاسٍ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ انْتَهَى
مَا فِي فَتْحِ الودود