الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 -
(بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ)
[3389]
هِيَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الزَّرْعِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَالْبَذْرُ يَكُونُ مِنْ مَالِكِ الْأَرْضِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
(فَذَكَرْتُهُ) أَيْ (مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فقال) أي طاووس (لَمْ يَنْهَ عَنْهَا) أَيْ عَنِ الْمُزَارَعَةِ (لِيَمْنَحَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالنُّونِ أَيْ لِيَجْعَلَهَا مَنِيحَةً أَيْ عَارِيَةً (خَرَاجًا مَعْلُومًا) أَيْ أُجْرَةً مَعْلُومَةً قَالَ الْخَطَّابِيُّ خَبَرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ خَبَرٌ مُجْمَلٌ تُفَسِّرُهُ الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ نَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ طرق أخرى وقد عقل بن عَبَّاسٍ الْمَعْنَى مِنَ الْخَبَرِ وَأَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُزَارَعَةِ بِشَطْرِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُتِمَّا نَحْوَ أَرْضِهِمْ وَأَنَّ يُرْفِقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
وَقَدْ ذَكَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ النَّوْعَ الَّذِي حَرُمَ مِنْهَا وَالْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نَهَى عَنْهَا وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ
قُلْتُ أَرَادَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْآتِيَةَ فِي الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعِلَّةَ وَالسَّبَبَ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الصِّفَةَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا النَّهْيُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ
قُلْتُ أَرَادَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ
الرِّوَايَةَ التَّالِيَةَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَضَعَّفَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ رَافِعٍ وَقَالَ هُوَ كَثِيرُ الْأَلْوَانِ يُرِيدُ اضْطِرَابَ هَذَا الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ فَمَرَّةً يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَرَّةً يَقُولُ حَدَّثَنِي عمومتي عنه وجوز أحمدالمزارعة وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى الْيَهُودَ أَرْضَ خَيْبَرَ مُزَارَعَةً وَنَخْلَهَا مُسَاقَاةً وأجازها بن أبي ليلى ويعقوب ومحمد وهو قول بن المسيب وبن سِيرِينَ وَالزُّهْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبْطَلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا صَارَ هَؤُلَاءِ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَلَمْ يَقِفُوا عَلَى عِلَّتِهِ كما وقف عليها أحمد فالمزراعة عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَعَلَى
مَا تَرَاضَى بِهِ الشَّرِيكَانِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَتِ الْحِصَصُ مَعْلُومَةٌ وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مَعْدُومَةٌ وَهِيَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي بُلْدَانِ الْإِسْلَامِ وَأَقْطَارِ الْأَرْضِ شَرْقِهَا وَغَرْبِهَا
وَقَدْ أَنْعَمَ بَيَانَ هَذَا الْبَابِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَجَوَّدَهُ وَصَنَّفَ فِي الْمُزَارَعَةِ مَسْأَلَةً ذَكَرَ فِيهَا عِلَلَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ
[3390]
(إِنَّمَا أَتَاهُ) أَيِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ مُسَدَّدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) أَيْ زَادَ مُسَدَّدٌ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا اللَّفْظَ بَعْدَ قَوْلِهِ رَجُلَانِ (ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ أَبُو بَكْرٍ وَمُسَدَّدٌ (فَلَا تُكْرُوا) مِنَ الْإِكْرَاءِ (فَسَمِعَ) أَيْ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ (قَوْلَهُ) أَيْ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا تُكْرُوا إِلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ سَمِعَ قَوْلَهُ لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ صُورَةُ النِّزَاعِ وَالْجِدَالِ وَتَعْمِيمُ رَافِعٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمَّا بَلَغَ رَافِعًا رَجَعَ عَنِ التَّعْمِيمِ كَمَا رُوِيَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ رَافِعٍ فَقَالَ لَمْ نُنْهَ أَنْ نُكْرِيَ الْأَرْضَ بِالْوَرِقِ كَذَا فِي إِنْجَاحِ الْحَاجَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ
[3391]
(بِمَا عَلَى السَّوَاقِي مِنَ الزَّرْعِ) فِي الْقَامُوسِ السَّاقِيَةُ النَّهَرُ الصَّغِيرُ أَيْ بِمَا يَنْبُتُ عَلَى أَطْرَافِ النَّهَرِ (وَمَا سَعِدَ) أَيْ جَرَى (بِالْمَاءِ مِنْهَا) أَيْ مِنَ السَّوَاقِي يُرِيدُ أَنَّا نَجْعَلُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ مِنَ الزَّرْعِ بِلَا طَلَبٍ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ مَا جَاءَنَا مِنَ الْمَاءِ سَيْحًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَالِيَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَا جَاءَنَا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ السَّعِيدُ النَّهَرُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذَا وَجَمْعُهُ سُعُدٌ انْتَهَى
وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ الْمَزَارِعِ يُكْرُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَزَارِعَهُمْ بِمَا يَكُونُ على الساقي من الزرع فجاؤوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَصَمُوا فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكْرُوا بِذَلِكَ وَقَالَ اكْرُوا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[3392]
(بِمَا عَلَى الْمَاذِيانَاتِ) قَالَ النَّوَوِيُّ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ
وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَتْحَ الذَّالِ فِي غَيْرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهِيَ مَسَائِلُ الْمِيَاهِ
وَقِيلَ مَا يَنْبُتُ عَلَى حَافَّتَيْ مَسِيلِ الْمَاءِ وَقِيلَ مَا يَنْبُتُ حَوْلَ السَّوَاقِي وَهِيَ لَفْظَةٌ مُعَرَّبَةٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ الْأَنْهَارُ وَهِيَ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ صَارَتْ دَخِيلًا فِي كَلَامِهِمُ انْتَهَى (وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ) أَقْبَالُ بِفَتْحِ الهمزة جمع قبل بالضم أي رؤوس الْجَدَاوِلِ وَأَوَائِلُهَا وَالْجَدَاوِلُ جَمْعُ الْجَدْوَلِ وَهُوَ النَّهَرُ الصَّغِيرُ كَالسَّاقِيَةِ وَالْقُبُلُ أَيْضًا رَأْسُ الْجَبَلِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ أَعْلَمَكَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُنْهَيَ عَنْهُ هُوَ الْمَجْهُولُ مِنْهُ دُونَ الْمَعْلُومِ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنْ يَشْتَرِطُوا فِيهَا شُرُوطًا فَاسِدَةً وَأَنْ يَسْتَثْنُوا مِنَ الزَّرْعِ مَا عَلَى السَّوَاقِي وَالْجَدَاوِلِ وَيَكُونُ خَاصًّا لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارَعَةُ شَرِكَةٌ وَحِصَّةُ الشَّرِيكِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةٌ وَقَدْ يَسْلَمُ مَا عَلَى السَّوَاقِي وَيَهْلَكُ سَائِرُ الزَّرْعِ فَيَبْقَى الْمُزَارِعُ لَا شَيْءَ لَهُ وَهَذَا غَرَرٌ وَخَطَرٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه