الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3284]
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا) وَلَيْسَ الْحَدِيثُ فِي مُخْتَصَرِ الْمُنْذِرِيِّ وَأَوْرَدَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَرَمَّزَ عَلَيْهِ عَلَامَةَ أَبِي دَاوُدَ فَقَطْ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ على أنه لا يجزئ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ الْوَارِدَةُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَمْ تَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى أَوْ تحرير رقبة بِخِلَافِ آيَةِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّهَا قُيِّدَتْ بِالْإِيمَانِ
قال بن بَطَّالٍ حَمَلَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا حَمَلُوا الْمُطْلَقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدل منكم وَخَالَفَ الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا يَجُوزُ إِعْتَاقُ الْكَافِرِ وَوَافَقَهُمْ أبو ثور وبن الْمُنْذِرِ وَاحْتَجَّ لَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ مُغَلَّظَةٌ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَنَّ الْمُعْتِقَ لِلرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ أَخَذَ بِالْأَحْوَطِ بِخِلَافِ الْمُكَفِّرِ بِغَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ فَإِنَّهُ في شك من براءة الذمة
7 -
(باب كراهية النذر)
[3287]
(يَنْهَى عَنِ النَّذْرِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى نَهْيِهِ عليه السلام عَنِ النَّذْرِ إِنَّمَا هُوَ تَأْكِيدٌ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرُ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يُفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ قَدْ صَارَ مَعْصِيَةً فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مِمَّا لَا يَجْلِبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ ضَرَرًا فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لَا تَنْذِرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ تَصْرِفُونَ
عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ
هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ وَوَجْهُهُ
وَقَوْلُهُ عليه السلام إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ وُجُوبُ اسْتِخْرَاجِهِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ لَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكْرَهَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (لَا يَرُدُّ شَيْئًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ كَمَا يَقُولُ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ سَلِمَ مَالِي فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ
فَأَمَّا إِذَا قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ هَذَا بِنَذْرٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ غَالِبُ مَذْهَبِهِ
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ النَّذْرُ وَعْدٌ بِشَرْطٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ النَّذْرُ لَازِمٌ وَإِنْ لَمْ يُعَلَّقْ بِشَرْطٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ النَّذْرِ (مِنَ الْبَخِيلِ) لِأَنَّ غَيْرَ الْبَخِيلِ يُعْطِي بِاخْتِيَارِهِ بِلَا وَاسِطَةِ النَّذْرِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ يَعْنِي أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَسْمَحُ بِالصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ إِلَّا إِذَا نَذَرَ شَيْئًا لِخَوْفٍ أَوْ طَمَعٍ فَكَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي طَمِعَ فِيهِ أَوْ خَافَهُ لَمْ يَسْمَحْ بِإِخْرَاجِ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ فَهُوَ بَخِيلٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ انْتَهَى
قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ الْحَارِثِيِّ الْكُوفِيِّ عن بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْقَدَرِ وَفِي النَّذْرِ ومسلم في النذور والنسائي فيه وبن مَاجَهْ فِي الْكَفَّارَاتِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي النُّذُورِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ وَعَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ أَبَى عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ
وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى كَلَامُهُ
فَجَرِيرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عن منصور والله أعلم
[3288]
(لا يأتي بن آدَمَ) مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ (النَّذْرُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لَا يَأْتِي (الْقَدَرَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ (بِشَيْءٍ لَمْ أَكُنْ قَدَّرْتُهُ) أَيِ الشَّيْءَ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدُسِيَّةِ وَلَكِنَّهُ مَا صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (لَهُ) أَيْ لِابْنِ آدَمَ (وَلَكِنْ يُلْقِيهِ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الإلقاء أي بن آدم
(النَّذْرُ فَاعِلُهُ (الْقَدَرَ) أَيْ إِلَى الْقَدَرِ (قَدَّرْتُهُ) وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ الْقَدَرَ (يُؤْتَى) أَيْ يُعْطَى الْبَخِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي بِسَبَبِهِ نَذَرَ كَالشِّفَاءِ (مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتَى) أَيْ يُعْطِي الْبَخِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ النَّذْرِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ وَالْحَدِيثُ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ
وليس من رواية اللؤلؤي الْعَبْدُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ
وَالْعَجَبُ مِنَ الْحَافِظِ الْمِزِّيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا فِي الْأَطْرَافِ فَإِنَّا رَاجَعْنَا نُسْخَتَيْنِ مِنَ الْأَطْرَافِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِمَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ تَحْتَ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ أَكُنْ قَدَّرْتُهُ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدُسِيَّةِ لَكِنْ سَقَطَ مِنْهُ التَّصْرِيحُ بِنِسْبَتِهِ إلى الله عزوجل وقد أخرجه أبو داود في رواية بن العبد عنه من رواية مالك والنسائي وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرِو عَنِ الْأَعْرَجِ
وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عن أبى هريرة ولفظهلم يَكُنْ قَدَّرْتُهُ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ لَمْ أُقَدِّرْهُ عليه
وفي رواية بن مَاجَهْ إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يَغْلِبُهُ النَّذْرُ فَأُقَدِّرُ لَهُ
وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدَّرْتُهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ وَكَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ في قولهفيستخرج اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَيُسْتَخْرَجُ بِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعله وكذا في رواية بن مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ وَعَبْدَةَ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَكِنِ النَّذْرُ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ