الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُهْتَدِينَ فَاجْتَهِدْ رَأْيَكَ وَاسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ
وقد اجتهد بن مَسْعُودٍ فِي الْمُفَوِّضَةِ وَقَالَ أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي وَوَفَّقَهُ اللَّهُ لِلصَّوَابِ
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الأصبهاني عن عكرمة قال أرسلني بن عَبَّاسٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَسَالَهُ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَقَالَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَلِلْأَبِ بَقِيَّةُ الْمَالِ فَقَالَ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ قَالَ أَقُولُهُ بِرَأْيِي وَلَا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ
وَقَايَسَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْمُكَاتَبِ
وَقَايَسَهُ في الجد والإخوة
وقاس بن عَبَّاسٍ الْأَضْرَاسَ بِالْأَصَابِعِ وَقَالَ عَقْلُهَا سَوَاءٌ اعْتَبِرُوهَا بِهَا
قَالَ الْمُزَنِيُّ الْفُقَهَاءُ مِنْ عَصْرِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يومنا وهلم جرا استعلموا الْمَقَايِيسَ فِي الْفِقْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ قَالَ وَأَجْمَعُوا بِأَنَّ نَظِيرَ الْحَقِّ حَقٌّ وَنَظِيرَ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إِنْكَارُ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ التَّشْبِيهُ بِالْأُمُورِ وَالتَّمْثِيلُ عَلَيْهَا انْتَهَى
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
2 -
(بَاب فِي الصُّلْحِ)
[3594]
قَدْ قَسَّمَ الْعُلَمَاءُ الصُّلْحَ أَقْسَامًا صُلْحُ الْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَالْعَادِلَةِ وَالصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَغَاصِبَيْنِ وَالصُّلْحُ فِي الْخَرَاجِ كَالْعَقْدِ عَلَى مَالٍ وَالصُّلْحُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْأَمْلَاكِ وَالْحُقُوقِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ الصُّلْحِ
كَذَا فِي السُّبُلِ
(شَكَّ الشَّيْخُ) وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيِّ شَكٌّ مِنْ أَبِي دَاوُدَ (الصُّلْحُ جَائِزٌ) قَالَ فِي النَّيْلِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْعُمُومُ فَيَشْمَلُ كُلَّ صُلْحٍ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ
وَمَنِ ادَّعَى عَدَمَ جَوَازِ صُلْحٍ زائد على
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روى الترمذي من حديث عمير بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عَوْف الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ الصُّلْح جَائِز بَيْن الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَقَالَ هَذَا
مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَإِلَى الْعُمُومِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الرِّضَا بِالصُّلْحِ مُشْعِرٌ بِطِيبَةِ النَّفْسِ انْتَهَى مُحَصَّلًا (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِأَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَوَجْهُ التَّخْصِيصِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْأَحْكَامِ فِي الْغَالِبِ هُمُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُمُ الْمُنْقَادُونَ لَهَا (حَرَّمَ حلالا) كمصالحة الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا (أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا كَالْمُصَالَحَةِ على وطىء أمة لايحل لَهُ وَطْؤُهَا أَوْ أَكْلِ مَالٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ)(الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) أَيْ ثَابِتُونَ عَلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ عَنْهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا فِي الشُّرُوطِ الْجَائِزَةِ فِي حَقِّ الدِّينِ دُونَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ مِنْ بَابِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيُّ قَالَ بن مَعِينٍ ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ واحد
[3595]
(أنه تقاضى بن أَبِي حَدْرَدٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ آخِرُهُ دَالٌ (دَيْنًا كَانَ لَهُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
حَدِيث حَسَن صَحِيح
وَفِي كَثِير مِنْ النُّسَخ حَسَن فَقَطْ
وَقَدْ اُسْتُدْرِكَ عَلَى التِّرْمِذِيّ تَصْحِيح حَدِيث كَثِير هَذَا فَإِنَّهُ ضَعِيف قَالَ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد أَمَرَنِي أَبِي أَنْ أَضْرِبَ عَلَى حَدِيثه وَقَالَ مَرَّة ضَرَبَ أَبِي عَلَى حَدِيثه فَلَمْ يُحَدِّثْنَا بِهِ وَقَالَ هُوَ ضَعِيف الحديث وقال بن مَعِين لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنه حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الصُّلْح جَائِز بَيْن الْمُسْلِمِينَ مِنْ طَرِيق عَفَّان حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ ثَابِت عَنْ أَبِي رَافِع عَنْ أَبَى هُرَيْرَة وَقَالَ هَذَا
أي لكعب (عليه) أي علي بن أَبِي حَدْرَدٍ (سِجْفَ حُجْرَتِهِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ السِّتْرُ وَقِيلَ الرَّقِيقُ مِنْهُ يَكُونُ فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ وَلَا يُسَمَّى سِجْفًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْقُوقَ الْوَسَطِ كَالْمِصْرَاعَيْنِ (أوضع) أَمْرٌ مِنَ الْوَضْعِ (الشَّطْرَ) أَيِ النِّصْفَ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْأَمْرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم الْإِرْشَادُ إِلَى الصُّلْحِ وَالشَّفَاعَةِ فِي تَرْكِ بَعْضِ الدَّيْنِ (قَدْ فَعَلْتُ) أَيْ قَدْ وَضَعْتُ عَنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ
قَالَ فِي النَّيْلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِزَاعُهُمَا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ كَأَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الدَّيْنِ مِقْدَارًا زَائِدًا عَلَى مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَدْيُونُ فَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضَعَ الشَّطْرَ مِنَ الْمِقْدَارِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَيَكُونُ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ عَنْ إِنْكَارٍ وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّقَاضِي بِاعْتِبَارِ حُلُولِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مِقْدَارِ أَصْلِ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إِنْكَارٍ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَنْ إِنْكَارٍ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ انْتَهَى (قُمْ فَاقْضِهِ) قِيلَ هَذَا أَمْرٌ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمَّا طَاوَعَ بِوَضْعِ الشَّطْرِ تَعَيَّنَ عَلَى الْمَدْيُونِ أَنْ يُعَجِّلَ إِلَيْهِ دَيْنَهُ لِئَلَّا يَجْمَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بَيْنَ الْوَضِيعَةِ وَالْمَطْلِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
صَحِيح الْإِسْنَاد وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرْطهمَا
قُلْت وَعِلَّته أَنَّهُ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن الحسن المصيصي عن عفان وقد قال بن حِبَّان كَانَ يَقْلِب الْأَخْبَار وَيَسْرِقهَا لَا يُحْتَجّ بِمَا اِنْفَرَدَ بِهِ وَقَالَ الْحَاكِم الْمِصِّيصِيّ ثِقَة تفرد به