الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
15- سُورَةُ الْحِجْرِ
سُمِّيَتْ هَذِه السُّورَة سُورَة الْحِجْرَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ غَيْرَهُ. وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّ اسْمَ الْحِجْرِ لَمْ يُذْكَرْ فِي غَيْرِهَا.
وَالْحِجْرُ اسْمُ الْبِلَادِ الْمَعْرُوفَةِ بِهِ وَهُوَ حِجْرُ ثَمُودَ. وَثَمُودُ هُمْ أَصْحَابُ الْحِجْرِ.
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ. وَالْمُكْتِبُونَ فِي كَتَاتِيبِ تُونُسَ يَدْعُونَهَا سُورَةَ رُبَما لِأَنَّ كَلِمَةَ «رُبَمَا» لَمْ تَقَعْ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا وَحُكِيَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ.
وَعَنِ الْحَسَنِ اسْتِثْنَاءُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي هِيَ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَعَلَى أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْفَاتِحَةَ مَكِّيَّةٌ.
وَاسْتِثْنَاءُ قَوْلِهِ تَعَالَى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِمُ الْمُقْتَسِمِينَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَتَفْسِيرُ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا وَافَقَ مِنْهُ كِتَابَنَا فَهُوَ صِدْقٌ وَمَا خَالَفَ كِتَابَنَا فَهُوَ كَذِبٌ. وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا يَهُودُ الْمَدِينَةِ، وَهَذَا لَا نُصَحِّحُهُ كَمَا نُبَيِّنُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْآيَةِ.
وَلَوْ سَلِمَ هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ جِهَتَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ لِأَنَّ الْيَهُودَ سَمِعُوا الْقُرْآنَ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم بِقَلِيلٍ فَقَالُوا ذَلِكَ حِينَئِذٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَهَمَّهُمْ أَمْرُ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم اسْتَشَارُوا فِي أَمْرِهِ يَهُودَ الْمَدِينَةِ.
وَقَالَ فِي «الْإِتْقَانِ» يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا
الْمُسْتَأْخِرِينَ
لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَأَنَّهَا فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ اه.
وَهُوَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ الْجُذَامِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَسْنَاءُ فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ (أَيْ مِنْ صُفُوفِ الرِّجَالِ) فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبِطَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَهَذَا أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ نُوحٍ اه. وَهَذَا تَوْهِينٌ لِطَرِيقِ نُوحٍ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: «وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْجَوْزَاءِ فَقَطْ لَيْسَ فِيهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ ذِكْرٌ، فَلَا اعْتِمَادَ إِلَّا عَلَى حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مَقْطُوعٌ.
وَعَلَى تَصْحِيحِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ فَقَدْ عُدَّتِ الرَّابِعَةَ وَالْخَمْسِينَ فِي عَدَدِ نُزُولِ السُّوَرِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ يُوسُفَ وَقَبْلَ سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
وَمِنَ الْعَجِيبِ اخْتِلَافُهُمْ فِي وَقْتِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى آيَةِ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَقَدْ نَزَلَتْ عِنْدَ خُرُوجِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَارِ الْأَرْقَمِ فِي آخِرِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ بَعْثَتِهِ.
وَعَدَدُ آيِهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ بِاتِّفَاقِ الْعَادِّينَ.