المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النحل (16) : الآيات 28 إلى 29] - التحرير والتنوير - جـ ١٤

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌15- سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌مَقَاصِدُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 16 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 28 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 45 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 51 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 57 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 61 إِلَى 65]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 67 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 70 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 78 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 80 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 85 إِلَى 86]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 88 إِلَى 89]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 90 إِلَى 91]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 94 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 97 إِلَى 99]

- ‌16- سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 5 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 30 الى 31]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 43 الى 44]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 46 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 84]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 85]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 86 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 92]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 93]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 94]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 95 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 98 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 101]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 108 إِلَى 109]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 110]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 111]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 112]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 116 إِلَى 117]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 118]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 120 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 123]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 128]

الفصل: ‌[سورة النحل (16) : الآيات 28 إلى 29]

[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)

الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ مَقُولِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِذْ لَا مُنَاسَبَةَ لِأَنْ يُعَرَّفَ الْكَافِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ صِيغَةَ الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ هَذَا التَّوَفِّيَ مَحْكِيٌّ فِي حَالِ حُصُولِهِ وَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَضَتْ وَفَاتُهُمْ وَلَا فَائِدَةَ أُخْرَى فِي ذكر ذَلِك يَوْمَئِذٍ، فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا.

وَعَنْ عِكْرِمَةَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْمَدِينَةِ فِي قَوْمٍ أَسْلَمُوا بِمَكَّةَ وَلَمْ يُهَاجِرُوا فَأَخْرَجَهُمْ قُرَيْشٌ إِلَى بَدْرٍ كُرْهًا فَقُتِلُوا بِبَدْرٍ.

فَالْوَجْهُ أَنَّ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [سُورَة النَّحْل: 22] أَوْ صِفَةٌ لَهُم، كَمَا يومىء إِلَيْهِ وَصْفُهُمْ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِالْمُتَكَبِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ، فَهُمُ الَّذِينَ وُصِفُوا فِيمَا قَبْلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [سُورَة النَّحْل: 22]، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. وَإِنْ أَبَيْتَ ذَلِكَ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْمَتْبُوعِ وَالتَّابِعِ فَاجْعَلِ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَالتَّقْدِيرُ:

هُمُ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ.

وَحَذْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ جَارٍ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي أَمْثَالِهِ مِنْ كُلِّ مُسْنَدٍ إِلَيْهِ جَرَى فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْكَلَامِ. أُخْبِرَ عَنْهُ وَحُدِّثَ عَنْ شَأْنِهِ، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ عِنْدَ السَّكَّاكِيِّ بِالْحَذْفِ الْمُتَّبَعُ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ. وَيُقَابِلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِيمَا يَأْتِي: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ [سُورَة النَّحْل: 32] فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا [سُورَة النَّحْل: 30] فَهَذَا نَظِيرُهُ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الصِّلَةِ وَصْفُ حَالَةِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى الشِّرْكِ فَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَالَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِمَنْ حَلَّ بِهِمْ الِاسْتِئْصَالُ وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

ص: 138

ذُكِرَتْ حَالَةُ وَفَاتِهِمُ الَّتِي هِيَ بَيْنَ حَالَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ حَالٌ تَعْرِضُ لِجَمِيعِهِمْ سَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَهُ الِاسْتِئْصَالُ وَمَنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَأَطْبَقَ مَنْ تَصَدَّى لِرَبْطِهِ بِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، عَلَى جَعْلِ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ بَدَلًا مِنَ الْكافِرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ [سُورَة النَّحْل: 27]، أَوْ صِفَةً لَهُ. وَسَكَتَ عَنْهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» (وَهُوَ سُكُوتٌ مِنْ ذَهَبٍ) . وَقَالَ الْخَفَاجِيُّ:«وَهُوَ يَصِحُّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَقُولًا لِلْقَوْلِ وَغَيْرَ مُنْدَرِجٍ تَحْتَهُ» . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: «وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ مُرْتَفِعًا بِالِابْتِدَاءِ مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ: فَأَلْقَوُا السَّلَمَ [سُورَة النَّحْل: 28] اه.

وَاقْتِرَانُ الْفِعْلِ بِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ الَّتِي لِلْمُؤَنَّثِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِاعْتِبَارِ إِسْنَادِهِ إِلَى الْجَمَاعَةِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ يَتَوَفَّاهُمْ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْأَصْلِ.

وَظُلْمُ النَّفْسِ: الشِّرْكُ.

وَالْإِلْقَاءُ: مُسْتَعَارٌ إِلَى الْإِظْهَارِ الْمُقْتَرِنِ بِمَذَلَّةٍ. شُبِّهَ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ عَلَى الْأَرْضِ، ذَلِكَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا اسْتِكْبَارَهُمْ وَإِنْكَارَهُمْ وَأَسْرَعُوا إِلَى الِاعْتِرَاف ولخضوع لَمَّا ذَاقُوا عَذَابَ انْتِزَاعِ أَرْوَاحِهِمْ.

وَالسَّلَمُ- بِفَتْحِ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ- الِاسْتِسْلَامُ. وَتَقَدَّمَ الْإِلْقَاءُ وَالسَّلَمُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [90] . وَتَقَدَّمَ الْإِلْقَاءُ الْحَقِيقِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ [15] .

وَوَصْفُهُمْ بِ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ يَرْمِي إِلَى أَنَّ تَوَفِّيَ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ مُلَابِسٌ لِغِلْظَةٍ وَتَعْذِيبٍ، قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ [سُورَة الْأَنْفَال: 50] .

وَجُمْلَةُ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ دلّ عَلَيْهِ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ، لِأَنَّ إِلْقَاءَ السَّلَمِ أَوَّلُ مَظَاهِرِهِ الْقَوْلُ الدَّالُّ عَلَى الْخُضُوعِ. يَقُولُونَ ذَلِكَ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْتَزِعُونَ أَرْوَاحَهُمْ لِيَكُفُّوا عَنْهُمْ تَعْذِيبَ الِانْتِزَاعِ، وَهُمْ مِنَ

ص: 139

اضْطِرَابِ عُقُولِهِمْ يَحْسَبُونَ الْمَلَائِكَةَ إِنَّمَا يُجَرِّبُونَهُمْ بِالْعَذَابِ لِيَطَّلِعُوا عَلَى دَخِيلَةِ أَمْرِهِمْ، فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ إِنْ كَذَبُوهُمْ رَاجَ كَذِبُهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَكَفُّوا عَنْهُمُ الْعَذَابَ، لِذَلِكَ جَحَدُوا أَنْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَ سُوءًا مِنْ قَبْلُ.

وَلِذَلِكَ فَجُمْلَةُ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ جَوَابُ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ، وَلِذَلِكَ افْتُتِحَتْ بِالْحَرْفِ الَّذِي يَبْطُلُ بِهِ النَّفْيُ وَهُوَ بَلى. وَقَدْ جَعَلُوا عِلْمَ اللَّهِ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ كِنَايَةً عَنْ تَكْذِيبِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ، وَكِنَايَةً عَلَى أَنَّهُمْ مَا عَامَلُوهُمْ بِالْعَذَابِ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْعَالِمِ بِهِمْ.

وَأَسْنَدُوا الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ دُونَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّا نَعْلَمُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، أَدَبًا مَعَ اللَّهِ وَإِشْعَارًا بِأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا ذَلِكَ إِلَّا بِتَعْلِيمٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَتَفْرِيعُ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ عَلَى إِبْطَالِ نَفْيِهِمْ عَمَلَ السُّوءِ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ إِثْبَاتَ كَوْنِهِمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ السُّوءَ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُمُ الْعَذَاب، وَذَلِكَ عِنْد مَا كُشِفَ لَهُمْ عَنْ مَقَرِّهِمُ الْأَخِيرِ، كَمَا

جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» .

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [سُورَة الْأَنْفَال: 50] .

وَجُمْلَةُ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ تَذْيِيلٌ. يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةَ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ الْحِكَايَةِ لَا مِنَ الْمَحْكِيِّ، وَوَصْفُهُمْ بِالْمُتَكَبِّرِينَ يُرَجِّحُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لِرَبْطِ هَذِهِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [سُورَة النَّحْل: 22] . وَاللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى «بِئْسَ» لَامُ الْقَسَمِ.

وَالْمَثْوَى. الْمَرْجِعُ. مِنْ ثَوَى إِذَا رَجَعَ، أَوِ الْمَقَامُ مِنْ ثَوَى إِذَا أَقَامَ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [128] .

وَلَمْ يُعَبِّرْ عَنْ جَهَنَّمَ بِالدَّارِ كَمَا عَبَّرَ عَنِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [سُورَة النَّحْل: 30] تَحْقِيرًا لَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي جَهَنَّمَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الدَّارِ بَلْ هُمْ مُتَرَاصُّونَ فِي النَّارِ وَهُمْ فِي مَثْوًى، أَيْ مَحَلٍّ ثَوَاءٍ

ص: 140