المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النحل (16) : الآيات 86 إلى 87] - التحرير والتنوير - جـ ١٤

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌15- سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌مَقَاصِدُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 16 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 28 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 45 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 51 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 57 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 61 إِلَى 65]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 67 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 70 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 78 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 80 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 85 إِلَى 86]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 88 إِلَى 89]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 90 إِلَى 91]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 94 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 97 إِلَى 99]

- ‌16- سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 5 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 30 الى 31]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 43 الى 44]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 46 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 84]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 85]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 86 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 92]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 93]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 94]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 95 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 98 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 101]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 108 إِلَى 109]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 110]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 111]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 112]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 116 إِلَى 117]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 118]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 120 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 123]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 128]

الفصل: ‌[سورة النحل (16) : الآيات 86 إلى 87]

وَصَاحِبُ «الْكَشَّافِ» جَعَلَ إِذا ظَرْفًا مُجَرَّدًا عَنْ مَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ لِقَصْدِ التَّهْوِيلِ يَقْتَضِي تَقْدِيرُهُ عَدَمَ وُجُودِ متعلّق للظرف ليقدّر لَهُ مُتَعَلَّقٌ بِمَا يُنَاسِبُ، كَمَا قُدِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ [سُورَة النَّحْل: 84] . وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَبَغَتَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَلا يُخَفَّفُ فَصِيحَةٌ وَلَيْسَتْ رَابِطَةً لِلْجَوَابِ.

والَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَالتَّعْبِيرُ بِهِ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِقَصْدِ إِجْرَاءِ الصِّفَاتِ الْمُتَلَبِّسِينَ بِهَا عَلَيْهِمْ. وَالْمَعْنَى: فَلَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينِ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، ثُمَّ يُسَاقُونَ إِلَى الْعَذَابِ فَإِذَا رَأَوْهُ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ، أَيْ يَسْأَلُونَ تَخْفِيفَهُ أَوْ تَأْخِيرَ الْإِقْحَامِ فِيهِ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَأَطْلَقَ الْعَذَابَ عَلَى آلَاتِهِ وَمَكَانِهِ.

وَجَاءَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ مُخْبَرًا عَنْهُ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ، لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَنِ الِاسْمِ يُفِيدُ تَقَوِّي الْحُكْمِ، فَأُرِيدَ تَقَوِّي حُكْمَ النَّفْيِ، أَيْ أَنَّ عَدَمَ تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ لَا طَمَاعِيَةَ فِي إِخْلَافِهِ، فَحَصَلَ تَأْكِيدُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَمَا حَصَلَ تَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بِالْفَاءِ، أَيْ فَهُمْ يُلْقَوْنَ بِسُرْعَةٍ فِي الْعَذَاب.

[86، 87]

[سُورَة النَّحْل (16) : الْآيَات 86 إِلَى 87]

وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (87)

الَّذِينَ أَشْرَكُوا هُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا الَّذِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ، وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الَّذين لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ. وَإِجْرَاءُ هَذِهِ الصِّلَاتِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمْ لِزِيَادَةِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ إِجْرَامِهِمُ الرَّاجِعَةِ إِلَى تَكْذِيبِ مَا دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ نُكْتَةُ

ص: 246

الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ هُنَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ [سُورَة النَّحْل: 85] .

فَالْإِشْرَاكُ الْمَقْصُودُ هُنَا هُوَ إِشْرَاكُهُمُ الْأَصْنَامَ فِي صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشُّرَكَاءِ الْأَصْنَامَ، أَيِ الشُّرَكَاءَ لِلَّهِ حَسَبَ اعْتِقَادِهِمْ. وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ أُضِيفَ لَفْظُ «شُرَكَاءَ» إِلَى ضَمِيرِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: شُرَكاءَهُمْ، كَقَوْلِ خَالِدِ بْنِ

الصَّقْعَبِ النَّهْدِيِّ لعَمْرو بن معديكرب وَقَدْ تَحَدَّثَ عَمْرٌو فِي مَجْلِسِ قَوْمٍ بِأَنَّهُ أَغَارَ عَلَى بَنِي نَهْدٍ وَقَتَلَ خَالِدًا، وَكَانَ خَالِدٌ حَاضِرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَنَادَاهُ: مَهْلًا أَبَا ثَوْرٍ قَتِيلُكُ يَسْمَعُ، أَيْ قَتِيلُكُ الْمَزْعُومُ، فَالْإِضَافَةُ لِلتَّهَكُّمِ. وَالْمَعْنَى: إِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا الشُّرَكَاءَ عِنْدَهُمْ، أَيْ فِي ظَنِّهِمْ.

وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ لَفْظَ «شُرَكَاءَ» لَقَبًا زَالَ مِنْهُ مَعْنَى الْوَصْفِ بِالشَّرِكَةِ وَصَارَ لَقَبًا لِلْأَصْنَامِ، فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ عَلَى أَصْلِهَا.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْأَصْنَامَ حِينَ تُقْذَفُ مَعَهُمْ فِي النَّارِ، قَالَ تَعَالَى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ [سُورَة الْبَقَرَة: 24] .

وَقَوْلُهُمْ: رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا إِمَّا مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَافِ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ فَضْحًا لَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ [سُورَة النُّور: 24]، وَإِمَّا مِنْ قَبِيلِ التَّنَصُّلِ وَإِلْقَاءِ التَّبِعَةِ عَلَى الْمَعْبُودَاتِ كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أَغْرَوْنَا بِعِبَادَتِهِمْ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا [سُورَة الْبَقَرَة: 167] .

وَالْفَاءُ فِي فَأَلْقَوْا لِلتَّعْقِيبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِتَكْذِيبِ مَا تَضَمَّنَهُ مَقَالُهُمْ، أَنْطَقَ اللَّهُ تِلْكَ الْأَصْنَامَ فَكَذَّبَتْ مَا تَضَمَّنَهُ مَقَالُهُمْ مِنْ كَوْنِ الْأَصْنَامِ شُرَكَاءَ لِلَّهِ، أَوْ مِنْ كَوْنِ عِبَادَتِهِمْ بِإِغْرَاءٍ مِنْهَا تَفْضِيحًا لَهُمْ وَحَسْرَةً عَلَيْهِمْ.

وَالْجَمْعُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ وَاسْمِ الْمَوْصُولِ جَمْعُ الْعُقَلَاءِ جَرْيًا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ إِلَهِيَّةَ الْأَصْنَامِ.

ص: 247

وَلَمَّا كَانَ نُطْقُ الْأَصْنَامِ غَيْرَ جَارٍ عَلَى الْمُتَعَارَفِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِلْقَاءِ الْمُؤْذِنِ بِكَوْنِ الْقَوْلِ أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَصْنَامِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونُوا نَاطِقِينَ فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْهَا.

وَإِسْنَادُ الْإِلْقَاءِ إِلَى ضَمِيرِ الشُّرَكَاءِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّهَا مَظْهَرُهُ.

وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ ضَمِيرَ جَمْعِ الْعُقَلَاءِ فِي فِعْلِ «أَلْقَوْا» مُشَاكَلَةً لِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَاسْمِ الْمَوْصُولِ لِلْعُقَلَاءِ.

وَوَصْفُهُمْ بِالْكَذِبِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ أُولَئِكَ آلِهَةٌ يُدْعَوْنَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَى نَحْوِ مَا

وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ: «فَيُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ» .

وَأَمَّا صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَهُمْ صَادِقُونَ فِيهِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ بَدَلٌ مِنَ الْقَوْلَ. وَأُعِيدَ فِعْلُ أَلْقَوْا فِي قَوْلِهِ: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ لِاخْتِلَافِ فَاعِلِ الْإِلْقَاءِ، فَضَمِيرُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا.

وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ فِعْلَ أَلْقَوُا الثَّانِيَ مُمَاثِلًا لِفِعْلِ «أَلْقَوْا» السَّابِقِ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْإِلْقَاءَ تَمْثِيلًا لِحَالِهِمْ بِحَالِ الْمُحَارِبِ إِذَا غُلِبَ إِذْ يُلْقِي سِلَاحَهُ بَيْنَ يَدَيْ غَالِبِهِ، فَفِي قَوْلِهِ:

أَلْقَوْا مَكْنِيَّةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ مَعَ مَا فِي لَفْظِ أَلْقَوْا مِنَ الْمُشَاكَلَةِ.

والسَّلَمَ- بِفَتْحِ اللَّامِ-: الِاسْتِسْلَامُ، أَيِ الطَّاعَةُ وَتَرْكُ الْعِنَادِ.

وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ أَيْ غَابَ عَنْهُمْ وَزَايَلَهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الِاخْتِلَافَاتِ لِلْأَصْنَامِ مِنْ أَنَّهَا تَسْمَعُ لَهُمْ وَنَحْو ذَلِك.

ص: 248