الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَبْدِيلٌ يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يُعَوِّضَهُمْ عَنْ جَزَاءِ السَّيِّئَاتِ ثَوَابَ حَسَنَاتِ أَضْدَادِ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ، وَهَذَا لِفَضْلِ الْإِيمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشِّرْكِ وَلِفَضْلِ التَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآثَامِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَبِهِ يَظْهَرُ مَوْقِعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: فَأُوْلئِكَ الْمُفِيدِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِهِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَوْصَافِ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَيْ فَأُولَئِكَ التَّائِبُونَ الْمُؤْمِنُونَ الْعَامِلُونَ الصَّالِحَاتِ فِي الْإِيمَانِ يُبَدِّلُ اللَّهُ عِقَابَ سَيِّئَاتِهِمُ الَّتِي اقْتَرَفُوهَا مِنَ الشِّرْكِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا بِثَوَابٍ. وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِمِقْدَارِ الثَّوَابِ وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى فَضْلِ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ عُقِّبَ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الْمُقْتَضِي أَنَّهُ عَظِيم الْمَغْفِرَة.
[71]
[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 71]
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71)
إِذَا وَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْ شَيْءٍ أَوْ تَوْصِيفٌ لَهُ أَوْ حَالَةٌ مِنْهُ بِمُرَادِفٍ لِمَا سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى دُونَ زِيَادَةٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الثَّانِي مُسْتَعْمَلًا فِي شَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِ مَعْنَى الْإِخْبَارِ يُبَيِّنُهُ الْمَقَامُ، كَقَوْلِ أبي الطّمحان لَقِيَنِي (1) :
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ هُمُ هُمُ وَقَوْلِ أَبِي النَّجْمِ:
أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي
وَقَوْلِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي»
. فَقَوْلُهُ تَعَالَى هُنَا: وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً وَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنِ التَّائِبِ بِأَنَّهُ تَائِبٌ إِذِ الْمَتَابُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى التَّوْبَةِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى مَعْنًى مُفِيدٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ هُوَ قَوْلَهُ:
إِلَى اللَّهِ فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنْ عَظِيمِ ثَوَابِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مَا فِي الْمُضَارِعِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ، أَيْ فَإِنَّهُِِ
(1) الطَّحَّان بطاء مُهْملَة فميم مَفْتُوحَة فحاء مُهْملَة، واسْمه حَنْظَلَة، شَاعِر إسلامي.