المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 إلى 140] - التحرير والتنوير - جـ ١٩

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 77]

- ‌26- سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌الْأَغْرَاضُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 20 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 30 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 46 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 50 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 53 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 57 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 61 الى 66]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 67 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 69 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 78 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 83 إِلَى 89]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 90 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 96 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 105 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 111 إِلَى 115]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 116 إِلَى 120]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 123 إِلَى 127]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 128 إِلَى 130]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 131 إِلَى 135]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 136 إِلَى 140]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 141 إِلَى 145]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 146 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 153 إِلَى 154]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 155 إِلَى 159]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 160 إِلَى 164]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 165 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 167 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 176 إِلَى 180]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 181 إِلَى 183]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 184]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 185 إِلَى 188]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 189]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 190 إِلَى 191]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 192 إِلَى 195]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 196 إِلَى 197]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 198 إِلَى 199]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 200 إِلَى 203]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 204 إِلَى 207]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 208]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 209]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 210 إِلَى 212]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 213]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 214]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 215]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 216]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 217 إِلَى 220]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 221 إِلَى 223]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 224 إِلَى 227]

- ‌27- سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 8 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 22 الى 26]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 29 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 42 الى 43]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 50 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 إلى 140]

وَقَدْ جَاءَ فِي ذِكْرِ النِّعْمَةِ بالإجمال الَّذِي يهيّىء السَّامِعِينَ لِتَلَقِّي مَا يَرِدُ بَعْدَهُ فَقَالَ:

الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ثُمَّ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ: أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَأُعِيدَ فِعْلُ أَمَدَّكُمْ فِي جُمْلَةِ التَّفْصِيلِ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ الْإِمْدَادِ فَهُوَ لِلتَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ.

وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْبَعْضِ مِنْ جُمْلَةِ أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ فَإِنَّ فِعْلَ أَمَدَّكُمْ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِ أَمَدَّكُمْ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا صَارَ بَدَلًا مِنْهُ بِاعْتِبَار مَا تعلق بِهِ مِنْ قَوْلِهِ:

بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ إِلَخْ الَّذِي هُوَ بَعْضٌ مِمَّا تَعْلَمُونَ. وَكِلَا الِاعْتِبَارَيْنِ التَّوْكِيدُ وَالْبَدَلُ يَقْتَضِي الْفَصْلَ، فَلِأَجْلِهِ لَمْ تُعْطَفِ الْجُمْلَةُ.

وَابْتَدَأَ فِي تِعْدَادِ النِّعَمِ بِذِكْرِ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهَا أَجَلُّ نِعْمَةٍ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، لِأَنَّ مِنْهَا أَقْوَاتَهُمْ وَلِبَاسَهُمْ وَعَلَيْهَا أَسْفَارُهُمْ وَكَانُوا أَهْلَ نُجْعَةٍ فَهِيَ سَبَبُ بَقَائِهِمْ، وَعَطَفَ عَلَيْهَا الْبَنِينَ لِأَنَّهُمْ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ بِأَنَّهَا أُنْسُهُمْ وَعَوْنُهُمْ عَلَى أَسْبَابِ الْحَيَاةِ وَبَقَاءِ ذِكْرِهِمْ بَعْدَهُمْ وَكَثْرَةِ أُمَّتِهِمْ، وَعَطَفَ الْجَنَّاتِ وَالْعُيُونَ لِأَنَّهَا بِهَا رَفَاهِيَةُ حَالِهِمْ وَاتِّسَاعُ رِزْقِهِمْ وَعَيْشُ أَنْعَامِهِمْ.

وَجُمْلَةُ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ تَعْلِيلٌ لِإِنْكَارِ عَدَمِ تَقْوَاهُمْ وَلِلْأَمْرِ بِالتَّقْوَى، أَيْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابًا إِنْ لَمْ تَتَّقُوا، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ.

وَالْعَذَابُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَذَابَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَوَصَفَ يَوْمٍ بِ عَظِيمٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ، أَيْ عَظِيمٌ مَا يَحْصُلُ فِيهِ من الْأَهْوَال.

[136- 140]

[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 136 إِلَى 140]

قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَاّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)

أَجَابُوا بِتَأْيِيسِهِ مِنْ أَنْ يَقْبَلُوا إِرْشَادَهُ فَجَعَلُوا وَعْظَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءً، أَيْ هُمَا سَوَاءٌ فِي انْتِفَاءِ مَا قَصَدَهُ مِنْ وَعْظِهِ وَهُوَ امْتِثَالُهُمْ.

ص: 170

وَالْهَمْزَةُ لِلتَّسْوِيَةِ. وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [6] .

وَالْوَعْظُ: التَّخْوِيفُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ شَيْءٍ فِيهِ ضُرٌّ، وَالِاسْمُ الْمَوْعِظَةُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:

وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [46] .

وَمَعْنَى: أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَادِ الْمَوْصُوفِينَ بِالْوَاعِظِينَ، أَيْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَصْفِ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ أَشَدُّ فِي نَفْيِ الصِّفَةِ عَنْهُ مِنْ أَنْ لَوْ قِيلَ:

أَمْ لَمْ تَعِظْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [67]، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [56]، وَتَقَدَّمَ آنِفًا قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ نُوحٍ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشُّعَرَاء: 116] .

وَجُمْلَةُ: إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ: سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ، أَيْ كَانَ سَوَاءٌ عَلَيْنَا فَلَا نَتَّبِعُ وَعْظَكَ لِأَنَّ هَذَا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ.

وَالْإِشَارَةُ بِ هَذَا إِلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ لِلْفَرِيقَيْنِ حَاصِلٌ فِي مَقَامِ دَعْوَةِ هُودٍ إِيَّاهُمْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَقَوْلُهُ: خُلُقُ الْأَوَّلِينَ قَرَأَهُ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَعَاصِمٌ وَخَلَفٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ.

فَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ خُلُقُ بِضَمَّتَيْنِ، فَهُوَ السَّجِيَّةُ الْمُتَمَكِّنَةُ فِي النَّفْسِ بَاعِثَةٌ عَلَى عَمَلٍ يُنَاسِبُهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَقَدْ فُسِّرَ بِالْقُوَى النَّفْسِيَّةِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ قَاصِرٌ فَيَشْمَلُ طَبَائِعَ الْخَيْرِ وَطَبَائِعَ الشَّرِّ، وَلِذَلِكَ لَا يُعْرَفُ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ مِنَ اللَّفْظِ إِلَّا بِقَيْدٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ فَيُقَالُ:

خُلُقٌ حَسَنٌ، وَيُقَالُ فِي ضِدِّهِ: سُوءُ خُلُقٍ، أَوْ خُلُقٌ ذَمِيمٌ، قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [الْقَلَم: 4] .

وَفِي الْحَدِيثِ: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»

. فَإِذَا أُطْلِقَ عَنِ التَّقْيِيدِ انْصَرَفَ إِلَى الْخُلُقِ الْحَسَنِ، كَمَا قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي «الْمَقَامَةِ التَّاسِعَةِ» «وَخُلُقِي نِعْمَ الْعَوْنُ، وَبَيْنِي وَبَيْنَ جَارَاتِي بَوْنُ» أَيْ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ.

ص: 171

وَالْخُلُقُ فِي اصْطِلَاحِ الْحُكَمَاءِ: مَلَكَةٌ (أَيْ كَيْفِيَّةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ أَيْ مُتَمَكِّنَةٌ مِنَ الْفِكْرِ) تَصْدُرُ بِهَا عَنِ النَّفْسِ أَفْعَالُ صَاحِبِهَا بِدُونِ تَأَمُّلٍ.

فَخُلُقُ الْمَرْءِ مَجْمُوعُ غَرَائِزَ (أَيْ طَبَائِعُ نَفْسِيَّةٌ) مُؤْتَلِفَةٌ مِنَ انْطِبَاعٍ فِكْرِيٍّ: إِمَّا جِبِلِّيٌّ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ، وَإِمَّا كسبي ناشىء عَنْ تَمَرُّنِ الْفِكْرِ عَلَيْهِ وَتَقَلُّدِهِ إِيَّاهُ لِاسْتِحْسَانِهِ إِيَّاهُ عَنْ تَجْرِبَةِ نَفْعِهِ أَوْ عَنْ تَقْلِيدِ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ بَوَاعِثِ مَحَبَّةِ مَا شَاهَدَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى اخْتِيَارًا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ لِذَاتِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سِيرَةِ مَنْ يُحِبُّهُ وَيَقْتَدِي بِهِ وَيُسَمَّى تَقْلِيدًا، وَمُحَاوَلَتُهُ تُسَمَّى تَخَلُّقًا. قَالَ سَالِمُ بْنُ وَابِصَةَ:

عَلَيْكَ بِالْقَصِيدِ فِيمَا أَنْتَ فَاعِلُهُ

إِنِ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَهُ الْخُلُقُ

فَإِذَا اسْتَقَرَّ وَتَمَكَّنَ مِنَ النَّفْسِ صَارَ سَجِيَّةً لَهُ يَجْرِي أَعْمَالُهُ عَلَى مَا تُمْلِيهِ عَلَيْهِ وَتَأْمُرُهُ بِهِ نَفْسُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا، وَلَوْ رَامَ حَمْلَ نَفْسِهِ عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِمَا تُمْلِيهِ سَجِيَّتُهُ لَاسْتَصْغَرَ نَفْسَهُ وَإِرَادَتَهُ وَحَقَّرَ رَأْيَهُ. وَقَدْ يتَغَيَّر الْخلق تغييرا تَدْرِيجِيًّا بِسَبَبِ تَجْرِبَةِ انْجِرَارِ مَضَرَّةٍ مِنْ دَاعِيهِ، أَوْ بِسَبَبِ خَوْفِ عَاقِبَةٍ سَيِّئَةٍ مِنْ جَرَّائِهِ بِتَحْذِيرِ مَنْ هُوَ قُدْوَةٌ عِنْدَهُ لِاعْتِقَادِ نُصْحِهِ أَوْ لِخَوْفِ عِقَابِهِ. وَأَوَّلُ ذَلِكَ هُوَ الْمَوَاعِظُ الدِّينِيَّةُ.

وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُمْ أَرَادُوا مَدْحًا لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي أَصَرُّوا عَلَى عَدَمِ تَغْيِيرِهَا فَيَكُونَ أَرَادُوا أَنَّهَا خُلُقُ أَسْلَافِهِمْ وَأُسْوَتِهِمْ فَلَا يَقْبَلُوا فِيهِ عَذْلًا وَلَا مَلَامًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ أَمْثَالِهِمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا [إِبْرَاهِيم: 10] . فَالْإِشَارَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ الَّذِي نَهَاهُمْ عَنْهُ رَسُولُهُمْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا مَا يَدْعُو إِلَيْهِ رَسُولُهُمْ: أَيْ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ خُلُقِ أُنَاسٍ قَبْلَهُ، أَيْ مِنْ عَقَائِدِهِمْ وَمَا رَاضَوْا عَلَيْهِ أَنْفُسَهُمْ وَأَنَّهُ عَبَرَ عَلَيْهَا وَانْتَحَلَهَا، أَيْ مَا هُوَ بِإِذْنٍ مِنَ اللَّهِ

تَعَالَى كَمَا قَالَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الْأَنْعَام: 25] وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْفَرِيقِ الثَّانِي فَالْخَلْقُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرٌ هُوَ الْإِنْشَاءُ وَالتَّكْوِينُ، وَالْخَلْقُ أَيْضًا مَصْدَرُ خَلَقَ، إِذَا كَذَبَ فِي خَبَرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:

ص: 172

وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً [العنكبوت: 17] . وَتَقُولُ الْعَرَبُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ بِأَحَادِيثِ الْخَلْقِ وَهِيَ الْخُرَافَاتُ الْمُفْتَعَلَةُ، وَيُقَالُ لَهُ: اخْتِلَاقٌ بِصِيغَةٍ الِافْتِعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّكَلُّفِ وَالِاخْتِرَاعِ، قَالَ تَعَالَى:

إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ [ص: 7] وَذَلِكَ أَنَّ الْكَاذِبَ يَخْلُقُ خَبَرًا لَمْ يَقَعْ.

فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَن مَا تزعمه مِنَ الرِّسَالَةِ عَنِ اللَّهِ كَذِبٌ وَمَا تُخْبِرُنَا مِنَ الْبَعْثِ اخْتِلَاقٌ، فَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ حَيَاتَنَا كَحَيَاةِ الْأَوَّلِينَ نَحْيَا ثُمَّ نَمُوتُ، فَالْكَلَامُ عَلَى التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّكْذِيبِ بِالْبَعْثِ الَّذِي حَذَّرَهُمْ جَزَاءَهُ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الشُّعَرَاء: 135] يَقُولُونَ: كَمَا مَاتَ الْأَوَّلُونَ وَلَمْ يُبْعَثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ فَكَذَلِكَ نَحْيَا نَحْنُ ثُمَّ نَمُوتُ وَلَا نُبْعَثُ. وَهَذَا كَقَوْل الْمُشْركين ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [الجاثية: 25] فَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ إِلَى الْخُلُقِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَثْنَى. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ وَاحِدٌ مِنْهَا مَدْحٌ، وَاثْنَانِ ذمّ، وَوَاحِد ادِّعَاء.

وَجُمْلَةُ: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ عَلَى الْمَعَانِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ.

وَعَلَى الْمَعْنَى الرَّابِعِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِمْ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ تَصْرِيحًا بَعْدَ الْكِنَايَةِ. وَالْقَصْرُ قَصْرٌ إِضَافِيٌّ عَلَى الْمَعَانِي كُلِّهَا.

وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْمَ صَالِحٍ نَطَقُوا بِلُغَتِهِمْ جُمَلًا كَثِيرَةً تَنْحَلُّ إِلَى هَذِهِ الْمَعَانِي فَجَمَعَهَا الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ: إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ بِاحْتِمَالِ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَاخْتِلَافِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ خُلُقٍ فَلِلَّهِ إِيجَازُهُ وَإِعْجَازُهُ.

وَالْفَاءُ فِي فَكَذَّبُوهُ فَصِيحَةٌ، أَيْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ بِقَوْلِهِمْ: سَوَاءٌ عَلَيْنَا ذَلِكَ أَوَعَظْتَ إِلَخْ قَدْ كَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ.

وَقَوْلُهُ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً إِلَى آخِرِهِ هُوَ مِثْلُ نَظِيرِهِ فِي قصَّة نوح.

ص: 173