المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 128 إلى 130] - التحرير والتنوير - جـ ١٩

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 77]

- ‌26- سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌الْأَغْرَاضُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 20 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 30 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 46 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 50 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 53 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 57 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 61 الى 66]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 67 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 69 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 78 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 83 إِلَى 89]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 90 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 96 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 105 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 111 إِلَى 115]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 116 إِلَى 120]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 123 إِلَى 127]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 128 إِلَى 130]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 131 إِلَى 135]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 136 إِلَى 140]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 141 إِلَى 145]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 146 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 153 إِلَى 154]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 155 إِلَى 159]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 160 إِلَى 164]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 165 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 167 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 176 إِلَى 180]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 181 إِلَى 183]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 184]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 185 إِلَى 188]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 189]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 190 إِلَى 191]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 192 إِلَى 195]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 196 إِلَى 197]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 198 إِلَى 199]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 200 إِلَى 203]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 204 إِلَى 207]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 208]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 209]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 210 إِلَى 212]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 213]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 214]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 215]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 216]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 217 إِلَى 220]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 221 إِلَى 223]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 224 إِلَى 227]

- ‌27- سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 8 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 22 الى 26]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 29 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 42 الى 43]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 50 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 128 إلى 130]

وَتَفْرِيعُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ. وَحَذْفُ يَاءِ وَأَطِيعُونِ لِلْفَاصِلَةِ كَحَذْفِهَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ آنِفًا.

وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ عَادٍ وَهُودٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً فِي سُورَة الْأَعْرَاف [65] .

[128- 130]

[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 128 إِلَى 130]

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130)

رَأَى مِنْ قَوْمِهِ تَمَحُّضًا لِلشُّغْلِ بِأُمُورِ دُنْيَاهُمْ، وإعراضا عَن الْفِكر فِي الْآخِرَةِ وَالْعَمَلِ لَهَا وَالنَّظَرِ فِي الْعَاقِبَةِ، وَإِشْرَاكًا مَعَ اللَّهِ فِي إِلَهِيَّتِهِ، وَانْصِرَافًا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَأَعْمَرَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَزَادَهُمْ قُوَّةً عَلَى الْأُمَمِ، فَانْصَرَفَتْ هِمَّاتُهُمْ إِلَى التَّعَاظُمِ وَالتَّفَاخُرِ وَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ.

وَكَانَتْ عَادٌ قَدْ بَلَغُوا مَبْلَغًا عَظِيمًا مِنَ الْبَأْسِ وَعِظَمِ السُّلْطَانِ وَالتَّغَلُّبِ عَلَى الْبِلَادِ مِمَّا أَثَارَ قَوْلَهُمْ: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت: 15] فَقَدْ كَانَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ تَصِفُ الشَّيْءَ الْعَظِيمَ فِي نَوْعِهِ بِأَنَّهُ «عَادِيٌّ» وَكَانُوا أَهْلَ رَأْيٍ سَدِيدٍ وَرَجَاحَةَ أَحْلَامٍ، قَالَ وَدَّاكُ بْنُ ثُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ:

وَأَحْلَامُ عَادٍ لَا يَخَافُ جَلِيسُهُمْ

وَلَوْ نَطَقَ الْعُوَّارُ غَرْبَ لِسَانِ

وَقَالَ النَّابِغَةُ يَمْدَحُ غَسَّانَ:

أَحْلَامُ عَادٍ وَأَجْسَادٌ مُطَهَّرَةٌ

مِنَ الْمَعَقَّةِ وَالْآفَاتِ وَالْأَثَمِ

فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، وَتَفَنَّنُوا فِي إِرْضَاءِ الْهَوَى، وَأَقْبَلُوا عَلَى الْمَلَذَّاتِ وَاشْتَدَّ الْغُرُورُ بِأَنْفُسِهِمْ فَأَضَاعُوا الْجَانِبَ الْأَهَمَّ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ جَانِبُ الدِّينِ وَزَكَاءُ النَّفْسِ، وَأَهْمَلُوا أَنْ يَقْصِدُوا مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْمَقَاصِدَ النَّافِعَةَ وَنِيَّةَ إِرْضَاءِ اللَّهِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ لِحُبِّ الرِّئَاسَةِ وَالسُّمْعَةِ، فَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ، وَاسْتَخَفُّوا بِجَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَحْمَقُوا النَّاصِحِينَ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هُودًا فَفَاتَحَهُمْ بِالتَّوْبِيخِ عَلَى مَا فُتِنُوا بِالْإِعْجَابِ بِهِ وَبِذَمِّهِ إِذْ أَلْهَاهُمُ التَّنَافُسُ فِيهِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ فَنَبَذُوا اتِّبَاعَ الشَّرَائِعِ وَكَذَّبُوا الرَّسُولَ. فَمِنْ سَابِقِ أَعْمَالِ عَادٍ أَنَّهُمْ كَانُوا بَنَوْا فِي طُرُقِ أَسْفَارِهِمْ أَعْلَامًا وَمَنَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَى الطَّرِيقِ كَيْلَا يَضِلَّ

ص: 165

السَّائِرُونَ فِي تِلْكَ الرِّمَالِ الْمُتَنَقِّلَةِ الَّتِي لَا تَبْقَى فِيهَا آثَارُ السَّائِرِينَ وَاحْتَفَرُوا وَشَيَّدُوا مَصَانِعَ لِلْمِيَاهِ وَهِيَ الصَّهَارِيجُ تَجْمَعُ مَاءَ الْمَطَرِ فِي الشِّتَاءِ لِيَشْرَبَ مِنْهَا الْمُسَافِرُونَ وَيَنْتَفِعَ بِهَا الْحَاضِرُونَ فِي زَمَنِ قِلَّةِ الْأَمْطَارِ، وَبَنَوْا حُصُونًا وَقُصُورًا عَلَى أَشْرَافٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَهَذَا مِنَ الْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ فِي ذَاتِهَا لِأَنَّ فِيهَا حِفْظَ النَّاسِ مِنَ الْهَلَاكِ فِي الْفَيَافِي بِضَلَالِ الطُّرُقِ، وَمِنَ الْهَلَكَةِ عَطَشًا إِذَا فَقَدُوا الْمَاءَ وَقْتَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، فَمَتَى أُرِيدَ بِهَا رِضَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَفْعِ عَبِيدِهِ كَانَتْ جَدِيرَةً بِالثَّنَاءِ عَاجِلًا وَالثَّوَابِ آجِلًا.

فَأَمَّا إِذَا أُهْمِلَ إِرْضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا وَاتُّخِذَتْ لِلرِّيَاءِ وَالْغُرُورِ بِالْعَظَمَةِ وَكَانُوا مُعْرِضِينَ عَنِ التَّوْحِيدِ وَعَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ انْقَلَبَتْ عَظَمَةً دُنْيَوِيَّةً مَحْضَةً لَا يُنْظَرُ فِيهَا إِلَى جَانِبِ النَّفْعِ وَلَا تَحُثُّ النَّاسَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ فِي تَأْسِيسِ أَمْثَالِهَا وَقُصَارَاهَا التَّمَدُّحُ بِمَا وَجَدُوهُ مِنْهَا. فَصَارَ وُجُودُهَا شَبِيهًا بِالْعَبَثِ لِأَنَّهَا خَلَتْ عَنْ رُوحِ الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ فَلَا عِبْرَةَ عِنْدَ اللَّهِ بِهَا لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ لِيَكُونَ مَظْهَرَ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ. وَكَانُوا أَيْضًا فِي الْإِعْرَاضِ عَنِ الْآخِرَةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى التَّزَوُّدِ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَحْسَبُونَ أَنْفُسَهُمْ خَالِدِينَ فِي الدُّنْيَا.

وَالْأَعْمَالُ إِذَا خَلَتْ عَنْ مُرَاعَاةِ الْمَقَاصِدِ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى اخْتَلَفَتْ مَشَارِبُ عَامِلِيهَا طَرَائِقَ قِدَدًا عَلَى اخْتِلَافِ الْهِمَمِ وَاجْتِلَابِ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ، فَلِذَلِكَ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُهُمْ بِالِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ عَلَى سُنَّةِ الْمَوَاعِظِ فَإِنَّهَا تُبْنَى عَلَى مُرَاعَاةِ مَا فِي الْأَعْمَالِ مِنَ الضُّرِّ الرَّاجِحِ عَلَى النَّفْعِ، فَلَا يَلْفِتُ الْوَاعِظُ إِلَى مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ فِي الْأَعْمَالِ مِنْ مَرْجُوحٍ إِذَا كَانَ ذَلِكَ النَّفْعُ مَرْغُوبًا لِلنَّاسِ، فَإِنَّ بَاعِثَ الرَّغْبَةِ الْمُنْبَثَّ فِي النَّاسِ مُغْنٍ عَنْ تَرْغِيبِهِمْ فِيهِ، وَتَصَدِّي الْوَاعِظِ لِذَلِكَ فُضُولٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الْمَقْصِدِ بِتَحْذِيرِهِمْ أَوْ تَحْرِيضِهِمْ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، إِذا كَانَ الْبَاعِثُ عَلَى الْخَيْرِ مَفْقُودًا أَوْ ضَئِيلًا. وَقَدْ كَانَ هَذَا الْمَقَامُ مَقَامَ مَوْعِظَةٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ [الشُّعَرَاء:

136] . وَمَقَامُ الْمَوْعِظَةِ أَوْسَعُ مِنْ مَقَامِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، فَمَوْعِظَةُ هُودٍ عليه السلام مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْأَدْوَاءِ الرُّوحِيَّةِ، وَلَيْسَ فِي مَوْعِظَتِهِ أَمْرٌ بِتَغْيِيرِ مَا بَنَوْهُ مِنَ الْعَلَامَاتِ وَلَا مَا اتَّخَذُوهُ مِنَ الْمَصَانِعِ.

وَلَمَّا صَارَ أَثَرُ الْبِنَاءِ شَاغِلًا عَنِ الْمَقْصِدِ النَّافِعِ لِلْحَيَاةِ فِي الْآخِرَةِ نُزِّلَ فِعْلُهُمْ

ص: 166

الْمُفْضِي إِلَى الْعَبَثِ مَنْزِلَةَ الْفِعْلِ الَّذِي أُرِيدَ مِنْهُ الْعَبَثُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الْبِنَاءَ بِإِدْخَالِ هَمْزَةِ الْإِنْكَارِ عَلَى فِعْلِ تَبْنُونَ، وَقُيِّدَ بِجُمْلَةِ: تَعْبَثُونَ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تَبْنُونَ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمَّا بَنَوْا ذَلِكَ مَا أَرَادُوا بِفِعْلِهِمْ عَبَثًا، فَمَنَاطُ الْإِنْكَارِ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ هُوَ الْبِنَاءُ الْمُقَيَّدُ بِالْعَبَثِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ انْصَرَفَ إِلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ.

وَكَذَلِكَ الْمَعْطُوفُ عَلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ وَهُوَ جُمْلَةُ: وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ هُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْإِنْكَار ومقيّد بجملة الْحَال المقيّد بِهَا الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَالَ الْمُتَوَسِّطَةَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ تَرْجِعُ إِلَى كِلْتَيْهِمَا عَلَى رَأْيِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ أُصُولِ الْفِقْهِ لَا سِيَّمَا إِذَا قَامَتِ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَعْيِينِ الْبِنَاءِ وَالْآيَاتِ وَالْمَصَانِعِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي بَعْضِ مَا قَالُوهُ مَا هُوَ متمحّض لِلَّهْوِ وَالْعَبَثِ وَالْفَسَادِ، وَفِي بَعْضِهِ مَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِبَاحَةُ، وَفِي بَعْضِهِ مَا هُوَ صَلَاحٌ وَنَفْعٌ كَمَا سَيَأْتِي.

وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ: أَتَبْنُونَ فِي مَوْضِعِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ لِجُمْلَةِ: أَلا تَتَّقُونَ [الشُّعَرَاء:

124] فَإِنَّ مَضْمُونَهَا مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّقْوَى الَّذِي تَسَلَّطَ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَهُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ.

وَالرِّيعُ بِكَسْرِ الرَّاءِ: الشَّرَفُ، أَيِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، كَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالطَّرِيقُ وَالْفَجُّ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، كَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ.

وَالْآيَة: الْعَلامَة الدّلَالَة عَلَى الطَّرِيقِ، وَتُطْلَقُ الْآيَةُ عَلَى الْمَصْنُوعِ الْمُعْجِبِ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى إِتْقَانِ صَانِعِهِ أَوْ عَظَمَةِ صَاحِبِهِ.

وَ (كُلِّ) مُسْتَعْمَلٌ فِي الْكَثْرَةِ، أَيْ فِي الْأَرْيَاعِ الْمُشْرِفَةِ عَلَى الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ، وَالْعَبَثُ:

الْعَمَلُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ نَفْعٍ فِيهِ.

وَالْمَصَانِعُ: جَمْعُ مَصْنَعٍ وَأَصْلُهُ مَفْعَلٌ مُشْتَقٌّ مِنْ صَنَعَ فَهُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ وُصِفَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ، فَقِيلَ: هُوَ الْجَابِيَةُ الْمَحْفُورَةُ فِي الْأَرْضِ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ: مَبْنِيَّةٌ بِالْجِيرِ يُخَزَّنُ بِهَا الْمَاءُ وَيُسَمَّى صِهْرِيجًا وَمَاجِلًا، وَقِيلَ: قُصُورٌ وَهُوَ عَنْ مُجَاهِدٍ.

وَكَانَتْ بِلَادُ عَادٍ مَا بَيْنَ عَمَّانَ وَحَضْرَمَوْتَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَمُتَغَلْغِلَةً فِي الشَّمَالِ إِلَى الرِّمَالِ وَهِيَ الْأَحْقَاقُ.

ص: 167

وَجُمْلَةُ: لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَ (لَعَلَّ) لِلتَّرَجِّي، وَهُوَ طَلَبُ الْمُتَكَلِّمِ شَيْئًا مُسْتَقْرَبَ الْحُصُولِ، وَالْكَلَامُ تَهَكُّمٌ بِهِمْ، أَيْ أَرْجُو لَكُمُ الْخُلُودَ بِسَبَبِ تِلْكَ الْمَصَانِعِ. وَقِيلَ:

جَعَلَتْ عَادٌ بِنَايَاتٍ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ عَلَى الطُّرُقِ يَعْبَثُونَ فِيهَا وَيَسْخَرُونَ بِالْمَارَّةِ. وَقَدْ يُفَسَّرُ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأُمَّةَ فِي حَالِ انْحِطَاطِهَا حَوَّلَتْ مَا كَانَ مَوْضُوعًا لِلْمَصَالِحِ إِلَى مَفَاسِدَ فَعَمَدُوا إِلَى مَا كَانَ مَبْنِيًّا لِقَصْدِ تَيْسِيرِ السَّيْرِ وَالْأَمْنِ عَلَى السَّابِلَةِ مِنَ الضَّلَالِ فِي الْفَيَافِي الْمُهْلِكَةِ فَجَعَلُوهُ مَكَامِنَ لَهْوٍ وَسُخْرِيَةٍ، كَمَا اتُّخِذَتْ بَعْضُ أَدْيِرَةِ النَّصَارَى فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَجَالِسَ خَمْرٍ، وَكَمَا أَدْرَكْنَا الصَّهَارِيجَ الَّتِي فِي قَرْطَاجَنَّةَ كَانَتْ خَزَّانًا لِمِيَاهِ زَغْوَانَ الْمُنْسَابَةِ إِلَيْهَا عَلَى الْحَنَايَا فَرَأَيْنَاهَا مَكَامِنَ لِلِّصُوصِ وَمَخَازِنَ لِلدَّوَابِّ إِلَى أَوَّلِ هَذَا الْقَرْنِ سَنَةَ 1303 هـ.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمَصَانِعَ قُصُورٌ عَظِيمَةٌ اتَّخَذُوهَا فَيَكُونُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْإِسْرَافِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى أَبْنِيَةٍ رَاسِخَةٍ مَكِينَةٍ كَأَنَّهَا تَمْنَعُهُمْ مِنَ الْمَوْتِ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ مَسُوقًا مَسَاقَ الْمَوْعِظَةِ مِنَ التَّوَغُّلِ فِي التَّرَفِ وَالتَّعَاظُمِ. هَذَا مَا اسْتَخْلَصْنَاهُ مِنْ كَلِمَاتٍ انْتَثَرَتْ فِي أَقْوَالٍ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى حِيرَةٍ مِنْ خِلَالِ كَلَامِهِمْ فِي تَوْجِيهِ إِنْكَارِ هُودٍ عَلَى قَوْمِهِ عَمَلَيْنِ كَانَا مَعْدُودَيْنِ فِي النَّافِعِ مِنْ أَعْمَالِ الْأُمَمِ، وَأَحْسَبُ أَنْ قَدْ أَزَلْنَا تِلْكَ الْحَيْرَةَ.

وَقَوْلُهُ: وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ أَعْقَبَ بِهِ مَوْعِظَتَهُمْ عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا بِأَنَّ وَعْظَهُمْ عَلَى الشِّدَّةِ عَلَى الْخَلْقِ فِي الْعُقُوبَةِ، وَهَذَا مِنْ عَدَمِ التَّوَازُنِ فِي الْعُقُولِ فَهُمْ يَبْنُونَ الْعَلَامَاتِ لِإِرْشَادِ السَّابِلَةِ وَيَصْطَنِعُونَ الْمَصَانِعَ لِإِغَاثَةِ الْعِطَاشِ فَكَيْفَ يُلَاقِي هَذَا التَّفْكِيرُ تَفْكِيرًا بِالْإِفْرَاطِ فِي الشِّدَّةِ عَلَى النَّاسِ فِي الْبَطْشِ بِهِمْ، أَيْ عُقُوبَتِهِمْ.

وَالْبَطْشُ: الضَّرْبُ عِنْدَ الْغَضَبِ بِسَوْطٍ أَوْ سَيْفٍ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ [195] .

وجَبَّارِينَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ بَطَشْتُمْ وَهُوَ جَمْعُ جَبَّارٍ، وَالْجَبَّارُ: الشَّدِيدُ فِي غَيْرِ الْحَقِّ، فَالْمَعْنَى: إِذَا بَطَشْتُمْ كَانَ بَطْشُكُمْ فِي حَالَةِ التَّجَبُّرِ، أَيِ الْإِفْرَاطُ فِي الْأَذَى وَهُوَ ظُلْمٌ، قَالَ تَعَالَى: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ [الْقَصَص: 19] . وَشَأْنُ الْعِقَابِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَدٌّ مُنَاسِبٌ لِلذَّنْبِ

ص: 168