المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 111 إلى 115] - التحرير والتنوير - جـ ١٩

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 77]

- ‌26- سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌الْأَغْرَاضُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 20 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 30 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 46 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 50 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 53 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 57 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 61 الى 66]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 67 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 69 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 78 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 83 إِلَى 89]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 90 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 96 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 105 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 111 إِلَى 115]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 116 إِلَى 120]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 123 إِلَى 127]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 128 إِلَى 130]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 131 إِلَى 135]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 136 إِلَى 140]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 141 إِلَى 145]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 146 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 153 إِلَى 154]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 155 إِلَى 159]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 160 إِلَى 164]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 165 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 167 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 176 إِلَى 180]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 181 إِلَى 183]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 184]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 185 إِلَى 188]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 189]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 190 إِلَى 191]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 192 إِلَى 195]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 196 إِلَى 197]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 198 إِلَى 199]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 200 إِلَى 203]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 204 إِلَى 207]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 208]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 209]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 210 إِلَى 212]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 213]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 214]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 215]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : آيَة 216]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 217 إِلَى 220]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 221 إِلَى 223]

- ‌[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 224 إِلَى 227]

- ‌27- سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 8 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 22 الى 26]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 29 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 42 الى 43]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 50 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة النَّمْل (27) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 111 إلى 115]

الْقِصَّةِ الْمَسُوقَةِ مَثَلًا لِلْمُشْرِكِينَ فِي تَكْذِيبِهِمْ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم تَعْرِيضٌ بِهِمْ إِذْ كَذَّبُوهُ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَدْعُونَهُ الْأَمِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَمِينٌ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ عَلَى الْأُمَّةِ الَّتِي أُرْسِلَ إِلَيْهَا. وَالتَّأْكِيدُ أَيْضًا لِتَوَقُّعِ الْإِنْكَارِ مِنْهُمْ.

وَجُمْلَة: وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أَيْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَمِينٌ لَكُمْ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي لَا أَطْلُبُ مِنْ دَعْوَتِكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ نَفْعًا لِنَفْسِي.

وَضَمِيرُ عَلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنْ مَقَامِ الدَّعْوَةِ.

وَقَوْلُهُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ: أَلا تَتَّقُونَ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ. وَكَرَّرَ جُمْلَةَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ فَيَكُونُ قَدِ افْتَتَحَ دَعْوَتَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ تَرْكِ التَّقْوَى ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَعَادَ مَا تَقْتَضِيهِ جُمْلَةُ الِاسْتِفْتَاحِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بقوله: وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، ثُمَّ أَعَادَ جُمْلَةَ الدَّعْوَةِ فِي آخِرِ كَلَامِهِ إِذْ قَالَ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِمَنْزِلَةِ النَّتِيجَةِ لِلدَّعْوَةِ وَلِتَعْلِيلِهَا.

وَحُذِفَتِ الْيَاءُ مِنْ أَطِيعُونِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا حُذِفَتْ فِي قَوْلِهِ: فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ [الشُّعَرَاء: 14] فِي أَوَائِلِ السُّورَةِ.

وَفِي قَوْلِهِ: إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ إِشَارَةٌ إِلَى يَوْمِ الْجَزَاءِ وَكَانُوا يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ نُوحٍ [17، 18] وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ نُوحٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً فِي آل عمرَان [33] .

[111- 115]

[سُورَة الشُّعَرَاء (26) : الْآيَات 111 إِلَى 115]

قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسابُهُمْ إِلَاّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (115)

جُمْلَةُ: قالُوا اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمَا يُثِيرُهُ قَوْلُهُ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ [الشُّعَرَاء: 105] مِنَ اسْتِشْرَافِ السَّامِعِ لِمَعْرِفَةِ مَا دَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُوحٍ مِنْ حِوَارٍ، وَلِذَلِكَ حُكَيَتْ مُجَادَلَتُهُمْ بِطَرِيقَةِ: قَالُوا، وَقَالَ. وَالْقَائِلُونَ: هُمْ كبراء الْقَوْم الَّذين تَصَدَّوْا لِمُحَاوَرَةِ نُوحٍ.

ص: 159

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَنُؤْمِنُ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَا نُؤْمِنُ لَكَ وَقَدِ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ فَجُمْلَةُ: وَاتَّبَعَكَ حَالِيَّةٌ.

والْأَرْذَلُونَ: سَقَطُ الْقَوْمِ مَوْصُوفُونَ بِالرَّذَالَةِ وَهِيَ الْخِسَّةُ وَالْحَقَارَةُ، أَرَادُوا بِهِمْ ضُعَفَاءَ الْقَوْمِ وَفُقَرَاءَهُمْ فَتَكَبَّرُوا وَتَعَاظَمُوا أَنْ يَكُونُوا وَالضُّعَفَاءُ سَوَاءً فِي اتِّبَاعِ نُوحٍ. وَهَذَا كَمَا قَالَ عُظَمَاءُ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ:

أَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ اطْرُدْهُمْ عَنْكَ فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ أَنْ نَتَّبِعَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:

وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ [52] .

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَاتَّبَعَكَ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ مُضِيٍّ مِنْ صِيغَةِ الِافْتِعَالِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِهِ أَوْ كَانُوا أَكْثَرَ أَتْبَاعِهِ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ وَأَتْبَاعُكَ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ تَابِعٍ. وَالْمَعْنَى:

أَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ لَا غَيْرُهُمْ فَالصِّيغَةُ صِيغَةُ قَصْرٍ.

وَجَوَابُ نُوحٍ عَنْ كَلَامِ قَوْمِهِ يَحْتَاجُ إِلَى تَدْقِيقٍ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ. فَأَمَّا لَفْظُهُ فَاقْتِرَانُ

أَوَّلِهِ بِالْوَاوِ يَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَى كَلَامِ قَوْمِهِ تَنْبِيهًا عَلَى اتِّصَالِهِ بِكَلَامِهِمْ. وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ مُبَادَرَتِهِ بِالْجَوَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [الْبَقَرَة: 124] بَعْدَ قَوْلِهِ: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [الْبَقَرَة: 124] . وَيُسَمَّى عَطْفُ تَلْقِينٍ مُرَاعَاةً لِوُقُوعِهِ فِي تِلْكَ الْآيَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُسَمَّى عَطْفَ تَكْمِيلٍ.

وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ قَوْمَهُ فَصَّلُوا إِجْمَالَ وَصْفِهِمْ أَتْبَاعَهُ بِالْأَرْذَلِينَ بِأَنْ بَيَّنُوا أَوْصَافًا مِنْ أَحْوَالِ أَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَا يَعْبَأُ النَّاسُ بِهِمْ فَأَتَى بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْ عِلْمِهِ اسْتِفْهَامًا مُسْتَعْمَلًا فِي قِلَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِالْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قِلَّةِ جَدْوَاهُ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَنِ الشَّيْءِ يُؤْذِنُ بِالْجَهْلِ بِهِ، وَالْجَهْلُ تُلَازِمُهُ قِلَّةُ الْعِنَايَةِ بِالْمَجْهُولِ وَضَعْفُ شَأْنِهِ، كَمَا يُقَالُ لَكَ: يُهَدِّدُكَ فُلَانٌ، فَتَقُولُ: وَمَا فُلَانُ، أَيْ لَا يَعْبَأُ بِهِ. وَفِي خَبَرِ وَهْبِ بْنِ كِيسَانَ عَنْ جَابِرِ ابْن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً فَقَالَ وَهْبٌ: قُلْتُ وَمَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ.

ص: 160

وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ حَتَّى أَشْتَغِلَ بِتَحْصِيلِ عِلْمِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَعْمَالِهِمْ بِمَا يُنَاسِبُ مَرَاتِبَهُمْ فَأَنَا لَا أَهْتَمُّ بِمَا قَبْلَ إِيمَانِهِمْ.

وَضُمِّنَ عِلْمِي مَعْنَى اشْتِغَالِي وَاهْتِمَامِي فعدّي بِالْبَاء.

وبِما كانُوا يَعْمَلُونَ مَوْصُول مَا صدقه الْحَالَةُ لِأَنَّ الْحَالَةَ لَا تَخْلُو مِنْ عَمَلٍ.

فَالْمَعْنَى: وَمَا عِلْمِي بِأَعْمَالِهِمْ. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَحَدٍ: مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ أَيْ مَا خَبَرُهُ وَمَا حَالُهُ؟ وَمِنْهُ

قَوْلُ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّبِيِّ الْأَنْصَارِيِّ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»

لِطَائِرٍ يُسَمَّى النُّغَرَ (بِوَزْنِ صُرَدٍ) وَهُوَ مِنْ نَوْعِ الْبُلْبُلِ كَانَ عِنْدَ الصَّبِيِّ يَلْعَبُ بِهِ، وَمِنْهُ

قَوْلُهُ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنِ الَّذِينَ مَاتُوا مِنْ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ»

أَيْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِمْ، فَهُوَ إِمْسَاكٌ عَنِ الْجَوَابِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: مَا بَالُهُ، أَيْ مَا حَالُهُ؟.

وَفِعْلُ كانُوا مَزِيدٌ بَيْنَ (مَا) الْمَوْصُولَةِ وَصِلَتِهَا لِإِفَادَةِ التَّأْكِيدِ، أَيْ تَأْكِيدِ مَدْلُولِ «مَا عِلْمِي بِمَا يَعْمَلُونَ» . وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ عِلْمِي بِمَا يَعْمَلُونَ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا كَانُوا عَمِلُوهُ مِنْ قَبْلُ. وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: بِما كانُوا فَاعِلٌ وَلَيْسَتِ اسْمًا لِ (كَانَ) لِأَنَّ (كَانَ) الزَّائِدَةَ لَا تَنْصُبُ الْخَبَرَ.

وَشَمَلَ قَوْلُهُ: بِما كانُوا يَعْمَلُونَ جَمِيعَ أَحْوَالِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن.

و (الْحساب) حَقِيقَتُهُ: العدّ، وَاسْتعْمل فِي معنى تمحيص الْأَعْمَال وَتَحْقِيق ظواهرها وبواطنها بِحَيْثُ لَا يفوت مِنْهَا شَيْء أَو يشْتَبه.

وَالْمعْنَى: أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى مُعَامَلَتَهُمْ بِمَا أَسْلَفُوا وَمَا يَعْمَلُونَ وَبِحَقَائِقِ أَعْمَالِهِمْ. وَهَذَا الْمَقَالُ اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ مِنْ شُمُولِهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمُ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ الَّتِي مِنْهَا مَا يُحَاسَبُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَ الرَّسُولِ الْمُشَرِّعِ، فَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْإِرْشَادِ فِي عَدَمِ إِهْمَالِ فُرْصَتِهِ. وَهَذَا

كَقَوْلِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا قَالُوهَا (أَيْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»

، أَيْ تَحْقِيقُ مُطَابَقَةِ بَاطِنِهِمْ لِظَاهِرِهِمْ عَلَى اللَّهِ.

ص: 161

وَزَادَ نُوحٌ قَوْلَهُ بَيَانًا بِقَوْلِهِ: وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ فِي سُورَةِ هُودٍ [31] .

وَالْقَصْرُ فِي قَوْلِهِ: إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى الصِّفَةِ، وَالْمَوْصُوفُ هُوَ حِسابُهُمْ وَالصِّفَةُ هِيَ عَلى رَبِّي، لِأَنَّ الْمَجْرُورَ الْخَبَرَ فِي قُوَّةِ الْوَصْفِ، فَإِنَّ الْمَجْرُورَاتِ وَالظُّرُوفَ الْوَاقِعَةَ أَخْبَارًا تَتَضَمَّنُ مَعْنًى يَتَّصِفُ بِهِ الْمُبْتَدَأُ وَهُوَ الْحُصُولُ وَالثُّبُوتُ الْمُقَدَّرُ فِي الْكَلَامِ بِكَائِنٍ أَوْ مُسْتَقِرٍّ كَمَا بَيَّنَهُ عُلَمَاءُ النَّحْوِ. وَالتَّقْدِيرُ:

حِسَابُهُمْ مَقْصُورٌ عَلَى الِاتِّصَافِ بِمَدْلُولِ عَلى رَبِّي. وَكَذَلِكَ قَدَّرَهُ السَّكَّاكِيُّ فِي «الْمِفْتَاحِ» ، وَهُوَ قَصْرُ إِفْرَادٍ إِضَافِيٍّ، أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْكَوْنُ عَلَى رَبِّي إِلَى الِاتِّصَافِ بِكَوْنِهِ عَلَيَّ. وَهُوَ رَدٌّ لِمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ قَوْمِهِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِإِبْعَادِ الَّذِينَ آمَنُوا لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَكُونُوا مُسَاوِينَ لَهُمْ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي طَلَبَهُ نُوحٌ مِنْ قَوْمِهِ.

وَقَوْلُهُ: لَوْ تَشْعُرُونَ تَجْهِيلٌ لَهُمْ وَرَغْمٌ لِغُرُورِهِمْ وَإِعْجَابِهِمُ الْبَاطِلِ. وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ. وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ تَشْعُرُونَ لَشَعَرْتُمْ بِأَنَّ حِسَابَهُمْ عَلَى اللَّهِ لَا عَلَيَّ فَلِمَا سَأَلْتُمُونِيهِ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَهَّلَهُمْ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ هُودٍ [29] وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (1) .

هَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ الَّذِي يُطَابِقُ نَظْمَ الْآيَةِ وَمَعْنَاهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى زِيَادَاتٍ وَفُرُوضٍ.

وَالْمُفَسِّرُونَ نَحَوْا مَنْحَى تَأْوِيلِ الْأَرْذَلُونَ أَنَّهُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِالرَّذَالَةِ الدَّنِيَّةِ، أَيِ الطَّعْنُ فِي صِدْقِ إِيمَانِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَجَعَلُوا قَوْلَهُ: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ تَبَرُّؤًا مِنَ الْكَشْفِ عَلَى ضَمَائِرِهِمْ وَصِحَّةِ إِيمَانِهِمْ. وَلَعَلَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ هُوَ لَفْظُ الْحِسَابِ فِي قَوْلِهِ: إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي، فَحَمَلُوهُ عَلَى الْحِسَابِ الَّذِي يَقَعُ يَوْمَ الْجَزَاءِ وَذَلِكَ لَا يُثْلَجُ لَهُ الصَّدْرُ.

وَعُطِفَ قَوْلُهُ: وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَوْلِهِ: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فَبَعْدَ أَنْ أَبْطَلَ مُقْتَضَى طَرْدِهِمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ.

وَجُمْلَةُ: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ، أَيْ لِأَنَّ وَصْفِي يَصْرِفُنِي عَنْ مُوَافَقَتِكُمْ.

(1) فِي المطبوعة: (وَلَكِنَّكُمْ قوم تجهلون) وَهُوَ خطأ، والمثبت هُوَ الصَّوَاب وَالله أعلم.

ص: 162