الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف كان الناس يعرفون منتصف الليل
؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
من المعروف أن أوقات الصلوات تعرف من خلال حركة الشمس، وكما هو معروف بأن للعشاء وقتاً اختيارياً وضرورياً، فالاختياري يبدأ من غياب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، والضروري من منتصف الليل إلى طلوع الفجر على الرأي الذي يرى ذلك.
والسؤال هو: كيف كان يُعّرفُ منتصف الليل؟ لمعرفة انتهاء الوقت الاختياري ودخول وقت الضرورة لصلاة العشاء؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ففي الزمن الماضي كان يعرف منتصف الليل ببعض القرائن أو الأدلة الكونية، والتي تدل على انتصاف الليل دلالة ظنية، فيبنى على هذا الظن الغالب بأن الليل قد انتصف، والأحكام في شريعتنا الإسلامية مبنية على اليقين، وعلى غلبة الظن، وهذا من التيسير على المكلفين، ولذا كان تحديد نصف الليل في ذلك الزمن مبنياً على التقدير والظن، والذي ربما زاد فيه التقدير عن نصف الليل قليلاً أو زاد منه قليلاً؛ لرفع الحرج عن ذلك، كما أشارت إليه الآيات الكريمات في سورة المزمل "قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقصه منه قليلاً أو زد عليه
…
" قال البغوي في تفسير هذه الآيات كما في معالم التنزيل (8/249) ما نصه:"
…
وكان النبي صلى الله عليه وسلم-وأصحابه يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل، ومتى نصف الليل، ومتى الثلثان، فكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة ألا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم، فرحمهم الله - تعالى - وخفف عنهم
…
" أ. هـ. وفي آخر السورة قال - تعالى -:"
…
والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم" قال البغوي تعليقاً على هذه الآية (8/257) : (لن تطيقوا معرفة ذلك..) أ. هـ حكى هذا عن الحسن البصري وعن مقاتل -رحمهما الله تعالى-.
ومن تلك الأدلة الكونية الدالة على انتصاف الليل مغيب الشفق الأبيض، كما نقل ذلك ابن الجوزي في زاد المسير (9/65) عن ابن قتيبة حيث قال: (فأما الشفق، فقال ابن قتيبة: هما شفقان: الأحمر والأبيض؛ فالأحمر من لدن غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء ثم يغيب، ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل
…
) أ. هـ، وغالباً ما يستدل الأولون بمغيب نجم أو بظهوره على الأوقات الليلية، ومن ذلك الاستدلال على الأوقات بمنازل القمر في بعض الليالي، كما يشير إلى ذلك حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:"أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة" أخرجه أبو داود (419) والترمذي (165) وسنده صحيح كما قاله ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/252-253) ، والله - تعالى - أعلم.