الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مواطن رفع اليدين في الصلاة
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 07/06/1426هـ
السؤال
رواية الطحاوي وابن أبي شيبة، عن الأسود أنه قال: رأيت عمر بن الخطاب يرفع يديه في التكبيرة الأولى ثم لا يعود إلى ذلك. هل هذا الحديث صحيح؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فالأثر المشار إليه في السؤال أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2454)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن حسن بن عياش، عن عبد الملك بن أبجر، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: صليت مع عمر، فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلا حين افتتح الصلاة.
قال عبد الملك ورأيت الشعبي وإبراهيم وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين يفتتحون الصلاة.
وهذا الأثر إسناده صحيح، وهو يدل على أن عمر رضي الله عنه كان لا يرفع يديه إلا عند تكبيرة الإحرام، ولكن دلت أحاديث أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم وآثار عن الصحابة على مشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، ومن ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ. أخرجه البخاري (735) ومسلم (390) .
فالحديث يدل على مشروعية رفع اليدين في حال افتتاح الصلاة، وإذا كبَّر للركوع وعند الرفع من الركوع، فهذه ثلاثة مواطن، وهناك موطن رابع وهو الرفع إذا قام من الركعتين بعد التشهد، ففي صحيح البخاري (739) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَال: َ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.
فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وأما ما عداها فلم يثبت فيها رفع اليدين، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما شواهد كثيرة ذكر البخاري في جزء رفع اليدين أنه رواه سبعة عشر رجلاً من الصحابة، وذكر الحافظ العراقي أنه تتبع من رواه فبلغوا خمسين رجلاً.
ورفع اليدين في هذه المواطن من الأمور المستحبة المندوب إليها، وليست من الأمور الواجبة، قال الإمام النووي: "أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا فيما سواها، فقال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم: يستحب رفعهما أيضا عند الركوع وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وللشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رابع، وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب، فقد صحَّ فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله رواه البخاري، وصحَّ أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام، وهو أشهر الروايات عن مالك وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع
…
" شرح النووي على مسلم (4/95) .
ومن الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم الدالة على مشروعية رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2430) بإسناد صحيح عن عطاء بن أبي رباح قال: رأيت أبا سعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم يرفعون أيديهم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع، وعند الرفع منه.
وأخرج عبد الرزاق (2525) بإسناد صحيح عن الحسن بن موسى، قال: سمعت طاووساً وهو يسأل عن رفع اليدين في الصلاة، فقال: رأيت عبد الله وعبد الله وعبد الله، يرفعون أيديهم في الصلاة، لعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير.
والله أعلم.