الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجهزة الصدى في الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 1/05/1425هـ
السؤال
ما حكم استخدام الصدى أثناء الصلاة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن الشارع الحكيم قد ندب إلى تحسين الصوت بالقراءة، ومن ذلك قول نبينا صلى الله عليه وسلم:"ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن، يجهر به" أخرجه مسلم في صحيحه (1/545، رقم 792) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه والأحاديث في هذا كثيرة.
ولذا فإن جهاز الصدى (تردد الصوت) ، إذا ضبط على وضع يحسِّن الصوت بدون تردد زائد يؤثر في الفهم أو يشوش على السامع، فإنه لا بأس به، ويمكن أن يستدل لهذا بحديث الترجيع الوارد في صحيح البخاري (4/1830، رقم 4555) ، عن معاوية بن قرة عن
عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: "قرأ النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها، قال معاوية - يعني: ابن قرة- لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لفعلت" قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/92) : الترجيع: هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديد في الحلق، وقد فسره بقوله: أاأ بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة، ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه، والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل.." اهـ.
فهذا الحديث المشار إليه وما قاله الحافظ ابن حجر يمكن أن يستأنس به في هذا الباب، وقد علق أبوبكر بن العربي على حديث عبد الله بن مغفل بقوله في أحكام القرآن (4/4) : واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى رضي الله عنه للنبي عليه الصلاة والسلام" لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً" رواه البيهقي في السنن الكبرى (4371) ، وأصله في الصحيحين البخاري (5048)، ومسلم (793) يريد: لجعلته لك أنواعاً حساناً وهو التلحين.. وقد سمعت تاج القراء ابن لفته بجامع عمرو يقرأ "ومن الليل فتهجد به نافلة لك"[الإسراء: 79] ، فكأني ما سمعت الآية قط، وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة (كهيعص) فكأني ما سمعتها قط.. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها
…
" اهـ.
أما إن كان جهاز الصدى على وضع زائد في التردد بحيث ربما يشوش على المصلي، ويفوت عليه الخشوع، وربما ظن السامع زيادة بعض الحروف في الكلمة الواحدة، فهو حينئذ مناقض لمقصود الشارع من تحسين الصوت، فأقل أحواله الكراهة، بل ذهب بعض المعاصرين إلى تحريم استعماله حينئذ، ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله كما في مجموع الفتاوى والرسائل له (15/160) ، وهو قول قوي. والله تعالى أعلم.