الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
ما آراء أئمة الإسلام الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل) بخصوص وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع؟ أريد آراء هؤلاء الأئمة بالتحديد.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
1-
مذهب الإمام أبي حنيفة: المنصوص عند الحنفية أن مذهبهم هو إرسال اليدين. قال في الفتاوى الهندية: ويرسل اتفاقًا في قومة الركوع؛ إذ الذكر سنة الانتقال لا القومة. (1/73) .
2-
مذهب الإمام مالك: المذهب عند المالكية، كما رواه ابن القاسم عن مالك قال: وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة. وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه. المدونة (1/169-170) . وقال ابن رشد: وأما استحباباتها- يعني الصلاة- فثمان عشرة ......ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقد كرهه مالك في المدونة، ومعنى كراهيته أن يُعدَّ من واجبات الصلاة. المقدمات الممهدات (1/164) .
3-
مذهب الإمام الشافعي: المذهب عند الشافعية إرسال اليدين. قال ابن حجر الهيثمي: إن المعتمد أنه يرسلهما ولا يجعلهما تحت صدره. وقال: وظاهر كلامهم هنا بل صريحه أنه لا يجعلهما تحت صدره. الفتاوى الفقهية الكبرى (1/150) .
وما سبق ذكره عن المالكية والشافعية عام، فيشمل جميع أحوال القيام في الصلاة، سواءٌ كان القيام قبل الركوع أم بعده.
4-
مذهب الإمام أحمد: أن المصلي مخير بين وضع يمينه على شماله أو إرسالهما إلى أسفل؛ لأنه لم يرد في السنة ما هو صريح في هذا. قال المرداوي: قال أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله. الإنصاف (2/64) . وقال ابن مفلح: المنصوص عن أحمد: إن شاء أرسلهما، وإن شاء وضع يمينه على شماله. المبدع (1/451) . وبعد ذكر مذاهب الأئمة الأربعة- رحمهم الله في هذه المسألة حسب ما صرحوا به، أو ذكره أصحابهم، أحب أن أذكر الخلاف في المسألة بصورة مختصرة، فأقول: اختلف أهل العلم- رحمهم الله في حكم قبض اليدين أو إرسالهما في الصلاة بعد الركوع؛ فمنهم من رأى أن السنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام بعد الركوع؛ لعموم حديث سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، أنه قال: كانَ النَّاسُ يُؤمَرون أن يضَعَ الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعِه اليسرى في الصلاةِ. رواه البخاري (740) . وقالوا: إن عموم قوله: في الصلاة. يشمل القيام قبل الركوع وبعد الركوع، ولذلك فإن هذا الأمر يشرع في القيام بعد الركوع كما يشرع قبله؛ لأن كلاًّ منهما قيام في الصلاة، فيضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في القيام قبل الركوع وبعده. وقالوا: إن اليدين في الصلاة حال الركوع تكونان على الركبتين، وفي حال السجود تكونان على الأرض، وفي حال الجلوس تكونان على الفخذين، وفي حال القيام تكونان على الصّدر، وهذا موضعهما في القيام قبل الركوع أو بعده. ومن أهل العلم من رأى عدم مشروعية وضع اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع، واحتجوا بعدم ورود نص خاص في هذا الموضع، وأن عموم القيام لا يشمله؛ لأنه اعتدال وليس بقيام، وعليه فإن المصلي يرسل يديه. وقال بعضهم: إن المصلي مخير بين الأمرين، إن شاء قبض يديه، وإن شاء أرسلهما؛ لعدم ورود دليل خاص في المسألة، كما هو مذهب الإمام أحمد- رحمه الله. والقول الأول هو الرّاجح؛ لقوة أدلته. وعلى كلٍّ فإنّ
الصلاة تصح بقبض اليدين وبإرسالهما، وبكلٍّ قال طائفةٌ من أهل العلم ممن يُقتدى بهم. ولا ينبغي أن يفضي الخلاف في هذه المسألة إلى التنازع والاختلاف والافتراق؛ لأن هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم قديمًا وحديثًا، ومن المقرر عند أهل العلم أن المسائل التي يسوغ فيها الخلاف لا ينكر فيها أحدٌ على أحد؛ لأن كلاًّ من الفرقين المختلفين قد تمسك بأدلة معتبرة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.