المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الزمر (39) : آية 49] - التحرير والتنوير - جـ ٢٤

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 33 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 36 الى 37]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 50 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 56 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 71 إِلَى 72]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 75]

- ‌40- سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 15 الى 16]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 21 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 32 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 34 الى 35]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 36 الى 37]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 41 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 69 إِلَى 72]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 73 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 79 إِلَى 80]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 84 الى 85]

- ‌أُسْلُوبُ سُورَةِ غَافِرٍ

- ‌41- سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 2 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 6 الى 7]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 13 الى 14]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 19 الى 21]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 30 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 46]

الفصل: ‌[سورة الزمر (39) : آية 49]

الْفِعْلَةِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا كَسَبُوهُ مَا هُوَ مِنْ فَاسِدِ الِاعْتِقَادِ كَاعْتِقَادِ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ وَإِضْمَارِ الْبُغْضِ لِلرَّسُولِ وَالصَّالِحِينَ وَالْأَحْقَادِ وَالتَّحَاسُدِ فَجَرَى تَأْنِيثُ الْوَصْفِ عَلَى تَغْلِيبِ السَّيِّئَاتِ الْعَمَلِيَّةِ مِثْلَ الْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالْفَوَاحِشِ تَغْلِيبًا لَفْظِيًّا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ.

وَأُوثِرَ فِعْلُ كَسَبُوا عَلَى فِعْلِ: عَمِلُوا، لِقَطْعِ تَبَرُّمِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ بِتَسْجِيلِ أَنَّهُمُ اكْتَسَبُوا أَسْبَابَهُ بِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [الزمر: 24] دون: تَعْمَلُونَ.

وَالْحَوْقُ: الْإِحَاطَةُ، أَيْ أَحَاطَ بِهِمْ فَلَمْ يَنْفَلِتُوا مِنْهُ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي اشْتِقَاقِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [10] .

وَمَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ هُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ، أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِذِكْرِهِ تَنْزِيلًا للعقاب منزلَة مستهزء بِهِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَتجْعَل مُتَعَلق يَسْتَهْزِؤُنَ مَحْذُوفًا، أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِالنَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم بِسَبَبِ ذِكْرِهِ الْعَذَابَ.

وَتَقْدِيمُ بِهِ على يَسْتَهْزِؤُنَ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَلِلرِّعَايَةِ على الفاصلة.

[49]

[سُورَة الزمر (39) : آيَة 49]

فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49)

الْفَاءُ لِتَفْرِيعِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [الزمر: 45] الْآيَةَ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ مُسَلْسَلٌ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ لِلْمُنَاسِبَاتِ.

وَتَفْرِيعُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ تَفْرِيعُ وَصْفِ بَعْضٍ مِنْ غَرَائِبِ أَحْوَالِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهَلْ أَغْرَبُ مِنْ فَزَعِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ بِالدُّعَاءِ إِذَا مَسَّهُمُ الضُّرُّ وَقَدْ كَانُوا يَشْمَئِزُّونَ مِنْ ذِكْرِ اسْمِهِ وَحْدَهُ فَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَتَعْكِيسٌ، فَإِنَّهُ تَسَبُّبُ

ص: 34

حَدِيثٍ عَلَى حَدِيثٍ وَلَيْسَ تَسَبُّبًا عَلَى الْوُجُودِ. وَهَذِهِ النُّكْتَةُ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ هُنَا وَعَطْفِ نَظِيرِهَا بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ السُّورَةِ وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ [الزمر: 8] .

وَالْمَقْصُودُ بِالتَّفْرِيعِ هُوَ قَوْلُهُ: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَتَتْمِيمٌ وَاسْتِطْرَادٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِ صَدْرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ [الزمر: 8] الْآيَةَ. وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْسَانِ كُلَّ مُشْرِكٍ فَالتَّعْرِيفُ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، وَالْمُرَادُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ فَهُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ الْعُرْفِيِّ. وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ تَفَنُّنٌ وَلِئَلَّا تَخْلُو إِعَادَةُ الْآيَةِ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْقُرْآنِ فِي الْقِصَصِ الْمُكَرَّرَةِ.

وَقَوْلُهُ: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ إِنَّما فِيهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ (إِنَّ) الْكَافَّةِ الَّتِي تَصِيرُ كَلِمَةً تَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ بِمَنْزِلَةِ (مَا) النَّافِيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا (إِلَّا) الِاسْتِثْنَائِيَّةُ. وَالْمَعْنَى: مَا أُوتِيتَ الَّذِي أُوتِيتَهُ مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا لِعِلْمٍ مِنِّي بِطُرُقِ اكْتِسَابِهِ. وَتَرْكِيزُ ضَمِيرِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ:

أُوتِيتُهُ عَائِدٌ إِلَى نِعْمَةً عَلَى تَأْوِيلِ حِكَايَةِ مَقَالَتِهِمْ بِأَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنْهُمْ فِي حَالِ حُضُورِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ النِّعَمِ فَهُوَ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى ذَاتٍ مُشَاهَدَةٍ، فَالضَّمِيرُ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْإِشَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ [الْأَحْقَاف: 24] .

وَمَعْنَى قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَجَرَى فِي أَقْوَالِهِ إِذِ الْقَوْلُ عَلَى وَفْقِ الِاعْتِقَادِ. وعَلى لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ لِأَجْلِ عِلْمٍ، أَيْ بِسَبَبِ عِلْمٍ. وَخُولِفَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ آيَةِ سُورَةِ الْقَصَصِ [78] فِي قَوْلِهِ: عَلى عِلْمٍ عِنْدِي فَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا عِنْدِي لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا مُجَرَّدُ الْفِطْنَةِ وَالتَّدْبِيرِ، وَأُرِيدَ هُنَالِكَ عِلْمُ صَوْغِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكِيمْيَاءِ

الَّتِي اكْتَسَبَ بِهَا قَارُونُ مِنْ مَعْرِفَةِ تَدَابِيرِهَا مَالًا عَظِيمًا،

ص: 35

وَهُوَ عِلْمٌ خَاصٌّ بِهِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُوجَدُ فِي جَمِيعِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ.

وَالْمُرَادُ: الْعِلْمُ بِطُرُقِ الْكَسْبِ وَدَفْعِ الضُّرِّ كَمَثَلِ حِيَلِ النُّوتِيِّ فِي هَوْلِ الْبَحْرِ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ إِذَا ذَكَّرَهُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ مَوْقِعُ صِيغَةِ الْحَصْرِ لِأَنَّهُ قَصَدَ قَلْبَ كَلَامِ مَنْ يَقُولُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِهِ.

وبَلْ لِلْإِضْرَابِ الْإِبْطَالِيِّ وَهُوَ إِبْطَالٌ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ أُوتُوا ذَلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِهِمْ وَتَدْبِيرِهِمْ، أَيْ بَلْ إِنَّ الرَّحْمَةَ الَّتِي أُوتُوهَا إِنَّمَا آتَاهُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا لِيُظْهِرَ لِلْأُمَمِ مِقْدَارَ شُكْرِهِمْ، أَيْ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى حَالَةٍ فِيهِمْ تُشْبِهُ حَالَةَ الِاخْتِبَارِ لِمِقْدَارِ عِلْمِهِمْ بِاللَّهِ وَشُكْرِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالنِّعْمَةَ بِهَا أَثَرٌ فِي الْمَنْعِ عَلَيْهِ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا وَاللَّهُ عَالِمٌ بِهِمْ وَغَنِيٌّ عَنِ اخْتِبَارِهِمْ.

وَضَمِيرُ هِيَ عَائِدٌ إِلَى الْقَوْلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قالَ عَلَى طَرِيقَةِ إِعَادَةِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ فِعْلٍ نَحْوَ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [الْمَائِدَة: 8] ، وَإِنَّمَا أَنَّثَ ضَمِيرَهُ بِاعْتِبَارِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِلَفْظِ فِتْنَةٌ، أَوْ عَلَى تَأْوِيلِ الْقَوْلِ بِالْكَلِمَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الْمُؤْمِنُونَ: 100] بَعْدَ قَوْلِهِ: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ [الْمُؤْمِنُونَ: 99، 100] وَالْمُرَادُ: أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ سَبَبُ فِتْنَةٍ أَوْ مُسَبَّبٌ عَنْ فِتْنَةٍ فِي نُفُوسِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى نِعْمَةً.

وَالِاسْتِدْرَاكُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ناشىء عَنْ مَضْمُونِ جُمْلَةِ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ، أَيْ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَمِنْهُمُ الْقَائِلُونَ، أَنَّهُمْ فِي فِتْنَةٍ بِمَا أُوتُوا مِنْ نِعْمَةٍ إِذَا كَانُوا مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ الزَّاعِمِينَ أَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ نَتِيجَةُ مَسَاعِيهِمْ وَحِيَلِهِمْ.

وَضَمِيرُ أَكْثَرَهُمْ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ الْمَقَامِ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْكَلَامِ إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعَادًا، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّاسُ، أَيْ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ بَعْضَ مَا أُوتُوهُ مِنَ النِّعْمَةِ فِي الدُّنْيَا يَكُونُ لَهُمْ فِتْنَةً بِحَسَبِ مَا يَتَلَقَّوْنَهَا بِهِ مِنْ قِلَّةِ

ص: 36