الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
40- سُورَةُ الْمُؤْمِنِ
وَرَدَتْ تَسْمِيَةُ هَذِهِ السُّورَةِ فِي السُّنَّةِ «حم الْمُؤْمِنِ»
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَرَأَ حم الْمُؤْمِنِ إِلَى إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [غَافِر: 1- 3] ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ بِهِمَا»
الْحَدِيثَ. وَبِذَلِكَ اشْتُهِرَتْ فِي مَصَاحِفِ الْمَشْرِقِ، وَبِذَلِكَ تَرْجَمَهَا الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» وَالتِّرْمِذِيُّ فِي «الْجَامِعِ» . وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا ذُكِرَتْ فِيهَا قِصَّةُ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ وَلَمْ تُذْكَرْ فِي سُورَةٍ أُخْرَى بِوَجْهٍ صَرِيحٍ.
وَالْوَجْهُ فِي إِعْرَابِ هَذَا الِاسْمِ حِكَايَةُ كَلِمَةِ حم سَاكِنَةَ الْمِيمِ بِلَفْظِهَا الَّذِي يُقْرَأُ.
وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى لَفْظِ «الْمُؤْمِنِ» بِتَقْدِيرِ: سُورَةُ حم ذِكْرِ الْمُؤْمِنِ أَوْ لَفْظِ الْمُؤْمِنِ وَتُسَمَّى أَيْضًا «سُورَةُ الطَّوْلِ» لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهَا: ذِي الطَّوْلِ [غَافِر: 3] وَقَدْ تُنُوسِيَ هَذَا الِاسْمُ.
وَتُسَمَّى سُورَةُ غَافِرٍ لِذِكْرِ وَصْفِهِ تَعَالَى: غافِرِ الذَّنْبِ [غَافِرِ: 3] فِي أَوَّلِهَا. وَبِهَذَا الِاسْمِ اشْتُهِرَتْ فِي مَصَاحِفِ الْمَغْرِبِ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَعَنِ الْحَسَنِ اسْتِثْنَاءُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ [غَافِر: 55] ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَأَوْقَاتِهَا.
وَيَرَى أَنَّ فَرْضَ صَلَوَاتٍ خَمْسٍ وَأَوْقَاتِهَا مَا وَقَعَ إِلَّا فِي الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَفْرُوضُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ، وَهُوَ مِنْ بِنَاءِ ضَعِيفٍ عَلَى ضَعِيفٍ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ فِي تِلْكَ الْآيَةِ الصَّلَوَاتِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ يُنَزَّهُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَشَذُّ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبالِغِيهِ [غَافِر: 56] نَزَلَتْ فِي يَهُودٍ مِنَ الْمَدِينَةِ جَادَلُوا النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ الدَّجَّالِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مِنْهُمْ. وَقَدْ جَاءَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ [4]
مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا. وَالْمُرَادُ بِهِمُ: الْمُشْرِكُونَ.
وَهَذِهِ السُّورَةُ جُعِلَتِ السِّتِّينَ فِي عِدَادِ تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الزُّمَرِ وَقَبْلَ سُورَةِ فُصِّلَتْ وَهِيَ أَوَّلُ سُوَرِ (آلِ حم) نُزُولًا. وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مَقْرُوءَةً عَقِبَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، أَيْ سَنَةَ ثَلَاثٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَرَأَ آيَةَ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غَافِر: 28] حِينَ آذَى نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا اشْتَدَّ أَذَى قُرَيْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ.
وَالسُّوَرُ الْمُفْتَتَحَةُ بِكَلِمَةِ حم سَبْعُ سُوَرٍ مرتبَة فِي الْمُصحف عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي النُّزُولِ وَيُدْعَى مَجْمُوعُهَا «آلَ حم» جَعَلُوا لَهَا اسْمَ (آلِ) لِتَآخِيهَا فِي فَوَاتِحِهَا. فَكَأَنَّهَا أُسْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَلِمَةٌ (آلِ) تُضَافُ إِلَى ذِي شَرَفٍ (وَيُقَالُ لِغَيْرِ الْمَقْصُودِ تَشْرِيفُهُ أَهْلُ فُلَانٍ) قَالَ الْكُمَيْتُ:
قَرَأْنَا لَكُمْ فِي آلِ حَامِيمَ آيَةً
…
تَأَوَّلَهَا مِنَّا فَقِيهٌ وَمُعْرِبُ
يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «حم عسق» قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: 23] عَلَى تَأْوِيلِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلِذَلِكَ عَزَّزَهُ بِقَوْلِهِ: تَأَوَّلَهَا مِنَّا فَقِيهٌ وَمُعْرِبُ.
وَرُبَّمَا جُمِعَتِ السُّوَرُ الْمُفْتَتَحَةُ بِكَلِمَةِ حم فَقِيلَ الْحَوَامِيمَ جَمْعَ تَكْسِيرٍ عَلَى زِنَةِ فَعَالِيلَ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ عَلَى وَزْنِ فَاعِيلٍ وَزْنًا عَرَضَ لَهُ مِنْ تَرْكِيبِ اسْمَيِ الْحَرْفَيْنِ: حَا، مِيمٍ، فَصَارَ كَالْأَوْزَانِ الْعَجَمِيَّةِ مثل (قابيل) ، و (راحيل) وَمَا هُوَ بِعَجَمِيٍّ لِأَنَّهُ وَزْنٌ عَارِضٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ. وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ عَلَى فَعَالِيلٍ يَطَّرِدُ فِي مِثْلِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ جَمَعُوا حم عَلَى حَوَامِيمَ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، وَنُسِبَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ إِلَى النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ