الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى لُغَة أَزْد شنوة فَإِنَّهُ لَمْ يُسْمَعُ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ: تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ.
وَحُورٌ: صِفَةٌ لِنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي كُنَّ أَزْوَاجًا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا
إِنْ كُنَّ مُؤْمِنَاتٍ وَمَنْ يَخْلُقُهُنَّ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ لِنِعْمَةِ الْجَنَّةِ وَحُكْمُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّاتِي هُنَّ مُؤْمِنَاتٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِثْلَ أَزْوَاجِهِنَّ فِي لِحَاقِهِنَّ بِأَزْوَاجِهِنَّ فِي الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ [70] وَمَا يُقَالُ فِيهِنَّ يُقَالُ فِي الرِّجَالِ مِنْ أَزْوَاجِ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ.
وعِينٍ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ، وَحَقُّهَا أَنْ تُعْطَفَ وَلَكِنْ كَثُرَ تَرْكُ الْعَطْفِ.
[21]
[سُورَة الطّور (52) : آيَة 21]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ ذِكْرِ كَرَامَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.
وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَوْصُولِ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِتَكُونَ الصِّلَةُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ وَجْهَ بِنَاءِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بَعْدَهَا، أَيْ أَنَّ سَبَبَ إِلْحَاقِ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِهِمْ فِي نَعِيمِ الْجَنَّةِ هُوَ إِيمَانُهُمْ وَكَوْنُ الذُّرِّيَّاتِ آمَنُوا بِسَبَبِ إِيمَانِ آبَائِهِمْ لِأَنَّ الْآبَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُلَقِّنُونَ أَبْنَاءَهُمُ الْإِيمَانَ.
وَالْمَعْنَى: وَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَهُمْ ذُرِّيَّاتٌ مُؤْمِنُونَ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا [التَّحْرِيم: 6] ، وَهل يَسْتَطِيع أحد أَنْ يَقِيَ النَّارَ غَيْرَهُ إِلَّا بِالْإِرْشَادِ. وَلَعَلَّ مَا فِي الْآيَةِ مِنْ إِلْحَاقِ ذُرِّيَّاتِهِمْ مِنْ شَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ لِأَهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ.
وَالتَّنْكِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِإِيمانٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْظِيمِ، أَيْ بِإِيمَانٍ عَظِيمٍ، وَعَظَمَتُهُ بِكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي إِلْحَاقِهِمْ بِآبَائِهِمْ وَتَكُونَ النِّعْمَةُ فِي جَعْلِهِمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّوْعِيَّةِ، أَيْ بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَاتَّبَعَتْهُمْ بِهَمْزَةِ وَصَلٍ وَبِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْأُولَى وَبِتَاءٍ بَعْدَ الْعَيْنِ هِيَ تَاءُ تَأْنِيثِ ضَمِيرِ الْفِعْلِ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ وَأَتْبَعْناهُمْ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَسُكُونِ التَّاءِ.
وَقَوْلُهُ: ذُرِّيَّتُهُمْ الْأَوَّلُ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو ذُرِّيَّاتِهِمْ بِصِيغَةِ جَمْعِ ذُرِّيَّةٍ فَهُوَ مَفْعُولُ أَتْبَعْناهُمْ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَيْضًا
لَكِنْ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ اتَّبَعَتْهُمْ، فَيَكُونُ الْإِنْعَامُ عَلَى آبَائِهِمْ بِإِلْحَاقِ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا مِثْلَ عَمَلِهِمْ.
وَقَدْ
رَوَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الطَّبَرِيُّ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ حَدِيثًا مُسْنَدًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ (أَيْ فِي الْعَمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْقُرْطُبِيِّ) لِتَقَرَّ بِهِمْ عَيْنُهُ ثُمَّ قَرَأَ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ إِلَى قَوْلِهِ: مِنْ شَيْءٍ
. وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ هُوَ نِعْمَةٌ جَمَعَ اللَّهُ بِهَا لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْوَاعَ الْمَسَرَّةِ بِسَعَادَتِهِمْ بِمُزَاوَجَةِ الْحُورِ وَبِمُؤَانَسَةِ الْإِخْوَانِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِاجْتِمَاعِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي طَبْعِ الْإِنْسَانِ التَّأَنُسَ بِأَوْلَادِهِ وَحُبَّهُ اتِّصَالَهُمْ بِهِ.
وَقَدْ وَصَفَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّفِيعِ الْجَعْفَرِيُّ الْمُرْسِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ نَزِيلُ تُونِسَ سَنَةَ 1013 ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَلْفٍ فِي كِتَابٍ لَهُ سَمَّاهُ «الْأَنْوَارُ النَّبَوِيَّةُ فِي آبَاءِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ» (1) قَالَ فِي خَاتِمَةِ الْكِتَابِ «قَدْ أَطْلَعَنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ بَوَاسِطَةِ وَالِدِي وَأَنَا ابْنُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ مَعَ أَنِّي كُنْتُ إِذَّاكَ أَرُوحُ إِلَى مَكْتَبِ النَّصَارَى لِأَقْرَأَ دِينَهُمْ ثُمَّ أَرْجِعَ إِلَى بَيْتِي فَيُعَلِّمَنِي وَالِدِي دِينَ الْإِسْلَامِ فَكُنْتُ أَتَعَلَّمُ فِيهِمَا (كَذَا) مَعًا وَسِنِّي حِينَ حُمِلْتُ إِلَى مَكْتَبِهِمْ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ فَأَخَذَ وَالِدِي لَوْحًا مِنْ عُودِ الْجَوْزِ كَأَنِّي أَنْظُرُ الْآنَ إِلَيْهِ مُمَلَّسًا مِنْ غَيْرِ طَفَلٍ (اسْمٌ لِطِينٍ يَابِسٍ وَهُوَ طِينٌ لَزِجٌ وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ وَعَرَبِيَّتُهُ طُفَالٌ كَغُرَابٍ) ، فَكتب لي فِيهِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَهُوَ يَسْأَلُنِي عَنْ حُرُوفِ
(1) مخطوط عِنْدِي.
النَّصَارَى حَرْفًا حَرْفًا تَدْرِيبًا وَتَقْرِيبًا فَإِذَا سَمَّيْتُ لَهُ حَرْفًا أَعْجَمِيًّا يَكْتُبُ لِي حَرْفًا عَرَبِيًّا حَتَّى اسْتَوْفَى جَمِيعَ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَأَوْصَانِي أَنْ أَكْتُمَ ذَلِكَ حَتَّى عَنْ وَالِدَتِي وَعَمِّي وَأَخِي مَعَ أَنَّهُ رحمه الله قَدْ أَلْقَى نَفْسَهَ لِلْهَلَاكِ لِإِمْكَانِ أَنْ أُخْبِرَ بِذَلِكَ عَنْهُ فَيُحْرَقَ لَا مَحَالَةَ وَقَدْ كَانَ يلقّنني مَا أقوله عِنْدَ رُؤْيَتِيَ الْأَصْنَامَ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ وَالِدِي أَنِّي أَكْتُمُ أُمُورَ دِينِ الْإِسْلَامِ أَمَرَنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ بِإِفْشَائِهِ لِوَالِدَتِي وَبَعْضِ الْأَصْدِقَاءِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَسَافَرْتُ الْأَسْفَارَ مِنْ جِيَّانَ لِأَجْتَمِعَ بِالْمُسْلِمِينَ الْأَخْيَارِ إِلَى غَرْنَاطَةَ وَأَشْبِيلِيَّةَ وَطُلَيْطِلَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ مُدُنِ الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ، فَتَخَلَّصَ لِي مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ أَنِّي مَيَّزْتُ مِنْهُمْ سَبْعَةَ رِجَالٍ كَانُوا يُحَدِّثُونَنِي بِأَحْوَالِ غَرْنَاطَةَ وَمَا كَانَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ مَرُّوا كُلُّهُمْ عَلَى شَيْخٍ مِنْ مَشَائِخِ غَرْنَاطَةَ يُقَالُ لَهُ الْفَقِيهُ الْأَوْطُورِيُّ
…
» إِلَخْ.
وَإِيثَارُ فِعْلِ أَلْحَقْنا دُونَ أَنْ يُقَالَ: أَدْخَلْنَا مَعَهُمْ، أَوْ جعلنَا مَعَهم لَعَلَّه لِمَا فِي مَعْنَى الْإِلْحَاقِ من الصلاحية للفور وَالتَّأْخِيرِ، فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِلْحَاقُ بَعْدَ إِجْرَاءِ عِقَابٍ عَلَى بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ اسْتَحَقُّوهُ بِسَيِّئَاتِهِمْ عَلَى مَا فِي الْأَعْمَالِ مِنْ تَفَاوُتٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْ عِبَادِهِ. وَفِعْلُ الْإِلْحَاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الذُّرِّيَّاتِ صَارُوا فِي دَرَجَاتِ آبَائِهِمْ. وَفِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ تَفَنُّنٌ لِدَفْعِ إِعَادَةِ اللَّفْظِ.
وأَلَتْناهُمْ نَقَصْنَاهُمْ، يُقَالُ: آلَتَهُ حَقَّهُ، إِذَا نَقَصَهُ إِيَّاهُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابَ عَلِمَ.
فَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ لَامِ أَلَتْناهُمْ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِ لَامِ أَلَتْناهُمْ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً فِي سُورَةِ الْحُجُرَاتِ [14] . وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ آمَنُوا.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ فِي الْجَنَّةِ فَضْلًا مِنْهُ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا دُونَ عِوَضٍ احْتِرَاسًا مِنْ أَنْ يَحْسَبُوا أَنَّ إِلْحَاقَ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِهِمْ بَعْدَ عَطَاءِ نَصِيبٍ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ لِذُرِّيَاتِهِمْ لِيَدْخُلُوا بِهِ الْجَنَّةَ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ عِنْدَهُمْ فِي فَكِّ الْأَسِيرِ، وَحَمَالَةِ الدِّيَاتِ، وَخَلَاصِ الْغَارِمِينَ، وَعَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي