الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 4 إِلَى 10]
إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (7) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8)
فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى (10)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِجُمْلَةِ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [النَّجْم: 3] .
وَضَمِيرُ هُوَ عَائِدٌ إِلَى الْمَنْطُوقِ بِهِ الْمَأْخُوذِ مِنْ فِعْلِ يَنْطِقُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [الْمَائِدَة: 8] أَيِ الْعَدْلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ فِعْلِ اعْدِلُوا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى مَعْلُومٍ مِنْ سِيَاقِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا فِي أَقْوَالِهِمُ الْمَرْدُودَةِ بِقَوْلِهِ: مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى [النَّجْم: 2] زَعَمُوا الْقُرْآنَ سِحْرًا، أَوْ شِعْرًا، أَوْ كَهَانَةً، أَوْ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ، أَوْ إِفْكًا افْتَرَاهُ.
وَإِنْ كَانَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم يَنْطِقُ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ عَنْ وَحْيٍ كَمَا فِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ فِي جَوَابِهِ لِلَّذِي سَأَلَهُ: مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ؟
وَكَقَوْلِهِ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رَوْعِي إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا»
، وَمِثْلَ جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ الَّتِي فِيهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَحْوُهُ.
وَفِي «سُنَنِ أبي دَاوُد» و «التِّرْمِذِيّ» مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَام بن معد يكرب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكَ رَجُلٌ شَبْعَانَ عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ»
. وَقَدْ يَنْطِقُ عَنِ اجْتِهَادٍ كَأَمْرِهِ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ فِيهَا الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ
فَقيل لَهُ:
أَو نهريقها ونغسلها؟ فَقَالَ: «أَو ذَاك»
. فَهَذِهِ الْآيَةُ بِمَعْزِلٍ عَنْ إِيرَادِهَا فِي الِاحْتِجَاجِ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا كَانَ نُزُولُهَا فِي أَوَّلِ أَمْرِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَالْوَحْيُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ فِي سُورَةِ
النِّسَاءِ [163] . وَجُمْلَةُ يُوحى مُؤَكِّدَةٌ لِجُمْلَةِ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ مَعَ دَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَى أَنَّ مَا يَنْطِقُ بِهِ مُتَجَدِّدٌ وَحْيُهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ.
وَمُتَعَلِّقُ يُوحى مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى صَاحِبِكُمْ.
وَتُرِكَ فَاعِلُ الْوَحْيِ لِضَرْبٍ مِنَ الْإِجْمَالِ الَّذِي يَعْقِبُهُ التَّفْصِيلُ لِأَنَّهُ سَيَرِدُ بَعْدَهُ مَا يُبَيِّنُهُ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى.
وَجُمْلَةُ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى إِلَخْ، مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَحْيِ.
وَضَمِيرُ الْغَائِبِ فِي عَلَّمَهُ عَائِدٌ إِلَى الْوَحْيِ، أَوْ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ. وَضَمِيرُ هُوَ يَعُودُ إِلَى الْقُرْآنِ، وَهُوَ ضَمِيرٌ فِي مَحَلِّ أَحَدِ مَفْعُولَيْ (عَلَّمَ) وَهُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: عَلَّمَهُ إِيَّاهُ، يَعُودُ إِلَى صاحِبُكُمْ [النَّجْم: 2] وَيَجُوزُ جَعْلُ هَاءَ عَلَّمَهُ عَائِدًا إِلَى صاحِبُكُمْ وَالْمَحْذُوفُ عَائِدٌ إِلَى وَحْيٌ إِبْطَالًا لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النَّحْل: 103] .
وَ (عَلَّمَ) هُنَا مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ لِأَنَّهُ مُضَاعَفُ (عَلِمَ) الْمُتَعَدِّي إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
وشَدِيدُ الْقُوى: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يُذْكَرُ بَعْدُ مِمَّا هُوَ من شؤون الْمَلَائِكَةِ، أَيْ مَلَكٌ شَدِيدُ الْقُوَى. وَاتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام.
وَالْمُرَادُ بِ الْقُوى اسْتِطَاعَةُ تَنْفِيذِ مَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَعْمَال الْعَظِيمَة العقيلة وَالْجُسْمَانِيَّةِ، فَهُوَ الْمَلَكُ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الرُّسُلِ بِالتَّبْلِيغِ.
وَالْمِرَّةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ، تُطْلَقُ عَلَى قُوَّةِ الذَّاتِ وَتُطْلَقُ عَلَى مَتَانَةِ الْعَقْلِ وَأَصَالَتِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَهُ وَصْفُهُ بِشَدِيدِ الْقُوَى، وَتَخْصِيصُ جِبْرِيلُ بِهَذَا الْوَصْفِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمَلَكُ الَّذِي يَنْزِلُ بِفُيُوضَاتِ الْحِكْمَةِ عَلَى
الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا نَاوَلَ الْمَلَكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَأْسَ لَبَنٍ وَكَأْسَ خَمْرٍ، فَاخْتَارَ اللَّبَنَ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكُ.
وَقَوْلُهُ: فَاسْتَوى مُفَرَّعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى.
وَالْفَاءُ لِتَفْصِيلِ عَلَّمَهُ، وَالْمُسْتَوِي هُوَ جِبْرِيلُ. وَمَعْنَى اسْتِوَائِهِ: قِيَامُهُ بِعَزِيمَةٍ لِتَلَقِّي رِسَالَةِ اللَّهِ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَقَلَّ قَائِمًا، وَمِثْلَ: بَيْنَ يَدَيْ فُلَانٍ، فَاسْتِوَاءُ جِبْرِيلُ هُوَ مَبْدَأُ التَّهَيُّؤِ لِقُبُولِ الرِّسَالَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ قُيِّدَ هَذَا الِاسْتِوَاءُ بِجُمْلَةِ الْحَالِ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى. وَالضَّمِيرُ لِجِبْرِيلَ لَا مَحَالَةَ، أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ إِلَى الْعَالَمِ الْأَرْضِيِّ.
وَالْأُفُقُ: اسْمٌ لِلْجَوِّ الَّذِي يَبْدُو لِلنَّاظِرِ مُلْتَقًى بَيْنَ طَرَفِ مُنْتَهَى النَّظَرِ مِنَ الْأَرْضِ وَبَيْنَ
مُنْتَهَى مَا يَلُوحُ كَالْقُبَّةِ الزَّرْقَاءِ، وَغَلَبَ إِطْلَاقُهُ عَلَى نَاحِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ مَوْطِنِ الْقَوْمِ وَمِنْهُ أُفُقُ الْمَشْرِقِ وَأُفُقُ الْمَغْرِبِ.
وَوَصْفُهُ بِ الْأَعْلى فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ نَاحِيَةٌ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ. وَذُكِرَ هَذَا لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى.
وثُمَّ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ فَاسْتَوى، والتراخي الَّذِي تقيده ثُمَّ تَرَاخٍ رُتَبِيٌّ لِأَنَّ الدُّنُوَّ إِلَى حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَحْيُ هُوَ الْأَهَمُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَالدُّنُوُّ: الْقُرْبُ، وَإِذْ قَدْ كَانَ فِعْلُ الدُّنُوِّ قَدْ عُطِفَ بِ ثُمَّ على فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى عُلِمَ أَنَّهُ دَنَا إِلَى الْعَالَمِ الْأَرْضِيِّ، أَيْ أَخَذَ فِي الدُّنُوِّ بَعْدَ أَنْ تَلَقَّى مَا يُبَلِّغُهُ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
وَتَدَلَّى: انْخَفَضَ مِنْ عُلُوٍّ قَلِيلًا، أَيْ يَنْزِلُ مِنْ طَبَقَاتٍ إِلَى مَا تَحْتَهَا كَمَا يَتَدَلَّى الشَّيْءُ الْمُعَلَّقُ فِي الْهَوَاءِ بِحَيْثُ لَوْ رَآهُ الرَّائِي يَحْسَبُهُ مُتَدَلِّيًا، وَهُوَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ غَيْرَ مُنْقَضٍّ.
وقاب، قِيلَ مَعْنَاهُ: قَدْرَ. وَهُوَ وَاوِيُّ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ: قَابَ وَقِيبَ بِكَسْرِ
الْقَافِ، وَهَذَا مَا دَرَجَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقِيلَ يُطْلَقُ الْقَابُ عَلَى مَا بَيْنَ مَقْبِضِ الْقَوْسِ (أَيْ وَسَطِ عُودِهِ الْمُقَوَّسِ) وَمَا بَيْنَ سِيتَيْهَا (أَيْ طَرَفَيْهَا الْمُنْعَطِفِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْوَتَرُ) فَلِلْقَوْسِ قَابَانِ وَسِيَتَانِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ هُوَ الْأَصْلُ لِلْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَمَلَ الْفَرَّاءُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: الْقَابُ صَدْرُ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ حَيْثُ يُشَدُّ عَلَيْهِ السَّيْرُ الَّذِي يَتَنَكَّبُهُ صَاحِبُهُ وَلِكُلِّ قَوْسٍ قَابٌ وَاحِدٌ.
وَعَلَى كِلَا التَّفْسِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ: قابَ قَوْسَيْنِ أَصْلُهُ قَابَيْ قَوْسٍ أَوْ قَابَيْ قَوْسَيْنِ (بِتَثْنِيَةِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَوْ كِلَيْهِمَا) فَوَقَعَ إِفْرَادُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا تَجَنُّبًا لِثِقَلِ الْمُثَنَّى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التَّحْرِيم: 4] أَيْ قَلْبَاكُمَا.
وَقِيلَ يُطْلَقُ الْقَوْسُ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى ذِرَاعٍ يُذْرَعُ بِهِ (وَلَعَلَّهُ إِذَنْ مَصْدَرُ قَاسَ فَسُمِّيَ بِهِ مَا يُقَاسُ بِهِ) .
وَالْقَوْسُ: آلَةٌ مِنْ عُودِ نَبْعٍ، مُقَوَّسَةٌ يُشَدُّ بِهَا وَتَرٌ مِنْ جِلْدٍ وَيُرْمَى عَنْهَا السِّهَامُ وَالنِّشَابُ وَهِيَ فِي مِقْدَارِ الذِّرَاعِ عِنْدَ الْعَرَبِ.
وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ قَوْسَيْنِ مِنَ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم الدَّالِّ عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ
بِقَوْلِهِ: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى
، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا الْبُعْدِ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ حِكَايَةٌ لِصُورَةِ الْوَحْيِ الَّذِي كَانَ فِي أَوَائِلِ عهد النبيء صلى الله عليه وسلم بالنبوءة فَكَانَتْ قُوَاهُ الْبَشَرِيَّةُ يَوْمَئِذٍ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ لِتَحَمُّلِ اتِّصَالِ الْقُوَّةِ الْمَلَكِيَّةِ بِهَا مُبَاشَرَةً رِفْقًا بِالنَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَتَجَشَّمَ شَيْئًا يَشُقُّ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ بِهِ فِي غَارِ حِرَاءٍ وَلَا اتِّصَالَ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ بِالْغَطِّ
قَالَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم: «فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ»
ثُمَّ كَانَتْ تَعْتَرِيهِ الْحَالَةُ الْمَوْصُوفَةُ فِي حَدِيثِ نُزُولِ أَوَّلِ الْوَحْيِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ وَسُورَةِ الْمُزَّمِّلِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: 5] ، ثُمَّ اعْتَادَ اتِّصَالَ جِبْرِيلَ بِهِ مُبَاشَرَةً فَقَدْ
جَاءَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَالسَّاعَةِ أَنَّهُ «جَلَسَ إِلَى النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ»
إِذْ كَانَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم أَيَّامَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَدِ اعْتَادَ الْوَحْيَ وَفَارَقَتْهُ شِدَّتُهُ،