المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة القمر (54) : آية 17] - التحرير والتنوير - جـ ٢٧

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 31 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 35 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 43 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 50 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 60]

- ‌52- سُورَةُ الطُّورِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 1 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 9 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 13 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 17 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 25 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 44 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 48 الى 49]

- ‌53- سُورَةُ النَّجْمِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 4 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 13 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 19 الى 23]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 27 الى 28]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 29 الى 30]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 31 الى 32]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 33 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 40 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 50 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : الْآيَات 59 إِلَى 61]

- ‌[سُورَة النَّجْم (53) : آيَة 62]

- ‌54- سُورَةُ الْقَمَرِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَةً 2]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 6 الى 8]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 10 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 23 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 33 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْقَمَر (54) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

- ‌55- سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 10 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 37 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 46 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 56 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 62 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 70 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 78]

- ‌56- سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 4 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 8 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 15 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 27 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 35 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 45 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 51 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 60 الى 61]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 65 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 71 إِلَى 72]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 75 إِلَى 80]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 88 إِلَى 94]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 95]

- ‌[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : آيَة 96]

- ‌57- سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْحَدِيد (57) : آيَة 29]

الفصل: ‌[سورة القمر (54) : آية 17]

مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى التَّحْضِيضِ عَلَى التَّذَكُّرِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَاسْتِقْصَاءِ خَبَرِهَا مِثْلُ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِ طَرَفَةَ:

إِذَا الْقَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَى

الْبَيْتَ

وَالتَّحْضِيضُ مُوَجَّهٌ إِلَى جَمِيعِ مَنْ تَبْلُغُهُ هَذِهِ الْآيَاتُ ومِنْ زَائِدَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عُمُومِ الْجِنْسِ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

ومُدَّكِرٍ أَصْلُهُ: مُذْتَكِرٌ مُفْتَعِلٌ مِنَ الذُّكْرِ بِضَمِّ الذَّالِ، وَهُوَ التَّفَكُّرُ فِي الدَّلِيلِ فَقُلِبَتْ تَاءُ الِافْتِعَالِ دَالًا لِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا، وَأُدْغِمَ الذَّالُ فِي الدَّالِ لِذَلِكَ، وَقِرَاءَةُ هَذِهِ الْآيَةِ مَرْوِيَّةٌ بِخُصُوصِهَا عَنِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم. وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [45] وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ.

[16]

[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 16]

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16)

تَفْرِيعٌ عَلَى الْقِصَّةِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ قَوْلِهِ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ [الْقَمَر: 11] إِلَى آخِرِهِ. وَ (كَيْفَ) لِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ حَالَةِ الْعَذَابِ. وَهُوَ عَذَابُ قَوْمِ نُوحٍ بِالطُّوفَانِ وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْجِيبِ مِنْ شِدَّةِ هَذَا الْعَذَابِ الْمَوْصُوفِ. وَالْجُمْلَةُ فِي مَعْنَى التَّذْيِيلِ وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ جَزَاءَ تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وَإِعْرَاضِهِمْ وَأَذَاهُمْ كَمَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ.

وَحُذِفَ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ نُذُرِ وَأَصْلُهُ: نُذُرِي. وَحَذْفُهَا فِي الْكَلَامِ فِي الْوَقْفِ فَصِيحٌ وَكَثُرَ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ الْفَوَاصِلِ.

وَالنُّذُرُ: جَمْعُ نَذِيرٍ الَّذِي هُوَ اسْمُ مَصْدَرِ أَنْذَرَ كَالنِّذَارَةِ وَتَقَدَّمَ آنِفًا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّمَا جُمِعَتْ لِتَكَرُّرِ النِّذَارَةِ مِنَ الرَّسُولِ لِقَوْمِهِ طلبا للإيمانهم.

[17]

[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 17]

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)

لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ النِّذَارَةُ بُلِغَتْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُشْرِكُونَ مُعْرِضُونَ عَنِ اسْتِمَاعِهِ حَارِمِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ فَوَائِدِهِ ذُيِّلَ خَبَرُهَا بِتَنْوِيهِ شَأْنِ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ يَسَّرَهُ

ص: 187

وَسَهَّلَهُ لِتَذَكُّرِ الْخَلْقِ بِمَا يَحْتَاجُونَهُ مِنَ التَّذْكِيرِ مِمَّا هُوَ هُدًى وَإِرْشَادٌ. وَهَذَا التَّيْسِير ينبىء بِعِنَايَةِ اللَّهِ بِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الْحجر: 9] تَبْصِرَةً لِلْمُسْلِمِينَ لِيَزْدَادُوا إِقْبَالًا عَلَى مُدَارَسَتِهِ وَتَعْرِيضًا بِالْمُشْرِكِينَ عَسَى أَنْ يَرْعَوُوا عَنْ صُدُودِهِمْ عَنْهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ قَوْلُهُ:

فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِاللَّامِ وَحَرْفِ التَّحْقِيقِ مُرَاعًى فِيهِ حَالُ الْمُشْرِكِينَ الشَّاكِّينَ فِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.

وَالتَّيْسِيرُ: إِيجَادُ الْيُسْرِ فِي شَيْءٍ، مِنْ فِعْلٍ كَقَوْلِهِ: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [الْبَقَرَة: 185]

أَوْ قَوْلٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [الدُّخان: 58] .

وَالْيُسْرُ: السُّهُولَةُ، وَعَدَمُ الْكُلْفَةِ فِي تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنْ شَيْءٍ. وَإِذْ كَانَ الْقُرْآنُ كَلَامًا فَمَعْنَى تَيْسِيرِهِ يَرْجِعُ إِلَى تَيْسِيرِ مَا يُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ وَهُوَ فَهْمُ السَّامِعِ الْمَعَانِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُتَكَلّم بِهِ بِدُونِ كُلْفَةٍ عَلَى السَّامِعِ وَلَا إِغْلَاقٍ كَمَا يَقُولُونَ: يَدْخُلُ لِلْأُذُنِ بِلَا إِذْنٍ.

وَهَذَا الْيُسْرُ يَحْصُلُ مِنْ جَانِبِ الْأَلْفَاظِ وَجَانِبِ الْمَعَانِي فَأَمَّا مِنْ جَانب الْأَلْفَاظ فَلذَلِك بِكَوُنِهَا فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ فَصَاحَةِ الْكَلِمَاتِ وَفَصَاحَةِ التَّرَاكِيبِ، أَيْ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ، وَانْتِظَامِ مَجْمُوعِهَا، بِحَيْثُ يَخِفُّ حِفْظُهَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ.

وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْمَعَانِي، فَبِوُضُوحِ انْتِزَاعِهَا مِنَ التَّرَاكِيبِ وَوَفْرَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ التَّرَاكِيبُ مِنْهَا مِنْ مَغَازِي الْغَرَضِ الْمَسُوقَةِ هِيَ لَهُ. وَبِتَوَلُّدِ مَعَانٍ مِنْ مَعَانٍ أُخَرَ كُلَّمَا كَرَّرَ الْمُتَدَبِّرُ تَدَبُّرَهُ فِي فَهْمِهَا.

وَوَسَائِلُ ذَلِكَ لَا يُحِيطُ بِهَا الْوَصْفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَمِنْ أَهَمِّهَا إِيجَازُ اللَّفْظِ لِيُسْرِعَ تَعَلُّقُهُ بِالْحِفْظِ، وَإِجْمَالُ الْمَدْلُولَاتِ لِتَذْهَبَ نُفُوسُ السَّامِعِينَ فِي انْتِزَاعِ الْمَعَانِي مِنْهَا كُلَّ مَذْهَبٍ يَسْمَحُ بِهِ اللَّفْظُ وَالْغَرَضُ وَالْمَقَامُ، وَمِنْهَا الْإِطْنَابُ بِالْبَيَانِ إِذَا كَانَ فِي الْمَعَانِي بَعْضُ الدِّقَّةِ وَالْخَفَاءِ.

وَيَتَأَتَّى ذَلِكَ بِتَأْلِيفِ نَظْمِ الْقُرْآنَ بِلُغَةٍ هِيَ أَفْصَحُ لُغَاتِ الْبَشَرِ وَأَسْمَحُ أَلْفَاظًا

ص: 188

وَتَرَاكِيبَ بِوَفْرَةِ الْمَعَانِي، وَبِكَوْنِ تَرَاكِيبِهِ أَقْصَى مَا تَسْمَحُ بِهِ تِلْكَ اللُّغَةُ، فَهُوَ خِيَارٌ مِنْ خِيَارٍ مِنْ خِيَارٍ. قَالَ تَعَالَى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشُّعَرَاء: 195] .

ثمَّ يكون المتلقين لَهُ أُمَّةً هِيَ أَذْكَى الْأُمَمِ عُقُولًا وَأَسْرَعُهَا أَفْهَامًا وَأَشَدُّهَا وَعْيًا لِمَا تَسْمَعُهُ، وَأَطْوَلُهَا تَذَكُّرًا لَهُ دُونَ نِسْيَانٍ، وَهِيَ عَلَى تَفَاوُتِهِمْ فِي هَذِهِ الْخِلَالِ تَفَاوُتًا اقْتَضَتْهُ سُنَّةُ الْكَوْنِ لَا يُنَاكِدُ حَالُهُمْ فِي هَذَا التَّفَاوُتِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ تَيْسِيرِهِ لِلذِّكْرِ، لِأَنَّ الذِّكْرَ جِنْسٌ مِنَ الْأَجْنَاسِ الْمَقُولِ عَلَيْهَا بِالتَّشْكِيكِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ الْأَفْهَامِ عَلَى مُدَارَسَتِهِ وتدبره بَدَت لجموعهم مَعَانٍ لَا يُحْصِيهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ وَحْدَهُ.

وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى عُلَمَاءِ الْقُرْآنِ تَبْيِينَهُ تَصْرِيحًا كَقَوْلِهِ: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النَّحْل: 44]، وَتَعْرِيضًا كَقَوْلِهِ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ [آل عمرَان: 187] فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَجْدَرُ بِهَذَا الْمِيثَاقِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ

بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»

. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلذِّكْرِ مُتَعَلقَة ب يَسَّرْنَا وَهِيَ ظَرْفٌ لَغْوٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَهِيَ لَامٌ تَدُلُّ عَلَى أَن الْفِعْل الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ فُعِلَ لِانْتِفَاعِ مَدْخُولِ هَذِهِ اللَّامِ بِهِ فَمَدْخُولُهَا لَا يُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدُ تَعْلِيلِ فِعْلِ الْفَاعِلِ كَمَا هُوَ مَعْنَى التَّعْلِيلِ الْمُجَرَّدِ وَمَعْنَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ الْمُنْتَصِبِ بِإِضْمَارِ لَامِ التَّعْلِيلِ الْبَسِيطَةِ، وَلَكِنْ يُرَادُ أَنَّ مَدْخُولَ هَذِهِ اللَّامِ عِلَّةٌ خَاصَّةٌ مُرَاعَاةٌ فِي تَحْصِيلِ فِعْلِ الْفَاعِلِ لِفَائِدَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ مَدْخُولُ هَذِهِ اللَّامِ مَفْعُولًا لِأَنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ عِلَّةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَمَدْخُولُ هَذِهِ اللَّامِ عِلَّةٌ خَاصَّةٌ فَالْمَفْعُولُ لِأَجْلِهِ بِمَنْزِلَةِ سَبَبِ الْفِعْلِ وَهُوَ كَمَدْخُولِ بَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِي نَحْوِ فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ [العنكبوت: 40] ، وَمَجْرُورُ هَذِهِ اللَّامِ بِمَنْزِلَةِ مَجْرُورِ بَاءِ الْمُلَابَسَةِ فِي نَحْوِ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [الْمُؤْمِنُونَ: 20] ، وَهُوَ أَيْضًا شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ فِي بَابِ كَسَا وَأَعْطَى، فَهَذِهِ اللَّامُ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي سَمَّاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» : شِبْهَ التَّمْلِيكِ. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ مَالِكٍ فِي «شَرْحِ التَّسْهِيلِ» .

ص: 189

وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةُ ابْنِ مَالِكٍ إِيَّاهُ فِي «شَرْحِ كَافِيَتِهِ» وَفِي «الْخُلَاصَةِ» مَعْنَى التَّعْدِيَةِ. وَلَقَدْ أَجَادَ فِي ذَلِكَ لِأَن مَدْخُول هَذِه اللَّامِ قَدْ تَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ اللَّامُ تَعْدِيَةً مِثْلَ تَعْدِيَةِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي إِلَى الْمَفْعُولِ، وَغَفَلَ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ هَذَا التَّدْقِيقِ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْخَامِسُ مِنْ مَعَانِي اللَّامِ الْجَارَّةِ فِي «مُغْنِى اللَّبِيبِ» وَقَدْ مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً [الشورى: 11]، وَمَثَّلَ لَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي «شَرْحِ التَّسْهِيلِ» بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [مَرْيَم: 5]، وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي تَصْلُحُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:

وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ [يس: 72] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى [الْأَعْلَى: 8] وَقَوْلُهُ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى [اللَّيْل: 7] وَقَوْلُهُ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى [اللَّيْل: 10] ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَدْخُولَ اللَّامِ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ دَالٌّ عَلَى الْمُتَنَفِّعِينَ بِمَفَاعِيلِ أَفْعَالِهَا فَهُمْ مِثْلُ أَوَّلِ الْمَفْعُولَيْنِ مِنْ بَابِ كَسَا.

وَإِنَّمَا بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ اللَّامِ لِدِقَّةِ مَعْنَاهَا وَلِيَتَّضِحَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ.

وَأَصْلُ مَعَانِي لَامِ الْجَرِّ هُوَ التَّعْلِيلُ وَتَنْشَأُ مِنَ اسْتِعْمَالِ اللَّامِ فِي التَّعْلِيلِ الْمَجَازِيِّ مَعَانٍ شَاعَتْ فَسَاوَتِ الْحَقِيقَةَ فَجَعَلَهَا النَّحْوِيُّونَ مَعَانِيَ مُسْتَقِلَّةً لِقَصْدِ الْإِيضَاحِ.

وَالذِّكْرُ: مَصْدَرُ ذَكَرَ الَّذِي هُوَ التَّذَكُّرُ الْعَقْلِيُّ لَا اللِّسَانِيُّ، وَالَّذِي يُرَادِفُهُ الذُّكْرُ بِضَمِّ

الذَّالِ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ، فَالذِّكْرُ هُوَ تَذْكُّرُ مَا فِي تَذَكُّرِهِ نَفَعٌ وَدَفْعُ ضَرٍّ، وَهُوَ الِاتِّعَاظُ وَالِاعْتِبَارُ.

فَصَارَ مَعْنَى يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أَنَّ الْقُرْآنَ سُهِّلَتْ دَلَالَتُهُ لِأَجْلِ انْتِفَاعِ الذِّكْرِ بِذَلِكَ التَّيْسِيرِ، فَجعلت سرعَة ترَتّب التَّذَكُّرِ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلَةِ مَنْفَعَةٍ لِلذِّكْرِ لِأَنَّهُ يَشِيعُ وَيَرُوجُ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ طَالِبُ شَيْءٍ إِذَا يُسِّرَتْ لَهُ وَسَائِلُ تَحْصِيلِهِ، وَقُرِّبَتْ لَهُ أَبَاعِدُهَا. فَفِي قَوْلِهِ:

يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَلَفْظُ يَسَّرْنَا تَخْيِيلٌ. وَيُؤَوَّلُ الْمَعْنَى إِلَى: يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلْمُتَذَكِّرِينَ.

وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَهُ: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا، إِلَّا أَنَّ بَيْنَ الِادِّكَارَيْنِ فَرْقًا دَقِيقًا، فَالِادِّكَارُ السَّالِفُ ادِّكَارُ اعْتِبَارٍ عَنْ مُشَاهَدَةِ آثَارِ الْأُمَّةِ البائدة، والادّكار الْمَذْكُور هُنَا ادِّكَارٌ عَنْ سَمَاعِ مَوَاعِظِ الْقُرْآنِ الْبَالِغَةِ وَفَهْمِ مَعَانِيهِ والاهتداء بِهِ.

ص: 190