المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١١

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

- ‌[الترغيب في الرفق والأناة والحلم]

- ‌[الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر]

- ‌[الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له]

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار]

- ‌[الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن]

- ‌[الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه]

- ‌[الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط]

- ‌[الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب]

- ‌[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]

- ‌[الترهيب من قوله لمسلم يا كافر]

- ‌[الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك]

- ‌الترهيب من السباب واللعن لاسيما لمعين آدميًّا كان أو دابةً وغيرهما، وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح، والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌[الترهيب من سبّ الدهر]

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه

- ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام

- ‌التَّرْهِيب من الْحَسَد وَفضل سَلامَة الصَّدْر

- ‌الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعُجْب والافتخار

- ‌الترهيب من القول للفاسق والمبتدع يا سيدي ونحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين واللسانين

- ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر

الفصل: ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

4001 -

عَن النواس بن سمْعَان رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْبر وَالْإِثْم فَقَالَ الْبر: حسن الْخلق وَالْإِثْم مَا حاك فِي صدرك وكرهت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ

(1)

.

قوله: عن النواس بن سمعان رضي الله عنه فالنواس: بفتح النون وتشديد الواو، وسمعان بكسر السين وفتحها

(2)

، وحديث النواس هذا رواه مسلم والترمذي ولم يخرجه البخاري ولا أخرج البخاري في كتابه عن النواس، فاعلم ذلك، وتقدم الكلام على النواس في الورع مبسوطًا.

قوله: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" الحديث.

فقوله: "البر حسن الخلق" البر ضد الفجور والإثم ولذلك قابله به، وأخبر به أن البر حسن الخلق

(3)

.

وقوله: "والإثم ما حاك في صدرك" الحديث، والإثم حواز الصدور وهذا يدل على أن حسن الخلق هو الدين كله وهو حقائق الإيمان وشرائع الإسلام

(1)

أخرجه مسلم (14 و 15 - 2553)، والترمذى (2389). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

شرح النووي على مسلم (16/ 111)، والتعيين في شرح الأربعين (ص 203).

(3)

التعيين في شرح الأربعين (ص 203).

ص: 5

ولهذا قابله بالإثم

(1)

.

قوله: "حاك" بالحاء المهملة والكاف أي دار في صدرك ورسخ

(2)

. وقال بعضهم

(3)

: أي أثر وتردد ومنه قولهم ضربته فما حاك فيه السيف أي ما أثر، وفي حديث وابصة البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، الحديث، فقوله:"واطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب" اطمأن سكن ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}

(4)

الآية، أي سكنتم من انزعاج الحرب وحركته. فدل على أن حسن الخلق طمأنينة النفس والقلب والإثم حواز الصدر وما حاك فيها واسترابت به وهذا غير حسن الخلق وسوئه في عرف كثير من الناس وحواز بالتشديد وهو ما يحرزها ويغلب عليها حتى يرتكب ما لا يحسن، وقيل: بالتخفيف يعني في الواو وتشديد الزاي جمع حازة وهي الأمور التي تحز في القلوب وتحك وتؤثر وتتخالج في القلوب أن تكون معاصي وهذا أشهر والله أعلم، قاله الحافظ في أوائل كتاب النكاح

(5)

. وأما معنى الحديث فقوله: "البر حسن الخلق" فقد قيل إنه بذل الندي وكف الأذى واحتمال الأذى، وأن يحب للناس ما يحب لنفسه، وقيل: حسن الخلق بذل الجميل وكف القبيح

(1)

مدارج السالكين (2/ 292).

(2)

النهاية (1/ 470).

(3)

التعيين (ص 203).

(4)

سورة النساء، الآية:103.

(5)

الترغيب والترهيب [كتاب النكاح باب الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها].

ص: 6

وقيل التخلي من الرذائل والتحلي بالفضائل وحسن الخلق يقوم على أربعة أركان لا يتصور قيام ساقه إلا عليها، الصبر والعفة والشجاعة والعدل، فالصبر يحمله على الاحتمال وكظم الغيظ وكف الأذى والحلم والأناة والرفق وعدم الطيش، والعجلة تحمله على اجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل ويحمله على الحياء وهو رأس كل خير ويمنعه من الفحش والبخل والكذب والغيبة والنميمة والشجاعة تحمله على عزو النفس وإيثار معالي الأخلاق والشيم وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته ويحمله على كظم الغيظ والحلم بقوة نفسه وشجاعتها أمسك عنانها وكبحها بلجامها عن النزع والبطش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليس الشديد بالسرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" وهذه حقيقة الشجاعة وهي ملكة يقتدر بها على قهر خصمه والعدل يحمله على اعتدال أخلاقه وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط فيحمله على خلق الجود والسخاء وعلى خلق الحياء وعلى خلق الشجاعة وعلى خلق الحلم ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة ومنشأ جميع الأخلاق الذميمة على أربعة أركان الجهل والظلم والشهوة والغضب فالجهل يريه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن والكمال نقصا والنقص كمالا والظلم يحمله على وضع البدل فيحجم في موضع الإقدام أو يقدم في موضع الإجحام أو يلين في موضع الشدة ويشد في موضع الليل ويتواضع في موضع العزة ويتكبر في موضع التواضع، والشهوة تحمله على الحرص والشح والبخل وعدم العفة والنهمة والجشع والذل،

ص: 7

والدناءات كلها والغضب يحمله على الكبر والحقد والحسد والسفه

(1)

، أ. هـ والله أعلم. وأما البر فتارة يقابل بالفجور والإثم فيكون عبارة عما اقتضاه الشرع وجوبا أو ندبا كما أن الإثم عبارة عما نهى الشرع عنه وتارة يقابل بالعقوق فيكون عبارة عن الإحسان كما أن العقوق عبارة عن الإساءة

(2)

.

فقوله صلى الله عليه وسلم: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب" فهو كقوله أولا البر حسن الخلق لأن حسن الخلق تطمئن له النفس والقلب.

وقوله: "والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر" هو شبيه بقوله: "الإثم ما كرهت أن يطلع عليه الناس" لأن ما تردد في الصدر فهو إثم أو محل شبهة ولا بد وذلك مما يكره إطلاع الناس عليه والله أعلم قاله الطوفي

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" واعلم أن النفس لها شعور من أصل الفطرة بما تحمد عاقبته وما لا تحمد عاقبته ولكن الشهوة غالبة عليها بحيث توجب لها الإقدام على ما يضرها كاللص تغلبه الشهوة على السرقة وهو خائف من الوالي أن يقطعه والزاني ونحوه كذلك إذا عرف هذا فقد تضمنت هذه الجملة علامتين للإثم، إحداهما: تأثيره في النفس وتردده وما ذاك إلا لشعورها بسوء عاقبته، الثانية: كراهية إطلاع الناس على الشيء يدل على أنه إثم لأن النفس بطبعها تحب إطلاع الناس على خيرها وبرها، ومن ثم هلك كثير من الناس بالرياء،

(1)

مدارج السالكين (2/ 294 - 295).

(2)

التعيين في شرح الأربعين (ص 204).

(3)

المصدر السابق (ص 209).

ص: 8

فإذا كرهت إطلاع الناس على بعض أفعالها علمنا أنه ليس خيرا وبرا فهو إذن شر وإثم والركاهة المعبرة هنا هي الكراهة الدينية الجازمة فالدينية احتراز من العادية كمن يكره أن يرى على الأكل حياء أو بخلا ونحو ذلك والجازمة احتراز من غير الجازمة كمن يكره أن يركب بين المشاة تواضعا أو نحوه ثم لو رأى كذلك لم يبال لأن كراهته لذلك غير جازمة والله أعلم

(1)

.

فائدة: فإن قلت: هل يمكن أن يكون الخلق كسبيا أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قلت: يمكن أن يكون كسبيا بالتخلي والتكلف حتى يصير له سجية وملكة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأشج عبد القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة فقال: أخلقين تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما فقال: بل جبلك الله عليهما، فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله

(2)

، فدل على أن من الخلق ما هو طبيعة وجبلة وما هو مكتسب، الغريزة الجبلية والطبيعة التي يخلق الله عليها العبد من غير اكتساب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح: اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهديني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت

(3)

، فذكر الكسب والقدر والله أعلم

(4)

.

(1)

المصدر السابق (ص 205 - 206).

(2)

أخرجه أبو داود (5225) عن أم أبان بنت الوازع بن زارع، عن جدها. وحسنه الألباني.

(3)

أخرجه مسلم (201 و 202 - 771) عن علي بن أبي طالب.

(4)

مدارج السالكين (2/ 300).

ص: 9

4002 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ لم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاحِشا وَلَا متفحشا وَكانَ يَقُول إِن من خياركم أحسنكم أَخْلَاقًا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ

(1)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.

قوله: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، الحديث، ذكرهما مبالغة، ويحتمل أن يكون المراد بالفاحش الذي تجاوز الحد، وقيل: الفاحش ذو الفحش في كلامه والمتفحش الذي يتكلف ذلك، ويتعمده

(2)

. (متفحشا) أي لم يكن الفحش له جبليا ولا كسبيا [أي: متكلفا لفعله]

(3)

. الفحش القبح وكل سوء جاوز حده فهو فاحش أي [لم يكن متكلما] بالقبيح أصلا

(4)

.

وقال الطبري: الفاحش البذي الذي [يأتي الفاحشة] المنهي عنها

(5)

، أ. هـ. وقال في النهاية

(6)

: [الفحش] والفاحشة والفواحش في الحديث، وهو: كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي وكثيرا ما تراد الفاحشة بمعنى الزنا وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة من الأقوال والأفعال، أ. هـ.

(1)

أخرجه البخاري (3559) و (3759) و (6029) و (6035)، ومسلم (68 - 2321)، والترمذى (1975).

(2)

شرح النووي على مسلم (15/ 78).

(3)

اللامع الصبيح (10/ 137).

(4)

الكواكب الدرارى (21/ 180).

(5)

مشارق الأنوار (2/ 148).

(6)

النهاية (3/ 415).

ص: 10

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى

(1)

: أصل الفحش الزيادة والخروج عن الحد، وقال ابن عرفة: الفواحش عند العرب القبائح، قال الهروي: الفاحش: ذو الفحش والمتفحش الذي يتكلف الفحش ويتعمده لفساد حاله وقد يكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة أ. هـ.

قوله: "وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقا" وحسن الخلق بضم اللام ملكة تصدر بها الأفعال بسهولة من غير تفكر وقيل اختيار الفضائل منه وترك الرذائل وأمهاته تحت قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}

(2)

الآية وهو صفة [الأنبياء والأولياء]

(3)

.

وفي حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف، وفي حديث عمر: من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس في نفسه شانه الله تعالى، أي تكلف أن يظهر من خلقه خلاف ما ينطوي عليه مثل تصنع وتجمل إذا أظهر الصنيع والجميل، أ. هـ قاله في النهاية

(4)

.

تنبيه: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}

(5)

قال ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما لعلي دين عظيم لا دين واجب ولا أضري عندي منه وهو

(1)

إكمال المعلم (7/ 284).

(2)

سورة الأعراف، الآية:199.

(3)

الكواكب الدرارى (14/ 144) واللامع الصبيح (10/ 137).

(4)

النهاية (2/ 70).

(5)

سورة القلم، الآية:4.

ص: 11

دين الإسلام، وقال الحسن هو آداب القرآن، وفي الصحيحين أن هشام بن حكيم سأل عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن، فقال لقد هممت أن أقوم ولا أسأل شيئا، وقد جمع الله تعالى له مكارم الأخلاق في قوله:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}

(1)

قال جعفر بن محمد رضي الله عنهما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق وليس في القرآن أن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية، وقد ذكر أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل:"ما هذا؟ " قال: لا أدري حتى أسأل ثم رجع إليه فقال الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، قال الله لنبيه:{خُذِ الْعَفْوَ} من أخلاق الناس، وقال مجاهد: يعني خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تخسيس مثل قبول الاعتذار والعفو والمساهلة

(2)

.

وقوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} يعني إذا سفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه كقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}

(3)

وهكذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم

(4)

، أ. هـ.

فائدة: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}

(5)

قال ابن عباس وغيره: علموهم وأدبوهم وهذه اللفظة مؤذنة

(1)

سورة الأعراف، الآية:199.

(2)

مدارج السالكين (2/ 289 - 290).

(3)

سورة الفرقان، الآية:63.

(4)

مدارج السالكين (2/ 291).

(5)

سورة التحريم، الآية:6.

ص: 12

بالإجماع وقال صاحب العوارف روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي" فالأدب اجتماع تهذيب الظاهر والباطن وإذا تهذب ظاهر العبد بواطنه صار صوفيا إدبيا ومنه المأدبة وهو الطعام الذي يجتمع عليه الناس، وسميت مأدبة لاجتماعها على أشياء ولا يتكامل الأدب في العبد إلا بتكامل الأخلاق ومكارم الأخلاق مجموعها من تحسين الخلق والأصح أن تبديل الأخلاق ممكن مقدور عليه، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"حسنوا أخلاقكم" والأدب ثلاثة أنواع أدب مع الله وأدب مع رسوله وشرعه وأدب مع خلقه، فالأدب مع الله ثلاثة أنواع أحدها: صيانة معاملته أن يشوبها بنقيصة، والثاني: صيانة قلبك أن يلتفت إلى غيره، الثالث: صيانة إرادتك أن تتعلق بما يمقتك عليه قال أبو علي الدقاق العبد يصل بطاعة الله إلى الجنة ويصل بأدبه في طاعته إلى الله، وقال أبو علي: من صحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إلى القتل، وقال أبو علي: ترك الأدب يوجب الطرد فمن أساء الأدب على البساط طرد إلى الباب ومن أساء الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب، وقال يحيى بن معاذ: من تأدب بأدب الله صار من أهل محبة الله، وقال ابن المبارك: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم، قال أبو نصر السراج رحمه الله: الناس في الأدب على ثلاث طبقات أما أهل الدنيا فأكثر آدابهم في الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم وأسماء الملوك وأشعار العرب، وأما أهل الدين فأكثر آدابهم في رياضة النفوس وتأديب الجوارح وحفظ الحدود وترك الشهوات وأما أهل الخصوصية فأكثر آدابهم في طهارة القلوب ومراعاة الأسرار والوفاء

ص: 13

بالعهود وحفظ الوقت وقلة الالتفات إلى الخواطر وحسن الأدب في موقف الطلب وأوقات الحضور ومقامات القرب

(1)

، أ. هـ والله أعلم.

4003 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من شَيْء أثقل فِي ميزَان الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة من خلق حسن وَإِن الله يبغض الْفَاحِش الْبَذِيء رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَزَاد فِي رِوَايَة لَهُ وَإِن صَاحب حسن الْخلق ليبلغ بِهِ دَرَجَة صَاحب الصَّوْم وَالصَّلَاة رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة الْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد لم يذكر فِيهِ الْفَاحِش الْبَذِيء وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُخْتَصرا قَالَ مَا من شَيْء أثقل فِي الْمِيزَان من حسن الْخلق الْبَذِيء بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة ممدودا هُوَ الْمُتَكَلّم بالفحش ورديء الْكَلَام

(2)

.

قوله: وعن أبي الدرداء رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن" وقيل: لكل شيء بنيان أساس وأساس الإسلام حسن الخلق مع الخلق

(1)

مدارج السالكين (2/ 355 - 357).

(2)

أخرجه أبو داود (4799)، والترمذى (2002) و (2003)، والبزار (4095 - 4098)، وابن حبان (481) و (5693) و (5695). وقال الترمذي في الموضع الأول: وهذا حديث حسن صحيح. وقال في الثانى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي الدرداء إلا من هذه الوجوه التي ذكرناها فأما مطرف، عن عطاء والقاسم، عن عطاء فهو عطاء الكيخاراني فأما حديث عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك فلا نعلم رواه إلا ابن عيينة وحده ويعلى روى عنه ابن أبي مليكة حديثا آخر والحديث حسن الإسناد وعطاء بن نافع هو عطاء الكيخاراني مكي. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2641).

ص: 14

وحسن السريرة مع الحق وفي حديث: "طوبى لمن حسنت خليقته وطابت سريرته" الحديث، والسريرة ما يكتم عن الناس والمراد بطيب السريرة طيب نياته وأفعاله التي يكتمها عن الناس

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأن الله يبغض الفاحش البذيء"، قال الهروي: الفاحش ذو الفحش وتقدم ذلك، والبذيء بالذال المعجمة ممدودا هو المتكلم بالفحش وردئ الكلام، أ. هـ قاله المنذري.

4004 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة فَقَالَ تقوى الله وَحسن الْخلق وَسُئِلَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار فَقَالَ الْفَم والفرج رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد وَغَيره وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب

(2)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته.

قوله: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: "تقوى الله وحسن الخلق" الحديث، وتقوى الله تعالى امتثال مأموره واجتناب محظوره، قيل: تقوى الله تعالى ألا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك ولهذا قال بعضهم لصاحبه إذا أردت أن تعصى الله تعالى فاعصه حيث لا يراك أو اخرج من داره أو كل غير رزقه، فإذا اتقى الله بفعل ما أمر وترك ما

(1)

شرح الودعانية (ح 1/ 198).

(2)

أخرجه الترمذي (2004)، وابن ماجه (4246)، وابن حبان (476)، والبيهقى في الزهد (955). قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب وعبد الله بن إدريس هو ابن يزيد بن عبد الرحمن الأودي. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2642).

ص: 15

نهى فقد أتى بجميع وظيفة التكليف قاله الطوفي

(1)

، وحسن الخلق تقدم الكلام عليه.

قوله: وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: "الفم والفرج" تقدم الكلام على الفم والفرج.

قوله: وقال الترمذي: حسن صحيح، فهو مشكل على اصطلاحه لأنه قد ذكر في كتاب العلل من جامعه أنه يريد بالحسن: ما ليس في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون شاذا ويروي مع ذلك من غير وجه والصحيح عنده وعند غيره ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ثم أن الترمذي كثيرا ما يقول في كتابه هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وهذا ينافي في اشتراطه في الحسن أن يكون قد روي من غير وجه، والذي أجيب به عن قول الترمذي: حديث حسن صحيح فيما نعلم وجهان، أحدهما: أن معناه أنه حسن بإسناد صحيح بإسناد آخر، وما ذكرنا من قوله حسن صحيح غريب يبطل هذا الجواب، والثاني: أن قوله حسن يريد به الحسن اللغوي وهو ما يوافق القلب وتهواه النفس وهو باطل بأن الترمذي فسر الحسن بغير ذلك وهو ما ذكرناه وبان من آحاد منه ما ليس حسنا باعتبار اللغة نحو "من نوقش الحساب عذب" وأشباهه من نصوص الوعيد فإنها لا توافق القلب ولا تهواها النفس بل تجد منها كربا والمأمن الخوف والصواب من ذلك ما أشاء إليه بعض العلماء وهو أن الحسن قسم من الصحيح لكن

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 153).

ص: 16

ألين قسميه؛ قلت: وبيانه أن مدار الرواية على عدالة الراوي وضبطه فإن كان مبرزا فيهما كشعبة وسفيان ويحيى القطان ونحوهم فحديثه صحيح وإن كان دون المبرز فيهما أو في أحدهما لكنه عدل ضابط بالجملة فحديثه حسن، هذا أجود ما قيل في هذا المكان.

واعلم أن العدالة والضبط إما أن ينتفيان في الرواي أو يجتمعا جميعا أو توجد فيه العدالة وحدها أو الضبط وحده انتفيا فيه لم يقبل حديثه أصلا، وإن اجتمعا فيه قبل وهو الصحيح المعبتر وإن وجدت فيه العدالة دون الضبط قبل حديثه لعداته وتوقف فيه لعدم ضبطه على شاهد منفصل يجبر ما فات من صفة الضبط وإن وجد فيه الضبط دون العدالة لم يقبل حديثه لأن العدالة هي الركن الأكبر في الرواية ثم كل واحد من العدالة والضبط له مراتب عليا ووسطى ودنيا ويحصل بتركيب بعضها مع بعض مراتب للحديث مختلفة في القوة والضعف ظاهرة مما ذكرناه.

واعلم أن نسخ الترمذي تختلف في التحسين والتصحيح ففي بعضها يوجد حديث حسن وفي بعضها حسن صحيح وفي بعضها حسن غريب وفي بعضها حسن صحيح غريب، أعني في بعض أحاديث هذا وغيره وذلك بحسب اختلاف الرواة عنه لكتابه والضابين له والله أعلم، قاله الطوفي في شرح الأربعين النواوية

(1)

والله أعلم.

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 156 - 159).

ص: 17

4005 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن من أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وألطفهم بأَهْله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا كَذَا قَالَ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَلَا نَعْرِف لأبي قلَابَة سَمَاعا من عَائِشَة

(1)

.

قوله: وعن عائشة رضي الله عنها تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله" تقدم الكلام على حسن الخلق والمراد بالأهل هنا الزوجة.

4006 -

وعنها رضي الله عنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الْمُؤمن ليدرك بِحسن الْخلق دَرَجَة الصَّائِم والقائم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَفظه إِن الْمُؤمن ليدرك بِحسن الْخلق دَرَجَات قَائِم اللَّيْل وصائم النَّهَار رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة إِلَّا أَنه قَالَ إِن الرجل ليدرك بِحسن خلقه دَرَجَة الْقَائِم بِاللَّيْلِ الظامئ بالهواجر

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في الإيمان (19) والمصنف 5/ 210 (25319)، وأحمد (24204) و (24677)، والترمذي (2612)، والنسائي في الكبرى (9154)، وابن أبي الدنيا في النفقة (473)، والمروزى في الصلاة (880)، والحاكم (1/ 53). وقال الترمذي: هذا حديث حسن ولا نعرف لأبي قلابة سماعا من عائشة. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: فيه انقطاع. وضعفه الألباني في المشكاة (3263) وضعيف الترغيب (1210).

(2)

أخرجه أحمد 6/ 64 (24355) و 3/ 90 (24595) و 6/ 133 (25013) و 6/ 178 (25537)، وأبو داود (4798)، وابن أبي الدنيا في التواضع (166) ومداراة الناس (80)، والطحاوي في مشكل الآثار (4427)، وابن حبان (480)، والحاكم (1/ 65)، والبيهقي في الشعب (10/ 364 - 365 رقم 7632 و 7633)، والبغوي في شرح السنة =

ص: 18

قوله: وعنها رضي الله عنها أيضا، تقدم ذكرها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم والقائم" أي: الصائم النهار القائم الليل، ويؤيده رواية الحاكم بعده فإنه فسر فيها ذلك.

4007 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله ليبلغ العَبْد بِحسن خلقه دَرَجَة الصَّوْم وَالصَّلَاة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَرَوَاهُ أَبُو يعلى من حَدِيث أنس وَزَاد فِي أَوله أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا

(1)

.

= (3500) و (3501).

وصححه الألباني في الصحيحة (795) وصحيح الترغيب (2643). وأخرجه الطبرانى في الكبير (8/ 169 رقم 7709)، وتمام (1518) عن أبي أمامة. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 25: رواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف. وحسنه الألباني في الصحيحة (794) وصحيح الترغيب (2644).

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (4/ 199 رقم 3970)، والحاكم (1/ 60). وقال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن بديل بن ميسرة إلا حماد بن سلمة، تفرد به: حبان بن هلال. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 22: رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن سعيد بن بشير، قال الدارقطني: ليس بذاك، وبقية رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2645). وأخرجه البزار (7445)، وأبو يعلى (4166) ومن طريقه الضياء 6/ 194 - 195 (2210)، واللالكائى في أصول السنة (1666). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن شعيب، عن أنس إلا زكريا بن يحيى بن الصبيح الطائي. وقال الضياء: إسناده ضعيف. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 58: رواه البزار، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (1590) وصحيح الترغيب (2646).

ص: 19

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة" تقدم الكلام على ذلك.

فائدة: وروي الترمذي عن عبد الله بن المبارك أنه وصف حسن الخلق فقال: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى، وعن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حسن الخلق زمام من رحمة الله في أنف صاحبه والزمام بيد الملك فجره إلى الخير والخير يجره إلى الجنة، وسوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه والزمام بيد الشيطان والشيطان يجره إلى الشر والشر يجره إلى النار"

(1)

أ. هـ.

4008 -

وَعَن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن العَبْد ليبلغ بِحسن خلقه عَظِيم دَرَجَات الْآخِرَة وَشرف الْمنَازل وَإنَّهُ لضعيف الْعِبَادَة وَإنَّهُ ليبلغ بِسوء خلقه أَسْفَل دَرَجَة فِي جَهَنَّم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات سوى شَيْخه الْمِقْدَام بن دَاوُد وَقد وثق

(2)

.

(1)

أخرجه البيهقى في الشعب (10/ 388 - 389 رقم 7675 و 7676 و 7677). قال البيهقى: كلا الإسنادين ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (3588) و (6272) وقال: منكر.

(2)

أخرجه ابن أبي الدنيا في التواضع (168) ومداراة الناس (81)، والخرائطى في المكارم (61)، والطبرانى في الكبير (1/ 360 رقم 754)، وأبو الشيخ في طبقات أصبهان (4/ 237)، وأبو نعيم في المعرفة (775)، والضياء في المختارة 5/ 191 (1812 و 1813). وقال الضياء: إسناده =

ص: 20

قوله: وعن أنس رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة" تقدم ذلك.

4009 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الْمُسلم المسدد ليدرك دَرَجَة الصوام القوام بآيَات الله بِحسن خلقه وكرم ضريبته رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير ورواة أَحْمد ثِقَات إِلَّا ابْن لَهِيعَة الضريبة الطبيعة وزنا وَمعنى

(1)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته" تقدم الكلام على حسن الخلق، والضريبة الطبيعة وزنا ومعنى، قاله المنذري.

= حسن. قال الهيثمي في المجمع 8/ 24 - 25: رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف، وقال ابن دقيق العيد في الإمام: إنه وثق، ويقية رجاله ثقات. وقال الألباني: منكر الضعيفة (3030) واكتفى بتضعيفه في ضعيف الترغيب (1591).

(1)

أخرجه ابن وهب في الجامع (482)، وأحمد 2/ 177 (6648) و (6649) و 2/ 220 (7052)، والخرائطى في مكارم الأخلاق (51) و (53) و (600)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 702)، والطبرانى في الأوسط (3/ 274 رقم 3126) والكبير (14/ 108 رقم 14726)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (825).

وقال الهيثمي في المجمع 8/ 22: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ابن لهيعة؛ وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح". وصححه الألباني في الصحيحة (522) وصحيح الترغيب (2647).

ص: 21

4010 -

وَعَن صَفْوَان بن سليم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أخْبركُم بأيسر الْعِبَادَة وأهونها على الْبدن الصمت وَحسن الْخلق رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصمت مُرْسلا

(1)

.

قوله: وعن صفوان بن سليم [أبو عبد الله، وقيل: أبو الحارث، القرشي، الزهري، الفقيه، وأبوه سليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف روى عن: أنس بن مالك، وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وجابر بن عبد الله، وابن عمر وجماعة متفق على توثيقه وجلالته

(2)

].

قوله: "ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن الصمت وحسن الخلق" سيأتي الكلام على الصمت، وأما حسن الخلق فقال عمر رضي الله عنه: إن في الإنسان عشرة أخلاق تسعة حسنة، وواحدة سيئة فيفسد الخلق السيء العشرة الصحيحة فإياك وعثرة الشباب

(3)

، وتقدم الكلام على الحديث المرسل.

4011 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كرم الْمُؤمن دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ كلهم من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد الزنْجِي وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا مَوْقُوفا على عمر صحّح إِسْنَاده وَلَعَلَّه أشبه

(4)

.

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (27). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1592).

(2)

تهذيب الكمال (13/ ترجمة 2882)، وتهذيب التهذيب (4/ 425 - 426 ترجمة 744).

(3)

أخرجه عبد الرزاق (8239) و (8240).

(4)

أخرجه أحمد 2/ 365 (8774)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (1)، وفي العقل وفضله (4)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ص (4)، والبغوى في الجعديات (2962)، =

ص: 22

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "كرم المؤمن دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه" الحديث، الحسب في الأصل الشرف بالآباء وما يعده الإنسان من مفاخرهم وقيل الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء فجعل المالء بمنزلة شرف النفس الآباء والمعنى أن الفقير ذا الحسب لا يوقر ولا يحتفل به، والغني الذي لا حسب له يوقر ويجل في العيون ومنه الحديث الآخر حسب المرء دينه ومروءته خلقه ومنه الحديث:"تنكح المرأة لحسبها" قيل: الحسب ها هنا الفعال الحسن، قاله في النهاية

(1)

.

قوله: رووه كلهم من رواية مسلم بن خالد الزنجي [ضعفه ابن معين في رواية وأبو داود، وقال أبو حاتم لا يحتج به وقال البخاري منكر الحديث ووثقه ابن معين أيضًا في روايتين عنه وابن حبان، وأخرج له غير ما حديث في

= وابن حبان (483)، والدارقطني (3804)، والحاكم 1/ 123 و 2/ 163، والقضاعي في مسند الشهاب (190)، والبيهقي في السنن 7/ 219 - 220 (13777) و 10/ 328 - 329 (20810)، وفي الشعب (10/ 370 - 371 رقم 7643) و (10/ 384 رقم 7667)، وفي الآداب (164)، والخطيب في الفقيه والمتفقه ص 110، وابن عساكر في المعجم (225)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1003). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: الزنجي ضعيف. قال ابن عساكر: هذا حديث حسن غريب. وضعفه الألباني في الضعيفة (2369) وضعيف الترغيب (1593). وأخرجه البيهقى في الشعب (6/ 365 - 366 رقم 4336) عن عمر موقوفا. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1594).

(1)

النهاية (1/ 381).

ص: 23

صحيحه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وهو حسن الحديث].

4012 -

وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ يَا أَبَا ذَر لَا عقل كالتدبير وَلَا ورع كَالْكَفِّ وَلَا حسب كحسن الْخلق رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَغَيره فِي آخر حَدِيث طَوِيل تقدم مِنْهُ قِطْعَة فِي الظُّلم

(1)

.

4013 -

وَتقدم فِي الْإِخْلَاص حَدِيث أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد أَفْلح من أخْلص قلبه للْإيمَان وَجعل قلبه سليما وَلسَانه صَادِقا وَنَفسه مطمئنة وخليقته مُسْتَقِيمَة الحَدِيث

(2)

.

قوله: وعن أبي ذر رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: "يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق" الحديث [بياض].

قوله: وتقدم في الإخلاص "قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما" فذكره إلى أن قال "وخليقته مستقيمة" الحديث، الخليقة، والخلق بمعنى واحد وهي الطبع والجبلة.

(1)

أخرجه ابن حبان (361)، وأبو نعيم في الحية 1/ 166 - 168. وقال الألباني: ضعيف جدا - "الضعيفة"(1910 و 6090) وضعيف الترغيب (1595).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 147 (21310)، والطبراني في مسند الشاميين (1141)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 216، والبيهقي في الشعب (1/ 256 رقم 107)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (101). وقال أبو نعيم: غريب من حديث خالد تفرد به بحير عنه. وقال الهيثمي في المجمع 10/ 233: رواه أحمد، وإسناده حسن. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (7) و (1595) و (1731).

ص: 24

4014 -

وَعَن أبي الْعَلَاء بن الشخير رضي الله عنه أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم من قبل وَجهه فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ عَن يَمِينه فَقَالَ أَي الْعَمَل أفضل قَالَ حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ عَن شِمَاله فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ من بعده يَعْني من خَلفه فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا لَك لَا تفقه حسن الْخلق هُوَ أَن لَا تغْضب إِن اسْتَطَعْت رَوَاهُ محَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة مُرْسلا هَكَذَا

(1)

.

قوله: وعن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه[يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري أبو العلاء البصري، أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير وهانئ بن عبد الله بن الشخير روى عن أبيه وأخيه مطرف وسمرة بن جندب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمران بن حصين وحنظلة الكاتب وعثمان بن أبي العاص الثقفي وعياض بن حمار والنمر بن تولب وأبي هريرة وعائشة وغيرهم وعنه سليمان التميمي وسعيد الجريري وقتادة وخالد الحذاء وقره بن خالد وكهمس بن الحسن وفرقد السنجي وآخرون وثقه النسائي وغيره ويقال له رؤية

(2)

].

قوله: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه، فقال يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: "حسن الخلق" فذكر الحديث إلى أن قال: "حسن الخلق هو أن لا تغضب إن استطعت" تقدم.

(1)

أخرجه المروزى في تعظيم قدر الصلاة (878). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1596).

(2)

تهذيب التهذيب (11/ 341 - 342 ترجمة 654).

ص: 25

4015 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنا زعيم بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة لمن ترك المراء وَإِن كَانَ محقا وببيت فِي وسط الْجنَّة لمن ترك الْكَذِب وَإِن كَانَ مازحا وببيت فِي أَعلَى الْجنَّة لمن حسن خلقه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَتقدم لَفظه وَقَالَ حَدِيث حسن

(1)

.

4016 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن من أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة أحسنكم أَخْلَاقًا الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَديِث حسن

(2)

.

قوله: وعن جابر رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا" الحديث، تقدم الكلام على حسن الخلق.

4017 -

وَرُوِيَ عَن عمار بن يَاسر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حسن الْخلق خلق الله الْأَعْظَم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط

(3)

.

(1)

أخرجه أبو داود (4800)، والدولابي في الكنى والأسماء (1643) و (1887)، والطبراني في الكبير 8/ 98 (7488) و 8/ 186 (7770)، وفي الشاميين (1230) و (1594) عن أبي أمامة. وحسنه الألباني في الصحيحة (273)، الصحيحة (273)، الروض النضير (858).

وأخرجه ابن ماجه (51)، والترمذي (2111) عن أنس. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (138) و (2648).

(2)

أخرجه الترمذي (2018). وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وقال الألباني: صحيح، الصحيحة (791) وصحيح الترغيب (2649).

(3)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (8/ 184 رقم 8344)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 178) والحلية (2/ 145) والمعرفة (5213). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 20: =

ص: 26

قوله: وروي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "حسن الخلق خلق الله الأعظم".

4018 -

وَرُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن جِبْرِيل عَن الله تَعَالَى قَالَ إِن هَذَا دين ارتضيته لنَفْسي وَلنْ يصلح لَهُ إِلَّا السخاء وَحسن الْخلق فأكرموه بهما مَا صحبتموه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَتقدم فِي الْبُخْل والسخاء حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن بِمَعْنَاهُ

(1)

.

قوله: وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله تعالى قال: "إن هذا دين ارتضيته لنفسي ولن يصلح له إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه" الحديث، تقدم، والخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبع والسجية وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصوره الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق في

= رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك. وقال الألباني: موضوعه الضعيفة (3490) وضعيف الترغيب (1597).

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (8/ 375 رقم 8920). وقال الطبرانى: لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: عبد الملك بن مسلمة. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 20: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر وهو ضعيف، وكذلك مقدام بن داود. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1598).

ص: 27

غير موضع كقوله صلى الله عليه وسلم أكثرها: "ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق" والأحاديث في ذلك كثيرة وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة والله أعلم

(1)

.

4019 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم عليه السلام يَا خليلي حسن خلقك وَلَو مَعَ الْكفَّار تدخل مدْخل الْأَبْرَار وَإِن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أَن أظلهُ تَحت عَرْشِي وَأَن أسقيه من حَظِيرَة قدسي وَأَن أدنيه من جواري رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(2)

.

قوله: وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه الصلاة السلام يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مدخل الأبرار" تقدم الكلام على الخليل وعلى الخلق الحسن وعلى لفظ الأبرار.

قوله: "وأن أسقيه من حظيرة قدسي" الحظيرة بالطاء المشالة هي الجنة تقدم الكلام عليها.

(1)

النهاية (2/ 70).

(2)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (6/ 365 رقم 6506). وقال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن سعيد المقبري إلا أبو أمية بن يعلى، تفرد به مؤمل بن عبد الرحمن، ولا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 20 - 21: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1599) والضعيفة (3341).

ص: 28

4020 -

وَعنهُ أَيْضا رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النَّار أبدا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

(1)

.

قوله: وروي عنه أيضا رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار أبدا" الحديث، تطعمه أي لا تأكله النار أبدًا.

4021 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما أنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: "أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة فَأَعَادَهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالُوا نعم يَا رَسُول الله قَالَ أحسنكم خلقا" رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا" فذكره إلى أن قال: "أحسنكم أخلاقا" في هذا الحديث، الحث على حسن الخلق وبيان فضيلة صاحبه وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه، قال الحسن البصري

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (7/ 37 رقم 3780) وتمام (661). قال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن داود بن فراهيج إلا أبو غسان، ولا عن أبي غسان إلا عبد الله بن يزيد البكري، تفرد به: هشام بن عمار. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 21: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الله بن يزيد البكري وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1600) والضعيفة (4436).

(2)

أخرجه أحمد 2/ 185 (6735)، وابن حبان (485). قال الهيثمي في المجمع 8/ 21: رواه أحمد بإسناد جيد. قال الألباني: حسن صحيح - "الصحيحة"(791) وصحيح الترغيب (2650).

ص: 29

حقيقة حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه، قال القاضي عياض هو مخالفة بالشر والجميل والتودد لهم والإشفاق عليهم واحتمالهم والحلم عنهم والصبر عليهم في المكاره وترك الكبر والاستطالة عليهم ومجانبة الغلطة والغضب والمؤاخذة، قال: وحكى الطبري خلافا للسلف في حسن الخلق قال هو غريزة غير مكتسب، قال القاضي: والصحيح أن منه ما هو غريزة ومنه ما يكتسب بالخلق والاقتداء بغيره والله أعلم

(1)

.

4022 -

وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ لَقِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا ذَر فَقَالَ يَا أَبَا ذَر أَلا أدلك على خَصْلَتَيْنِ هما أخف على الظّهْر وأثقل على الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ بلَى يَا رَسُول الله قَالَ عَلَيْك بِحسن الْخلق وَطول الصمت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى بِإِسْنَاد جيد رُوَاته ثِقَات وَاللَّفْظ لَهُ وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حيّان فِي كتاب الثَّوَاب بِإِسْنَاد واه عَن أبي ذَر وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا ذَر أَلا أدلك على أفضل الْعِبَادَة وأخفها على الْبدن وأثقلها فِي الْمِيزَان وأهونها على اللِّسَان قلت بلَى فدَاك أبي وَأمي قَالَ عَلَيْك بطول الصمت وَحسن الْخلق فَإنَّك لست بعامل يَا أَبَا ذَر بمثلهما

(2)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (15/ 78 - 79).

(2)

أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (554) وذم الكلام (91)، والبزار في كشف الأستار (3573)، وأبو يعلى (3298)، وابن حبان في المجروحين (1/ 191)، والطبرانى في الأوسط (7/ 140 - 141 رقم 7103)، والبيهقى في الشعب (7/ 20 - 21 رقم 4591) و (10/ 369 - 370 رقم 7641). قال البزار: لا نعلم روى بشار عن ثابت غيره. وقال الطبرانى: لم يرو هذين الحديثين عن ثابت إلا بشار بن الحكم. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 22: رواه أبو يعلى والطبراني في =

ص: 30

4023 -

وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا الدَّرْدَاء أَلا أنبئك بأمرين خَفِيف مؤنتهما عَظِيم أجرهما لم تلق الله عز وجل بمثلهما طول الصمت وَحسن الْخلق

(1)

.

قوله: وعن أنس رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: لأبي ذر: يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل على الميزان من غيرهما، قال: بلى يا رسول الله قال: "عليك بحسن الخلق وطول الصمت" الحديث، وفي رواية:"ألا أنبئك بأمرين خفيف مؤنتهما عظيم أجرهما لم تلق الله عز وجل بمثلهما طول الصمت وحسن الخلق" الحديث، الصمت السكوت وحسن الخلق هو ما اختاره الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}

(2)

وقيل: هو مجموع خصال حميدة وصفات شريفة يتضمن اقتراب كل خير واجتناب كل شر، وقيل: هو احتمال المكروه بحسن المداراة، وقيل: هو كف الأذى واحتمال الأذى من الجنس وغير الجنس قاله الأصبهاني شارح الأربعين الودعانية

(3)

.

= الأوسط، ورجال أبي يعلى ثقات. وأخرجه أبو الشيخ في طبقات أصبهان (4/ 303) عن أبي ذر. وأخرجه هناد في الزهد (2/ 545)، وابن أبي الدنيا في الصمت (646) عن الشعبى مرسلًا.

وضعفهما الألباني ضعيف الترغيب (1601)

(1)

لم أعثر عليه. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1602).

(2)

سورة الأعراف، الآية:199.

(3)

شرح الأربعين الودعانية (ح 14/ ص 238).

ص: 31

4024 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أخْبركُم بخياركم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ أطولكم أعمارا وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كِلَاهُمَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق وَلم يُصَرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخياركم" قالوا: بلى يا رسول الله قال: "أطولكم أعمارا وأحسنكم أخلاقا" الحديث، تقدم الكلام على ذلك.

4025 -

وَعَن أُسَامَة بن شريك رضي الله عنه قَالَ كنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا على رؤوسنا الطير مَا يتَكَلَّم منا مُتَكَلم إِذْ جَاءَهُ أنَاس فَقَالُوا من أحب عباد الله إِلَى الله تَعَالَى قَالَ أحْسنهم خلقا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 90 (34422)، وأحمد 2/ 235 (7212) و 2/ 403 (9235)، والبزار (8559)، والطبرى في تهذيب الآثار - الجزء المفقود (1/ 373 رقم 681)، وابن حبان (484) و (2981). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 22: رواه البزار، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. وصححه الألباني في الصحيحة (1298) وصحيح الترغبب (2651) و (3361).

(2)

أخرجه أحمد 4/ 278 (18456)، وابن حبان (486)، والطبرانى في الأوسط (6/ 268 رقم 6320) والكبير (1/ 181 رقم 471) و (1/ 183 رقم 478). وقال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن عثمان بن حكيم إلا عيسى بن يونس. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2652).

ص: 32

4026 -

وَفِي رِوَايَة لابْنِ حبَان بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنه قَالَ يَا رَسُول الله فَمَا خير مَا أعطي الْإِنْسَان قَالَ خلق حسن وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ بِنَحْوِ هَذِه وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا وَلم يخرجَاهُ لِأَن أُسَامَة لَيْسَ لَهُ سوى راو وَاحِد كَذَا قَالَ وَلَيْسَ بصواب فقد روى عَنهُ زِيَاد بن علاقَة وَابْن الْأَقْمَر وَغَيرهمَا

(1)

.

قوله: وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه[هو أسامة بن شريك الثعلبي من بني ثعلبة بن يربوع، قاله أبو نعيم، وقال أبو عمر: من بني ثعلبة بن سعد، ويقال: من ثعلبة بن بكر بن وائل، وقال ابن منده: الذبياني الغطفاني أحد بني ثعلبة بن بكر، عداده في أهل الكوفة قال ابن الأثير: قول ابن منده فيه نظر، فإنه إن كان غطفانيا، فيكون من ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، فكيف يكون من ثعلبة بن بكر بن وائل، وأولئك من قيس عيلان من مضر وبكر بن وائل من ربيعة؟ هذا متناقض، وإنما الذي قاله أبو عمر مستقيم، فإنه قد قيل: إنه من ذبيان، وقيل: من بكر، ولا مطعن عليه، وقول أبي نعيم: إنه من ثعلبة بن يربوع، فليس بشيء، لأنه يكون من تميم، ولم يقله أحد يعول عليه، إنما الصواب أنه من ثعلبة بن سعد، والله أعلم

(2)

].

(1)

أخرجه ابن حبان (6061)، والطبرانى في الكبير (1/ 183 و 184 و 185 رقم 479 و 480 و 482 و 483 و 485)، والحاكم 4/ 399 و 400. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2652).

(2)

أسد الغابة (1/ 197 ترجمة 85).

ص: 33

قوله: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم، وهذه كانت صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فلا يتكلمون" قال الجوهري

(1)

: وقولهم: كان على رؤوسهم الطير إذا سكتوا من هيبته وأصله أن الغراب يقع على رأس البعير فيلقط منه الحلمة والجمنانة فلا يحرك البعير رأسه لئلا ينفر عنه الغراب والطير لا يسقط إلا على ساكن، أ. هـ.

قوله: قالوا: يا رسول الله فما خير ما أعطى الإنسان قال: "خلق حسن" الحديث، وهكذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحسن الناس الخلق" وقال: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط أف ولا قال لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله إلا فعلت ولكن يقول: قدر الله وما شاء فعل أو لو قدر لكان قلت وما ذاك إلا لكمال معرفته صلى الله عليه وسلم بأن لا فاعل ولا معطي ولا مانع إلا الله عز وجل بخلاف غيره من الناس فإن غلامه إذا لم يقض شغله غضب وقام وضربه

(2)

. أ. هـ.

4027 -

وَعَن جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما قَالَ كنت فِي مجْلِس فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسمرَة وَأَبُو أُمَامَة فَقَالَ إِن الْفُحْش والتفحش ليسَا من الْإِسْلَام فِي شَيْء وَإِن

(1)

الصحاح (2/ 728).

(2)

التعيين في شرح الأربعين (ص 142 - 143).

ص: 34

أحسن النَّاس إسلاما أحْسنهم خلقا رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَإسْنَاد أَحْمد جيد وَرُوَاته ثِقَات

(1)

.

قوله: وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء" الحديث، الفحش كلمة جامعة لكل خصلة قبيحة والتفحش التكلف في ذلك وتعمده، قال ابن عرفة في كلامه: والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده

(2)

والله أعلم وتقدم على ذلك قريبا.

4028 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما أَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَرَادَ سفرا فَقَالَ يَا نَبِي الله أوصني قَالَ اعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا قَالَ يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ إِذا أَسَأْت فَأحْسن قَالَ يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ اسْتَقِم وليحسن خلقك رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(3)

.

(1)

أخرجه أحمد 5/ 89 (20831) و 5/ 99 (20943)، والبخاري في التاريخ الكبير 6/ 291، وأبو يعلى (7468)،، وابن أبي الدنيا في الصمت (239) والطبراني في الكبير (2/ 256 رقم 2072). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 25: رواه الطبراني واللفظ له، وأحمد وابنه وقال: وإن خير الناس إسلاما أحسنهم خلقا. وأبو يعلى بنحوه، ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2653).

(2)

مشارق الأنوار (2/ 148).

(3)

أخرجه الخرائطى في المكارم (6)، وابن حبان (524)، والطبرانى في الأوسط (8/ 318 رقم 8747)، والحاكم 1/ 54 و 4/ 244، والبيهقى في الشعب (10/ 382 - 383 رقم 7664 و 7665)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1047 - 1048). وحسنه الألباني في "الصحيحة"(1228) وصحيح الترغيب (2654) و (3158).

ص: 35

قوله: وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، تقدم.

4029 -

وَرَوَاهُ مَالك عَن معَاذ قَالَ كَانَ آخر مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين وضعت رجْلي فِي الغرز أَن قَالَ يَا معَاذ أحسن خلقك للنَّاس

(1)

.

قوله: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أراد سفرًا، فقال: يا نبي الله أوصني، قال: اعبد الله لا تشرك به شيئا، قال: يا نبي الله زدني، قال:"إذا أسأت فأحسن"، قال: يا نبي الله زدني، قال:"استقم وليحسن خلقك" الحديث، وتقدم معنى الاستقامة في المحافظة على الوضوء وتقدم معنى تحسين الخلق في أحاديث الباب.

4030 -

وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اتَّقِ الله حَيْثُمَا كنت وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها وخالق النَّاس بِخلق حسن رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح

(2)

.

قوله: وعن أبي ذر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" الحديث، وفي هذا الحديث أحكام ثلاثة أحدها: يتعلق بحق الله تعالى

(1)

أخرجه مالك في الموطأ (2626)، ووصله أبو نعيم في الحلية (4/ 376). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1603).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 153 (21354) و 5/ 158 (21403)، والدارمي (2791)، والترمذي (1987)، والبزار (4022)، والحاكم 1/ 54، وأبو نعيم في الحلية 4/ 378، والبيهقي في الشعب (10/ 381 - 382 رقم 7663)، وفي الزهد الكبير (869). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2655)، المشكاة (5083)، الروض النضير (855).

ص: 36

وهو أن يتقيه حيث ما كان وتقوى الله عز وجل تتضمن ما تضمنه، في قوله عليه السلام:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء" وما تضمنه حديث جبريل عليه السلام من الإسلام والإيمان والإحسان لأن سائر أحكام التكليف لا يخرج عن الأمر والنهي، فإذا اتقى الله بفعل ما أمر وترك ما نهي فقد أتى بجميع وظيفة التكليف

(1)

.

الحكم الثاني: يتعلق بالمكلف وهو أنه إذا فعل سيئة اتبعها حسنة تمحها ويدفع عنه حكمها لقول الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ}

(2)

السيئات ذلك ذكرى للذاكرين أي عظة لمن اتعظ فلا تعجزن أيها الإنسان إذا أتيت سيئة بقلبك أو لسانك أو جارحتك أن تتبعها بحسنة من صلاة ركعتين أو صدقة وإن قلت أو ذكر الله عز وجل ولو أن تقول سبحان الله وبحمده فإنه أحب الكلام إلى الله عز وجل والحمد لله تملأ الميزان، وفي الصحيح:"كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"

(3)

فلا تعجزن عن اتباع السيئة بنحو هذا الكلام المبارك يمحها إن شاء الله عز وجل ثم إن كانت السيئة صغيرة كفاها الحسنة السيئة اليسيرة والذكر اليسير وإن كانت كبيرة فأكثر مما يمحوها من ذلك

(4)

.

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 153 - 154).

(2)

سورة هود، الآية:14.

(3)

أخرجه البخاري (6406) و (6682) و (7563)، ومسلم (31 - 2694)، والترمذى (3467)، وابن ماجه (3806) عن أبي هريرة.

(4)

التعيين في شرح الأربعين (ص 154).

ص: 37

الحكم الثالث: يتعلق بحقوق الناس وهو مخالفتهم أي معاشرتهم خلق حسن والخلق الحسن قيل كف الأذى وبذل الندى والأشبه تفسيره بأن يحب للناس ما يحب لنفسه ويأتي إليهم ما يحب أن يؤتي إليه ففي ذلك أعني معاشرتهم لخلق حسن اجتماع القلوب وانتظام الأحوال وكف الشر عنهم واكتفاء شرهم وذلك جماع الخير وملاك الأمر إن شاء الله تعالى

(1)

.

فائدة: ومما يتعلق بالحكم الأول وهو التقوى أنها مذكورة في قول الله عز وجل: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}

(2)

الآية، ثم قال الله عز وجل:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}

(3)

فيقول: من أتى بما في الآية الأولى من الإيمان والإسلام فهو متقي والمتقي ولي الله عز وجل فمن أتى بما في الآية فهو ولي الله عز وجل فصار معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "اتق الله حيث ما كنت" كن وليا لله بتقواك إياه وفيه دليل على أن الولاية مكتسبة والألم يصح الأمر بها ويجيء في النبوة مثل ذلك لأن النبوة ولاية خاصة كاملة لكن الجمهور على أنهما موهبتان لا مكتسبتان والتحقيق أنهما موهبتان من الله عز وجل مرتبتان على زكاء النفس وصلاح العمل كالرزق هو من فضل الله عز وجل وهو مرتب على الأسباب والاكتساب التي جرت بها العادة في حصول

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 154 - 155).

(2)

سورة البقرة، الآية:177.

(3)

سورة يونس، الآيتان: 62 - 63.

ص: 38

الرزق وكما قال الله عز وجل: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}

(1)

وقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}

(2)

وقال عز وجل: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}

(3)

يعني الأنبياء المذكورين في سورتهم على ما من به عليهم بمسارعتهم في الخيرات وما بعده، أهـ ذكر شرح هذا الحديث بكماله الطوفي في الأربعين النواوية

(4)

. والله تعالى أعلم.

4031 -

وَعَن عُمَيْر بن قَتَادَة رضي الله عنه أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَي الصَّلَاة أفضل قَالَ طول الْقُنُوت قَالَ فَأَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ جهد الْمقل قَالَ أَي الْمُؤمنِينَ أكمل إِيمَانًا قَالَ أحْسنهم خلقا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة سُوَيْد بن إِبْرَاهِيم أبي حَاتِم وَلَا بَأْس بِهِ فِي المتابعات

(5)

.

(1)

سورة الملك، الآية:15.

(2)

سورة السجدة، الآية:24.

(3)

سورة الأنبياء، الآية:90.

(4)

التعيين (ص 153 - 159).

(5)

أخرجه المروزى في تعظيم قدر الصلاة (645) و (882)، وأبو يعلى في المعجم (129) وعنه ابن زيدان (40)، وأبو محمد الفاكهى (198)، والطبرانى في الأوسط (8/ 110 - 111 رقم 8123) والكبير (17/ 48 رقم 103)، والبيهقى في الشعب (12/ 191 رقم 9262). قال الطبرانى: لا يروى هذا الحديث عن عمير بن قتادة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: سويد أبو حاتم. وقال الهيثمي 1/ 58: رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه سويد بن حاتم، اختلف في ثقته وضعفه، مجمع الزوائد. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2656).

ص: 39

قوله: وعن عُمير بن قتادة رضي الله عنه[عمير بن قتادة بن سعد الليثي سكن مكة، روى عنه ابنه عبيد].

قوله: أن رجلا قال يا رسول اللَّه أي الصلاة أفضل قال "طول القنوت"، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل" قال: أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال: "أحسنهم خلقا" الحديث، تقدم أن المراد بطول القنوت القيام في الصلاة، وجهد المقل: بفتح الجيم الطاقة، وتقدم أبسط من هذا، وتقدم الكلام على حسن الخلق في أحاديث الباب.

قوله: رواه الطبراني [في الأوسط] من رواية سُويد بن إبراهيم أبي حاتم هو سويد [بن إبراهيم البصري العطار: ضعفه النسائي وغيره ووثقه ابن معين وغيره].

4032 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول اللَّهُمَّ كمَا أَحْسَنت خلقي فَأحْسن خلقي رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات

(1)

.

قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام على ترجمتها.

قوله: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي" الحديث.

(1)

أخرجه أحمد 6/ 68 (24392) و 6/ 155 (25221)، والبيهقي في الدعوات الكبير (488 و 489) والشعب (11/ 62 رقم 8184 و 8185). قال الهيثمي في المجمع 8/ 20 و 10/ 173: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الإرواء (74) وصحيح الترغيب (2657).

ص: 40

فرع: يندب النظر في المرآة اقتداء به عليه الصلاة والسلام وأن يقول اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي

(1)

، أ. هـ. ورواه ابن السني عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر في المرآة، قال:"اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي"

(2)

. وفي كتاب ابن السني من رواية أنس كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا نظر وجهه في المرآة قال: الحمد الذي سوى خلقي بعدله وكرم صورة وجهي فحسنها وجعلني من المسلمين

(3)

.

لطيفة حسنة: قال بعض الحكماء ينبغي للعامل أن ينظر كل يوم في المرآة فإن رأى وجهه حسنا لم يشنه بقبيح وإن كان قبيحا لا يجمع بين قبيحين، وقال بعضهم في المعنى:

يا حسن الوجه توق الخنا

لا تبدلن الزين بالشين

ويا قبيح الوجه كن محسنا

لا تجمع بين قبيحين

(4)

4033 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إِن أحبكم إِلَيّ أحاسنكم أَخْلَاقًا الموطئون أكنافا الَّذين يألفون ويؤلفون وَإِن أبغضكم إِلَيّ المشاؤون بالنميمة المفرقون بَين الْأَحِبَّة الملتمسون للبرآء الْعَيْب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث عبد اللَّه بن مَسْعُود

(1)

شرح المشكاة (10/ 3241).

(2)

أخرجه ابن السني (163). وضعفه الألباني في الإرواء (74).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 240 رقم)، وابن السني (165)، وأبو الشيخ في الأخلاق (498). وضعفه الألباني في الإرواء (1/ 114)، وضعيف الجامع (4459).

(4)

التمثيل والمحاضرة (ص 175).

ص: 41

بِاخْتِصَار وَيَأْتِي فِي النميمة إِن شَاءَ اللَّه حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن غنم بِمَعْنَاهُ

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" الحديث، فالخلق بضم اللام الطباع أو الطبع والخلق الدين والخلق أيضا المروءة قاله عياض

(2)

ومعنى قوله "الموطئون أكنافا" هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذليل وفراش وطيئ لا يؤذي جنب النائم والأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذي قاله في النهاية

(3)

.

(1)

أما حديث أبى هريرة: أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (253) وذم الغيبة (117) ومداراة الناس (146)، والطبراني في الأوسط (7/ 350 رقم 7697) والصغير (2/ 89 رقم 835)، وابن عدي (5/ 97)، وابن بشران (513)، والخطيب في التاريخ (3/ 169). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الجريري إلا صالح المري. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 21: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه صالح بن بشير المري وهو ضعيف. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2658).

وأما حديث ابن مسعود: أخرجه البزار (1723)، والطبراني في الكبير (10/ 190 رقم 10424). قال البزار: لا نعلمه يروى عن عبد اللَّه إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 21: رواه الطبراني والبزار، وفي إسناد البزار صدقة بن موسى وهو ضعيف. وفي إسناد الطبراني عبد اللَّه الرمادي، ولم أعرفه. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2659).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 239).

(3)

النهاية (5/ 201).

ص: 42

4034 -

وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَت أم حَبِيبَة يَا رَسُول اللَّه الْمَرْأَة يكون لَهَا زوجان ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة هِيَ وزوجاها لأيهما تكون للْأولِ أَو للْآخر قَالَ تخير أحسنهما خلقا كَانَ مَعهَا فِي الدُّنْيَا يكون زَوجهَا فِي الْجنَّة يَا أم حَبِيبَة ذهب حسن الْخلق بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار بِاخْتِصَار وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضًا فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث أم سَلمَة فِي آخر حَدِيث طَوِيل يَأْتِي فِي صفة الْجنَّة إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى

(1)

.

قوله: وعن أنس رضي الله عنه تقدم.

(1)

أخرجه عبد بن حميد (1212)، والبزار في مسنده (1980/ كشف الأستار)، والباغندي في الأمالي (39)، والعقيلى في الضعفاء (2/ 171)، والخرائطي في المكارم (50)، والطبراني في الكبير (23/ 222 رقم 411)، وابن عدي في الكامل (5/ 348)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 291 رقم 1051)، وابن بشران في الأمالي (734)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 371). قال أبو حاتم في العلل (1252): هذا حديث موضوع لا أصل له، وسنان عندنا مستور.

وقال الهيثمي في المجمع 8/ 24: رواه الطبراني والبزار باختصار، وفيه عبيد بن إسحاق وهو متروك، وقد رضيه أبو حاتم وهو أسوأ أهل الإسناد حالا. وقال الألباني في ضعيف الترغيب: منكر (1604).

وأما حديث أم سلمة: أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 278 - 279 رقم 3142) والكبير (23/ 367 رقم 870)، وابن الجوزي في العلل (1077). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا سليمان بن أبي كريمة، تفرد به عمرو بن هاشم. وقال الهيثمي في المجمع 7/ 119: رواه الطبراني، وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي. وقال الألبانى في ضعيف الترغيب: منكر (1604).

ص: 43

قوله صلى الله عليه وسلم يا أم حبيبة: "يا أم حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة" تقدم الكلام عليه.

4035 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الْخلق الْحسن يذيب الْخَطَايَا كَمَا يذيب المَاء الجليد والخلق السوء يفْسد الْعَمَل كَمَا يفْسد الْخلّ الْعَسَل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَالْبَيْهَقِيّ

(1)

.

قوله: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد" الحديث، وفي حديث آخر ذكره صاحب المغيث:"حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد" وقال الجليد: ما سقط من الصقيع فجمد

(2)

، وقال في النهاية

(3)

: الجليد هو الماء الجامد من البرد، أ. هـ واللَّه أعلم.

4036 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وخياركم خياركم لأَهله رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَالْبَيْهَقِيّ إِلَّا أَنه قَالَ وخياركم خياركم لنسائهم

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (1/ 259 رقم 850) والكبير (10/ 319 رقم 10777)، وابن عدي في الكامل (6/ 419)، والبيهقي في الشعب (10/ 386 - 387 رقم 7673)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1594). وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى بن ميمون. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 24: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عيسى بن ميمون المدني وهو ضعيف. وضعفه جدا الألباني في الضعيفة (440) و (441)، وضعيف الترغيب (1605).

(2)

المجموع المغيث (1/ 339).

(3)

النهاية (1/ 285).

ص: 44

وَالْحَاكِم دون قَوْله وخياركم خياركم لأَهله، وَرَوَاهُ بِدُونِهِ أَيْضا مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَزَاد فِيهِ وَإِن الْمَرْء ليَكُون مُؤمنا وَإِن فِي خلقه شَيْئا فينقص ذَلِك من إيمَانه

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لأهله" تقدم الكلام عليه وكذلك حديث أبي هريرة أيضًا بعده.

4037 -

وعن أبي هريرة أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم، ولكن يَسَعُهُمْ منكم بسطُ الوجه، وحُسْنُ الخُلُقِ" رواه أبو يعلى والبزار من طرق أحدُها حسن جيد

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 2/ 250 (7402) و 2/ 472 (10106) و 2/ 527 (10817)، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162)، والمروزي (452) و (453) و (454)، وابن حبان (479) و (4176) والحاكم 1/ 6، والبيهقي في الآداب (153) والاعتقاد (ص 178) والكبرى (10/ 323 رقم 20783) والشعب (1/ 128 رقم 26 و 27) و (10/ 351 - 352 رقم 7607 و 7608) و (10/ 354 رقم 7612 و 7613). ورواية المروزي الأولى وكذلك وقع عند البيهقي مثل رواية الترمذي. قال الترمذي: حديث أبي هريرة هذا حديث حسن صحيح.

وقال الألباني: حسن صحيح، الصحيحة (284) وصحيح الترغيب (1923) و (2660). وقال: وزاد فيه: وإن المرء ليكون مؤمنًا؛ وإنّ في خلقه شيئًا، فينقص ذلك من إيمانه. ولما كانت هذه الزيادة منكرة فقد حذفتها، وبينت نكارتها في الضعيفة (6767).

(2)

أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 5/ 212 (25333)، والبزار (8544) و (9319) و (9651)، وأبو يعلى (6550). وقال البزار في الطريق الأخير: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ابن إدريس، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا أسود بن سالم وكان ثقة =

ص: 45

قوله: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" [أي: لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم، والوسع والسعة الجدة والطاقة

(1)

].

4038 -

وَعَن رجل من مزينة قَالَ قيل يَا رَسُول اللَّه مَا أفضل مَا أُوتِيَ الرجل الْمُسلم قَالَ الْخلق الْحسن قَالَ فَمَا شَرّ مَا أُوتِيَ الرجل الْمُسلم قَالَ إِذا كرهت أَن يرى عَلَيْك شَيْء فِي نَادِي الْقَوْم فَلَا تَفْعَلهُ إِذا خلوت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي كِتَابه عَن معمر عَن أبي إِسْحَاق عَنهُ

(2)

.

قوله: وعن رجل من مزينة، مزينة: اسم قبيلة من العرب.

قوله: "إذا كرهت أن يرى عليك شيء في نادي القوم فلا تفعله إذا خلوت" نادي القوم هو متحدثهم ومجتمعهم.

4039 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِن هَذِه الْأَخْلَاق من اللَّه فَمن أَرَادَ اللَّه بِهِ خيرا منحه خلقا حسنا وَمن أَرَادَ بهِ سوءا منحه خلقا سَيِّئًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

(3)

.

= بغداديا. قال الهيثمي فى المجمع 8/ 22: وفيه عبد اللَّه بن سعيد المقبري وهو ضعيف.

وقال البوصيرى في الاتحاف (5/ 506): هذا إسناد ضعيف، لضعف عبد اللَّه بن سعيد المقبري. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2661).

(1)

النهاية (5/ 184).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في الجامع (20151). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1606).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 275 رقم 8621). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن عجلان إلا مسلمة بن علي، تفرد به عمران بن هارون. وقال الهيثمي في =

ص: 46

قوله: وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الأخلاق من اللَّه فمن أراد اللَّه به خيرا منحه خلقا حسنا" الحديث، المنحة العطية.

4040 -

وَعَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِن أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني فِي الْآخِرَة محاسنكم أَخْلَاقًا وَإِن أبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني فِي الْآخِرَة أسوؤكم أَخْلَاقًا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث جَابر وَحسنه لم يذكر فِيهِ أسوؤكم أَخْلَاقًا وَزَاد فِي آخِره قَالُوا يَا رَسُول اللَّه قد علمنَا الثرثارون والمتشدقون فَمَا المتفيهقون قَالَ المتكبرون الثرثار بثاءين مثلثتين مفتوحتين هُوَ الْكثير الْكَلَام تكلفا والمتشدق هُوَ الْمُتَكَلّم بملء شدقه تفاصحا وتعظيما لكَلَامه والمتفيهق أَصله من الفهق وَهُوَ الامتلاء وَهُوَ بِمَعْنى المتشدق لِأَنَّهُ الَّذِي يمْلَأ فَمه بالْكلَام ويتوسع فِيهِ إِظْهَارًا لفصاحته وفضله واستعلاء على غَيره وَلِهَذَا فسره النَّبِي صلى الله عليه وسلم بالمتكبر

(1)

.

= المجمع 8/ 20: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف. وضعفه جدا الألباني في ضعيف الترغيب (1607) والضعيفة (3244).

(1)

أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 5/ 210 (25320)، وأحمد 4/ 193 (17732) و 4/ 194 (17743) والخرائطي في مكارم الأخلاق (58)، وابن حبان (482) و (5557)، والطبراني في الكبير 22/ 221 (588) و 22/ 263 (676)، وفي الشاميين (3490) وأخرجه أبو نعيم في الحلية 3/ 97 و 5/ 188، والبيهقي في الشعب (7/ 40 - =

ص: 47

قوله: وعن أبي ثعلبة الخُشني رضي الله عنه والخشني بضم الخاء وفتح الشين المعجمة وبالنون منسوب إلى خشينة، قبيلة معروفة من قضاعة، واسمه جرثوم بن ناشز، وجرثوم: بضم الجيم والثاء المثلثة وإسكان الراء بينهما، وفي اسمه واسم أبيه اختلاف كثير، أ. هـ ذكره النووي في إشاراته على الأربعين النواوية

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون" الحديث، ورواه الترمذي من حديث جابر وزاد في آخره قالوا: يا رسول اللَّه قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: "المتكبرون" الثرثار: بثاءين مثلثتين مفتوحتين هو الكثير الكلام تكلفا، أ. هـ.

= 42 رقم 4616) و (10/ 359 - 360 رقم 7622) والكبرى (10/ 326 رقم 20799)، والبغوي في شرح السنة (3395) عن أبى ثعلبة الخشني.

قال الهيثمي في المجمع 8/ 21: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2662)، والصحيحة (791). وأخرجه الترمذي (2018)، والخرائطي في مساويء الأخلاق (59) و (552)، والطبراني في المكارم (6). وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وروى بعضهم هذا الحديث، عن المبارك بن فضالة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن عبد ربه بن سعيد. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (2663) و (2897)، الصحيحة (791).

(1)

الأربعون النووية والإشارات (ص 130 - 131).

ص: 48

وقال بعضهم

(1)

: الثرثارون هم الذين يكثرون الكلام تكلفا وخروجا عن الحق، والثرثرة كثرة الكلام وترديده.

والمتشدقون هم المتوسعون في الكلام من غير احتياط واحتراز

(2)

.

وقيل

(3)

: أراد بالمتشدق المستهزيء بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم، وفي الحديث أيضًا:"إن اللَّه يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل الكلام بلسانه كما تتخلل البقرة الكلام بلسانها"

(4)

هو الذي يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا قاله في النهاية

(5)

.

والمتفيهق أصله من الفهق وهو الامتلاء وهو بمعنى المتشدق لأنه الذي يملأ فاه بالكلام ويتسع فيه إظهارًا لفصاحته وفضله واستعلاء على غيره ولهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبر انتهى، ذكره المنذري، وقال غيره

(6)

: الثرثار هو كثير الكلام بغير فائدة دينية والمتشدق المتكلم بملء فيه تفاصحا وتعاظما وتطاولا وإظهارا لفضله على غيره، أ. هـ.

(1)

النهاية (1/ 209) وشرح المشكاة (10/ 3106) للطيبي، وشرح المشكاة (5/ 229) للطيبي.

(2)

النهاية (2/ 453)، وشرح المشكاة (10/ 3106) للطيبي.

(3)

النهاية (2/ 453)، وتحفة الأبرار (2/ 233)، والمفاتيح (5/ 167).

(4)

أخرجه أبو داود (5005)، والترمذي (2857) عن عبد اللَّه بن عمرو. وصححه الألباني فى الصحيحة (880).

(5)

النهاية (2/ 73).

(6)

المفاتيح (5/ 167)، ومدارج السالكين (2/ 293 - 294).

ص: 49

4041 -

وَعَن رَافع بن مكيث وَكَانَ مِمَّن شهد الْحُدَيْبِيَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ حسن الْخلق نَمَاء وَسُوء الْخلق شُؤْم وَالْبر زِيَادَة فِي الْعُمر وَالصَّدَقَة تدفع ميتَة السوء رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد باخْتِصَار وَفِي إسنادهما راو لم يسم وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات

(1)

.

قوله: وعن رافع بن مكيث وكان ممن شهد الحديبية رضي الله عنه تقدم الكلام على ترجمته في الشفعة على خلق اللَّه.

قوله: "حسن الخلق نماء" الحديث، والنماء الزيادة، وتقدم أيضًا الكلام على في الباب المذكور.

4042 -

وَرُوِيَ عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قيل يَا رَسُول اللَّه مَا الشؤم قَالَ سوء الْخلق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 3/ 502 (16079)، وأبو داود (5162)، وابن زنجويه في الأموال (1312)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2562)، وأبو يعلى (1544)، والطبراني في الكبير (5/ 17 رقم 4451)، والقضاعي (244) و (245). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 22: رواه أحمد من طريق بعض بني رافع ولم يسمه، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (794)، وضعيف الترغيب (1608).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 38 رقم 5726) و (8/ 203 رقم 8404)، والبيهقي في الشعب (10/ 378 - 379 رقم 7657 و 7658 و 7659)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1222). قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به الفضل بن عيسى. وقال أيضًا: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا الفضل بن عيسى، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد. وقال البيهقي: زاد ابن ناجية في إسناده رجلا، وهو أولى، وكيف كان فهو ضعيف الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 25: =

ص: 50

قوله: وروي عن جابر رضي الله عنه تقدم.

قوله: قيل يا رسول اللَّه: ما الشؤم؟ قال: "سوء الخلق" الشؤم تقدم الكلام عليه في كتاب النكاح في كر المسكن الضيق.

4043 -

وَرَوَاهُ فِيهِ أَيْضًا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الشؤم سوء الْخلق

(1)

.

4044 -

وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من شَيْء إِلَّا لَهُ تَوْبَة إِلَّا صَاحب سوء الْخلق فَإِنَّهُ لَا يَتُوب من ذَنْب إِلَّا عَاد فِي شَرّ مِنْهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأصبهاني

(2)

.

4045 -

وَفِي رِوَايَة للأصبهاني عَن رجل من أهل الجزيرة لم يسمه عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مَا من ذَنْب أعظم عِنْد اللَّه عز وجل

= رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1609).

(1)

أخرجه أحمد 6/ 85 (24547)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (2)، والطبراني في الأوسط (4/ 334 رقم 4360) والشاميين (1462)، وفي مسند الشاميين (1462)، وابن عدي في الكامل 2/ 472، وأبو نعيم في الحلية 6/ 103 و 10/ 249. قال الهيثمي في المجمع 8/ 25: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (793) وضعيف الترغيب (1610).

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 333 رقم 553)، والخطيب في التاريخ (8/ 59)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1225). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 25: رواه الطبراني في الصغير، وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (126) و (3119) و (5266) وضعيف الترغيب (1611).

ص: 51

من سوء الْخلق وَذَلِكَ أَن صَاحبه لَا يخرج من ذَنْب إِلَّا وَقع فِي ذَنْب وَهَذَا مُرْسل

(1)

.

قوله: وروي عن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء إلا له توبة إلا صاحب سوء الخلق" الحديث، وفي رواية للأصبهاني عن رجل من أهل الجزيرة ولم يسمه عن ميمون بن مهران الحديث، ميمون بن مهران [هو أبو أيوب الرقى أعتقته امرأة من بني نصر بن معاوية بالكوفة، فنشأ بها، ثم سكن الرقة أرسل عن عمر والزبير وروى عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم، وروى عنه: ابنه؛ عمرو، وأبو بشر جعفر بن إياس، وحميد الطويل، وسليمان وجماعة وثقه النسائي وأحمد والعجلي وابن سعد، قال أبو المليح: ما رأيت أفضل منه ومن كلامه من أساء سرا فليتب سرًّا ومن أساء علانية فليتب علانية مات سنة سبع عشرة ومائة

(2)

].

قوله: وهذا مرسل، تقدم الكلام على الحديث المرسل في اصطلاح المحدثين.

4046 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشقاق والنفاق وَسُوء الْأَخْلَاق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

(3)

.

(1)

أخرجه الأصبهانى في الترغيب والترهيب (1224). وقال الألباني: موضوع ضعيف الترغيب (1612).

(2)

تهذيب الكمال: 29/ 210 - 227، تذهيب التهذيب 9/ ترجمة 7090، تهذيب التهذيب 10/ 390.

(3)

أخرجه أبو داود (1546)، والنسائي في المجتبى 8/ 354 (5515) والكبرى (7853). وقال الألباني: ضعيف، المشكاة (2468)،، ضعيف الترغيب (1613).

ص: 52

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدعو يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق" الحديث، وخرج ابن حبيب الأندلسي في مناسكه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ومن كل أمر لا يطاق" قال ابن أسلم: أما الشقاق فمفارقة الإسلام وأهله، وأما النفاق فإظهار الإيمان واسرار الكفر، وأما سوء الأخلاق فالسرقة والزنا وشرب الخمر واليخانة وكل ما حرم اللَّه فهو من سوء الأخلاق

(1)

، أ. هـ قاله في الديباجة.

(1)

القرى لقاصد أم القرى (ص 306) لمحب الدين الطبري.

ص: 53