المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١١

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

- ‌[الترغيب في الرفق والأناة والحلم]

- ‌[الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر]

- ‌[الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له]

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار]

- ‌[الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن]

- ‌[الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه]

- ‌[الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط]

- ‌[الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب]

- ‌[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]

- ‌[الترهيب من قوله لمسلم يا كافر]

- ‌[الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك]

- ‌الترهيب من السباب واللعن لاسيما لمعين آدميًّا كان أو دابةً وغيرهما، وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح، والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌[الترهيب من سبّ الدهر]

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه

- ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام

- ‌التَّرْهِيب من الْحَسَد وَفضل سَلامَة الصَّدْر

- ‌الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعُجْب والافتخار

- ‌الترهيب من القول للفاسق والمبتدع يا سيدي ونحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين واللسانين

- ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر

الفصل: ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

4476 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه مالك

(1)

والبخاري

(2)

ومسلم

(3)

وأبو داود

(4)

والنسائي

(5)

وابن ماجه

(6)

.

4477 -

وفي رواية لابن ماجه

(7)

من حديث بريدة قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يحلف بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله".

قوله عن ابن عمر تقدم الكلام عليه.

(1)

موطأ مالك (2/ 480)(14).

(2)

صحيح البخاري (2679).

(3)

صحيح مسلم (3)(1646).

(4)

سنن أبي داود (3251).

(5)

سنن النسائي (7/ 4).

(6)

سنن ابن ماجه (2101) بلفظ: لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله، فليس من الله.

(7)

سنن ابن ماجه (2100) بلفظ: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبا، فهو كما قال، وإن كان صادقا لم يعد إلى الإسلام سالما.

ص: 725

قوله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت، الحديث. الصمت السكوت.

قال العلماء رضي الله عنهم كان الحلف بالآباء معتادا في الجاهلية فلما جاء الله تعالى بالإسلام نهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله تعالى ففيه النهي عن الحلف بالآباء [ولا يختص النهي بذلك بل يتعدى إلى كل مخلوق]

(1)

، والحلف بالشيء تعظيم له، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعظيم غير الله تعالى بالقسم به لأنهم كانوا يعظمون الآباء ويفتخرون بهم وكانوا إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا أفعال آبائهم وأيامهم بها الجاهلية فافتخروا بذلك فنزل قوله تعالى:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}

(2)

.

وقد اختلف العلماء في أن الحلف بمخلوق حرام أو مكروه والخلاف عند المالكية والحنابلة لكن المشهور عند المالكية الكراهة وعند الحنابلة التحريم وبه قال أهل الظاهر، ويوافقه ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبرّ، رواه الطبراني

(3)

بإسناد رجاله ثقات.

(1)

حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(فافتخروا بذلك فنزل قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}).

(2)

سورة البقرة، الآية:200.

(3)

شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 105).

ص: 726

وقال ابن عبد البر

(1)

أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروه منهي عنها لا يجوز الحلف لأحد بها واختلفوا في الكفارة إذا حنث فأوجبها بعضهم وأباه بعضهم وهو الصواب، اهـ. وقال الشافعي رحمه الله تعالى

(2)

أخشى أن يكون الحلف بغير الله تعالى معصية، قال [أصحابه] أي حرام وإثما. وقال إمام الحرمين

(3)

المذهب القطع بأنه ليس بحرام بل مكروه، وكذا قال النووي في شرح مسلم

(4)

هو عند أصحابنا مكروه وليس بحرام، وقيّد ذلك الشيخ زين الدين العراقي في شرح الترمذي بالحلف بغير اللات والعزى وملة الإسلام، فأما الحلف بنحو هذا فهو حرام وكان هذا لأنها قد عظمت بالعبادة، وقد قال [أصحابنا] أنه لو اعتقد الحالف بالمخلوق في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى كفر، وعلى هذا يحمل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد كفر، انتهى. فمعظِّم اللات والعزى كافر لأن تعظيمهما لا يكون إلا للعبادة بخلاف [مُعظِّم] الأنبياء والملائكة والآباء والعلماء والصالحين بمعنًى غير العبادة لا تحريم فيه لكن الحلف به مكروه أو محرم على الخلاف فيه لورود النهي عنه.

فائدة: قال العلماء الحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة [التعظيم] مختصة بالله تعالى [فلا]

(1)

التمهيد لابن عبد البر (14/ 367).

(2)

روضة الطالبين (11/ 6).

(3)

طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 133).

(4)

طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 133).

ص: 727

يُضاهى [به] غيره. [وقد جاء عن ابن عباس: لئن أحلف بالله تعالى مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبرّ]. [كما قال تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، الحديث، فلا ينبغي مضاهاة غيره به في الألفاظ وإن لم يرد تلك العظمة المخصوصة بالإله المعبود]

(1)

. فإن قيل قد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}

(2)

، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}

(3)

، [ونحوها]. [{وَالطُّور}

(4)

، {وَالنَّجْمِ}

(5)

]

(6)

.

فالجواب أن الله تعالى [له]

(7)

أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على [شرفها إذ لا يفهم من الحصر على الحلف بالله تعالى أن لا يحلف ببقية أسمائه وصفاته، بل حكمها جميعا واحد فهو حلف به، نبه عليه القاضي والقرطبي وغيرهما. وأما الحلف بما يضاف إلى الله تعالى مما ليس بصفة كقوله: وخلق الله، ونعمته، ورزقه، فليست بأيمان جائزة. وأما مثل قوله: وعهد الله وأمانة الله وكفالة الله وحق الله فهي ملحقة بالقسم الأول عند المالكية لأنها صفات، وعند الشافعية أنها أيمان إن نوى اليمين، إلا قوله:

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

سورة الصافات، الآية:1.

(3)

سورة الذاريات، الآية:1.

(4)

سورة الطور، الآية:1.

(5)

سورة النجم، الآية:1.

(6)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(7)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 728

وحق الله؛ فإنه إن نوى به العبادات فليست بيمين وإن أطلق فهي يمين، ويؤخذ منه والنهي عن الحلف بغير الله تعالى وصفاته وهو نهي كراهة عندنا لا يحرم، قاله النووي

(1)

. نعم إن حلف على غير الإسلام أو بشيء من المعبودات دون الله تعالي، أو ما كانت الجاهلية تحلف به كالأنصاب وغيرها فهذا لا يشك في تحريمه، وأما الحلف بالآباء والأسلاف ورءوس السلاطين وحياتهم ونعمتهم ونحو ذلك، فقال في المفهم

(2)

: ظاهر الحديث تناولهم بحكم عمومه، ولا ينبغي أن تختلف في تحريمه. وأما ما كان معظما في النوع مثل: والنبي والكعبة والعرش والكرسي وحرمة الصالحين فأصحابنا يطلقون على الحلف بها الكراهة، وظاهر الحديث وما قدمناه من النظر التحريم، وهذا جاز في كل محلوف. قال النووي

(3)

: إذا حلف بشيء من الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو بريء من الإسلام أو من النبي صلى الله عليه وسلم لم تنعقد يمينه بل عليه أن يستغفر الله تعالي، -كلمة غير واضحة- ولا كفارة، هذا مذهب الشافعي ومالك وجماهير العلماء. وقال أبو حنيفة: تجب الكفارة في ذلك.

وقال البغوي

(4)

في حديث الترمذي: ومن يحلف بغير الله فقد أشرك، أنه محمول على التغليظ عند بعضهم، وكذلك في مرتبة الربا شرك.

(1)

شرح النووي على مسلم (11/ 105).

(2)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (15/ 68).

(3)

شرح النووي على مسلم (11/ 107)، والأذكار للنووي (ص: 359).

(4)

البغوي في شرح السنة (10/ 7).

ص: 729

فائدة: قال العلماء الحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مجتمعة بالله تعالى لا يضاهى به بها غيره، كما قال تعالى:(الكبرياء ردائي والعظمة إزاري) الحديث، ولا ينبغي مضاهاة غيره به في الألفاظ وإن لم يرد تلك العظمة المخصوصة بالإله المعبود. فإن قيل: قد أقسم الله تعالى بمخلوقاته لقوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}

(1)

، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}

(2)

، [ونحوها]. [{وَالطُّورِ}

(3)

، {وَالنَّجْمِ}

(4)

.

فالجواب: أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرف]

(5)

المحلوف به فالباري سبحانه وتعالى ليس فوقه عظيم يحلف به فتارة يحلف بنفسه وتارة يحلف بمخلوقاته سبحانه وتعالي، وفي الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كلها وهذا مجمع عليه، وفيه النهي عن الحلف بغير الله تعالى وصفاته وهو عند أصحابنا مكروه ليس بحرام، فالحلف على ثلاثة أقسام ما تباح اليمين به وهو ما ذكر من اسم الذات والصفات، والثاني ما يحرم كالأنصاب والأزلام واللات والعزى فإن قصد تعظيمها كفر وإن لم يقصد فحرام لأن القسم بالشيء تعظيم له، والثالث ما اختلف فيه بين الكراهة والتحريم كالحلف بالآباء والأمانة ونحو ذلك. اهـ.

(1)

سورة الصافات، الآية:1.

(2)

سورة الذاريات، الآية:1.

(3)

سورة الطور، الآية:1.

(4)

سورة النجم، الآية:1.

(5)

سقطت هذه الصحيفة من الأصل.

ص: 730

فرع: فالحلف باسم الله تعالى كقوله والله والرحمن والقدوس والمهيمن أي الرقيب وعالم [الغيوب] وخالق الخلق والواحد الذي ليس كمثله شيء وما أشبه ذلك أي كالقيوم ومقلب القلوب فكل هذا تنعقد به اليمن أي سواء أطلق أو قصد الله تعالى أو غيره. فرع آخر: فالحلف بصفة من صفات الذات لا تحتمل غيره وهي وعظمة الله تعالى وجلال الله و [عز] الله وكبرياء الله وبقاء الله وكلام الله والقرآن انعقدت يمينه لأن هذه الصفات لم يزل سبحانه موصوفا بها فأشبهت اليمين بأسمائه، وألحق القاضي حسين حلف المسلم بالتوراة والإنجيل أو بآية منسوخة من القرآن بالحلف بالقرآن لأنه كلام الله وصفته اهـ.

4478 -

وعنه رضي الله عنه: "أنه سمع رجلا يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" رواه الترمذي

(1)

وحسنه، وابن حبان في صحيحه

(2)

، والحاكم

(3)

وقال: صحيح على شرطهما.

(1)

الترمذي (1535).

(2)

ابن حبان (4358).

(3)

الحاكم (1/ 52 و 4/ 297) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بمثل هذا الإسناد وخرجاه في الكتاب وليس له علة ولم يخرجاه، وأخرجه الطيالسي (ص 257)، وعبد الرزاق (15926)، وابن أبي شيبة (الجزء المفقود ص 18)، وأحمد (2/ 34 و 58 و 60)(2/ 125)، وأبو داود (3251)، وابن عبد الحكم (ص 200)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (925)(2332)، والطحاوي في المشكل (825)(831)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 253)، والبيهقي (10/ 29)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6204)، والصحيحة (2042).

ص: 731

4479 -

وفي رواية للحاكم

(1)

: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل يمين يحلف بها دون الله شرك.

قوله وعنه رضي الله عنه تقدم الكلام عليه. قوله سمع ابن عمر رجلا يقول ولا والكعبة فقال لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك الحديث. [حيث يجعل] ما لا يُحلف به محلوفا به كاسم الله الذي به يكون القسم، قاله الكرماني

(2)

. وقال الترمذي تفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله كفر أو أشرك على التغليظ كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرياء شركك يريد به الشرك الخفي. قال ابن العربي يريد به شرك الأعمال وكفرها ليس شرك الاعتقاد ولا كفره كقوله عليه الصلاة والسلام من أبق من مواليه فقد كفر اهـ. فرع: يكره الحلف بغير الله للحديث السابق أول الباب فإن حلف بغير الله كالنبي والكعبة وغير ذلك من المخلوقات لم تنعقد يمينه لأنه مخلوق ليس عظمته كعظمة الخالق وذكر الكعبة مجمع عليها [لا ينعقد] بها اليمين. وأما النبي صلى الله عليه وسلم[فإن الإمام أحمد بن حنبل] قال تنعقد به لأنه أحد ركني الشهادة اهـ، والله أعلم. فرع آخر: تصح اليمين من كل عاقل بالغ مختار قاصد إلى اليمين مسلما كان أو كافرا فأما الصبي فلا تصح يمينه ومن زال عقله بنوم أو مرض فلا تصح يمينه وكذا من زال عقله [بدواء أو من زال عقله] بمحرم صحت يمينه ومن أكره [على اليمين لم تصح يمينه للحديث الحسن: (وما استكرهوا عليه)، ومن لم

(1)

مستدرك الحاكم (1/ 18).

(2)

لسان العرب (10/ 450).

ص: 732

يقصد اليمين] فسبق لسانه إليها أي على العادة لقول الإنسان لا والله وبلى والله لأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح منه كالإكراه على الكفر أو قصد اليمين على شيء فسبق لسانه إلى غيره لم تصح يمينه لعدم القصد إلى ما في النفس وذلك لغو اليمين الذي لا يؤاخذ به. قال الله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}

(1)

، قالت عائشة رضي الله عنها هو قول الرجل لا والله وبلى والله. رواه البخاري

(2)

ورواه أبو داود

(3)

مرفوعا وصححه ابن حبان

(4)

والله أعلم.

ذكر [الفرعان] في [هادي] النبيه [على التنبيه]

(5)

.

(1)

سورة المائدة، الآية:89.

(2)

أخرجه البخاري (4613).

(3)

سنن أبي داود (3254)، وقال: روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن عائشة، موقوفا. ورواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، كلهم عن عطاء، عن عائشة، موقوفا أيضا. وأخرجه مالك في الموطأ (2/ 477/ 9)، والشافعي في مسنده (2/ 74)، وعبد الرزاق في مصنفه (15951، 15952)، والنسائي في الكبرى (11149)، والطبري في تفسيره (2/ 240، 241)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6701)، وابن الجاورد في المنتقى (925)، والبيهقي (10/ 48)، والبغوي في تفسيره (1/ 201).

(4)

أخرجه ابن حبان (4333) وأخرجه الشافعي (2/ 74)، وابن أبي حاتم (6705)، والبيهقي (10/ 49) عن عطاء به موقوفًا. وقد صحّح الدارقطني وقفه - كما في العلل (3486). وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (1/ 480)، والإرواء (2567).

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 733

4480 -

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره وأنا صادق" رواه الطبراني

(1)

موقوفا، ورواته رواة الصحيح.

قوله وعن عبد الله بن مسعود تقدم. قوله لأن أحلف بالله كاذبا أحب إليَّ من أن أحلف بغير الله وأنا صادق، تقدم معناه.

4481 -

وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود

(2)

.

قوله وعن بريدة هو أبو عبد الله، ويقال: أبو سهل، ويقال: أبو الحصيب، ويقال: أبو ساسان بريدة بن الحصيب، بضم الحاء المهملة، ابن عبد الله بن الحرب بن الأعرج بن سعد بن رزاح الأسلمى. سكن المدينة، ثم البصرة، ثم مرو، وتوفى بها سنة اثنتين وستين، وهو آخر من توفى من الصحابة، رضى الله عنهم، بخراسان. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وأربعة وستون

(1)

رواه الطبراني (9/ 183)(8902)، وابن أبي شيبة في المصنف (12281) وعبد الرزاق في المصنف (15929)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 177) رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.، وصححه الألباني في إرواء الغليل (2562)، وصحيح الترغيب والترهيب (2953).

(2)

أبو داود (3253) وأخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير كما في إتحاف الخيرة (6600)، وابن حبان (4363)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1342)، والبيهقي في السنن 10/ 30، وفي شعب الإيمان (11116)، والبزار (1500 - كشف الأستار)، و البحر الزخار (4426)، والحاكم (4/ 298)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (14/ 35)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6203)، والصحيحة (94 و 325)، وصحيح الترغيب والترهيب (2954).

ص: 734

حديثا، اتفق البخاري ومسلم على حديث، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأحد عشر. أسلم بريدة قبل بدر، ولم يشهدها، وقيل: أسلم بعدها. روى عنه ابناه عبد الله، وسليمان

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم من حلف بالأمانة فليس منا الحديث أي ليس ممن اهتدى بهدينا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست منى وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا؛ وأما معنى الحديث يشبه أن تكون الكراهة فيه لأجل أنه أمر أن يحلف بأسماء الله تعالى وصفاته [والأمانة أمر من أموره فنهوا عنها من أجل التسوية بينها وبين أسماء الله]

(2)

كما نهوا أن يحلفوا بآبائهم. وإذا قال الحالف وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة والشافعي لا يعدها يمينا والله أعلم.

4482 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف قال إني برئ من الإسلام، فإن كان كاذبا، فهو كما قال، وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما" رواه أبو داود

(3)

وابن ماجه

(4)

، والحاكم

(5)

وقال: صحيح على شرطهما.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 133).

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

سنن أبي داود (3258).

(4)

ابن ماجه (2100) وأخرجه النسائي (7/ 6)، وفي الكبرى (4713)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1056) أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث بريدة بإسناد صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل (8/ 301).

(5)

الحاكم (4/ 298).

ص: 735

قوله وعنه رضي الله عنه تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إني من الإسلام فإن كان كاذبا هو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما معناه أنه نقص كمال إسلامه بما صدر منه من هذا اللفظ، وقد تقدم أن لفظ ابن ماجه لم يعد إليه الإسلام سالما، واللفظان صحيحان فنقص هو يتعاطى هذا اللفظ، ونقص إسلامه بذلك، وهذا يدل على تحريم هذا اللفظ، ولو كان صادقا في كلامه، وقد استدل به على ذلك الخطابي فقال فيه دليل على أن من حلف بالبراءة من الإسلام فإنه يأثم، وصرح أيضا بتحريم ذلك ووجوب التوبة منه الماوردي في الحاوي والنووي في الأذكار، وقال في شرح مسلم فيه بيان غلظ تحريم الحلف بملة سوى الإسلام كقوله هو يهودي أو نصراني إن كان كذا أو واللات والعزي، وشبه ذلك ثم قال: وقوله كاذبا ليس المراد به التقييد والاحتراز من الحلف بها صادقا لأنه لا ينفك الحالف بها عن كونه كاذبا، وذلك لأنه لا بد أن يكون معظما لما حلف به فإن كان معتقدا عظمته بقلبه فهو كاذب في ذلك، وإن كان غير معتقد ذلك بقلبه فهو كاذب في الصورة لأنه عظمه بالحلف به، وإذا علم أنه لا ينفك عن كونه كاذبا حمل التقييد بكونه كاذبا على أنه بيان لصورة الحال، ويكون التقييد خرج على سبب فلا يكون له مفهوم، ويكون من باب قوله تعالى:{وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}

(1)

ونظائره فإن كان الحالف معظما لما حلف به كان كافرا، وإن لم يكن معظما بل كان قلبه مطمئنا بالإيمان فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به، ومعاملته إياه معاملة ما يحلف

(1)

سورة آل عمران، الآية:112.

ص: 736

به، ولا يكون كافرا خارجا عن ملة الإسلام، ويجوز أن يطلق عليه اسم الكفر، ويراد كفر النعمة انتهى والتقسيم الذي في حديث بريدة يرد عليه، والظاهر أن كلامه هذا إنما هو مثل قوله واللات والعزي، وإن كان ذكر في صدر كلامه أيضًا قوله هو يهودي إن كان كذا

(1)

.

4483 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين فهو كما حلف إن قال: هو يهودي، فهو يهودي، وإن قال: هو نصراني، فهو نصراني، وإن قال هو برئ من الإسلام فهو برئ من الإسلام، ومن ادعى دعاء الجاهلية فإنه من جثاء جهنم قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى" رواه أبو يعلى

(2)

والحاكم

(3)

واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد كذا قال.

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فهو كما حلف إن قال هو يهودي فهو يهودي الحديث. قال العلماء إن قال ذلك وأراد حقيقة تعليق خروجه من الإسلام بذلك صار كافرا في الحال وجرت عليه أحكام المرتدين وإن لم يرد ذلك لم يكفر لكن ارتكب محرما فيجب عليه التوبة وهي أن يقلع في الحال عن معصيته ويندم على ما فعل ويعزم على أن

(1)

طرح التثريب (7/ 167 - 168).

(2)

أخرجه أبو يعلى (6006)، وأخرجه عنه ابن حبان في المجروحين (2/ 186). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 177) رواه أبو يعلي، وفيه عبيس بن ميمون، وهو متروك. إتحاف الخيرة المهرة (5/ 348) هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبيس بن ميمون.

(3)

المستدرك (4/ 298) قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بقوله: عُبَيْس بن ميمون ضعفوه، والخبر منكر وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2956).

ص: 737

لا يعود إليه أبدا ويستغفر الله تعالى ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ليجبر الخلل الحاصل فإنه معصية كما صرح به في المطلب

(1)

وفي شرح العامري عن الخطابي

(2)

وغيره أنه تلزمه التوبة والاستغفار. قال النووي في نكته على التنبيه

(3)

وهو مستحب وهذا خلاف ما صرح به صاحب الاستقصاء فإنه جزم بالوجوب.

فرع قال النووي

(4)

قال أصحابنا من حلف باللات والعزى أو غيرهما من الأصنام أو برئ من النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك لم تنعقد يمينه بل عليه أن يستغفر الله ويقول لا إله إلا الله، إنما أمر بقول لا إله إلا الله لأنه تعاطى صورة تعظيم الأصنام حين حلف بها. وفي مذاكرة أهل اليمين أنه لا بد مع هذا من قوله أشهد أن محمدا رسول الله معللا بأن إحدى الشهادتين لا يُكتفى بها في الأيمان، هذا لفظه وهو عجيب فإنه لا يكفر بذلك إلا أن يقصد الرضا به فالحديث سيق في معرض التعظيم في اللات والعزى. قال صاحب شرح السنة

(5)

إنما أمر بكلمة التوحيد لأن اليمين إنما تكون بالمعبود فإذا حلف باللات والعزى فقد ضاهى الكفار في ذلك فأمر أن يتداركه بكلمة التوحيد. قال لا كفارة عليه وإنما تلزمه الإنابة والاستغفار هذا مذهب الشافعي ومالك وجماهير العلماء.

(1)

لابن الرفعة.

(2)

انظر: طرح التثريب في شرح التقريب ج 7 ص 158.

(3)

الأذكار (1/ 285)، وطرح التثريب في شرح التقريب (7/ 158).

(4)

روضة الطالبين (11/ 6)، وشرح النووي على صحيح مسلم (11/ 107)، والكواكب الدراري (7/ 140).

(5)

شرح السنة (10/ 10).

ص: 738

وقال أبو حنيفة تجب الكفارة في كل ذلك إلا في قوله أنا مبتدع أو بريء من النبي أو واليهودية احتج بأن الله تعالى أوجب على المظاهر كفارة لأنه منكر من القول وزور والحلف بهذه الأشياء منكر وزور واحتج أصحابنا والجمهور بظاهر هذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره بقول لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة ولأن الأصل عدمها حتى يثبت فيها شرع والله تعالى أعلم، [قاله في [هادي] النبيه]

(1)

، [(

) في اللات والعزى:] اللات صخرة اتخذها العرب اسم صنم كان لثقيف بالطائف، قال [أبو] علي اشتقاق اللات من لويت الشيء أي أقمت عليه لأنهم كانوا [يلوون إلي] آلهتم أي يعكفون عليها عبادة وتقربا. وقال جماعة من المفسرين اللات اشتقوها من اسم الله تعالى والعزى من العزيز واختار هذا الأزهري والمراد أنهم [انتزعوا] هذين الاسمين من الاسمين الشريفين، [و] قرأ ابن عباس ومجاهد وأبو صالح اللات بتشديد التاء وفسرت هذه القراءة بأن هذا الصنم كان لرجل يلت السويق للمشركين أي يخلطه بالسمن فكعفوا على قبره [يعبدونه]. قال الكلبي كان يقال له صرمة بن غنم كان يسلي السمن فيضعه على صخرة فتأتيه العرب تلتّ به [أسواقهم]

(2)

ولما مات الرجل حولت ثقيف [الصخرة]

(3)

إلى منازلها. وأما العزى قيل صنم والذي ذكره المحدثون

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

هكذا هذه العبارة في النسخة الهندية، وفي الأصل:(أسوقتهم).

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 739

وأرباب السير أنها كانت بيتا عظيما لقريش وجميع بني [كنانة] ومضر وكانت أعظم [أصنامهما] وكانت تبجله وكان سدنتها بني شيبان [من بني سليم] فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان بعد فتح مكة ليهدمها فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال هل رأيت شيئا قال لا قال فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها فرجع خالد وهو مغيظ فجرد سيفه [فخرجت] إليه امرأة عريانة سوادء ثائرة الرأس [فجعل السادن] يصيح بها فضربها خالد فجزلها باثنتين ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال عياض

(1)

اللات صخرة لثقيف كانت في الزمن الأول يجلس عليها رجل يبيع السمن ويلتّه للحجاج فسميت بذلك فلما مات قال عمرو بن لحي إن [ربا] كان [للاتّ فدخل جوف] الصخرة فعبدها الناس [حتى جاء الإسلام، وكان فيها وفي العزى شيطانا يكلمان الناس، واتخذتها ثقيف -يعني اللات- طاغوتا] وبنت لها بيتا وجعلت لها سدنة وخدمة وكانوا يطوفون به اهـ. [فائدة:] الصنم ما اتخذ إلها من دون الله تعالى وقيل هو ما كان له [جسم] أو صورة فإن لم [يكن] له [جسم] أو صورة فهو وثن اهـ. قاله في النهاية

(2)

. قوله صلى الله عليه وسلم من ادعى دعاء الجاهلية فإنه من جثا جهنم أي من جماعات جهنم، وتقدم الكلام على ذلك في باب الالتفات في الصلاة.

(1)

مشارق الأنوار (1/ 369).

(2)

النهاية في غريب الأثر (3/ 56).

ص: 740

4484 -

وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يَقُول أَنا إِذا يَهُودِيّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجَبت

(1)

.

4485 -

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بملة غير الإسلام كاذبا، فهو كما قال" رواه البخاري

(2)

ومسلم

(3)

في حديث، وأبو داود

(4)

والترمذي

(5)

والنسائي

(6)

.

قوله وعن ثابت بن الضحاك.

كذا قوله صلى الله عليه وسلم من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال الحديث. [هو أن يقول الإنسان في يمينه إن كان كذا وكذا فأنا كافر أو يهودي أو نصراني أو] ملة غير الإسلام أي من الملل الباطلة بأن قال بالملة اليهودية لأفعلن كذا فهو كما قال أي صار من الذين يحلفون به سواء كان صادقا أو كاذبا لأنه عظّم دينا باطلا والله أعلم. [أو يقول الإنسان في يمينه إن كان كذا وكذا فأنا كافر أو يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام ويكون كاذا في قوله فإنه يصير إلى ما قاله من الكفر وغيره]

(7)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه (2099). وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (1761).

(2)

صحيح البخاري (1363).

(3)

مسلم (110).

(4)

سنن أبي داود (3257).

(5)

سنن الترمذي (1543) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(6)

سنن النسائي (7/ 5)، (7/ 19).

(7)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 741

قال القاضي البيضاوي

(1)

ظاهر أنه يختل بهذا الحلف إسلامه ويصير يهوديا كما قال، ويحتمل أن يراد به التهديد والمبالغة في الوعيد كأنه [قال] فهو مستحق لمثل عذاب ما قاله اهـ. وهذا وإن كان ينعقد به يمين عند أبي حنيفة فإنه لا يوجب فيه إلا كفارة اليمين وأما الشافعي فلا يعده يمينا ولا كفارة فيه عنده كما تقدم في الحديث قبله. والملة الدين كملّة الإسلام واليهودية والنصرانية وقيل هي معظم الدين وجملة ما [تجيء] به الرسل، قاله في النهاية

(2)

.

تنبيه: قوله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال أي فهو على ملة غير الإسلام؛ فإن قلت أهو حقيقة أم تغليظ وزجر عن الحلف بالملة المنسوخة المهجورة لأن الحلف بالشيء تعظيم له؟ قلت: الظاهر أنه تغليظ. قال ابن بطال يعني يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي ثم يفعل فهو كاليهودي اهـ، قاله الكرماني

(3)

. أما الحلف بالنصرانية ونحوها فلا شك في أنه كفر لأن تعظيمها بأي وجه كان يقتضي حقِّيتها وذلك كفر [إلا] أن يتأول الحالف أنه أراد تعظيمها حين كانت حقا قبل نسخها فلا [أكفره]

(4)

حينئذ لكن أحكم عليه بالعصيان لبشاعة هذا اللفظ و [التشبيه] فيه بأهل الكفر والضلال والله أعلم، قاله العراقي

(5)

.

(1)

عمدة القاري (22/ 158).

(2)

النهاية في غريب الأثر (4/ 360).

(3)

الكواكب الدراري (7/ 140).

(4)

هكذا هذه العبارة في الأصل، وفي النسخة الهندية:(كفر).

(5)

طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 133).

ص: 742