الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]
4173 -
عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا تقاطعوا وَلَا تدابروا وَلَا تباغضوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكونُوا عباد اللَّه إخْوَانًا وَلَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائيِّ وَرَوَاهُ مسلم أخصر مِنْهُ وَالطَّبَرَانيِّ وَزَاد فِيهِ يَلْتَقِيَانِ فَيعرض هَذَا ويعرض هَذَا وَخَيرهمْ الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ وَالَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ يسْبق إِلَى الْجنَّة قَالَ مَالك وَلَا أَحسب التدابر إِلَّا الإِعْرَاض عَن الْمُسلم يدبر عَنهُ بِوَجْهِهِ
(1)
.
قوله: عن أنس رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد اللَّه إخوانا".
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقاطعوا" التقاطع بمعنى التدابر وقد يبقى مع التدابر شيء من المودة أو لا يكون مودة ولا بغض.
وقوله: "ولا تدابروا" قال مالك: ولا أحسب التدابر الإعراض عن المسلم يدبر عنه بوجهه نقله عنه الحافظ المنذري.
وقال أبو عبيد
(2)
: التدابر المصارمة والهجران مأخوذ من أن يولي الرجل
(1)
أخرجه مالك (2639)، والبخاري (6065) و (6076)، ومسلم (23 و 24 - 2558)، وأبو داود (4910)، والترمذي (1935)، والطبراني في الأوسط (8/ 33 رقم 7874) والشاميين (1694) و (2977). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2755).
(2)
غريب الحديث (2/ 10).
صاحبه دبره ويعرض عنه بوجهه وهو التقاطع أ. هـ.
وقال بعضهم التدابر المعاداة
(1)
، وقال النووي في الرياض: والتدابر أن يعرض عن الإنسان ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء ظهره والدبر
(2)
.
قال صاحب الحدائق: قلت ما أعظم نفع هذا الحديث وأكثر فوائدة لمن تدبره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تباغضوا" أي: لا يبغض بعضكم بعضا والبغض للشيء هو النفرة منه لمعنى مستقبح فيه والظاهر أن البغض والكراهة واحد أو هما متقاربان قاله الطوفي
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تحاسدوا" أي: لا يحسد بعضكم بعضا، وقد أجمع الناس من المشرعين وغيرهم على تحريم الحسد وقبحه ووردت نصوص الشرع بذلك وهذا الحديث يقتضي تحريمه وسيأتي الكلام على الحسد مبسوطا في بابه إن شاء اللَّه تعالى.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وكونوا عباد اللَّه إخوانًا" كأنه قال: إذا تركتم التحاسد والتباغض والتدابر كنتم إخوانا وإذا لم تتركوا ذلك صرتم أعدل والأخوان والأخوة من غير النسب والأخوة من النسب، وقوله:"وكونوا إخوانا" أي: اكتسبوا ما تصيرون به إخوانا مما سبق ذكره وغيره من فعل المؤلفات وترك المنفرات
(4)
.
(1)
قاله القاضى عياض في إكمال المعلم (8/ 23).
(2)
رياض الصالحين (ص 98).
(3)
التعيين (ص 297 - 298).
(4)
التعيين في شرح الأربعين (ص 302).
قوله "عباد اللَّه" أي: يا عباد اللَّه، وفيه إشارة إلى أنكم عباد اللَّه عز وجل فحقكم أن تطيعوه بأن تكونوا إخوانا واللَّه أعلم قاله الطوفي
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" الحديث.
قال العلماء: في هذا الحديث تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال وإباحتها في الثلاث الأول بنص الحديث، والثاني: بمفهومه قالوا وإنما عفى عنها في الثلات لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك فعفى عن الهجرة في الثلاث ليذهب ذلك العارض
(2)
.
وإنما لم تكن له الزيادة على ثلاثة أيام فيما كان بينهما من الأمور الدنيوية وحظوظ النفس وتعنتاتها
(3)
.
قال النووي في الروضة
(4)
: قال أصحابنا وغيرهم هذا في الهجر لغير عذر شرعي فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم الهجر حتى يزول ذلك وتظهر توبته وقيل: إن الحديث لا يقتضي إباحة هجره الثلاثة أيام وهذا عند من لا يحتج بالمفهوم.
قوله: "لا يحل لمسلم" وهذا قد يحتج به من يقول: الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة والأصح أنهم مخاطبون بها وإنما قيد بالمسلم لأنه الذي يقبل
(1)
التعيين في شرح الأربعين (ص 352).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 117).
(3)
طرح التثريب (4/ 120).
(4)
روضة الطالبين (7/ 367).
خطاب الشارع وينتفع به وهذه الهجرة المحرمة هي التي تكون عن غضب لأنه جائز لا تعلق له بالدين فأما الهجرة لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك، ولا ويختلف في هذا وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا واللَّه أعلم.
قوله في الطبراني وزاد فيه: "يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا" أي يوليه عرضه بضم العين وهو جانبه.
4174 -
وَعَن أبي أَيُّوب رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيَال يَلْتَقِيَانِ فَيعرض هَذَا ويعرض هَذَا وخيرهما الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد
(1)
.
قوله: وعن أبي أيوب رضي الله عنه أبو أيوب اسمه خالد بن زيد الأنصاري تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" الهجر في الثلاث مكروه وفيما زاد على الثلاث حرام.
وحكي عن بعضهم أنه هجر أخا له فوق ثلاث فكتب إليه بهذه الأبيات:
يا سيدي لي عندك مظلمة
…
فاستفت فيه ابن أبي خيثمة
فإنه يرويه عن جده قال:
…
روى الضحاك عن عكرمة
عن ابن عباس عن المصطفى
…
نبينا المبعوث بالرحمة
(1)
أخرجه البخاري (6077) و (6237)، ومسلم (25 - 2560)، والترمذي (1932)، وأبو داود (4911).
أن صدود الألف عن إلفه
…
فوق ثلاث ربنا حرمه
(1)
أ. هـ
قوله صلى الله عليه وسلم: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" أي: وأفضلهما ومعناه أن المبادر بقطع الهجرة وبالسلام أحسن خلقا وأعظم أجرا وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ويرفع الإثم فيها ويزيله، وقال الإمام أحمد بن حنبل وابن القاسم المالكي: إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجره، قال النووي: قال أصحابنا ولو كاتبه أو أرسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجرة فيه وجهان أحدهما لا يزول لأنه لم يكلمه وأصحجهما يزول لزوال الوحشة واللَّه أعلم
(2)
، أ. هـ.
4175 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث فَمن هجر فَوق ثَلَاث فَمَاتَ دخل النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائيِّ بِإِسْنَاد على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم
(3)
.
4176 -
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يحل لمُؤْمِن أَن يهجر مُؤمنا فَوق ثَلَاث فَإِن مرت بِهِ ثَلَاث فليلقه فليسلم عَلَيْهِ فَإِن رد عليه السلام فقد اشْتَركَا فِي الأجر وَإِن لم يرد عَلَيْهِ فقد بَاء بالإثم وَخرج الْمُسلم من الْهِجْرَة
(4)
.
(1)
خاص الخاص (ص 70)، وديوان الصبابة (ص 38).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 117 - 118).
(3)
أخرجه أبو داود (4914)، والنسائي في الكبرى (9116)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2757).
(4)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (414) وفي التاريخ 1/ 257، وأبو داود (4912)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (558). وضعفه الألباني في المشكاة (5037)، غاية المرام (405)، الإرواء (2029)، وصححه في صحيح الترغيب (2757).
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" تقدم الكلام على ذلك.
قوله: "فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجرة" الحديث، باء معناها رجع ويمكن أن المعنى باء بإثمهما.
4177 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يكون لمُسلم أَن يهجر مُسلما فَوق ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا لقِيه سلم عَلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك لا يرد عَلَيْهِ فقد بَاء بإثمه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة أيام" تقدم الكلام على ذلك.
4178 -
وَعَن هِشَام بن عَامر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحل لمُسلم أَن يهجر مُسلما فَوق ثَلَاث لَيَال فَإِنَّهُمَا ناكبان عَن الْحق مَا داما على صرامهما وأولهما فَيْء يكون سبقه بالفيء كفَّارَة لَهُ وَإِن سلم فَلم يقبل ورد عَلَيْهِ سَلَامه ردَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة ورد على الآخر الشَّيْطَان فَإِن مَاتَا على صرامهما لم يدخلا الْجنَّة جَمِيعًا أبدا رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَأَبُو يعلى
(1)
أخرجه أبو داود (4913)، وأبو يعلى (4583). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2758).
وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ لم يدخلا الْجنَّة وَلم يجتمعا فِي الْجنَّة رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة إِلَّا أَنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحل أَن يصطرما فَوق ثَلَاث فَإِن اصطرما فَوق ثَلَاث لم يجتمعا فِي الْجنَّة أبدا وَأيهمَا بَدَأَ صَاحبه كفرت ذنُوبه وَإِن هُوَ سلم فَلم يرد عَلَيْهِ وَلم يقبل سَلَامه رد عَلَيْهِ الْملك ورد على ذَلِك الشَّيْطَان
(1)
.
قوله: وعن هشام بن عامر رضي الله عنه[هو هشام بن عامر بن أمية بن الحسحاس وقيل الخشخاش ابن مالك بن عامر بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري، والد سعد بن هشام له ولأبيه صحبة، قيل: كان اسمه في الجاهلية شهابا، فسماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هشامًا، واستشهد أبوه يوم أحد، وسكن هو البصرة، ومات بها
(2)
].
قوله: "لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال" الحديث، تقدم الكلام على ذلك.
(1)
أخرجه الطيالسي (1319) ومن طريقه البيهقي في الآداب (229)، ومسدد كما في اتحاف الخيرة (5325/ 2)، وابن أبي شيبة كما في اتحاف الخيرة (5325/ 3)، وأحمد 4/ 20 (16257) و (16258)، والبخاري في الأدب المفرد (402) و (407)، وأبو يعلى في المفاريد (ص 69) والمسند (1557) وعنه ابن حبان (5664) وأبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه (46)، والطبراني في الكبير 22/ 175 (454) و (455)، والبيهقي في الشعب (9/ 19 رقم 6196) و (11/ 362 - 363 رقم 8672).
وقال الهيثمي في المجمع 8/ 66: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2759) والصحيحة (1246).
(2)
أسد الغابة (4/ ترجمة 5357)، وتهذيب الكمال (3/ ترجمة 6580).
قوله: "فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما" الحديث، ناكبان أي مائلان.
قوله: "مما دامما على صرامهما" والصرم هو القطع يقال صرمت الحبل صرما أي قطعته والاسم الصرم بالضم.
قوله: "وأولهما فيء يكون سبقه بالفيء كفارة له" الحديث، والفيء هو الرجوع وتقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا" الحديث، فيه القولان السابقان في شرب الخمر وغيره وفي أشباه ذلك.
4179 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَا تحل الْهِجْرَة فَوق ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن التقيا فَسلم أَحدهمَا فَرد الآخر اشْتَركَا فِي الأجر وَإِن لم يرد برئ هَذَا من الإِثْم وباء بِهِ الآخر وَأَحْسبهُ قَالَ وَإِن مَاتَا وهما متهاجران لا يَجْتَمِعَانِ فِي الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَط وَالْحَاكم وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه في الأحاديث قبله.
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 378 رقم 8935)، والحاكم (4/ 163). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا سعيد بن سالم، تفرد به: أسد بن موسى. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قال الهيثمي في المجمع 8/ 67: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف، وقال ابن دقيق العيد في الإمام: إنه وثق. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2760).
4180 -
وَعَن أبي أَيُّوب رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تدابروا وَلَا تقاطعوا وَكُونُوا عباد اللَّه إخْوَانًا هجر الْمُؤمنِينَ ثَلَاثًا فَإِن تكلما وَإِلَّا أعرض اللَّه عز وجل عَنْهُمَا حَتَّى يتكلما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا عبد اللَّه بن عبد الْعَزِيز اللَّيْثِيِّ
(1)
.
قوله: وعن أبي أيوب رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد اللَّه إخوانا هجر المؤمنين ثلاثا" تقدم الكلام عليه أيضًا.
قوله: "فإن تكلما وإلا أعرض اللَّه عز وجل عنهما حتى يتكلما" الحديث، ومعنى إعراض اللَّه تعالى عن العبد فهو [ترك رحمته وعفوه، وتقريبه وقبوله].
قوله: ورواته ثقات إلا عبد اللَّه بن عبد العزيز الليثي [قال يحيى ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث وضعفه النسائي وأبو حاتم، وقال أبو زرعة ليس بالقوي ووثقه مالك وسعيد بن منصور].
4181 -
وَعَن فضَالة بن عبيد رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من هجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث فَهُوَ فِي النَّار إِلَّا أَن يتداركه اللَّه برحمته رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح
(2)
.
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 145 رقم 3957). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 67: رواه الطبراني، وفيه عبد اللَّه بن عبد العزيز الليثي، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله تقات. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1648).
(2)
أخرجه ابن وهب في الجامع (261)، وابن أبي شيبة في المصنف 5/ 215 (25371)، والطبراني في الكبير 18/ 318 (815). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 67: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2761).
قوله: [وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه].
قوله صلى الله عليه وسلم: "من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار إلا أن يتداركه اللَّه برحمته" التدارك برحمة اللَّه تعالى [يعنى بتوبة]، ومن الكبائر الهجر فوق ثلاثة أيام إلا لبدعة في المهجور أو بظاهر فسق أو نحو ذلك
(1)
كما تقدم فأما لأجل الدين فتجوز الزيادة على الثلاث نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه، واستدل عليه بقضية الثلاثة الذين خلفوا وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرانهم لما خاف منهم النفاق وأباح هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء ونحوهم واللَّه أعلم
(2)
.
4182 -
وَعَن أبي خِرَاش حَدْرَد بن أبي حَدْرَد الأَسْلَمِيّ رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول من هجر أَخَاهُ سنة فَهُوَ كسفك دَمه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ
(3)
.
قوله: وعن أبي خِرَاش، بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وبعدها ألف ثم شين معجمه
(4)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه" الحديث، والسفك الإراقة والإجراء لكل مائع، يقال: سفك الدم والدمع والماء يسفكه سفكا وكأنه بالدم أخص واللَّه أعلم.
(1)
تنبيه الغافلين (ص 184).
(2)
جامع العلوم والحكم (3/ 981).
(3)
أخرجه أحمد 4/ 320 (17935)، والبخاري في الأدب المفرد (404 و 405)، وأبو داود (4915)، والحاكم (4/ 163)، والبيهقي في الشعب (9/ 26 رقم 6207). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2762).
(4)
الاستيعاب (4/ ترجمة 2927)، وأسد الغابة (6/ 5844).
4183 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم رَوَاهُ مُسلم التحريش هُوَ الإغراء وتغيير الْقُلُوب والتقاطع
(1)
.
قوله: وعن جابر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" وجزيرة العرب: اسم صقع من الأرض وهو ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول وهو ما بين [بئرين] إلى مقطع السماوة في الأرض وقيل هو من أقصى اليمن إلى ريف العراق طولا ومن جدة إلى ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا قال الأزهري سميت جزيرة العرب لأن بحر فارس وبحر السودان أحاطا بجانبيتها وأحاط بالجانب الشمالي دجلة والفرات وقال مالك بن أنس أراد بجزيرة العرب: المدينة نفسها وإذا أطلقت الجزيرة ولم تصف إلى العرب فإنها يراد بها ما بين دجلة والفرات
(2)
، أ. هـ قاله في شرح الإلمام، وعبادة الشيطان عبادة الصنم بدليل قول اللَّه تعالى حكاية عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام:{يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ}
(3)
وإنما جعل عبادة الصنم عبادة الشيطان لأنه الأمر به والداعي إليه والمصلون هم المؤمنون وإنما سمي المؤمن بالمصلي لأن الصلاة أشراف الأعمال وأظهر الأفعال الدالة على الإيمان والمعنى أن
(1)
أخرجه مسلم (65 - 2812).
(2)
مر تخريج هذه الأقوال فيما سبق.
(3)
سورة مريم، الآية:44.
الشيطان قد يئس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم في جزيرة العرب ولا يراد على هذا ارتداد صاحب مسيلمة والعنسي ومانعي الزكاة وغيرهم لأنهم لم يعبدوا الصنم.
قوله: "ولكن [رضي] في التحريش بينهم" والتحريش على الإغراء وتغيير القلوب والتقاطع، قاله المنذري.
وقال غيره: والتحريش الإغراء على الشر بنوع من الخداع
(1)
.
وقوله: "ولكن في التحريش بينهم" أي: في حملهم على الفتن والحروب فيما بينهم ليس بآيس بل طامع فيه
(2)
.
4184 -
وَعَن عبد اللَّه بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ لا يتهاجر الرّجلَانِ قد دخلا فِي الإِسْلَام إِلَّا خرج أَحدهمَا مِنْهُ حَتَّى يرجع إِلَى مَا خرج مِنْهُ ورجوعه أَن يَأْتِيهِ فَيسلم عَلَيْهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ مَوْقُوفا بِإِسْنَاد جيد
(3)
.
4185 -
وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَو أَن رجلَيْنِ دخلا فِي الإِسْلَام فاهتجرا لَكَانَ أَحدهمَا خَارِجا عَن الإِسْلَام حَتَّى يرجع يَعْنِي الظَّالِم مِنْهُمَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح
(4)
.
(1)
تحفة الأبرار (1/ 84)، وشرح المشكاة (2/ 524) للطيبي.
(2)
شرح النووي على مسلم (17/ 156)، والمفاتيح (1/ 163).
(3)
أخرجه الخرائطي في المساوئ (519)، والطبراني في الكبير (9/ 183 رقم 8904). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2765).
(4)
أخرجه البزار (1773). والحاكم في المستدرك (1/ 21 - 22)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 173) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش =
قوله: وعن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "لا يتهاجر الرجلان قد دخلا في الإسلام" الحديث، تقدم معنى التهاجر.
قوله: وعنه رضي الله عنه تقدم الكلام عليه، وتقدم الكلام أيضًا على معنى الحديث.
4186 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأَعْمَال فِي كل اثْنَيْنِ وخميس فَيغْفر اللَّه عز وجل فِي ذَلِك الْيَوْم لكل امرئ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا امْرُؤ كَانَت بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء فَيَقُول اتْرُكُوا هذَيْن حَتَّى يصطلحا" رَوَاهُ مَالك وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه بِنَحْوِهِ
(1)
.
4187 -
وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ تفتح أَبْوَاب الْجنَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَيغْفر لكل عبد لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا رجل كَانَ بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء فَيُقَال أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا
(2)
.
4188 -
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ وَلَفظه قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم تنسخ دواوين أهل الأَرْضِ فِي دواوين أهل السَّمَاء فِي كل اثْنَيْنِ وخميس فَيغْفر لكل مُسلم لا
= وشعبة، لم يرفعه إلا عبد الصمد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 66: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (3294) وصحيح الترغيب (2765).
(1)
أخرجه مالك (2642)، ومسلم (36 - 2565)، وأبو داود (4916)، والترمذي (2023).
(2)
أخرجه مسلم (35 - 2565).
يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا رجل بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء قَالَ أَبُو دَاوُد إِذا كَانَت الْهِجْرَة للَّه فَلَيْسَ من هَذَا بِشَيْء فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَابْن عمر هجر ابْنا لَهُ إِلَى أَن مَاتَ انْتهى
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس" الحديث، تقدم الكلام على معنى العرض في صوم الاثنين والخميس.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا امرؤ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلحا" والشحناء بالمد البغض والعداوة وكذا الشحنة بكسر الشين ذكره الجوهري
(2)
كأنه شخص بغضا له.
فائدة: قال الحافظ المنذرى رحمه الله: قال أبو داود رحمه الله: إذا كانت الهجرة للَّه تعالى فليس من هذا في شيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه أربعين يوما وابن عمر هجر ابنا له إلى أن مات، أ. هـ.
ذكر الخطابي رحمه الله
(3)
: أن هجرة الوالد لولده أو الزوج لزوجته وما كان في معنى ذلك تأديبًا تجوز الزيادة فيه على الثلاث أ. هـ.
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 251 رقم 9278)، والسهمي في تاريخ جرجان (ص 314 - 315). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن منصور إلا عمرو بن أبي قيس، ولا عن عمرو إلا عبد الصمد بن عبد العزيز، تفرد به محمد بن عمار. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 66: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (5275) وضعيف الترغيب (627) و (1649).
(2)
الصحاح (5/ 2143).
(3)
معالم السنن (4/ 122)، وأعلام الحديث (2/ 2187).
وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه صلى الله عليه وسلم الصحابة عن كلامهم لما خاف عليهم النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك وهجرت عائشة ابن الزبير مدة.
وفي رحلة ابن الصلاح التي يخطه أن سعد بن أبي وقاص كان مهاجرا لعمار بن ياسر حتى مات وأن عائشة كانت مهاجرة لحفصة وعثمان كان مهاجرا لعبد الرحمن بن عوف حتى مات وطاوس هاجر وهب بن منبه إلى أن مات وجرى بين الحسن وابن سيرين كلام فتهاجرا فمات الحسن ولم يشهد ابن سيرين جنازته وهجر سعيد بن المسيب أباه فلم يكلمه إلى أن مات وكان أبوه زياتا وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره ومات ابن أبي ليلى فلم يشهد الثوري جنازته
(1)
.
فيجوز هجر أصحاب المعاصي والأهواء والبدع ومنابذي السنة دائما على ممر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق ولقد وجد من السلف من هجر أخاه في أمر كرهه عنه من أمور الدين السنة والسنتين ومنهم من هجر صاحبه وذلك طول عمره ورأوا أنفسهم في فسحة من ذلك ما لم يعد المهجور عما ابتدعه.
تنبيه: قال في المهمات وكلام الأصحاب بعمومه يقتضي أن المبتدع لا فرق فيه بين أن يكون متجاهرا ببدعته أم لا بخلاف الظلم والفسق والصواب التسوية وكذلك يجوز الهجران إذا كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور
(1)
المعارف لابن قتيبة (ص 550).
فلا يحرم واللَّه أعلم
(1)
.
4189 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ تعرض الأَعْمَال يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَمن مُسْتَغْفِر فَيغْفر لَهُ وَمن تائب فيتاب عَلَيْهِ وَيرد أهل الضغائن بضغائنهم حَتَّى يتوبوا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَط وَرُوَاته ثِقَات الضغائن بالضاد والغين المعجمتين هِيَ الأحقاد
(2)
.
قوله: وعن جابر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا" الحديث، الضغائن هي الأحقاد قاله الحافظ.
4190 -
وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يطلع اللَّه إِلَى جَمِيع خلقه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لجَمِيع خلقه إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَو مُشَاحِن رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ فِي الأوْسَط وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه بِلَفْظِهِ من حَدِيث أبي مُوسَى الأَشْعَرِيّ وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي بكر الصّديق رضي الله عنه بِنَحْوِهِ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(3)
.
(1)
انظر روضة الطالبين (7/ 367).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 251 رقم 7419)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 47 - 46). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز بن الربيع إلا المنهال ابن بحر. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 66: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (6825) وضعيف الترغيب (628) و (1650).
(3)
أما حديث معاذ: أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (512)، وابن حبان (5665)، والطبراني في الأوسط (7/ 36 رقم 6776) والكبير (80/ 102 رقم 215) والشاميين (203) و (205) و (3570)، والدارقطني في العلل (6/ 50)، والبيهقي في الشعب (5/ 360 - =
قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يطلع اللَّه إلى جميع خلقه" فذكره إلى أن قال "إلا لمشرك أو مشاحن" اطلاع اللَّه تعالى إلى عباده هو رحمته لهم، وتقدم الكلام على المشرك والمشاحن.
= 361 رقم 3552 و 3553) و (9/ 24 رقم 6204) وفضائل الأوقات (22). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي، وابن ثوبان إلا أبو خليد عتبة بن حماد، تفرد به عن الأوزاعي: هشام بن خالد. قال الدارقطني: غير محفوظ والحديث غير ثابت. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 65: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1026) و (2767).
وأما حديث أبي موسى: أخرجه ابن ماجه (1390)، وابن أبي عاصم السنة (510)، والبيهقي في فضائل الأوقات (29). قال البوصيري في الزجاجة 2/ 10: إسناد حديث أبي موسى ضعيف لضعف عبد اللَّه بن لهيعة وتدليس الوليد بن مسلم. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2768).
وأما حديث أبي بكر الصديق: أخرجه البزار (1/ 157 و 1/ 206)، والبيهقي في الشعب (5/ 358 - 357 رقم 3546 و 3547 و 3548). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكر إلا من هذا الوجه وقد روي عن غير أبي بكر، وأعلى من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وإن كان في إسناده شيء فجلالة أبي بكر تحسنه، وعبد الملك بن عبد الملك ليس بمعروف، وقد روى هذا الحديث أهل العلم ونقلوه واحتملوه فذكرناه لذلك. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 65: رواه البزار، وفيه عبد الملك بن عبد الملك، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يضعفه، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2769). وصحح الحديث بمجموعه من الطرق السابقة في الصحيحة (1144) و (1563).
4191 -
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت دخل عَليّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَوضع عَنهُ ثوبيه ثمَّ لم يستتم أَن قَامَ فلبسهما فَأَخَذَتْنِي غيرَة شَدِيدَة ظَنَنْت أَنه يَأْتِي بعض صُوَيْحِبَاتِي فَخرجت أتبعه فَأَدْرَكته بِالبَقِيعِ بَقِيع الْغَرْقَد يسْتَغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَالشُّهَدَاء فَقلت بِأبي وَأمي أَنْت فِي حَاجَة رَبك وَأَنا فِي حَاجَة الدُّنْيَا فَانْصَرَفت فَدخلت حُجْرَتي ولي نفس عَال ولحقني رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا هَذَا النَّفس يَا عَائِشَة قلت بِأبي وَأمي أتيتني فَوضعت عَنْك ثوبيك ثمَّ لم تستتم أَن قُمْت فلبستهما فَأَخَذَتْنِي غيرَة شَدِيدَة ظَنَنْت أنَّك تَأتي بعض صُوَيْحِبَاتِي حَتَّى رَأَيْتُك بِالبَقِيعِ تصنع مَا تصنع فَقَالَ يَا عَائِشَة أَكنت تَخَافِينَ أَن يَحِيف اللَّه عَلَيْك وَرَسُوله أتَانِي جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ هَذِه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَللَّه فِيهَا عُتَقَاء من النَّار بِعَدَد شُعُور غنم كلب لا ينظر اللَّه فِيهَا إِلَى مُشْرك وَلَا مُشَاحِن وَلَا إِلَى قَاطع رحم وَلَا إِلَى مُسبل وَلَا إِلَى عَاق لوَالِديهِ وَلَا إِلَى مدمن خمر قَالَ ثمَّ وضع عَنهُ ثوبيه فَقَالَ لي يَا عَائِشَة أَتَأْذَنِينَ لي فِي قيام هَذِه اللَّيْلَة قلت بِأبي وَأمي فَقَامَ فَسجدَ لَيْلًا طَويلا حَتَّى ظَنَنْت أَنه قد قبض فَقُمْت أَلْتَمِسهُ وَوضعت يَدي على بَاطِن قَدَمَيْهِ فَتحَرك فَفَرِحت وسمعته يَقُول فِي سُجُوده أعوذ بعفوك من عقابك وَأَعُوذ برضاك من سخطك وَأَعُوذ بك مِنْك جلّ وَجهك لا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك فَلَمَّا أصبح ذكرتهن لَهُ فَقَالَ يَا عَائِشَة تعلميهن فَقلت نعم فَقَالَ تعلميهن وعلميهن فَإِن جِبْرِيل عليه السلام علمنيهن وَأَمرَنِي أَن أرددهن فِي السُّجُود رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
(1)
.
(1)
أخرجه البيهقي في الشعب (5/ 363 - 364 رقم 3556). قال البيهقي: هذا إسناد ضعيف. وضعفه جدا الألباني في ضعيف الترغيب (1651).
قوله: وروي عن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.
قوله: فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد، البقيع بالباء الموحدة بلا خلاف والغرقد: شجر البادية معروف ولكنه زال واتخذ موضعه مقبرة المدينة.
قوله: "فقال يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف اللَّه عليك ورسوله" الحديث، الحيف هو الجور، قاله القرطبي
(1)
، ومعنى الحديث أخفت أن يجور اللَّه عليك ويميل عن الحق فيك، أ. هـ قاله عياض
(2)
، وفي الحواشي ليس هذا على ظاهره فإنها أتقى وأعلم من أن تخاف الحيف من الشرع، وإنما هذا لا يخلوا من أمرين أن يكون من بعض الرواة الذي يذكرون الشيء بالمعنى فيما يظنونه فيغيرونه أو يكون المعنى أخفت ميل الشرع عليك بإسقاط حقك من ليلتك، وللشرع التحكم فقالت: أي نعم خفت أن يكون الشرع قد أجاز استلاب ليلتي من يدي وهذا لا يكون حيفا لكن لما كان الحيف بمعنى الميل أقيم مقامه واللَّه أعلم
(3)
.
قوله: أتاني جبريل عليه السلام، الحديث، جبريل هو رسول رب العالمين، وفيه تسع لغات حكاهن ابن الأنباري وابن الجواليقي وغيرهما جبرلل وجبريل بكسر الجيم وفتحها وجبرئل بفتح الجيم وهمزة مكسورة وتشديد اللام وجبرائيل بالألف وهمزة بعدها ياء وجبراييل بياءين بعد الألف وجبرءيل
(1)
تفسير القرطبي (12/ 294)، والمفهم (8/ 110).
(2)
مشارق الأنوار (1/ 218)، ومطالع الأنوار (2/ 271).
(3)
كشف المشكل (4/ 413).
بهمزة بعد الراء وياء وجبريل بكسر الهمزة وتخفيف اللام مع فتح الجيم والراء وجبرين بفتح الجيم وكسرها وبالنون بدل اللام وقال جماعة من المفسرين وصاحب المحكم والجوهري وغيرهما من أهل اللغة في جبريل ومكيائل أن جبر وميك اسمان أضيفا إلى أيل قال: قالوا وايل وال اسمان للَّه تعالى وجبر وميك معناهما بالسريانية عبد فتقديره عبد اللَّه قاله أبو علي الفارسي.
قوله: "وللَّه فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب" كلب قبيلة معروفة تقدم الكلام عليها في صوم شعبان.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر اللَّه فيها إلى مشرك ولا مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل" الحديث، تقدم الكلام على ذلك في مواطنه.
قولها: فقمت ألتمسه ووضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت، الحديث، يحتج بهذا الحديث من يرى عدم انتقاض الملموس فإنها وضعت يدها على إبهامه الشريفة، وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه كما في الحديث، وفي رواية: فوقعت يدي على أخمس قدميه، والأخمص ما ارتفع من باطن الرجل والأصل عدم الحائل بل الظاهر عدمه أيضًا، فإن ثيابهم كانت قصيرة شاهد ذلك أن النسوة كن يؤمرن أن لا يرفعن رءوسهن من السجود خلف النبي صلى الله عليه وسلم حتى ترفع الرجال رءوسهم خشية رؤية النساء عورات الرجال من قصر الثياب فلو كان وضوء الملموس ينتقض لم يمض صلى الله عليه وسلم في صلاته وفي هذه المسألة قولان للشافعي أحدهما: ما ذكر يعني أنه لا ينتقض الوضوء والقول الآخر: وهو الأظهر أنها مباشرة تنقض وضوء اللامس فنقضت وضوء الملموس كالجماع واللَّه أعلم.
قولها رضي الله عنها: وسمعته يقول في سجوده: "أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك" الحديث، وفي رواية بدأ بالمعافاة ثم بالرضا، إنما ابتدأ بالمعافاة من العقوبة؛ لأنها من صفات الأفعال كالإماتة والإحياء، والرضا والسخط من صفات الذات. وصفات الأفعال أدنى رتبة من صفات الذات، فبدأ بالأدنى مترقيا إلى الأعلى. ثم لما ازداد يقينا وارتقاء ترك الصفات وقصر نظره على الذات فقال: أعوذ بك منك، ثم لما ازداد قربا استحيا معه من الاستعاذة على بساط القرب، فالتجأ إلى الثناء فقال: لا أحصي ثناء عليك، ثم علم أن ذلك قصور فقال: أنت كما أثنيت على نفسك، وأما على الرواية الأولى فإنما قدم الاستعاذة بالرضا على السخط؛ لأن المعافاة من العقوبة تحصل بحصول الرضا، وإنما ذكرها لأن دلالة الأولى عليها دلالة تضمين، فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة، فكنى عنها أولا، ثم صرح بها ثانيا، ولأن الراضي قد يعاقب للمصلحة، أو لاستيفاء حق الغير
(1)
أ. هـ.
وقال الحصني: معنى "لا أحصى ثناء عليك" لا أحيط بمحامدك وصفة إلاهيتك وإنما أنت المحيط به وحدك، أ. هـ.
وقال أبو سليمان الداراني
(2)
: في هذا الكلام معنى لطيف وذلك أنه استعاذ باللَّه وسأله أن يجيزه برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته والرضى
(1)
النهاية (2/ 232).
(2)
كذا في الأصل وإنما هو الخطابي أبو سليمان.
والسخط ضدان متقابلان وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالمعاقبة فسأله أن يجيره برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له وهو اللَّه سبحانه وتعالى استعاذ باللَّه منه لا غير ومعناه الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه
(1)
.
قال في الحواشي قلت: [لا] يجوز أن يستعاذ من الذات القديمة وهذا لا يجوز أن يعتقد أن الرسول قصده ولكنه كما أراد أن يستعيذ من الأشياء بأضدادها مثل أن يقول: "وبحلمك من تعجيل عذابك" وبكذا من كذا، فلما كان التعداد يطول قال:"أعوذ بك منك" أي: بما يصدر منك من عفو ولطف مما يصدر منك من عقوبة ونقمة، وقال ابن عقيل: معنى الكلام أعوذ بك من الصادر منك من الأفعال التي هي العذاب والبطش
(2)
، أ. هـ.
وقوله: "لا أحصى ثناء عليك" أي: لا أطيقه ولا آتي عليه، وقيل: لا أحيط به وقال مالك رحمه الله: لا أحصى نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء عليك.
وقوله: "أنت كما أثنيت على نفسك" اعتراف بالعجز عن تفصيل التناء وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته ورد الثناء إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيين فوكل ذلك إلى اللَّه سبحانه المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه لأن الثناء تابع للمثنى
(1)
معالم السنن (1/ 214).
(2)
كشف المشكل (4/ 398).
عليه فكل ثناء أثنى به عليه وإن كثر وطال وبولغ فيه فقدر اللَّه أعظم وسلطانه أعز وصفاته أكبر وأكثر وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ
(1)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم: في الحديث "جل وجهك" وتكرر وجه اللَّه سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة، وللناس في ذلك كغيره من الصفات مذهبان مشهوران، أحدهما: امرارها كما جاءت من غير كيف فنؤمن بها ونكل علمها إلى عالمها مع الجزم بأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وأن صفاته لا تشبه صفات المخلوقين وثانيهما تأويلها على ما يليق بذاته الكريمة، فالمراد بالوجه الوجود قاله ابن حجر
(2)
.
وفي هذا الحديث دليل لأهل السنة في جواز إضافة الشر إلى اللَّه تعالى كما يضاف إليه الخير لقوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ [بك] من سخطك ومن عقوبتك" الحديث
(3)
.
4192 -
وَعَن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ يطلع اللَّه عز وجل إِلَى خلقه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لِعِبَادِهِ إِلَّا اثْنَيْنِ مُشَاحِن وَقَاتل نفس رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد لين
(4)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (4/ 204).
(2)
هذا خطأ في العزو فهذا كلام العراقي في طرح التثريب (3/ 112).
(3)
شرح النووي على مسلم (4/ 204).
(4)
أخرجه أحمد 2/ 176 (6642). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 65: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وهو لين الحديث، وبقية رجاله وثقوا. وضعفه الألباني في المشكاة (1307)، وضعيف الترغيب (621) و (1652).
قوله: وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يطلع اللَّه عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن وقاتل نفس" تقدم الكلام على ذلك.
4193 -
وَعَن مَكْحُول عَن كثير بن مرّة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان يغْفر اللَّه عز وجل لأهل الأَرْض إِلَّا مُشْرك أَو مُشَاحِن رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ هَذَا مُرْسل جيد
(1)
.
4194 -
قَالَ الْحَافِظ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضًا عَن مَكْحُول عَن أبي ثَعْلَبَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يطلع اللَّه إِلَى عباده لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر للْمُؤْمِنين ويمهل الْكَافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حَتَّى يَدعُوهُ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ أَيْضًا بَين مَكْحُول وَأبي ثَعْلَبَة مُرْسل جيد
(2)
.
قوله: وعن مكحول، تقدم الكلام عليه.
قوله: "يطلع اللَّه إلى خلقه" وتقدم الكلام أيضًا على هذا الحديث.
4195 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاث من لم يكن فِيهِ وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَإِن اللَّه يغْفر لَهُ مَا سوى ذَلِك لمن يَشَاء من مَاتَ لا يُشْرك
(1)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7924)، وابن أبي شيبة في المصنف 6/ 108 (92985)، وابن أبي الدنيا في فضائل رمضان (3 و 5)، والدارقطني في النزول (84)، والبيهقي في الشعب (5/ 359 رقم 3550). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2770).
(2)
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (511)، والطبراني في الكبير (22/ 224 رقم 593)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 70)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (760). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 65: رواه الطبراني، وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2771).
بِاللَّه شَيْئا وَلم يكن ساحرا يتبع السَّحَرَة وَلم يحقد على أَخِيه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم.
قوله في الحديث: "ولم يحقد على أخيه" الحديث، الحقد هو:[الانطواء على العداوة والبغضاء وقيل هو هو طلب الانتقام، وتحقيقه: أن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطل واحتقن فيه فصار حقدًا وقيل هو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة].
4196 -
وَعَن الْعَلَاء بن الْحَارِث أَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَامَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل فصلى فَأطَال السُّجُود حَتَّى ظَنَنْت أَنه قد قبض فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قُمْت حَتَّى حركت إبهامه فَتحَرك فَرجع فَلَمَّا رفع رَأسه من السُّجُود وَفرغ من صلَاته قَالَ يَا عَائِشَة أَو يَا حميراء أظننت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد خاس بك قلت لا وَاللَّه يَا رَسُول اللَّه وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّك قبضت لطول سجودك فَقَالَ أَتَدْرِينَ أَي لَيْلَة هَذِه قلت اللَّه وَرَسُوله أعلم قَالَ هَذِه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان إِن اللَّه عز
(1)
أخرجه عبد بن حميد (685)، والبخاري في الأدب المفرد (413)، والطبراني في الأوسط (5/ 251 رقم 5230) والكبير (12/ 243 رقم 13004)، واللالكائي في أصول السنة (2275)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 99 - 100).
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن الأصم إلا أبو فزارة، ولا عن أبي فزارة إلا ليث، تفرد به: أبو شهاب. وقال أبو نعيم: غريب من حديث يزيد تفرد به أبو فزارة واسمه راشد بن كيسان. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 104: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ليث بن أبي سليم. وضعفه الألباني في الضعيفة (2831) وضعيف الترغيب (1653) و (1790).
وَجل يطلع على عباده فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر للمستغفرين ويَرْحَم المسترحمين وَيُؤَخر أهل الحقد كَمَا هم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا وَقَالَ هَذَا مُرْسل جيد وَيحْتَمل أَن يكون الْعَلَاء أَخذه من مَكْحُول قَالَ الأَزْهَرِي يُقَال للرجل إِذا غدر بِصَاحِبِهِ فَلم يؤته حَقه قد خاس بِهِ يَعْنِي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالسِّين الْمُهْملَة
(1)
.
قوله: وعن العلاء بن الحارث [هو العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي، أبو وهب، ويقال أبو محمد الدمشقي ثقة جليل وكان أعلم أصحاب مكحول
(2)
].
قول عائشة رضي الله عنها: [قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك" تقدم الكلام على ذلك في حديث عائشة إلى رواه البيهقي في هذا الباب وتقدم أيضًا الكلام على ذلك في صوم شعبان وقيام ليله مبسوطًا.
وقوله: يا عائشة أو يا حميراء أظننت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خاس بك، تقدم الكلام على قوله "يا حميراء" قال الحافظ نقلا عن الأزهري: يقال للرجل إذا غدر بصاحبه فلم يوفه حقه قد خاس به يعني بالخاء المعجمة والسين المهملة.
(1)
أخرجه البيهقي في الشعب (5/ 361 - 362 رقم 3554). قال البيهقي: هذا مرسل جيد ويحتمل أن يكون العلاء بن الحارث أخذه من مكحول. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (622) و (1654).
(2)
تهذيب الكمال (22/ الترجمة 4560)، وتاريخ الإسلام: 5/ 281، وتهذيب التهذيب: 8/ 177.
4197 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلَاثَة لا ترفع صلاتهم فَوق رؤوسهم شبْرًا رجل أم قوما وهم لَهُ كَارِهُون وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط وَأَخَوَانِ متصارمان رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ ثَلَاثَة لا يقبل اللَّه لَهُم صَلَاة فَذكر نَحوه قَالَ الْحَافِظ وَيَأْتِي فِي بَاب الْحَسَد حَدِيث أنس الطَّوِيل إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى
(1)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (971)، وابن حبان (1757)، والطبراني في الكبير (11/ 449 رقم 12275). وقال البوصيري في الزجاجة 1/ 119: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وضعفه الألباني في "المشكاة"(1128)، "غاية المرام"(248) وضعيف الترغيب (1655)، وحسنه في المشكاة (1128).