المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١١

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

- ‌[الترغيب في الرفق والأناة والحلم]

- ‌[الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر]

- ‌[الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له]

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار]

- ‌[الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن]

- ‌[الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه]

- ‌[الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط]

- ‌[الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب]

- ‌[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]

- ‌[الترهيب من قوله لمسلم يا كافر]

- ‌[الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك]

- ‌الترهيب من السباب واللعن لاسيما لمعين آدميًّا كان أو دابةً وغيرهما، وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح، والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌[الترهيب من سبّ الدهر]

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه

- ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام

- ‌التَّرْهِيب من الْحَسَد وَفضل سَلامَة الصَّدْر

- ‌الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعُجْب والافتخار

- ‌الترهيب من القول للفاسق والمبتدع يا سيدي ونحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين واللسانين

- ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر

الفصل: ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

4486 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله. رواه مسلم

(1)

وغيره.

قوله عن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره الحديث. أما كون المسلم [أخو] المسلم فقد الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}

(2)

، والمراد أخوة الإسلام وقد سبق بيان ذلك في الأحاديث الواردة بذلك. قوله لا يظلمه قال القرطبي

(3)

معنى يظلمه ينقصه حقه أو يمنعه إياه وقد سبق بيان ذلك في الظلم. وقوله ولا يخذله الخذل قال العلماء ترك الإعانة والنصرة ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلما. قوله ولا يحقره هو بالحاء المهملة وبالقاف أي لا يحتقره ولا يتكبر عليه ويستصغره ويستقلّه.

(1)

صحيح مسلم (32)(2564).

(2)

سورة الحجرات، الآية:10.

(3)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (21/ 81).

ص: 743

قال القاضي عياض

(1)

رحمه الله تعالى ورواه بعضهم ولا يُخفره بضم الياء آخر الحروف وبالخاء المعجمة والفاء أي لا يغدر بعهده ولا ينقض أمانه، قال والصواب المعروف هو الأول وهو الموجود في غير كتاب مسلم بغير خلاف، وروي ولا يحتقره وهذا يرد الرواية الثانية والله أعلم، اهـ. وقيل معنى يحقره بنظره بعين القلة والاستصغار وهذا إنما يصدر في الغالب عمن غلب عليه الكبر والجهل وذلك أنه لا يصح له استصغار غيره حتى ينظر إلى نفسه بعين أنه أكبر منه وأعظم وذلك جهل بنفسه وبحال المحتقر فقد يكون [فيها]

(2)

ما يقتضي عكس ما وقع للمتكبر اهـ. وروي ولا يسلمه بضم الياء، قال ابن الأثير

(3)

يقال أسلم فلان فلانا إذا ألقاه في الهلكة ولم يحمه من عدوه وهو عام في كل من أسلمته إلى شيء لكن دخله التخصيص وغلب عليه الإلقاء في الهلكة ومنه الحديث إني وهبت لخالتي غلاما فقلت لها لا تسلميه حجاما ولا [صائغا]

(4)

ولا قصابا أي لا تعطيه من يعلمه إحدى هذه الصنائع إنما كره الحجام والقصاب لأجل النجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز وأما الصائغ فلما يدخل صنعته من الغش ولأنه يصوغ الذهب والفضة وربما كان منه آنية أو حلي للرجال وهو حرام، ولكثرة الوعد والكذب في إنجاز ما

(1)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 31)، ومشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 211)، وشرح النووي على مسلم (16/ 121).

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

النهاية في غريب الأثر (2/ 394).

(4)

هكذا هذه العبارة في الأصل، وفي النسخة الهندية:(صاغيا).

ص: 744

يستعمل عنده اهـ، قاله في النهاية

(1)

. وروي أيضا ولا يكذبه بفتح الياء وإسكان الكاف ومعناه كذا.

قوله صلى الله عليه وسلم التقوى ها هنا، قالها ثلاثا ويشير إلى صدره الحديث. [فأصل التقوى الاجتناب والمراد هنا اجتناب المعاصي [وكأن] المتقي يتخذ له وقاية من عذاب الله بترك المخالفة والتقوى أيضا عند أهل الحقيقة الاحتراز بطاعة الله تعالى عن عقوبته، وقيل هي اجتناب ما سوى الله تعالى وجاء في التفسير في قوله تعالى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}

(2)

هو أن يطاع ولا يعصى ويذكر ولا ينسى ويشكر ولا يكفر، [كذا]

(3)

رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل {حَقَّ تُقَاتِهِ} هو أن لا [تأخذه] في الله لومة لائم و [يقوم] بالقسط ولو على نفسه أو أبيه أو ابنه. وقيل لا يتقى الله حق تقاته حتى يخزن لسانه، اهـ. قاله الأصبهاني شارح الأربعين الودعانية]

(4)

. والتقوى مصدر اتقى تقاة وتقوى والتاء فيه بدل من الواو لأنه من الوقاية والمتقي هو الذي يجعل بينه وبين ما يخافه من المكروه وقاية تقيه منه ولذلك يقال اتقى الطعنة بدرقته وترسه. وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة، وعلى هذا فالمتقي هو الذي يخاف الله تعالى ويجعل بينه وبين عذابه وقاية من طاعته [و] حاجزا عن مخالفته فإذن أصل التقوى الخوف والخوف إنما ينشأ عن المعرفة بجلال الله وعظمته وعظيم سلطانه وعقابه والخوف والمعرفة [محلها]

(1)

النهاية في غريب الأثر (2/ 394).

(2)

سورة آل عمران، الآية:102.

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(والقلب محله الصدر، ولذلك أشار رضي الله عنه إلى صدره وقال: التقوى ها هنا).

ص: 745

القلب، والقلب محله الصدر، ولذلك أشار صلى الله عليه سلم إلى صدره وقال: التقوى ها هنا، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم التقوى ها هنا أن الأعمال الظاهرة لا [تحصل،] بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته فمن [كانت] التقوى في قلبه فلا ينظر بنظر الحقارة إلى أحد، اهـ. وفيه إشارة إلى أن كرم الخلق عند الله تعالى بالتقوى فرُب من يحتقره الإنسان لضعفه وقلة حظه من الدنيا هو أعظم قدرا عند الله تعالى ممن له قدر في الدنيا، فإن الناس إنما يتفاوتون بحسب التقوى وإذا كان أصل التقوى في القلوب فلا يطلع أحد على حقيقتها إلى الله عز وجل، [وقال الله تعالى:] {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. وأسند أبو حاتم

(1)

عن كعب الأحبار قال: والذي فلق لموسى إني لأجد في التوراة: يا ابن آدم اتق ربك وصل رحمك وبر والديك يمد لك في عمرك وييسر لك يسرك ويصرف عنك عسرك. وسمعت أحمد بن موسى المكي بواسط يقول وجد عليّ سيف عطاء السلمي مكتوب وكان حائكا:

ألا إنما التقوى هو [العزم] والكرم

وفخرك بالدنيا هو الذل والندم

وليس على عبد تقي نقيصة

إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم

[ثم أسند عن محمد بن علي بن حسين قال: إذا بلغ الرجل أربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا الرحيل فأعدّ زادا]

(2)

.

(1)

روضة العقلاء (ص 27).

(2)

حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(ثم بعده الفضلات وافتتح القشيري باب التقوى بقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، اهـ. قاله في الديباجة).

ص: 746

فائدة: التقوى خصلة عظيمة وحالة شريفة آخذة بمجامع علوم الشريعة وأعمالها موصلة إلى خير الدنيا والآخرة وهي جماع الخيرات وحقيقة الاتقاء التحرز بطاعة الله عن عقوبته، وأصلها اتقاء الشرك ثم بعده اتقاء المعاصي والنساء ثم بعده اتقاء الشبهات ثم بعده الفضلات وافتتح القشيري باب التقوى بقوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}

(1)

، اهـ. قاله في الديباجة.

قوله صلى الله عليه وسلم بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم يعني يكفيه من الشر احتقار أخيه المسلم فإن الله تعالى شرفه فإنه إنما يحتقر أخاه المسلم لتكبره عليه والكبر من أعظم خصال الشر.

قوله صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله. والدم [والعرض] معروفان. والعرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره. وقيل هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويُثلب، وقال ابن [قتيبة]: عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير ومنه الحديث: استبرأ لدينه وعرضه، أي احتاط لنفسه، لا يجوز فيه معنى الآباء والأسلاف، [والله تعالى أعلم؛] قاله في النهاية

(2)

.

4487 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنا؟ فقال: إن الله تعالى جميل يحب الجمال الكبر بطر

(1)

سورة الحجرات، الآية:13.

(2)

النهاية في غريب الأثر ج 3 ص 209.

ص: 747

الحق، وغمط الناس" رواه مسلم

(1)

والترمذي

(2)

، والحاكم

(3)

إلا أنه قال: "ولكن الكبر من بطر الحق وازدرى الناس" وقال الحاكم: احتجا برواته.

[بطر الحق]: دفعه ورده. [وغمط الناس]: بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة: هو احتقارهم وازدراؤهم كما جاء مفسرا عند الحاكم.

قوله وعن ابن مسعود تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر، الحديث. لا يدخل الجنة فيه التأويلان السابقان في أمثاله. وقوله مثقال ذرة من كبر، الذرة النملة الصغيرة، تقدم الكلام على هذا الحديث مبسوطا في الكبر، والله تعالى أعلم.

4488 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم" رواه مالك

(4)

ومسلم

(5)

وأبو داود

(6)

وقال: قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع، ولا أدري أيهما قال، يعني بنصب الكاف من أهلكهم أو رفعها: وفسره مالك إذا قال ذلك معجبا بنفسه

(1)

صحيح مسلم (147)(91).

(2)

سنن الترمذي (1998)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(3)

المستدرك للحاكم (1/ 78) هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد احتجا جميعا برواته وله شاهد آخر على شرط مسلم المستدرك للحاكم (4/ 201).

(4)

موطأ مالك (2/ 984/ 2).

(5)

مسلم (2623).

(6)

أبو داود (4983). وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (608)، وصحيح الترغيب والترهيب (2960).

ص: 748

مزدريا بغيره، فهو أشد هلاكا منهم لأنه لا يدري سرائر الله في خلقه. انتهى

(1)

.

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكم.

قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع ولا أدري أيهما يعني بنصب الكاف من أهلكهم ورفعها، اهـ. قاله الحافظ المنذري. وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين الرفع أشهر، اهـ. فمن فتحها كانت فعلا ماضيا ومعناه أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله [يقولون] هلك الناس أي استوجبوا النار بسوء أعمالهم فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى، وهو الذي لما قال لهم ذلك وأيّسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي فهو الذي أوقعهم في الهلاك. وأما الضم فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكُهم أي أكثرهم هلاكا وهو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ويرى له عليهم فضلا، انتهى، قاله في النهاية

(2)

. قال المنذري: [ويمكن رد معنى الفتح إلى هذا أي فهو الذي نسبهم إلى الهلاك عجبا بنفسه وازدراء بغيره وذلك مستوح من نسبة الإهلاك إلى ضميره المنفصل ثم المستتر أي بمجرده وتخمينه وبطره ومخالفته لقوله تعالى {إِنَّ

(1)

قلت: يعني أبا داود كما هو ظاهر، وهو خطأ، فإن قول أبي إسحاق المذكور لم يرد في سنن أبي داود، وإنما في صحيح مسلم عقب الحديث، ولفظه: قال أبو إسحاق: لا أدري (أهلكهم) بالنصب أو (أهلكهم) بالرفع. وأبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الزاهد راوي صحيح مسلم.

(2)

النهاية في غريب الأثر (5/ 269).

ص: 749

بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}

(1)

بل يمكن أن تكون الفتحة فتحة بناء كقوله تعالى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}

(2)

فيمن فسره بالوصل فاعلا لتقطع، وهذا التفسير أنسب بالترجمة والله أعلم.]

(3)

وفسره مالك فقال إذا قال ذلك معجبا بنفسه مزديا لغيره فهو أشد هلاكا منهم لأنه لا يدري [إبراء]

(4)

الله تعالى في خلقه، اهـ. وقيل معناه أنهم قد استحقوا العقوبة والمصير إلى العذاب فهو أشد هلاكا لأنه سدّ باب التوبة والرجاء من الله تعالى.

قال الحميدي

(5)

قال العلماء فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمره فلا بأس عليه اهـ. وزاد البغوي

(6)

وإذا قال ذلك عجبا بنفسه وتصاغرًا للناس فهو المكروه [ذمَّه و] نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الخطابي

(7)

: معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلهكم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في [غيبتهم] والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنهم خير منهم اهـ.

(1)

سورة الحجرات، الآية:12.

(2)

سورة آل عمران، الآية:94.

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

هكذا هذه العبارة في النسخة الهندية، وفي الأصل:(سرائر).

(5)

شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 175).

(6)

شرح السنة (13/ 144).

(7)

شرح السنة (13/ 144)، والأذكار (1/ 284)، والآداب الشرعية (3/ 422).

ص: 750

4489 -

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر له؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك" رواه مسلم

(1)

.

قوله وعن جندب بن عبد الله كذا.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال رجل والله لا يغفر الله تعالى لفلان فقال الله عز وجل من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبطت عملك، الحديث. وفي الحديث أيضا قال الله تعالى: لا يتعاظمني ذنب أن أغفره أي لا يعظم عليّ وعندي، قاله في النهاية

(2)

.

ومعنى يتألى علي أي يحكم عليّ ويحلف، كقول القائل والله ليدخلن الله فلانا النار. والألية اليمين. قوله تعالى: إني قد غفرت له وأحبطت عملك. يقال أحبط الله عمله أي أبطله، من قولهم حبطت الدابة حبطا بالتحريك إذا أصابت مرعًى طيبا فأفرطت في الأكل حتى تنتفخ فتموت، اهـ. قاله في شرح مشارق الأنوار. قال العلماء وفي حديث جندب هذا دلالة لمذهب أهل السنة في غفران الذنوب بلا توبة إذا شاء الله غفرانها واحتجت المعتزلة في إحباط الأعمال بالمعاصي الكبائر، ومذهب أهل السنة أنها لا تحبط إلا بالكفر، ويتأول حبوط عمل هذا على أنه أسقطت حسناته في مقابلة سيئاته فسمي إحباطا مجازا أو يحتمل أنه جرى منه أمر آخر أوجب الكفر، ويحتمل أن هذا كان في شرع من قبلنا وكان هذا حكمهم اهـ.

(1)

صحيح مسلم (137)(2621).

(2)

النهاية في غريب الأثر (3/ 260).

ص: 751

4490 -

وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم في الآخرة باب من الجنة، فيقال له: هلم فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر، فيقال له: هلم هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاءه أغلق دونه، فما يزال كذلك حتى إن أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة فيقال له: هلم، فما يأتيه من الإياس" رواه البيهقي

(1)

مرسلا.

قوله وعن الحسن هو أبو سعيد بن أبي الحسن الأنصاري مولاهم البصري التابعي الكبير، قيل أنه أفضل التابعين، وأمه اسمها خيرة بالخاء المعجمة والمثناة التحتانية مولاة [أم] سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ولد الحسن أواخر خلافة عمر في المدينة وقيل أن أمه ربما كانت تغيب فيبكي الحسن فتعطيه أم سلمة أم المؤمنين ثديها [فتعلله] إلى أن تجيء أمه فيدرّ ثديها فيشربه فيرون تلك الفصاحة والحكمة من بركتها، ونشأ الحسن بوادي القرى. قال الحسن وغزونا خراسان ومعنا ثلاثمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن محمد بن سعد قال كان الحسن عالما فقيها ثقة عابدا كثير العلم فصيحا أجمل أهل البصرة حتى سقط عن دابته فحدث بأنفه ما حدث. [قدم] مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، فقالوا لم يُر مثله قط. أجمع الأمة على جلالته عظم قدره علما وزهدا وفصاحة ودينا ودعاء إلى

(1)

البيهقي في شعب الإيمان (6757)، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان (285)، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1762). وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (2/ 800): ورويناه في ثمانيات النجيب من رواية أبي هدبة أحد الهالكين عن أنس.

ص: 752

الخير وغير ذلك. توفي رضي الله عنه سنة عشر ومائة، والله أعلم. قاله الكرماني

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم إن المستهزئين بالناء يفتح لأحدهم في الآخرة باب من الجنة فيقال لهم هلم هلم الحديث. هلّم يقال للواحد والاثنين والجماعة، بذلك جاء القرآن. ومن العرب من يثني ويجمع ويؤنث، فيقول للذكر: هلم، وللمرأة: هلمي، وللإثنين: هلما، وللجماعة: هلموا، وللنسوة: هلممن. وقال الخليل: أصلها لم وزيدت الهاء في أولها. وقال الفراء: بل أصلها: هل، ضمت إليها أم، والرفعة التي في اللام من همزة أم لما تركت انتقلت إلى ما قبلها. وقال أبو بكر بن الأنباري: معنى هلم: أقبل، وأصله أم يا رجل: أي اقصد، فضموا هل إلى أم وجعلوها حرفا واحدا، وأزالوا أم عن التصرف، وحولوا ضمة همزة أم إلى اللام، وأسقطوا الهمزة فاتصلت الميم باللام. وإذا قال الرجل للرجل: هلم، فأراد أن يقول لا أفعل، قال: لا أهلم.

قوله رواه البيهقي مرسلا تقدم الكلام على الحديث المرسل، ومن الكبائر [السخرية] والاستهزاء بالمسلم. قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}

(2)

الآية، وقد أجمعت الأمة على تحريم ذلك وفي كونه كبيرة مجال [النظر] مع أنه قد روي عن ابن عباس

(3)

.

في قوله تعالى {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا

(1)

الكواكب الدراري (1/ 142).

(2)

سورة الحجرات، الآية:11.

(3)

الزهد لأبي داود (1/ 367)، وابن أبي الدنيا في الصمت (290).

ص: 753

أَحْصَاهَا}

(1)

، قال الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك على [حالة] الاستهزاء، وهذا تصريح بأن ذلك من الكبائر.

وقال الغزالي

(2)

في قول ابن عباس إشارة إلى أن الضحك على الناس من الجرائم والذنوب، واعلم أن معنى السخرية [للاستخفاف] والاستهانة والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يُضحَك منه وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول وقد يكون بالإشارة والإيماء وقد يكون بالضحك كأن يضحك على كلامه إذا تخبط فيه أو غلط أو على صنعته أو قبح في صورته ونحو ذلك. وقال بعض أئمة التفسير في قوله [تعالى]:{بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ}

(3)

، الآية. من لقّب أخاه وسخِر به فهو فاسق، حكاه القرطبي

(4)

.

4491 -

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم طف الصاع لم تملؤوه ليس لأحد فضل على أحد إلا بالدين، أو عمل صالح" رواه أحمد

(5)

والبيهقي

(6)

كلاهما من رواية ابن لهيعة، ولفظ البيهقي قال:"ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين، أو عمل صالح. حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا".

(1)

سورة الكهف، الآية:49.

(2)

إحياء علوم الدين (3/ 131).

(3)

سورة الحجرات، الآية:11.

(4)

تفسير القرطبي (16/ 328).

(5)

مسند أحمد (17313)(17446). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 84) رواه أحمد والطبراني، وفيه ابن لهيعة وفيه لين، وبقية رجاله وثقوا.

(6)

البيهقي في الشعب (6250).

ص: 754

4492 -

وفي رواية له

(1)

: "ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو تقوى، وكفى بالرجل أن يكون بذيا فاحشا بخيلا". قوله [طف الصاع] بالإضافة: أي قريب بعضكم من بعض.

قوله وعن عقبة بن عامر تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد وإنما أنتم ولد آدم طف الصاع لم تملؤوه الحديث. طفّ الصاع بالإضافة أي قريب بعضكم من بعض، اهـ. قاله الحافظ يقال هذا طف المكيال [و] طفافه أي ما قرب من ملئه، وقيل هو ما علا فوق رأسه ويقال له أيضا [طفاف] بالضم والمعنى كلكم في الانتساب إلى [رجل] واحد بمنزلة واحدة في النقص والتقاصر على غاية التمام وشبههم في نقصانهم بالمكيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال ثم أعلمهم صلى الله عليه وسلم أن التفاضل ليس بالنسب ولكن بالتقوى. اهـ. لعله مذكور في النهاية

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم في رواية البيهقي حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيئا بخيلا. البذيء بفتح الباء وكسر الذال المعجمة والمد، هو المتكلم بالفحش ورديء الكلام.

4493 -

وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "انظر فإنك لست بخير من أحمر، ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى" رواه أحمد

(3)

، ورواته ثقات

(1)

البيهقي في الشعب (4782)، (4783) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1038)، وصحيح الترغيب والترهيب (2962).

(2)

النهاية في غريب الأثر (3/ 129).

(3)

مسند أحمد (17313)، (21407)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1071) ورجاله ثقات. وقال في (ص: 1071): أخرجه ابن أبي الدنيا في العفو وذم =

ص: 755

مشهورون إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر.

قوله وعن أبي ذر واسمه جندب الغفاري وهو أول من حيّا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحيّة الإسلام وهو خامس خمسة في الإسلام وكان يعبد الله تعالى قبل البعثة واسم أخيه أنيس مصغرا أسلم مع أبي ذر وأسلمت أمهما وكان شاعرا. قاله الكرماني

(1)

. قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى الحديث سيأتي الكلام على الأحمر والأسود في الحديث بعده.

4494 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}

(2)

. ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغ الشاهد الغائب" ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض. رواه البيهقي

(3)

، وقال في إسناده بعض من يجهل.

= الغضب بإسناد صحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 84) رواه أحمد، ورجاله ثقات إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1505)، وصحيح الترغيب والترهيب (2963).

(1)

الكواكب الدراري (14/ 129).

(2)

سورة الحجرات، الآية:13.

(3)

شعب الإيمان (4774). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700)، وصحيح الترغيب والترهيب (2964).

ص: 756

قوله وعن جابر بن عبد الله تقدم الكلام عليه. قوله خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق، الحديث. أيام التشريق ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى وسميت أيام التشريق لتشريق اللحم فيها، وقيل فيه غير ذلك والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى الحديث.

قال الواحدي قال أهل العلم هذا في الازدراء بالناس والتحقير لهم والاستطالة بالنسب على من يكون خامل النسب، اهـ. قاله في الديباجة، وجاء في الحديث بُعثت إلى الأحمر والأسود، أي العجم والعرب، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة. وقيل أراد الجن والإنس، وقيل أراد بالأحمر والأبيض مطلقا فإن العرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء وسئل ثعلب لم خص الأحمر دون الأبيض فقال لأن العرب لا تقول رجل أبيض من بياض اللون إنما الأبيض عندهم الطاهر النفس من العيوب فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا الأحمر، وفي هذا القول نظر فإنهم قد استعملوا الأبيض في ألوان الناس وغيرهم. [لعل ذلك نادر والغالب سواه وبه يجاب عن ثعلب]

(1)

.

ومنه الحديث

(2)

أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض هي [يعني]

(3)

ما أفاء الله على أمته من كنوز الملوك فالأحمر الذهب والأبيض الفضة والذهب

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

صحيح مسلم (19)(2889).

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 757

كنوز الروم لأنه الغالب على نقودهم [والفضة كنوز الأكاسرة لأنها الغالبة على نقودهم،] وقيل أراد العرب والعجم جمعهم الله على دينه وملته. وفي حديث عليّ قيل له غلبتنا عليك هذه الحمراء يعنون العجم والروم والعرب تسمى الموالي الحمراء وفي الحديث خذوا شطر دينكم كم الحُميراء يعني عائشة كان يقول لها أحيانا يا حميراء تصغير حمراء يريد البيضاء، وفي معنى ذلك أحاديث كثيرة مذكورة في النهاية

(1)

.

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 438). قال الزركشي في المعتبر: قلت: ذكره ابن الأثير في نهاية الغريب بلا إسناد، وهو يدل على أن له أصلًا، لكن اشتهر بين الحفاظ: أن هذا الحديث لا أصل له. ويقول السخاوي في المقاصد: قال شيخنا في تخريج ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير في مادة حمر، ولم يذكر من خرّجه.

ويقول صاحب الأسرار المرفوعة: وذكر الحافظ عماد الدين بن كثير، أنه سأل المزي والذهبي فلم يعرفاه. ويقول أيضًا: وقال شيخنا الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لا يعرف لها إسنادًا. انظر: المعتبر (ص 85، 86)، المقاصد الحسنة للسخاوي (ص 198)، الأسرار المرفوعة لعلي القاري (ص 190، 191). قال ابن القيم في المنار المنيف (ص 60): على حديث فيه: يا حميراء، أو ذكر: الحميراء، فهو كذب مختلق). اهـ. واستثنى بعضهم بعض الأحاديث التي فيها ذكر: الحميراء، ومنها هذا الحديث، استثناه ابن كثير -كما نقله. عنه تلميذه الإِمام بدر الدين الزركشي في كتابه الإجابة لا يراد ما استدركته عائشة على الصحابة (ص 51) - حيث ذكر من خصائص عائشة رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم: خذوا شطر دينكم عن الحميراء، ثم قال الزركشي: (وسألت شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله عن ذلك، فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل، إلا حديثًا في الصوم في سنن النسائي. =

ص: 758

قوله صلى الله عليه وسلم ألا هل بلغت كذا وكذا.

قوله فليبلغ الشاهد الغائب، الشاهد الحاضر.

4495 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي: ألا إني جعلت نسبا، وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا: فلان ابن فلان خير من فلان ابن فلان، فاليوم أرفع نسبي، وأضع نسبكم. أين المتقون؟ " رواه الطبراني في الأوسط

(1)

والصغير

(2)

والبيهقي

(3)

مرفوعا وموقوفا، وقال: المحفوظ الموقوف، وتقدم في أول كتاب العلم حديث أبي هريرة الصحيح فيه:"من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه".

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله فاليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم أين المتقون؟

= قلت -أي ابن كثير-: وحديث آخر في النسائي أيضًا عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟

الحديث، وإسناده صحيح.

(1)

الطبراني في الأوسط (4511)، وفي معجمه الصغير (642)، وأخرجه الحارث (زوائد الهيثمي)(856)، وأسد بن موسى في الزهد (79)، والمعافى بن عمران الموصلي في الزهد (130)، والبيهقي في الزهد الكبير (765)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 88).

(2)

المعجم الصغير للطبراني (642)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 464)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 84): رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه طلحة بن عمرو وهو متروك. وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1510): أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك بسند ضعيف والثعلبي في التفسير مقتصرا على آخره إني جعلت نسبًا

الحديث من حديث أبي هريرة. وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1763): ضعيف جدًا.

(3)

البيهقي في شعب الإيمان (4776، 4777) وقال: هذا هو المحفوظ بهذا الإسناد، موقوف.

ص: 759

المتقون جمع المتقي وهم الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به. قوله من بطأ به عمله لم يسرع نسبه معناه من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال فينبغى أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل.

4496 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالآباء، الناس بنو آدم، وآدم من تراب: مؤمن تقي، وفاجر شقي لينتهين أقوام يفتخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأنفها" رواه أبو داود

(1)

والترمذي

(2)

وحسنه، وتقدم لفظه، والبيهقي

(3)

بإسناد حسن أيضا، واللفظ له، وتقدم معنى غريبه في الكبر.

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم إن الله أذهب عنكم عبيّة الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس بنو آدم وآدم من تراب، الحديث. تقدم الكلام على الحديث مبسوطا في باب الكبر والتواضع قريبا.

(1)

سنن أبي داود (5116).

(2)

الترمذي (3955)، (3956) وقال: وهذا حديث حسنقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1267) أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان من حديث أبي هريرة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2965)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (1787).

(3)

السنن الكبرى للبيهقي (10/ 392)، وفي شعب الإيمان (4763 - 4764 - 4765).

ص: 760