المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في الإصلاح بين الناس - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١١

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

- ‌[الترغيب في الرفق والأناة والحلم]

- ‌[الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر]

- ‌[الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له]

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار]

- ‌[الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن]

- ‌[الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه]

- ‌[الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط]

- ‌[الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب]

- ‌[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]

- ‌[الترهيب من قوله لمسلم يا كافر]

- ‌[الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك]

- ‌الترهيب من السباب واللعن لاسيما لمعين آدميًّا كان أو دابةً وغيرهما، وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح، والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌[الترهيب من سبّ الدهر]

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه

- ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام

- ‌التَّرْهِيب من الْحَسَد وَفضل سَلامَة الصَّدْر

- ‌الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعُجْب والافتخار

- ‌الترهيب من القول للفاسق والمبتدع يا سيدي ونحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين واللسانين

- ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر

الفصل: ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

(1)

4254 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة ويعين الرجل في دابته، فيحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة" رواه البخاري

(2)

ومسلم

(3)

.

[يعدل بين الاثنين]: أي يصلح بينهما بالعدل.

قوله عن أبي هريرة تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم على كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس الحديث تقدم الكلام على هذا الحديث في أوائل هذا التعليق في مواضع.

4255 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" رواه أبو داود

(4)

والترمذي

(5)

وابن

(1)

هذا في اللوحة [12/ ب].

(2)

صحيح البخاري (2989).

(3)

صحيح مسلم (56)(1009).

(4)

أبو داود (4919)، وأخرجه أحمد (27508)، والبخاري في الأدب المفرد (391)، والبزار (4109) والطبراني في مكارم الأخلاق (75)، والبيهقي في الآداب (117)، وفي شعب الإيمان (10578)، (11088) والبغوي (3538).

(5)

الترمذي (2509)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 659): رواه أبو =

ص: 360

حبان في صحيحه

(1)

، وقال الترمذي: حديث صحيح.

قوله وعن أبي الدرداء تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة أراد نوافل هذه الأفعال دون فرائضها.

[قوله:] ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هي الحالقة الحديث. يعني إفساد ذات البين أي هي الحالقة يعني المهلكة كما تستأصل الموسى الشعر وفي حديث آخر دَبَّ [فيكم] داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، دَبَّ أي سرى إليكم ما أفسد الأمم قبلكم [ذنبهم]. وقوله داء الأمم قبلكم. داء أي على عادة الأمم قبلكم.

قوله هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر المراد أنها تمنع من فعل الخيرات والحضور في الصلوات وتحصيل العلوم والمحبة الكاملة في اللَّه لأن من امتلأ صدره من الحسد والبغضاء لا تكون له محبة كاملة في اللَّه تعالى وذوق من الطاعة اهـ. قوله قالوا بلى قال إصلاح ذات البين الحديث، وذات البين هو الإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك قوله:"ذات البين" أي أحوال بينكم، يعني ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق، كقوله تعالى:{بِذَاتِ الصُّدُورِ}

(2)

وهي مضمراتها، لما كانت الأحوال ملابسة للبين، قيل لها ذات البين كقولهم: اسقني ذا إناءك، يريدون ما في الإناء من

= داود والترمذي وصححه من حديث أبي الدرداء. وصححه الألباني في صحيح الجامع (2595)، وصحيح الترغيب والترهيب (2814).

(1)

ابن حبان (5092).

(2)

سورة الحديد، الآية:6.

ص: 361

الشراب. كذا في الكشاف في قوله تعالى: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}

(1)

.

4256 -

وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح".

4257 -

وفي رواية: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نمى خيرًا" رواه أبو داود

(2)

.

[وقال الحافظ]: يقال نميت الحديث بتخفيف الميم: إذا بلغته على وجه الإصلاح، وبتشديدها إذا كان على وجه إفساد ذات البين: كذا ذكر ذلك أبو عبيد

(3)

، وابن قتيبة والأصمعي والجوهري

(4)

وغيرهم.

قوله: وعن أم كثلوم بنت عقبة بن أبي معيط، أم كلثوم اسمها كذا الأموية صحابية هاجرت سنة سبع فتزوجها زيد ثم الزبير ثم عبد عبد الرحمن بن عوف فروى عنها ابناها إبراهيم وحميد وبسرة بنت صفوان،

(1)

سورة الأنفال، الآية:1.

(2)

سنن أبي داود (4920)، وأخرجه البخاري (2692)، ومسلم (101)(2605)، والترمذي (1938)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو في مصنف عبد الرزاق (20196)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (182)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 333) وفي الآداب (118) في شعب الإيمان (11095)، والبغوي في شرح السنة (3539)، وقال: هذا حديث متفق على صحته. وصححه الألباني في الصحيحة (545)، وصحيح الترغيب والترهيب (2815).

(3)

الغريبين في القرآن والحديث (6/ 1889).

(4)

انظر: الفائق في غريب الحديث (4/ 27)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 121)، وفتح الباري (5/ 353).

ص: 362

واللَّه أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح وفي رواية ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمى خيرا الحديث. يقال نميت الحديث أنميه إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير. فإذا أبلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت نمّيته بالتشديد. قال أبو عبيد وابن قتيبة وغيرهما من العلماء. [وزاد مسلم في رواية له: قالت أم كلثوم ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث يعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها، فهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة. [وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال هكذا]

(1)

. وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه وأحسنُ ما رأيتُه في ضبطه ما ذكرَه الإِمامُ أبو حامد الغزالي

(2)

فقال: الكلامُ وسيلةٌ إلى المقاصد فكلُّ مقصودٍ ومحمودٍ يُمكن التوصلُ إليه بالصدق والكذب جميعًا فالكذبُ فيه حرامٌ لعدم الحاجة إليه وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذبُ فيه مباحٌ إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا وواجبٌ إن كان المقصود واجبًا فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه: وجبَ عليه الكذبُ بإخفائه وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة وسأل ظالمٌ يُريدُ أخذَها عَنَتا وجبَ عليه الكذب بإخفائها حتى لو أخبرَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالمُ قهرًا وجبَ ضمانُها على المُودع المُخبر ولو استحلفَه عليها لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي في يمينه فإن حلفَ

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

إحياء علوم الدين (3/ 137).

ص: 363

ولم يور حنثَ على الأصحّ وقيل لا يحنثُ وكذا لو كان مقصودُ حَرْبٍ أو إصلاحِ ذاتِ البين أو استمالة قلب المجني عليه في العفو عن الجناية لا يحصل إلا بكذب فالكذبُ ليس بحرام وهذا إذا لم يحصل الغرضُ إلا بالكذب والاحتياطُ في هذا كلّه أن يورّي ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ ولو لم يقصد هذا بل أطلق عبارةَ الكذب فليس بحرام في هذه المواضع، اهـ. قاله الحصني. وقال بعضهم واعلم أن التورية والتعريض معناهما أن يطلق لفظا هو ظاهر في معني، ويريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ، ولكنه خلاف ظاهره، وهذا ضرب من التغرير والخداع. اهـ. قال في الميسر: وإنما لم يكن هذا النوع كذبا لأن القصد فيه صحيح ثم على [قائله] أن يوري ما استطاع عن حقيقة القول بالكناية فيقول أرجو أن لا يصدر عن صاحبك شيء تكرهه وإني لا [أظن] به أنه يقول فيك قولا سيئا اهـ. قال الحافظ رحمه الله يقال نميت الحديث بتخفيف الميم [إذا بلغته على وجه الإصلاح، وبتشديدها إذا كان على وجه إفساد ذات البين، ذكر ذلك أبو عبيد وابن قتيبة والأصمعي والجوهري وغيرهم، انتهى.]

(1)

. وروى عن عمر بن الخطاب.

(2)

(1)

حصل تأخير لهذه الصحيفة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمان السر فإن كل ذي نعمة محسود، واللَّه أعلم).

(2)

في الطبقات الكبرى (4/ 287)، وابن أبي شيبة في المصنف (26096) عن عمران بن حصين ويقول: إن لكم في المعاريض لمندوحة عن الكذب.

ص: 364

أنه قال في معاريض الكلام: مندوحة عن الكذب. [المعاريض جمع معراض من التعريض وهو خلاف التصريح من القول، وقوله: (مندوحة)] أي سعة، ندحت الشيء وسّعته ومعاريض الكلام أن يتكلم الرجل بكلمة يظهر من نفسه شيئًا ومراده شيء آخر. وقال الحربي.

(1)

المعاريض هو الكلام يشبه بعضه بعضًا يوري ببعضه عن بعض مما لا يدخل على أحد مكروها كاللفظ المشترك المحتمل [لمعنيين] فصاعدًا والذي فيه يجوز يوري بعضه عن التصريح والبيان عندما يضطر إليه لدفع مكروه غيره أو حيث يلزمه إثم أو لأنه يتوجه إليه انتهى. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

أنه كان إذا أراد سفرا ورى بغيره يعني [يريد الخروج]

(3)

، يظهر من نفسه أنه يريد الخروج إلى ناحية أخرى [فـ] يقول كيف الطريق إلى موضع كذا وكذا ثم يخرج إلى موضع آخر. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

أنه قال

(1)

مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 74).

(2)

صحيح البخاري (2947)، وصحيح مسلم (54)(2769).

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (مجمع الزوائد 10/ 143 مجمع) وقال الهيثمي: يحيى بن إسحاق بن يحيى بن عبادة لم يسمع من عبادة وقال المناوي (1/ 493): فيه انقطاع. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (939) والسلسلة الصحيحة (1445).

أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب برقم (680) عن عمر بن الخطاب وبرقم (681) عن معاذ بن جبل الطبراني في الكبير (20/ 94) رقم (183) والبيهقي في الشعب (6655) وابن عدي في الكامل (2/ 360)(3/ 404) وابن حبان في المجروحين (1/ 322)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 108) عن معاذ بن جبل وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل =

ص: 365

استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمان السر فإن كل ذي نعمة محسود، واللَّه أعلم.

4258 -

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما عمل شيء أفضل من الصلاة، وإصلاح ذات البين، وخلق جائر بين المسلمين" رواه الأصبهاني

(1)

.

= (5/ رقم 2258) من رواية خالد بن معدان وقال: قال أبي: هذا حديث منكر، كان سبب سعيد بن سلّام -بعد القضاء- ضَعْفِه: من هذا الحديث؛ لأن هذا حديث لا يُعرف له أصل. ومراده أن هذا الحديث كان سبب تضعيف العلماء لسعيد بن سلّام. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1068)، وقال الهيثمي في المجمع (8/ 195): وفيه سعيد بن سلام العطار قال العجلي: لا بأس به وكذبه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات إلا أن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ، قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1086) أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني من حديث معاذ بسند ضعيف. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 195) رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه سعيد بن سلام العطار، قال العجلي: لا بأس به، وكذبه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات، إلا أن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ. وقال الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (2/ 362): سألت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين عن حديث: استعينوا على طلب الحوائج بالكتمان فقالا: هذا حديث موضوع وليس له أصل، ذكر ذلك ابن قدامة في المنتخب من العلل للخلال (ص 25). وأفاد المناوي في الفيض (1/ 493) أن البخاري قال: إن سعيدًا يذكر بوضع الحديث وأن العراقي اقتصر على تضعيفه، انظر قول السخاوي في المقاصد (ص: 31). وصححه الألباني في صحيح الجامع (943) والسلسلة الصحيحة (1453).

(1)

قوام السنة في الترغيب والترهيب (181) وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 63)، والبيهقي في الشعب (10191)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5646)، والصحيحة (1448)، وصحيح الترغيب والترهيب (2816).

ص: 366

قوله وروي عن أبي هريرة تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم ما عمل شيء أفضل من الصلاة وإصلاح ذات البين وخلق جائر بين المسلمين. تقدم الكلام على الصلاة وتقدم الكلام أيضًا على إصلاح ذات البين، وتقدم الكلام أيضًا على الخلق.

4259 -

وعن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة إصلاح ذات البين" رواه الطبراني

(1)

والبزار

(2)

، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وحديثه هذا حسن، لحديث أبي الدرداء المتقدم.

قوله وعن عبد اللَّه بن عمرو. قوله أفضل الصدقة إصلاح ذات البين تقدم. قوله وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي: قال أحمد: ليس بشيء نحن لا نروي عنه شيئًا، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ويدلس عن محمد بن سعيد المصلوب، وفيما قاله نظر ولم يذكره

(1)

أخرجه الطبراني المعجم الكبير (13/ 20/ 31)، (13/ 32/ 69)، والبيهقي في شعب الإيمان (11592). وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد (335)، والقضاعي (1280). وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده: كما في نصب الراية (4/ 355)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 295)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 455)، والبيهقي في الشعب (10581) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 66) مدار الإسناد على الإفريقي وهو ضعيف. لكن له شاهد من حديث أبي الدرداء، رواه أبو داود في سننه والترمذي في الجامع وصححه وابن حبان في صحيحه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2639)، وصحيح الترغيب والترهيب (2817).

(2)

البزار كما في كشف الأستار (2059).

ص: 367

البخاري في كتاب الضعفاء، وكان يقوي أمره ويقول هو مقارب الحديث، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ووثقه يحيى بن سعيد، وروى عباس عن يحيى بن معين ليس به بأس وقد ضعف، هو أحب إليّ من أبي بكر بن أبي مريم، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو داود قلت لأحمد بن صالح: أتحتج به يعني بعبد الرحمن بن زياد قال نعم.

4260 -

وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي أَيُّوب أَلا أدلك على تِجَارَة قَالَ بلَى قَالَ صل بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وَقرب بَينهم إِذا تباعدوا رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَعِنْده أَلا أدلك على عمل يرضاه اللَّه وَرَسُوله قَالَ بلَى قَالَ صل بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وَقرب بَينهم إِذا تباعدوا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَعِنْده أَلا أدلك على عمل يرضاه اللَّه وَرَسُوله قَالَ بلَى فَذكره.

(1)

4261 -

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضًا والأصبهاني عَن أبي أَيُّوب قَالَ قَالَ لي رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا أَيُّوب أَلا أدلك على صَدَقَة يُحِبهَا اللَّه وَرَسُوله تصلح بَين النَّاس إِذا تباغضوا وتفاسدوا لفظ الطَّبَرَانِيّ وَلَفظ الأصْبَهَانِيّ قَالَ رَسُول اللَّه

(1)

أخرجه البزار (6633) عن أنس، والطبراني في الكبير (8/ 257 رقم 7999) عن أبي أمامة. قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم يروى، عن أنس إلا من هذا الوجه، ولا نعلم حدث به عن حميد إلا عبد اللَّه بن عمر، ولا حدث به عنه إلا عبد الرحمن ابنه وعبد الرحمن لين الحديث وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها. قال الهيثمي في المجمع 8/ 80: رواه البزار، وفيه عبد الرحمن بن عبد اللَّه العمري، وهو متروك. وقال: رواه الطبراني، وعبد اللَّه بن حفص صاحب أبي أمامة لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2818) و (2819).

ص: 368

-صلى الله عليه وسلم أَلا أدلك على صَدَقَة يحب اللَّه موضعهَا قلت بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ تصلح بَين النَّاس فَإِنَّهَا صَدَقَة يحب اللَّه موضعهَا

(1)

.

4262 -

وروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصلح بين الناس أصلح اللَّه أمره، وأعطاه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة، ورجع مغفورا له ما تقدم من ذنبه" رواه الأصبهاني

(2)

وهو حديث غريب جدًّا.

قوله وروي عن أنس بن مالك تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم من أصلح بين الناس أصلح اللَّه تعالى أمره وأعطاه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة ورجع مغفورا له ما تقدم من ذنبه المراد بذلك غفران الصغائر. الترهيب من أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره.

4263 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلًا فليقبل ذلك محقًّا كان أو مبطلًا، فإن لم يفعل لم يرد علي الحوض" رواه الحاكم

(3)

(1)

أخرجه الطيالسي (599)، وعبد بن حميد (232)، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والطبراني في الكبير (4/ 138 رقم 3922)، وابن شاهين في فضائل الأعمال (503)، والأصبهاني في الترغيب (184). قال الهيثمي في المجمع 8/ 79: رواه الطبراني، وفيه ابن عبيدة وهو متروك. وحسنه الألباني في الصحيحة (2644) وصحيح الترغيب (2820).

(2)

أخرجه الأصبهاني في الترغيب (186). قال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1666): منكر جدًّا.

(3)

أخرجه الحاكم (4/ 170)، وقال الذهبي في مختصر تلخيص (6/ 2679): بل فيه سويد أبو حاتم، ضعيف. وقال الألباني في ضعيف الجامع (3715)، وضعيف الترغيب والترهيب (1479): ضعيف جدًا.

ص: 369

من رواية سويد عن قتادة عن أبي رافع عنه، وقال: صحيح الإسناد.

[قال الحافظ]: بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز واه. وروى الطبراني وغيره صدره، دون قوله:(ومن أتاه أخوه إلى آخره من حديث ابن عمر) بإسناد حسن. [التنصل]: الاعتذار.

قوله وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك محقا كان أو مبطلا الحديث. التنصل الاعتذار ا هـ قاله المنذري رحمه الله، يعني فليقبل منه الاعتذار سواء كان حقا أو باطلًا، وقال غيره التنصل معناه أي معتذرا من ذنبه معه مقلعا عنه اهـ. وقال صاحب المغيث

(1)

انتفى من ذنبه وتبرأ واعتذر وتنصلت الشيء أخرجته.

4264 -

وعن جودان رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اعتذر إلى أخيه المسلم، فلم يقبل منه كان عليه ما على صاحب مكس" رواه أبو داود في المراسيل

(2)

وابن ماجه

(3)

بإسنادين جيدين إلا أنه قال: "كان عليه مثل خطيئة

(1)

المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (3/ 307).

(2)

أخرجه أبو داود في المراسيل (521).

(3)

أخرجه ابن ماجه (3718)، وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2709)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 156) وابن حبان في روضة العقلاء (ص 182 - 183)، الطبراني في الكبير (2/ 276/ 2156)، والبيهقي في الشعب (7981)، والضياء في المختارة كما في إتحاف السادة (6/ 232)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 175)، والخرائطي في اعتلال القلوب (501)، وفي مساوئ الأخلاق (649)، والمزي في تهذيب الكمال (14/ 221) عن جودان، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1669)، وغاية المرام (ص 236) والضعيفة (6665).

ص: 370

صاحب مكس" ورواه الطبراني في الأوسط

(1)

من حديث جابر بن عبد اللَّه، ولفظه قال:"من اعتذر إلى أخيه فلم يقبل عذره كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس".

[قال أبو الزبير] والمكاس: العشار.

4265 -

وفي رواية

(2)

: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من تنصل إليه فلم يقبل لم يرد علي الحوض".

[قال الحافظ]: روي عن جماعة من الصحابة، وحديث جودان أصح، وجودان مختلف في صحبته، ولم ينسب.

قوله وعن جودان ويقال ابن جودان، وجودان مختلف في صحبته ولم ينسب ولم يثبت لا يعرف له إلا هذا الحديث الواحد وكان يسكن الكوفة وجهله أبو حاتم وباقي رجاله ثقات [قاله المنذري]. قوله كان عليه ما على

(1)

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (8644)، وأخرجه الحارث في المسند كما في المطالب العالية (11/ 477)، وبغية الباحث (ح 864)، العقيلي في الضعفاء (3/ 249)، وابن عدي في الكامل (5/ 207)، وابن حبان في الثقات (8/ 388) والبيهقي في الشعب (6/ 322) وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 85)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 311)، والدارقطني في غرائب مالك كما في اللسان (4/ 287) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 81) من تنصل إليه فلم يقبل، لم يرد على الحوض. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه علي بن قتيبة الرفاعي وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1670) عن جابر.

(2)

المعجم الأوسط (6295)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 81) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خالد بن زيد العمري وهو كذاب.

ص: 371

صاحب مكس قال ابن الزبير والمكاس العشار اهـ، قاله المنذري. والمكس الضريبة التي يأخذها العشار. وفي الحديث لا يدخل الجنة صاحب مكس، والعشار هو الذي يأخذ من التجار إذا مروا عليه مكسا باسم العشر، وتقدم الكلام على أخذ المكس في الزكاة.

4266 -

وروي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل عذره لم يرد علي الحوض" رواه الطبراني في الأوسط

(1)

.

قوله وروي عن عائشة تقدم الكلام عليها. قوله صلى الله عليه وسلم عفوا تعف نساؤكم وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم الحديث. العفة مأخوذة من مادة (ع ف ف) التي تدل على الكف عن القبيح.

تبركم أبناؤكم أي يكون الجزاء من جنس العمل قال الماوردي: البر نوعان صلة ومعروف والصلة التبرع ببذل المال في جهاد محمودة لغير غرض مطلوب وهذا يبعث عليه سماحة النفس وسخاؤها ويمنع عنه شحها وإباؤها: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

(2)

والثاني نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد وحسن القول ويبعث

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (6295)، وأبو الشيخ فوائد (26) - ومن طريقه الشجري في أماليه (2/ 122)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 81) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خالد بن زيد العمري وهو كذاب. وقال الألباني في ضعيف الجامع (3714) وضعيف الترغيب والترهيب (1671) وفي الضعيفة (5/ 63): هذا موضوع.

(2)

سورة الحشر، الآية:9.

ص: 372

عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيصير منفى مذمومًا انتهى. ولم يذكر العمل في الآخر.

4267 -

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول اللَّه. قال: إن شراركم الذي ينزل وحده، ويجلد عبده، ويمنع رفده، أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول اللَّه. قال: من يبغض الناس ويبغضونه قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول اللَّه. قال: الذين لا يقيلون عثرة، ولا يقبلون معذرة، ولا يغتفرون ذنبا. قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره" رواه الطبراني

(1)

وغيره.

قوله وعن ابن عباس تقدم الكلام عليه. قوله ألا أنبئكم بشراركم، أنبئكم معناه قوله صلى الله عليه وسلم من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل عذره كان عليه مثل خطئية صاحب مكس [فقد قيل ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا، وقد قال الشافعي قدس اللَّه روحه من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استُرضي فلم يرض فهو شيطان فلا تكن حمارا ولا شيطانا وقد قيل خذ من خليلك ما صفا ودع الذي فيه الكَدَر فالعمر أقصر من معاتبة الخليل على الغِيَر، ومهما اعتذر أخوك إليك كاذبا أو صادقا فأقبل عذره. ثم ذكر هذا

(1)

المعجم الكبير للطبراني (10/ 318 / 10775)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 183): رواه الطبراني، وفيه عنبس بن ميمون وهو متروك. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1467)، وضعيف الترغيب والترهيب (1672) جدًا.

ص: 373

الحديث الذي نحن فيه وأطال في ذلك وأحسن، وقال عبد اللَّه بن المبارك المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العثرات. وقال الفضيل الفتوة الصفح عن زلات الإخوان]

(1)

.

قوله وعن ابن عباس تقدم الكلام عليه.

قوله ألا أنبئكم بشراركم، أنبئكم معناه من الإنباء، والمعنى: ألا أخبركم.

وقوله إن شراركم الذي ينزل وحده وفي رواية يأكل وحده.

قوله ويمنع رفده، الرفد العطية والصلة، والمعنى شرار الناس البخيل السيئ الخلق.

قوله الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة، العثرة بالثاء المثلة الزلة. وقوله ولا يقبلون معذرة، المعذرة مأخوذة من الاعتذار وتقدم معناه في الأحاديث المتقدمة.

(1)

حصل تقديم لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت قبل قوله:(قوله كان عليه ما على صاحب مكس قال ابن الزبير والمكاس العشار).

ص: 374