الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما
4278 -
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قال في خطبته في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت" رواه البخاري
(1)
ومسلم
(2)
وغيرهما.
قوله عن أبي بكرة تقدم الكلام عليه.
قوله أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم الحديث. حجة الوَداع بفتح الواو سميت بذلك لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس فيها وكانت آخر اجتماع بينه وبينهم في ذلك الموضع.
قوله صلى الله عليه وسلم إن دماءكم وأموالكم [و] المراد أن دماء بعضكم وأموال بعضكم حرام على بعضكم وأنه ذكره مختصرا اكتفاء بعلم المخاطبين.
قوله وأعراضكم، الأعراض جمع عِرض بكسر العين والعِرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه، وذكر عرض المسلم هذا عند الكافة كل ما يذكر به الرجل وينتقص به من أحواله وأموره وسلفه وحسبه وأنكر هذا ابن قتيبة وقال إنما عرض الرجل نفسه لا سلفه. وفي شعر
(1)
صحيح البخاري (67).
(2)
صحيح مسلم (30)(1679).
حسّان الخلاف أيضًا أي لا يجوز القدح في العرض كالغيبة وذلك كالقتل في الدماء والغصب في الأموال وشبهها في الحرمة باليوم والبلد والشهر لأنهم لا يَرَون استباحة تلك الأشياء [وانتهاك حرمتها] بحال وإنما قدم السؤال عنها تذكارا للحرمة والمراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك، وفي هذا دليل لضرب الأمثال وإلحاق النظير بالنظير قياسا. وقوله كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. والبلد اسم خاص لمكة زادها اللَّه تشريفا وإنما شبه ذلك في التحريم بيوم عرفة والبلد لأنهم كانوا يعتقدون أنها محرمة أشد التحريم. وقوله ألا هل بلغت معناه ما أمرت به من التحذير والإنذار وغير ذلك مما أرسل به، والمراد تحريضهم على تحفظه واعتنائهم به لأنه مأمور بإنذارهم اهـ. في حديث آخر فليبلغ الشاهد الغائب أي الحاضر في المجلس الغائب عنه وهو على صيغة الأمر وظاهر الأمر الوجوب فيعلم منه أن التبليغ واجب، والمراد منه إما تبليغ المذكور وهو إنّ دماءكم وإما تبليغ جميع أحكام الشريعة اهـ. ففيه التصريح بوجوب تبليغ العلم وإشاعة السنن والأحكام وهو فرض على الكفاية فيجب تبليغه بحيث ينتشر واللَّه أعلم.
4279 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله" رواه مسلم
(1)
والترمذي
(2)
في حديث.
(1)
صحيح مسلم (32)(2564).
(2)
سنن الترمذي (1927)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله الحديث. تقدم الكلام على ذلك في الحديث قبله. وتقدم الكلام على العرض في الورع مبسوطا.
4280 -
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه" رواه الطبراني في الأوسط
(1)
من رواية عمر بن راشد.
قوله وعن البراء بن عازب تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم وإنّ أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه الحديث. ومعنى الحديث استطالة اللسان في عرض أخيه المسلم بالطعن فيه أشد إثما من أكل الربا لأن نفس المسلم أشرف من ماله اهـ. والاستطالة والتطاول استحقار الناس والترفع عليهم، قاله صاحب المغيب
(2)
.
قوله من رواية عمر بن راشد اليماني: ضعفه الجمهور، وقال أبو زرعة لين، وقال العجلي: لا بأس به.
4281 -
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر أمر الربا، وعظم شأنه، وقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم
(1)
المعجم الأوسط (7151)، وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المسند (إتحاف الخيرة المهرة 6/ 71) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 72) رواه الطبراني في الأوسط من طريق عمر بن راشد، وهو ضعيف. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 117) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمر بن راشد؛ وثقه العجلي، وضعفه جمهور الأئمة. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1871)، وصحيح الجامع الصغير (3537)، وصحيح الترغيب والترهيب (1857).
(2)
المجموع المغيث (2/ 374).
عند اللَّه في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة.
(1)
قوله وروي عن أنس بن مالك تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم الحديث أربي الربا معناه غيبة الناس وقذفهم أشد من أكل الربا وأخذه وإعطائه؛ لأن نفس المسلم أشرف من ماله، فإيذاء يتعلق بنفسه أشد من ضرر يتعلق بماله.
4282 -
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الربا نيف وسبعون بابا، أهونهن بابا من الربا مثل من أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من خمس وثلاثين زنية وأشد الربا، وأربى الربا، وأخبث الربا انتهاك عرض المسلم وانتهاك حرمته" رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي
(2)
،
(1)
ابن أبي الدنيا ذم الغيبة والنميمة (37)، وفي الصمت (175)، والبيهقي في شعب الإيمان (5135) وقال: تفرد به أبو مجاهد عبد اللَّه بن كيسان المروزي عن ثابت وهو منكر الحديث وأخرجه ابن عدي (4/ 1548) في ترجمة أبي مجاهد عبد اللَّه بن كيسان المروزي ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 245) وقال ابن الجوزي: ليس بصحيح، أبو مجاهد واسمه عبد اللَّه بن كيسان المروزي قال البخاري: منكر الحديث وقال العراقي: سنده ضعيف (إتحاف السادة المتقين 7/ 535)، وقال الزبيدي: قلت: ليس فيه من وصف بالضعف، وأبو مجاهد سعد الطائي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أحمد: إنه لا بأس به، ونسبه فقال: سعد بن عبيد الطائي الكوفي روى له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه. صحيح الترغيب والترهيب (1856).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (6289) قال أبو زرعة: هذا حديث منكر علل الحديث 1/ 391.
وروى الطبراني.
(1)
قوله وعن ابن عباس تقدم. قوله الربا نيف وسبعون بابا الحديث. النيف ما زاد [عن] العقد. قوله صلى الله عليه وسلم وان أربى الربا انتهاك عرض المسلم وانتهاك حرمته، الانتهاك والنهك المبالغة في كل شيء.
4283 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أربى الرِّبَا استطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا قوي
(2)
وَهُوَ فِي
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2944)، وفي الصغير (224)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 248)، وأخبار أصبهان (1/ 336) وأخرج الحديث ابن حبان في المجروحين (1/ 242)، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 245)، والبيهقي في الشعب (4/ 394)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 117) رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، وفيه سعيد بن رحمة، وهو ضعيف. وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (6/ 76) الطبراني في الكبير (11/ 114)، ومن طريقه الشجري في أماليه قال الهيثمي في المجمع (5/ 212): فيه أبو محمد الجزري حمزة ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ. قلت: هو حمزة النصيبي متروك، متهم بالوضع، فالإسناد تالف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1161).
(2)
أخرجه البزار (7784) و (8437)، والبيهقي في الشعب (6345). قال البزار في الموضع الأول: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري إلا النعمان بن راشد، وعن النعمان إلا وهيب، ولا عن وهيب إلا محمد بن أبي نعيم والنعمان حدث عنه جماعة جلة منهم: ابن جريج وجرير بن حازم ووهيب بن خالد.
وقال في الثاني: وهذا الحديث أحسبه خطأ لأن صالحا إنما رواه عندي عن عبد اللَّه بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة لأن صالحا لم يسمع من سعيد المقبري، ولكن هكذا حدث به يحيى بن كثير عن صالح بن أبي الأخضر عن المقبري. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2832).
بعض نسخ أبي دَاوُد إِلَّا أَنه قَالَ إِن من الْكَبَائِر استطالة الرجل فِي عرض رجل مُسلم بِغَيْر حق وَمن الْكَبَائِر السبتان بالسبة
(1)
وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا أطول مِنْهُ وَلَفظه قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرِّبَا سَبْعُونَ حوبا وأيسرها كَنِكَاح الرجل أمه وَإِن أربى الرِّبَا عرض الرجل الْمُسلم
(2)
الْحُوب بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة هُوَ الإِثْم.
4284 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأصْحَابه تَدْرُونَ أربى الرّبَا عِنْد اللَّه قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإِن أربى الرِّبَا عِنْد اللَّه استحلال عرض امرئ مُسلم ثمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}
(3)
رَوَاهُ أَبُو يعلى وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح.
(4)
4285 -
وَعَن سعيد بن زيد رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن من أربى الرِّبَا الاستطالة فِي عرض الْمُسلم بِغَيْر حق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(5)
(1)
أخرجه أبو داود (4877) ابن أبي الدنيا في الصمت (727). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5291).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (22005)، وابن ماجه (2274)، وابن أبي الدنيا في الصمت (173) وذم الغيبة (35)، والبزار (8538). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1858) و (2832).
(3)
سورة الأحزاب، الآية:58.
(4)
أخرجه أبو يعلى في مسنده (8/ 145 رقم 4689)، وابنُ أبي حَاتِم في تفسيره (10/ 3153) واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (7/ 1251). قال الهيثمي في المجمع: وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1679).
(5)
أخرجه أبو داود (4876). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2833).
4286 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا. قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته قالت: وحكيت له إنسانا فقال: ما أحب أن حكيت لي إنسانا، وإن لي كذا وكذا" رواه أبو داود
(1)
والترمذي
(2)
والبيهقي
(3)
، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قوله وعن عائشة تقدم الكلام عليها. قولها قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبُك من صفية كذا وكذا، قال بعض الرواة يعني قصيرة الحديث. [و]
(4)
روي أن امرأة دخلت على عائشة فلما خرجت قالت ما أقصرها فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اغتبتيها فقالت يا رسول اللَّه ما قلت فيها إلا ما فيها فقال صدقت ولكن ذكرت أقبح ما فيها، ذكر هذه الرواية ابن خميس في كتاب ذم الغيبة. قوله حسبك من صفية، حسبك [معناه] يكفيك. قوله فقال لقد كلمة لو مزجت
(1)
أبو داود (4875).
(2)
الترمذي (2502)(2503).
(3)
البيهقي في السنن الكبرى (10/ 418)، وفي شعب الإيمان (6295) والحديث؛ أخرجه ابن المبارك (21)، ووكيع، في الزهد (436)، وأحمد (24964) و (25560)، الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1080). وإسحاق بن راهوية (1596 و 1597)، وهناد، في الزهد (1189)، مسند ابن الجعد (1736)، وابن أبي الدنيا في الصمت (206)، وفي ذم الغيبة والنميمة (69) الخرائطي في مساوئ الأخلاق (195)، وأبو الشيخ الأصبهاني في التوبيخ والتنبيه (187) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2834)(المشكاة) رقم (4857) تحقيق رياض الصالحين للألباني (1533).
(4)
سقط هذا الحرف من النسخة الهندية.
بماء البحر لمزجته، [يعني لغلبتة، يعني يزيد إثم هذه الغيبة على سائر البحر]، ومعنى مزجته خالطته مخالطة يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها وقبحها. قولها قالت وحكيت له إنسانا فقال ما أحب أن حكيت لي إنسانا وأن لي كذا وكذا الحديث، يعني ما أحب أن أتحدث [بغيبة] أحد ولو أعطيت كذا وكذا من الدنيا بسبب ذلك الحديث. وفي رواية ما يسرني أني حكيت فلانًا وأن لي كذا وكذا. [وقال في شرح السنة حكيت أي استقصيت في شيء]
(1)
يقال حكى فلان فلانًا إذا فعل مثل فعله ويستعمل غالبا في الفعل الحسن [وقيل مذلك ذلك] فإذا فعل القبيح قيل حاكاه اهـ، قاله صاحب المغيث. وهذا الحديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة، قال اللَّه تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}
(2)
[فـ]
(3)
إذا كان هذا شأن كلمة هي في [المقول] فيه ذلك كيف كلمة مفتراة إنا للَّه وإنا إليه راجعون من مصيبة يبلغ العاقل به من البلاء ما هذا مبلغه بكلمة، قاله الشيخ تقي الدين الحصني. واعلم أن اللَّه سبحانه وتعالى قد نص على تحريم الغيبة والنهي عنها في كتابه الكريم وشبه صاحبها بأكل الميتة فقال عز وجل:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}
(4)
الآية. فلو وقع الاقتصار على هذه الآية الكريمة في النهي عنها لكان أبلغ في
(1)
سقطت هذه الفقرة من النسخة الهندية.
(2)
سورة النجم، الآيتان: 3 - 4.
(3)
سقط هذا الحرف من النسخة الهندية.
(4)
سورة الحجرات، الآية:12.
الزجر فكيف وقد عضدها شواهد الشرع من السنة، الأخبار والآثار معا. واعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها ويحرم على السامع استماعها وإقرارها فيجب على مَن سمع إنسانًا يبتدئ بغيبة محرَّمة أن ينهاه إن لم يخف ضررًا ظاهرًا لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن فعل ذلك فقد فاز فوزًا عظيمًا، فإن خاف الضرر وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس إن تمكَّن من مفارقته، فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغِيبة بكلام آخر، لزمه، فإن لم يفعل عصى اللَّه ورسوله، فإن قال بلسانه: اسكت، وهو يشتهي بقلبه استمراره، فقال أبو حامد الغزالي
(1)
: ذلك نفاق لا يخرجه عن الإثم، ولا بد من كراهته بقلبه، ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغِيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه، ولم يمكنه المفارقة بطَريقٍ، حَرُمَ عليه الاستماع والإصغاء للغيبة، بل طريقه أن يذكر اللَّه تعالى بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يتفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها، فإن تمكَّن بعد ذلك من المفارقة وهم مستمرون في الغِيبة ونحوها، وجب عليه المفارقة؛ قال تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}
(2)
الآية. قاله النووي في أذكاره
(3)
.
(1)
الأذكار للنووي (ص: 339).
(2)
سورة الأنعام، الآية:68.
(3)
الأذكار للنووي (ص: 339).
4287 -
وعن عائشة أيضًا رضي الله عنها: "أنه اعتل بعير لصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب: أعطيها بعيرا، فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية، فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهجرها ذا الحجة والمحرم، وبعض صفر" رواه أبو داود
(1)
.
عن سمية عنها، وسمية لم تنسب.
قوله: وعن عائشة تقدم الكلام على عائشة. قوله أنه اعتل بعير لصفية بنت حيي وعند زينب فضل ظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب أعطيها بعيرا فقالت أنا أعطي تلك اليهودية فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر الحديث. اعتل البعير معناه، كذا وقوله وعند زينب فضل ظهر أي مركوب، فاضل أي بغير قدر الحاجة والظهر بالظاء المعجمة الإبل التي يحمل عليها الأثقال وغيرها وتركب. وقيل لأنها تحمل الأثقال على ظهورها، وقال الجوهري
(2)
الظهر الركاب، يقال عند فلان ظهر أي إبل ومنه الحديث أتأذن لنا في نحر ظهرنا أي إبلنا التي نركبها وتجمع على ظهران بالضم قاله ابن الأثير
(3)
. والظاهر أن الظهر اسم جنس يطلق على القليل والكثير وأراد بالزائد على الواحد هنا، واللَّه أعلم.
(1)
سنن أبي داود (4602)، والحديث؛ أخرجه ابن سعد في طبقاته 8/ 126 - 127، واسحاق بن راهويه (1408)، وأحمد (25002) و (26250)، (26866)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 71)(188)، وفي الأوسط (2609)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2836).
(2)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (2/ 730).
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 166).
تنبيه: في ذكر صفية: صفية هي أم المؤمنين إحدى زوجات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي صفية بنت حيي بضم الحاء على المشهور، وحكى كسرها، ثم ياءين الأولى مفتوحة والثانية مشددة ابن أخطب بإعجام الخاء وإهمال الطاء بن سعية بن عامر بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب والصحيح أن هذا كان اسمها قبل السبي وقيل كان اسمها زينب فسميت بعد السبي والاصطفاء صفية وكان والدها من رؤساء اليهود لعنهم اللَّه [فذكر النسب] إلى أن قال من بني إسرائيل من بنات هارون بن عمران أخي موسى بن عمران [صلى اللَّه عليهما وسلم] وهما من سبط لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن وأمها اسمها برة بنت شموال [بفتح السين المعجمة]
(1)
أخت رفاعة بن شموال من بني قريظة وكانت صفية عند سلام بتخفيف اللام بن مشكم القرظي وكان شاعرا ثم فارقها فتزوجها كنانة بن الربيع النضري فقتل عنها يوم خيبر ولم تلد لأحد منهما شيئًا وسباها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة في شهر رمضان فطلبها دحية منه فأعطاه إياها فقيل له إنها سيدة بني النضير ولا تصلح إلا لك فأعطى دحية جارية من السبي غيرها واصطفاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفسه فأسلمت، فأعتقها وجعل عتقها صداقها وحجبها وقسم لها وصارت إحدى أمهات المؤمنين ودخل بها صلى الله عليه وسلم ولم تبلغ سبع عشرة سنة. قال في المفهم
(2)
: وظن بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان وهبها لدحية
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (13/ 9).
فأشكل عليه ارتجاعه إياها فاعتذر بأمور لم تصح والذي يزيل الإشكال ما في روايات أخر في مسلم [أنها وقعت في سهم دحية الكلبي] فاشتراها منه بسبعة رؤوس. وأما قوله خذ جارية أي بطريق القسمة وفهم ذلك دحية بقرائن أو تصريح لم [يفعله] الراوي فأخذها بالقسمة ثم اصطفاها عليه السلام لما رآها من بيت النبوة ولجمالها الباعث على كثرة النكاح المؤدية إلى كثرة النسل وجمال الولد لا للشهوة، [كما] قال [صلى الله عليه وسلم]: تخيروا لنطفكم، فإنه معصوم. وذكرها ابن الموفق فقال دخل عليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال لها ما يبكيك فقالت بلغني أن عائشة وحفصة ونساؤك يعيرنني ويقلن هي يهودية وفي رواية ينالان مني ويقولان نحن خير من صفية نحن بنات عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ألا قلت لهن [كيف تكن خيرا مني و]
(1)
أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد، وكانت رضي اللَّه تعالى عنها عاقلة حكيمة فاضلة.
وروي
(2)
ان جارية لها قالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إن صفيه تحب السبت وتصل اليهود فأرسل إليها عمر فسألها عن ذلك فقالت أما إن السبت فإني ما أحببته منذ أبدلني اللَّه به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم أرحاما فأنا أصلها. [ثم] قالت للجارية ما حملك على ما صنعت قالت الشيطان فقالت
(1)
حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(وعمي موسى وزوجي محمد).
(2)
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1871) الإصابة: 13/ 14.
اذهبي فأنت حرة لوجه اللَّه تعالى. تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سنة سبع واختلفوا في وفاتها فذكر ابن سعد قولين عن الواقدي أحدهما أنها ماتت في خلافة معاوية بن أبي سفيان من غير تاريخ وقيل في خلافة علي بن أبي طالب والثاني حكاه الواقدي أيضًا بإسناده قال وتوفيت سنة اثنين وخمسين وقيل سنة ست وثلاثين وهذا ضعيف، والصحيح [أنها]
(1)
ماتت في رمضان سنة خمسين على الصحيح. ودفنت بالبقيع
(2)
. أسندت صفية الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، روت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث، أخرج لها الإمام أحمد في المسند أربعة أحاديث منها حديث متفق على صحته، [و] قال الشيخ أبو العباس الواسطي كانت صفية رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع أن قمرا وقع في حجرها [فعبرت] رؤياها على زوجها كنانة فقال ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا فلطم وجهها لطمة خضر عينها منها. فأُتِي بها [فقال لها] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[وبها أثر منه، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم]
(3)
ما هذا؟ فأخبرته بما كان من أمر الرؤيا. قوله وعند زينب فضل ظهر. [تنبيه أيضًا في ذكر زينب: إحدى أمهات المؤمنين]
(4)
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية تكنى أم المساكين، كنيت بذلك لرأفتها بهم ورحمتها وإحسانها
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1871) سير أعلام النبلاء (2/ 231) - طبقات ابن سعد: 8/ 120 - 129 أسد الغابة: 7/ 169 الإصابة: 13/ 14.
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
إليهم. وكانت عند الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي فطلقها فتزوجها أخوه [عبيد اللَّه] بن الحارث فقتل عنها يوم بدر شهيدا فخطبها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجعلت أمرها إليه فتزوجها في شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة وأصدقها اثنتي عشرة أوقية. قال ابن عبد البر
(1)
كانت زينب تحت عبد اللَّه بن جحش قتل عنها يوم أحد فتزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحكاه عن ابن شهاب وصححه عبد الغني، ومكثتْ عند [رسول اللَّه]صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهرٍ وماتت في آخر شهر ربيعٍ الآخر من السنة الرابعة من الهجرة وصلى عليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبَقيع وقد بلغت ثلاثين سنة أو نحوها. قال قاضي القضاة عز الدين بن جماعة وبهذا جزم الدمياطي ولم يمت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حياته غيرها وغير خديجة وفي ريحانة خلاف. وحكى ابن عبد البر
(2)
عن أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني أن زينب هذه أخت ميمونة بنت الحارث لأمها واللَّه تعالى أعلم.
4288 -
وروي عنها رضي الله عنها قالت: "قلت لامرأة مرة وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه لطويلة الذيل فقال: الفظي الفظي، فلفظت بضعة من لحم" رواه ابن أبي الدنيا
(3)
.
[الفظي] معناه ارمي ما في فمك. [والبضعة]: القطعة.
(1)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1849).
(2)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1849).
(3)
وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1680).
قوله وروى عن عائشة أيضًا تقدم الكلام عليها. قولها قالت قلت لامرأة مرة وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه لطويلة الذيل فقال الفظي الفظي فلفظت بضعة من لحم الحديث. الفظي معناه ارمي ما في فمك، والبضعة القطعة اهـ قاله المنذري. وقال المنذري أيضًا في الحواشي على مختصر سنن أبي داود والبضعة بفتح الباء الموحدة لا غير وهي القطعة من اللحم. وقال الجوهري
(1)
هذه بالفتح وأخواتها بالكسر مثل القطعة والفلذة و [القدرة] والخرقة وما لا يحصى وفي العدد يفتح ويكسر مذكرا كان أو مؤنثا اهـ. وفي رواية فقلت إنها الطويلة الذيل فقال اغتبتيها قومي إليها فتحلليها. يقال تحللته واستحللته إذا سألته أن يجعلك في حل من قِبَله، ومنه الحديث إذا من كانت عنده مظلمة من أخيه [فليستحله][قاله]
(2)
في النهاية
(3)
.
واعلم بأن الحد الحاصر للغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه إذا بلغه سواء ذكرت نقصا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه، حتى في ثوبه بأن يقول واسع الكم طويل الذيل وسخ الثياب، وما أشبه ذلك. فهذه الأسباب وما [أشبهها فإنك]
(4)
[جانسها] إذا ذكرت بها غيرك كنت له مغتابا وآكلا لحمه وعاصيا له سبحانه وتعالى ولو كنت صادقًا فيما ذكرته به. أجمعت الأمة من سلف منهم ومن خلف لم يختلفوا ونذكر شيئًا من كلام
(1)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 1186).
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 430).
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
السلف [وأفعالهم]
(1)
في ذلك. كان الصحابة رضي الله عنهم يلقى بعضهم بعضا بالبشر وحسن الخلق ولا يغتابون عند الغيبة ويرون ذلك أفضل الأعمال ويعتقدون ضده وخلافه من أخلاق المنافقين الضلال. وروي عن الحسن البصري
(2)
أن رجلًا قال له قد اغتابك فلان فبعث إليه طبقا من رطب ثم قال له بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فأردت أن أكافيك عليها فاعذرني فلست أقدر على تمام مكافاتك.
وعن الحسن البصري
(3)
أيضًا أن رجلا قال له إنك تغتابني فقال ما بلغ قدرك عندي أني أحكمك في حسناتي. وروي عن ابن المبارك قال لو كنت مغتابا أحدًا لاغتبت والديّ لأنهما أحق بحسناتي. وأضاف إبراهيم بن أدهم قومًا فشرعوا في اغتياب رجل فقال لهم إنما يؤكل الخبز قبل اللحم وأنتم قد بدأتم بأكل اللحم قبل الخبز. وروي عنه رضي الله عنه أنه قال لرجل مغتاب يا مكذب بخلت بدنياك على أصدقائك وسخوت بآخرتك على أعداءك، فلا أنت فيما بخلت به معذور ولا أنت فيما سخوت به محمود.
وقال بعض السلف الغيبة فاكهة القراء وضيافة الفساق ومراتع النساء، وإدام كلاب الناس، ومزابل الأتقياء، ويقال إدام كلاب النار. وقال خالد الربعي كنت في جماعة بمسجد الجامع فتناولوا رجلا فنهيتهم عن ذلك فكفوا وأخذوا في غيره ثم عادوا إليه فدخلت معهم في شيء من
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
المستطرف في كل فن مستظرف (1/ ص 190).
(3)
الأذكار (1/ ص 270)، إحياء علوم الدين (3/ ص 148).
أمره فرأيت تلك الليلة في المنام، كأني أتاني رجل أسود طويل جدا ومعه طبق عليه قطعة من لحم خنزير، فقال لي: كل، فقلت: آكل لحم خنزير؟ واللَّه لا آكله؛ فانتهرني انتهاراً شديدًا وقال لي: قد أكلت ما هو شر منه، فجعل يدسه في فمي حتى استيقظت من منامي، فواللَّه لقد مكثت ثلاثين [يوما] أو أربعين يومًا ما أكلت طعاما إلا وجدت طعم ذلك اللحم ونتنه في فمي. وقال سفيان بن الحصين كنت جالسا عند إياس بن معاوية فمر رجل فجعلت أغتابه فقال: اسكت، ثم قال لي يا سفيان هل غزوت الروم؟
قلت: لا، قال: غزوت الترك؟ قلت: لا، قال: سلم منك الترك والروم، ولم يسلم منك أخوك المسلم، قال: فما عدت بعد ذلك إلى الغيبة. ودعي إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه إلى طعام فلما جلس قالوا: إن فلانًا لم يجئ فقال رجل منهم: إنه لثقيل، فقال إبراهيم: إنما [فعلت] بي هذا بطني حيث شهدت طعامًا اغتيب فيه مسلم، فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام.
وقال وهب المكي أنه قال: لأن أدع الغيبة أحب إلي من أن تكون لي الدنيا وما فيها، منذ خلقت إلى [يوم] أن تفنى، وأجعلها في سبيل اللَّه تعالى. والآثار عن الصحابة والسلف في ذلك أكثر من أن تحصى واللَّه أعلم. فإذا آمن الإنسان بما قدمناه من الآثار والأخبار لم ينطلق لسانه بالغيبة خوفًا من ذلك، وما يؤكد خوفه ونفعه أن يتدبر في أحوال نفسه فإن وجد فيها عيبا اشتغل بإزالته وإصلاحه، ولنذكر عند ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(1)
طوبى لمن شغله
(1)
أخرجه البزار = البحر الزخار (6237)، وابن عدي في الكامل (2/ 274)، والديلمي في الفردوس (3929)، والبيهقي في الشعب (10563) عن أنس، وأخرجه أبو نعيم =
عيبه عن عيوب الناس اهـ.
فائدة: وأما قول بعض من رأيناه أو بعض من يدعي العلم إذا كان مع قوله قرينة يحصل بها التفهيم لشخص بعينه فهو عين الغيبة. وأخبث أنواع الغيبة غيبة العلماء والقراء والمنتسبين إلى الصلاح والدين فإنهم يفهمون المقصود من الغيبة على صيغة أهل الصلاح ليظهروا التعفف عن الغيبة ولا يدرون لجهلهم أنهم جمعوا فاحشتين الرياء والغيبة مثل أن يذكر عنده إنسان فيقول الحمد للَّه الذي لم يبتلنا بالدخول على السلاطين والتبذل في طلب الحطام أو يقول نعوذ باللَّه من قلة الحياء والدين نسأل اللَّه أن يعصمنا [منه] وإنما قصده أن يفهم عيب الغير فيذكره بصيغة الدعاء والتزكية لنفسه اهـ.
4289 -
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقالوا: يا رسول اللَّه ما أعجز فلانًا! أو قالوا: ما أضعف فلانًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
= (3/ 203) عن الحسين بن علي، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ، عن أنس إلا من هذا الوجه ووجه آخر ضعيف رواه أبان بن أبي عياش، عن أنس، وقال: البيهقي: تفرد به أبان بن أبي عياش.
وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 95) أخرجه أبو نعيم من حديث الحسين بن علي بسند ضعيف والبزار من حديث أنس أول الحديث وآخره والطبراني والبيهقي من حديث ركب المصري وسط الحديث وكلها ضعيفة. . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 229) رواه البزار، وفيه النصر بن محرز وغيره من الضعفاء. وقال الألباني في ضعيف الجامع (3644): ضعيف جدًا. وضعفه الألباني في الضعيفة (8/ 299).
اغتبتم صاحبكم وأكلتم لحمه" رواه أبو يعلى
(1)
والطبراني
(2)
. ولفظه: أن رجلا قام من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فرأوا في قيامه عجزا فقالوا: ما أعجز فلانًا؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أكلتم أخاكم واغتبتموه.
قوله وروي عن أبي هريرة تقدم. [قوله:] فقالوا يا رسول اللَّه ما أعجز أو قالوا ما أضعف فلانًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغتبتم صاحبكم وأكلتم لحمه الحديث. وفي رواية الطبراني أن رجلا قام من عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأوا في قيامه عجزا فقالوا ما أعجز فلانًا الحديث وتقدم في الحد الحاصر للغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه إذا بلغه سواء ذكرت نقصا في بدنه أو نسبه أو خلقه بأن يصفه بإساءته من تجبره وتكبره وبخله وشدة غضبه وجبنه وعجزه وضعف قلبه وكثرة نفاقه ومراياته وغير ذلك، فهذا ذكر الخلق. وباقي الحدود الحاصرة للغيبة تذكر في مواضعها.
(1)
أبو يعلى الموصلي (6151)، وعزاه البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 72)، لأحمد بن منيع وأبو يعلى والطبراني وقال بسند فيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف. وأحمد بن منيع، وأخرجه ابن وهب في الجامع (278) والبيهقي في شعب الإيمان (6307) ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (71)، وفي الصمت (208) الطبري في التفسير (26/ 137)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 309)، وأبو الشيخ في التوبيخ (182)، وابن عدي في الكامل (6/ 196)، ابن حيان في أحاديثه (48) وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1681) وانظر الصحيحة (2667). .
(2)
المعجم الأوسط (458)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 94) روأه أبو يعلى والطبراني في الأوسط وفي إسنادهما محمد بن أبي حميد ويقال له: حماد وهو ضعيف جدا.
4290 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أنهم ذكروا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا: لا يأكل حتى يطعم، ولا يرحل حتى يرحل له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتبتموه، فقالوا: يا رسول اللَّه! إنما حدثنا بما فيه. قال: حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه" رواه الأصبهاني
(1)
بإسناد حسن.
قوله وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده تقدم الكلام عليه. قوله أنهم ذكروا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا لا يأكل حتى يطعم ولا يرحل حتى يرحل له فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغتبتموه. فقالوا يا رسول اللَّه إنما حدثنا بما فيه. قال حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه؛ الحديث. حسبك أي يكفيك فهذا أيضًا من الشروط المعدودة في حصر الغيبة وهو فعله. فقال ابن خميس وأما أفعاله أي المغتاب بأن يقول هو قليل الأدب، يتهاون بالناس، لا يرى لأحد حقًا على نفسه، أو كثيرُ الكلام، أو كثيرُ الأكل وأنه نئوم ينامُ في غير وقته، [أو] يجلسُ في غير موضعه وما شاكل ذلك. فهذه الأسباب وما جانسها إذا ذكرت بها غيرك كنت له مغتابا وآكلا لحمه وعاصيا للَّه سبحانه وتعالى ولو كنت صادقًا فيما ذكرته به اهـ.
(1)
الأصبهاني قوام السنة في الترغيب والترهيب (2235)، وأخرجه ابن المبارك في الزهد (705)، وفي مسنده، ومن طريقه أبو الشيخ في التوبيخ (188)(189)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 189) ابن أبي الدنيا في الصمت (205)، والبغوي في شرح السنة (13/ 140)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2667)، وصحيح الترغيب والترهيب (2836).
4291 -
وعن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تحلل فقال: ومما أتحلل؟ ما أكلت لحما، قال: إنك أكلت لحم أخيك" حديث غريب رواه أبو بكر بن أبي شيبة
(1)
والطبراني
(2)
، واللفظ له، ورواته رواة الصحيح.
قوله وعن عبد اللَّه بن مسعود تقدم. قوله كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده فقال النبي صلى الله عليه وسلم تخلل فقال ومما أتخلل ما أكلت لحما قال إنك أكلت لحم أخيك. وقع فلان بفلان أي لامَهُ وعنّفه يقال وقعت بفلان إذا لمته ووقعت فيه إذا عِبتَه وذممته ومنه حديث طارق ذهب رجل ليقع في خالد أي يذمه ويعيبه ويغتابه وهي الوقيعة والرجل وقّاع.
4292 -
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بصوم يوم، وقال: لا يفطرن أحد منكم حتى آذن له، فصام الناس حتى إذا أمسوا، فجعل الرجل يجئ، فيقول: يا رسول اللَّه إني ظللت صائما، فائذن لي فأفطر فيأذن له، الرجل والرجل حتى جاء رجل فقال: يا رسول اللَّه! فتاتان من أهلك ظلتا صائمتين، وإنهما يستحيان أن يأتياك فأذن لهما فليفطرا، فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، فقال:
(1)
مسند ابن أبي شيبة (311) إتحاف الخيرة المهرة (5365)، والمطالب العالية (11/ 722).
(2)
المعجم الكبير للطبراني (10/ 102/ 10092) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (5365) رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2837).
إنهما لم يصوما، وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين فليستقيئا، فرجع إليهما فأخبرهما فاستقاءتا، فقاءت كل واحدة علقة من دم، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار" رواه أبو داود الطيالسي
(1)
، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة
(2)
والبيهقي
(3)
، ورواه أحمد
(4)
وابن أبي الدنيا أيضًا
(5)
، والبيهقي
(6)
من رواية رجل لم يسم عن عبيد مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1)
مسند أبي داود الطيالسي (2221) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (6/ 309) شعب الإيمان (6296)، قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1034) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وابن مردويه في التفسير من رواية يزيد الرقاشي عنه ويزيد ضعيف. وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (3/ 107) رواه الطيالسي بسند فيه يزيد بن أبان الرقاشي، ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1682) جدًا.
(2)
ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والنميمة (32) في الصمت (170).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (6296).
(4)
أخرجه أحمد (23653) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (3/ 108) رواه أبو داود الطيالسي، ومسدد إلا أنه قال: سعد مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفي سنده راو لم يسم، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع واللفظ لهما، وفي سنديهما أيضًا راو لم يسم، ورواه أبو يعلى مختصرا ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.
(5)
ابن أبي الدنيا في الصمت (171)، وفي ذم الغيبة والنميمة (33).
(6)
البيهقي في الدلائل (6/ 186)، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (659)، وفي السلسلة الضعيفة (519)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 171) رواه كله أحمد، وروى أبو يعلى نحوه، وفيه رجل لم يسم. قال العراقي في المغني عن حمل =
بنحوه إلا أن أحمد قال: "فقال لإحداهما: قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما حتى ملأت نصف القدح، ثم قال للأخرى: قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل اللَّه لهما، وأفطرتا على ما حرم اللَّه عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان من لحوم الناس" وتقدم لفظ أحمد بتمامه في الصيام.
قوله عن أنس بن مالك تقدم. قوله: يا رسول اللَّه إني ظللت صائما وقوله وظلتا صائمتين، معنى ظلت وظلتا.
قوله فلتستقيئا، الاستقاءة هي استخراج ما في البطن من القيء. قوله رواه أبو داود الطيالسي اسمه سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسي البصرى الحافظ، وهو مولى قريش، وقيل: مولى لآل الزبير (فارسي الأصل).
وقوله في رواية البيهقي ثم قال للأخرى قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحم عبيطا الحديث. تقدم معنى الاستقاءة أيضًا. والعبيط هو اللحم الطري. قوله حتى ملأت القدح، القدح هو الآنية المعروفة وهي قدر ما يروي الرجلين أو الثلاثة اهـ. قاله عياض. وتقدم في الصيام هذه الأحاديث والكلام عليها.
= الأسفار (ص: 278) أخرجه أحمد من حديث عبيد مولى رسول اللَّه عليه وسلم الحديث بسند فيه مجهول. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1034) أخرجه أحمد من حديث عبيد مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفيه رجل لم يسم وروأه أبو يعلى في مسنده فأسقط منه ذكر الرجل المبهم.
4293 -
وعن شفي بن مانع الأصبحي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون ما بين الحميم والجحيم يدعون بالويل والثبور يقول بعض أهل النار لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى. قال: فرجل مغلق عليه تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه قيحا ودما، ورجل يأكل لحمه، فيقال لصاحب التابوت: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد قد مات وفي عنقه أموال الناس، ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا ودما: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كلمة فيستلذها كما يستلذ الرفث، ثم يقال للذي يأكل لحمه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة، ويمشي بالنميمة" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت
(1)
، وفي ذم
(1)
ابن أبي الدنيا في الصمت (186، 323)، وفي الغيبة والنميمة (49)، وفي صفة النار (229)، ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 605). وأخرجه ابن المبارك في الزهد (328)، وأسد بن موسى في الزهد (40) هناد في الزهد (1218) والطبري في صريح السنة (37) الخرائطي في مساويء الأخلاق (194) أبو نعيم في حلية الأولياء (5/ 168) قال الطبراني: شفي بن ماتع الأصبحي، وقد اختلف في صحبته، وكذا قال أبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 29). قال أبو نعيم في حلية الأولياء عقبه: لم يروه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا شفى بهذا الإسناد. تفرد به إسماعيل بن عياش، وشفى مختلف فيه، فقيل له صحبة. ورواه مروان بن معاوية عن إسماعيل بن عياش، وقال: في عنقه أموال الناس لم يدع لها وفاء ولا قضاء قال يعمد إلى كل كلمة قذعة خبيثة وقال كان يأكل لحوم الناس ويمشي بالنميمة. =
الغيبة
(1)
والطبراني في الكبير
(2)
بإسناد لين وأبو نعيم، وقال:[شفي بن مانع] مختلف في صحبته، فقيل له صحبة.
[قال الحافظ]: شفي ذكره البخاري وابن حبان في التابعين.
قوله وعن شفي بن ماتع الأصبحي وشفي بن ماتع مختلف فيه فقيل له صحبة، قال الحافظ رحمه الله شفي ذكره البخاري وابن حبان في التابعين. اهـ.
قوله ورجل يجر أمعاءه تقدم الكلام على الأمعاء أنها المصارين.
قوله ورجل يسيل فوه قيحا ودما، وفوه هو فمه وتقدم الكلام على القيح والدم.
قوله إن الأبعد كان ينظر إلى كلمة فيستلذها كما يستلذ الرفث؛ الرفث اسم لكل ما يريد الرجل من النساء وهو التصريح بذكر الجماع قال الأزهرى هي كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة وكان بن عباس يخصصه بما خوطب به النساء.
= قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (2/ 783): والراوي عنه بشير بن أيوب العجلي وثقه ابن حبان، وجهله الذهبي. قال ابن حجر في الإصابة (3/ 399): شفي بالفاء مصغرا بن ماتع بمثناة مكسورة الأصبحي أبو عثمان مشهور في التابعين، ذكره ابن شاهين، والطبراني، وغيرهما لحديث أرسله، وقال: وجزم بأنه تابعي وأن حديثه مرسل: البخاري وابن حبان وأبو حاتم الرازي وغيرهم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 491): رواه الطبراني في الكبير، وهو هكذا في الأصل المسموع، ورجاله موثقون. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (122).
(1)
الغيبة والنميمة (49).
(2)
الطبراني في الكبير (7/ 310)(7226).
4294 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم القيامة، فيقال له: كله ميتا كما أكلته حيا، فيأكله ويكلح ويضج" رواه أبو يعلى
(1)
والطبراني
(2)
وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ
(3)
إلا أنه قال: يصيح. بالصاد المهملة، كلهم من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواة بعضهم ثقات.
[يضج]: بالضاد المعجمة بعدها جيم ويصيح كلاهما بمعنى واحد كذا قال بعض أهل اللغة والظاهر أن لفظة يضج بالضاد المعجمة فيها زيادة إشعار بمقارنة فزع أو قلق، واللَّه أعلم.
[ويكلح] بالحاء المهملة: أي يعبس ويقبض وجهه من الكراهة.
(1)
أخرجه أبو يعلى في المسند كما في إتحاف الخيرة المهرة (5374)، وفي تفسير ابن كثير (4/ 216)، وقال ابن كثير: غريب جدًّا.
(2)
الطبراني في الأوسط (1656)، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (178)، وفي ذم الغيبة والنميمة (40)، والخرائطي في المساوئ (193)، والطبراني في الأوسط (5853) وأبو الشيخ في التوبيخ (205) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (2227) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 75) رواه الطبراني، وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ إلا أنه قال يصيح، بالصاد المهملة، كلهم من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواة بعضهم ثقات. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 92) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ومن لم أعرفه. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1035) أخرجه ابن مردويه في التفسير مرفوعًا وموقوفا وفيه محمد بن إسحاق رواه بالعنعنة. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1685)، وفي السلسلة الضعيفة (6316).
(3)
التوبيخ والتنبيه لأبي الشيخ الأصبهاني (209).
قوله وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم القيامة فيقال له كله ميتا كما أكلته حيا فيأكله ويكلح ويضج. يكلح هو بالحاء المهملة أي يعبس ويقبض وجهه من الكراهة.
قوله ويضج، بالضاد المعجمة بعدها جيم. قوله ويصيح، كلاهما بمعنى واحد كذا قال بعض أهل اللغة والظاهر أن لفظة يضج بالضاد المعجمة فيها زيادة إشعار بمقارنة فزع أو قلق واللَّه أعلم اهـ. قاله الحافظ المنذري.
4295 -
وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه أَنه مر على بغل ميت فَقَالَ لبَعض أَصْحَابه لِأَن يَأْكُل الرجل من هَذَا حَتَّى يمْلَأ بَطْنه خير لَهُ من أَن يَأْكُل لحم رجل مُسلم. رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حيان وَغَيره مَوْقُوفا.
4296 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء الأسلمي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فشهد على نفسه بالزنا أربع شهادات يقول: أتيت امرأة حراما وفي كل ذلك يعرض عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكرت الحديث إلى أن قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، فأمر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يرجم، فرجم، فسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلين من الأنصار يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر اللَّه عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم الكلب. قال: فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم سار ساعة، فمر بجيفة حمار شائل برجله، فقال: أين فلان وفلان؟ فقالوا: نحن ذا يا رسول اللَّه، فقال لهما كلا من جيفة هذا الحمار، فقالا يا رسول اللَّه: غفر اللَّه لك، من يأكل من هذا؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من أكل هذه الجيفة، فوالذي نفسي بيده إنه الآن
في أنهار الجنة ينغمس فيها" رواه ابن حبان في صحيحه
(1)
.
قوله وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.
[قوله] في حديث الأسلمي الذي شهد على نفسه بالزنا أربع شهادات عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلين من الأنصار يقول أحدهما لصاحبه انظر إلى هذا الذي ستر اللَّه عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم الكلب؛ وزاد أبو داود أن ماعزا لما رجم سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه انظر إلى هذا الذي ستر اللَّه عليه إلى آخره. وهذا الحديث يدل على أن الحدود كفارة كما جاء في حديث عبادة بن الصامت
(2)
حيث قال فمن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، اهـ. وعن
(1)
صحيح ابن حبان (4399)(4400) وأخرجه ابن المبارك في مسنده (153)، والبخاري في الأدب المفرد (737) وفي التاريخ الكبير (3/ 1/ 361)، وأبو داود (4428)(4429)، والنسائي في الكبرى (7164)(7165)(7166)(7200)، وأبو يعلى (6140) وابن الجارود (814) والطحاوي في المشكل (438 و 439) وفي شرح المعاني (3/ 143) وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (144) والدارقطني (3/ 196 - 197) والبيهقي (8/ 228 - 227)، وفي الشعب (6286) (9210) قال النسائي: عبد الرحمن بن هضهاض ليس بمشهور، وقد اختلف على أبي الزبير في اسم أبيه وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 470) صححه بن حبان قال ابن القطان الفاسي: وهذا لا يصح؛ لأن عبد الرحمن بن الصامت مجهول الوهم والإيهام (4/ 525)، وقال الذهبي: تفرد عنه أبو الزبير، وعنه ابن جريج، فلا يدرى من هذا الميزان 2/ 570 وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2957 التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (6/ 408) الإرواء (2354)، الضعيفة (2957 و 6318). ضعيف الترغيب والترهيب (1686).
(2)
صحيح البخاري (18)، وصحيح مسلم (41)(1709).
علي
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أصاب حدا وفي نسخة ذنبا فعجل عقوبته في الدنيا فاللَّه أعدل من أن يُثنيَ على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدا فستره اللَّه عليه وعفا عنه في الدنيا فاللَّه أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه. حديث غريب.
وعن خزيمة بن ثابت
(2)
قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أصاب ذنبا وفي رواية
(1)
أخرجه أحمد (775 و 1365) وابن ماجه (2604) والترمذي (2626) وابن أبي الدنيا في التوبة (136) والبزار (482) والطحاوي في المشكل (2181) والمحاملي (191) والطبراني في الصغير (46) والدارقطني (3/ 215) والحاكم (1/ 7 و 2/ 445 و 4/ 262) واللالكائي في السنة (1983) وابن بشران (23) والقضاعي (503) والبيهقي (8/ 328) وفي الشعب (6733) والمهرواني في الفوائد المنتخبة (105) والبغوي في شرح السنة (4182) وعبد بن حميد (87) والبزار (483) والطحاوي (2182) والطبراني في الأوسط (6197) قال الحاكم في الموضع الأول: صحيح الإسناد. وقال في الموضع الثاني: صحيح على شرط الشيخين قال أبو عيسى وهذا حديث حسن غريب صحيح وقال ابن كثير في تفسيره 3: 101 عقبه: وقد سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث فقال: روى مرفوعًا وموقوفًا، ورفعه صحيح وانظر العلل 3:129. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5423).
(2)
وأخرجه ابن أبي شيبة في مسنده كما في إتحاف الخيرة (4780)، والترمذي في العلل 2/ 602، وأحمد (21866 - 21876)، وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (4781)، والطبري كما في إتحاف المهرة 4/ 439، والطبراني (3728)، والبيهقي 8/ 328، والخطيب في تاريخه 5/ 198، والبغوي (2594) وأخرجه البخاري في التاريخ الأوسط 1/ 199، والتاريخ الكبير 3/ 206، والدارمي (2331)، والطبراني المعجم الكبير (4/ 88/ 3732)، والحاكم (4/ 388)، والدارقطني (3/ 214) قال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا حديث فيه اضطراب، وضعفه محمد جدا قال =
حدا وأقيم عليه ذلك الذنب فهو كفارته اهـ.
قوله قال فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم سار ساعة فمر بجيفة حمار شائل برجله فقال أين فلان وفلان فقالا نحن ذا يا رسول اللَّه فقال لهما كلا من جيفة هذا الحمار الحديث.
[قوله فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من أكل هذه الجيفة أي تكلمتما في عرضه وهو النيل وفي الحديث أن رجلا كان ينال من الصحابة يعني الوقيعة فيهم [يقال] منه نال ينال نيلا إذا أصاب فهو نائل والعرض من الإنسان ما يمدح ويذم وتقدم ذلك مبسوطا. وقوله آنفا أي الآن والساعة يعني ما وجدتما من عيب ماعز في هذه الساعة أقبح وأشد من أكل هذه الجيفة في هذه الحالة.
قوله إنه الآن في أنهار الجنة أي ينغمس فيها، يخوض ويدخل]
(1)
.
قوله شائل برجله أي منتفخ مرتفع برجليه من الشول وهو نهوض [الشيء]
(2)
من موضعه أي رافعها لورمه. فانظر يا أخي رحمك اللَّه أي وعيد
= الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 265) رواه الطبراني، وأحمد بنحوه، وفيه راو لم يسم، وهو ابن خزيمة، وبقية رجاله ثقات. وقال ابن حجر في فتح الباري (12/ 84) سنده حسن. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2317)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (6039).
(1)
حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(قوله شائل برجله أي منتفخ مرتفع برجليه من الشول وهو نهوض الشيء من موضعه أي رافعها لورمه).
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
أعظم من هذا إذا جعل اغتيابها أشد من أكل الميتة المحرمة المعدودة من الكبائر اهـ. قاله [الحصني وابن] النحاس في تنبيهه
(1)
.
4297 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ليلة أسري بنبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، ونظر في النار، فإذا قوم يأكلون الجيف. قال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ورأى رجلا أحمر أزرق جدا، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا عاقر الناقة" رواه أحمد
(2)
ورواته رواة الصحيح خلا قابوس ابن أبي ظبيان.
قوله وعن ابن عباس تقدم الكلام عليه.
قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ونظر في النار فإذا قوم يأكلون الجيف قال من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس الحديث. وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به مر بقوم في السماء يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقونه ثم يقال لهم كلوا كما كنتم تأكلون من لحم أخيكم في الدنيا فقلت يا جبريل من هؤلاء فقال هؤلاء المغتابون من أمتك، ذكره ابن خميس في ذم الغيبة. ففي الحديث دليل على أن العقاب واقع قبل يوم القيامة وقد جاء القرآن العزيز بذلك قال اللَّه تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}
(3)
.
(1)
تنبيه الغافلين (ص 174).
(2)
أخرجه أحمد (2324) والحديث؛ أخرجه البيهقي، في البعث (196). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 92) رواه أحمد، وفيه قابوس وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. .
(3)
سورة غافر، الآية:46.
قوله في حديث ابن عباس ورآى رجلا أحمر أزرق جدا قال من هذا يا جبريل قال هذا عاقر الناقة المذكور في قول اللَّه تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}
(1)
وهي ناقة صالح فهي إضافة خلق إلى خالق تشريفا وتخصيصا، واسمه قدار بن سالف وهو أشقى الأولين، وقدار بضم القاف ثم دال مهملة مخففة ثم ألف ثم راء هكذا ذكره جميع أهل التواريخ والقصص والأسماء والجوهري وغيرهم ووقع في المهذب في باب الهدنة أن اسمه العيزار بن سالف وهو وهم بلا خلاف.
قيل إن صالحا عليه السلام أتى بالناقة من قبل نفسه وقال الجمهور سألوه أن يدعو ربه أن يخرج له من صخرة يقال لها الكاتبة ناقة عشراء فدعى اللَّه تعالى فانشقت عن ناقة عظيمة يروى أنها كانت حاملا فولدت وهم ينظرون إليها فعقرها قدار. قال اللَّه تعالى {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} أي قام على أطراف أصابع رجليه ثم رفع يديه فضربها، اهـ، قاله في حياة الحيوان
(2)
.
قوله في آخر الحديث قابوس بن أبي ظبيان قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن حبان: رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له فربما رفع المرسل وأسند الموقوف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس بذلك ووثقه ابن معين في رواية، وقال ابن عدي: أحاديثه متقاربة أرجو أنه لا بأس به وصحح له ابن خزيمة والترمذي والحاكم.
(1)
سورة الشمس، الآية:14.
(2)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 454).
4298 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم" رواه أبو داود
(1)
، وذكر أن بعضهم رواه مرسلًا
(2)
.
قوله وعن أنس تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، الحديث. الخمش معروف وتقدم في السؤال. قوله رواه أبو داود، وذكر أن بعضهم رواه مرسلا تقدم الكلام على الحديث المرسل في اصطلاح المحدثين.
4299 -
وعن راشد بن سعد المقرائي قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي مررت برجال تقرض جلودهم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل. قال: الذين يتزينون للزنية. قال: ثم مررت بجب منتن الريح، فسمعت فيه أصواتا شديدة، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: نساء كن
(1)
أبو داود (4878 و 4879) ومن طريقه أخرجه البيهقي في الشعب (6290) وفي الأدب (153)، وأخرجه أحمد (13340)، وابن أبي الدنيا في الصمت (572) والطبري في صريح السنة (39) والخرائطي في المساوئ (195) والطبراني في مسند الشاميين (932) وفي الأوسط (8)، والضياء في المختارة (2285) و (2286) وأبو الشيخ في التوبيخ (201) والبيهقي في الشعب (6290) والآداب (153) والخطيب في التاريخ (5/ 116) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (587)، والخرائطي في المساوئ (195) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5213)، صحيح الترغيب والترهيب (2839)، والصحيحة (533).
(2)
ورواه يحيى بن عثمان الحمصي عن بقية فلم يذكر أنسا. أخرجه أبو داود (5/ 194).
يتزين للزنية، ويفعلن ما لا يحل لهن، ثم مررت على نساء ورجال معلقين بثديهن، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء اللمازون والهمازون، وذلك قول اللَّه عز وجل:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)}
(1)
رواه البيهقي
(2)
من رواية بقية عن سعيد بن سنان، وقال: هذا مرسل، وقد رويناه موصولًا، ثم روي عن ابن جريج قال: الهمز بالعين والشدق واليد، واللمز باللسان. قال: وبلغني عن الليث أنه قال: اللمزة الذي يعيبك في وجهك، والهمزة: الذي يعيبك بالغيب.
قوله وعن راشد بن سعد المقرائي هو راشد بن سعد المقرائي ويقال: الحبراني، الحمصي تابعي جليل القدر، يعد في الشاميين، سمع ثوبان، ويعلى بن مرة، روى عنه ثور، وصفوان بن عمرو قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: لا بأس به.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي، عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، وأحمد بن عبد اللَّه العجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي ثقة، وقال الدارقطني: لا بأس به، يعتبر به إذا لم يحدث عنه متروك
(3)
.
قوله ثم مررت على نساء ورجال معلقين بثديهن؛ الثُّدِيُّ جمع الثَّدْي وهو حلمة البذا الذي في النهر وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا في الزنا قوله فقلت
(1)
سورة همزة، الآية:1.
(2)
شعب الإيمان (6326)، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1440) ضعيف جدا.
(3)
تهذيب الكمال (9/ ترجمة 1826).
يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء اللمازون والهمازون وذلك لقول اللَّه عز وجل {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)}
(1)
.
وقال البيهقي
(2)
قال ابن جريج الهمز بالعين والشدق واليد واللمز باللسان قال وبلغني عن الليث أنه قال اللمزة الذي يعيبك في وجهك والهمزة الذي يعيبك بالغيبة اهـ.
وأما التعريض بالغيبة إذا كان يحصل الفهم به فهو كالتصريح وكذلك الفعل فيها كالقول والإشارة والإيماء والرمز والكتابة والحركة والمحاكاة وكل ما يفهم به المقصود من ذلك فهو داخل في الغيبة وهو معصية مرتكب به الفسق وقد رآى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[عائشة] رضي الله عنها وقد حاكت امرأة فقال عليه السلام ما يسرني أني حاكيت ولي كذا وكذا. وأما الكتابة فقد قال عليه السلام القلم أحد اللسانين اهـ.
4300 -
وعن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح منتنة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين" رواه أحمد
(3)
.
(1)
سورة همزة، الآية:1.
(2)
شعب الإيمان (6752).
(3)
أخرجه أحمد (14784) والبخاري في الأدب المفرد (732) وابن أبي الدنيا في الغيبة (69) والخرائطي في المساوئ (189) وابن حبان في الثقات (6/ 258) وأبو الشيخ في التوبيخ (176 و 204) وأبو نعيم في صفة النفاق (160) والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 714) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (2237)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد =
وابن أبي الدنيا
(1)
، ورواة أحمد ثقات.
قوله وعن جابر تقدم الكلام عليه. قوله كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح منتنة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين الحديث. وفي حديث آخر ذكره ابن خميس في كتابه ذم الغيبة عن جابر بن عبد اللَّه قال هاجت ريح منتة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام إن ناسا من المنافقين اغتابوا أناسا من المسلمين فلذلك هاجت هذه الريح، وعند سماع هذا الحديث قيل لبعض الحكماء ما الحكمة في أن ريح الغيبة ونتنها كانت تبين على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وليست تبين في [يومنا] هذا فقال لأن الغيبة قد كثرت في زماننا هذا وامتلأت منها الأنوف فلأجل ذلك لا تظهر الرائحة ومثال هذا رجل حضر دار دباغ فإنه لا يقدر على المقام فيها من شدة الرائحة وأهل تلك الدار يأكلون فيها الطعام ولا تظهر لهم رائحة لأنه أنوفهم امتلأت منها، وكذلك الغيبة الآن
(2)
، اهـ.
24 -
وروي عن جابر بن عبد اللَّه، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الغيبة أشد من الزنا. قيل: وكيف؟ قال: الرجل يزني، ثم يتوب، فيتوب اللَّه عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له
= (8/ 91): رواه أحمد، ورجاله ثقات. وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 470): سند حسن وحسنه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2840)، وغاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (429).
(1)
الصمت وآداب اللسان (216).
(2)
تنبيه الغافلين (ص 162 - 163).
صاحبه" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الغيبة
(1)
والطبراني في الأوسط
(2)
والبيهقي
(3)
، ورواه البيهقي أيضًا عن رجل لم يسم عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيينة غير مرفوع، وهو الأشبه، واللَّه أعلم.
قوله وروي عن جابر بن عبد اللَّه وأبي سعيد الخدري تقدم الكلام عليهما رضي الله عنهما. قوله صلى الله عليه وسلم الغيبة أشد من الزنا، قيل وكيف؟ قال الرجل يزني ثم يتوب فيتوب اللَّه عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه الحديث. ورواه البيهقي عن سفيان بن عيينة غير مرفوع وهو الأشبه.
فائدة: في بيان كفارة الغيبة
(4)
: اعلم أن الغيبة معصية عظيمة تتعلق بحق الآدمي فهي مظلمة مثبت له المطالبة بها في الآخرة كسائر المظالم فالواجب
(1)
ابن أبي الدنيا في الصمت (164)، وفي ذم الغيبة والنميمة (26).
(2)
المعجم الأوسط (6590).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (6315 - 6316)، أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (25)، وأبو الشيخ في التوبيخ (162)، والدينوري في المجالسة (3541)، والسلفي في الطيوريات (839)، وابن مندة في الفوائد (3)، ومن طريقه ابن عساكر في معجمه (693)، وقال ابن أبي حاتم في علل الحديث (2474) قال أبي ليس لهذا الحديث أصل، وعباد ضعيف الحديث قال ابن عساكر: غريب جدًا من حديث إبراهيم بن طهمان وأبي رجاء، تفرد به أصرم بن حوشب. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 92) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو متروك، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2204)، وفي ضعيف الترغيب والترهيب (1690)، وقال في الضعيفة (1846): ضعيف جدًا. .
(4)
إحياء علوم الدين (2/ 153 - 155).
على المغتاب أن يندم عليها ويتوب منها ويتأسف على ما فعله ليخرج من ذلك من حق اللَّه تعالى ثم يأتي من اغتابه [فليستحل] منه ليخرج من مظلمته وينبغي أن يستحله وهو حزين متأسف نادم إذ المغتاب قد يستحل من الغيبة ليظهر الورع من نفسه ولا يكون في الباطن نادما فيكون مقارنا لمعصية أخرى وهي الرياء. فبهذا الطريق الذي ذكرناه يحصل تكفير الغيبة ويعرى عن التلطخ بإثمها.
وقال بعض السلف إن كان اغتيابه بلغ الذي اغتابه فتكفيره أن يتوب إلى اللَّه سبحانه وتعالى وإن لم تبلغ الغيبة إليه فليستغفر اللَّه تعالى ويدعو بالخير لمن اغتابه ويضمر أن لا يعود إلى مثله، ولو أنه اغتابه فقال عليه بهتانا لم يكن فإنه يفتقر إلى التوبة في ثلاثة مواضع أحدها أن يرجع إلى القوم الذين تكلم عندهم، فيقول لهم [اعلموا].
قلت في فلان عندكم بهتانا وكنت فيه كاذبا. الثاني يذهب إلى الذي اغتابه ويلتمس من الإحلال. الثالث: أن يتوب إلى اللَّه تعالى من الغيبة والبهتان. وقال الحسن البصري يكفيه في تكفيرها التوبة إلى اللَّه تعالى والاستغفار لمن اغتابه ولا يفتقر إلى الاستحلال من الآدم، واحتج عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة من اغتيب أن يستغفر له. وقال مجاهد رضي الله عنه كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه وتدعو له بخير. وسئل عطاء بن أبي رباح عن التوبة من الغيبة فقال تمشي إلى صاحبك وتقول كذبت فيما قلت وظلمت وأسأت فإن شئت أخذت بحقك وإن شئت عفوت، والصحيح ما قدمناه. ولا يبرأ عن الغيبة
ويخلص من جريمتها إلا به فقد ورد بالإسناد الصحيح
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليتحللها منه قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم وإنما يؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فتزاد على سيئاته.
وروي
(2)
ان امرأة قالت لأخرى: إنها لطويلة الذيل فقالت لها عائشة رضي الله عنها: قد اغتبتيها فاستحليها؛ فالاستحلال لابد منه للخلاص عن الغيبة فإن كان الذي اغتابه حيا فلا بد أن يستحل منه ولا يبرأ إلا أن يصرح بإحلاله وإن كان ميتا أو غائبا لا يرجوا لقاءه فليكثر له الدعاء والاستغفار ويُهدي إليه ما يقدر عليه من الحسنات مع التوبة إلى اللَّه تعالى ليزول عنه إثم فاحشته وغيبته. فإن قال قائل فهل يجب الإحلال ويتعين على الذي اغتابه أن يبرئه عند الاعتذار إليه، فيقال لا وإنما هو تبرع وذلك فضل مندوب إليه مستحسن وليس بواجب وسبيل المعتذر أن يبالغ في الثناء على من اغتابه ويطنب في التودد له ولا يزال ملازما لهذا الفعل حتى يطيب قلبه فإن لم يطب قلبه ولا حلله كان اعتذاره وكثرة تودده حسنة محسوبة له يرجى أن يقابل به سيئة الغيبة في القيامة وربما تقاصّا وقد كان بعض السلف لا يحلل من الغيبة. قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه
(3)
لا أحلل من ظلمني.
(1)
صحيح البخاري (6534).
(2)
تفسير القرطبي (16/ 338) إحياء علوم الدين (3/ 154).
(3)
تفسير القرطبي (16/ 338). الأذكار (ص 275)، إحياء علوم الدين (3/ 154).
وقال ابن سيرين
(1)
إني لم أحرمها عليه فأحللها له، إن اللَّه تعالى حرم عليه الغيبة، وما كنت لأحلل ما حرم اللَّه تعالى أبدا. فإن قال قائل فما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم فليتحللها منه، وتحليل ما حرم اللَّه تعالى لا سبيل إليه؟ فيقال المراد به العفو عن المظلمة وإبراء الظالم عنها كما يسقط عنه سائر الحقوق لا أن الحرام ينقلب حلالًا، وما ذكره ابن سيرين إنما يستقيم على وفق ما قاله في التحليل قبل الغيبة فإنه لا يجوز له أن [يتحلل] الغيبة لغيره [ليغتاب] بل إذا وقعت منه الغيبة [فليتحللها] المغتاب على معنى أنه يعفو عنها.
فإن قال قائل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا أصبح [يقول] اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك أي تصدقت على من ذكرني بما يرجع إليّ عيبه. وفي حديث أبي الدرداء
(2)
أقرض من عرضك ليوم فقرك أي من عابك وذمك فلا تجازه واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة. قاله في النهاية
(3)
. فكيف يتصور التصدق بالعرض [و] الذي تصدق به فهل [هو] يباح للغير تناوله وإن كانت صدقته لا تنفذ فما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقال معناه أني لا أطلب مظلمة في القيامة [منه]
(4)
ولا أخاصم أحدًا في حق يتعلق بعرضي وإلا فلا تصير
(1)
تفسير القرطبي (16/ 338). الأذكار (ص 275)، إحياء علوم الدين (3/ 154).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (34596)، الآحاد والمثاني (5/ ص 172)، حلية الأولياء (1/ ص 218).
(3)
النهاية (3/ 209).
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
الغيبة به حلالًا ولا تسقط المظلمة بذلك لأنه عفو قبل الوجوب إلا أن [ذلك] وعد وهو بالخيار إن شاء عفا في الآخرة وإن شاء رجع وطالب بمظلمته في عرضه. ولهذا أجمع الفقهاء على أن من أباح قذفه لغيره فقذفه لا يسقط بذلك حقه من حد القذف ومظلمة الآخرة أشد من مظلمة الدنيا وعلى الجملة فالعفو فضيلة مندوب إليها. قال اللَّه تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}
(1)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما هذا؟ قال له: أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.
وقال الحسن البصري رضي الله عنه
(2)
إذا جثت الأمم بين يدي اللَّه تعالى نودوا ليقم من كان [له]
(3)
أجره على اللَّه تعالى فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. فهذا بيان وقع الاختيار له من شرح حقيقة الغيبة وتفاصيلها، فنسأل اللَّه تعالى أن يعصمنا منها ومن سائر المعاصي ويعيذنا من الزلل يوم يؤخذ بالنواصي، اهـ. قاله ابن خميس في كتابه ذم الغيبة.
4301 -
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: "بينا أنا أماشي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيدي، ورجل على يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير وبلى، فأيكم يأتيني بجريدة، فاستبقنا فسبقته، فأتيته بجريدة، فكسرها نصفين، فألقى على ذا القبر قطعة، وعلى ذا
(1)
سورة الأعراف، الآية:199.
(2)
تفسير مجاهد (2/ ص 57)، حلية الأولياء (9/ ص 20) المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها (179).
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
القبر قطعة. قال: إنه يهون عليهما ما كانتا رطبتين، وما يعذبان إلا في الغيبة والبول" رواه أحمد
(1)
وغيره بإسناد رواته ثقات.
قوله وعن أبي بكرة تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم فأتيته بجريدة فكسرها نصفين فألقى على هذا القبر قطعة وعلى ذا القبر قطعة، الحديث. [ما] الحكمة في كسرها نصفين فلأن النبات يسبح ما دام رطبا، فإذا حصل التسبيح بحضرة الميت، حصلت له بركته بالتخفيف عنه؛ فلهذا اختص بحالة الرطوبة. أو لأنه صلى الله عليه وسلم سأل الشفاعة لهما، ورجا إجابتها، وارتفاع العذاب، أو تخفيفه عنهما مدة رطوبتهما؛ لبركة النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
مسند أحمد (20373) وأخرجه الطيالسي (867) والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 127، والبزار في مسنده (3636)، والعقيلي في الضعفاء 1/ 154، والطبراني في الأوسط (3759)، والعقيلي (1/ 154) وابن قانع في الصحابة (3/ 142 - 143) وابن عدي (2/ 487) والبيهقي في إثبات عذاب القبر (124)(125)، وقال البخاري في التاريخ الكبير عقبه: وليس بمحفوظ، من حديث أبي بكرة إلا عن بحر بن مرار هذا، وقد صح من غير هذا الوجه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 490): رواه الطبراني في الأوسط، وأحمد. . .، ورواه ابن ماجه باختصار ورجاله موثقون.
وقال أيضًا في (8/ 175): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير بحر بن مرار، وهو ثقة. قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 321)، و (10/ 470): وأخرج أحمد والطبراني بإسناد صحيح عن أبي بكرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال:. . . فذكره. وقال العقيلي: ليس بمحفوظ من حديث أبي بكرة إلا عن بحر بن مرار هذا، وقد صح من غير هذا الوجه. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1034) إسناد جيد. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2842).
4302 -
وعن يعلى بن سيابة رضي الله عنه: "أنه عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى على قبر يعذب صاحبه، فقال: إن هذا كان يأكل لحوم الناس، ثم دعا بجريدة رطبة، فوضعها على قبره، وقال: لعله أن يخفف عنه ما دامت هذه رطبة" رواه أحمد
(1)
والطبراني
(2)
، ورواة أحمد ثقات إلا عاصم بن بهدلة.
قوله يعلى بن سيابة هو يعلى بن مرة بن وهب بن جابر بن عتاب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسي، وهو ثقيف، أبو المرازم الثقفي، ويقال: العامري وهو يعلى بن سيابة وهي أمه، قاله يحيى بن معين وغيره. وزعم أبو حاتم أنهما اثنان. له صحبة، عداده في أهل الكوفة، وقيل: في أهل البصرة، وله بها دار. شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم الحديبية، وخيبر، والفتح، وحنينا، والطائف، وروى عنه أحاديث، وعن علي بن أبي طالب
(3)
.
(1)
أحمد (17560).
(2)
المعجم الكبير للطبراني (22/ 275/ 705)، وفي المعجم الأوسط (2413)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المسند (595)، وفي المصنف (12044) وعبد بن حميد المنتخب من مسند (404) وابن أبي عاصم في الآحاد (1603) وابن قانع في الصحابة (3/ 221) والبيهقي في إثبات عذاب القبر (126) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (592) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وأحمد وفيه عاصم بن بهدلة وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجال ثقات المجمع (8/ 93)، وقال في موضع آخر: رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن المجمع (9/ 7)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 144): إسناده لابأس به. وعزاه البوصيري في إتحاف الخيرة (1/ 281) إلى عبد بن حميد، وقال: هذا إسناد رجاله ثقات، حبيب بن أبي جبيرة، ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات.
(3)
تهذيب الكمال (32/ ترجمة 7118).
قوله صلى الله عليه وسلم ثم دعا بجريدة فوضعها على قبره وقال لعله يخفف عنه ما دامت هذه رطبة الحديث تقدم معنى التخفيف والرطب فإن قلت ما وجه التأقيت بقوله ما لم ييبسا قلت محمول على أنه سأل الشفاعة لهما فأجيبت شفاعته عنهما إلى تيبسهما فإن قلت ما وجه دلالة الحديث على الغيبة قلت النميمة نوع منها لو سمع المنقول عنه أنه نقل عنه لغمه ذلك قاله الكرماني
(1)
. قوله ورواته ثقات إلا عاصم بن بهدلة وعاصم هذا هو أحد القراء السبعة ثَبْتٌ في القراءة وفي الحديث يضعف.
4303 -
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقيع الغرقد، فوقف على قبرين ثريين فقال: أدفنتم فلانًا وفلانة، أو قال: فلانًا وفلانًا؟ قالوا: نعم يا رسول اللَّه قال: قد أقعد فلان الآن، فضرب، ثم قال: والذي نفسي بيده لقد ضرب ضربة ما بقي منه عضو إلا انقطع، ولقد تطاير قبره نارا، ولقد صرخ صرخة سمعها الخلائق إلا الثقلين: الإنس والجن، ولو لا تمريج قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع، ثم قالوا: يا رسول اللَّه وما ذنبهما؟ قال: أما فلان، فإنه كان لا يستبرئ من البول، وأما فلان أو فلانة فإنه كان يأكل لحوم الناس" رواه ابن جرير الطبري
(2)
من طريق علي بن يزيد عن
(1)
الكواكب الدراري (21/ 194).
(2)
ابن جرير الطبري في صريح السنة (40)، وأخرجه ابن ماجه (245) والطبراني في المعجم الكبير (8/ 216/ 7869)، ومن طريقه ابن الشجري في الأمالي الشجرية (2/ 218) والبيهقي في الزهد الكبير (298)، وقال ابن رجب في أهوال القبور (ص 94): وفي هذا الإسناد ضعف. قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 36): هذا إسناد ضعيف لضعف =
القاسم عنه، ورواه من هذه الطريق أحمد
(1)
بغير هذا اللفظ، وزاد فيه:"قالوا: يا نبي اللَّه، حتى متى هما يعذبان؟ قال: غيب لا يعلمه إلا اللَّه" وتقدم لفظه في النميمة. [قال الحافظ]: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة مشهورة في الصحاح، وغيرها عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وفي أكثرها أنهما يعذبان في النميمة والبول، والظاهر أنه اتفق مروره صلى الله عليه وسلم مرة بقبرين يعذب أحدهما في النميمة، والآخر في البول، ومرة أخرى بقبرين يعذب أحدهما في الغيبة، والآخر في البول، واللَّه أعلم.
قوله وعن أبي أمامة تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم لقد ضرب ضربة ما بقي منه عضو إلا انقطع إلى قوله إلا الثقلين الجن والإنس، تقدم الكلام على تفسير الثقلين في الصدقات وغيرها. قول الحافظ رحمه الله: وقد روى هذا الحديث من طرق كثيرة مشهورة في الصحاح وغيرها عن جماعة من الصحابة وفي أكثرها أنهما يعذبان في النميمة والبول. والظاهر أنه اتفق مروره صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذب أحدهما في النميمة والآخر في البول ومرة أخرى بقبرين يعذب أحدهما في الغيبة والآخر في البول واللَّه أعلم. وقال شيخ الإسلام الحافظ العسقلاني الشهير بابن حجر
(2)
: بل القصة والمخرج متحد وأكل لحوم الناس أعم من أن يكون بالغيبة أو
= رواته، قال ابن معين: علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة هي ضعفاء كلها. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1693).
(1)
أحمد (5/ 266).
(2)
فتح الباري (10/ 471).
بالنميمة. والجمع بين اللفظين ممكن مع عدم ارتكاب التعسف في كونهما قصتين فإن الأصل عدم التعدد واللَّه أعلم اهـ.
4304 -
وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الغيبة والنميمة يحتان الإيمان كما يعضد الراعي الشجرة" رواه الأصبهاني
(1)
.
قوله وروي عن عثمان بن عفان تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم الغيبة والنميمة يجبان الإيمان كما يعضد الراعي الشجرة الحديث. فالغيبة هي أن يتكلم خلف الإنسان بما يغمه لو سمعه وكان صدقا فإن كان كذبا سمي بهتانا وفي حكمه الكتابة والإشارة ونحوهما والنميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد [والشر.] والجب هو القطع. وقوله كما يعضد الراعي الشجرة عضد الشجرة هو قطعها.
قوله أوحى اللَّه تعالى إلى موسى عليه السلام من مات تائبا عن الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة ومن مات مصرا عليها فهو أول من يدخل النار. وروي عن أبي أمامة الباهلي أنه قال يعطى العبد كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن عملها فيقول يا رب من أين لي هذا؟ فيقول هذا بما اغتابك الناس وأنت لا تشعر، ذكره ابن خميس.
4305 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: المفلس من
(1)
وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1694) موضوع.
أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار" رواه مسلم
(1)
والترمذي
(2)
وغيرهما.
قوله وعن أبي هريرة تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة الحديث تقدم الكلام عليه في الترهيب من الظلم.
4306 -
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِن الرجل ليؤتى كتَابه منشورا فَيَقُول يَا رب فَأَيْنَ حَسَنَات كَذَا وَكَذَا عملتها لَيست فِي صحيفتي فَيَقُول محيت باغتيابك النَّاس رَوَاهُ الأَصْبَهَانِيّ
(3)
.
قوله وروي عن أبي أمامة الباهلي تقدم الكلام عليه. قوله إن الرجل ليؤتى كتابه منشورا فيقول يا رب فأين حسنات كذا وكذا عملتها ليست في صحيفتي فيقول محيت باغتيابك الناس الحديث. قوله ليؤتى كتابه منشورا أي ليعطى كتابه منشورا، والمنشور هو عمله الذي عمل أحصي عليه فأخرج له يوم
(1)
صحيح مسلم (59)(2581).
(2)
سنن الترمذىِ (2418) هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن وهب الجامع (561)، وأحمد (8029، 8414 - 8842)، وابن حبان (4411)، وأبو يعلى الموصلي (6499)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 155)، وفي شعب الإيمان (1/ 522).
(3)
أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2250). وقال الألباني: موضوع ضعيف الترغيب (1695).
القيامة ما كتب عليه من العمل فقرأه منشورا عن الحسن رضي الله عنه قال: يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة وقال سعيد بن جبير يؤتى بالعبد يوم القيامة فيدفع إليه كتابه فلا يرى صلاته ولا صيامه ولا شيئًا من حسنات أعماله فيقول يا رب هذا كتاب غيري كانت لي حسنات ليست فيه فيقال له إن ربك لا يضل ولا ينسى ذهب جميع عملك باغتيابك الناس اهـ، ذكره ابن خميس.
4307 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" رواه مسلم
(1)
وأبو داود
(2)
والترمذي
(3)
والنسائي
(4)
، وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة اكتفينا بهذا عن سائرها لضرورة البيان.
قوله وعن أبي هريرة تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما الغيبة قالوا اللَّه ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته
(1)
صحيح مسلم (70)(2589).
(2)
سنن أبي داود (4874).
(3)
سنن الترمذي (1934)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. .
(4)
السنن الكبرى للنسائي (11454).
وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته الحديث [بَهَته] بفتح الباء وبتخفيف التاء ومن شددها فقد أخطأ. والبَهْت بفتح الباء وسكون الهاء وفتحها الكذب [أي كذبت عليه] و [الافتراء] أي قلت فيه البهتان وهو الباطل، وقيل قلت فيه من الباطل ما حيرته به، يقال بهت فلان فلانًا فبُهِتَ أي تحيَّر في كذبه وقيل بهته واجهه بما [لم]
(1)
يفعل.
وقوله تعالى {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}
(2)
أي انقطعت حجته فتحير، يقال بهت الرجل بهتا أي انقطع وتحير، وبهت الرجل بهتانا إذا قابلته بكذب اهـ. قال الخطابي رحمه اللَّه تعالى
(3)
بهت الرجل صاحبه يبهت [بهتا و]
(4)
بهتانا وهو أن يكذب عليه الكذب الذي يبهت من شدة نكره ويتحير فيه فيبقى مبهوتا، والمراد منه قذف أهل الإحصان، ويدخل فيه رمي الناس بالعظائم وما يلحق بهم العار والفضيحة اهـ. قاله البغوي في شرح السنة. والغيبة [ذكر الإنسان] في غيبته بما يكره والبهت في وجهه وأصل البهت أن يقال له الباطل وهما حرامان.
فائدة: [ولكن] تباح الغيبة لغرض شرعي وذلك بستة أسباب أحدها التظلم فإذا كان الإنسان مظلومًا من جهة القاضي أو غيره فله أن يذكر ظلامته ويصرح بها ويرفع الأمر فيه إلى السلطان أو من له ولاية أو قدرة على إنصافه
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
سورة البقرة، الآية:358.
(3)
البغوي في شرح السنة (1/ 62)
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
منه فذلك مما لا يؤاخذ به ولا يكون مغتابا بذكره، وقد نص اللَّه تعالى على جوازه فقال تعالى:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}
(1)
ومعناه ليذكر ظالمه بالسوء من الكلام.
الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب فيقول لمن يرجو قدرته فلان يعمل كذا أو كذا فازجره عنه أو نحو ذلك وإنما يباح ذلك بقصد ذكر المنكر لزواله ورفعه فإن لم يكن قصده صحيحًا كان بذلك مغتابا.
الثالث الاستفتاء بأن يقول للمفتي ظلمني فلان أو أبي أو أخي أو زوجي بكذا فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه ودفع ظلمه عني؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، والأحوط أن يقول في رجل أو زوج أو والد أو ولد: كان من أمره كذا، ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند رضي الله عنها وقولها: إن أبا سفيان رجل شحيح الحديث، فذكرته بوصف الظلم والشح ولم ينكر صلى الله عليه وسلم عليها إذ كان قصدها الاستفتاء.
الرابع تحذير المسلمين من الشر، وذلك من وجوه: منها جرح المجروحين من الرواة، والشهود، والمصنفين، وذلك جائز بالإجماع، بل واجب صونا للشريعة، ومنها الإخبار بعيبه عند المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إيداعه أو معاملته فيجب على المشاور أن لا يخفي حاله بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس، ذكره ابن خميس. ومنها إذا رأيت من يشتري شيئًا معيبا أو
(1)
سورة النساء، الآية:148.
عبدا سارقا أو شاربا أو زانيا ونحو ذلك فتذكره للمشتري إذا لم يعلمه نصيحة، لا بقصد الإيذاء والإفساد، ومنها إذا رأيت متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخفت أن يتضرر [المتفقه] بذلك، فعليك نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة وهذا مما يغلط، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبس الشيطان عليه بذلك ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك. ومنها أن تكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته أو لفسقه إما بأن لا يكون صالحا لها وإما بأن يكون فاسقا أو مغفلا ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية ليستدل به أو يعرف حاله، فلا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة.
الخامس أن يكون الإنسان معروفا بلقب يتضمن ذكر غيبة كالأعرج والأعمش والأصم والأعمى والأحول والقصير والأزرق والأقطع [وما يجري مجراه]
(1)
فلا إثم على من يقوله. فقد روى أبو الزناد عن الأعرج وروى عن سليمان الأعمش، فالعلماء قد فعلوا ذلك ولم ينكروه بينهم ولا جعلوه غيبة لضرورة التعريف ويحرم إطلاقه على جهة [التنقيص] ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى [ولذلك قيل للأعمى بصير عدولا عن اسم النقص، واللَّه تعالى أعلم].
السادس أن يكون المذكور مجاهرا بالفسق كالمخنث أو بدعته كالمجاهر
(1)
حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(فقد روى أبو الزناد عن الأعرج وروى عن سليمان الأعمش).
بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلما وتولي الأمور الباطلة ويكون متظاهرا بنوع من أنواع الفسق بحيث لا يكره أن يذكر ذلك عنه فإذا ذكرت منه ما يتظاهر به فلا يكون مغتابا إذ فيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1)
من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له.
وقال عمر رضي الله عنه: ليس لفاجر حرمة وإنما أراد به المجاهر دون المستتر إذ من يكتم حاله في فجوره لابد له من مراعاة حرمته [ويكون] بذكره مغتابا. وقال الصلت بن طريف
(2)
قلت للحسن رضي الله عنه الرجل الفاجر المعلن بفجوره ذكري له بما فيه غيبة له فقال لا ولا كراهة.
وروي عن الحسن البصري
(3)
أنه قال: [ثلاثة] لا غيبة لهم الإمام الجائر وصاحب الأهواء والفاسق المعلن بالفسق فهؤلاء إنما جوز ذكرهم بما يتظاهرون به من الفسق لأنهم لا يكرهونه [إذا ذكر عنه]
(4)
بل قد ربما يتفاخرون به فأما إذا ذكر الفاسق بغير ما يتظاهر به كان مغتابا عاصيا فقد
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (102)، وابن عدي في الكامل (1/ 386)، وابن حبان في المجروحين (3/ 157) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 355)، وقال: وهذا أيضًا ليس بالقوي. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 256) أخرجه ابن عدي وابن حبان في الضعفاء من حديث أنس بسند ضعيف، وقال في (ص: 1046) أخرجه ابن عدي وأبو الشيخ في كتاب ثواب الأعمال من حديث أنس بسند ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5483)، والضعيفة (585).
(2)
الصمت وآداب اللسان (ص 144)، الكفاية في علم الرواية (ص 42).
(3)
فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد (14)، إحياء علوم الدين (ج 3/ ص 153).
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
روي أن رجلا يقال له عوف قال وقعت على ابن سيرين فتناولت الحجاج بن يوسف وأخذت في غيبته فأنكر عليّ وقال أن اللَّه تعالى حكم عدل ينتقم للحجاج ممن اغتابه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه وإنك إذا لقيت اللَّه غدا كان أصغر ذنب أصبته أشد عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج. فهذه الجملة من الأعذار المرخصة في الغيبة وما عداها لا رخصة فيه بحال وإنما يوجب الخزي والنكال. وهذه الستة المذكورة ذكرها النووي في رياضه
(1)
وابن خميس في كتابه ذم الغيبة، واللَّه أعلم.
4308 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذكر امرأ بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه اللَّه في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه" رواه الطبراني
(2)
بإسناد جيد.
4309 -
وفي رواية له: "أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها برئ يشينه بها في الدنيا كان حقا على اللَّه أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاد ما قال".
(1)
رياض الصالحين (ص: 432).
(2)
عزاه ابن كثير في جامع المسانيد والسُّنَن (11871) للطبراني، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 201) رواه كله الطبراني في الكبير، وإسناد الأول فيه من لم أعرفه، ورجال الثاني ثقات. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1048) أخرجه ابن أبي الدنيا موقوفا على أبي الدرداء. ورواه الطبراني بلفظ آخر مرفوعا من حديثه وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2236)، وضعيف الترغيب والترهيب (1359)، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (257)، وفي ذم الغيبة والنميمة (121)، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (2/ 585)، وأبو الشيخ الأصبهاني في التوبيخ والتنبيه (132) موقوفًا على أبي الدرداء.
قوله وعن أبي الدرداء تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء يشينه بها في الدنيا كان حقا على اللَّه أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاد ما قال الحديث. أي أظهر عليه ما يشينه ويعيبه به يقال شاع الحديث [وأشاعه إذا ظهر وأظهره] شيعوعة وشيعانا وشياعا وأشعته وشعت به والرجل مشياع [إذا ظهر وأشاعه أظهره]
(1)
.
4310 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللَّه ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" رواه أبو داود
(2)
في حديث، والطبراني
(3)
، وزاد: وليس بخارج، والحاكم
(4)
بنحوه، وقال: صحيح الإسناد.
[ردغة الخبال]: هي عصارة أهل النار كذا جاء مفسرا مرفوعا، وهو بفتح الراء وإسكان الدال المهملة، وبالغين المعجمة. [والخبال] بفتح الخاء المعجمة وبالموحدة.
قوله وعن ابن عمر تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم من قال في مسلم ما ليس فيه أسكنه اللَّه ردغة الخبال حتى يخرج مما قال. وزاد الطبراني وليس بخارج الحديث،
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
سنن أبي داود (3597)، وأخرجه أحمد (2/ 70)، والبيهقي الكبرى (6/ 82)، وفي شعب الإيمان (6309) و (7267)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2248)، والصحيحة (437) و (1021). .
(3)
الطبراني في الكبير (12/ 207)(13084).
(4)
الحاكم في المستدرك (4/ 424).
وردغة الخبال هي عصارة أهل النار وهي بفتح الراء وإسكان الدال المهملة وبالغين المعجمة أيضًا ومعنى قوله وليس بخارج منها أنه لا يخرج حتى يثبت ما قال ومحال أن يقلب الكذب صدقا فكأنه علق خروجه على ما يستحيل وجوده كما قال اللَّه تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}
(1)
، ومعناه لا يدخلون الجنة أبدا، قاله ابن النحاس في تنبيهه.
4311 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خمس ليس لهن كفارة الشرك باللَّه وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار من الزحف ويمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق" رواه أحمد
(2)
من طريق بقية، وهو قطعة من حديث.
قوله وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه. قوله خمس ليس لهن كفارة الشرك باللَّه تعالى وقتل النفس بغير الحق وبهت المؤمن والفرار من الزحف
(1)
سورة الأعراف، الآية:140.
(2)
مسند أحمد (8737) وأخرجه أبو زرعة الرازي كما في العلل 1/ 339 لابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه (211)، وإسحاق في مسند أبي هريرة (336)، وابن أبي عاصم في الجهاد (278) وفي الديات (ص 42) وابن أبي حاتم في العلل (1/ 339) ابن شاهين في الأفراد (17)، والطبراني في مسند الشاميين (1183 و 1184)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 103) رواه أحمد، وفيه بقية، وهو مدلس وقد عنعنه. قال الهيثمي في (10/ 189) رواه أحمد، وفيه بقية، وهو ضعيف. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1339)، وصحيح الجامع (3247).
ويمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق تقدم الكلام على هذه الخصال في أبوابها. وأما البهت فهو الكذب عليه وقد اتفق جمهور العلماء على أن البهت من الكبائر، وأفرد البهت عنها [تخصيص] من غير مخصص.
قوله وعن أسماء بنت يزيد تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على اللَّه أن يعتقه من النار. ذبّ بمعنى كذا ومعنى الحديث رد عن عرض أخيه وهو غائب، فيحرم الإصغاء إلى الغيبة واستماعها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم
(1)
المستمع شريك القائل، وقال عليه السلام في حديث آخر
(2)
المستمع أحد المغتابين.
وروي
(3)
أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال [أحدهما] لصاحبه إن فلانا لنئووم ثم إنهما طلبا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أدما ليأكلا مع الخبز فقال لهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنكما قد ائتدمتما فقالا ما نعلم ذلك قال بلى ما أكلتما من لحم صاحبكما الحديث. فجمع صلى الله عليه وسلم بينهما في الغيبة ولم يصدر من أحدهما إلا مجرد السماع ولا يخرج المستمع عن إثم الغيبة إلا أن ينكر بلسانه ويرد [عن] المغتاب فإن لم يقدر [أن ينكر عليه][أنكر بقلبه]
(4)
(1)
لم أجده، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (247) عن عمرو بن عتبة من كلامه.
(2)
لم أجده.
(3)
أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (185)، وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب (2231)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1038) أخرجه أبو العباس الدغولي في الآداب من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا نحوه.
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
ولم يرض به وإن قدر على القيام أو قطع الكلام بكلام آخر فلم يفعل [ارتكب] الإثم بل ينبغي أن يعظم أمره فيذب عنه صريحا اهـ. قاله ابن خميس في كتابه ذم الغيبة.
4312 -
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم من ذب عَن عرض أَخِيه بالغيبة كانَ حَقًا على اللَّه أَن يعتقهُ من النَّار.
رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيرهم
(1)
.
4313 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رد عن عرض أخيه رد اللَّه عن وجهه النار يوم القيامة" رواه الترمذي
(2)
، وقال: حديث حسن، وابن أبي الدنيا
(3)
وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ، ولفظه قال:"من ذب عن عرض أخيه رد اللَّه عنه عذاب النار يوم القيامة"، وتلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
(1)
أخرجه إسحاق (2310)، وأحمد 6/ 461 (27609 و 27610)، وابن أبي الدنيا في الصمت (ص 147)، والطبراني في الكبير (24/ 176 رقم 443)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 67).
وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2847). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 95: رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد حسن.
(2)
سنن الترمذي (1931) هذا حديث حسن.
(3)
ابن أبي الدنيا ذم الغيبة والنميمة في (102، 114)، وفي الصمت (239 - 250)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (25539)، وفي المسند (28)، أحمد (27536) وعبد بن حميد (206)، والحارث بن أبي أسامة، بغية الباحث (881)، وابن السني عمل اليوم والليلة (429)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (885 - 886)، والطبراني في مكارم الأخلاق (134) والبيهقي (8/ 168)، وفي شعب الإيمان (7228 - 7229 - 7230).
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}
(1)
.
قوله وعن أبي الدرداء تقدم الكلام عليه. قوله من رد عن عرض أخيه رد اللَّه عن وجهه النار يوم القيامة الحديث، وإن لم يرد غيبة أخيه وراعى المغتاب أو كان من عادته عدم اعتنائه بالدين وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [فهذا وأمثاله قد وقعوا في شر عظيم وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
(2)
يوجب غضب اللَّه تعالى وغضب رسوله وهو سبب إرسال أنواع العذاب على الأمم وإهلاكهم اهـ. قاله الحصني. وكان بعض الصالحين يقول قال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب وانظروا في عيوبكم كالعبيد يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يبصر الجذع في عينه، وإنما الناس رجلان [معافى ومبتلى] فاحمدوا اللَّه على العافية وارحموا المبتلى، ثم إن ذلك الرجل الصالح عند فراغه من هذا الحديث أنشأ يقول:
يمنعني من عيب غيري الذي
…
أعرفه فِيَّ من العيب
عيبي لهم بالظن مني لهم
…
ولست من عيبي في ريب
[فـ] إن كان عيبي غاب عنهم فقد
…
أحصى عيوبي عالم الغيب
وقال ميمون بن سياه تذاكروا عندي رجلا من السلاطين فوقعوا فيه فلما [انقلبت] إلى أهلي رقدت فإذا أنا بريح منتنة وإذا رجل على رأسي يقول كل
(1)
سورة الروم، الآية:47.
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
يا عبد اللَّه هذه الجيفة فقلت بماذا؟ قال اغتيب عندك قلت ما ذكرت فيه خيرا ولا شرا قال لكنك سمدت ورضيت. وسمع أعرابي قوما يغتابون ابن عم له فقال عطوا علي عيب من لو كان حاضرًا لأسرعتم في مدحه وأنشأ في هذ المعنى فقال:
لا تفشيَّن من مساوي الناس ما سَتروا
…
فيكشف [اللَّه] سترًا من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا
…
ولا تَعِبْ أحدًا منهم بما فيكا اهـ
ذكره أيضًا ابن خميس في كتابه.
4314 -
وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حمى مؤمنا من منافق أراه قال: بعث اللَّه ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مسلما يريد به شينه حبسه اللَّه على جسر جهنم حتى يخرج مما قال" رواه أبو داود
(1)
وابن أبي الدنيا
(2)
.
[قال الحافظ]: وسهل بن معاذ يأتي الكلام عليه، وقد أخرج هذا الحديث ابن يونس في تاريخ مصر من رواية عبد اللَّه بن المبارك عن يحيى بن أيوب
(1)
أبو داود (4883).
(2)
ابن أبي الدنيا في الصمت (248)، وفي ذم الغيبة والنميمة (112) والحديث؛ أخرجه أحمد (15649)، والبخاري التاريخ الكبير (1/ 377)، والبغوي في معجم الصحابة (5/ 283)، والطبراني المعجم الكبير (20/ 194/ 433)، وفي مكارم الأخلاق (138)، والبيهقي في شعب الإيمان (7225) والبغوي في شرح السنة (3527). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ص: 2)، والتعليق الرغيب (3/ 302 - 303)، المشكاة (4986) وضعفه في ضعيف الترغيب والترهيب (1697)، وضعيف الجامع الصغير وزيادته (5564).
بإسناد مصري كما أخرجه أبو داود، وقال ابن يونس: ليس هذا الحديث فيما أعلم بمصر، ومراده أنه إنما وقع له من حديث الغرباء، واللَّه أعلم.
قوله وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم ومن رمى مسلما بشيء يريد به شينه الحديث أي عيبه وتنقصه، والشين العيب. قوله حتى يخرج مما قال [اعلم أن الخروج عن] ذلك الذنب إما باستحلال أو التعذيب.
4315 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حمى عرض أخيه في الدنيا بعث اللَّه عز وجل ملكا يوم القيامة يحميه عن النار" رواه ابن أبي الدنيا
(1)
عن شيخ من أهل البصرة لم يسمه عنه، وأظن هذا الشيخ أبان بن أبي عياش وهو متروك كذا جاء مسمى في رواية غيره.
قوله وعن أنس تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم من حمى عرض أخيه في الدنيا بعث اللَّه ملكا يوم القيامة يحميه عن النار. حمى معناه منعه من الغيبة بذكره. وقال بعضهم أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في كثرة الصيام والصلاة لكن في الكف عن أعراض الناس.
4316 -
وروي عنه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره، وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة" رواه أبو
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (240)، وفي ذم الغيبة (104) والشيخ البصري مبهم، فقد جاء مسمى، فقال الخرائطي في مكارم الأخلاق (889) وضعفه جداً الألباني في السلسلة الضعيفة (6771)، وضعيف الترغيب والترهيب (1698).
الشيخ في كتاب التوبيخ
(1)
، والأصبهاني
(2)
أطول منه، ولفظه قال:"من اغتيب عنده أخوه، فاستطاع نصرته، فنصره نصره اللَّه في الدنيا والآخرة، وإن لم ينصره أدركه اللَّه في الدنيا والآخرة".
قوله وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال رضي الله عنه تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم من حمى عرض أخيه؛ اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره أذله اللَّه تعالى يوم القيامة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة الحديث. [ونصر المؤمن هو الرد عنه عند الغيبة] أي منع مغتابا عن غيبة المسلم قيد بالغيبة لأن الذي في حضوره ليس له هذا الجزاء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم
(3)
من أُذِل عنده
(1)
ولم أجده فيه.
(2)
أخرجه الأصبهاني قوام السنة في الترغيب والترهيب (2234)، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 178)، ومن طريقه ابن عدي في الكامل (1/ 385)، ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (158) وفي الصمت (243)، وهناد في الزهد (2/ 566)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (2/ 840)، والبغوي في شرح السنة (3530)، وأبو يعلى في المسند كما في المطالب (1) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5458)، ضعيف الترغيب والترهيب (1679) والضعيفة (1888) وقال: ضعيف جدًّا. .
(3)
مسند أحمد (15985)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 73)(5554)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (428) البيهقي في الشعب (7633)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 267، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1038) أخرجه الطبراني من حديث سهل بن حنيف وفيه ابن لهيعة. إتحاف الخيرة المهرة (7/ 384) رواه أحمد بن منيع وأحمد بن حنبل بسند واحد مداره على ابن لهيعة. وقال =
مؤمن وهو يقدر على نصرته فلم ينصره أذله اللَّه تعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق. وقال عليه السلام
(1)
: من رد عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على اللَّه عز وجل أن يرد عن عرضه يوم القيامة. وقد ورد في نصرة المؤمن بظهر الغيب أخبار كثيرة وفضائل جمة فلا يليق استيفاؤها في هذا التعليق.
4317 -
وَعَن جَابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قَالَ من نصر أَخَاهُ الْمُسلم بِالْغَيْبِ نَصره اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا مَوْقُوفا
(2)
.
4318 -
وعن جابر بن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله اللَّه في موطن يحب فيه نصرته، وما
= البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (8/ 29): رواه أحمد بن منيع، وأحمد بن حنبل بسند ضعيف؟ لضعف عبد اللَّه بن لهيعة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5380). الضعيفة (2402).
(1)
أخرجه أحمد (27536)، والترمذي (1931)، وقال هذا حديث حسن وقال في (ص: 667) أخرجه الترمذي وحسنه، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (ح 239)، والدولابي في الكنى (1/ 124)، والطبراني في مكارم الأخلاق (ح 134)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 258)، والبغوي في شرح السنة (13/ 106) من حديث أبي الدرداء، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6262)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1038) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وفيه شهر بن حوشب وهو عند الطبراني من وجه آخر بلفظ رد اللَّه عن وجهه النار يوم القيامة وفي رواية له كان له حجابا من النار وكلاهما ضعيف.
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (244). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2849).
من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره اللَّه في موطن يحب فيه نصرته" رواه أبو داود
(1)
، وابن أبي الدنيا
(2)
وغيرهما، واختلف في إسناده.
قوله وعن جابر وأبي طلحة الأنصاري تقدم الكلام عليهما.
قوله صلى الله عليه وسلم من امرئ يخذل امرءًا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه الحديث. خذل المسلم، قال العلماء هو ترك الإعانة والنصرة، وسيأتي الكلام على ذلك في بابه مبسوطا.
قوله تنتهك فيه حرمته، الانتهاك هو المبالغة في كل شيء.
قوله وينتقص فيه من عرضه، وعرض الرجل هو موضع المدح والذم من الإنسان وتقدم الكلام عليه في أول الباب.
قوله إلا خذله اللَّه في موطن يحب فيه نصرته، والموطن كذا ففي هذا الحديث إشارة إلى أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها ويزجر قائلها فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده فإن لم يستطع باليد ولا باللسان فارق ذلك
(1)
أخرجه أبو داود (4884)، وأحمد (16368) والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 167، 167)، شعب الإيمان (7226) والطبراني في الكبير (5/ 105/ 4735)، وفي الأوسط (8642)، وابن المبارك في الزهد (ص 243)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 347)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 189)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (933)، والبغوي في شرح السنة (3532). وقال الهيثمي في المجمع (7/ 267): حديث جابر وحده رواه أبو داود، ورواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (رقم 481)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5690). .
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الغيبة والنميمة (105)، وفي الصمت (241).
المجلس ويؤيد هذا ما روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذبّ عن عرض أخيه رد اللَّه عن وجهه النار يوم القيامة، وراه الترمذي
(1)
. [واللَّه تعالى أعلم بالصواب].
(1)
سنن الترمذي (1931)، وقال: حديث حسن وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2848).