المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١١

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

- ‌[الترغيب في الرفق والأناة والحلم]

- ‌[الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر]

- ‌[الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له]

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار]

- ‌[الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن]

- ‌[الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه]

- ‌[الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط]

- ‌[الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب]

- ‌[الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر]

- ‌[الترهيب من قوله لمسلم يا كافر]

- ‌[الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك]

- ‌الترهيب من السباب واللعن لاسيما لمعين آدميًّا كان أو دابةً وغيرهما، وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح، والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌[الترهيب من سبّ الدهر]

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه

- ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في تركهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام

- ‌التَّرْهِيب من الْحَسَد وَفضل سَلامَة الصَّدْر

- ‌الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعُجْب والافتخار

- ‌الترهيب من القول للفاسق والمبتدع يا سيدي ونحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين واللسانين

- ‌[الترهيب من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى سيما بالأمانة ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر أو نحو ذلك]

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر

الفصل: ‌[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

[النهى عن حمل السلاح على المسلم]

4251 -

وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار".

4252 -

وفي رواية: "إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على حرف جهنم، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعًا. قال: فقلينا، أو قيل يا رسول اللَّه: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه" رواه البخاري

(1)

ومسلم

(2)

.

قوله: وعن أبي بكرة تقدم الكلام عليه وأنه من الموالي، ففيه [تأكيد]

(3)

حرمة المسلم ومعاملته بالأدب ومنع التعرض له بما يؤذيه، اهـ. وفي حديث عائشة.

(4)

من أشار إلى مؤمن بحديدة يريد قتله فقد وجب دمه، أي حل للمقصود بها أن يدفعه عن نفسه ولو قتله فوجب هاهنا بمعنى حل، قاله ابن الأثير

(5)

.

قوله وعن أبي بكرة تقدم الكلام عليه وأنه من الموالي. قوله صلى الله عليه وسلم إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. أي [ضرب] كل واحد

(1)

صحيح البخاري (7083).

(2)

صحيح مسلم (14)(2888).

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 518).

(5)

النهاية (2/ 518).

ص: 354

وجه صاحبه أي ذاته وجملته ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو اللَّه عنه، هذا مذهب أهل السنة، وعلى هذا يتأول كل ما جاء في نظائره. وفي رواية إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه بالسلاح فهما على جرف جهنم، فذكر الحديث إلى أن قال فقلنا أو قيل يا رسول اللَّه هذا القاتل فما بال المقتول، قال إنه قد أراد قتل صاحبه الحديث استدل به أبو بكر على العموم، وقال الإمام أبو عبد اللَّه القرطبي

(1)

قال علماؤنا ليس هذا الحديث في أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}

(2)

الآية، [فأمر اللَّه تعالى بقتال الفئة الباغية ولو أمسك المسلمون عن قتال أهل البغي لتعطلت فريضة من فرائض اللَّه تعالى، وهذا يدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم القاتل والمقتول في النار ليس في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم[لأنهم] إنما قاتلوا على التأويل]

(3)

. وقال بعض العلماء هذا في المقاتلة المحرمة كالقتال عصمبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار، قال في شرح الإلمام: فذاك فيمن خرج من المسلمين بعضهم على بعض بغير تأويل. وقيل هؤلاء أهل الردة قال البغوي

(4)

: إذا تقاتل رجلان فقتل كل واحد منهما صاحبه فهما عاصيان ودمهما هدر لأن كل واحد منهما قاصد ودافع [فمن]

(1)

التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 1104).

(2)

سورة الحجرات، الآية:9.

(3)

حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(ولو قتل أحدهما صاحبه فعليه القود اهـ).

(4)

البغوي في شرح السنة (10/ 222).

ص: 355

حيث أنه قاصد لا يستحق شيئًا ومن حيث أنه دافع لا يجب عليه شيء، ولو قتل أحدهما صاحبه فعليه القود اهـ. فإن قلت القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة إذا كان قتالهم عن الاجتهاد الواجب اتباعه. قلت ذاك عند عدم الاجتهاد وعدم ظن أن فيه الصلاح الديني أما إذا اجتهدوا وظن الصلاح يه فهما مأجوران مثابان من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر وما وقع بين الصحابة هو من هذا القسم، فالحديث ليس عاما اهـ. قاله الكرماني

(1)

.

[واعلم] أن الدماء التي جرت بين الصحابة ليست بداخلة في هذا الوعيد عند أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم بأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية، ولا محض الدنيا؛ بل اعتقد كل فريق منهم أنه المحق، ومخالفه باغ، فوجب [عليه] قتاله ليرجع إلى أمر اللَّه، وكان بعضهم مصيبًا وبعضهم مخطئًا معذورًا في الخطأ، لأنه بالاجتهاد، والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه. وكان علي هو المحق المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السنة، وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة تحيروا فيها واعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولو تبينوا الصواب لم يتأخروا عن مساعدته رضي الله عنهم أجمعين. وعن أبي أمامة

(2)

أن رسول

(1)

الكواكب الدراري (1/ 143).

(2)

أخرجه البخاريّ في التاريخ (6/ 128)، وابن ماجه (3966)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 122/ 7559) وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 175): هذا إسناد حسن سويد مختلف فيه وكذلك شهر بن حوشب لكن لم ينفرد به سويد بن سعيد فقد رواه =

ص: 356

اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من شر الناس منزلة عند اللَّه يوم القيامة عبد أذهب آخرته بدنيا غيره، وانفرد به ابن ماجة. قال القرطبي رحمه الله.

(1)

فحديث أبي بكرة هذا محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا وقد جاء هكذا منصوصا فيما سمعناه من بعض مشايخنا إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار، خرّجه البزار، اهـ. فعلل في الحديث دخوله النار بحرصه على قتل صاحبه وهو عزم مجرد ترتب عليه العقاب فدل على أنه معصية. والصحيح أنه يأثم بالتصميم على العزم على الفعل كما يأثم المصر على فعل المعصية، فانظر كيف دخل النار بالحرص على [القتل] وإن لم يقتل، وأجاب الأول عن هذا بأنه إذًا يأثم لأنه قد عمل بما صمم عليه فإنه شهر السلاح على أخيه فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم إن اللَّه تجاوز لأمتي بما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم فيكون آثمًا بذلك، وبنوا على هذا الخلاف ما لو اشترى سلاحًا للتجارة ثم قصد إمساكه لقطع الطريق فإن قلنا لا يأثم بالتصميم سقطت عنه زكاة التجارة كما لو نوى إمساكه للقنية وإن قلنا يأثم لم ينقطع حول التجارة، اهـ. ذكره ابن الرفعة وقال الطوفي

(2)

فإن قيل هذا الحرص قد اقترن به العمل وهو لقاؤه خصمه بالسيف فاندرج تحت قوله

= محمد بن يحيى بن أبي عمر في مسنده عن مروان بالإسناد والمتن ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن سويد به مثله وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1388)، وصحيح وضعيف سنن ابن ماجه (8/ 466)، والضعيفة (1915).

(1)

التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 1104).

(2)

التعيين (ص 207).

ص: 357

عليه السلام إن اللَّه تجاوز لأمتي عما [تحدثت] به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم، قلنا تعليل دخول النار بمجرد الحرص يلغي ما ذكرتم وأيضًا مما يشهد لذلك.

قوله صلى الله عليه وسلم: الرجال أربعة رجل أوتي مالا فأنفقه في البر ورجل قال لو كان لي مال فلان [لفعلت مثل ما] فعل قال فهما في الأجر سواء إلى قوله فهما في الوزر سواء. قلت فهذا وزر على العزم المجرد على المعصية إذ لم يقارنه فعل معصية. فإن قيل هو وإن يقترن به عمل بمعصية فقد قارنه القول وهو قوله لو كان لي مثل مال فلان لفعل كما فعل فدخل تحت قوله عليه السلام إن اللَّه تجاوز لأمتي عما وسوست صدورها ما لم تعلم أو تكلم به. قلنا: هذا ليس بشيء لأن معنى الحديث ما لم تعمل أو تكلم به كلاما مؤثرا في المفسدة مثل أن يعزم على القذف أو على الكذب فيكذب أو النميمة فينم أما كلام لا أثر له في المفسدة فوجوده كعدمه.

وقوله لو كان لي مثل مال فلان لفعلت [كما] فعل كلام له أثر في مفسدة هذا الحكم لأنه لو نوى ذلك نية مجردة عن النطق لما اختلف الحكم وكان وجوده كعدمه وبقي ترتيب الوزر على مجرد العزم، وهذا من باب تنقيح المناط بحذف ما لا يصلح لتعليق الحكم به من الأوصاف وإبقاء ما يصلح لذلك منها فافهم هذا البحث

(1)

.

(1)

التعيين (ص 208).

ص: 358

4253 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر" رواه البخاري

(1)

ومسلم

(2)

والترمذي

(3)

والنسائي

(4)

، والأحاديث من هذا النوع كثيرة، وتقدم بعضها.

قوله وعن ابن مسعود تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر تقدم الكلام على هذا الحديث. [أما السب فهو اللعن، وأما قوله ولعن المؤمن كقتله تقدم أن لعن المؤمن حرام بالاتفاق وأما قتاله فالظاهر أن المراد أنهما سواء في أصل التحريم وإن القتل أغلظ وهذا هو الذي اختاره الإمام المازري وقيل غير هذا مما ليس بظلم واللَّه أعلم]

(5)

.

(1)

صحيح البخاري (48).

(2)

صحيح مسلم (116)(64).

(3)

سنن الترمذي (1983 - 2635)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(4)

سنن النسائي (7/ 122).

(5)

حصل تأخير لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(وفي وراية لمسلم: لا يسب أحدكم الدهر فإن اللَّه هو الدهر، تقدم معنى السب قريبًا).

ص: 359