الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: هكذا روى هذا الحديث عن ابن إسحاق: إبراهيم بن سعد، وسلمة بن الفضل، ويونس بن بكير، فمنهم من جمع فيه بين شيخي ابن إسحاق: محمد بن جعفر بن الزبير، وأبي الأسود يتيم عروة، ومنهم من أفرد أحدهما، وكلاهما: مدني ثقة، مشهور بالرواية عن عروة، لكنهم اجتمعوا على صفة واحدة في صلاة الخوف، بينما رواه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق مرة أخرى، فجعله عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة، فخالف في صحابي الحديث من جهة، ومن جهة أخرى أتى فيه بصفة عجيبة لصلاة الخوف لم يشركه فيها أحد، بينما الصفة الأولى والتي رواها عن أبي هريرة فقد شاركه فيها: حيوة بن شريح، وعبد الله بن لهيعة، فروياه عن أبي الأسود؛ أنه سمع عروة بن الزبير، يحدث عن مروان بن الحكم؛ أنه سأل أبا هريرة:. . . فذكر الحديث بنحوه.
واجتماع هذين الإسنادين على هذه الصفة مما يجعل النفس تطمئن لثبوتها، بخلاف حديث عائشة، فهو حديث غريب، والحمل فيه على ابن إسحاق نفسه، والله أعلم.
يبقى الترجيح بين حديث ابن إسحاق، وحديث حيوة وابن لهيعة، في إثبات مروان بن الحكم بين عروة وأبي هريرة، والأقرب عندي رواية ابن إسحاق حيث قال فيه: أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل -وكان يتيمًا في حجر عروة بن الزبير-، عن عروة بن الزبير، قال: سمعت أبا هريرة، ومروان بن الحكم يسأله عن صلاة الخوف، فذكر القصة وفصلها، وبين فيه سماع عروة من أبي هريرة، وهو ما يدل عليه كلام البخاري، خلافًا لما سبق نقله من ترجيح الدارقطني، والله أعلم.
قال الترمذي في العلل (168) نقلًا عن البخاري قوله: "وحديث عروة بن الزبير عن أبي هريرة: حسن".
ولو فرضنا صحة ترجيح الدارقطني، فلا يضر في ثبوت الرواية، فإن مروان بن الحكم: صدوق، لا يُتَّهم في الحديث [تقدم الكلام عليه مفصلًا عند الحديث رقم (812)].
والحاصل: فإن حديث عروة عن أبي هريرة: حديث حسن، كما قال البخاري، وأما حديث عائشة: فهو حديث غريب، لا يثبت، والله أعلم.
***
285 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعة
1243 -
. . . معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعةً، والطائفة الأخرى مواجِهةُ العدو، ثم انصرفوا فقاموا في مقام أولئك، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة أخرى، ثم سلم عليهم، ثم قام هؤلاء فقضَوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضَوا ركعتهم.
قال أبو داود: وكذلك رواه نافع، وخالد بن معدان، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قول مسروق، ويوسف بن مهران، عن ابن عباس.
وكذلك روى يونس، عن الحسن، عن أبي موسى أنه فعله.
حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (4133)، ومسلم (839/ 305)، وأبو عوانة (2/ 85/ 2411)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 430/ 1889)، والترمذي (564)، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (3/ 171/ 1538)، وفي الكبرى (2/ 369/ 1941)، وابن خزيمة (2/ 298 / 1354 و 1355)، وابن حبان (7/ 133/ 2879)(7/ 621 / 7118 - التقاسيم والأنواع)، وابن الجارود (233)، وأحمد (2/ 147)، وابن المبارك في الجهاد (240)، وعبد الرزاق (2/ 507/ 4241)، والبزار (12/ 265/ 6040)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 437)، وأبو العباس السراج في مسنده (1553)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2351)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 33 / 2350)، وابن أبي حاتم في التفسير (4/ 1054/ 5900)، والطبراني في الكبير (12/ 280/ 13115)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3/ 239)، والدارقطني (2/ 59)، والبيهقي (3/ 260)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 259)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 276/ 1092)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وفي الشمائل (632).
رواه عن معمر بن راشد: عبد الله بن المبارك، ويزيد بن زريع، وعبد الرزاق بن همام، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى.
• تنبيه: وقع في رواية ابن حبان وهم، سببه تكرار جملة، فلعله بسبب انتقال البصر، ولعله من ابن أبي السري راويه عن عبد الرزاق، وابن أبي السري هو: محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني: لين الحديث، كثير الغلط، وكان حافظًا، وثقه ابن معين [الجرح والتعديل (8/ 105)، الثقات (9/ 88)، الأنساب (4/ 191)، تاريخ دمشق (55/ 228)، بيان الوهم (5/ 218)، الميزان (4/ 23)، وقال: "ولمحمد هذا أحاديث تستنكر". التهذيب (3/ 686)].
وقد رواه عن عبد الرزاق جماعة من ثقات أصحابه ومتقدميهم، بدون هذه الزيادة، منهم: أحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن يوسف السلمي النيسابوري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وسلمة بن شبيب، والحسن بن أبي الربيع [هو الحسن بن يحيى بن الجعد العبدي الجرجاني، نزيل بغداد: صدوق]، وإسحاق بن إبراهيم الدبري [راوي مصنف عبد الرزاق، وهو: صدوق؛ إلا أن سماعه من عبد الرزاق
متأخر جدًّا، وقد سمع منه بعد ما عمي، وكان يصحف، ويحرف. انظر: شرح العلل لابن رجب (2/ 754)، اللسان (2/ 36)].
• ثم روى عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: إذا أظلتهم الأعداء فقد حلَّ لهم أن يصلوا قِبَل أي جهة كانوا رجالًا أو ركبانًا، ركعتين يومون إيماءً، ذكره الزهري عن سالم عن ابن عمر. تابعه ابن المبارك عن معمر عن الزهري فقط.
أخرجه ابن المبارك في الجهاد (254)، وعبد الرزاق (2/ 514/ 4259)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 28/ 2342).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
قال الدارقطني بعد حديث معمر: "تابعه: عبد الله بن أبي بكر، وابن جريج، والنعمان بن راشد، وغيرهم، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر".
* قلت: رواه أيضًا عن الزهري:
1 -
شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: سألته: هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ -؛ يعني: صلاة الخوف- قال: أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم [وفي رواية: فوافينا العدو، فصاففناهم]، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا، فقامت طائفة معه تصلي، وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصلِّ، فجاؤوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعةً وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحد منهم، فركع لنفسه ركعةً وسجد سجدتين.
أخرجه البخاري (942 و 4132)، والنسائي في المجتبى (3/ 171/ 1539)، وفي الكبرى (2/ 369/ 1942)، والدارمي (1/ 428/ 1521)، وأحمد (2/ 150)، وأبو العباس السراج في مسنده (1554)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2352)، والطحاوي (1/ 312)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 225/ 3143)، والبيهقي في السنن (3/ 260)(6/ 482/ 6106 - ط. هجر). وفي الدلائل (3/ 379)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 277)، والبغوي في شرح السُّنَّة (14/ 13 / 3799)، وقال:"حديث صحيح".
(2 - 5) - ورواه ابن جريج [ثقة حافظ، في حديثه عن الزهري مقال]، وفليح بن سليمان [ليس به بأس، من أصحاب الزهري، من الطبقة الثالثة]، وإسحاق بن راشد [ثقة، ليس بذاك في الزهري]، والنعمان بن راشد [ليس بالقوي]:
قال ابن جريج: حدثني ابن شهاب عن صلاة الخوف، وكيف السُّنَّة؛ عن سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر كان يحدث؛ أنه صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصف وراءه طائفةٌ منا، وأقبلت طائفةٌ على العدو، فركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعةً وسجدتين، سجد مثل نصف صلاة الصبح، ثم انصرفوا فأقبلوا على العدو، فجاءت الطائفة الأخرى فصفوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ففعل مثل ذلك، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقام كل رجل من الطائفتين فصلى لنفسه ركعةً وسجدتين.
قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إن كان الخوف أشد من ذلك فليصلوا قيامًا أو ركبانًا حيث جهتهم.
أخرجه مسلم (839/ 305)[من طريق فليح]. وأبو عوانة (2/ 85/ 2412)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 430/ 1890)، وأحمد (2/ 150)، وعبد الرزاق (2/ 507/ 4242) و (2/ 513/ 4258)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 437)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 115/ 530)، وأبو العباس السراج في مسنده (1552 و 1555)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2349 و 2350 و 2353)، والطحاوي (1/ 312)، والطبراني في الكبير (12/ 280/ 13114 و 13116)، وفي الأوسط (2/ 34 / 1148).
وانظر: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 525/ 3000 - أطرافه)[وفي إسناده: سيف بن عمر، وهو: متروك].
* وقد اختلف فيه على الزهري:
أ - فرواه معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، وابن جريج، وفليح بن سليمان، وإسحاق بن راشد، والنعمان بن راشد:
عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعًا.
وهذا هو المحفوظ عن الزهري، ففيهم اثنان من أثبت أصحاب الزهري: معمر وشعيب، وتابعهما على ذلك جماعة، ومن قال فيه بغير ذلك فقد وهم.
ب - خالفهم فأسقط سالمًا من الإسناد؛ فقصر في إسناده: سعيد بن عبد العزيز [ثقة إمام]، والعلاء بن الحارث الحضرمي [ثقة فقيه]، وأبو أيوب الشامي [مجهول]، وثابت بن ثوبان [ثقة، وقد قرن مكحولًا بالزهري، والراوي عنه: ابنه عبد الرحمن، وهو: صدوق يخطئ، وتغير بأخرة، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول. انظر: التهذيب (2/ 494)، الميزان (2/ 551)]:
رووه عن الزهري، عن عبد الله بن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، قام فكبر فصلى خلفه طائفة منا، وطائفة مواجهة العدو، فركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجد سجدتين، ثم انصرفوا ولم يسلموا، وأقبلوا على العدو، فصفوا مكانهم، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعة وسجدتين، ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتم ركعتين وأربع سجدات، ثم قامت الطائفتان فصلى كل إنسان منهم لنفسه ركعة وسجدتين.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 172/ 1540 و 1541)، وفي الكبرى (2/ 368/ 1939 و 1940)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 125 / 197).
قال أبو بكر السني: "الزهري سمع من ابن عمر حديثين، ولم يسمع هذا منه".
• وانظر أيضًا فيمن وهم فيه على الزهري: ما أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 332/ 13267)[فيه: سليمان بن أبي داود الحراني، وهو: منكر الحديث. اللسان (4/ 150)، وقد زاد في إسناده: أبا سلمة بن عبد الرحمن قرنه بسالم].
* ولابن عمر فيه أسانيد أخرى:
1 -
مالك، عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدَّم الإمامُ وطائفةٌ من الناس، فيصلي بهم الإمامُ ركعةً، وتكون طائفةٌ منهم بينهم وبين العدو لم يصلوا، فإذا صلى الذين معه ركعةً، استأخروا مكان الذين لم يصلوا، ولا يسلِّمون، ويتقدَّم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعةً، ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين، فيقوم كل واحد من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة [ركعة] بعد أن ينصرف الإمام، فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين.
فإن كان خوف هو أشد من ذلك، صلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، أو ركبانًا، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مالك في الموطأ (1/ 258/ 505)، ومن طريقه: البخاري (4535)، وابن خزيمة (2/ 90/ 980) و (2/ 90 - 91/ 981) و (2/ 306/ 1366) و (2/ 307/ 1367)، وابن الجارود (234)، والشافعي في الأم (2/ 463 - 464/ 483)، وفي الرسالة (45)، وفي المسند (23 و 228 و 235)، وابن المبارك في الجهاد (241)، وعبد الرزاق (2/ 513/ 4257)، والبزار (12/ 199/ 5873)، وأبو العباس السراج في مسنده (1564)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2364 و 2365)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 312)، وفي أحكام القرآن (444)، والجوهري في مسند الموطأ (655)، والبيهقي في السنن (2/ 8) و (3/ 256)، وفي المعرفة (1/ 490/ 671) و (8/ 3/ 1834 و 1835) و (3/ 18/ 1846)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 277/ 1093)، وقال:"هذا حديث صحيح".
رواه عن مالك: الشافعي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (347)، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبو مصعب الزهري (601)، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الرزاق بن همام، ويحيى بن يحيى الليثي (505)، وبشر بن عمر الزهراني، وروح بن عبادة، ويحيى بن بكير، وإسحاق بن عيسى الطباع، وسويد بن سعيد الحدثاني (196)، ومحمد بن الحسن الشيباني (290).
هكذا رواه أصحاب مالك فقالوا فيه: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خالفهم: إسحاق بن عيسى الطباع، فقال: قال نافع: إن ابن عمر روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن خزيمة (981 و 1366)، ونبه على مخالفته.
قال الطحاوي: "وهذا الخبر صحيح الإسناد، وأصله مرفوع، وإن كان نافع قد شك فيه في وقت ما حدث به مالك، وهكذا رواه عنه أصحابه الأكابر".
وقال البيهقي (2/ 8): "وهو ثابت [يعني: مرفوعًا] من جهة موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (15/ 258)، وفي الاستذكار (2/ 404):"هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه، ورواه عن نافع جماعة ولم يشكوا في رفعه، وممن رواه كذلك مرفوعًا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ابن أبي ذئب، وموسى بن عقبة، وأيوب بن موسى، وكذلك رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك رواه خالد بن معدان عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
* والفقرة الأخيرة منه في صلاة شدة الخوف:
رواها الشافعي في الأم (2/ 464/ 484)، وفي الرسالة (46).
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل [هو: ابن أبي فديك؛ مدني، صدوق]، أو عبد الله بن نافع [الصائغ: مدني ثقة، صحيح الكتاب، في حفظ لين]، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه البيهقي في المعرفة (3/ 9/ 836 1)، من طريق الشافعي، قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ذئب به.
قال الشافعي في الرسالة: "وذلك عند المسايفة والهرب".
قلت: وهذا مرفوع بإسناد جيد.
• ورواه عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: إذا أظلتهم الأعداء فقد حل لهم أن يصلوا قِبَل أي جهة كانوا رجالًا أو ركبانًا، ركعتين يومون إيمًاء، ذكره الزهري عن سالم عن ابن عمر. تابعه ابن المبارك عن معمر عن الزهري فقط.
أخرجه ابن المبارك في الجهاد (254)، وعبد الرزاق (2/ 514/ 4259)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 28/ 2342).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
قلت: قد صح عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا، وهذا من تصرف الزهري، فقد كان مرة يفتي به قوله، ومرة يوقفه على ابن عمر، ومرة يرفعه، ويأتي ذكر بقية أسانيد هذه الفقرة في الطريق الرابعة.
2 -
محمد بن الصباح الجرجرائي [ثقة]، قال: أخبرنا جرير بن عبد الحميد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف: "يقوم الإمام وطائفة من الناس معه، فيسجدون سجدةً واحدةً، وتكون طائفة بينهم وبين العدو، ثم ينصرف الذين سجدوا سجدةً مع الإمام، ويكونون مكان الذين لم يصلوا، ويجيء أولئك فيصلون مع إمامهم سجدةً واحدةً، ثم ينصرف إمامهم، فيصلي كل واحد من الطائفتين بصلاته سجدةً واحدةً، فإن كان خوفًا أشد من ذلك فرجالًا أو ركبانًا".
أخرجه ابن ماجه (1258)، وابن حبان (7/ 2887/143)، وأبو الحسن علي بن عمر
الحربي في الثاني من فوائده (1)، والطبراني في الكبير (12/ 376/ 13394)، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي في الأول من فوائده "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (36).
قال ابن ماجه: "هذا حديث غريب"[(1258 - ط. عصام موسى). (2/ 72/ 1231 - ط. التأصيل)].
• خالفه: محمد بن حميد الرازي [حافظ ضعيف، كثير المناكير]، وسفيان بن وكيع [ضعيف، واتهم]، قالا:
ثنا جرير، عن عبد الله بن نافع [العدوي مولاهم، المدني: منكر الحديث. التهذيب (2/ 444)]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف: "يقوم الأمير وطائفة من الناس فيسجدون سجدة واحدة، وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو،
…
" فذكر نحوه.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 393) و (7/ 437).
قلت: رفعه من قول النبي صلى الله عليه وسلم: منكر، وقد تفرد به عن عبيد الله بن عمر المدني: جرير بن عبد الحميد الكوفي، ولم يروه عنه سوى محمد بن الصباح الجرجرائي [من أهل جرجرايا، وهي بلدة قريبة من دجلة، بين بغداد وواسط. الأنساب (2/ 42)]، وكان ينزل بغداد، وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب عبيد الله موقوفًا، وإنما يروى هكذا مرفوعًا من قوله صلى الله عليه وسلم من حديث جرير عن عبد الله بن نافع العدوي مولاهم المدني، وهو: منكر الحديث، فإن قيل: كيف تقدم رواية ضعيفين على ثقة مشهور؟ فأقول: قال بذلك أحد الحفاظ النقاد فلعله وقف على طريق آخر يعتمد عليه:
قال الدارقطني في المزكيات: "كذا رواه محمد بن الصباح، عن جرير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم فيه.
وإنما رواه جرير، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
• ورواه إسماعيل بن عياش [روايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها]، قال: ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الخوف،
…
الحديث.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 436).
قلت: والمحفوظ عن عبيد الله بن عمر أنه رواه عن نافع عن ابن عمر موقوفًا عليه:
• فقد رواه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بشر، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [وهم ثقات]، قالوا:
ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه موقوفًا.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 436)[من طريق عبد الأعلى]. والدارقطني في العلل (12/ 311/ 2741)[من طريق يحيى القطان].
• فإن قيل: قال الدارقطني في العلل (12/ 309/ 2741)(6/ 309/ 2741 - ط. الريان)
(8/ 512/ 2741 - ط. طيبة الجديدة): "يرويه عبيد الله بن عمر، واختلف عنه: فرواه إسماعيل بن عياش، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله.
واختلف عن ابن المبارك: فرواه عبيد بن حماد [كذا، ولعله تحرف عن نعيم بن حماد]، عن ابن المبارك، عن عبيد الله مرفوعًا أيضًا.
ورواه يحيى القطان، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بشر، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
ورواه محمد بن الصباح الجرجرائي، عن جرير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ".
قلت: لكن يشكل على نسبة الرفع إلى رواية الجماعة عن عبيد الله، ما قاله البزار بعد ما أخرجه من طريق مالك وأيوب بن موسى (12/ 5873/199 و 5874)، كلاهما عن نافع عن ابن عمر، حيث قال:"وهذا الحديث غريب عن أيوب بن موسى، وليس هو عند عبيد الله"، يعني: مرفوعًا.
فكون البزار يجزم بكون هذا الحديث ليس عند عبيد الله بن عمر، وأنه لم يحدث به عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، ثم يجتمع مع ذلك عدم اشتهار الحديث عنه، ولا يصل إلينا من طريق هؤلاء المذكورين في علل الدارقطني مرفوعًا، إذ كيف يرويه يحيى القطان، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بشر، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، ثم يُعرض عنه أصحاب الكتب الستة والصحاح والمسانيد والمعاجم؟!!!.
ولا يصلنا مرفوعًا سوى حديث جرير بن عبد الحميد، فهذا مما يدل على وجود خلل في سياق الكلام في كتاب علل الدارقطني، وصوابه: -
ورواه يحيى القطان، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بشر، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا.
وذلك بدليل أن ابن جرير الطبري رواه من طريق عبد الأعلى موقوفًا لا مرفوعًا، بل والدليل القاطع على ذلك: أن الدارقطني نفسه قد رواه في العلل (12/ 311/ 2741):
من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله، قال: أخبرني نافع؛ أن ابن عمر قال في صلاة الخوف: يقوم الإمام وتقوم طائفة وراءه، وطائفة بينه وبين العدو، فيصلي الذين وراءه ركعة، ثم ينصرف هؤلاء فتقف موقف الآخرين، ويأتي أولئك فيركع بهم ركعة، ثم يسلم، ثم تتم الطائفتان لأنفسهم بركعة ركعة. هكذا موقوفًا.
ثم وجدت مصداق ما ذهبت إليه، في عدم صحة هذه اللفظة الموجودة في العلل بعدما وقفت على كلام الدارقطني فيما انتقاه على أبي إسحاق المزكي، حيث قال: "كذا رواه محمد بن الصباح، عن جرير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم فيه. وإنما رواه جرير، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، موقوف.
وقد رواه عبيد بن جنادة [كذا، ولعله تحرف عن نعيم بن حماد]، عن ابن المبارك، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله، ووهم فيه.
وإنما رواه ابن المبارك، عن موسى بن عقبة، عن نافع.
وقد رواه إسماعيل بن عياش، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وعن عبيد الله بن عمر، عن أبي الزبير، عن جابر، جميعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بطوله، رواهما عنه كذلك يحيى بن صالح الوحاظي".
° والحاصل: فإن الصحيح: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفًا، والله أعلم.
3 -
يحيى بن آدم [ثقة ثبت حافظ، وهو ثقة في الثوري]، وقبيصة بن عقبة [ثقة، يخطئ في حديث الثوري]:
عن سفيان [الثوري]، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفة معه وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا وجاء الآخرون، فصلى بهم ركعة، [ثم سلم عليهم]، ثم قضت الطائفتان ركعةً ركعةً.
قال: وقال ابن عمر: فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصلَّ راكبًا، أو قائمًا تومئ إيماءً.
أخرجه مسلم (839/ 306)، وأبو عوانة (2/ 85/ 2413)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 430/ 1891)، والنسائي في المجتبى (3/ 173/ 1542)، وفي الكبرى (2/ 370/ 1943)، وأحمد (2/ 155)، وابن أبي شيبة (2/ 215/ 8284)، وأبو العباس السراج في مسنده (1563)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2363)، والطحاوي (1/ 312)، والدارقطني (2/ 59)، والبيهقي في السنن (3/ 260 و 261)، وفي المعرفة (3/ 9/ 1837).
• خالفهما فلم يضبط متنه: معاوية بن هشام [القصار: صدوق، كثير الخطأ، وليس بالثبت في الثوري. التهذيب (4/ 112)، وانظر في أوهامه على الثوري: ما تقدم برقم (178 و 676)]، فرواه عن سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف
…
فذكر الحديث بمثله؛ إلا أنه قال: فصلى بهم ركعتين، بدل ركعة، ولم يذكر القضاء.
أخرجه الخطيب في التاريخ (7/ 233).
* تابع الثوري عليه: عبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه]، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري [ثقة حافظ]، وداود بن عطاء المدني [منكر الحديث]:
فرووه عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن عبد الله، قال: صلاة الخوف، قال: يقوم الإمام معه طائفة من الناس، وتكون طائفة بينهم وبين العدو، فيسجد سجدةً واحدةً ومن معه،
ثم ينصرف الدين قد سجدوا سجدةً واحدةً، فيكونوا مكان أصحابهم الذين بينهم وبين العدو، وتقوم الطائفة الذين لم يصلوا، فيصلوا مع الإمام سجدةً، ثم يسلم الإمام، وتصلي الطائفتان، كل واحدة منهما لنفسه سجدة.
كان عبد الله يخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في بعض أيامه التي لقي فيها.
هذا لفظ ابن المبارك، ولفظ الفزاري [عند ابن عبد البر]: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من أصحابه خلفه، وقامت طائفة بينه وبين العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم انطلقوا فقاموا في مقام أولئك، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة وسجدتين، ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تمت صلاته، ثم صلت الطائفتان كل واحدة منهما ركعةً ركعةً.
أخرجه ابن المبارك في الجهاد (239)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 38/ 2358)(5/ 19/ 2349 - ط. الفلاح)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 261)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 258).
قال أبو نعيم [وإن كان في سنده من ضُعِّف، لكنه قد توبع عند غيره]: "صحيح ثابت، متفق عليه من حديث موسى وغيره عن نافع".
4 -
يحيى بن سعيد القرشي [الأموي]، قال: حدثنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر نحوًا من قول مجاهد: إذا اختلطوا قيامًا [فإنما هو الذكر، وإشارة بالرأس]، وزاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن كانوا أكثر من ذلك، فليصلوا قيامًا وركبانا".
أخرجه البخاري (943)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 393)، والدارقطني في العلل (12/ 311/ 2741)، والبيهقي (3/ 255 - 256).
هذا لفظه عند البخاري، وما بين المعكوفين لغيره، ولفظه عند الطبري (5/ 246 - ط. شاكر) بإسناد البخاري: عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إذا اختلطوا - يعني: في القتال - فإنما هو الذكر وإشارة بالرأس، قال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن كانوا أكثر من ذلك فيصلون قيامًا وركبانًا".
وانظر: تغليق التعليق (2/ 370).
قال ابن حجر في الفتح (2/ 432) بعد أن ذكر رواية الطبري والإسماعيلي [ومن طريقه البيهقي]: "وتبين من هذا: أن قوله في البخاري: "قيامًا" الأولى تصحيف من قوله: "فإنما""، يعني: أن الصواب في هذا السياق كما عند غير البخاري: إذا اختلطوا فإنما هو الذكر، وإشارة بالرأس، ليس فيه قيامًا.
* ورواه يوسف بن سعيد [هو: ابن مُسلَّم المصيصي: ثقة حافظ]، ثنا حجاج بن محمد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن جريج]، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير [الداري المكي القارئ: ثقة]، عن مجاهد قال: إذا اختلطوا فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس.
قال ابن جريج، حدثني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
بمثل قول مجاهد: "إذا اختلطوا فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس"، وزاد عن النبي صلى الله عليه وسلم:"فإن كثروا فليصلوا ركبانًا أو قيامًا على أقدامهم". يعني: صلاة الخوف.
أخرجه البيهقي في السنن (3/ 255)، وفي المعرفة (3/ 19/ 1847)، بإسنادين إلى يوسف أحدهما صحيح.
وحجاج بن محمد هو أثبت من روى هذا الحديث عن ابن جريج، وقد فصل هذا الحديث الذي اختصره يحيى بن سعيد الأموي، وبيَّن أثر مجاهد من حديث ابن عمر، أما الأول: فيرويه ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قوله مقطوعًا عليه بإسناد صحيح، وأما الثاني: فيرويه ابن جريج باسناد صحيح إلى ابن عمر مرفوعًا.
• وقد رواه عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إن كان الخوف أشد من ذلك فليصلوا قيامًا أو ركبانًا حيث جهتهم.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 513/ 4258)، ومن طريقه: أبو العباس السراج في مسنده (1552)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2350).
• وأما قول مجاهد: فرواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: إذا اختلطوا فإنما هو الذكر والإشارة بالرأس.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 515/ 4264).
هكذا قصر فيه عبدُ الرزاق، وخالف حجاجًا، فأوقف الحديث على ابن عمر، وأسقط من إسناده موسى بن عقبة، وأما أثر مجاهد فأسقط من إسناده عبد الله بن كثير، والمحفوظ: قول حجاج بن محمد المصيصي، وقد تابعه يحيى بن سعيد الأموي، لكنه اختصر الحديث، والله أعلم.
وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 212/ 8261).
5 -
ورواه أبو المغيرة الحمصي [عبد القدوس بن الحجاج: ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، ومحمد بن يوسف [الفريابي: ثقة فاضل]، ومحمد بن شعيب بن شابور [دمشقي، ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، وبشر بن بكر [ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، وعبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين [كاتب الأوزاعي، صدوق]، ومحمد بن كثير [هو: ابن أبي عطاء الثقفي مولاهم، أبو يوسف الصنعاني، نزيل المصيصة، صاحب الأوزاعي، وهو: صدوق كثير الغلط]:
عن الأوزاعي، عن أيوب بن موسى [أبي موسى الأموي المكي: ثقة]، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى حديث موسى بن عقبة، دون الخوف الشديد.
أخرجه أحمد (2/ 132)، والبلاذري في أنساب الأشراف (1/ 341)، والبزار (12/ 199/ 5874)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 437)، وأبو العباس السراج في مسنده (1562 و 1565)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2361 و 2362 و 2366)، والطحاوي (1/ 312)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 249 - 250).
قال البزار: "وهذا الحديث غريب عن أيوب بن موسى، وليس هو عند عبيد الله".
قلت: إسناده صحيح، ولا يضره تفرد الأوزاعي به عن أيوب بن موسى؛ فإنه حافظ إمام، ثقة فقيه.
• وأغرب الشاذكوني، فرواه عن عيسى بن يونس: ثنا الأوزاعي، عن باب بن عمير، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا مختصرًا.
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 7543/296).
وقال: "لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا عيسى بن يونس، تفرد به الشاذكوكي".
قلت: آفته من الشاذكوني؛ وهو: سليمان بن داود المنقري: حافظ؛ إلا أنه متروك، رماه الأئمة بالكذب [انظر: اللسان (4/ 142)].
6 -
إسماعيل بن علية، وحماد بن زيد [ثقتان ثبتان، وهما أثبت الناس في أيوب]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في أيوب]، والحارث بن عمير [ثقة، من أصحاب أيوب، وله مناكير عن غيره. تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (69 و 486)]:
عن أيوب [السختياني]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه قال في صلاة الخوف: يصلي طائفة من القوم ركعة، وطائفة تحرس، ثم ينطلق هؤلاء الذين صلى بهم ركعة حتى يقوموا مقام أصحابهم، ثم يجيء أولئك فيصلي بهم ركعة، ثم يسلم فتقوم كل طائفة فتصلي ركعة.
هكذا أوقفه ابن علية، وحماد بن زيد، وعبد الوارث، ورفعه الحارث.
أخرجه ابن هشام في السيرة (4/ 158)، والبلاذري في أنساب الأشراف (1/ 340 - 341)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 394) و (7/ 436)، وأبو العباس السراج في مسنده (1568)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2369)، والطبراني في الأوسط (4/ 331/ 4350).
قال الطبراني: "لم يرفع هذا الحديث عن أيوب السختياني إلا الحارث بن عمير، تفرد به موسى بن أعين".
قلت: هو حديث صحيح موقوفًا ومرفوعًا، فإن كان أوقفه عن نافع: عبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، وشك مالك في رفعه، فقد حفظه موسى بن عقبة، وروايته عند الشيخين، وتابعه على رفعه: أيوب بن موسى الأموي المكي، ورواه الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعًا، ولم يشك في رفعه.
7 -
ورواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان؛ أن أباه أخبره؛ أنه سأل مكحولًا عن صلاة الخوف، فقال: كان عبد الله بن عمر يحدث؛ أنه صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره بنحوه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 308/ 3247)، وفي مسند الشاميين (1/ 197/125)[وقرن الزهري بمكحول] و (4/ 326/ 3452 و 3453).
وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: صدوق يخطئ، وتغير بأخرة، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول [انظر: التهذيب (2/ 494)، الميزان (2/ 551)]، ومكحول: لم يسمع من ابن عمر، روايته عنه مرسلة [المراسيل (801)، تحفة التحصيل (314)]، وهو صالح في المتابعات، فيصح بما قبله.
* وانظر أيضًا: ما أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 273/ 13592)[وفي إسناده: رشدين بن سعد، وهو: ضعيف، وشيخه: محمد بن سهم، وهو: مجهول. التاريخ الكبير (1/ 111)، الجرح والتعديل (7/ 279)، الثقات (7/ 425)، المؤتلف للدارقطني (3/ 1230)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 330)].
* قال أبو داود: "وكذلك قول مسروق، ويوسف بن مهران، عن ابن عباس".
قلت: وصلهما ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 216/ 8295 و 8296)، قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن مغيرة، عن الشعبي، عن مسروق؛ أنه قال: صلاة الخوف يقوم الإمام، ويصفون خلفه صفَّين، ثم يركع الإمام فيركع الذين يلونه، ثم يسجد بالذي يلونه، فإذا قام تأخر هؤلاء الذين يلونه، وجاء الآخرون فقاموا مقامهم، فركع بهم وسجد بهم، والآخرون قيام، ثم يقومون فيقضون ركعةً ركعةً، يكون للإمام ركعتان في جماعة، ويكون للقوم ركعة ركعة في جماعة، ويقضون الركعة الثانية.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا غندر، عن شعبة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، مثل ذلك.
قلت: أما الأول: فهو مقطوع على مسروق بإسناد صحيح.
وأما الثاني: فهو موقوت على ابن عباس بإسناد ضعيف؛ علي بن زيد ابن جدعان: ضعيف، وهو المتفرد بالرواية عن يوسف بن مهران.
• وله إسنادان آخران عن ابن عباس موقوفًا عليه، وفيهما مقال.
أخرجهما ابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 430) و (7/ 437 - 438).
* قال أبو داود: "وكذلك روى يونس، عن الحسن، عن أبي موسى أنه فعله".
رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد [وهم ثقات أثبات]:
عن يونس، عن الحسن؛ أن أبا موسى صلى بأصحابه بأصبهان، فصلت طائفة منهم معه، وطائفة مواجهة العدو، فصلى بهم ركعة، ثم نكصوا وأقبل الآخرون يتخللونهم، فصلى بهم ركعة، ثم سلم، وقامت الطائفتان فصلتا ركعةً.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 215/ 8290)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 435).
وهذا هو المحفوظ عن الحسن البصري؛ فإن يونس بن عبيد: ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن، وخالفه في ذلك من لا يدانيه في الحفظ، ولا في المنزلة من الحسن:
• خالفه فرفعه، وزاد السلام بعد الركعة الأولى؛ ووهم في ذلك:
أبو حرة [واصل بن عبد الرحمن: صدوق عابد، لم يسمع من الحسن إلا ثلاثة أحاديث، والباقي يدلسه، لذا ضعفوا حديثه عن الحسن. العلل ومعرفة الرجال (2/ 595/ 3823)، الكامل (7/ 86)، الميزان (4/ 329)، إكمال مغلطاي (12/ 200)، التهذيب (4/ 302)، تحفة التحصيل (336)]، عن الحسن، عن أبي موسى؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف، فصلى بطائفة منهم ركعة، وكانت طائفة بإزاء العدو، فلما صلى بهم ركعةً سلم، فنكصوا على أعقابهم حتى انتهوا إلى إخوانهم، ثم جاء الآخرون فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعةً ثم سلم، فقام كل فريق فصلوا ركعةً ركعةً.
أخرجه الطحاوي (1/ 311)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (271)(1290 - المخلصيات).
وعلى الوجه المحفوظ: فهو موقوف بإسناد رجاله ثقات، وفيه انقطاع؛ فإن الحسن البصري لم يسمع من أبي موسى الأشعري شيئًا [المراسيل (116 - 118)]، ومثل هذا لا مجال للرأي فيه، لاسيما وقد صح مرفوعًا من حديث ابن عمر.
• ورواه سعيد بن أبي عروبة [وعنه: يزيد بن زريع، ومحمد بن بشر العبدي، وابن المبارك، وابن أبي عدي، أما يزيد: فقد سمع من ابن أبي عروبة قبل اختلاطه، وهو من أثبت الناس فيه، وأما ابن بشر وابن المبارك فسماعهما من ابن أبي عروبة جيد، والأخير ممن سمع من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط. انظر: شرح علل الترمذي (2/ 743)، التقييد والإيضاح (429)، الكواكب النيرات (25)]، وهشام الدستوائي [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب قتادة]، وأبو جعفر الرازي [ليس بالقوي، والإسناد إليه ضعيف، تفرد به محمد بن مقاتل الرازي، وهو: ضعيف]:
عن قتادة، عن أبي العالية الرياحي [زاد هشام: ويونس بن جبير]، قال: إن أبا موسى [الأشعري]رضي الله عنه كان بالدار من أصبهان، وما كان بها يومئذ كبير خوف، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فجعلهم صفين، طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها، وطائفة من قدامه، فصلى بالذين يلونه ركعة، ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يتخللونهم، حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى، ثم سلم، فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، فتمت للإمام ركعتان في جماعة وللناس ركعة ركعة.
وقال أبو جعفر الرازي [ولا يثبت عنه]: صلى بنا أبو موسى الأشعري بأصبهان صلاة الخوف وما كان كبير خوف ليرينا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . الحديث.
أخرجه ابن المبارك في الجهاد (242)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 214/ 8274)(5/ 405/ 8360 - ط. عوامة). وفي المسند (5/ 107/ 742 - مطالب)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 435 و 436)، والطبراني في الأوسط (7/ 271/ 7476)، وأبو
الشيخ في طبقات المحدثين (1/ 241 و 242)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 84 و 85 و 369)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 260).
قال ابن عبد البر: "يعني: مع الإمام، وقضوا ركعة ركعة".
قال ابن رجب في الفتح (6/ 13): "وهو إسناد جيد، وهو في حكم المرفوع؛ لما ذكر فيه من تعليمهم بسنة نبيهم".
قال ابن حجر: "رجاله ثقات؛ إلا أن فيه انقطاعًا بين أبي العالية وأبي موسى رضي الله عنه ".
قلت: أما يونس بن جبير فيدخل بينه وبين أبي موسى حطان الرقاشي، فقد روى قتادة، عن يونس بن جُبير، عن حِطَّان بن عبد الله الرقاشي، قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري، فلما انفتل قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطب لنا، فبيَّن لنا سُنَّتنا وعلمنا صلاتنا،
…
فذكر الحديث، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (404) في حديث طويل، سبق تخريجه تحت الحديث رقم (607)، الشاهد السادس.
وأما سماع رفيع أبي العالية من أبي موسى فلم أجد من أثبته، ولا من نفاه، وبين وفاتيهما قرابة أربعين سنة، ولا يستبعد سماعه من أبي موسى بالتأريخ، وأما ما روي في مصنف ابن أبي شيبة (7/ 702/ 9303) بإسناد صحيح عن أبي العالية، قال: دخلت على أبي موسى وهو أمير البصرة، فهو معلول، راجع في ذلك السنن الكبرى للنسائي (3/ 338 و 339/ 3195 - 3201)، علل الدارقطني (7/ 246/ 1323).
• ثم وجدت ما يثبت إدراكه لأبي موسى وإمكان سماعه منه:
فقد روى عبد الله بن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: صليت خلف أبي موسى الأشعري صلاة الصبح
…
الحديث.
وفي رواية: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة زمن عمر صلاة الغداة، قال: فقلت لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبي: ما الصلاة الوسطى؟ قال: هذه الصلاة.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 369)، والطحاوي (1/ 170).
وهذا إسناد جيد، والربيع بن أنس: صدوق، قال أبو حاتم:"صدوق، وهو أحب إليَّ في أبي العالية من أبي خلدة".
لكن الحديث الذي بين يدينا صورته مرسل، فإن أبا العالية يحكيه حكاية، ولا يرويه، وليس معنا دليل أنه شهد هذه الواقعة مع أبي موسى، ولا أنه سمعها منه، ورواية أبي جعفر الرازي ساقطة لا يحتج بها، فيبقى هذا الحديث على إرساله حتى يقوم عندنا دليل على اتصاله، والله أعلم.
وحديث أبي موسى بطريقيه وبشاهده من حديث ابن عمر: هو حديث حسن، والله أعلم.
* وقد روي نحو حديث ابن عمر عن جابر من وجه ضعيف، وقد اشتمل على زيادات منكرة:
يرويه ابن أبي مريم، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا يزيد بن الهاد، قال: