المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌288 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٣

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌271 - باب متى يقصر المسافر

- ‌272 - باب الأذان في السفر

- ‌273 - باب المسافر يصلى وهو يشكُّ في الوقت

- ‌274 - باب الجمع بين الصلاتين

- ‌275 - باب قصر قراءة الصلاة في السفر

- ‌276 - باب التطوع في السفر

- ‌277 - باب التطوع على الراحلة والوتر

- ‌278 - باب الفريضة على الراحلة من غير عذر

- ‌279 - باب متى يتم المسافر

- ‌280 - باب إذا أقام بأرض العدو يقصر

- ‌مسألة: صلاة المسافر إذا ائتم بالمقيم، وصلاة المقيم إذا ائتم بالمسافر

- ‌281 - باب صلاة الخوف

- ‌282 - باب من قال: يقوم صفٌّ مع الإمام وصفٌّ وِجاهَ العدو

- ‌283 - باب من قال: إذا صلى ركعةً وثبت قائمًا أتموا لأنفسهم ركعةً، ثم سلموا، ثم انصرفوا فكانوا وِجاه العدو، واختلف في السلام

- ‌284 - باب من قال: يكبرون جميعًا وإن كانوا مستدبري القبلة

- ‌285 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعة

- ‌286 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم فيقوم الذين خلفه فيصلون ركعة، ثم يجيء الآخرون إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعة

- ‌(2/ 579)].***287 -باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون

- ‌288 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

- ‌ ومما روي فيما يتعلق بصلاة الخوف:

- ‌ التبكير والتغليس بصلاة الصبح إذا أراد الإغارة والحرب:

- ‌289 - باب صلاة الطالب

- ‌ ومما روي في الصلاة على الدواب:

- ‌ الصفة الأولى:

- ‌ الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة:

- ‌ الصفة الرابعة:

- ‌ الصفة الخامسة:

- ‌ الصفة السادسة:

- ‌ الصفة السابعة:

- ‌ وأما الصلاة حال شدة الخوف:

- ‌290 - باب تفريع أبواب التطوع وركعات السُّنَّة

- ‌291 - باب ركعتي الفجر

- ‌292 - باب في تخفيفهما

- ‌ ومن شواهده في تخفيف الركعتين:

- ‌293 - باب الاضطجاع بعدها

- ‌294 - باب إذا أدرك الإمام ولم يصلي ركعتي الفجر

الفصل: ‌288 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

وصفناهم لم يقضوا الركعة التي ركع صلى الله عليه وسلم بإخوانهم، بل اقتصروا على ركعة واحدة لهم"، ثم أسند حديث أبي بكر بن أبي الجهم، وقد عدَّ أحاديث الركعة أول أنواع صلاة الخوف.

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 433): "فزاد في آخره: ولم يقضوا، وهذا كالصريح في اقتصارهم على ركعة ركعة، وفي الباب: عن حذيفة وعن زيد بن ثابت، عند أبي داود والنسائي وابن حبان، وعن جابر عند النسائي، ويشهد له ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة، وبالاقتصار في الخوف على ركعة واحدة يقول إسحاق والثوري ومن تبعهما، وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين، ومنهم من قيد ذلك بشدة الخوف،

، وقال الجمهور: قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأولوا رواية مجاهد هذه على أن المراد به ركعة مع الإمام، وليس فيه نفي الثانية، وقالوا: يحتمل أن يكون قوله في الحديث السابق: لم يقضوا؛ أي: لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن، والله أعلم".

***

1247 -

. . . أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم: في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة.

* حديث صحيح.

أخرجه مسلم (687/ 5)، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1198).

* وهو مروي بمعناه من وجه آخر:

يرويه حميد بن علي العقيلي: حدثنا الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سافر ركعتين، وحين أقام أربعًا.

قال: قال ابن عباس: فمن صلى في السفر أربعًا كمن صلى في الحضر ركعتين.

قال: وقال ابن عباس: لم تقصر الصلاة إلا مرة واحدة، حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، وصلى الناس ركعةً ركعةً.

وإسناده ضعيف، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1200)، الشاهد رقم (13).

***

‌288 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

1248 -

. . . الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوفٍ الظهرَ، فصفَّ بعضهم خلفه، وبعضهم بإزاء العدو، فصلى [بهم]، ركعتين، ثم سلم، فانطلق الذين صلوا معه، فوقفوا موقفَ أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه،

ص: 290

فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين.

وبذلك كان يفتي الحسن.

قال أبو داود: وكذلك في المغرب يكون للإمام ست ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث.

قال أبو داود: وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك قال سليمان اليشكري، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

* حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 103/ 836) و (3/ 178/ 1551) و (3/ 179 1555)، وفي الكبرى (1/ 280/ 521) و (1/ 441/ 912) و (2/ 375/ 1952) و (2/ 376/ 1956)، وابن حبان (7/ 135/ 2881)، وأحمد (5/ 39 و 49)، والبزار (9/ 112/ 3658)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 315)، وفي أحكام القرآن (385)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (125)، والدارقطني (2/ 61)، وابن حزم في المحلى (4/ 226)، والبيهقي في السنن (3/ 259 و 260)، وفي المعرفة (3/ 17/ 1845)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 274).

رواه عن أشعث بن عبد الملك الحمراني: معاذ بن معاذ العنبري، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، وسعيد بن عامر، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وروح بن عبادة [وهم ثقات].

قال البزار: "وهذا الكلام يروى عن جابر وعن أبي بكرة، وحديث أبي بكرة أحسن إسنادًا، فذكرناه عن أبي بكرة لحسن إسناده؛ إلا أن يزيد فيه جابر كلامًا".

وقال البيهقي: "وسماع الحسن من أبي بكرة صحيح".

* خالفهم: عمرو بن خليفة البكراوي: حدثنا أشعث بن عبد الملك الحمراني، عن الحسن، عن أبي بكرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم [في الخوف] صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ست ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث.

أخرجه ابن خزيمة (2/ 307/ 1368)، والحاكم (1/ 337)(2/ 139/ 1266 - ط. الميمان)(2/ 296/ 1268 - ط. التأصيل). والدارقطني (2/ 61)، والبيهقي (3/ 260).

من طريق: محمد بن معمر بن ربعي القيسي [ثقة]: ثنا عمرو بن خليفة به.

قال الحاكم: "سمعت أبا علي الحافظ يقول: هذا حديث غريب؛ أشعث الحمراني،

ص: 291

لم نكتبه إلا بهذا الإسناد"، ثم قال الحاكم: "وإنه صحيح على شرط الشيخين".

قلت: لعل في كلام أبي علي الحافظ سقط لا بد من ذكره حتى يستقيم، فلعل الحافظ قال: هذا حديث غريب من حديث أشعث الحمراني، أو: عن أشعث الحمراني، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد؛ وذلك لأن الحديث مشهور عن أشعث بالصلاة بكل طائفة ركعتين، دون لفظ الثلاث؛ والذي تفرد به عنه: عمرو بن خليفة البكراوي، ولا يُعرف عنه إلا من طريق محمد بن معمر بن ربعي القيسي؛ فهو حديث غريب عن أشعث بهذا اللفظ، وهذا ما عناه أبو علي الحافظ، والله أعلم.

وقال البيهقي في السنن: "وقد رواه بعض الناس عن أشعث في المغرب مرفوعًا؛ ولا أظنه إلا واهمًا في ذلك".

وقال في المعرفة (3/ 17): "وهو وهم، والصحيح هو الأول، والله أعلم".

قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ في المغرب؛ تفرد به عن أشعث: عمرو بن خليفة البكراوي، قال البزار:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما كان في روايته بعض المناكير"، قلت: وهذا منها [مسند البزار (14/ 7978/ 322)، الثقات (7/ 229)، تاريخ الإسلام (13/ 323)، اللسان (6/ 205)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 343)].

* تابع أشعث بن عبد الملك [على الوجه المعروف]:

أبو حرة، عن الحسن، عن أبي بكرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف، [صفَّهم صفَّين، صفٌّ بإزاء العدو]، فصلى [بهم] ركعتين، [ثم سلم]، ثم انطلق هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعتين، [ثم سلم]، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، وللقوم ركعتين ركعتين.

أخرجه الطيالسي (2/ 204/ 918)، ومن طريقه: البزار (9/ 113/ 3659)، والطحاوي (1/ 315)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (270)(1289 - المخلصيات) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 341).

قال البزار: "وهذا الحديث ذكرناه لأنه زاد على أشعث، وفسر ما رواه أشعث مجملًا، ولأنه حديث عزيز عن الحسن ما رواه أشعث وأبو حرة لا أعلم رواه غيرهما، فجمعتهما في موضع لذلك، واسم أبي حرة: واصل بن عبد الرحمن، وهو صالح الحديث بصري".

قلت: واصل بن عبد الرحمن: صدوق عابد، لم يسمع من الحسن إلا ثلاثة أحاديث، والباقي يدلسه، لذا ضعفوا حديثه عن الحسن [العلل ومعرفة الرجال (2/ 595/ 3823)، الكامل (7/ 86)، الميزان (4/ 329)، إكمال مغلطاي (12/ 200)، التهذيب (4/ 302)، تحفة التحصيل (336)]، ومتابعته هنا جيدة.

قال البيهقي في المعرفة (3/ 17): "وسماع الحسن من أبي بكرة صحيح".

وقال النووي في المجموع (4/ 350): "حديث أبي بكرة صحيح، رواه أبو داود

ص: 292

بإسناد صحيح كما هو في المهذب، ورواه البخاري ومسلم من رواية جابر بمعناه".

وصحح إسناده أيضًا: ابن الملقن في البدر المنير (5/ 8).

قلت: هو حديث صحيح، وسماع الحسن من أبي بكرة ثابت صحيح، فلا يطلب سماعه في كل حديث حديث [راجع فضل الرحيم الودود (1/ 101/ 27) و (3/ 148/ 234) و (7/ 479/ 683) و (7/ 485/ 684)].

ومن ادعى عدم الاتصال في هذا الحديث بدعوى عدم شهود أبي بكرة لصلاة الخوف؛ فلا يضر ذلك، فإن أبا بكرة لم يصرح بأنه شهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أخبر عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى بأصحابه صلاة الخوف، ولا إشكال في ذلك، وغايته أن يكون مرسل صحابي [انظر: بيان الوهم (2/ 475)].

* ورواه يونس بن عبيد فجعله عن جابر بن عبد الله:

رواه عبد الوارث بن سعيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسماعيل بن علية [وهم ثقات]، وغيرهم:

حدثنا يونس، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف، فصلى بطائفة ركعتين، والآخرون يُقبِلون على عدوهم، ثم سلم، ثم جاء الآخرون، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللناس ركعتين ركعتين.

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 179/ 1554)، وفي الكبرى (1/ 281/ 522) و (2/ 376/ 1955)، وابن خمزيمة (2/ 298/ 1353)، والشافعي في الأم (2/ 451 - / 452 482)، وفي المسند (57)، وابن هشام في السيرة (4/ 158)، والدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي الطاهر الذهلي (71)، والبيهقي في السنن (3/ 259)، وفي المعرفة (3/ 17/ 1844).

قال ابن خزيمة: "قد اختلف أصحابنا في سماع الحسن من جابر بن عبد الله".

قلت: قد جاء في الرواية هنا النبأ اليقين:

فقد قال عبد الأعلى [عند النسائي]: حدثنا يونس، عن الحسن، قال: حدَّث جابر.

وهذا يشعر بعدم السماع؛ بل قد ثبت الانقطاع:

فقد رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن: سئل عن صلاة الخوف؛ فقال: نبِّئتُ عن جابر.

أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 215/ 8286).

فظهر بهذه الرواية أن الحسن لم يسمعه من جابر.

* ورواه عمرو بن عاصم، وحجاج بن منهال، وسليمان بن حرب، وشاذان أسود بن عامر [وهم ثقات في الجملة]:

عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 293

صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بأخرى أيضًا ركعتين، ثم سلم.

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 178/ 1552)، وفي الكبرى (2/ 375/ 1953)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 32/ 2349)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (126)، والدارقطني (2/ 61)، والبيهقي (3/ 259).

قال ابن رجب في الفتح (6/ 33): "والحسن: لم يسمع من جابر".

* ورواه عنبسة [وعنه: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي]، عن الحسن، عن جابر، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان محاصرًا بني محارب بنخل، ثم نودي في الناس أن الصلاة جامعة، فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتين، طائفة مقبلة على العدو يتحدثون، وصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم، فانصرفوا فكانوا مكان إخوانهم، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكان للنبى صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، ولكل طائفة ركعتين.

أخرجه المحاملي في الأمالي (19 - رواية ابن الصلت) مطولًا. والدارقطني (2/ 60)، والخطيب في المبهمات (4/ 246).

وعنبسة المذكور في هذا الإسناد ليس هو: ابن سعيد البصري القطان، أخو أبي الربيع السمان [متروك. التهذيب (3/ 332)، الميزان (3/ 299)، سؤالات الآجري (2/ 159)، كشف الأستار (884)]، وإنما هو: ابن أبي رائطة الغنوي الأعور:

قال عنه ابن المديني: "ضعيف"، وقال ابن معين:"ثقة، وقد روى عنه أيضًا: عبد الوهاب الثقفي"، وقال أبو حاتم:"هو عنبسة بن أبي رائطة الأعور، وهو عنبسة الغنوي، شيخ روى عنه عبد الوهاب الثقفى أحاديث حسانًا، وروى عنه وهيب، وليس بحديثه بأس". وذكره ابن حبان في الثقات [العلل لابن المديني (134)، سؤالات ابن الجنيد (503)، التاريخ الكبير (7/ 38)، الجرح والتعديل (6/ 400)، الثقات (7/ 290)، مسند البزار (6/ 309/ 2321) و (9/ 351/ 3914)، المعجم الكبير للطبراني (18/ 165/ 365)، المعجم الأوسط (769 و 4941)، المعجم الصغير (1030)، الكامل (5/ 264)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 82/ 4138) و (2/ 84/ 4153)، اللسان (6/ 239)، التهذيب (3/ 332)].

• هكذا اختلف على الحسن البصري في هذا الحديث:

أ - فرواه أشعث بن عبد الملك الحمراني [ثقة فقيه، مقدَّم في الحسن]، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن [صدوق، تكلم في حديثه عن الحسن]:

عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوفٍ الظهرَ

فذكر الحديث.

ب - ورواه يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن]، وقتادة [ثقة ثبت، ثبت في الحسن]، وعنبسة بن أبي رائطة الغنوي الأعور [ليس بحديثه بأس، ضعفه ابن المديني]:

ص: 294

عن الحسن، عن جابر، به مرفوعًا. وقال في رواية: نبِّئتُ عن جابر.

والحسن البصري لم يسمع هذا الحديث من جابر، كما جزم جماعة من الأئمة بعدم سماعه من جابر مطلقًا، مثل: بهز بن أسد، وابن المديني، وأبي زرعة، والدارقطني، وقال أبو حاتم:"إنما الحسن عن جابر: كتاب"[المراسيل (112 - 115)، تحفة التحصيل (76)].

قلت: هو كتاب سليمان بن قيس اليشكري، ويأتي بيان ذلك قريبًا.

والوجهان عندي صحيحان، والحسن البصري واسع الرواية، يحتمل منه التعدد، فيكون الحسن سمعه من أبي بكرة، كما أخذه أيضًا من كتاب سليمان بن قيس اليشكري عن جابر، ويحتمل أن يكون أخذه بواسطة أخرى، كما في رواية يونس بن عبيد: نبِّئتُ عن جابر، والله أعلم.

• وأما حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:

فقد رواه أبان بن يزيد العطار، ومعاوية بن سلام، وعمران بن داور القطان: قال أبان: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، قال: كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله -، قال: فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة، فأخذ سيف نبي الله صلى الله عليه وسلم فاخترطه، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتخافني؟ قال: "لا"، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: "الله يمنعني منك"، قال: فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف، وعلقه.

قال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخَّروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان.

هكذا رواه أبان مطولًا بشقيه، واقتصر معاوية على موضع الشاهد، ولفظه عند مسلم: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعتين، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وصلى بكل طائفة ركعتين.

وفي رواية عمران [عند البخاري مختصرًا، وعند السراج أتم منه]: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع، [أظنه: أربع ركعات، صلى بهم ركعتين، ثم ذهبوا، وجاء أولئك فصلى بهم ركعتين].

أخرجه البخاري (4125) و (4136)[من طريق أبان معلقًا بصيغة الجزم]. ومسلم (843/ 311 و 312)[واللفظ له] و (843/ 14 - فضائل)، وأبو عوانة (2/ 91/ 2427 و 2428)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 1896/432) و (2/ 433/ 1897)، وابن خزيمة (2/ 297/ 1352)، وابن حبان (7/ 139/ 2884)، وأحمد (3/ 364)، وابن سعد في الطبقات (2/ 61)، وابن أبي شيبة (2/ 215/ 8287)، وأبو العباس السراج في مسنده (1559 و 1560 و 1566)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2358 و 2359 و 2367)، وابن

ص: 295

المنذر في الأوسط (5/ 32/ 2348)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 315)، وفي أحكام القرآن (374)، وفي المشكل (10/ 415/ 4220)، وابن حزم في المحلى (4/ 227)، والبيهقي في السنن (9/ 253)، وفي الدلائل (3/ 375)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 274)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 287/ 1095)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

* وقد روى شقه الأول في قصة الأعرابي الذي اخترط السيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مطولًا، ولم يذكر فيه صلاة الخوف:

شعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وإبراهيم بن سعد [ولم يذكر في إسناده: أبا سلمة]، ومحمد بن أبي عتيق [ولم يذكر في إسناده: أبا سلمة]:

عن الزهري، قال: حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أن جابر بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أخبر؛ أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في وادٍ كثير العضاه،

فذكر الحديث.

أخرجه البخاري (2910 و 2913 و 4134 و 4135 و 4139)، ومسلم (843/ 13 و 14 - فضائل). والنسائي في الكبرى (8/ 91/ 8719) و (8/ 130/ 8801)، وابن حبان (10/ 537/ 4399)، وأحمد (3/ 311)، وعبد بن حميد (1082)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 199)، وابن جرير الطبري في التفسير (8/ 232)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 66/ 1815) و (4/ 253/ 3214)، وابن منده في التوحيد (2/ 68/ 132)، وعبد الغني بن سعيد الأزدي في الغوامض (17 و 18)، والبيهقي في السنن (6/ 319) و (9/ 67)، وفي الدلائل (3/ 373 و 374)، والخطيب في المبهمات (4/ 246)، والواحدي في أسباب النزول (218)، والبغوي في الشمائل (216)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (4/ 532/ 3826)، وإسماعيل الأصبهاني في الدلائل (67).

• قال ابن المنذر (5/ 32): "وهذا الخبر يدل على إباحة أن يصلي المرء الفريضة خلف من يصلي نافلة؛ لأن الآخرة من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت نافلة".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (15/ 275): "كل من أجاز اختلاف نية الإمام والمأموم في الصلاة، وأجاز لمن صلى في بيته أن يؤم في تلك الصلاة غيره، وأجاز أن تصلى الفريضة خلف المتنفل: يجيز هذا الوجه في صلاة الخوف، وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وابن علية وأحمد بن حنبل وداود".

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 33): "في الحديث: دليل على أن صلاة الخوف ينادى لها بالأذان والإقامة كصلاة الأمن، ولا أعلم في هذا خلافًا؛ إلا ما حكاه أصحاب سفيان الثوري في كتبهم عنه، أنه قال: ليس في صلاة الخوف أذان ولا إقامة في حضر ولا سفر".

ص: 296

• وأما حديث سليمان بن قيس اليشكري، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:

فقد رواه أبو عوانة، عن أبي بشر [جعفر بن أبي وحشية]، عن سليمان بن قيس، عن جابر، قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخلٍ [وفي رواية: بنجد]، فرأوا من المسلمين غِرَّة، فجاء رجل منهم، يقال له: عوف بن الحارث - أو: غورث بن الحارث - حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله"، قال: فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، فقال له:"من يمنعك مني"، قال: كن خيرًا مني [وفي رواية: كن خير آخذ]، قال:"تشهد أن لا إله إلا الله؟ "، قال: لا، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلَك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال: فخلى سبيله، فجاء إلى أصحابه، فقال: جئتكم من عند خير الناس، فلما كان عند الظهر أو العصر - شك أبو عوانة - أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الخوف، قال: فكان الناس طائفتين؛ طائفةً لإزاء العدو، وطائفةً يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين، ثم انصرفوا، فكانوا مكان أولئك، وجاء أولئك فصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان.

أخرجه ابن حبان (7/ 138/ 2883)، والحاكم (3/ 29)، وأحمد (3/ 364 و 390)، وسعيد بن منصور (2/ 238/ 2504)، وعبد بن حميد (1096)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (3/ 980)، وأبو يعلى (3/ 313/ 1778)، والطحاوي (1/ 315)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 243/ 73)، وعبد الغني بن سعيد الأزدي في الغوامض (19)، والبيهقي في الدلائل (3/ 375)، والخطيب في المبهمات (4/ 247)، والبغوي في الشمائل (218)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (4/ 531/ 3825)، وعلق البخاري طرفًا منه بصيغة الجزم (4136 م).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (2/ 249): "وهذا حديث صحيح إن شاء الله".

* ورواه معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن سليمان اليشكري؛ أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة في الخوف، أين أُنزل؟ وأين هو؟ فقال: خرجنا نتلقى عِيرًا لقريش أتت من الشام حتى إذا كنا بنخلٍ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه موضوع، فقال: أنت محمد؟ قال: "نعم"، قال: أما تخافني؟ قال: "لا"، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: "الله صلى الله عليه وسلم منعني منك"، قال: فسل سيفه، وتهدده القوم وأوعدوه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وبأخذ السلاح، ثم نادى بالصلاة، فصلت طائفة خلفه، وطائفة تحرس مقبلين على العدو، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائفة التي معه ركعتين، وأقبلت الطائفة الأخرى فقامت في مصاف الذين صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرست الطائفة الذين صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم مقبلون على العدو، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، ولأصحابه ركعتين، [ففي يومئذ أنزل الله عز وجل إقصار الصلاة، وأمر المؤمنين بأخذ السلاح].

ص: 297

أخرجه ابن حبان (7/ 136/ 2882)، وابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 414)، وفي تهذيب الآثار (1/ 264/ 438 - مسند عمر)، وفي التاريخ (2/ 86)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 317)، وفي أحكام القرآن (361).

* فإن قيل: لم يسمع أبو بشر جعفر بن أبي وحشية ولا قتادة من سليمان بن قيس اليشكري، إنما هو كتاب؟

فقد روى أبو عوانة عن أبي بشر حديثًا بهذا الإسناد، ثم قال:"فحُدِّثت أن أبا بشر قال: كان في كتاب سليمان بن قيس"[مسند أحمد (3/ 332)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 436/ 5856)].

وروى عبد الرزاق، عن معمر، قال: قال قتادة لسعيد [بن أبي عروبة]: يا أبا النضر! خذ المصحف، قال: فعرض عليه سورة البقرة، فلم يخطئ فيها حرفًا واحدًا، قال: فقال: يا أبا النضر، أحكمتُ؟ قال: نعم، قال: لأنا لصحيفة جابر بن عبد الله أحفظ مني لسورة البقرة، قال: وكانت قرئت عليه. يعني: الصحيفة التي يرويها سليمان اليشكري عن جابر.

أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 278 - 279)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1019)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 334)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 186)، وابن سعد في الطبقات (7/ 229).

وقال عفان بن مسلم: "قال لي همام بن يحيى: قدمت أمُّ سليمان اليشكري بكتاب سليمان، فقرئ على ثابت، وقتادة، وأبي بشر، والحسن، ومطرف، فرووها كلها، وأما ثابت فروى منها حديثًا واحدًا"[الكفاية للخطيب (354)].

وقال علي بن المديني: سمعت يحيى [بن سعيد]، يقول: قال [سليمان] التيمي: "ذهبوا بصحيفة جابر [بن عبد الله] إلى الحسن [البصري] فرواها، و [ذهبوا بها] إلى قتادة فرواها، وأتوني بها فلم أروها"، قلت ليحيى: سمعته من التيمي؟ فقال برأسه، أي: نعم.

أخرجه الترمذي في الجامع (1312)(1358 - ط. التأصيل). وأبو إسحاق الجوزجاني في أحوال الرجال (352)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1312)، والحاكم في المعرفة (110)، والخطيب في الكفاية (354).

وقال عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 487/ 3207): "سمعت أبى يقول: سليمان اليشكري شيخ قديم، قتل في فتنة ابن الزبير، قيل له: من روى عنه؟ قال: قتادة، وما سمع منه شيئًا، وأبو بشر روى عنه أحاديث، وما أرى سمع منه شيئًا، ثم قال: قدموا بصحيفة سليمان اليشكري البصرة فحفظها قتادة، فقيل له: سمع منه عمرو بن دينار؟ قال: لعل عَمرًا أدركه، قال أبي: وقد حدث عنه الجعد أبو عثمان، فقلت له: سمع منه؟ قال: يقول الجعد: حدَّث سليمان، حدَّث سليمان، فلا أدري، يعني: سمع منه أم لا".

وقال أحمد أيضًا: "سليمان اليشكري مات في فتنة ابن الزبير"، قال أبو داود:"قلت لأحمد: كان من أهل مكة؟ قال: كان يكون بمكة"[سؤالات أبي داود (15)].

ص: 298

وقال ابن معين: "قتادة لم يسمع من سليمان اليشكري، ولم يسمع منه عمرو بن دينار، وذاك أنه قتل في فتنة ابن الزبير"[تاريخ الدوري (4/ 149/ 3639) و (4/ 100/ 3354)].

وقال ابن أبي شيبة في سؤالاته لابن المديني (238): "وسمعت عليًا يقول: لم يسمع قتاده من سليمان اليشكري شيئًا، وما روى عنه من صحيفة قرأها عليه مَن سمعها مِن سليمان اليشكري".

وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 31)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 188/ 880 و 881):"وروى أبو بشر وقتادة والجعد أبو عثمان عن كتاب سليمان، ومات سليمان قبل جابر بن عبد الله".

وقال البخاري أيضًا [كما في علل الترمذي الكبير (550)]:" قتادة لم يسمع من سليمان اليشكري، سليمان مات قبل جابر بن عبد الله، روى عنه أبو بشر وقتادة وغير واحد، وما لأحد من هؤلاء سماع من سليمان اليشكري؛ إلا أن يكون عمرو بن دينار، فلعله سمع منه، وهو سليمان بن قيس اليشكري".

وقال الترمذي في الجامع (1312)(1358 - ط. التأصيل) بعد حديث من رواية قتادة عن سليمان اليشكري: "هذا حديث إسناده ليس بمتصل، سمعت محمدًا يقول: سليمان اليشكري يقال: إنه مات في حياة جابر بن عبد الله، قال: ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر، قال محمد: ولا نعرف لأحد منهم سماعًا من سليمان اليشكري؛ إلا أن يكون عمرو بن دينار، فلعله سمع منه في حياة جابر بن عبد الله، وإنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله".

وقال أبو إسحاق الجوزجاني في أحوال الرجال (352): "وقد أُتي بكتاب سليمان بن قيس اليشكري صحيفة إلى البصرة، أخذها قوم من الأئمة في الحديث مثل قتادة، فرووها".

وقال أبو حاتم الرازي: "جالس سليمان اليشكري جابرًا، فسمع منه، وكتب عنه صحيفة، فتوفي، وبقيت الصحيفة عند امرأته، فروى أبو الزبير، وأبو سفيان، والشعبي، عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر، وأكثره من الصحيفة، وكذلك قتادة"[الجرح والتعديل (4/ 136)].

وقال يعقوب بن سفيان: "وقتادة: لم يسمع من مجاهد، ولا من سعيد بن جبير، ولا من أبي قلابة، ولا من الشعبي، ولا من إبراهيم النخعي، ولا من سليمان اليشكري؛ إنما حديث سليمان اليشكري صحيفة، كان كتب عن جابر، وتوفي قديمًا، وبقيت الصحيفة عند أمه في أهل البصرة"[المعرفة والتاريخ (3/ 28)].

وانظر أيضًا: مسائل إسحاق الكوسج (3426)، التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم للقاضي أبي عبد الله المقدمي (549)، التوحيد لابن خزيمة (2/ 856)، الثقات لابن حبان

ص: 299

(4/ 309)، الفتح لابن رجب (6/ 33)، جامع التحصيل (255)، تحفة التحصيل (264).

* فيقال: إنما هي وجادة صحيحة، استشهد بها البخاري، وقد كان الكتاب محفوظًا عند أم سليمان، أو امرأته، ولا مصلحة لها في إفساد الكتاب بالزيادة أو النقصان، بل هناك معنى لطيف، فكأن أم سليمان أشفقت عليه أن أنفق عمره في طلب العلم، ثم لم ينتفع بهذا العلم بعد مماته، لكونه لم ينشر، لذا قامت هي بنشره، لكنها خصت أهل العلم به دون غيرهم، مما يدل على معرفتها وعنايتها بهذا الشأن، رجاء أن ينتفع بهذا العلم، فكيف تفعل هذا ثم تقوم هي بإفساد الكتاب، مع اشتهار الخبر بالوعيد الشديد على من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدًا!

يبقى الكلام عن هذه الصحيفة، ومكانتها؛ فمما يدل على أهمية هذه الصحيفة، وعناية العلماء بها؛ أن قام بروايتها عدد من حفاظ الحديث في زمانهم، مثل: ثابت البناني، وقتادة، وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية، والحسن البصري، وأبي عثمان الجعد بن دينار اليشكري، ومع هذا فلا تسلم الرواية من الكتاب من بعض الوهم والخطأ، ويُعرف وقوع ذلك بالقرائن، فإن الوجادة قد يدخلها شيء من الوهم بالتصحيف وغيره، وروايتنا هذه قد توبع عليها سليمان اليشكري، تابعه أبو سلمة بن عبد الرحمن، كما في الصحيحين، وقد سبق تقرير ذلك مرارًا، والله أعلم.

* قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 125):" وقد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديمًا وحديثًا، وأجمع الصحابة علي العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي، فيعمل بها من تصل إليه، ولا يقول: هذا كتاب، وكذلك خلفاؤه بعده، والناس إلى اليوم، فَرَدُّ السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل، والحفظ يخون، والكتاب لا يخون".

وقال بعد ذلك بصفحتين (2/ 127) في صحيفة سليمان بن قيس اليشكري: "وغاية هذا أن يكون كتابًا، والأخذ عن الكتب حجة".

والحاصل: فإن حديث سليمان بن قيس عن جابر: حديث صحيح، ورواية أبي بشر عندي أثبت من رواية قتادة لموافقتها رواية الحسن عن جابر في كونها في غزوة محارب خصفة، وهي نفسها غزوة ذات الرقاع كما في رواية أبي سلمة عن جابر، وقد وقع وهم في رواية قتادة من وجهين:

الأول: أن سليمان اليشكري سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة في الخوف، أين أُنزل؟ وأين هو؟ فقال: خرجنا نتلقى عِيرًا لقريش أتت من الشام حتى إذا كنا بنخلٍ،

فذكر الحديث، ثم قال في آخره: ففي يومئذ أنزل الله عز وجل إقصار الصلاة، وأمر المؤمنين بأخذ السلاح، ومعلوم أن ذلك إنما كان بعسفان [راجع حديث أبي عياش الزرقي برقم (1236)].

ص: 300

والثاني: قوله: خرجنا نتلقى عِيرًا لقريش أتت من الشام حتى إذا كنا بنخلٍ، بينما بقية الروايات تذكر أن هذه الواقعة إنما كانت في غزوة ذات الرقاع، وهي نفسها غزوة محارب خصفة، كما قال البخاري في الصحيح (4125):"باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان، فنزل نخلًا، وهي بعد خيبر؛ لأن أبا موسى جاء بعد خيبر"، والله أعلم.

* فإن قيل: صفة صلاة الخوف في حديث أبي سلمة وسليمان اليشكري عن جابر، تخالف الصفة التي جاءت في حديث الحسن عن جابر، والحسن عن أبي بكرة:

فيقال: بل يمكن حمل حديث أبي سلمة وسليمان اليشكري عن جابر، على حديث الحسن عن جابر، والحسن عن أبي بكرة، وذلك بكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعتين، يسلم مع كل طائفة، وتكون الأولى هي الفريضة، والثانية نفلًا في حقه صلى الله عليه وسلم، وبذا يزول الإشكال، ولا مخالفة حينئذ بين هذه الأحاديث.

كذلك يقال: كيف يصلي بهم النبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات بسلام واحد، ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم صلاةً رباعيةً في سفر، فمن باب أولى القصر في الخوف، مع العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ الخوف في حضر قط.

والمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في جميع هيئات صلاة الخوف أنه صلى بهم ركعتين، لم يزد على ذلك، وما روي بأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر مرة بعسفان أربعًا فلا يثبت.

ويؤيد ذلك أن أبا داود قد حمل حديث جابر على حديث أبي بكرة في السلام من كل ركعتين، حيث بدأ بحديث أبي بكرة، ثم أتبعه بقوله: "وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك قال سليمان اليشكري، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه يقول بأن حديث جابر بطريقيه إنما هو في السلام من كل ركعتين مثل حديث أبي بكرة، والله أعلم.

* قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 405): "ولا معنى لقول من قال: إن حديث أبي بكرة وحديث جابر كان في الحضر؛ لأن فيه سلامه في كل ركعتين منها،

، وهما ثابتان من جهة النقل عند أهل العلم به، وغير محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الخوف في الحضر، ومعلوم أن صلاة الخوف إنما وضعت على أخف ما يمكن وأحوطه للمسلمين، وهذا من أحوط وجوه صلاة الخوف".

* قلت: وأما خبر وهب بن كيسان عن جابر فليس هو في صلاة الخوف، إنما هو في قصة الجمل:

فقد روى إبراهيم بن سعد، وزياد بن عبد الله البكائي، ويونس بن بكير [وهم من ثقات أصحاب ابن إسحاق، وأثبتهم فيه: إبراهيم بن سعد]:

عن محمد بن إسحاق: حدثني وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة ذات الرقاع [من نخلٍ]، مرتحلًا على جمل لي ضعيف،

ص: 301

فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعلت الرفاق تمضي،

فذكر قصة الجمل في سياق طويل، وليس فيه ذكر صلاة الخوف.

أخرجه أحمد (3/ 375)، وابن هشام في السيرة (4/ 159 - 160)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 8/ 149)، والبيهقي في الدلائل (3/ 382).

وانظر: ما علقه البخاري في الصحيح بصيغة الجزم (2718 و 4127)، والفتح لابن حجر (5/ 320) و (7/ 420).

• قال البخاري في الصحيح (4125): "باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان، فنزل نخلًا، وهي بعد خيبر؛ لأن أبا موسى جاء بعد خيبر".

قال ابن إسحاق: "ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع، وبعض جمادى، ثم غزا نجدًا يريد بني محارب وبنى ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلًا وهي غزوة ذات الرقاع، وفي هذه الغزوة اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جابر بن عبد الله الأنصاري بعيره"[أخرجه ابن هشام في السيرة النبوية (4/ 157)، وابن جرير الطبري في التاريخ (2/ 85)، والبيهقي في الدلائل (3/ 370)، وعلقه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 8/ 1492)].

فوافقه في كون غزوة ذات الرقاع هي نفسها غزوة محارب خصفة، وخالفه في كونها كانت في السُّنَّة الثالثة.

وقد قرر ابن حجر في الفتح (7/ 423): "أن صلاة الخوف بعُسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وأن جابرًا روى القصتين معًا؛ فأما رواية أبي الزبير عنه: ففي قصة عسفان، وأما رواية أبي سلمة ووهب بن كيسان [لعله أراد: سليمان بن قيس اليشكري] وأبي موسى المصري عنه: ففي غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب وثعلبة، وإذا تقرر أن أول ما صُلِّيت صلاة الخوف في عسفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة، وقد صُلِّيت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي بعد عسفان، فتعيَّن تأخُّرُها عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضًا، فيقوى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية،

".

وقد سبقه إلى هذا التقرير: ابن القيم في زاد المعاد (3/ 252)، حيث قال:"ولا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وقد صح عنه أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع، فعُلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان"، ثم قال بعد أن استشهد بحديث أبي هريرة:"وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهِم وهمًا ظاهرًا".

• وقد أعرضت عن ذكر المراسيل والمقاطيع في الباب، وهي كثيرة، راجعها في مظانها من مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وغيرهما.

ص: 302

• وفي ختام أحاديث صفة صلاة الخوف [عدا الصلاة في شدة الخوف رجالًا أو ركبانًا]، نذكر أقوال بعض الأئمة بإباحة الأخذ بما يناسب الحال مع العدو، على حسب اختلاف أحوال الخوف، مما صح من أحاديث صلاة الخوف:

قال ابن عبد البر في التمهيد (15/ 268): "خيَّر الثوري في صلاة الخوف على ثلاثة أوجه: أحدها: حديث ابن مسعود الذي ذهب إليه أبو حنيفة، والثاني: حديث أبي عياش الرزقي، وإليه ذهب ابن أبي ليلى جملة، وذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه إذا كان العدو في القبلة، والثالث: الوجه الذي بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة بذي قرد"، يعني: ركعة واحدة.

وقال الأثرم: "قلت لأحمد بن حنبل: صلاة الخوف يقول فيها بالأحاديث كلها، كل حديث في موضعه، أم يختار واحدًا منها؟ فقال: أنا أقول: من ذهب إلى واحد منها، أو ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل بن أبي حثمة فأنا أختاره؛ لأنه أنكأ للعدو، قلت له: حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله مستقبلي القبلة كان العدو أو مستدبريها؟ قال: نعم، هو أنكأ فيهم؛ لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون، ويصلي بطائفة أخرى ثم يذهبون"[التمهيد (15/ 264)].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (15/ 268): "وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم أنه روي في صلاة الخوف إلا حديث ثابت، هي كلها ثابتة، فعلى أي حديث صلى المصلي صلاة الخوف أجزأه إن شاء الله".

وقال أحمد أيضًا [كما في مسائل إسحاق الكوسج (358)]: "صلاة الخوف كلها جائزة، ولا أعلم فيها إلا إسنادًا جيدًا".

قلتُ [القائل هو إسحاق الكوسج]: "فالذي يقول: إنه إنما صلى مرةً واحدةً، قال: وما علْمُ من يقول هذا؟ قال: وأختار قول سهل بن أبي حثمة.

قال إسحاق [يعني: ابن راهويه]: كما قال في كلها [يعني: كما قال أحمد]، إنها على أوجه خمسة أو أكثر، فأيتها أخذتَ بها أجزأك، وقول سهل بن أبي حثمة يجزئ، ولسنا نختاره على غيره من الوجوه".

ونقل الترمذي (564) عن أحمد قوله: "قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على أوجه، وما أعلم في هذا الباب إلا حديثًا صحيحًا، وأختار حديث سهل بن أبي حثمة".

وقال أيضًا في رواية حرب: "كل حديث روي في صلاة الخوف: فهو صحيح الإسناد، وكلَّ ما فعلتَ منه فهو جائز"[الفتح لابن رجب (6/ 11 و 27)].

وقال في رواية علي بن سعيد في صلاة الخوف: "قد روي ركعة وركعتان، ابن عباس يقول: ركعة ركعة، إلا أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان وللقوم ركعة، وما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحاح"[الفتح لابن رجب (6/ 27)، وانظر أيضًا: شرح ابن بطال على البخاري (535/ 2)].

ص: 303

وقال الشافعي في الرسالة (117 - ط. الوفاء): "فقال: فهل للحديث الذي تركتَ وجهٌ غيرَ ما وصفتَ؟ قلتُ: نعم؛ يحتمل أن يكون لما جاز أن يصلي صلاة الخوف على خلاف الصلاة في غير الخوف؛ جاز لهم أن يصلوها كيف ما تيسر لهم، وبقدر حالاتهم وحالات العدو، وإذا أكملوا العدد فاختلفت صلاتهم، وكلها مجزئة عنهم"[المعرفة (3/ 10)].

وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (7/ 444): "فإنا نرى أن من صلاها من الأئمة فوافقت صلاته بعض الوجوه التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاها، فصلاته مجزئة عنه تامة لصحة الأخبار بكل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه من الأمور التي علَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمتَه ثم أباح لهم العمل بأي ذلك شاؤوا".

وقال ابن حبان: "هذه الأخبار ليس بينها تضاد ولا تهاتر، ولكن المصطفى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف مرارًا في أحوال مختلفة بأنواع متباينة على حسب ما ذكرناها، أراد صلى الله عليه وسلم به تعليم أمته صلاة الخوف، أنه مباح لهم أن يصلوا أي نوع من الأنواع التسعة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف على حسب الحاجة إليها، والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع التي ذكرناها، إذ هي من اختلاف المباح من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر".

وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3/ 242): "واختلاف هذه الآثار تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى هذه الصلوات على اختلافها على حسب ورود الروايات بها، وعلى ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم احتياطًا في الوقت من كيد العدو، وما هو أقرب إلى الحذر والتحرز، على ما أمر الله تعالى به من أخذ الحذر في قوله: {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء: 102] ".

وقال الخطابي في المعالم (1/ 269): "صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة، يتوخَّى في كل ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة، وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني".

وقال ابن حزم في المحلى (5/ 41) في معرض الرد على بعض المخالفين: "

أحاديث الكوافِّ من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: إنهم شهدوا صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات: مرة بذي قرد، ومرة بذات الرقاع، ومرة بنجد، ومرة بين ضجنان وعسفان، ومرة بأرض جهينة، ومرة بنخل، ومرة بعسفان، ومرة يوم محارب وثعلبة، ومرة إما بالطائف وإما بتبوك [بعض الغزوات المذكورة سميت بأسماء متعددة، وهي واحدة].

وقد يمكن أن يصليها في يوم مرتين للظهر والعصر، وروى ذلك عن الصحابة أكابر التابعين والثقات الأثبات".

وقال البيهقي في الدلائل (3/ 368): "واختلاف الروايات في كيفية صلاة الخوف بها، لاختلاف الأحوال به في صلاته، والله أعلم كيف كان ذلك، والمقصود معرفة كيفية صلواته".

ص: 304

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 45): "وقد أجاز الإمام أحمد وإسحاق وأبو خيثمة وابن أبي شيبة وابن جرير وجماعة من الشافعية صلاةَ الخوف على كل وجه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن رجحوا بعض الوجوه على بعض".

وقال ابن حجر في الفتح (7/ 424): "وقال السهيلي: اختلف العلماء في الترجيح، فقالت طائفة: يُعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن، وقالت طائفة: يجتهد في طلب الأخير منها فإنه الناسخ لما قبله، وقالت طائفة: يؤخذ بأصحها نقلًا وأعلاها رواةً، وقالت طائفة: يؤخذ بجميعها على حسب اختلاف أحوال الخوف، فإذا اشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة، والله أعلم".

• قلت: يلاحظ في صلاة الخوف أنها صلاة خاصة يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها، مما دل الدليل على استثنائه من أحكام الصلاة، مثل جواز استدبار القبلة، وجواز قطع الصلاة بما ليس منها، وجواز عدم الموالاة بين ركعاتها، وعدم متابعة الإمام في بعض الأركان، أو الركعات، وجواز التقدم والتأخر فيها، وغير ذلك؛ لكن يبقى من أحكام الصلاة - مما لم يدل الدليل على استثنائه - داخلًا في عموم أحكام الصلاة، مثل أحكام السهو:

• وأما ما رواه بقية بن الوليد: ثنا عبد الحميد بن السري الغنوي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس في صلاة الخوف سهو".

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (139)، وخيثمة الأطرابلسي في حديثه (70)، والدارقطني (2/ 58)، والذهبي في السير (12/ 586)، وفي الميزان (2/ 541).

قال أبو حاتم في عبد الحميد: "هو مجهول، روى عن عبيد الله بن عمر حديثًا موضوعًا"[الجرح والتعديل (6/ 14)].

وقال الدارقطني: "تفرد به عبد الحميد بن السري، وهو ضعيف".

وقال ابن عدي في الكامل (5/ 323)(8/ 413 - ط. الرشد): "وعبد الحميد بن السري هو: من المجهولين، الذين يحدث عنهم بقية، وهذا الحديث رواه عنه بقية

" فذكره ثم قال: "ولا أعرف لعبد الحميد هذا غير هذا الحديث".

وقال الذهبي في السير: "ليس بمعتمد"، وقال في الميزان:"من المجاهيل، والخبر منكر"، وقال في المغني (2/ 527):"لا يُعرف، وحديثه كذب".

وضعف إسناده عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 42)، وابن الملقن في التوضيح (8/ 20)، وابن حجر في البلوغ (484)، وغيرهم.

قلت: هو حديث موضوع؛ آفته عبد الحميد بن السري الغنوي: أحد شيوخ بقية المجهولين، ضعفه الدارقطني، وقال الذهبي:"متروك"، قلت: وقد تفرد به بإسناد من أصح الأسانيد على شرط الشيخين! فنأى له ذلك! [الكامل (5/ 323)، اللسان (4/ 23) و (5/ 71)].

ص: 305

* وروي من حديث ابن مسعود، وهو حديث باطل:

رواه أبو داود السجستاني [ثقة حافظ، إمام مصنف]، وشيخ لأبي يعلى [لم يتبين اسمه من المخطوط]:

قالا [واللفظ لأبي يعلى]: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، قال: حدثنا الوليد بن صالح، عن الوليد بن مسلم، عن شريك بن عبد الله، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة [ووقع في رواية أبي داود: عن الأسود، بدل: علقمة]، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس في صلاة الخوف سهو".

أخرجه أبو يعلى في المعجم (58)، والآجري في سؤالاته لأبي داود (1556).

قال الآجري (1556): "قلت لأبي داود: رأيتُ في كتاب رجل: عن الوليد بن مسلم، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في صلا الخوف سهو".

قال: هذا باطل؛ ما جاء به إلا الوليد.

حدثنا أبو توبة، عن الوليد بن صالح، عن الوليد بن مسلم".

• خالفهما فأسقط من إسناده الوليد بن صالح:

أحمد بن أبي الحواري [ثقة]: حدثنا أبو توبة: حدثنا الوليد بن مسلم، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

، فذكره.

أخرجه أبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (236)(2123 - المخلصيات).

ورواية أبي توبة عن الوليد بن مسلم عند أبي داود في السنن، وقد صرح هنا بالسماع، وهو محتمل لأن يكون أخذه أبو توبة أولًا من قرينه الوليد بن صالح، ثم سمعه بعدُ من الوليد بن مسلم، والله أعلم.

• وخالف الجميع: محمد بن عبدة المصيصي [شيخ مكثر عن أبي توبة الربيع بن نافع وغيره، روى عنه جماعة، منهم: أبو القاسم الطبراني وأبو أحمد ابن عدي. تاريخ دمشق (54/ 165)، تاريخ الإسلام (21/ 274)]: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا الوليد بن الفضل، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

، فذكره.

أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 72/ 9986).

هكذا جعل شيخ أبي توبة: الوليد بن الفضل العنزي، وقد ضعفوه، واتُّهم، وقال جماعة: يروي الموضوعات [اللسان (8/ 389)].

فإن كان هو: فالحديث موضوع، وإن كان الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو: ثقة، وعنه: الوليد بن صالح الجزري نزيل بغداد، وهو: ثقة أيضًا، فالوليد بن مسلم: غير معروف بالرواية عن شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، ولم يروه عن الوليد أحد من أهل

ص: 306