الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والطبراني في الكبير (14/ 299/ 14934)، والبيهقي في الدلائل (4/ 40 و 41)، والضياء في المختارة (9/ 31/ 15).
وقصة بعث عبد الله بن أنيس سرية وحده لقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي أمر مستفيض عند أهل المغازي والسير، يتناقله العلماء بلا نكير، وهو ثابت بمجموع الأسانيد، وإن كان في كل منها مقال؛ لكنها مما يقوي بعضها بعضًا في إثبات الواقعة، في الجملة، مع التوقف عن إثبات بعض ما وقع فيها، مثل مسألة حز الرؤوس، أو أنه جاء برأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن أسانيدها معضلة، أو شديدة الضعف [انظر: تاريخ المدينة لابن شبة (2/ 468)، المغازي للواقدي (2/ 531)]، والله أعلم.
•
ومما روي في الصلاة على الدواب:
ما رواه ابن المبارك، والوليد بن مسلم:
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثه عن مكحول؛ أن شرحبيل بن حسنة أغار على شماسة، وذلك في وجه الصبح، قال: صلوا على ظهر دوابكم، فمر برجل قائم يصلي بالأرض، قال: ما هذا يخالف؟ خالف الله به! فإذا هو الأشتر [قال ابن عساكر: وكان الأشتر ممن سعى في الفتنة، وألَّب على عثمان وشهد حصره].
أخرجه ابن المبارك في الجهاد (255)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 380).
وهذا إسناد منقطع، مكحول لم يسمع من شرحبيل بن حسنة، يُدخل بينهما رجلٌ، وبقية رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض [انظر: التاريخ الكبير (5/ 365)، الأم (7/ 334)، تحفة التحصيل (314)].
• وقد روي نحو هذا من وجوه متعددة، منها ما هو مرسل، ومنها ما ضعفه ظاهر، وبعضها في قصة الأشتر النخعي، فمنهم من جعلها مقطوعة على ثابت بن السمط، ومنهم من جعلها مقطوعة على شرحبيل بن السمط.
أخرجها ابن المبارك في الجهاد (246 و 247)، وابن أبي شيبة (13/ 22/ 8270)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام وأهله (3/ 112/ 460) و (3/ 113/ 461)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 86).
° بوب لها البخاري بقوله: "باب صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً، ثم ذكر قول الأوزاعي لما ذُكر له صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر الدابة، فقال: "كذلك الأمر عندنا إذا تخوَّف الفوت، ولم يسند فيه إلا حديث ابن عمر [البخاري (946 و 4119)، مسلم (1770)] مرفوعًا: "لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ العصر إلا في بني قريظة".
رواه جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: "لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ العصر إلا في بني قريظة"، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يُرِد منا ذلك، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدًا منهم.
• فائدة تتعلق بحديث ابن عمر:
قال ابن رجب في الفتح (6/ 62): "والاستدلال بهذا الحديث على تأخير الصلاة للاشتغال بالحرب؛ استدلال ضعيف، وكذلك الاستدلال به على تأخير الصلاة لطالب العدو؛ فإن يوم ذهابهم إلى بني قريظة لم تكن هناك حرب تُشغِل عن صلاةٍ، ولا كانوا يخافون فوات العصر ببني قريظة بالاشتغال بالصلاة بالكلية، وإنما وقع التنازع بين الصحابة في صلاة العصر في الطريق، التفاتًا إلى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى معنى كلامه ومراده ومقصوده:
فمنهم من تمسك بظاهر اللفظ، ورأى أنه لا ينبغي أن يصلي العصر إلا في بني قريظة؛ وإن فات وقتها، وتكون هذه الصلاةُ مخصوصة من عموم أحاديث المواقيت بخصوص هذا النص، وهو النهي عن الصلاة إلا في بني قريظة.
ومنهم من نظر إلى المعنى، وقال: لم يرِد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما أراد منا تعجيل الذهاب إلى بني قريظة في بقية النهار، ولم يرِد تأخير الصلاة عن وقتها، ولا غيَّر وقتَ صلاة العصر في هذا اليوم، بل هو باقٍ على ما كان عليه في سائر الأيام.
وهذا هو الأظهر، والله أعلم.
ولا دلالة في ذلك على أن كل مجتهدٍ مصيبٌ، بل فيه دلالة على أن المجتهد سواء أصاب أو أخطأ فإنه غير ملوم على اجتهاده، بل إن أصاب كان له أجران، وإن أخطأ فخطؤه موضوع عنه، وله أجر على اجتهاده.
ومن استدل بالحديث على أن تارك الصلاة عمدًا يقضي بعد الوقت فقد وهم؛ فإن من أخَّر الصلاة في ذلك كان باجتهاد سائغ، فهو في معنى النائم والناسي، وأولى؛ فإن التأخير بالتأويل السائغ أولى بأن يكون صاحبه معذورًا".
• قال ابن المنذر (5/ 42): "كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: إن المطلوب يصلي على دابته، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور".
• وأما عددها: فذهب ابن عمر وإبراهيم النخعي والزهري والثوري والشافعي ومالك إلى أنه يومئ بركعتين [راجع قول ابن عمر تحت الحديث رقم (1243)، ومنها مثلًا: ما رواه عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: إذا أظلتهم الأعداء فقد حلَّ لهم أن يصلوا قِبَل أي جهة كانوا رجالًا أو ركبانًا، ركعتين يومون إيماءً، ذكره الزهري عن سالم عن ابن عمر، هكذا موقوفًا عليه قوله، وصح مرفوعًا، فيما أخرجه البخاري (943) من طريق: موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن كانوا أكثر من ذلك، فليصلوا قيامًا وركبانًا"، وله طرق أخرى ذكرتها هناك].
وذهب الحسن البصري وقتادة وطاووس ومجاهد وعطاء والحكم وحماد بن أبي سليمان إلى أنه يومئ بركعة، أينما كان وجهه، ماشيًا كان أو راكبًا [الجهاد لابن المبارك
(248 - 251 و 256)، مصنف عبد الرزاق (2/ 4259/514 - 4262) و (2/ 515/ 4265 و 4266)، سنن سعيد بن منصور (2/ 241/ 2514)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 212 و 213/ 8261 - 8270)، جامع البيان لابن جرير الطبري (4/ 388 - 390)، الأوسط لابن المنذر (5/ 28)].
والصحيح أنه لابد فيها من القراءة، كما قال أحمد وغيره [نظر: مسائل الكوسج (374)، الأوسط (5/ 46)].
° قال البخاري: "باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو.
وقال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماءً كل امرئ لنفسه، فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال أو يأمنوا، فيصلوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا لا يجزئهم التكبير، ويؤخروها حتى يأمنوا، وبه قال مكحول.
وقال أنس بن مالك: حضرت عند مناهضة حصن تُستَر عند إضاءة الفجر، واشتد اشتعال القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار، فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا، وقال أنس بن مالك: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها".
قلت: أثر أنس؛ رواه همام بن يحيى، وسعيد بن أبي عروبة [وعنه: يزيد بن زريع؛ ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن أبي عروبة، وممن روى عنه قبل الاختلاط]:
عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: شهدت فتح تستر مع أبي موسى الأشعري، فلم يصل صلاة الصبح حتى انتصف النهار، قال أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها. لفظ همام. قال خليفة: وذلك سنة عشرين.
أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 7/ 33822)، وخليفة بن خياط في تاريخه (146)، [وانظر: الفتح لابن رجب (6/ 55 - 56)، التوضيح (8/ 35)، تغليق التعليق (2/ 372)].
قلت: هو موقوف بإسناد صحيح، وكان ذلك في عهد عمر، مع توافر الصحابة، وشهودهم تلك الواقعة، فلم ينقل أن أحدًا من الصحابة أنكر ذلك، ولا أن عمر أنكره.
• ثم احتج البخاري بحديث جابر:
الذي رواه هشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، وشيبان بن عبد الرحمن:
عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء عمر [بن الخطاب] يوم الخندق [بعدما غربت الشمس][وفي رواية: وذلك بعدما أفطر الصائم]، فجعل يسبُ كفار قريش، ويقول: يا رسول الله! ما صليت العصر حتى كادت الشمس أن تغيب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"وأنا والله ما صليتها بعدُ" قال: فنزل إلى بُطحان، فتوضأ وصلى العصر بعد ما غابت الشمس، ثم صلى المغرب بعدها.
أخرجه البخاري (596 و 598 و 641 و 945 و 4112)، ومسلم (631)، وأبو عوانة (1/ 298/ 1051 - 1053)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 229/ 1405) و (2/
230/ 1406)، والترمذي (180)، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (3/ 84/ 1366)، وفي الكبرى (2/ 109/ 1291)، وابن خزيمة (2/ 98/ 995)، وابن حبان (7/ 146/ 2889)، وابن أبي شيبة (1/ 413/ 4755)، وأبو بكر الباغندي في ستة مجالس من أماليه (81)، وأبو العباس السراج في مسنده (548 - 550 و 1594 - 1596)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (49)(664 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الإمامة (27)، وابن بشران في الأمالي (1263)، والبيهقي في السنن (2/ 219)، وفي الدلائل (3/ 444)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 133)، والخطيب في الموضح (2/ 530)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 243/ 396)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". والجوزقاني في الأباطيل (1/ 310/ 157)، وقال:"هذا حديث صحيح، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيحين".
• وفي معناه أيضًا: ما رواه هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الخندق:"ملأ الله عليهم بيوتهم نارًا، كما شغلونا عن صلاة الوسطى، حتى غابت الشمس"[وهي صلاة العصر].
أخرجه البخاري (4111 و 6396)، ومسلم (627)، وقد تقدم تخريجه بطرقه وشواهده في فضل الرحيم (5/ 70/ 459).
قال ابن حبان: "ذكر الإباحة للمرء عند اشتداد الخوف أن يؤخر الصلاة إلى أن يفرغ من قتاله".
وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (2/ 541): "وأما الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو: فهى صلاة حال المسايفة والقتال، التي تقدم ذكرها في باب صلاة الخوف رجالًا وركبانًا، وحديث جابر في هذا الباب هو حجة الأوزاعى ومكحول أنه من لم يقدر على الإيماء أخر الصلاة حتى يصليها كاملةً، ولا يجزئ عنهم تسبيح ولا تهليل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخرها يوم الخندق، وإن كان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، فإن فيه من الاستدلال أن الله تعالى لم يعب تأخيره لها لما كان فيه من شغل الحرب، فكذلك الحال التي هي أشد من ذلك، إلا أنه استدلال ضعيف من أجل أن سنة صلاة الخوف لم تكن نزلت قبل ذلك".
وقال ابن رجب في الفتح (6/ 57): "وقال كثير من العلماء: إنه نسخ بصلاة الخوف"[وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 344)].
ومن جعل التأخير يوم الخندق محكمًا غير منسوخ بصلاة الخوف [مثل البخاري وغيره]، فيمكن الجمع بينهما بأنه مخير حال شدة الخوف بين التأخير وبين الصلاة بالإيماء، كما يقوله الإمام أحمد في رواية عنه [الفتح لابن رجب (6/ 58)].
ويشهد له أثر أنس في فتح تستر، أو يقال: من لم يقدر على الإيماء، أخرها حتى يصليها كاملة، والله أعلم.