الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
279 - باب متى يتم المسافر
1229 -
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد، (ح) وحدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا ابن علية -وهذا لفظه-: أخبرنا علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن عمران بن حصين، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثمانيَ عشرةَ ليلةً، لا يصلي إلا ركعتين، ويقول:"يا أهلَ البلد! صلُّوا أربعًا فإنا سَفْرٌ".
حديث ضعيف
* أخرجه من طريق حماد بن سلمة: أحمد (4/ 430)، والطيالسي (2/ 178/ 879) و (2/ 898/189)، وابن سعد في الطبقات (2/ 144)، والدولابي في الكنى (2/ 651/ 1157)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 337/ 2243) و (4/ 365/ 2295)، والطحاوي (1/ 417)، والطبراني في الكبير (18/ 208/ 513)، والبيهقي (3/ 135 و 151 و 153).
رواه عن حماد: موسى بن إسماعيل، وعفان بن مسلم، ويونس بن محمد المؤدب، وروح بن عبادة، وأبو داود الطيالسي، وسليمان بن حرب، وحجاج بن منهال، ومهنا بن عبد الحميد أبو شبل صاحب السابري [وهم ثقات].
قال أحمد: حدثنا عفان: حدثنا حماد بن سلمة: أخبرنا علي بن زيد، عن أبي نضرة، أن فتى سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فعدل إلى مجلس العُوقة، فقال: إن هذا الفتى سألني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فاحفظوا عني: ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا إلا صلى ركعتين ركعتين حتى يرجع، وإنه أقام بمكة زمان الفتح ثمانيَ عشرةَ ليلةً يصلي بالناس ركعتين ركعتين.
وحدثناه يونس بن محمد بهذا الإسناد، وزاد فيه: إلا المغرب، ثم يقول:"يا أهل مكة! قوموا فصلوا ركعتين أخريين؛ فإنا سَفْر"، ثم غزا حنينًا والطائف فصلى ركعتين ركعتين، ثم رجع إلى جِعرانة فاعتمر منها في ذي القعدة.
ثم غزوت مع أبي بكر وحججت واعتمرت، فصلى ركعتين ركعتين، ومع عمر فصلى ركعتين ركعتين، قال يونس: إلا المغرب، ومع عثمان صدرًا من إمارته فصلى ركعتين، قال يونس: إلا المغرب، ثم إن عثمان صلى بعد ذلك أربعًا.
• ورواه الطيالسي مطولًا بنحو رواية عفان؛ إلا أنه قال بعد ذكر حنين والطائف:. . . ثم حججت معه واعتمرت، فصلى ركعتين، ثم قال:"يا أهل مكة! أتموا الصلاة؛ فإنا قومٌ سَفْر"، ثم حججت مع أبي بكر واعتمرت، فصلى ركعتين [ركعتين]، ثم قال: يا أهل مكة! أتموا؛ فإنا قومٌ سَفْر، ثم حججت مع عمر واعتمرت، فصلى ركعتين
[ركعتين]، ثم قال:[يا أهل مكة] أتموا الصلاة؛ فإنا قومٌ سَفْر، ثم حججت مع عثمان واعتمرت، فصلى ركعتين ركعتين، ثم إن عثمان أتمَّ [وما بين المعكوفين للبيهقي من طريق يونس بن حبيب عن الطيالسي به].
فجعل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة: "يا أهل مكة! أتموا الصلاة؛ فإنا قومٌ سَفْر"، جعله الطيالسي في الحج والعمرة، وعامة من روى الحديث من ثقات أصحاب حماد بن سلمة، أو عن علي بن زيد؛ إنما جعله عام الفتح، ولم يذكروا هذا القول لأبي بكر وعمر، فشذ بذلك الطيالسي، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما ما ذكره من قوله: "يا أهل مكة! أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر": فهذا مما قاله بمكة عام الفتح، لم يقله في حجته، وإنما هذا غلط وقع في هذه الرواية" [المجموع (24/ 158) و (26/ 130)، وانظر أيضًا: زاد المعاد لابن القيم (2/ 282)].
• تنبيه: وخالفهم أيضًا: إبراهيم بن حميد الطويل [قال أبو حاتم والعجلي: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يخطئ"، وله أوهام. معرفة الثقات (22)، تاريخ الإسلام (15/ 53)، اللسان (1/ 269)، علل الدارقطني (5/ 76/ 723) و (5/ 264/ 868)]، فرواه عن حماد بن سلمة به؛ إلا أنه قال فيه: وأقام بمكة اثني عشر يومًا، ورواية الجماعة هي الصواب من حديث عمران هذا.
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 208/ 513).
* وأخرجه من طريق ابن علية: ابن خزيمة (3/ 70/ 1643)، وأحمد (4/ 431 و 432)، والشافعي في السنن (12)، وابن سعد في الطبقات (2/ 143)، وابن أبي شيبة (1/ 336/ 3860) و (2/ 205/ 8174) و (2/ 207/ 8195) و (3/ 256/ 13977)، والبزار (9/ 77/ 3608) [ووقع فيه: ثلاث عشرة، وهي رواية منكرة]. وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 84/ 516)، والطبراني في الكبير (18/ 209/ 515)، والبيهقي في السنن (3/ 157)، وفي المعرفة (2/ 417/ 1577)، وفي الدلائل (5/ 105)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 314) و (22/ 307)، وفي الاستذكار (2/ 229 و 250).
رواه أحمد عن ابن علية مرة مختصرًا بنحو لفظ إبراهيم بن موسى [عند أبي داود]، ورواه مرة مطولًا، ولفظه: مرَّ عمران بن حصين بمجلسنا فقام إليه فتى من القوم فسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو والحج والعمرة، فجاء فوقف علينا، فقال: إن هذا سألني عن أمرٍ، فأردت أن تسمعوه -أو كما قال-: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصلِّ إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وحججت معه فلم يصلِّ إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمانيَ عشرةَ لا يصلي إلا ركعتين، ويقول لأهل البلد:"صلوا أربعًا؛ فإنا سَفْر"، واعتمرت معه ثلاثَ عُمَرٍ فلم يصلِّ إلا ركعتين، وحججت مع أبي بكر وعمر حجَّاتٍ فلم يصليا إلا ركعتين حتى رجعا إلى المدينة.
زاد في آخره عند ابن أبي شيبة وغيره: وحججت مع أبي بكر وغزوت فلم يُصلِّ إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وحججت مع عمر حجَّاتٍ فلم يُصلِّ إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وحججت مع عثمان سبع سنين من إمارته لا يصلي إلا ركعتين، ثم صلى بمنى أربعًا.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الفعل إلا عن عمران بن حصين، ولا نعلم له طريقًا عن عمران غير هذا الطريق".
ورواه أيضًا عن علي بن زيد ابن جدعان:
1 -
هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا علي بن زيد ابن جدعان، عن أبي نضرة، قال: سئل عمران بن حصين عن صلاة المسافر، فقال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، وحججت مع أبي بكر فصلى ركعتين، ومع عمر فصلى ركعتين، ومع عثمان ست سنين من خلافته -أو: ثمانِ سنين- فصلى ركعتين.
أخرجه الترمذي (545)(552 - ط. التأصيل)، والطبراني في الكبير (18/ 208/ 514).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"[وكذا نقله عنه الطوسي في مستخرجه عليه (3/ 85)، والزيلعي في نصب الراية (2/ 187)، والنووي في المجموع (4/ 282)][ونقل عنه التحسين فقط: المزي في التحفة (10862)، وابن الملقن في البدر المنير (6/ 222)، وابن حجر في التلخيص (2/ 46)، قالوا جميعًا: "حسن"].
2 -
شعبة بن الحجاج [ثقة حجة، أمير المؤمنين في الحديث]، عن علي بن زيد، قال: سمعت أبا نضرة، قال: مرَّ على مسجدنا عمران بن حصين، فقمت إليه فأخذت بلجامه، فسألته عن الصلاة في السفر، فقال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فكان يصلي ركعتين حتى ذهب، وأبو بكر ركعتين حتى ذهب، وعمر ركعتين حتى ذهب، وعثمان ست سنين أو ثمان، ثم أتم الصلاة بمنى أربعًا.
أخرجه أحمد (4/ 440)، والروياني (110).
3 -
عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، قال: ثنا علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: قام شاب إلى عمران بن حصين، قال: فأخذ بلجام دابته، فسأله عن صلاة السفر، فالتفت إلينا، فقال: إن هذا الفتى يسألني عن أمر، وإني أحببت أن أحدثكموه جميعًا: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزواتٍ، فلم يكن يصلي إلا ركعتين ركعتين حتى يرجع المدينة، أقام بمكة زمن الفتح ثمانيةَ عشرَ ليلةً يصلي ركعتين ركعتين، ثم يقول لأهل مكة:"صلوا أربعًا، فإنا قومٌ سَفْرٌ"، وغزوت مع أبي بكر وحججت معه، فلم يكن يصلي إلا ركعتين حتى يرجع، وحججت مع عمر حجات فلم يكن يصلي إلا ركعتين حتى يرجع، وصلاها عثمان سبع سنين من إمارته ركعتين في الحج حتى يرجع إلى المدينة، ثم صلاها بعدها أربعًا، ثم قال: هل بينت لكم؟ قلنا: نعم.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 70/ 1643)، والطبراني في الكبير (18/ 209/ 516)، والبيهقي (3/ 151).
° والحاصل: فإن هذا الحديث: حديث ضعيف، وعلي بن زيد ابن جدعان: أحد علماء التابعين، ضعيف؛ وكان كثير الحديث واسع الرواية، فلم يوصف بأنه منكر الحديث، ولا حكموا على مجمل حديثه بالنكارة، وإنما وقعت المناكير في بعض حديثه، ولم يُترك، بل لينه كثير من النقاد بقولهم:"ليس بالقوي"، وهي أخف مراتب الجرح، بل هذا قريب من قول أحد المتشددين فيه، وهو أبو حاتم الرازي حيث قال عنه:"ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إليَّ من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريرًا، وكان يتشيع"، وقال الترمذي:"وعلي بن زيد: صدوق؛ إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره"، كذلك فلم يمتنع ابن مهدي من الرواية عنه، وقد روى عنه شعبة والسفيانان والحمادان والكبار، وأما ابن حبان فهو مع تعنته في الجرح ومبالغته في الحطِّ على من له جرحة؛ فإنه لم يزد على أن ختم كلامه فيه بقوله:"فاستحق ترك الاحتجاج به"، يعني: إذا تفرد، وروى له مسلم مقرونًا بثابت البناني في موضع واحد، وقد صحح له الترمذي جملة من حديثه مما توبع عليه، وقال الذهبي:"وكان من أوعية العلم، على تشيُّعٍ قليل فيه، وسوءُ حفظه يغُضُّه من درجة الإتقان"، وقال أيضًا:"صالح الحديث"[صحيح مسلم (1789)، جامع الترمذي (109 و 1146 و 2330 و 2678 و 3148 و 3168 و 3615 و 3902)، الجرح والتعديل (6/ 186)، المجروحين (2/ 103)، الكامل (5/ 195)، الميزان (3/ 127)، السير (5/ 206)، تذكرة الحفاظ (1/ 140)، تاريخ الإسلام (8/ 498)، المغني (2/ 447)، التهذيب (3/ 162)].
وهذا الحديث قد توبع عليه ابن جدعان في مجمله من حديث عدد من الصحابة؛ إلا تحديد مدة مكث النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة بثمانية عشر يومًا، كما أنه انفرد فيه بهذه الزيادة التي لم تأت مرفوعة من غير حديث عمران هذا، وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة بعد انصرافه من صلاته بمكة ركعتين:"صلوا أربعًا، فإنا قومٌ سَفْرٌ"، وإنما تُعرف من قول عمر رضي الله عنه، كما سيأتي بيانه.
فإذا نظرنا إلى ما توبع عليه ابن جدعان في هذا الحديث: فعليه يحمل تصحيح الترمذي وابن خزيمة.
وإذا نظرنا إلى ما انفرد به ولم يتابع عليه؛ من تحديد المدة، وزيادة قول المسافر للمقيمين خلفه، فإنه يضعف بها الحديث، والله أعلم.
لذا قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الفعل إلا عن عمران بن حصين، ولا نعلم له طريقًا عن عمران غير هذا الطريق".
وقال ابن المنذر (4/ 365):"قصر النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثابت من غير هذا الوجه؛ لأن: علي بن زيد يُتكلَّم في حديثه، وقد فعل ذلك عمر بن الخطاب حين قدم مكة، صلى ركعتين فلما سلم قال: يا أهل مكة! إنا قوم سفر؛ فأتموا الصلاة".
وقال الطحاوي: "في هذا الحديث معنى لا يوجد في غيره، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل البلد الذين صلى بهم فيه هذه الصلاة: "صلوا أربعًا؛ فإنا على سفَرٍ"، وهي سنة يتفق أهل العلم عليها، ولم نجدها في غير هذا الحديث، وهذه السُّنَّة مما تفرد به أهل البصرة دون من سواهم"[التمهيد (16/ 307)].
وقال ابن حزم في المحلى (5/ 18): "وهذا لا يصحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلًا، وإنما هو محفوظ عن عمر رضي الله عنه.
* قلت: قد روي من وجه آخر عن أبي نضرة، ولا يثبت:
رواه سويد بن عبد العزيز: ثنا ياسين الزيات، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي نضرة، عن عمران بن حصين، قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أقام بها ثمانِ عشرةَ ليلةً، يصلي بأهل مكة ركعتين إلا المغرب، ثم يقول:"يا أهل مكة! أتموا صلاتكم؛ فإنا قوم سَفْر".
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 209/ 517).
قلت: هذا حديث باطل من حديث يحيى بن أبي كثير، تفرد به عنه: ياسين بن معاذ الزيات، وهو: متروك، منكر الحديث [اللسان (8/ 411)]، والراوي عنه: سويد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو: ضعيف، يروي أحاديث منكرة [انظر: التهذيب (2/ 134)، الميزان (2/ 252)، إكمال مغلطاي (6/ 166)].
وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 87/ 4168).
• وإنما يُعرف هذا عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، موقوفًا عليه [عند البيهقي (3/ 157)]، وسيأتي.
° قلت: وهذه الكلمة: أتموا صلاتكم؛ فإنا قومٌ سَفْر؛ انما ثبتت من فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من وجوه صحاح متعددة، فقد رواه عنه ابنه عبد الله، وجماعة من أصحابه، مثل: مولاه أسلم، والأسود بن يزيد، وعمرو بن ميمون، وهمام بن الحارث، وتابعهم سعيد بن المسيب:
أ - روى مالك، ومعمر بن راشد، وعمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد الأيلي، وصالح بن أبي الأخضر:
عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم؛ فإنا قومٌ سَفْرٌ. لفظ مالك وعمرو بن الحارث.
ولفظ معمر: صلى عمر بأهل مكة الظهر، فسلم في ركعتين، ثم قال: أتموا صلاتكم يا أهل مكة، فإنا قومٌ سَفْرٌ.
وفي رواية يونس: كان عمر بن الخطاب يصلي بأهل مكة ركعتين، ثم يسلم، ثم يقومون فيتمون صلاتهم.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 213/ 404)، وابن خزيمة (4/ 253/ 2813)، وعبد الرزاق (2/ 540/ 4369)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 253/ 414 - مسند عمر)، والطحاوي (1/ 419)، والبيهقي في السنن (3/ 126)، وفي المعرفة (2/ 404/ 1551)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 182/ 1029).
وهذا صحيح موقوف على عمر، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
• ورواه عكرمة بن عمار، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، مثله.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 336/ 3865).
وهذا إسناد صحيح.
ب - ورواه مالك، وسفيان الثوري، ويحيى بن أبي كثير:
عن زيد بن أسلم، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب صلى للناس بمكة ركعتين، فلما انصرف قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم؛ فإنا قومٌ سَفْرٌ، ثم صلى عمر ركعتين بمنى، ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا. لفظ مالك.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 213/ 405) و (1/ 539/ 1198)، وعبد الرزاق (2/ 540/ 4371)، وابن أبي شيبة (1/ 336/ 3861 و 3865)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 251/ 408 - مسند عمر)، والطحاوي (1/ 419)، والبيهقي في السنن (3/ 126 و 157)، وفي المعرفة (2/ 404/ 1552) و (2/ 437/ 1613 و 1614)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 183/ 1030).
وهذا صحيح موقوف على عمر، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ج - ورواه مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب؛ أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف، فقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم؛ فإنا قومٌ سَفْرٌ، ثم صلى عمر بن الخطاب ركعتين بمنى، ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 538/ 1197).
وهذا صحيح موقوف على عمر.
وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب، فأثبته أحمد بن حنبل ونفاه غيره [انظر: الجرح والتعديل (4/ 61)، تاريخ الدوري (2/ 207)، المراسيل (247 و 248 و 249 و 255)]، والصحيح أنه رآه وكان صغيرًا، ابن ثمان سنين، ويحتمل أن يكون حفظ عنه شيئًا يسيرًا، وأما هذا فظاهره الإرسال، ويعتضد بكونه محفوظًا عن عمر من وجوه صحاح متعددة، والله أعلم.
د - ورواه عبيد الله بن عمر العمري [ثقة ثبت]، وأخوه عبد الله بن عمر [ليس بالقوي]:
عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى عمر بأهل مكة الظهر أو العصر، فسلم في ركعتين، ثم قال: أتموا صلاتكم يا أهل مكة؛ فإنا قومٌ سَفْرٌ. ولفظ عبيد الله: أن عمر صلى بأهل مكة ركعتين، ثم قال: أتموا صلاتكم، فإنا قومٌ سَفْرٌ.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 540/ 4370)، وابن أبي شيبة (1/ 336/ 3861)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 253/ 413 - مسند عمر).
وهذا صحيح موقوف على عمر، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
هـ - ورواه الحكم بن عتيبة [ثقة ثبت]، والأعمش [ثقة حافظ]:
عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر؛ أنه صلى بمكة ركعتين، ثم قال: إنا قومٌ سَفْرٌ، فأتموا الصلاة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 336/ 3861 و 3862)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 252/ 411 - مسند عمر)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (180)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 365/ 2296)، والطحاوي (1/ 419).
وهذا صحيح موقوف على عمر.
و - ورواه أبو معاوية، وشعبة:
عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث؛ أن عمر بن الخطاب صلى بمكة ركعتين، وقال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم؛ فإنا قومٌ سَفْرٌ.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 336/ 3863)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 251/ 409 - مسند عمر) و (1/ 252/ 410 - مسند عمر)، والطحاوي (1/ 419).
وهذا صحيح موقوف على عمر، وهذا إسناد كوفي صحيح، وهمام بن الحارث النخعي: تابعي كبير، سمع ابن مسعود، ومات قبل ابن عباس، وذكر ابن عبد البر أنه ممن لقي عمر وسمع منه [راجع الحديث رقم (1038)، مسألة الإسرار فيما حقه الجهر].
ز - ورواه زكريا بن أبي زائدة، ويونس بن أبي إسحاق:
عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: صليت مع عمر ركعتين بمكة، ثم قال: يا أهل مكة إنا قومٌ سَفْرٌ؛ فأتموا الصلاة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 336/ 3864)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 252/ 412 - مسند عمر).
وهذا صحيح موقوف على عمر، وإسناده على شرط الصحيح.
• وله أسانيد أخرى لا تخلو من مقال: أخرجها أبو يوسف في الآثار (145 و 372)، ومحمد بن الحسن في الحجة (2/ 468 - 469)، وفي الآثار (1/ 494)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 251/ 407 - مسند عمر)، وأبو طاهر السلفي في الطيوريات (837).
° قال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 273 - مسند عمر): "وأما قول عمر رحمه الله لأهل مكة: أتموا صلاتكم، فإنا قومٌ سَفْرٌ، فإنه يعني بقوله: قوم سَفْرٌ، قوم مسافرون، وهو مصدر، ولذلك لم يجمع، وهو مثل قولهم: قوم زَوْرٌ، وقوم صَوْمٌ، وفِطْرٌ، وجُنُبٌ، وعَدْلٌ، وما أشبه ذلك من المصادر، لفظ الواحد والاثنين والجميع، والمذكر
والمؤنث، فيه واحد" [وانظر: جمهرة اللغة (2/ 717) و (3/ 1251)، الصحاح (2/ 686)، معجم مقاييس اللغة (3/ 82)].
***
1230 -
. . . حفص، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام سبعَ عشرةَ بمكة يقصُر الصلاةَ.
قال ابن عباس: ومن أقام سبعَ عشرةَ قصر، ومن أقام أكثر أتمَّ.
قال أبو داود: قال عبَّاد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقام تسع عشرة.
حديث صحيح؛ دون قوله: سبع عشرة، والمحفوظ: تسع عشرة
أخرجه ابن حبان (6/ 457/ 2750)، وابن أبي شيبة (2/ 208/ 8211)، والبيهقي في السنن (3/ 150)، وفي المعرفة (2/ 433/ 1607)، وفي الدلائل (5/ 105).
رواه عن حفص بن غياث [ثقة فقيه]: أبو كريب محمد بن العلاء، وعثمان بن أبي شيبة، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير [وهم ثقات حفاظ]، وإبراهيم بن يوسف الصيرفي [روى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين، منهم النسائي في اليوم والليلة، وقال: "ليس بالقوي"، ووثقه غيره. الميزان (1/ 76)، التهذيب (1/ 96)].
هكذا رواه حفص بن غياث، فقال فيه: سبع عشرة، ووهم في ذلك، فقد رواه جماعة من الثقات، فيهم عبد الله بن المبارك، وأبو عوانة، فقالوا: تسع عشرة، وهو المحفوظ:
• رواه عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [ثقة]، وأبو شهاب الحناط [عبد ربه بن نافع: ثقة]، وعبد الواحد بن زياد [ثقة]:
عن عاصم [الأحول]، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعةَ عشرَ يومًا يصلي ركعتين. لفظ ابن المبارك عند البخاري، وزاد عند البيهقي من نفس الوجه (5525): قال ابن عباس: فنحن نصلي ركعتين تسعة عشر يومًا، فإن أقمنا أكثر من ذلك أتممنا.
وفي رواية أبي شهاب [عند البخاري]: أقمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ تسعَ عشرةَ نقصُر الصلاة، وقال ابن عباس: ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة، فإذا زدنا أتممنا.
وفي رواية أبي معاوية [عند الترمذي وغيره]: سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا، [فأقام] فصلى تسعةَ عشرَ يومًا ركعتين ركعتين، قال ابن عباس: فنحن نصلي فيما بيننا وبين تسع عشرة ركعتين ركعتين، فماذا أقمنا أكثر من ذلك صلينا أربعًا.
أخرجه البخاري (4298 و 4299)، والترمذي (549)، وقال:"حسن غريب صحيح"، وابن ماجه (1075)، وابن خزيمة (2/ 74 - 75/ 955)، وأحمد (1/ 223)،
وأبو حفص الفلاس في التاريخ (175)، والطحاوي (1/ 416)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (90)، والبيهقي في السنن (3/ 149)(6/ 166/ 5525 و 5526 - ط. هجر) و (3/ 150)(6/ 168/ 5531 - ط. هجر)، وفي المعرفة (2/ 434/ 1608)، وفي الدلائل (5/ 104)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 175 - 176/ 1028)، وفي الشمائل (628).
• تنبيهات:
أ - هكذا رواه عن عبد الله بن المبارك: عبدان عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي [ثقة حافظ]، وحِبان بن موسى المروزي [ثقة]، فقالا فيه: تسعةَ عشرَ يومًا.
وخالفهما: عبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ]، فرواه عن ابن المبارك به؛ فلم يضبط عدة الأيام في الحديث، فرواه عنه إسحاق بن إبراهيم الدبري [راوي مصنف عبد الرزاق، وهو: صدوق؛ إلا أن سماعه من عبد الرزاق متأخر جدًّا، وقد سمع منه بعد ما عمي، وروى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة. انظر: اللسان (2/ 36)]، فقال فيه: سبع عشرة [كما في المصنف ومعجم الطبراني الكبير]، ورواه عنه عبد بن حميد [ثقة حافظ، وهو من طبقة من سمع من عبد الرزاق قبل ذهاب بصره]، فقال فيه: عشرين ليلة [كما في المنتخب من مسند عبد بن حميد]، وكلاهما وهم.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 533/ 4337)[ووقع عنده: سبع عشرة]. وعبد بن حميد (582)[ووقع عنده: عشرين ليلة]. والطبراني في الكبير (11/ 332/ 11912)[ووقع عنده: سبع عشرة].
والمحفوظ في هذا ما رواه صاحبا ابن المبارك، وهما أثبت فيه من عبد الرزاق، لا سيما وقد أخرجه البخاري في صحيحه (4298) من طريق عبدان، والله أعلم.
• لطيفة: قال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 535): "وأما رواية: عشرين، فتبع في إيرادِها الإمامَ، ولم أرها بعد البحث عنها من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة إلى سنة إحدى وستين، فعثرت عليها في مسند عبد بن حميد، ولله الحمد".
ب - وهِم فيه خلف بن هشام البزار [ثقة]، فرواه عن أبي شهاب الحناط به؛ إلا أنه قال فيه: سبع عشرة.
أخرجه الدارقطني (1/ 388)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 150)(6/ 167/ 5527 - ط. هجر).
والمحفوظ: رواية الجماعة عن أبي شهاب، كما في صحيح البخاري (4299)، من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس عنه، وتابعه: داود بن عمرو الضبي، وهما ثقتان.
ج - وهِم فيه عثمان بن أبي شيبة [ثقة حافظ، وقد حُفظت عليه أوهام، انظر: ترجمته من التهذيب (3/ 77)]، فرواه عن أبي معاوية به؛ إلا أنه قال فيه: سبع عشرة.
أخرجه البيهقي (3/ 150)(6/ 169/ 5532 - ط. هجر).
والمحفوظ عن أبي معاوية: رواية جماعة الحفاظ والثقات، مثل: أحمد بن حنبل، وهناد بن السري، وأبي خيثمة زهير بن حرب، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي [وهم ثقات حافظ]، وسلم بن جنادة، ومحمد بن يحيى بن الضريس الكوفي الفيدي، وعلي بن حرب الطائي، وأحمد بن حرب الموصلي، وسريج بن يونس، ومجاهد بن موسى، والفضل بن الصباح [وهم ثقات]، ومحمد بن عمرو بن يونس بن عمران الثعلبي الكوفي المعروف بالسوسي [نزيل مصر، محدِّث مكثر، روى عنه جماعة، وأكثر عنه الطحاوي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العقيلي: "حدث بمناكير"، ضعفاء العقيلي (4/ 111)، الثقات (9/ 136)، تاريخ دمشق (55/ 34)، اللسان (7/ 418 و 422)].
* ورواه أبو عوانة [ثقة ثبت]، عن عاصم [الأحول] وحصين [بن عبد الرحمن]، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم تسعةَ عشرَ يقصُر [الصلاة]، فنحن إذا سافرنا تسعةَ عشرَ قصرنا، وإن زدنا أتممنا.
أخرجه البخاري (1080)، وأبو يعلى (4/ 254/ 2368)، وابن المنذر فى الأوسط (4/ 357/ 2282)، والبيهقي (3/ 150).
هكذا رواه عن أبي عوانة: حفص بن عمر النمري أبو عمر الحوضي [ثقة ثبت]، وموسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت]، وشيبان بن فروخ [صدوق]، ومسدد بن مسرهد [ثقة حافظ] [لكن قال: عن عاصم الأحول أو حصين، بالشك، ولعله وقع من النساخ].
• وخالفهم: محمد بن سليمان بن حبيب لوين [ثقة]، ومعلى بن أسد [ثقة ثبت]،
فروياه عن أبي عوانة به؛ إلا أنهما قالا: سبع عشرة، أو: سبعة عشر، بدل: تسعة عشر.
أخرجه القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (110)، والدارقطني (1/ 387 - 388)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (340)، وفى السادس (219)(1238 - المخلصيات)، وفي الثامن (217)(1793 - المخلصيات)، والبيهقي (3/ 150).
قلت: نقدم رواية الجماعة، فإن الوهم عنهم أبعد، وقد انتقاها البخاري فأخرجها في صحيحه محتجًّا بموضع الشاهد منها.
° وعلى هذا فقد رواه عن عاصم بن سليمان الأحول بلفظ: تسعة عشر: عبد الله بن المبارك، وأبو عوانة، وأبو معاوية الضرير، وأبو شهاب الحناط، وعبد الواحد بن زياد [في الراجح عنهم]، واختار هذه الرواية البخاري فأودعها في صحيحه، ولم ينفرد بذلك عاصم الأحول.
وخالفهم: حفص بن غياث، فقال: سبع عشرة، ووهم في ذلك، والله أعلم.
* وله طرق أخرى عن عكرمة:
أ - رواه حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقام
النبي صلى الله عليه وسلم تسعةَ عشرَ يقصُر [الصلاة]، فنحن إذا سافرنا تسعةَ عشرَ قصرنا، وإن زدنا أتممنا.
أخرجه البخاري (1080). وتقدم ذكره آنفًا.
ب - ورواه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]: ثنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح تسعةَ عشرَ ليلةً، يصلي ركعتين ركعتين.
أخرجه البيهقي (3/ 150)، موصولًا بإسناد صحيح إلى عبد الوارث. وعلقه أبو داود (1230).
• وخالفه: وكيع بن محْرِز [لا بأس به، قال البخاري: "عنده عجائب"، التهذيب (4/ 314)]، فرواه عن عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبعة عشر يومًا يقصر الصلاةَ.
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 326/ 11892).
وهذا إسناد واهٍ؛ لا يصلح في المتابعات؛ عباد بن منصور: ليس بالقوي، له أحاديث منكرة، قيل: لم يسمع من عكرمة، وقيل: سمع منه شيئًا والبقية لم يسمعها.
قال أبو حاتم: "كان ضعيف الحديث، يكتب حديثه، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس"[الجرح (6/ 86)].
وقال ابن حبان: "وكل ما روى عن عكرمة: سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين؛ فدلسها عن عكرمة"[المجروحين (2/ 156) طبعة حمدي السلفي][وانظر: التهذيب (4/ 193)، إكمال مغلطاي (7/ 172)، الميزان (2/ 376)].
وداود بن الحصين: ثقة إلا في عكرمة، فروايته عنه منكرة، قال ابن المديني:"ما روى عن عكرمة فمنكر"، وقال أبو داود:"أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة: مناكير"[التهذيب (3/ 4)، إكمال مغلطاي (4/ 244)، الميزان (2/ 5)].
وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى: متروك، كذبه يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وابن معين، وابن المديني، وأبو حاتم، ويعقوب بن سفيان، وابن الجارود، وقال البزار:"كان يضع الحديث"[التهذيب (1/ 176)، إكمال مغلطاي (1/ 284)، الميزان (1/ 57)].
ومن أشهر مناكير عباد عن عكرمة: حديث الحجامة والاكتحال.
ج - ورواه شريك بن عبد الله النخعي، عن ابن الأصبهاني، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبعَ عشرةَ يصلي ركعتين.
ويأتي تخريجه برقم (1232)، وهو حديث شاذ؛ وهم فيه شريك لسوء حفظه، فقال: سبع عشرة، والمحفوظ عن عكرمة: ما رواه عنه: عاصم بن سليمان الأحول، وحصين بن عبد الرحمن السلمي، فقالا: تسعة عشر، وهو الصواب، والله أعلم.
° قال البيهقي (6/ 170 - ط. هجر): "اختلفت هذه الروايات في تسع عشرة وسبع عشرة كما ترى، وأصحها عندي -والله أعلم- رواية من روى تسع عشرة، وهي الرواية
التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح، فأحدُ من رواها ولم يختلف عليه -علمي-: عبد الله بن المبارك، وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول، والله أعلم".
وقد رد ابن عبد البر الحديث وأعله بالاضطراب، فقال في الاستذكار (2/ 248):"وهو حديث مختلف فيه، لا يثبت فيه شيء لكثرة اضطرابه".
قلت: بل هو حديث صحيح محفوظ، والعمدة على رواية الأكثر والأحفظ، والله أعلم.
***
1231 -
. . . محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عامَ الفنح خمسَ عشرةَ [ليلةً]، يقْصُرُ الصلاةَ.
قال أبو داود: روى هذا الحديث عبدة بن سليمان، وأحمد بن خالد الوهبي، وسلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، لم يذكروا فيه: ابن عباس.
حديث شاذ، صوابه مرسل
أخرجه ابن ماجه (1576)، والبيهقي في السنن (3/ 151)، وفي الدلائل (5/ 105)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 248).
رواه عن محمد بن سلمة الباهلي الحراني [ثقة]: أبو جعفر النفيلي عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني [ثقة حافظ]، وأبو يوسف الصيدلاني محمد بن أحمد بن محمد الرقي [ثقة حافظ].
ومحمد بن سلمة له أوهام على ابن إسحاق، منها على سبيل المثال: ما تقدم معنا قريبًا في السنن برقمي (1032 و 1064)، وقد أعل أبو داود روايته هنا بالإرسال:
قال أبو داود: "روى هذا الحديث عبدة بن سليمان، وأحمد بن خالد الوهبي، وسلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، لم يذكروا فيه: ابن عباس".
* ورواه عبد الله بن إدريس [كوفي، ثقة ثبت]، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري،
عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام حيث فتح مكة خمسَ عشرةَ، يقْصُرُ الصلاةَ حتى سار إلى حنين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 207/ 8196) و (7/ 408/ 36935)، والطحاوي (1/ 417)، والبيهقي (3/ 151).
رواه عن ابن إدريس به هكذا موصولًا: أبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ]، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج [ثقة].
قال البيهقي: "كذا رواه، ولا أُراه محفوظًا".
• خالفهما: الحسن بن الربيع: ثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق، قال: وحدثني محمد بن مسلم: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمسَ عشرةَ ليلةً يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين. كذا في السنن، وفي الدلائل: قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم بن شهاب، ومحمد بن علي بن الحسين، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعمرو بن شعيب، وعبد الله بن أبي رُهم، قالوا: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بها خمسة عشر.
أخرجه البيهقي في السنن (3/ 151)، وفي الدلائل (5/ 106).
قال البيهقي في السنن: "هذا هو الصحيح مرسل".
قلت: وهو كما قال؛ فإن الحسن بن الربيع البجلي الكوفي: ثقة، من أثبت أصحاب ابن إدريس، قال ابن أبي حاتم:"سمعت أبي سئل عن حديث لابن إدريس، فقال: حدثنا أوثق أصحاب ابن إدريس؛ الحسن بن الربيع"[التهذيب (1/ 395)، الجرح والتعديل (3/ 14)، تاريخ بغداد (8/ 266)].
* وعلى هذا: فالمحفوظ عن ابن إدريس: مرسل، وقد تابعه على إرساله، جماعة من أصحاب ابن إسحاق:
فقد رواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، وعبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، وزياد بن عبد الله البكائي [ثقة ثبت في مغازي ابن إسحاق، وفي غيره فيه لين]، وأحمد بن خالد الوهبي [حمصي صدوق، مكثر عن ابن إسحاق]، وسلمة بن الفضل [الأبرش: ثبت في ابن إسحاق، وفي غيره يخطئ ويخالف]، ومحمد بن عمر الواقدي [متروك]:
قال يزيد: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة خمسَ عشرةَ ليلة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين. وفي رواية البكائي [في سيرة ابن هشام]: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها خمسَ عشرةَ ليلةً يقصر الصلاة.
أخرجه الواقدي في المغازي (2/ 291)، وابن سعد في الطبقات (2/ 143)، وابن هشام في السيرة النبوية (5/ 103 - 104) [وابن هشام يروي السيرة عن ابن إسحاق بواسطة: زياد بن عبد الله البكائي]. وابن جرير الطبري في التاريخ (2/ 165)، وعلقه أبو داود هنا في السنن (1231).
قال البيهقي في الدلائل: "هذا منقطع، والأصح: رواية ابن المبارك عن عاصم الأحول، التي اعتمدها البخاري رحمه الله تعالى".
لكن ذهب ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 248) إلى تثبيت رواية الوصل، وقال:"ليس فيهم من يقاس بابن إدريس، وقد تابعه محمد بن سلمة، وزيادة مثلهما مقبولة".
قلت: المحفوظ عن ابن إدريس الإرسال، ولو فرضنا أن الوصل هو المحفوظ عن
ابن إدريس؛ فقد أرسله جماعة من الثقات المتقنين لحديث ابن إسحاق، ورواية أصحاب الرجل المقدَّمين فيه أولى بالصواب، فهو حديث مرسل، وهو شاذ بتحديد المدة بخمسة عشر يومًا، والمحفوظ: ما رواه البخاري من رواية عكرمة عن ابن عباس: تسعة عشر يومًا، كما تقدم بيانه.
* وروي من وجه آخر عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، ولا يثبت:
• فقد روى عبد الرحمن بن الأسود البصري [روى عنه جماعة من الأئمة والثقات]، قال: حدثنا محمد بن ربيعة [الكلابي: كوفي ثقة]، عن عبد الحميد بن جعفر [مدني صدوق]:
ورواه إبراهيم بن عبد الله الخلال المروزي [لا بأس به]: ثنا عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة، صحيح السماع من ابن لهيعة]: ثنا ابن لهيعة [ضعيف]:
كلاهما عبد الحميد وابن لهيعة: عن يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة خمسةَ عشرَ يصلي ركعتين ركعتين.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 121/ 1453)، وفي الكبرى (2/ 363/ 1924)، والطبراني في الكبير (10/ 304/ 10735)، وفي الأوسط (8/ 42/ 7902)، والخطيب في تاربخ بغداد (10/ 268).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عبد الله إلا عراك بن مالك، ولا عن عراك إلا يزيد، ولا عن يزيد إلا ابن لهيعة، تفرد به: ابن المبارك".
قلت: وليس كما قال، وروي عن ابن لهيعة من وجه آخر مرسلًا، وهو الصواب:
* خالفه ابن وهب:
رواه عبد الله بن وهب [ثقة، صحيح السماع من ابن لهيعة]: أخبره ابن لهيعة [ضعيف]، والليث بن سعد [ثقة ثبت، إمام]، وعمرو بن الحارث [ثقة حافظ]: عن جعفر بن ربيعة [مصري ثقة]، عن عراك بن مالك [مدني تابعي ثقة]؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة عام الفتح خمسةَ عشرَ [كذا، وصوابه: خمس عشرة] ليلةً يقصر الصلاة.
أخرجه ابن وهب في الجامع (206).
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
• ورواه بكر بن مضر [مصري، ثقة ثبت]، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة عام الفتح خمسَ عشرةَ ليلةً، يصلي ركعتين ركعتين.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 143 - 144)، قال: أخبرنا محمد بن حرب المكي [بصري، نزل مكة: ثقة. الجرح والتعديل (7/ 237)، معرفة الثقات (1585)، الثقات (9/ 62)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 235)]: أخبرنا بكر به.
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
* قلت: وقد رواه الليث بن سعد أيضًا عن يزيد بن أبي حبيب مرسلًا:
ففي نسخة الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب [برواية عيسى بن حماد زغبة (57 و 58)]:
رواه الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك؛ أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام خمسة عشر يومًا بمكة يقصر الصلاة ركعتين ركعتين بعد الفتح.
ثم رواه الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر؛ أن رجلًا حدثه أنه سمع عبد الأعلى بن عبد الله بن عتبة، يقول: سمعت أبي، يقول: من زاد على خمس عشرة في قرية فليُتمَّ.
والأول مرسل بإسناد صحيح.
• ورواه الواقدي، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عراك بن مالك، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة يصلي ركعتين.
أخرجه الواقدي في المغازي (2/ 291).
ومخرمة: لم يسمع من أبيه شيئًا، وروايته عنه إنما هي من كتاب أبيه وجادة [تقدم الكلام عليه تحت الحديث المتقدم برقم (207)]، والواقدي: متروك.
° والحاصل: فإن المحفوظ في هذا الحديث: ما رواه الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك؛ أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما رواه جعفر بن ربيعة، عن عراك مرسلًا.
فهو حديث مرسل، والله أعلم.
قال البيهقي (3/ 151): "ورواه عراك بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورواية عكرمة عن ابن عباس أصح من ذلك كله، والله أعلم".
* وروي هذا العدد أيضًا من حديث سبرة بن معبد الجهني:
رواه عفان بن مسلم [بصري، ثقة ثبت]: أخبرنا وهيب [هو: ابن خالد: بصري، ثقة ثبت]: أخبرنا عمارة بن غزية [مدني، ثقة]: أخبرنا الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه؛ قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فأقام خمس عشرة من بين يوم وليلة.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 143 - 144)، قال: أخبرنا عفان به.
وهذا إسناد صحيح غريب، رجاله رجال مسلم.
***
1232 -
. . . شريك، عن ابن الأصبهاني، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبعَ عشرةَ يصلي ركعتين.
حديث شاذ بلفظ سبع عشرة، والمحفوظ: تسع عشرة
أخرجه أحمد (1/ 303 و 315)(2/ 669/ 2802 - ط. المكنز) و (2/ 696/ 2930 - ط. المكنز، وابنه عبد الله في زيادات المسند (1/ 315) (2/ 696/ 2931 - ط. المكنز،
وابن سعد في الطبقات (2/ 143، وعبد بن حميد (585)، والطبراني في الكبير (11/ 259/ 11672، والدارقطني في الأفراد (1/ 468/ 2582 - أطرافه)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (525)، والبيهقي (3/ 151).
رواه عن شريك: علي بن نصر الجهضمي [ثقة]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت، وقال: بعد الفتح]، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ويحيى بن آدم، وشاذان أسود بن عامر، وعبد الله بن عون الخراز [وهم ثقات، وقالوا: عام الفتح].
• كذا رواه عن أبي نعيم به، فقال: سبعة عشر يومًا:
محمد بن سعد، وعبد بن حميد، وعلي بن عبد العزيز البغوي [وهم ثقات حفاظ].
• وخالفهم فوهم:
محمد بن إسماعيل [أبو جعفر الصائغ البغدادي نزيل مكة: صدوق]، قال: ثنا أبو نعيم به، فقال: تسع عشرة يومًا، كذا، وصوابه: تسعة عشر يومًا، وهو وهم، والمعروف من رواية ابن الأصبهاني: سبعة عشر يومًا.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 343/ 2251)، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل به.
قال الدارقطني: "تفرد به شريك عن ابن الأصبهاني".
قلت: ابن الأصبهاني هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني الكوفي الجهني: ثقة، من الرابعة، روى له الجماعة.
إلا أن شريك بن عبد الله النخعي كان سيئ الحفظ، وقد وهم في عدد الأيام فجعلها سبعة عشر، والمحفوظ عن عكرمة [فيما رواه عنه عاصم الأحول وحصين بن عبد الرحمن السلمي]: تسعة عشر، ومما يؤكد أن الوهم فيه من شريك، وأنه لم يضبط متن هذا الحديث؛ أنه قد وقع له أيضًا وهمٌ في الإسناد، فهكذا رواه عنه الجماعة متصلًا، ووهم مرة فرواه مرسلًا:
• رواه أبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ]، قال: حدثنا شريك، عن ابن الأصبهاني، عن عكرمة؛ أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبع عشرة يقصر الصلاة.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 207/ 8198)(5/ 380/ 8282 - ط. عوامة).
° والخلاصة: أن المحفوظ عن ابن عباس في حديث فتح مكة: تسعة عشر يومًا، هكذا رواه عاصم الأحول وحصين عن عكرمة عن ابن عباس، وقد صححه البخاري، والله أعلم.
* ولابن عباس في مدة القصر حديث آخر؛ لكن بإسناد واهٍ:
فقد روى الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر أربعين ليلة يقصر الصلاة.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 533/ 4338)، وابن عدي في الكامل (2/ 288)(3/ 432/ 4824 - ط. الرشد)، والرافعي في التدوين (3/ 254) معلقًا.
قال ابن عدي: "وهذا لعل البلاء فيه من أيوب بن سويد، لا من الحسن بن عمارة".
قلت: تابع أيوبَ عليه عبدُ الرزاق والفضلُ بن موسى السيناني وأحمدُ بن خالد الوهبي، لكن انفرد فيه أيوب بن سويد بقوله: بحنين، بدل: خيبر، وأيوب هذا: ضعيف، صاحب مناكير [انظر: التهذيب (1/ 204)، الميزان (1/ 287)]،
• وروى البيهقي (3/ 152)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (1/ 252)، وفي الموضح (1/ 547).
من طريق أحمد بن خالد الوهبي [ثقة]: حدثنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر أربعين يومًا يصلي ركعتين ركعتين.
قال البيهقي: "تفرد به الحسن بن عمارة، وهو غير محتج به"، وقال في المعرفة (2/ 435):"غير صحيح؛ تفرد به الحسن بن عمارة، وهو متروك".
قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة، وتلون فيه، فمرة يقول: عن الحكم عن مقسم، ومرة يقول: عن الحكم عن مجاهد، والحسن: متروك الحديث، واتهم، يحدث عن الحكم بن عتيبة بما ليس من حديثه [التهذيب (1/ 407)].
° وقد صح عن ابن عباس من وجوه أخر خلاف ما تقدم عنه من قوله: فنحن نصلي ركعتين تسعة عشر يومًا، فإن أقمنا أكثر من ذلك أتممنا:
أ - روى جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن سماك بن سلمة، عن ابن عباس، قال: إن أقمتَ في بلدٍ خمسةَ أشهرٍ فاقْصُر الصلاة.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 207/ 8199)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 256/ 421 - مسند عمر)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 359 - 360/ 2286).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح؛ سماك بن سلمة الضبي: ثقة، سمع ابن عباس [العلل ومعرفة الرجال (2/ 488/ 3215)، التاريخ الكبير (4/ 173)، الجرح والتعديل (4/ 280)، الثقات (4/ 340)، المؤتلف للدارقطني (3/ 1237)، التهذيب (2/ 115)، الميزان (2/ 234)، وقال: "قد وثقه أحمد، ولا يكاد يُعرف، روى عنه مغيرة بن مقسم فقط"، قلت: لو كان كذلك لكان أولى الناس بتجهيله: أبو حاتم الرازي، ولم يفعل، وقد وثقه أيضًا أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "روى عنه: المغيرة بن مقسم، وأبو نهيك"، كما قال البخاري في تاريخه، واعتمد ذلك ابن حجر في التقريب، فقال: "ثقة"]، ومغيرة هو: ابن مقسم الضبي: ثقة متقن، وجرير بن عبد الحميد الضبي: ثقة، صحيح الكتاب، قال أبو الوليد الطيالسي بأنه لم ير أحدًا أروى عن مغيرة من جرير [التهذيب (1/ 297)، الجرح (2/ 507)].
ب - وروى شعبة، عن أبي التياح الضبعي، عن رجل من عنزة يكنى أبا المنهال
[وفي رواية: عن أبي المنهال العنزي]، قال: قلت لابن عباس: إني أقيم بالمدينة حولًا لا أشدُّ على سَيرٍ، قال: صلِّ ركعتين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 207/ 8201)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 255/ 418 و 419 - مسند عمر)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 359/ 2284).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح؛ أبو المنهال العنزي هو: عبد الرحمن بن مطعم البصري، نزيل مكة: ثقة، فإن قيل: تردد فيه البخاري، هل هما رجل واحد أم اثنان، فيقال: لم يقع هذا التردد لأبي حاتم، وترجمه ابن حبان مرتين، مرة ضمن ترجمة عبد الرحمن بن مطعم، ثم عاد وأفرد أبا المنهال بترجمة مستقلة [انظر: التاريخ الكبير (5/ 352)، الجرح والتعديل (5/ 284)، الثقات (5/ 108 و 581)، التهذيب (2/ 553)]، وأبو التياح الضبعي، هو: يزيد بن حميد البصري، وهو: ثقة ثبت، من الخامسة، روى له الجماعة.
ج - وروى وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، قال: ثنا المثنى بن سعيد، عن أبي جمرة نصر بن عمران، قال لابن عباس: إنا نطيل القيام بالغزو بخراسان، فكيف ترى؟ فقال: صل ركعتين، وإن أقمتَ عشر سنين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 207/ 8202)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 359/ 2285).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح؛ أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي البصري: ثقة ثبت، من الثالثة، روى له الجماعة، والمثنى بن سعيد الضبعي البصري: ثقة، من السادسة، روى له الجماعة.
د - شعبة، عن أبي إسحاق، قال: حدثني أبو السفر، عن سعيد بن شُفَي، عن ابن عباس، قال: جعلوا يسألونه عن الصلاة في السفر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من أهله لم يزد على ركعتين حتى يرجع [إلى أهله].
وهذا إسناد كوفي صحيح، تقدم تحت الحديث رقم (1200).
• ورواه هشيم بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة لا يخاف إلا [الله] رب العالمين، فصلي ركعتين [ركعتين، حتى رجع].
وهو حديث صحيح، تقدم تحت الحديث رقم (1200).
***
1233 -
. . . وهيب: حدثني يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس بن مالك، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة.
فقلنا: هل أقمتم بها شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا.
حديث متفق على صحته
أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 399)(4/ 241/ 1962 - ط. التأصيل).
رواه عن وهيب بن خالد [ثقة ثبت]: موسى بن إسماعيل، ومسلم بن إبراهيم، وأحمد بن إسحاق الحضرمي [وهم ثقات حفاظ].
* تابع وهيبًا عليه جماعة من الثقات الحفاظ:
أ - رواه أبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وزائدة بن قدامة، ومحمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عقبة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق بن همام [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت أصحاب الثوري، والمكثرين عنه]:
عن سفيان [الثوري]، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصُر حتى أتى مكة، وأقمنا بها عشرًا، فلم يزل يقصر حتى رجع. وفي رواية: أقمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرًا، نقصُر الصلاة.
أخرجه البخاري (4297)، ومسلم (693)، والدارمي (1/ 425/ 1510)(1654 - ط. البشائر)، وعبد الرزاق (2/ 533/ 4336)، وابن سعد في الطبقات (2/ 143)، وابن أبي شيبة (2/ 207/ 8197)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 220/ 340 - مسند عمر)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 418)، وفي أحكام القرآن (357)، وأبو علي الرفاء في فوائده (220)، والطبراني في الأوسط (5/ 181/ 5007)، والبيهقي (3/ 148).
• خالفهم فوهم: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان. التقريب (619)، شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)]، فرواه عن الثوري به؛ إلا أنه قال: فأقام بها ثنتي عشرة ليلة؛ ووهم في ذلك
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1407)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1821).
ب - ورواه معاذ بن معاذ، وغندر محمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، وأبو عامر العقدي، وعمرو بن مرزوق، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وعقبة بن خالد [وهم ثقات]:
عن شعبة، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع، قلت: كم أقمتم؟ قال: عشرًا.
ولفظ غندر [عند أحمد]: سألت أنس بن مالك عن الصلاة في السفر؟ فقال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فكنا نصلي ركعتين حتى نرجع إلى المدينة، فسألته: كم أقمتم بمكة؟ قال: عشرة أيام.
وفي رواية معاذ [عند مسلم]: خرجنا من المدينة إلى الحج. . . الحديث، وكذا قال عقبة بن خالد [عند ابن الجارود]، وفي رواية عمرو [عند البيهقي]: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحججنا معه. . . الحديث.
أخرجه مسلم (693)، وأبو عوانة (2/ 75/ 2370 و 2371)، وابن الجارود (224)، وأحمد (3/ 282)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 418)، وفي أحكام القرآن (356)، وابن المظفر في غرائب شعبة (47)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 188)، والبيهقي (3/ 148).
قال البيهقي: "هذا حديث صحيح، وإنما أراد أنس بن مالك بقوله: فأقمنا بها عشرًا؛ أي: بمكة ومنى وعرفات".
قلت: صح في رواية ابن علية عن يحيى: أقام بمكة عشرًا، فصح بذلك أن أنسًا أطلق اسم مكة على مساكنها، وما حولها من المشاعر، فأدخل ما جاور البلد في حكمها، ويأتي بيان ذلك في آخر البحث.
(ج - ي) - ورواه عبد الوارث بن سعيد، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن علية، وأبو عوانة، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وبشر بن المفضل [وهم ثقات أثبات]، وعلي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط والوهم، وقد تركه بعضهم، وزاد: إلا المغرب، فشذ بذلك]:
حدثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت أنسًا، يقول: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة.
قلت: أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا. لفظ عبد الوارث [عند البخاري]، وبنحوه رواية البقية [عند مسلم وغيره].
وفي رواية ابن علية [عند أحمد (3/ 190)، والنسائي في الكبرى (4196)]، قال: حدثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصلى بنا ركعتين ركعتين حتى رجعنا، فسألته: هل أقام؟ قال: نعم، أقام بمكة عشرًا.
أخرجه البخاري (1081)، ومسلم (693)، وأبو عوانة (2/ 75/ 2372 و 2373)، والترمذي (548)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 86/ 517)، والنسائي في المجتبى (3/ 118/ 1438) و (3/ 121/ 1452)، وفي الكبرى (2/ 359/ 1909) و (2/ 362/ 1923) و (4/ 231/ 4196)، وابن ماجه (1077)، وابن خزيمة (2/ 75/ 956) و (4/ 326/ 2996)، وابن حبان (6/ 458/ 2751) و (6/ 460/ 2754)، وأحمد (3/ 187 و 190)، والفاكهي في أخبار مكة (3/ 127/ 1923) و (5/ 224/ 190 - القسم المفقود)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 219/ 339 - مسند عمر) و (1/ 220/ 341 - مسند عمر)، وأبو العباس السراج في مسنده (1405 و 1406)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1819 و 1820)، وابن المنذر في الأوسط (4/
346/ 2259)، والطحاوي في أحكام القرآن (358 - 360)، وابن بشران في الأمالي (865)، وابن حزم في المحلى (5/ 26)، وفي حجة الوداع (212)، والبيهقي (3/ 136 و 145 و 153)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 175/ 1027).
° قلت: حديث ابن عباس المتقدم في مكثه صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يومًا إنما هو في فتح مكة، كما دل عليه سياق الحديث ورواياته، وأما حديث أنس هذا فإنما كان في حجة الوداع، ففي رواية معاذ عن شعبة [عند مسلم]: خرجنا من المدينة إلى الحج. . . الحديث، وفي رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة [عند البيهقي]: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحججنا معه. . . الحديث، وتابعهما عقبة بن خالد [عند ابن الجارود]، فهما واقعتان متغايرتان، وقد قال بالتفريق بينهما جماعة من الأئمة، منهم: مالك بن أنس، قال:"هو في حجة الوداع"[التوضيح لابن الملقن (8/ 435)، وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 562)]، ومنهم: أحمد بن حنبل، حيث قال:"وكذلك حديث أنس رضي الله عنه حيث قال: أقام بمكة عشرًا، فصيَّر أنسٌ هذا كله إقامةً، صبحَ رابعةٍ إلى آخر أيام التشريق"[مسائل الكوسج (312)]، ومنهم: الدارمي، فقال بعد الحديث:"وذلك في حجِّه"، ومنهم: ابن جرير الطبري، حيث أورد حديث أنس هذا في الاحتجاج به فيما صح عنده من الأخبار في قصر الصلاة في سفره صلى الله عليه وسلم إلى مكة في حجة الوداع، ومنهم: ابن المنذر، حيث قال:"ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلى مكة في حجة الوداع فقصر الصلاة"، ثم أسند حديث أنس هذا، وبذا يُبحث عن مراد البخاري حين أورد حديث أنس هذا في: باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح، وقد حاول ابن حجر الاعتذار له، حيث قال في الفتح (8/ 21):"فظاهر هذين الحديثين التعارض، والذي أعتقده أن حديث أنس إنما هو في حجة الوداع، فإنها هي السفرة التي أقام فيها بمكة عشرًا، لأنه دخل يوم الرابع وخرج يوم الرابع عشر، وأما حديث ابن عباس فهو في الفتح، وقد قدمت ذلك بأدلته في باب قصر الصلاة، وأوردت هناك التصريح بأن حديث أنس إنما هو في حجة الوداع، ولعل البخاري أدخله في هذا الباب إشارةً إلى ما ذكرت، ولم يفصح بذلك تشحيذًا للأذهان"[وانظر أيضًا: الفتح (2/ 562)].
***
1234 -
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وابن المثنى [وهذا لفظ ابن المثنى]، قالا: حدثنا أبو أسامة، قال ابن المثنى: قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده؛ أن عليًّا رضي الله عنه كان إذا سافر سار بعد ما تغرب الشمس حتى تكاد أن تُظلِم، ثم ينزل فيصلي المغرب، ثم يدعوا بعَشَائه فيتعشَّى، ثم يصلي العشاء، ثم يرتحل، ويقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.