الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه البخاري (626 و 994 و 1123 و 6310)، ومسلم (736/ 122)، ويأتي تخريجه تحت الحديث رقم (1263)، إن شاء الله تعالى.
3 -
وما رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.
أخرجه البخاري (619)، ومسلم (724/ 91)، ويأتي تخريجه بطرقه عند أبي داود برقم (1340)، إن شاء الله تعالى.
*
ومن شواهده في تخفيف الركعتين:
حديث حفصة أم المؤمنين:
• رواه عبيد الله بن عمر، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، فأما المغرب، والعشاء، والجمعة، فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. قال: وأخبرتني أختي حفصة؛ أنه كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر، قال: وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
أخرجه البخاري (1172 و 1173)، ومسلم (723 و 729)، وقد تقدم تخريجه بطرقه تحت الحديث رقم (1128).
• ورواه مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن عن الأذان بصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
أخرجه البخاري (618)، ومسلم (723/ 87)، وقد تقدم تخريجه بطرقه تحت الحديث رقم (1254).
* ومما لا يصح في الباب:
حديث ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، إذا سمع الأذان ويخففهما [أخرجه النسائي (3/ 256/ 1782)، [قال النسائي: "هذا حديث منكر". وانظر: الفتح لابن رجب (3/ 509)].
1256 -
. . . مروان بن معاوية: حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (726)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 108)، وأبو عوانة (2/ 20/ 2163)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 321/ 1645)، والنسائي في المجتبى
(2/ 155/ 945)، وفي الكبرى (1/ 487 / 1019) و (10/ 348/ 11644)، وابن ماجه (1148)، ويحيى بن معين في جزء من حديثه (27 - رواية أبي منصور الشيباني)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (158)، والبزار (17/ 149/ 9750)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (389)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1082 و 1083)، والبيهقي (3/ 42)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 42).
رواه عن مروان بن معاوية الفزاري: يحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومحمد بن عباد بن الزبرقان المكي، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وداود بن رُشَيد الخوارزمي، وعبد الجبار بن العلاء العطار [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وسويد بن سعيد [الحدثاني: صدوق في نفسه؛ إلا أنه تغير بعدما عمي، وصار يتلقن، فضعِّف بسبب ذلك]، ويعقوب بن حميد بن كاسب [حافظ، له مناكير وغرائب]، وأحمد بن أبان القرشي [ذكره ابن حبان في الثقات، وله مناكير. انظر ترجمته تحت الحديث رقم (652)].
° فإن قيل: قد أعل أبو حاتم هذا الحديث:
قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 327/ 405): "وسألت أبي عن حديث: رواه مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركعتي الفجر، فقضاهما بعدما طلعت الشمس، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر بـ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ؟
قال أبي: اختصر مروان من الحديث الذي: نام النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يوقظه إلا حر الشمس".
قلت: يبدو لى أن بعض من رواه عن مروان قد جعل الحديثين حديثًا واحدًا، وقد فرقهما مروان نفسه:
• فرواه جماعة الحفاظ السابق ذكرهم عن مروان بحديث القراءة في ركعتي الفجر وحده، ولم يذكروا معه حديث القضاء.
• ورواه أيضًا: يحيى بن معين، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وداود بن رشيد الخوارزمي، ويعقوب بن حميد بن كاسب [وهؤلاء ممن رواه عنه بالوجه الأول]، والحارث بن سريج [النقال الخوارمي: ضعيف، تركه بعضهم، واتُّهم. سؤالات ابن الجنيد (119 و 333 و 334)، سؤالات الآجري (558)، الجرح والتعديل (3/ 76)، الثقات (8/ 183)، الكامل (2/ 196)، ضعفاء الدارقطني (157)، تاريخ بغداد (8/ 209)، اللسان (2/ 514)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 243)]، ومحفوظ بن أبي توبة [ضعَّف أحمد أمره جدًّا، ولم يُترك، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في مواضع من صحيحه، منها هذا الحديث. العلل ومعرفة الرجال (3/ 257/ 5134)، ضعفاء العقيلي (4/ 267)، الجرح والتعديل (8/ 422)، الثقات (9/ 204)، تاريخ بغداد (13/ 191)، اللسان (6/ 469)]:
عن مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن ركعتي الفجر، فقضاهما بعدما طلعت الشمس.
وفي رواية: كان النبي عليه السلام إذا فاتته ركعتا الفجر، صلاهما إذا طلعت الشمس.
أخرجه ابن ماجه (1155)، وابن حبان (6/ 376/ 2652)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (178)، وأبو يعلى (11/ 45/ 6185)، والطحاوي في المشكل (10/ 328/ 4142)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (388)، وابن حزم في المحلى (3/ 112).
هكذا رواه هؤلاء عن مروان بحديث القضاء وحده، ولم يذكروا معه حديث القراءة في ركعتي الفجر؛ فدل ذلك على أنهما حديثان منفصلان عند مروان، الأول: في القراءة في ركعتي الفجر، وهو حديث محفوظ، والثاني: في قضاء ركعتي الفجر، وهو حديث معلول، مختصر من حديث المبيت في السفر حتى أيقظهم حر الشمس.
وفي هذا أيضًا يقول ابن أبي حاتم في العلل (2/ 103/ 244): "وسألت أبي عن حديث رواه مروان الفزاري، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الفجر حين طلعت الشمس؟
قال أبي: غلط مروان في اختصاره؛ إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال لبلال:"من يكلؤنما الليلة؟ "، فقال: أنا، فغلبه النوم حتى طلعت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلعت الشمس، فأمر بلالًا أن يؤذن، وأمر الناس أن يصلوا ركعتي الفجر، ثم صلى بهم الفجر.
فقد صلى السُّنَّة والفريضة بعد طلوع الشمس".
• قلت: حديث أبي هريرة في قصة مبيتهم في السفر حتى طلعت الشمس:
يرويه يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي، وعبد الواحد بن زياد، والوليد بن القاسم، ومروان بن معاوية الفزاري:
عن يزيد بن كيسان: حدثنا أبو حازم، عن أبي هريرة، قال: عرَّسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليأخد كل رجلٍ برأس راحلته؛ فإن هذا منزلٌ حضرنا فيه الشيطان"، قال: ففعلنا، ثم دعا بالماء، فتوضأ، ثم صلى سجدتين، ثم أقيمت الصلاة، فصلى الغداة.
أخرجه مسلم (680/ 310)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (5/ 304/ 436)، وبينت هناك أن مروان بن معاوية اختصر الحديث، فرواه مرة كالجماعة بتمامه، واختصره مرة فأوهم فيه معنى جديدًا، وقد غلطه في ذلك أبو حاتم.
لكن الحديث الذي معنا - والذي صححه مسلم وغيره - حديث مستقل في القراءة في ركعتي الفجر، وليس فيه ذكر القضاء، فهو حديث محفوظ، صححه مسلم وأبو عوانة، واحتج به أبو داود والنسائي، ولا وجه لإعلاله بحديث قصة المبيت، والله أعلم.
ومما يستأنس به في إثبات هذا الحديث تصرفُّ ابن معين، وهو راوي هذا الحديث عن مروان بن معاوية، وذلك في مناظرة جرت بينه وبين عباس الدوري:
قال عباس الدوري في تاريخه (3/ 2549/521): "ناظرتُ يحيى بن معين في حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}؟ فقال يحيى: قد روي عن عثمان بن حكيم، عن سعيد بن يسار، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136]، فقلت ليحيى: ما تقول في إسناده؟ قال: جيد، قلت: فإن أخذ به إنسان؟ قال: لا بأس، قلت: فإن لم يقرأ بهذا، ولا بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وقرأ بشيء آخر من القرآن؟ قال: يجزيه".
فها هو ابن معين يدل تصرفه في هذه المناظرة على إثبات حديث القراءة بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وأثبت ما جاء فيه هو حديث أبي هريرة، والذي يرويه ابن معين نفسه، وبيان ذلك: أن جواب ابن معين على عباس الدوري: (قد روي عن عثمان بن حكيم"، يريد بذلك أنه لم يثبت عندنا فقط القراءة بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، بل ثبت عندنا فيه حديث آخر، وهو حديث ابن عباس، والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 40): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، من حديث عائشة، وحديث ابن عمر، وحديث أبي هريرة، وحديث ابن مسعود، وكلها صحاح ثابتة".
قلت: أما حديث أبي هريرة فصحيح ثابت، أخرجه مسلم في صحيحه، وأما حديث عائشة فمحتمل للتصحيح مع انقطاع إسناده، وأما بقية الأحاديث في الباب فلا تخلو من مقال؛ عدا حديث جابر بن عبد الله، فهو حديث حسن، وهاك تفصيل ذلك:
* فمما جاء في قراءة هاتين السورتبن في ركعتي الفجر:
1 -
حديث عائشة:
روى عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة، من أصحاب أيوب]: نا أيوب [السختياني: ثقة ثبت إمام، وهو أثبت أصحاب ابن سيرين]، عن محمد؛ أن عائشة سئلت عن ركعتي الفجر؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخففهما، قالت: فأظنه كان يقرأ بنحو من: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه أحمد (6/ 183)(11/ 6140/ 26138 - ط. المكنز)، وإسحاق بن راهويه (3/ 732/ 1338).
• ورواه سفيان الثوري، ووكيع بن الجراح، وسعيد بن عامر، وعبد الرزاق بن همام، وعبد الله بن إدريس، ويزيد بن هارون، وجرير بن عبد الحميد، وإسحاق بن يوسف الأزرق [وهم ثقات، بعضهم حفاظ]، ويحيى بن أيوب [الغافقي المصري: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه، وقد سبق ذكره مرارًا، وقد اشتملت روايته هنا على زيادة شاذة. عند جعفر المستغفري]:
عن هشام بن حسان [ثقة، ثبت في ابن سيرين]، عن محمد بن سيرين؛ أن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي ما يقرأ فيهما [وفي رواية: يسرُّ القراءة فيهما]، وذكرَتْ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} . قال سعيد: في ركعتي الفجر.
وفي رواية: أسرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة في ركعتي الفجر، وقرأ فيهما:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه الدارمي (1584 - ط. البشائر)، وأحمد (6/ 225 و 238)، وإسحاق بن راهويه (3/ 733 و 734/ 1339 و 1340)، وعبد الرزاق (3/ 59/ 4788 و 4789)، وابن أبي شيبة (2/ 50/ 6337)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (4/ 264/ 614 - مطالب)، والطحاوي (1/ 297)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 30)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1084)[وعنده زيادة شاذة، انفرد بها يحيى بن أيوب]. والبيهقي في الشعب (2/ 500/ 2525)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 41)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 488).
• ورواه علي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط والوهم]، عن خالد الحذاء، وهشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
ثم رواه علي بن عاصم، عن خالد الحذاء [بصري، ثقة]، عن ابن سيرين، عن عائشة، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بهما.
أخرجه أحمد (6/ 184).
• ورواه الأشعث بن عبد الملك [بصري، ثقة]، عن ابن سيرين، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر القراءة في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه إسحاق بن راهويه (3/ 734/ 1341).
° وقد رواه أيضًا لكن بما يوهم المخالفة:
يزيد بن إبراهيم التستري [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين]، وخالد الحذاء، وأشعث بن عبد الملك:
عن ابن سيرين، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيهما [وفي رواية: في الركعتين قبل صلاة الصبح، قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب.
أخرجه الطيالسي (3/ 134/ 1652)، وابن أبي شيبة (2/ 51/ 6348)، وأحمد (6/ 217)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (4/ 466/ 613 - مطالب)، وإسحاق بن راهويه (3/ 1342/734) و (3/ 1043/ 1804)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 487).
ولا تعارض بين الروايتين، إذ يمكن الجمع بينهما على إرادة التخفيف؛ فكأنها قالت
كان يقرأ بهاتين السورتين مع الفاتحة ويخفف في القراءة ويسرع على خلاف عادته من التمهل في التلاوة [كما تدل عليه رواية أيوب السختياني]، حتى كأنه ما قرأ إلا بفاتحة الكتاب وحدها، أو كأنها قالت: كان يقوم في ركعتي الفجر قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب في غيرها من النوافل، والله أعلم.
• ويؤيد ذلك ما رواه سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخففهما، حتى أقول: هل قرأ فيهما بفاتحة الكتاب.
أخرجه أبو جعفر بن البختري في جزء فيه ثلاثة مجالس من أماليه (29)(228 - مجموع مصنفاته).
وسلمة بن علقمة التميمي أبو بشر البصري: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين، قدمه ابن علية في ابن سيرين على خالد الحذاء، قال:"كان سلمة أحفظ لحديث محمد من خالد"، وسئل ابن المديني عن أثبت الناس في ابن سيرين؟ فقال:"أيوب، ثم ابن عون، ثم سلمة بن علقمة،. . ."، وهو نفس ترتيب أثبت أصحاب ابن سيرين عند الدارقطني، كما في سؤالات ابن بكير وغيره [التاريخ الكبير (4/ 82)، تاريخ دمشق (31/ 338)، إكمال مغلطاي (6/ 16)، التهذيب (2/ 74)، علل ابن المديني (84)، شرح علل الترمذي (2/ 688)، سؤالات ابن بكير (47)، المعرفة والتاريخ (2/ 37)].
• قال الطحاوي: "هو منقطع"، قال ابن حجر في الإتحاف (17/ 523/ 22727):"يعني: أن ابن سيرين لم يسمع من عائشة"، ومع ذلك فقد حسنه في نتائج الأفكار (1/ 488).
قلت: إسناده قوي؛ فإنه من المعلوم أن ابن سيرين لم يسمع من عائشة، قاله أبو حاتم وابن معين وزاد:"ولا رآها"[سؤالات ابن محرز (630)، تحفة التحصيل (277)، المراسيل (687)، جامع التحصيل (683)، راجع فضل الرحيم الودود (4/ 249/ 368)]؛ لكن ابن سيرين لم يكن يروي إلا عن ثقة، وكان يروي أحيانًا عن عبد الله بن شقيق عن عائشة، قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 301):"أجمع أهل العلم بالحديث: أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسله صحاح كلها"، وقال أيضًا (1/ 30):"وكل من عرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح"؛ فإذا لم يكن في المتن ما يستنكر، مع العلم بشدة احتياط ابن سيرين في الرواية، فهذا كله مما يقوي الظن بصحة هذه الرواية، مع شاهدها من حديث أي هريرة، والله أعلم.
• وروي أيضًا عن ابن سيرين موقوفًا: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 50/ 6341 و 6342)[وكله محفوظ عن ابن سيرين].
° وروي عن عائشة من وجه ثانٍ:
رواه محمد بن عبد الرحمن المجاشعي [وقال مرة: محمد بن عبد الرحيم المجاشعي]، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وفي الأولى {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} .
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 146 و 173) معلقًا.
وهذا حديث منكر؛ تفرد به هذا المجاشعي، وانفرد أبو نعيم بالترجمة له في تاريخ أصبهان، في موضعين، واضطرب أبو نعيم في ترجمته، مما يدل على جهالة المجاشعي هذا، فقد ترجم له في الموضع الأول بقوله:"محمد بن عبد الرحمن المجاشعي: يروي عن هشام بن عروة، ذكره ابن منده"، ثم قال: حدَّث عبد الله بن أحمد بن أسيد: ثنا إبراهيم بن عامر: ثنا أبي: ثنا محمد بن عبد الرحمن المجاشعي، به.
وقال في الموضع الثاني: "محمد بن عبد الرحيم المجاشعي الأصبهاني: روى عن هشام بن عروة، حدث عنه عامر بن إبراهيم"، ثم قال: حدَّث عبد الله بن أحمد بن أسيد: ثنا إبراهيم بن عامر: عن أبيه: ثنا محمد بن عبد الرحيم المجاشعي، به.
وعامر بن إبراهيم بن واقد الأصبهاني: ثقة، روى له النسائي، وابنه إبراهيم: أوصى أبو مسعود أحمد بن الفرات بالكتابة عنه، وقال أبو الشيخ:"كان صدوقًا، نزل أصبهان"، وقال أبو نعيم:"كان خيرًا فاضلًا"[الجرح والتعديل (2/ 116)، طبقات المحدثين (2/ 20)، فتح الباب (244)، تاريخ أصبهان (1/ 214)، تاريخ الإسلام (19/ 68)].
وأما عبد الله بن أحمد بن أَسِيد الأصبهاني: فقد توفي سنة (310)؛ فلم يدركه أبو نعيم، وإنما يروي عنه بواسطة، مثل: أبي الشيخ وأبي القاسم الطبراني وأبي بكر الطلحي وغيرهم، قال أبو الشيخ:"شيخ جليل، كثير الحديث، صنف المسند والأبواب والشيوخ، اعتلَّ قبل موته بيسير ولم يحدِّث، مات سنة عشر وثلاثمائة"، وقال أبو نعيم:"كثير الحديث، صاحب فوائد وغرائب، صنف المسند"[طبقات المحدثين (3/ 519)، تاريخ أصبهان (2/ 26)، تاريخ بغداد (11/ 19 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (23/ 271)، السير (14/ 416)].
• والمعروف في هذا عن هشام بن عروة:
هو ما رواه مالك بن أنس، وعبدة بن سليمان، وسفيان الثوري، وعلي بن مسهر، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، ووكيع بن الجراح، وأبو خالد الأحمر، وعبد الله بن داود الخريبي، ومحاضر بن المورع:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان، ويخففهما. لفظ عبدة. ولفظ وكيع: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف ركعتي الفجر. والشاهد من حديث مالك: ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين.
أخرجه البخاري (1170)، ومسلم (724/ 90)، وتقدم تحت الحديث رقم (1255).
وقد نبهت هناك على هذا الوهم بقولي: وانظر فيمن وهم فيه على هشام: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 52)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 146 و 173).
° وروي عن عائشة من وجه آخر:
رواه هارون بن مسلم صاحب الحناء: نا القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الصبح، والركعتين بعد المغرب:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 213/ 7304).
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن محمد بن علي عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: هارون بن مسلم".
قلت: هو حديث منكر؛ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر: ثقة، ولم يدرك عائشة أتحفة التحصيل (282)]، والمتفرد عنه بهذا الحديث: القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري: منكر الحديث، يحدث بأباطيل [الجرح والتعديل (7/ 112)، اللسان (6/ 374 و 375)]، والراوي عنه: هارون بن مسلم بن هرمز العجلي صاحب الحناء: قال أبو حاتم: "لين"، وقال الدارقطني:"بصري، صويلح، يعتبر به"، وقال الحاكم:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات [الجرح والتعديل (9/ 94)، الثقات (9/ 237)، سؤالات البرقاني (526)، تاريخ الإسلام (12/ 430)، التعجيل (1119)، التهذيب (4/ 256)].
2 -
حديث ابن عمر:
يرويه سفيان الثوري [وعنه: أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، وعبد الرزاق بن همام]، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [وعنه: عبد الله بن رجاء، وأبو نعيم، ووكيع بن الجراح، وحجين بن المثنى، وأبو أحمد الزبيري]، وأبو الأحوص سلام بن سليم:
عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} . لفظ أبي أحمد عن الثوري، وأما لفظ عبد الرزاق فهو بنحو لفظ إسرائيل، ولم يذكر المغرب.
ولفظ إسرائيل: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا وعشرين مرةً، أو خمسًا وعشرين مرةً، يقرأ في الركعتين قبل صلاة الغداة، وفي الركعتين بعد المغرب، بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} . وبنحوه لفظ أبي الأحوص.
أخرجه مسلم في التمييز (86)، والترمذي (417)، وابن ماجه (1149)، وابن حبان (6/ 212/ 2459)، وأحمد (2/ 24 و 35 و 58 و 94 و 95 و 99)، والطيالسي (3/ 409/ 2005)، وعبد الرزاق (3/ 59/ 4790)، وابن أبي شيبة (2/ 50/ 6336)، وأبو القاسم البغوي في جزء من حديثه (11)(252 - مجموع مصنفات ابن الحمامي)، وابن المنذر في
الأوسط (5/ 226/ 2750)، والطحاوي (1/ 298)، والطبراني في الكبير (12/ 414/ 13527) و (12/ 415/ 13528)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (546)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (167)(1186 - المخلصيات)، وأبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (20)، والبيهقي (3/ 43)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 41)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 454/ 883)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 484).
قال مسلم في التمييز: "وهذا الخبر وهم عن ابن عمر، والدليل على ذلك: الروايات الثابتة عن ابن عمر؛ أنه ذكر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطوع صلاته بالليل والنهار، فذكر عشر ركعات، ثم قال: وركعتي الفجر؛ أخبرتني حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها، وهو يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن قال: "فقد ثبت بما ذكرنا من رواية سالم ونافع عن ابن عمر؛ أن حفصة أخبرته؛ أن النب صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتي الفجر؛ أن رواية أبي إسحاق وغيره ثم ذكر [كذا، ولعلها: عن مجاهد] عن ابن عمر؛ أنه حفظ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: وهمٌ غير محفوظ".
وقال البخاري في الكنى (11): "وقال نافع وسالم عن ابن عمر: حدثتني حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين قبل الفجر، ورواه ليث بن أبي سليم عن أبي محمد عن ابن عمر: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا يصح، ورواه أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر مثله، ولا يصح، والصحيح: حديث حفصة".
وقال أبو حاتم لما سئل عن هذا الحديث: "ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنما روى هذا الحديث نفيع الأعمى، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم "[العلل (283)].
وقال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث حسن، ولا نعرفه من حديث الثوري عن أبي إسحاق إلا من حديث أبي أحمد، والمعروف عند الناس حديث إسرائيل عن أبي إسحاق، وقد روي عن أبي أحمد عن إسرائيل هذا الحديث أيضًا، وأبو أحمد الزبيري: ثقة حافظ، قال: سمعت بندارًا يقول: ما رأيت أحدًا أحسن حفظًا من أبي أحمد الزبيري، وأبو أحمد: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ".
وقال ابن حبان: "سمع أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله الأسدي هذا الخبر عن الثوري، وإسرائيل، وشريك، عن أبي إسحاق، فمرة كان يحدث به عن هذا، وأخرى عن ذاك، وتارة عن ذا".
وقال الدارقطني في العلل (13/ 115/ 2994): "فاضطرب هذا الحديث من رواية أبي إسحاق، لكثرة الخلاف عليه فيه".
قلت: هكذا رواه عن أبي إسحاق السبيعي اثنان من أثبت أصحابه المقدمين فيه: سفيان الثوري، وحفيده إسرائيل.
° خالفهم: عمار بن رزيق [لا بأس به]، فرواه عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم عشرين مرة، فقرأ في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 170/ 992)، وفي الكبرى (2/ 17/ 1066)، والطبراني في الكبير (12/ 424/ 13564)، والبيهقي (3/ 43).
من طريق: الفضل بن سهل الأعرج [ثقة]: ثنا أبو الجواب الأحوص بن جواب [صدوق، وله أوهام. وانظر ترجمته وحديثًا وهِم فيه: فضل الرحيم الودود (3/ 277/ 266)]، عن عمار بن رزيق به.
قال الدارقطني في العلل (13/ 115/ 2994): "وليس ذلك بمحفوظ"[وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 554/ 3186)].
° وخالفهم جميعًا: محمد بن جابر، فرواه عن أبي إسحاق، عن وبرة، عن ابن عمر مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 213/ 13937).
قلت: وهذا حديث منكر؛ تفرد به عن أبي إسحاق بهذا الوجه: محمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي، وهو: ضعيف؛ وكان قد ذهبت كتبه في آخر عمره، وعمي، وساء حفظه، وكان يُلقن، ويُلحَق في كتابه [انظر: التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)] [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (749)].
وانظر فيمن وهم فيه أيضًا على أبي إسحاق السبيعي: ما أخرجه أبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (177)(792 - المخلصيات)[وفي إسناده: ياسين بن معاذ الزيات: متروك، منكر الحديث. اللسان (8/ 411)].
° وقال الدارقطني في العلل (13/ 115/ 2994)، وقد سئل عن هذا الحديث، فقال: "روي عن سالم، وعن مجاهد، ونافع، ووبرة، ووقع فيه وهم.
فأما حديث سالم، فرواه عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي الزهري، عن عمه، عن سالم، عن أبيه بذلك، وهذا حديث ضعيف.
والمحفوظ عن سالم، عن ابن عمر؛ أنه عدَّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التطوع، فلما ذكر ركعتي الفجر، قال: وأما ركعتي الفجر، فإنه كان يصليها في ساعة لا يدخل عليه أحد، وأخبرتني حفصة؛ أنه كان يصلي ركعتي الفجر. وعبد العزيز بن عمران هذا: ضعيف.
وروى أبو إسحاق السبيعي هذا الحديث، واختلف عنه:
فرواه إسرائيل بن يونس، وسفيان الثوري، وعمرو بن أبي قيس، وأبو الأحوص سلام بن سليم، ومعمر بن راشد، رووه، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر:
رمقت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب.
وخالفهم: عمار بن رزيق، رواه عن أبي إسحاق، عن إبراهيم، عن مجاهد، عن ابن عمر. وإبراهيم لم ينسب، فقال بعضهم: هو النخعي، وقال بعضهم: هو ابن مهاجر.
وليس ذلك بمحفوظ.
ورواه شريك، عن أبي إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر.
فاضطرب هذا الحديث من رواية أبي إسحاق، لكثرة الخلاف عليه فيه.
وقال أبو هانئ إسماعيل بن خليفة: عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، ووهم فيه على شريك.
والمحفوظ عن شريك: عن أبي إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر.
كذلك رواه عبد المنعم بن نعيم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر بذلك.
وحدث به أحمد بن بديل، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وقال فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب. . .، وليس هذا من الحديث بسبيل.
ورواه يعقوب القمي، عن أبي سيف، لا نعرفه إلا كذلك، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر.
ويعقوب، وأبو سيف: ضعيفان، ولا يصح هذا عن الأعمش.
ورواه ليث بن أبي سليم، واختلف عنه:
فرواه عبيد الله بن زحر، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر.
وخالفهم الحسن بن الحر، وزائدة، روياه عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر.
وكذلك قال أسباط بن محمد، عن ليث.
وقال عبد الواحد بن غياث [كذا، ولعله عبد الواحد بن زياد، وحفص بن غياث، كما سيأتي في التخريج]، عن ليث: حدثني أبو محمد، عن ابن عمر، وأبو محمد هذا مجهول. وقال زفر بن الهذيل: عن ليث: عن جدته، عن ابن عمر.
كلها مضطربة، وليث مضطرب الحديث.
ورواه يوسف بن ميمون الصباغ، وكان ضعيفًا، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر.
ورواه مندل بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر.
وجعفر هذا هو جعفر بن أبي جعفر الأشجعي، وهو ضعيف، وأبوه أيضًا مثله.
ورواه نفيع بن الحارث أبو داود، عن ابن عمر، وهو: متروك الحديث. حدث به زيد بن أبي أنيسة، وسفيان الثوري.
وهذا الحديث إنما حدث به ابن عمر، عن أخته حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكل من رواه عن ابن عمر أنه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وهم عليه فيه".
ثم أسنده الدارقطني من طريق: زفر بن الهذيل، عن ليث، عمن حدثه، عن ابن عمر.
° قلت: راجع حديث ابن عمر فيما تقدم برقم (1128)، وبرقم (1132).
• وأما حديث عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين صباحًا في غزوة تبوك يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
فأخرجه الطبراني في الكبير (12/ 282/ 13123)، وفي الأوسط (8/ 8/ 7792)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (641).
قال أبو حاتم: "هذا حديث باطل بهذا الإسناد"[العلل (473)].
قلت: وهو كما قال؛ فقد تفرد به من حديث الزهري بهذا السياق: عبد العزيز بن عمران الزهري، وهو: متروك، منكر الحديث.
والمعروف في هذا: ما رواه عقيل بن خالد، ومعمر بن راشد، وعمرو بن دينار: عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. لفظ عقيل [عند البخاري].
ولفظ معمر [عند عبد بن حميد]: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات كان يصليهن بالليل والنهار: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، قال: وحدثتني حفصة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الفجر ركعتين.
أخرجه البخاري (1165)، ومسلم (723/ 89)، وتقدم تخريجه برقم (1132).
• وأما حديث أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
فأخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 20 و 275)، واستغربه. والدارقطني في الأفراد (1/ 576/ 3343 - أطرافه)، واستغربه. وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 250).
قلت: أبو هانئ إسماعيل بن خليفة الأصبهاني: محله الصدق، كان يخطئ [الجرح والتعديل (1/ 167)، الثقات (8/ 96)، اللسان (2/ 118)].
قال الدارقطني: "ووهم فيه على شريك، والمحفوظ عن شريك: عن أبي إسحاق، عن رجل لم يسمه، عن ابن عمر".
وقال في الأفراد: "غريب من حديثه عن نافع عنه، تفرد به شريك، ولم يروه عنه غير أبي هانئ إسماعيل بن خليفة، تفرد به: عامر بن إبراهيم عنه".
• وأما عبد المنعم بن نعيم، فهو: متروك، منكر الحديث، وهو قليل الحديث، ينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وحديثه هذا منكر [انظر: التهذيب (2/ 629)، ضعفاء
العقيلي (3/ 111)، المجروحين (2/ 158)، الكامل (5/ 336)، [وقد ذكره الدارقطني في الأفراد (1/ 576/ 3343 - أطرافه)، واستغربه].
• وأما حديث أحمد بن بديل اليامي: ثنا حفص بن غياث: ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
فقد تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (9/ 56/ 812)، وهو حديث منكر.
• وأما حديث الأعمش:
فيرويه إبراهيم بن عامر [أوصى أبو مسعود أحمد بن الفرات بالكتابة عنه، وقال أبو الشيخ: "كان صدوقًا، نزل أصبهان"، وقال أبو نعيم: "كان خيرًا فاضلًا". الجرح والتعديل (2/ 116)، طبقات المحدثين (2/ 20)، فتح الباب (244)، تاريخ أصبهان (1/ 214)، تاريخ الإسلام (19/ 68)]، ومحمد بن النضر بن حبيب الزبيري أبو الحسن [وليس هو الهلالي المترجم له في تاريخ الإسلام (20/ 466)، ترجم له أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 180)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا]:
عن عامر بن إبراهيم بن واقد [ثقة]، عن يعقوب [القمي]، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: رقبت رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة يصلي في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 214) و (2/ 180).
قلت: يعقوب بن عبد الله بن سعد القمى الأشعري: ليس به بأس [تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (1044)]، لكن الشأن في شيخه أبي سيف، فقد ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم:"لا أعرفه"[الجرح والتعديل (9/ 385)، فتح الباب (3691)]، فهو باطل من حديث الأعمش، لتفرد أبي سيف هذا به، لذا قال الدارقطني:"ولا يصح هذا عن الأعمش".
• وأما حديث عبيد الله بن زحر، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: رمقت عبد الله بن عمر خمسًا وعشرين ليلةً، فما سمعته يقرأ في ركعتي الفجر إلا بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} قال: فقلت له: رمقتك منذ خمس وعشرين ليلة فما رأيتك قرأت في هاتين الركعتين إلا بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}؟ فقال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما فيهما.
وقال ابن عمر: قال رسول الله عليه السلام: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} تعدل ربع القرآن، وهاتين الركعتين فيهما رغب الدهر"، وفي رواية: "فيهما من الرغائب والخير كله".
فأخرجه عبد الله بن وهب في الجامع (349)، والطبراني في الكبير (12/ 309 /
13493)، وفي الأوسط (186)، وابن عدي في الكامل (7/ 215)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1086).
من طريق يحيى بن أيوب الغافقي المصري، عن عبيد الله بن زحر به.
قال الطبراني: "لم يرو أول هذا الحديث في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} عن ليث إلا عبيد الله بن زحر، تفرد به: يحيى بن أيوب".
قلت: عبيد الله بن زحر: ليس به بأس، والأكثر على تضعيفه، ويحيى بن أيوب الغافقي المصري: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه، وقد سبق ذكره مرارًا.
وهو حديث مضطرب، اضطرب فيه ليث بن أبي سليم، كما قال الدارقطني.
• وأما حديث أسباط بن محمد [كوفي ثقة]، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ليلةً، أو خمسًا وعشرين ليلةً، أو شهرًا؛ فلم أسمعه في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب يقرأ إلا بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
فأخرجه ابن نصر في قيام الليل (70 - مختصره)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1089)، والبيهقي في الشعب (2/ 510/ 2555).
قال ابن نصر: "وهذا غير محفوظ عندي؛ لأن المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه: أنه روى عن حفصة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال: تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها".
• قلت: ورواه أيضًا: خلف بن موسى بن خلف العمي [صدوق]: ثنا حفص بن غياث، عن ليث، عن أبي محمد، قال: صحبت ابن عمر شهرًا، وسمعته يقرأ في ركعتي الفجر:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤهما.
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 184/ 13891).
• ورواه عبد الواحد بن زياد [ثقة]، عن ليث، قال: حدثني أبو محمد، قال: رمقت ابن عمر شهرًا، فسمعته في الركعتين قبل صلاة الصبح يقرأ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
قال: فذُكر له ذلك، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا، أو خمسة وعشرين يومًا، يقرأ في الركعتين قبل صلاة الصبح:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وقال:"إن إحداهما تعدل بثلث القرآن، والأخرى بربع القرآن، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل بثلث القرآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} تعدل بربع القرآن".
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (303)، وأبو يعلى (10/ 380/ 5720).
قال البخاري في الكنى (11): "وقال نافع وسالم عن ابن عمر: حدثتني حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين قبل الفجر، ورواه ليث بن أبي سليم عن أبي محمد عن ابن
عمر: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا يصح، ورواه أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر مثله، ولا يصح، والصحيح: حديث حفصة".
وقال الدارقطني: "وأبو محمد هذا: مجهول"، ثم قال:"كلها مضطربة، وليث مضطرب الحديث".
قلت: هو حديث مضطرب، اضطرب فيه ليث بن أبي سليم، كما قال الدارقطني، والصحيح: حديث حفصة، كما قال البخاري.
• ورواه ثوير بن أبي فاختة [ضعفوه، وتركه بعضهم. التهذيب (1/ 278)، وفي الإسناد إليه: إسماعيل بن عمرو البجلي، وهو: ضعيف، صاحب غرائب ومناكير. اللسان (1/ 155)]، ويوسف بن ميمون الصباغ [منكر الحديث]:
عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين مرة، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين قبل المغرب:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 434/ 13587)، وأبو الشيخ في فوائده بانتقاء ابن مردويه (15)، والدارقطني في الأفراد (1/ 545/ 3129 - أطرافه). وذكره في العلل.
وهذا منكر من حديث عطاء بن أبي رباح، وليس هو من حديثه.
• وأما حديث مندل بن علي [ضعيف]، عن جعفر بن محمد [وفي رواية: ثنا جعفر بن أبي جعفر الأشجعي]، عن أبيه، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الصبح [وفي رواية: في سفر، فقرأ بهم:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، فقال:"قرأت لكم ثلث القرآن وربعه".
فأخرجه عبد بن حميد (854)، وحرب الكرماني في مسائله (832)، وابن الضريس في فضائل القرآن (253)، وابن أبي حاتم في العلل (2/ 113/ 250)، والطبراني في الكبير (13/ 228/ 13957)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1024)، وأبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (22)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 259)، والخطيب في الموضح (1/ 538).
• وتابعه: غسان بن الربيع [صالح في المتابعات، وقد ضُعِّف. تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (199)]، قال: حدثنا جعفر بن ميسرة، عن أبيه، عن ابن عمر؛ في تعريس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم صلى بنا بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وقال:"صليت بكم بثلث القرآن، وبربع القرآن"، وقال:"إذا نسيت صلاة الفجر إلى صلاة العشاء الآخرة فذكرتها، فابدأ بها؛ فإنها كفارتها".
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 144)(3/ 94/ 3741 - ط. الرشد).
قال أبو حاتم: "ليس هذا جعفر بن محمد بن علي بن حسين، هذا جعفر بن أبي جعفر: شيخ ضعيف الحديث".
وقال ابن عدي: "وله عن أبيه عن ابن عمر أحاديث، وعن أبيه عن أبي هريرة أحاديث، وجملته ليس بالكثير، وهو منكر الحديث؛ كما قاله البخاري".
وقال الدارقطني: "وجعفر هذا هو جعفر بن أبي جعفر الأشجعى، وهو ضعيف، وأبوه أيضًا مثله".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به بهذا السياق أبو الوفاء جعفر بن أبي جعفر ميسرة الأشجعي، وهو: منكر الحديث جدًّا [اللسان (2/ 476)].
• وأما حديث أبي داود الأعمى نفيع بن الحارث [وهو: متروك، منكر الحديث، كان يكذب] عن ابن عمر مرفوعًا:
فأخرجه الطبراني في الكبير (13/ 187/ 13894) و (13/ 188/ 13895)، وابن عدي في الكامل (7/ 190)، وابن السماك في التاسع من فوائده "جزء حنبل"(10)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1087 و 1088)، وأبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (21)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 258).
° ونختم طرق حديث ابن عمر بكلام مختصر للأئمة فيه:
قال البخاري: "والصحيح: حديث حفصة"، وقال مسلم:"وهذا الخبر وهم عن ابن عمر"، وقال ابن نصر:"وهذا غير محفوظ عندي"، وقال الدارقطني:"وهذا الحديث إنما حدث به ابن عمر عن أخته حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من رواه عن ابن عمر أنه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد وهم عليه فيه".
3 -
حديث عائشة:
يرويه يزيد بن هارون [ثقة متقن، سمع من الجريري بعد الاختلاط]، وإسحاق بن يوسف الأزرق [ثقة، سمع بعد الاختلاط]:
حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا قبل الظهر، [وقال يزيد مرة: وركعتين بعدها]، وركعتين قبل الفجر، وكان يقول:"نعم السورتان هما، يقرؤونهما في الركعتين قبل الفجر [وفي رواية: يُقرأ بهما في ركعتي الفجر]: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ". لفظ يزيد.
ولفظ إسحاق [عند ابن خزيمة]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا قبل الظهر، وركعتين قبل العصر لا يدعهما، قالت: وكان يقول: "نعمت السورتان يُقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ".
أخرجه ابن ماجه (1150)، وابن خزيمة (3/ 163/ 1114)، وابن حبان (6/ 214/ 2461)، وأحمد (6/ 239)، وابن أبي شيبة (2/ 17/ 5951)، والطبراني في الأوسط (5/ 256/ 5247)، والبيهقي في الشعب (2/ 2556/510).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الجريري إلا يزيد بن هارون، تفرد به: سهل بن صالح"، قلت: قد رواه عن يزيد بن هارون جماعة، ولم ينفرد به، تابعه إسحاق.
لكنه حديث منكر بهذه الزيادة في القراءة في ركعتي الفجر، والله أعلم:
فقد رواه يزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، وعبد الوارث بن سعيد، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وحماد بن سلمة [وهم ثقات، وممن سمع من الجريري قبل اختلاطه]، وجماعة آخرون:
عن سعيد بن إياس الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن السُّوَر؟. . . الحديث؛ فلم يذكروا فيه موضع الشاهد.
أخرجه مسلم (717/ 76) و (732/ 115) و (1156/ 172)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 296/ 956).
ورواه أيضًا عن عبد الله بن شقيق: بديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، ومحمد بن سيرين، وخالد بن مهران الحذاء، وحميد بن أبي حميد الطويل، وكهمس بن الحسن.
فلم يذكر أحد منهم القراءة في ركعتي الفجر؛ ووقع في رواية خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين،. . . إلى أن قالت: وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر. فلم يذكر فيه القراءة في ركعتي الفجر.
راجع طرق حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة فيما تقدم برقم (955 و 956)، فضل الرحيم الودود (10/ 285 - 297).
4 -
حديث ابن مسعود:
يرويه أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]، وبدل بن المحبر [ثقة ثبت]، وعبد الرحمن بن واقد [صدوق يغلط]، وسعيد بن أشعث [سعيد بن أبي الربيع السمان: صدوق. التعجيل (374)]:
عن عبد الملك بن الوليد بن معدان، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل [قال ابن المحبر: عن زر وأبي وائل، وجعله سعيد عن زر وحده]، عن عبد الله، قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه الترمذي (431)، وابن ماجه (1166)، والبزار (5/ 231/ 1843)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (72 - مختصره). وأبو يعلى (8/ 463/ 5049)، والطحاوي (1/ 298)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 38)(2/ 525/ 967 - التأصيل)، وابن الأعرابي في المعجم (84)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (128)، والطبراني في الكبير (10/ 141/ 10250 و 10251)، وفي الأوسط (6/ 5767/52)، وابن عدي في الكامل (5/ 308)(8/ 376/ 13388 - ط. الرشد)، وابن شاهين في الناسخ (253)، وابن
بشران في الأمالي (766)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1090)، والبيهقي (3/ 43)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 42)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 456/ 884)، وفي الشمائل (585)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 490).
قال الترمذي: "حديث ابن مسعود حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن معدان عن عاصم".
وقال محمد بن يحيي الذهلي: "لو شاء قائل لقال: مسند، ولو شاء قائل لقال: منكر".
وقال البزار: "وهذه الأحاديث لا نعلم رواها عن عاصم عن أبي وائل وزر، فجمعهما إلا عبد الملك بن الوليد".
وقال العقيلي: "هو لا يتابع عليه بهذا الإسناد، وقد روي هذا المتن بإسناد جيد".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عاصم إلا عبد الملك بن الوليد بن معدان، والحسين بن واقد".
وقال ابن عدي بعد أن روى حديثين بهذا الإسناد: "وهذان الحديثان مع أحاديث يرويها عبد الملك عن عاصم بهذا الإسناد وغيره؛ مما لا يتابع عليه".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار: "حديث غريب".
قلت: هو حديث منكر؛ عبد الملك بن الوليد بن معدان الضبعي البصري: ضعيف، روى أحاديث عن عاصم بهذا الإسناد لا يتابع عليها، وهذا منها، قال فيه البخاري:"فيه نظر"[التهذيب (2/ 628)، المجروحين (2/ 135)].
• ويروى موقوفًا على ابن مسعود وأصحابه: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 50/ 6339 و 6343)، والطحاوي (1/ 300).
5 -
حديث أنس:
يرويه خلف بن موسى بن خلف العمي [صدوق]، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه البزار (13/ 462/ 7241)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 373/ 404)، والطحاوي (1/ 298)، والبيهقي في الشعب (2/ 499/ 2523)، والضياء في المختارة (7/ 120/ 2546 و 2547)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 486).
قلت: هو منكر من حديث قتادة، تفرد به عنه: موسى بن خلف العمي، وليس هو بذاك القوي، ولا يحتمل تفرده عن قتادة، والله أعلم.
6 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي [ثقة. سؤالات السلمي (2)، الإرشاد (2/ 609)، تاريخ بغداد (4/ 83)، تاريخ الإسلام (23/ 176)، السير (14/ 152)، اللسان
(1/ 429)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 310)]، ومحمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي [ثقة، روى عنه جماعة من المصنفين، منهم: أبو عوانة، والطحاوي، والعقيلي. تاريخ بغداد (1/ 397)، الأنساب (5/ 262 و 397)، المنتظم (12/ 278)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 109)]، ومحمد بن حاتم بن المظفر المروزي الكندي [لم أعثر له على ترجمة]:
عن يحيى بن معين، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خراش، يحدث عن جابر: أن رجلًا قام فركع ركعتي الفجر، فقرأ في الأولى:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ، حتى انقضت السورة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا عبد عرف ربه"، ثم قام فقرأ في الآخرة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، حتى انقضت السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا عبد آمن بربه". قال طلحة: فأنا أستحب أن أقرأ بهاتين السورتين في هاتين الركعتين.
أخرجه ابن حبان (6/ 213/ 2460)، والطحاوي (1/ 298)، وابن بشران في الأمالي (390)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1085)، والبيهقي في الشعب (2/ 500/ 2524)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 489).
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 489): "هذا حديث حسن".
قلت: وهو كما قال؛ طلحة بن خراش: صدوق، سمع جابر بن عبد الله [التهذيب (2/ 238)، جامع الترمذي (3010 و 3383)، سنن ابن ماجه (190 و 2800 و 3800)، تخريج الذكر والدعاء (29)]، ويحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري: روى عنه ابن معين هذا الحديث، وقال أحمد:"كتبنا عنه، ولم يكن به بأس"، وأثنى عليه، وقال الدولابي في الكنى (1/ 104/ 215):"حدثنا إبراهيم بن يعقوب السعدي، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الجهني؛ لا بأس به، ما كان أحسن عليه الثناء"، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه هذا الحديث [الجرح والتعديل (9/ 163)، التهذيب (4/ 370)].
7 -
حديث أبي أمامة:
يرويه علي بن إبراهيم بن أبي عزة [قال الخطيب: "كان ثقة". تاريخ بغداد (13/ 251 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (8/ 467 - ط. الغرب)]: أبنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي: ثنا سليمان - يعني: ابن سلمة -: ثنا سليم بن عثمان الطائي: ثنا محمد بن زياد [الألهاني الحمصي: ثقة]، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى بالحمد و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ، وفي الثانية بالحمد و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، لا يعدوهن.
أخرجه أبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (37).
* قال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 488): "وأما حديث أبي أمامة: فأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده بسند ضعيف، ولفظه مثل حديث أنس".
قلت: أظهر سنده في اللسان (4/ 186) حيث قال: "وقال الحسن بن سفيان في مسنده: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الزبيدي الحمصي: حدثنا سليم بن عثمان - وكان ثقة -: سمعت محمد بن زياد، يقول: سمعت أبا أمامة، يقول:
…
، فذكر حديثًا في قراءة سورة الإخلاص في ركعتي الفجر، وهو غريب من هذا الوجه، مشهور من رواية أبي هريرة، وغيره".
قلت: هو حديث باطل؛ سليم بن عثمان الطائي الفَوزي، أبو عثمان الحمصي: ليس بثقة، روى عن محمد بن زياد الألهاني أحاديث منكرة موضوعة [التاريخ الكبير (4/ 125)، الجرح والتعديل (4/ 216)، الثقات (6/ 415)، الكامل (3/ 317)، تاريخ الإسلام (14/ 183)، اللسان (4/ 184)]، وسليمان بن سلمة الخبائري: متروك، واتُّهم [اللسان (4/ 155)]، وأبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي: كان حافظًا إمامًا في هذا الشأن؛ إلا أنه كثير الغرائب وله أشياء أنكرت عليه، وقال الدارقطني:"هو كثير الخطأ"[انظر: الكامل (6/ 300)، سؤالات السلمي (285)، سؤالات السهمي (89 و 132)، تاريخ بغداد (3/ 209)، السير (14/ 383)، الميزان (4/ 27)، اللسان (7/ 473)، وراجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (2/ 148/ 145)].
وشيخ الحسن بن سفيان: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق: ضعيف، لاسيما لو روى عن عمرو بن الحارث الحمصي [التهذيب (1/ 111)، الميزان (1/ 181)، الجرح والتعديل (2/ 209)، تاريخ دمشق (8/ 109)، تهذيب تاريخ دمشق (2/ 410)][راجع فضل الرحيم الودود (3/ 101/ 226) و (7/ 287/ 653) و (10/ 178/ 936)].
8 -
حديث عبد الله بن جعفر:
يرويه أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي [ثقة]، قال: حدثنا أصرم بن حوشب: ثنا إسحاق بن واصل [الضبي]، عن أبي جعفر محمد بن علي [بن الحسين]، قال: قلنا لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب،: حدِّثنا بما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيتَ منه، ولا تحدِّثنا عن غيرك وإن كان ثقةً، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين السرة إلى الركبة عورة".
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الصدقة تطفئ غضب الرب".
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "شرار أمتي قومٌ وُلدوا في النعيم وغُذوا به، يكون من الطعام ألوانًا، [وبلبسون من الثياب ألوانًا، وبركبون من الدواب ألوانًا]، يتشدَّقون في الكلام".
وسرد أحاديث منها: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
أخرجه بتمامه أو طرفًا منه: الطبراني في الأوسط (5/ 52/ 4647) و (7/ 372/ 7761)، وفي الصغير (667)، والحاكم (3/ 568)(8/ 135/ 6560 - ط. الميمان)، وأبو نعيم في الطب النبوي (873)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 491).
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن جعفر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: أبو الأشعث".
وقال الذهبي: "أظنه موضوعًا؛ فإسحاق: متروك، وأصرم: متهم بالكذب".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 159): "وهو حديث منكر".
قلت: هو حديث موضوع؛ أصرم بن حوشب: كذاب خبيث، يضع الحديث على الثقات [اللسان (2/ 210)]، وإسحاق بن واصل: متروك هالك، وقد أورد الذهبي هذا الحديث في بلاياه [الميزان (1/ 202)، اللسان (2/ 81)].
***
1257 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا أبو المغيرة: حدثنا عبد الله بن العلاء: حدثني أبو زيادة عبيد الله بن زيادة الكندي، عن بلال أنه حدثه؛ أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤذنه بصلاة الغداة، فشغَلتْ عائشةُ رضي الله عنها بلالًا بأمرٍ سألته عنه حتى فضحه الصبح، فأصبح جدًّا، قال: فقام بلالٌ، فآذنه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما خرج صلى بالناس، وأخبره أن عائشة شغلته بأمرٍ سألته عنه، حتى أصبح جدًّا، وأنه أبطأ عليه بالخروج، فقال:"إني كنتُ ركعتُ ركعتي الفجر"، فقال: يا رسول الله، إنك أصبحتَ جدًّا، قال:"لو أصبحتُ أكثرَ مما أصبحتُ لركعتُهما، وأحسنتُهما، وأجملتُهما".
* حديث ضعيف
أخرجه أحمد في مسنده (6/ 14)، وعنه: أبو داود (1257)، ومن طريقه: الخطابي في غريب الحديث (1/ 168)، والبيهقي (2/ 471)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 430)، والمزي في التهذيب (19/ 46).
قال الخطابي في الغريب: "قوله: فضحه الصبح؛ أي: دهمته فضحة الصبح، والفضحة كالغبرة في اللون، وقال أبو عمرو: الأفضح الأبيض، وليس بشديد البياض"[وانظر: المعالم (1/ 273)].
قال النووي في الخلاصة (1790)، وفي رياض الصالحين (1103):"رواه أبو داود بإسناد حسن".
* تابع أحمد بن حنبل عليه:
إبراهيم بن هانئ [أبو إسحاق النيسابوري: ثقة. الجرح والتعديل (2/ 144)، الثقات (8/ 83)، سؤالات السلمي (46)، تاريخ بغداد (7/ 163)، السير (13/ 17)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 261)]، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة [صدوق]:
عن أبي المغيرة: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر: حدثنا أبو زيادة عبيد الله بن زيادة
الكندي، عن بلال؛ أنه أتى النبي رضي الله عنه يؤذنه بصلاة الغداة
…
فذكر مثله. كذا في رواية ابن نجدة بالعنعنة.
وقال إبراهيم بن هانئ: حدثنا عبد القدوس بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا أبو زيادة عبيد الله بن زيادة الكندي، عن بلال أنه حدثه؛ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الغداة
…
فذكر مثله. هكذا بالتصريح بسماع أبي زيادة من بلال [عند البزار والمحاملي].
أخرجه البزار (4/ 215/ 1381)، والمحاملي في الأمالي (28 - رواية ابن مهدي الفارسي)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 449/ 791)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/ 483 - 484/ 291)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 430).
* ورواه محمد بن عوف [الطائي الحمصي: ثقة حافظ]، قال: حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، قال: حدثني أبو زيادة عبيد الله بن زيادة، عن بلال؛ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الغداة، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح جدًّا، وأبطأ عليه بالخروج، ثم خرج فقال:"إني ركعت ركعتي الفجر"، فقالوا: يا رسول الله إنك أصبحت جدًّا، قال:"لو أني أصبحتُ أكثرَ مما أصبحثُ لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما".
أخرجه الدولابي في الكنى (2/ 1008/561).
هكذا وقع عند الدولابي في الكنى، وقد سقط من إسناده عبد الله بن العلاء بن زبر؛ فإن أبا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج لم يدرك أبا زيادة يقينًا، فكيف يقول: حدثني أبو زيادة؛ إنما حدثه عبد الله بن العلاء عن أبي زيادة، وعلى هذا فإن رواية محمد بن عوف لا تخالف رواية الجماعة عن أبي المغيرة، والله أعلم.
* ورواه سليمان بن عبد الرحمن [الدمشقي، ابن بنت شرحبيل: صدوق]: نا الوليد بن مسلم [ثقة ثبت]: نا عبد الله بن العلاء بن زبر: نا أبو زيادة عبيد الله بن زيادة البكري، عن بلال؛ أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الغداة، فحبسته عائشة بأمر سألته عنه حتى انفجر الصبح،
…
فذكر مثله.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 429).
* قال ابن أبي حاتم في المراسيل (429): "سألت أبي عن أبي زيادة البكري عبيد الله بن زيادة، الذي روى عن أبي الدرداء؟ فقال أبي: لم يدرك أبا الدرداء، وهو مرسل".
قلت: وبلال أقدم وفاة من أبي الدرداء؛ كانت وفاة أبي الدرداء في أواخر خلافة عثمان، سنة (33)، وقيل: سنة (32)[التهذيب (3/ 341)]، وأما بلال فقد توفي بالشام زمن عمر، سنة (20)، أو في طاعون عمواس سنة (17)، أو سنة (18)[التهذيب (1/ 254)]، فإذا كان أبو زيادة البكري لم يدرك أبا الدرداء، فعدم إدراكه لبلال أبين وأولى، لذا فقد جزم ابن حجر في التقريب بأن روايته عن بلال مرسلة، وكان قال قبلُ في
التهذيب: "وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: الظاهر أن روايته عن بلال مرسلة؛ فإن ابن أبي حاتم روى عن أبيه أنه لم يدرك أبا الدرداء، وقال: هو مرسل"[التهذيب (3/ 11)، إكمال مغلطاي (9/ 21)، بيان الوهم (5/ 43/ 2282) و (5/ 702)، الثقات (5/ 71)، وليس فيه ما نقله ابن حجر عنه، ولعل ابن حجر بيض لكلام ابن حبان ولم ينقله في حينه، ثم استظهر الإرسال من قبل نفسه بناء على كلام أبي حاتم، والله أعلم]، وعلى هذا فإن التصريح بالسماع الذي وقع في رواية أحمد بن حنبل وإبراهيم بن هانئ لا يعتدُّ به، ويحتمل أن يكون الخطأ فيه من أبي المغيرة نفسه، فقد رواه عنه غيرهما بالعنعنة، وكذلك رواه الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بالعنعنة، ويبدو أن البخاري لم يعتد بالسماع الوارد في رواية أبي المغيرة، فقال في التاريخ الكبير (5/ 382) عن عبيد الله:"عن بلال"، ولم يقل: سمع بلالًا.
وعلى هذا: فإن هذا الإسناد منقطع بين أبي زيادة وبلال، فإنه لم يدركه، فهو حديث ضعيف؛ لاسيما وهو يحكي واقعة جاءت على خلاف عادة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، حيث كان يصليها بغلس، وقد ثبت ذلك في عدد من الأحاديث الصحيحة، فمنها:
* حديث جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهرَ بالهاجرة، والعصرَ والشمسُ حية، والمغربَ إذا غربت الشمس، والعشاءَ: إذا كثر الناس عجَّل، وإذا قلوا أخَّر، والصبح بغلس. [متفق عليه، تقدم برقم (397)].
* ومنها: حديث عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح؛ فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يُعرفن من الغلس. [متفق عليه، تقدم برقم (423)].
* وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس، فينصرفن نساء المؤمنين، لا يُعرفن من الغلس، - أو: لا يعرف بعضهن بعضًا -[أخرجه البخاري (872)].
* ومنها: حديث أبي برزة: وآخره: وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة. [متفق عليه، تقدم برقم (398)، وقد دل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة بغلس، ويطيل فيها القراءة حتى ينصرف والرجل يعرف جليسه الذي يجلس إلى جواره من الغلس، قال ابن رجب: "وهذا يدل على شدة التغليس بها". الفتح (3/ 218)].
* ومنها: حديث سهل بن سعد، قال: كنت أتسحر في أهلي، ثم يكون سرعة بي: أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع الرسول صلى الله عليه وسلم. [أخرجه البخاري (577 و 1920)].
* وأما ما صح من حديث رافع بن خديج مرفوعًا: "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر"، فقد أجابوا عنه بأجوبة، أقربها: أن المراد بالإسفار: أن يتبين الفجر، ويتضح، فيكون نهيًا عن الصلاة قبل الوقت، وقبل تيقن دخول الوقت، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقيل: بل الإسفار يكون باستدامته الصلاة، لا بالدخول فيها، فيدخل فيها
بغلس، ويطيلها حتى يخرج منها وقد أسفر الصبح [راجع الحديث المتقدم برقم (424)]، والله أعلم.
كذلك فإن في الحديث ما يدل ظاهره على خلاف سنته صلى الله عليه وسلم في ركعتي الفجر من التخفيف، ففي قوله:"أحسنتهما وأجملتهما" ما يدل ظاهره على الإطالة فيهما، بخلاف ما جاء في حديث عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين قبل صلاة الفجر، حتى إني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟ [وهو حديث متفق على صحته، تقدم قريبًا برقم (1255)، وانظر شواهده هناك]، والله أعلم.
***
1258 -
. . . خالد: حدثنا عبد الرحمن - يعني: ابن إسحاق المدني -، عن ابن زيد، عن ابن سِيلان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدَعُوهما، وإن طردتكم الخيل".
* حديث ضعيف، صوابه موقوف على أبي هريرة بإسناد ضعيف
أخرجه أحمد (2/ 405)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 299)، وفي المشكل (10/ 321/ 4134)، وابن السماك في التاسع من فوائده "جزء حنبل"(1 4)، والخطيب في الموضح (2/ 246 و 265)، وتاج الدين السبكي في معجم الشيوخ (237)، وغيرهم.
رواه عن خالد بن عبد الله الواسطي الطحان [وهو: ثقة ثبت]: مسدد بن مسرهد [وهذا لفظه]، وخلف بن الوليد [ولفظه:"لا تدعوا ركعتي الفجر، وإن طردتكم الخيل"] [عند أحمد]، وسعيد بن سليمان الواسطي [ولفظه:"لا تتركوا ركعتي الفجر، وإن طردتكم الخيل"] [عند الطحاوي]، وداود بن عمرو بن زهير الضبي [ولفظه:"لا تدعوا ركعتي الفجر، وإن طرتتكم الخيل"] [في جزء حنبل][وهم ثقات]، وغيرهم.
وفي رواية سعيد بن سليمان ويحيى الحماني: محمد بن زيد بن قنفذ.
* تابع خالدًا عليه:
هارون بن مسلم صاحب الحناء [لين الحديث. الجرح والتعديل (9/ 94)، الثقات (9/ 237)، سؤالات البرقاني (526)، تاريخ الإسلام (12/ 430)، التعجيل (1119)، التهذيب (4/ 256)]، وهارون بن موسى [كذا وقع في الرواية عند الخطيب، من رواية سوبد بن سعيد عنه، وسويد: تغير بعدما عمي، وصار يتلقن، فضعِّف بسبب ذلك، وكأن الخطيب أنكره، لكونه معروفًا من حديث هارون بن مسلم صاحب الحناء، فقال: "كذا قال: عن سويد، قال: حدثنا هارون بن موسى"، وفي الإسناد إلى سويد من يجهل حاله]:
قال: نا عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن ابن سِيلان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتركوا ركعتي الفجر، وإن طرقتكم الخيل".
أخرجه البزار (115/ 9/ 8177)، والخطيب في الموضح (2/ 265).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 64): "ليس إسناد حديث أبي داود بالقوي".
قلت: هكذا رفعه عبد الرحمن بن إسحاق المدني، المعروف بعبَّاد: ليس به بأس، وليس هو ممن يعتمد على حفظه، ففي بعض حديثه ما ينكر ولا يتابع عليه [التهذيب (2/ 487)، الميزان (2/ 547)].
* وقد خالفه من هو أحفظ منه وأثبت؛ فأوقفه على أبي هريرة، وهو الصواب:
رواه بشر بن المفضل [ثقة ثبت، وعنه: نعيم بن الهيصم، وهو: ثقة]، وحفص بن غياث [ثقة]:
عن محمد بن زيد، عن عبد ربه بن سيلان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إن طلبتك الخيل هاربًا؛ فلا تترك ركعتي الفجر. لفظ بشر.
وفي رواية حفص [عند ابن أبي شيبة]: عن عبد ربه، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: لا تدع ركعتي الفجر، ولو طرقتك الخيل.
وفي رواية أخرى له [من رواية ابنه عمر عنه، عند الخطيب بإسناد صحيح إليه]: عن عبد ربه بن الرويثي، قال: قال لي أبو هريرة رضي الله عنه: لا تدع ركعتي الفجر؛ وإن اتبعتك الخيل.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 49/ 6324)، والخطيب في الموضح (2/ 265 و 266)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 76).
ثم أسند الخطيب بإسناد صحيح إلى: عباس الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول:"الرويثي هذا هو: ابن سيلان".
وهذا هو الصواب موقوفًا على أبي هريرة قوله، بإسناد ضعيف؛ لجهالة ابن سيلان.
قال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 76): "عبد ربه بن سيلان: حديثه في أهل المدينة، سمع أبا هريرة رضي الله عنه قوله، قاله بشر بن المفضل، عن محمد بن زيد بن مهاجر.
وقال حفص بن غياث: عن محمد، عن عبد ربه الرويثي".
قلت: لم يشر البخاري إلى رواية عبد الرحمن بن إسحاق المرفوعة، وإنما اقتصر على ذكر من رواه موقوفًا، وفي ذلك إشارة إلى أن المحفوظ فيه الوقف، والله أعلم.
وقال الدارقطني في العلل (9/ 68/ 1648): "يرويه محمد بن زيد بن مهاجر، واختلف عنه؛ فرواه عبد الرحمن بن إسحاق عنه مرفوعًا، قاله خالد الواسطي، وهارون بن مسلم.
ووقفه ابن علية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، والموقوف أشبه بالصواب".
قلت: وعبد ربه بن سيلان هو راوي هذا الحديث عن أبي هريرة، كما يظهر من سياق طرق الحديث، وليس هو جابر بن سيلان [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (256) (3/ 238/ 256 - فضل الرحيم الودود)، وجابر بن سيلان هذا: لم يرو إلا عن ابن مسعود، ولا عنه إلا محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ؛ وهو مجهول، قال ابن القطان الفاسي: "حاله مجهولة، لا تعرف"].
وأما عبد ربه بن سيلان: فقد قال البرقاني في سؤالاته للدارقطني: "قلت له: محمد بن زيد بن مهاجر عن ابن سيلان، من هو؟ فقال: قد قيل: اسمه عيسى، وقيل: عبد ربه، مديني يعتبر به"، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يرو عنه إلا محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، ولا يُعرف له غير هذا الحديث؛ فهو مجهول، قال ابن القطان الفاسي:"حاله مجهولة، لا تعرف"[بيان الوهم (3/ 386)][التاريخ الكبير (6/ 76)، الجرح والتعديل (6/ 40)، الثقات (5/ 132)، سؤالات البرقاني (390)، الموضح (2/ 265)، بيان الوهم (3/ 386)].
وقال النووي في المجموع (4/ 33)، والخلاصة (1791):"رواه أبو داود، ولم يضعفه، وفي إسناده رجل مختلف في توثيقه".
* وله طريقان آخران عن أبي هريرة:
1 -
روى أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، قال: حدثني الحسن بن علي بن سليمان الراسبي الكوفي، قال: ثنا محمد بن عبد الله التميمي، قال: ثنا شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا ركعتي الفجر، وإن طرقتكم الخيل".
أخرجه جعفر الخلدي في جزء من فوائده (225)، وابن المظفر في غرائب شعبة (184).
وهذا باطل من حديث شعبة؛ محمد بن عبد الله التميمي هذا إن كان هو العمي البصري، فهو: لين الحديث [التهذيب (3/ 620)، التقريب (547)]، وإلا فهو مجهول.
والراوي عنه إن كان هو القطان، فقد وثقه الدارقطني والخطيب [سؤالات السهمي (248)، تاريخ بغداد (7/ 375)، السير (13/ 559)]، وإلا فلم أعرفه، والأقرب عندي أنه إسناد مجهول تفرد به: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، وهو: ضعيف، واتهم [انظر: اللسان (1/ 594)].
2 -
وروى أبو سعد السمان، قال: ثنا أبو العتاهية فتاح بن القاسم بن محمد الخطيب بن أبي طلحة بقزوين بقراءتي عليه: أنبا أبو سعيد القاسم بن علقمة الشروطي: ثنا الحسن بن علي بن نصر الطوسي: ثنا عبد الله بن محمد الهاشمي البصري: ثنا المنذر بن زياد: ثنا محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدع ركعتي الفجر، وإن طلبتك الخيل".
علقه الرافعي في التدوين (4/ 20).
وهذا حديث موضوع؛ المنذر بن زياد الطائي: كذاب، يضع الحديث [اللسان (8/ 152)]، والراوي عنه هو: عبد الله بن محمد بن القاسم العبادي الهاشمي البصري؛ قال ابن حبان في المجروحين (2/ 44): "عبد الله بن محمد بن القاسم، مولى جعفر بن سليمان الهاشمي: يروي عن يزيد بن هارون المقلوبات، وعن غيره من الثقات الملزقات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"[انظر: اللسان (4/ 578)]، والراوي عنه: أبو علي الطوسي صاحب المستخرج على الترمذي: ثقة حافظ [طبقات المحدثين (4/ 295)، الإرشاد (3/ 866)، السير (14/ 287)]، والراوي عنه: أبو سعيد القاسم بن علقمة الشروطي الأبهري، قال الخليلي في الإرشاد (2/ 775):"كان قيمًا فيما يرويه [كذا في الإرشاد، وفي الثقات: كان فهمًا لما يرويه]، وله في الفقه والشروط محل كبير"، وقال الذهبي:"شيخ عالي الإسناد"[انظر: تاريخ الإسلام (8/ 636 - ط. الغرب). الثقات لابن قطلوبغا (8/ 10)]، والفتاح بن القاسم بن محمد بن أحمد بن منصور القطان القزويني أبو العتاهية بن أبي طلحة بن أبي منذر الخطيب: ترجم له الرافعي في التدوين (4/ 20)، وقال:"كان هو وآباؤه من أهل العلم والخطابة"، وأبو سعد السمان إسماعيل بن علي بن الحسين، قال السمعاني في الأنساب: "كان حافظًا رحالًا،
…
، وكان شيخ المعتزلة بالري في عصره"، وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي الحافظ في معجم شيوخه: "شيخ ثقة في الرواية، حافظ يفهم، ولكنه يقول بتفويض الأعمال إلى العباد، وينكر القدر"، قال الذهبي: "ومع براعته بالحديث ما نفعه الله به"، وحمل عليه في السير، وقال: "وأنى يوصف من قد اعتزل وابتاع، وبالكتاب والسُّنَّة فقل ما انتفع؟ فهذا عبرة، والتوفيق فمن الله وحده"، وقال أيضًا: "ولو تغرغر أبو سعد بحلاوة الإسلام، لانتفع بالحديث" [الأنساب (3/ 292)، تاريخ دمشق (9/ 21)، تاريخ الإسلام (30/ 111)، السير (18/ 55)].
***
1259 -
. . . زهير: حدثنا عثمان بن حكيم: أخبرني سعيد بن يسار، عن عبد الله بن عباس؛ أن كثيرًا مما كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتي الفجر: بـ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} هذه الآية، قال: هذه في الركعة الأولى، وفي الركعة الآخرة بـ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52].
* حديث صحيح
أخرجه أبو عوانة (2/ 20/ 2162)، وعبد بن حميد (707)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 43).
رواه عن زهير بن معاوية [وهو: ثقة ثبت]: أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت].
* وتابعه: مروان بن معاوية الفزاري [ثقة حافظ]، وعيسى بن يونس [ثقة مأمون]، وعبد الله بن نمير [ثقة]، ويعلى بن عبيد الطنافسي [ثقة]:
عن عثمان بن حكيم الأنصاري، قال: أخبرني سعيد بن يسار؛ أن ابن عباس أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .
أخرجه مسلم (727/ 99 و 100)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 1646/322 و 1647)، والنسائي في المجتبى (2/ 155/ 944)، وفي الكبرى (1/ 487/ 1018) و (10/ 93/ 11089)(2/ 526/ 1109 - ط. التأصيل) و (11/ 105/ 11268 - ط. التأصيل)، وأحمد (1/ 230 و 231)، والطحاوي (1/ 298)، والبيهقي (3/ 42)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 801)، والواحدي في تفسيره الوسيط (1/ 220).
وقال ابن معين بأن إسناده جيد.
* قال عباس الدوري في تاريخه (3/ 2549/521): "ناظرتُ يحيى بن معين في حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}؛ فقال يحيى: قد روي عن عثمان بن حكيم، عن سعيد بن يسار، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}، فقلت ليحيى: ما تقول في إسناده؟ قال: جيد، قلت: فإن أخذ به إنسان؟ قال: لا بأس، قلت: فإن لم يقرأ بهذا، ولا بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، وقرأ بشيء آخر من القرآن؟ قال: يجزيه".
* خالف هؤلاء الثقات الخمسة في الآية الثانية:
أبو خالد الأحمر، فرواه عن عثمان بن حكيم، عن سعيد بن يسار، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} ، والتي في آل عمران:{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} . وفي رواية: وفي الأخرى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} إلى قوله: {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].
أخرجه مسلم (727/ 100)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 1647/322)، وابن خزيمة (2/ 163 - 164/ 1115)، والحاكم (1/ 307)(2/ 74/ 1165 - ط. الميمان)، وابن أبي شيبة (2/ 50/ 6338)، والبيهقي (3/ 42)، والبغوي في الشمائل (586).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه، وتعقبه ابن حجر في الإتحاف (7/ 230/ 7706).
قلت: وهم أبو خالد الأحمر في جعل الآية الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)} [آل عمران: 64]، وإنما هي كما رواها الجماعة عن عثمان: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ
نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)} [آل عمران: 52]، وقد يكون السبب في وقوع هذا الخطأ من أبي خالد الأحمر وجود وجه من الشبه في آخر الآيتين حيث التبس عليه رأس الآية، ثم أكمل الآية من قبل نفسه تفسيرًا وتسهيلًا، والله أعلم.
وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان: كوفي صدوق، لكنه ليس بذاك الحافظ الذي يحتمل منه مخالفة هؤلاء الثقات، قال البزار:"ليس ممن يلزم بزيادته حجة، لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظًا، وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره: لم يتابع عليها"، وقال ابن عدي:"وإنما أُتي هذا من سوء حفظه، فيغلط ويخطئ، وهو في الأصل كما قال ابن معين: صدوق، وليس بحجة"[الكامل (3/ 282)، إكمال مغلطاي (6/ 50)، التهذيب (2/ 89)][راجع الحديث رقم (698)، والحديث رقم (1152)].
وقد أشار الإمام مسلم إلى مخالفة أبي خالد روايةَ الثقات، حيث بدأ بحديث مروان بن معاوية فساقه بتمامه، ثم أتبعه بحديث أبي خالد وساقه بتمامه، ثم أشار إلى المخالفة بقوله:"وحدثني علي بن خشرم: أخبرنا عيسى بن يونس، عن عثمان بن حكيم، في هذا الإسناد، بمثل حديث مروان الفزاري"، ولا يخفى على مسلم أوهام أبي خالد ومخالفته للثقات في بعض حديثه، فكأنه أراد بسياقه بيان مخالفته وإعلاله، لا الاحتجاج بروايته، والله أعلم.
وقد أدرك البيهقي مخالفة أبي خالد لرواية الثقات، ففعل مثلما فعل مسلم بإيراد حديث مروان الفزاري، ثم أتبعه بحديث أبي خالد، ثم قال:"ورواه زهير بن معاوية، وعيسى بن يونس، وعبد الله بن نمير، عن عثمان بن حكيم، بمعنى رواية مروان بن معاوية الفزاري".
* وقد روي عن ابن عباس بإسناد آخر بسياق آخر:
رواه أبو تميلة يحيى بن واضح [مروزي، ثقة]: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن معبد، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر في الركعة الأولى: {آمَنَ الرَّسُولُ} حتى يختمها، وفي الثانية من آل عمران:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية.
أخرجه أبو يعلى (4/ 468/ 614 - مطالب). والطبراني في الكبير (10/ 330/ 10816)، والخطيب في المتفق (3/ 1442/ 833).
* وهِم في إسناده أبو تميلة، وقد أتى به على الصواب بلديُّ ابن إسحاق، وأثبت الناس فيه:
رواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق]، عن ابن إسحاق، قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس [ثقة، من السادسة، يروي عن التابعين]، عن بعض أهله، عن عبد الله بن عباس، أنه كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتيه قبل الفجر بفاتحة القرآن، والآيتين من خاتمة البقرة في الركعة الأولى، وفي
الركعة الأخرى بفاتحة القرآن، وبالآية من آل عمران:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} حتى يختم الآية.
أخرجه أحمد (1/ 265)(2/ 589/ 2423 - ط. المكنز).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل المبهم، والمعروف عن ابن عباس ما تقدم بيانه، والله أعلم.
***
1260 -
. . . عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عمر - يعني: ابن موسى -، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر:{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} في الركعة الأولى، و [في الركعة الأخرى] بهذه الآية:{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} أو {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} [البقرة: 119].
شك الداروردي.
* حديث غير محفوظ
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 108)، والمزي في التهذيب (19/ 466).
رواه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي: محمد بن الصباح بن سفيان [ثقة]، وابراهيم بن حمزة الزبيري [ليس به بأس].
* ورواه سعيد بن منصور [ثقة حافظ]، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، قال: ثنا عثمان بن عمر بن موسى، قال: سمعت أبا الغيث، يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في السجدتين قبل الفجر، في السجدة الأولى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} الآية، وفي السجدة الثانية:{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} .
أخرجه الطحاوي (1/ 298)، والبيهقي (3/ 43).
قال البيهقي: "هكذا أخبرناه بلا شك، وقد رواه محمد بن الصباح عن عبد العزيز الدراوردي بالشك في قوله: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ} [آل عمران: 53] فلم يدر هذه الآية أو: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} [البقرة: 119] وكذلك إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي".
قلت: سالم أبو الغيث المدني مولى ابن مطيع: ثقة، احتج به الشيخان، وعثمان بن عمر بن موسى التيمي المدني قاضيها: يوافق الثقات من أصحاب الزهري في حديثه عن الزهري، وقلما يخالفهم [انظر: صحيح البخاري (5576)، علل الدارقطني (4/ 368) و (7/ 284) و (8/ 96) و (10/ 76)]، فهو: صدوق حسن الحديث، روى عنه جماعة من