الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، وأما قول ابن معين بأنه لا يعرفه، وإقرار ابن عدي له عليه؛ فلا يقدح فيه، إذ قد عرفه غيره [انظر: التهذيب (3/ 74)، الثقات (7/ 200) و (8/ 441)، التاريخ الكبير (6/ 178 و 239)، الجرح والتعديل (6/ 124/ 159)].
وعبد العزيز بن محمد الدراوردي: صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره].
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذا الحديث غير محفوظ؛ وقد يكون الوهم فيه من قِبَل عثمان بن عمر التيمي، فإنه مع تقدمه [وهو من الطبقة السادسة] لم يوثقه أحد أئمة هذا الشأن المعتبرين [لذا قال فيه ابن حجر في التقريب: مقبول]، وإن كان حديثه الغالب عليه الاستقامة كما تقدم بيانه؛ إلا أن مثل هذا لا يُؤمَن عليه الوهم.
كذلك يحتمل أن يكون الوهم فيه من قِبَل عبد العزيز الدراوردي لأجل ما قيل فيه، وفي الحديث قرينة على عدم ضبطه له حيث رواه مرة بالشك في الآية الثانية، ومرة بالجزم، فكان فيه مترددًا، كذلك فقد اختلف عليه في الآية الأولى، فمرة يجعلها:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 136][كما في رواية سعيد بن منصور وإبراهيم بن حمزة عنه]، ومرة يجعلها:{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [آل عمران: 84][كما في رواية محمد بن الصباح بن سفيان عنه]، فهذا دليل على اضطرابه في متنه، وأنه لم يكن يضبطه.
والبخاري لما أخرج في تاريخه حديث أبي الغيث هذا عن أبي هريرة أعقبه بحديث أبي حازم عن أبي هريرة في القراءة بسورتي الإخلاص [تقدم معنا برقم (1256)، وقد أخرجه مسلم (726)]، وفي هذا إشارة خفية لإعلال حديث أبي الغيث؛ وذلك لأنه لا علاقة لحديث أبي حازم عن أبي هريرة بترجمة أبي الغيث، كما أن ذكره لم يكن استطرادًا لبيان الاختلاف الواقع في إسناد حديث أبي الغيث وذلك لعدم اتحاد المخرج؛ سوى أن حديث أبي حازم يخالف حديث أبي الغيث فيما يُقرأ في هاتين الركعتين من حديث أبي هريرة، وهو أصح منه، والبخاري ومسلم قد احتجا بأحاديث مما رواه ثور بن زيد عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة، بل مما رواه عبد العزيز الدراوردي عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة [انظر: التحفة (12914 - 12925)]، فبقي أن يكون البخاري قد ألمح إلى وقوع الوهم ممن هو دون أبي الغيث، مثل عثمان بن عمر أو الدراوردي، والله أعلم.
***
293 - باب الاضطجاع بعدها
1261 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد، وأبو كامل، وعبيد الله بن عمر بن ميسرة، قالوا: حدثنا عبد الواحد: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح، فليضطجع على يمينه".
فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدَنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ قال عبيد الله في حديثه: قال: لا، قال: فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه، قال: فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئًا مما يقول؟ قال: لا، ولكنه اجترأ وجَبُنَّا، قال: فبلغ ذلك أبا هريرة، قال: فما ذنبي إن كنتُ حفظتُ ونسَوا.
* حديث شاذ، والمحفوظ من فعله صلى الله عليه وسلم، لا من قوله.
أخرجه من طريق أبي داود، أو من طريق أحد مشايخه الثلاثة: ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 440/ 1588 - السفر الثاني). وابن حزم في المحلى (3/ 196)، والبيهقي (3/ 45)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 126).
هكذا رواه عن عبد الواحد بن زياد: مسدد بن مسرهد [ثقة حافظ]، وأبو كامل الجحدري فضيل بن حسين [ثقة حافظ]، وعبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري [ثقة ثبت].
* وتابعهم: بشر بن معاذ العقدي [ثقة]، وعفان بن مسلم [ثقة ثبت]، وأبو سلمة التبوذكي موسى بن إسماعيل [ثقة ثبت]:
عن عبد الواحد بن زياد: حدثنا سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح، فليضطجع على جنبه الأيمن". لفظ عفان [عند أحمد]، وأما لفظ بشر [عند ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما]، وأبي سلمة التبوذكي [عند ابن أبي خيثمة] فهو بمثل لفظ عبيد الله القواريري مطولًا بالقصة.
أخرجه الترمذي (420)، وابن خزيمة (2/ 167/ 1120)، وابن حبان (6/ 220/ 2468)، وأحمد (2/ 415)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 440/ 1587 - السفر الثاني). والبزار (16/ 129/ 9215)[ووقع عنده من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله، وهو وهم على راويه بشر بن معاذ]. والقاسم بن زكريا المطرز في فوائده (84)، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي في مجلس من أماليه "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (158)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 460/ 887)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 349).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا عبد الواحد بن زياد".
وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة: حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه.
وقد روي عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر في بيته اضطجع على يمينه. وقد رأى بعض أهل العلم أن يفعل هذا استحبابًا" [ووقع في مستخرج الطوسي (2/ 376/ 406): "حسن غريب"، بدون: "صحيح"].
وقد مشى على ظاهر الإسناد فصححه جماعة، منهم: النووي [رياض الصالحين (1112)، شرح مسلم (6/ 19)، وقال: "فهذا حديث صحيح، صريح في الأمر بالاضطجاع". المجموع (4/ 35)، وقال: "حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم". الخلاصة (1806)]، وابن الملقن [التوضيح (6/ 373)، وقال: "بإسناد صحيح على شرط الشيخين"]، وغيرهم.
وقال البيهقي: "وهذا يحتمل أن يكون المراد به الإباحة، فقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، حكايةً عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا خبرًا عن قوله".
* قلت: لم يتابع عليه عبد الواحد بن زياد، بل قد خولف فيه:
1 -
فقد رواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق]، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث [مدني، ثقة]، عن أبي صالح السمان، قال: سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم، وهو على المدينة [وفي رواية: يقول لمروان وهو على المنبر]؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفصل بين ركعتيه من الفجر، وبين الصبح بضجعة على شقه الأيمن. هكذا من فعله صلى الله عليه وسلم، لا من قوله.
أخرجه ابن هانئ في مسائله لأحمد (532)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 376/ 406)، والبيهقي (3/ 45).
وهذا إسناد مدني جيد؛ لأجل ابن إسحاق، وقد حفظه؛ لاشتماله على قصة، ولأن الحديث الذي عرف في بلده أولى من الحديث الذي لم يُعرف إلا خارجها، ولم يشتهر.
قال الطوسي: "حديث أبي هريرة: حديث حسن غريب، وقد روي عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على يمينه، وقد رأى بعض أهل العلم أن يفعل هذا استحبابًا".
وقال البيهقي: "وهذا أولى أن يكون محفوظًا؛ لموافقته سائر الروايات عن عائشة، وابن عباس".
قلت: ولم ينفرد بذلك محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، بل تابعه عليه أهل بيت أبي صالح السمان:
2 -
فقد رواه النضر بن شميل، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الصمد بن عبد الوارث [وهم ثقات أثبات]:
أخبرنا شعبة: حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع.
أخرجه ابن ماجه (1199)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 33)، والقاضي أبو عبد الله الجلابي في جزئه (8) (22) (2/ 221/ 1840 - مجموع أجزاء حديثية مطبوع بعنوان: الفوائد لابن منده).
• وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (524): قرأت على أبي عبد الله [يعني:
أحمد بن حنبل]: عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن سهيل، عن أبي صالح - قال محمد: عن ابن ذكوان، عن أبيه -؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع. أرسله فلم يذكر أبا هريرة.
إن كان هكذا محفوظًا في كتاب أحمد الذي أخرجه لابن هانئ، وقرأه عليه، فيحتمل أن يكون شعبة رواه مرة هكذا موصولًا، ومرة مرسلًا، والله أعلم.
3 -
تابعه على رواية الوصل: أبو كدينة يحيى بن المهلب [كوفي ثقة. التهذيب (4/ 393)، سؤالات أبي داود (412)][وعنه: محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدي، أبو جعفر الكوفي الأصم، وهو: ثقة]، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع بعد ركعتي الفجر على شقه الأيمن، ثم يجلس.
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 177/ 1460).
وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 321): "وقال أبو طالب: قلت لأحمد: حدثنا أبو الصلت [لعله قال: ابن الصلت، وتصحفت إلى أبي الصلت]، عن أبي كدينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اضطجع بعد ركعتي الفجر، قال: شعبة لا يرفعه".
قلت: المعروف عن شعبة الوصل والإرسال، وهو في كتاب أحمد نفسه مرسلًا [كما نقله عنه ابن هانئ]، والأقرب عندي: أن الحديث محفوظ عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا من فعله صلى الله عليه وسلم، فقد تابع شعبة على وصله أبو كدينة، وتابع سهيلًا عليه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي.
كذلك فقد اتفق الشيخان على إخراجه من حديث عائشة من فعله صلى الله عليه وسلم، لا من قوله.
* وقد رويت مسألة الاضطجاع التي جرى الحوار فيها بين أبي هريرة ومروان بن الحكم من وجه آخر موقوفًا على أبي هريرة:
فقد روى عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان [الثوري]، عن أبي إسحاق [السبيعي]، عن مجاهد؛ أن مروان سأل أبا هريرة عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر؟ فقال: لا حتى تضطجع.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 54/ 6383).
وهذا صورته مرسل؛ فإن مجاهدًا يحكيه حكاية، ولا يرويه رواية، فيحتمل عدم شهوده للواقعة، كما أنه مختلف في سماعه من أبي هريرة [تحفة التحصيل (295)].
* قلت: عبد الواحد بن زياد البصري: ثقة، من أصحاب الأعمش، وافق أصحاب الأعمش في كثير من حديثه، وروايته عنه في الصحيحين، وقد يهم عليه أحيانًا [وقد تقدم ذكره مرارًا، وراجع مثلًا: الحديث رقم (468)، علل الترمذي الكبير (708)، علل الدارقطني (2/ 151/ 176) و (3/ 224/ 375) و (4/ 145/ 475) و (5/ 170/ 802) و (5/ 183/ 807) و (5/ 231/ 841) و (5/ 256/ 864) و (8/ 167/ 1484) و (10/ 169/ 1962) و (10/ 193/ 1968) و (13/ 269/ 3162) و (15/ 198/ 3944)].
قال يحيى بن سعيد القطان: "ما رأيت عبد الواحد بن زياد يطلب حديثًا قط بالبصرة ولا بالكوفة، قال يحيى: وكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة أذاكره حديث الأعمش، لا يعرف منه حرفًا"، وقال أبو داود الطيالسي:"عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها، يقول: حدثنا الأعمش قال: حدثنا مجاهد في كذا وكذا"، وقال ابن عدي:"وعبد الواحد من أجلة أهل البصرة، وقد حدث عنه الثقات المعروفون بأحاديث مستقيمة عن الأعمش وغيره، وهو ممن يصدق في الروايات"، وقدمه ابن معين في أصحاب الأعمش [ضعفاء العقيلي (3/ 55)، الجرح والتعديل (6/ 20)، الكامل (5/ 300)، تاريخ الإسلام (4/ 685 - ط. الغرب). السير (9/ 7)، وغيرها].
وهو هنا قد تفرد بهذا الحديث عن الأعمش، ولم يتابع عليه، بل قد خولف فيه، خالفه اثنان من الثقات عن أبي صالح، وأعرض عن حديثه هذا صاحبا الصحيح، ولم يروه شعبة عن الأعمش، مع كونه مكثرًا عنه ومن أثبت الناس فيه، وإنما رواه عن سهيل، وأين أصحاب الأعمش على كثرتهم من هذا الحديث حتى يتفرد به عبد الواحد دون: الثوري، وشعبة، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، وأبي عوانة، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد القطان، وجرير بن عبد الحميد، وأبي أسامة حماد بن أسامة، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، وهشيم، وسفيان بن عيينة، وأبي الأحوص، وشيبان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن إدريس، وعبثر بن القاسم، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبد الله بن نمير، وعبدة بن سليمان، وعلي بن مسهر، وعيسى بن يونس، وأبي نعيم، ومحمد بن بشر العبدي، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وأخيه يعلى، ومحمد بن فضيل، ومفضل بن مهلهل، وهريم بن سفيان، وخلائق غيرهم.
بل قد عدَّ الإمام أحمد وغيره هذا الحديث من أوهامه على الأعمش، واستغربه الترمذي من هذا الوجه.
* قال الأثرم: "سمعت أحمد بن حنبل يسئل عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر؟ فقال: ما أفعله أنا، فإن فعله رجل، ثم سكت كأنه لم يعبه إن فعله، قيل له: لِمَ لَمْ تأخذ به؟ فقال: ليس فيه حديث يثبت، قلت له: حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة؟ قال: رواه بعضهم مرسلًا"[التمهيد (8/ 126)، [الاستذكار (2/ 97)، التوضيح (9/ 146)].
وقال الأثرم أيضًا: "لم يثبته أبو عبد الله"[الناسخ (83)].
وسأله ابن هانئ عن الاضطجاع؟ فقال: "ما فعلته إلا مرة، يروى عن أبي هريرة، وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هو أمرًا من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "[مسائل ابن هانئ (526 و 536)، [وانظر: مسائل الكوسج (295)].
وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 321): "وقال أبو طالب: قلت لأحمد: حدثنا أبو الصلت، عن أبي كدينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اضطجع بعد ركعتى الفجر، قال: شعبة لا يرفعه.
قلت: فإن لم يضطجع عليه شيء؟ قال: لا، عائشة ترويه وابن عمر ينكره.
وقال الخلال: وأنبانا المروزي؛ أن أبا عبد الله [يعني: الإمام أحمد] قال: حديث أبي هريرة ليس بذاك، قلت: إن الأعمش يحدث به عن أبي صالح عن أبي هريرة؟ قال: عبد الواحد وحده يحدث به"، قلت: لم يقنع به أحمد، حتى يقبل تفرده بذلك، مع مخالفته غيره، وقد قرر أحمد - كما تقدم - أن المحفوظ فيه الفعل، لا الأمر.
وقال ابن العربي: "إنه معلول؛ لم يسمعه أبو صالح من أبي هريرة، وبين الأعمش وأبي صالح كلام"[عارضة الأحوذي (2/ 217)، التوضيح (9/ 146)]، ولم أقف على من سبقه إلى ذلك.
وقال ابن القيم في الزاد (1/ 319): "وسمعت ابن تيمية يقول: هذا باطل، وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد، وغلط فيه، وأما ابن حزم ومن تابعه فإنهم يوجبون هذه الضجعة، ويبطل ابن حزم صلاة من لم يضطجعها بهذا الحديث، وهذا مما تفرد به عن الأمة".
وقال الذهبي في الميزان (2/ 672): "عبد الواحد بن زياد أبو بشر العبدي البصري: أحد المشاهير، احتجا به في الصحيحين، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه، فيحدث عن الأعمش بصيغة السماع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه"، أخرجه أبو داود"، ثم نقل كلام القطان والطيالسي الآنف ذكره، وبعض كلام أئمة الجرح والتعديل فيه.
وقال في ديوان الضعفاء (2/ 131/ 2657): "فمن يكون هذه حالته كيف يفرض ابن حزم على الأمة بخبره المنكر الاضطجاع بعد سنة الصبح".
يشير بذلك إلى ما قاله ابن حزم في محلاه (3/ 196): "كل من ركع ركعتي الفجر لم تجزه صلاة الصبح؛ إلا بان يضطجع على شقه الأيمن بين سلامه من ركعتي الفجر، وبين تكبيره لصلاة الصبح، وسواء عندنا ترك الضجعة عمدًا أو نسيانًا؛ وسواء صلاها في وقتها أو صلاها قاضيًا لها من نسيان، أو عمد نوم، فإن لم يصل ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع،
…
" إلى آخر ما قال، ثم احتج بحديث عبد الواحد هذا.
لكن قال ابن حجر في الفتح (3/ 44) ردًا على طعن ابن تيمية في صحة الحديث: "والحق أنه تقوم به الحجة"، يعني: عبد الواحد، أو حديثه هذا، قلت: نعم؛ هو ثقة، من أصحاب الأعمش، وروايته عنه في الصحيحين، لكن له أوهام عن الأعمش تُكُلم فيه بسببها، وقد خالف الناس في حديثه هذا، ولم يتابع عليه، فكيف يقال عندئذ: تقوم به الحجة، مع وجود المخالفة القاضية عليه بالخطأ والزلل في روايته؟
لاسيما وحديث عائشة في الصحيحين إنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم، لا من قوله، ويأتي ذكره.
قال بدر الدين الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/ 163): "عبد الواحد احتج به الشيخان؛ لكنه خالف الناس".
وانظر أيضًا: النكت على مقدمة ابن الصلاح لبدر الدين الزركشي (2/ 163)، البحر المحيط (6/ 26).
***
1262 -
قال أبو داود: حدثنا يحيى بن حكيم: حدثنا بشر بن عمر: حدثنا مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته من آخر الليل نظر، فإن كنتُ مستيقظةً حدثني، وإن كنتُ نائمةً أيقظني، وصلى الركعتين، ثم اضطجع حتى يأتيه المؤذن، فيُؤذِنُه بصلاة الصبح، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة.
* حديث شاذ
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 45).
قال البيهقي: "وهذا بخلاف رواية الجماعة عن أبي سلمة".
* قلت: الحديث ليس هو في الموطآت المطبوعة اليوم، ولم يروه عن مالك من رواة الموطأ إلا معن بن عيسى وحده، قال الجوهري (385): طوهذا الحديث في الموطأ عند معن دون غيره، والله أعلم"، ولم يذكره الدارقطني في أحاديث الموطأ (227 - 239) في ترجمة سالم أبي النضر، وقد عدَّ فيها ثلاثة عشر حديثًا ليس هذا منها، وقال ابن عبد البر في تجريد التمهيد (140 - 154) في ترجمة سالم أبي النضر: المالك عنه في الموطأ خمسة عشر حديثًا"، فذكرها ولم يعدَّ هذا منها، وقال أبو العباس الداني في الإيماء إلى أطراف الموطأ (4/ 470):"عند معن وحده بهذا المساق"، وقال ابن حجر في الإتحاف (17/ 615/ 22893):"رواه معن بن عيسى عن مالك في الموطأ، وليس هو عند أحد من رواة الموطأ غيره".
* وقد اختلف على مالك في لفظه:
أ - فرواه بشر بن عمر الزهراني [بصري، ثقة]: حدثنا مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته من آخر الليل نظر، فإن كنتُ مستيقظةً حدثني، وإن كنتُ نائمةً أيقظني، وصلى الركعتين، ثم اضطجع حتى يأتيه المؤذن، فيُؤذِنُه بصلاة الصبح، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة.
هكذا رواه عن بشر بن عمر: يحيى بن حكيم المقوم، وهو: ثقة حافظ.
هكذا جعل الاضطجاع والحديث بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من صلاة الليل، وإذا صلى ركعتي الفجر خرج بعدها إلى صلاة الفريضة ولم يضطجع، وذلك بخلاف المحفوظ عن أبي سلمة وعروة عن عائشة، وفيه مخالفة للروايات الآتية في إيقاظها إذا كانت نائمة، وإنما المحفوظ: أنها إذا كانت نائمة اضطجع.
* خالفه: عبد الملك بن محمد [أبو قلابة الرقاشي: ثقة متقن فيما حدث بالبصرة؛ إلا أنه تغير بعد أن تحول إلى بغداد، فكثر منه الخطأ في الأسانيد والمتون، توفي سنة (276)، راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (7/ 185/ 630)]، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: سألت مالكًا عن الصلاة بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح؟ فحدثني عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته من آخر الليل تطوعًا؛ فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإن كنت نائمةً اضطجع، حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة - صلاة الصبح -، فيصلي الركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة.
أخرجه أبو علي ابن شاذان في الثامن من حديثه (127).
وأبو علي هذا هو الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البزاز، ولد سنة (339)، وتوفي سنة (426)، وهو: ثقة، صحيح الكتاب [تاريخ بغداد (8/ 223 - ط. الغرب). المنتظم (15/ 250)، تاريخ الإسلام (29/ 150)، السير (17/ 415)، التنكيل (1/ 229)]، وقد سمع من جماعة ممن تأخر سماعهم من أبي قلابة ببغداد، مثل: أبي بكر النجاد وأبي عمرو بن السماك وأبي سهل بن زياد القطان وأحمد بن كامل وأحمد بن عثمان الأدمي وأبي بكر الشافعي وغيرهم [انظر: تاريخ بغداد (8/ 223 - ط. الغرب). الكواكب النيرات (37)].
ب - ورواه عبد الرحمن بن مهدي [ثقة ثبت، إمام حجة]، قال: نا مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل فإذا فرغ من صلاته اضطجع، فإن كنت يقظانةً تحدَّث معي، وإن كنت نائمةً نام حتى نادى.
أخرجه أحمد (6/ 35)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 374/ 405)، والجوهري في مسند الموطأ (385).
وظاهر هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يضطجع على كل حال بعد فراغه من صلاة الليل، فإن كانت مستيقظة حدثها وهو مضطجع، وإن كانت نائمة نام، ولم يتعرض لذكر ركعتي الفجر.
ج - ورواه عبد الرحمن بن القاسم [ثقة مأمون، من أصحاب مالك]، قال: ثنا مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة ثم يضطجع على شقه الأيمن، فإن كنت يقظانةً حدثني، حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، وذلك بعد طلوع الفجر.
أخرجه ابن القاسم في المدونة (1/ 125)، وأبو عوانة (2/ 19/ 2158)(7/ 142/ 2209 - ط. الجامعة الإسلامية)، وأبو علي أحمد بن علي بن شعيب المدائني في فوائده (58) (2/ 150/ 1670 - مجموع أجزاء حديثية مطبوع بعنوان: الفوائد لابن منده).
وليس هو في موطأ عبد الرحمن بن القاسم [انظر: رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي (423 و 424)].
وظاهر هذه الرواية أنه كان يضطجع على كل حال بعد فراغه من صلاة الليل، فإن كانت مستيقظة حدثها وهو مضطجع، ولم يتعرض لذكر ركعتي الفجر، ولا لفعله حال نومها، وأن ذلك كان بعد طلوع الفجر.
د - ورواه عبد الله بن إدريس [ثقة ثبت، كان بينه وبين مالك صداقة]، عن مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الركعتين قبل الفجر [وفي رواية: ركعتي الفجر]، فإن كانت له [إليَّ] حاجة كلمني بها، وإلا خرج إلى الصلاة.
أخرجه الترمذي (418)، والدارمي (1589 - ط. البشائر).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح.
وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الكلام بعد طلوع الفجر حتى يصلي صلاة الفجر؛ إلا ما كان من ذكر الله أو مما لا بد منه، وهو قول أحمد وإسحاق".
وظاهر هذه الرواية متعلق بمشروعية الحديث بعد ركعتي الفجر وقبل صلاة الفريضة، ولم يتعرض في هذه الرواية لصلاة الليل، ولا لمسألة الاضطجاع، ولا لموضع الاضطجاع أهو بعد صلاة الليل؟ أم بعد ركعتي الفجر؟ ولا لحال عائشة؟ مستيقظة كانت أم نائمة.
هـ - ورواه روح بن عبادة [ثقة فاضل]: نا مالك، عن أبي النضر - مولى عمر بن عبيد الله -، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى من الليل ففرغ؛ فإن كنت يقظانةً تحدث معي، وإلا اضطجع حتى يأتيه المؤذن.
أخرجه إسحاق بن راهويه (2/ 476/ 1054).
وظاهر هذه الرواية أنه كان إذا فرغ من صلاة الليل حدث عائشة إن كانت مستيقظة، فإن كانت نائمة اضطجع حتى يأتيه المؤذن، ولم يتعرض لركعتي الفجر.
* وقد أخرج مالك في الموطأ (1/ 200/ 365)، عن عبد الله بن يزيد المدني، وعن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، وإذا بقي من قراءته قدرُ ما يكون ثلاثين أو أربعين أيةً، قام فقرأ وهو قائمٌ، ثم ركع وسجد، ثم صنع في الركعة الثانية مثلَ ذلك.
هكذا وليس فيه شيء يتعلق بحديثنا هذا [وقد تقدم تخريجه برقم (954)]، لكن أخرجه البخاري في الصحيح (1119)(1126 - ط. التأصيل)، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن يزيد، وأبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين أيةً قام فقرأها وهو قائم، ثم يركع، ثم سجد، يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فإذا قضى صلاته نظر؛ فإن كنتُ يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمةً اضطجع.
وقد رواه الجوهري في مسند الموطأ (384) من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي مقرونًا بعبد الله بن مسلمة القعنبي، وساق الحديث للقعنبي، ولم يشر إلى وجود زيادة في آخره للتنيسي، والله أعلم.
ولم أجد هذا الطرف الأخير المتعلق بحديث الباب عند أحد ممن روى الحديث من طريق مالك، إلا فيما رواه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: حدثنا عمي: حدثنا مالك، عن أبي النضر، وعبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنت يقظانةً تحدث معي بعد طلوع الفجر، وإن كنت نائمةً اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن.
أخرجه أبو علي أحمد بن علي بن شعيب المدائني في فوائده (56)(2/ 149/ 1668 - مجموع أجزاء حديثية مطبوع بعنوان: الفوائد لابن منده).
فدل ذلك على أن البخاري لم ينفرد بهذه اللفظة، حيث تابع عبدُ الله بن وهب عبدَ الله بن يوسف التنيسي عليها، ولا يقال هنا تفرد بها عن ابن وهب: ابنُ أخيه، وقد قيل فيه ما قيل؛ وذلك لكونه مرويًا من وجه آخر صحيح، وابنُ أخي ابن وهب هذا: أكثر عن عمه، وهو صدوق تغير بآخره، كان مستقيم الأمر، ثم خلَّط بعدُ فحدَّث بما لا أصل له، حتى رُمي بالكذب، وقد أنكروا عليه أحاديث تفرد بها عن عمه، ولا أصل لها، حتى اتهمه أبو زرعة بالوضع [التهذيب (1/ 81)، إكمال التهذيب (1/ 75)، الميزان (1/ 113)، ضعفاء النسائي (71)، سؤالات البرذعي (2/ 711 و 712)، المجروحين (1/ 149)، المدخل إلى الصحيح (4/ 130)][وانظر: ما تقدم برقم (148 و 714 و 829 و 1024)]، والله أعلم.
وانظر: علل الدارقطني (14/ 297/ 3639).
* قلت: والحاصل: فإن مالكًا قد اختلف عليه في متن هذا الحديث اختلافًا شديدًا، وليس هو في الموطأ، سوى رواية معن بن عيسى، ولعل مالكًا ضرب على هذا الحديث في الموطأ، وذهل معن عن ذلك فأثبته في موطئه، وهاتان القرينتان تدلان عندي على اطراح مالك لهذا الحديث، وعدم اعتداده به؛ لذا لم يورده في الموطأ، أعني: جمهور رواة الموطأ.
قال الشافعي: "كان مالك إذا شكَّ في بعض الحديث طرحه كله"[الجرح والتعديل (1/ 14)، مسند الموطأ للجوهري (46)، الحلية (6/ 322)، التمهيد (1/ 63)، الانتقاء (23)، المسالك في شرح الموطأ (1/ 334)، ترتيب المدارك (1/ 189 - ط. المغربية)].
وقال عتيق الزبيري: "وضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث، فلم يزل ينظر فيه كل سنة، ويُسقط منه، حتى بقي هذا، ولو بقي قليلًا لأسقطه كله"[ترتيب المدارك (2/ 73)].
قلت: وقول عتيق بن يعقوب الزبيري هذا فيه مبالغة ظاهرة، لكنه محمول على شدة
تحري مالك في الحديث، وأنه كتب موطأه من نحو هذا العدد من أصوله مما تحمله عن شيوخه، وأنه أول ما صنف الموطأ أودعه عددًا كبيرًا من الأحاديث ثم لم يزل ينظر فيها، ويسقط منها ما لا يراه صالحًا للاحتجاج، أو ما يشك فيه [على ما قال الشافعي]، حتى آل الموطأ إلى ما آل إليه، وحمله رواة الموطأ بعد ذلك، أعنى بعد الحذف والإسقاط، وذلك؛ لأن التفاوتَ بين روايات الموطأ يسيرٌ - على ما بينه الجوهري وأبو العباس الداني -، مع كون مالك بعد روايته للموطأ لم يزل يزيد فيه وينقص منه شيئًا يسيرًا [مسند الموطأ (633)، الإيماء إلى أطراف الموطأ (4/ 351 - 480)، مقدمة الأعظمي على الموطأ (1/ 96)].
وعتيق بن يعقوب الزبيري المدني: وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات؛ إلا أن له أوهام وغرائب يتفرد بها عن مالك، ولا يتابع عليها [انظر: طبقات ابن سعد (5/ 439)، سؤالات البرقاني (395)، ثقات ابن حبان (8/ 525 و 527)، الجرح والتعديل (7/ 46)، التاريخ الكبير (7/ 98)، فتح الباب (964)، تاريخ الإسلام (16/ 276)، اللسان (5/ 372)، راجع مثلًا: آخر الحديث رقم (419)].
* وانظر فيمن وهم فيه على مالك: ما أخرجه أبو علي أحمد بن علي بن شعيب المدائني في فوائده (57)(2/ 149/ 1669 - مجموع أجزاء حديثية مطبوع بعنوان: الفوائد لابن منده). علل الدارقطني (14/ 297/ 3639).
* خولف فيه مالك.
***
* قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا سفيان، عن زياد بن سعد، عمن حدثه: ابن أبي عَتَّاب أو غيره، عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنتُ نائمةً اضطجع، وإن كنتُ مستيقظةً حدثني.
* من غير هذا الوجه، وأصله متفق عليه.
هكذا رواه مسدد عن ابن عيينة بالشك، ورواه غيره بغير شك على الصواب:
رواه الحميدي، والشافعي، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وعبد الجبار بن العلاء [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن عيينة]، وغيرهم:
عن سفيان، عن زياد بن سعد، عن ابن أبي عتاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
ولفظ الشافعي [عند البيهقي في المعرفة]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر؛ فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة.
وقال ابن راهويه: أخبرنا سفيان، عن زياد بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي عتاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الركعتين؛ فإن كنت جالسة حدثني، وإلا اضطجع.
ولفظ عبد الجبار [عند البيهقي]: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى من الليل ثم أوتر صلى الركعتين؛ فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يأتيه المنادي.
أخرجه مسلم (743)، وأبو عوانة (2/ 19/ 2156 و 2157) و (2/ 20/ 2161)(7/ 139 - 141/ 2206 - 2208 - ط. الجامعة الإسلامية). وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2/ 337/ 1684)، والحميدي (176)، وإسحاق بن راهويه (2/ 475/ 1053)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 48)، والبيهقي في السنن (3/ 46)، وفي المعرفة (2/ 333/ 1420).
* تنبيه: هكذا وقع في رواية ابن راهويه، وكذا في رواية ابن أبي عمر العدني [عند السراج والبيهقي]: عبد الرحمن بن أبي عتاب، قال البيهقي:"رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر، فقال: عن ابن أبي عتاب، فإن غير ابن عيينة يقول في اسمه: زيد بن أبي عتاب"[وانظر: تهذيب الكمال (10/ 86)، التهذيب (1/ 667)]، وقد علقه الأثرم في الناسخ (83)، فقال: وروى سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن زيد بن أبي عتاب، عن أبي سلمة، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنت جالسة حدثني، وإن كنت نائمة اضطجع.
وانظر أيضًا: علل الدارقطني (14/ 298/ 3639)[وفي الكلام سقط لا يستقيم به السياق، فضلًا عن كون الدارقطني لم يستوعب ذكر من رواه عن ابن عيينة، لاسيما أثبت أصحابه وأشهر من رواه عنه في الصحيح وغيره].
* ورواه الحميدي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن المديني، ونصر بن علي، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، وبشر بن الحكم، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن عيينة]:
عن سفيان بن عيينة، عن أبي النضر [وفي رواية: حدثني سالم أبو النضر، وفي أخرى: قال: أبو النضر حدثني عن أبي سلمة]، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر؛ فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع [حتى يُؤذَنَ بالصلاة].
وقال الحميدي: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة، وبنحوه رواه المخزومي.
ولما حدث به ابنُ عيينة ابنَ المديني فلم يعين ركعتي الفجر، قال له ابن المديني: فإن بعضهم يرويه: ركعتي الفجر، قال سفيان: هو ذاك [البخاري (1162)].
أخرجه البخاري (1161 و 1168)(1168 و 1175 - ط. التأصيل)(2/ 55/ 1161 - ط. المنهاج) و (2/ 57/ 1168 - ط. المنهاج)، ومسلم (743)، وأبو عوانة (2/ 20/ 2160)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2/ 337/ 1683)، وابن خزيمة (2/ 168/ 1122)، والحميدي (175)، وابن أبي شيبة (2/ 55/ 6398)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 48)، وأبو يعلى (8/ 93/ 4630)، والبيهقي (2/ 188) و (3/ 45)، والبغوي في الشمائل (583).
* تنبيه: وقع في رواية ابن المديني عند البخاري في أصل اليونينية: "قال أبو النضر: حدثني أبي، عن أبي سلمة"، وهو خطأ محض، صوابه ما أثبته:"قال [يعني: سفيان]: أبو النضر حدثني عن أبي سلمة"، وهو المثبت في رواية أبي ذر، والأصيلي، وأبي الوقت، وصحح عليه [كما في هامش اليونينية]، قال ابن حجر في الفتح (3/ 572):"وقع هنا في بعض النسخ عن سفيان: قال سالم أبو النضر: حدثني أبي، وقوله: "أبي" زيادة لا أصل لها، بل هي غلط محض، حمل عليها تقديم الاسم على الصفة، فظن بعض من لا خبرة له أن فاعل حدثني راو غير سالم، فزاد في السند لفظ أبي، وقد تقدم الحديث بهذا السند قريبًا عن بشر بن الحكم عن سفيان عن أبي النضر عن أبي سلمة، ليس بينهما أحد، وكذا في الذي قبله من رواية مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة، وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان: حدثنا أبو النضر عن أبي سلمة، وليس لوالد أبي النضر مع ذلك رواية أصلًا لا في الصحيح ولا في غيره، فمن زادها فقد أخطأ، وبالله التوفيق".
* هكذا رواه أثبت أصحاب ابن عيينة في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، وهو الصواب، وخالفهم فوهم في متنه أو إسناده على ابن عيينة:
أ - عبد الرزاق بن همام، فرواه عن ابن عيينة، عن أبي النضر، أو محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فإذا أراد أن يوتر؛ فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 42/ 4718).
ب - أبو نعيم [الفضل بن دكين]، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فإذا أراد أن يوتر فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع.
أخرجه أبو عوانة (2/ 19/ 2155)(7/ 137/ 2204 - ط. الجامعة الإسلامية).
وانظر أيضًا في اجتهادات الرواة وتفسيراتهم: مسند أبي يعلى (4630).
* هكذا رواه ابن عيينة بإسنادين:
عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن زياد بن سعد، عن ابن أبي عتاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
* وله فيه أيضًا إسناد ثالث:
فقد روى الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل، وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر حرَّكني برجله، وكان يصلي الركعتين، فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة.
أخرجه الحميدي (177).
قال الحميدي: "وكان سفيان يشك في حديث أبي النضر يضطرب فيه، وربما شك في حديث زياد، ويقول: يختلط عليَّ، ثم قال لنا غير مرة: حديث أبي النضر كذا، وحديث زياد كذا، وحديث محمد بن عمرو بن علقمة كذا، على ما ذكرت كل ذلك".
قلت: سبق تخريج حديث محمد بن عمرو هذا برقم (714)(8/ 63 - فضل الرحيم الودود)، وقلت هناك بأنه قد دخل لابن عيينة حديث زياد بن سعد وأبي النضر في حديث محمد بن عمرو، فراجعه في موضعه.
* وبهذا يتبين وقوع الوهم في رواية مالك [والتي أعرض هو عن إخراجها في موطئه]، وقد أعرض عنها البخاري ومسلم، إشارة إلى ما وقع له فيها من الوهم، وأن المحفوظ في حديث أبي سلمة عن عائشة: أن الاضطجاع إنما وقع بعد ركعتي الفجر، هكذا رواه ابن عيينة عن سالم أبي النضر [وقد أخرجه الشيخان من طريقه]، وتابعه على ذلك: ابن أبي عتاب عن أبي سلمة [انفرد به مسلم]، وهكذا رواه الزهري وأبو الأسود ويزيد بن الهاد عن عروة عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن [كما في الصحيحين].
وترجم البخاري في صحيحه (1160)، لحديث أبي الأسود بقوله:"باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر".
* وقد روى معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، وعمرو بن الحارث، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد الأيلي، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، والأوزاعي [وهم ثقات، من أصحاب الزهري]، وصالح بن أبي الأخضر [ضعيف]، وأبو المؤمل [رجل من أهل الشام، كذا في بعض الطرق عن شعبة، وسماه شعبة في رواية البزار: عبد الله بن المؤمل، وأبو المؤمل هذا: ليس بالمشهور، قال ابن معين: "شيخ من أهل الشام، ما سمعت أحدًا يسميه"، وقال أبو حاتم: "لا أعلم روى عنه غير شعبة، روى عنه حديثا واحدًا"، وهذا يرد ما ذهب إليه ابن عدي في الكامل، حين قال: "وقول شعبة: عن أبي المؤمل، يريد به: سفيان بن حسين"، قلت: سفيان بن حسين: واسطي، وذاك شامي. سؤالات ابن الجنيد (646)، كنى البخاري (75)، الجرح والتعديل (9/ 447)، الثقات (7/ 664)، الكامل (3/ 415)]:
عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير؛ أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام، فركع ركعتين خفيفتين قبل صلا الفجر، بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة [لفظ شعيب عند البخاري (626)، وله رواية أخرى عنده (994 و 1123) بنحو رواية ابن أبي ذئب الآتية][وبنحوه لفظ ابن أبي عبلة، في مسند الشاميين].
وفي رواية لمعمر [عند عبد الرزاق]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذا طلع الفجر ركعتين خفيفتين، ثم يضطجع على شقه الأيمن.
وفي رواية أخرى لمعمر [عند أحمد (6/ 34 و 167)، والبخاري (6310)]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد العشاء إحدى عشرة ركعة، فإذا أصبح [وفي رواية: فإذا طلع الفجر] صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن، فيؤذنه بالصلاة.
وفي رواية عمرو بن الحارث [عند مسلم]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة - إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلا الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
وفي رواية ابن أبي ذئب [عند أحمد (6/ 74 و 143 و 215)، والدارمي، وبنحوه لفظ شعيب عند البخاري (994 و 1123)، ولفظ يونس عند أحمد (6/ 248)، ولفظ الأوزاعي عند أحمد (6/ 83)، وابن حبان (2431)،: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل اثنتين، ويوتر بواحدة، ويسجد في سبحته [وفي رواية: ويمكث في سجوده] بقدر ما يقرأ أحدكم بخمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن بالأولى من أذانه، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه [واختصره ابن أبي شيبة مرة (2/ 88/ 6804) فشذ في معناه، ولفظه: كان يوتر بركعة، وكان يتكلم بين الركعتين والركعة].
وفي رواية عقيل [عند النسائي]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر بالليل؛ سوى ركعتي الفجر، ويسجد قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية.
أخرجه البخاري (626 و 994 و 1123 و 6310)، ومسلم (736/ 122)، وأبو عوانة (2/ 19/ 2159) و 2/ 58/ 2300 و 2301)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2/ 332/ 1671 و 1672)، وأبو داود (1336 و 1337)، والنسائي في المجتبى (2/ 30/ 685) و (3/ 65/ 1328) و (3/ 249/ 1749) و (3/ 252 - 253/ 1762)، وفي الكبرى (1/ 242/ 418) و (2/ 91/ 1252) و (2/ 173/ 1449) و (2/ 176/ 1459) و (2/ 254/ 1661)، وفي الرابع من الإغراب (199)، وابن ماجه (1177 و 1198 و 1358)، والدارمي (1590
و 1617 و 1731 - ط. البشائر)، وابن حبان (6/ 180/ 2422) و (6/ 2423/181) و (6/ 187/ 2431) و (6/ 218/ 2467) و (6/ 344/ 2610) و (6/ 346/ 2612) و (6/ 347/ 2614)، وأحمد (6/ 34 و 48 و 74 و 83 و 85 و 88 و 117 و 121 و 143 و 167 و 215 و 248)، وإسحاق بن راهويه (2/ 128/ 609) و (2/ 129/ 610)، وابن وهب في الجامع (336)، والطيالسي (3/ 63/ 1553)، وعبد الرزاق (3/ 35/ 4704) و (3/ 43/ 4721) و (3/ 55/ 4770)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 54/ 6379) و (2/ 88/ 6804) و (5/ 324/ 26536)(6439 و 6871 و 27067 - ط. عوامة)[ولفظه شاذ في الموضع الثاني]. وفي الأدب (251)، وعبد بن حميد (1470 و 1486)، وابن هانئ في مسائله لأحمد (524 و 533 - 535)، والبزار (18/ 150/ 116) و (18/ 152/ 119) و (18/ 181/ 159)، وأبو يعلى (8/ 220/ 4787)، وابن الجنيد في سؤالاته لابن معين (646)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (529 و 1720)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 229/ 2755)، والطحاوي (1/ 283)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 78/67) و (4/ 196/ 3091) و (4/ 197/ 3092)، وفي الأوسط (8/ 289/ 8661)[وفي متنه وهم، لعله من شيخ الطبراني]. وابن عدي في الكامل (3/ 415)، والدارقطني (1/ 416 - 417)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 167)، وتمام في فوائده (79)، والبيهقي في السنن (2/ 486) و (3/ 7 و 23 و 44)، وفي المعرفة (2/ 299/ 1357)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 123)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 768/ 465)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 458/ 885)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 26 - 27).
قال البيهقي: "وكذلك رواه الأوزاعي، وعمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، وابن أبي ذئب، وشعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، وكذلك قاله أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، وخالفهم مالك بن أنس فذكر الاضطجاع بعد الوتر".
* قلت: تابع الزهري على هذا الوجه من رواية الجماعة عنه في موضع الاضطجاع:
أ - عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.
أخرجه البخاري (1160)، وأبو عوانة (2/ 21/ 2166)، وأحمد (6/ 254)، وإسحاق بن راهويه (2/ 301/ 824)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (268)، وابن حزم في المحلى (3/ 198).
ب - يزيد بن الهاد [مدني، ثقة مكثر]؛ أن عروة بن الزبير كان يحدث، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر ركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على جنبه الأيمن.
أخرجه أحمد (6/ 132 - 133).
وانظر فيمن وهم في إسناده ومتنه عليه، كأنه دخل لراويه حديث في حديث: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 330/ 8777).
* خالفهم: مالك بن أنس، فرواه عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 176/ 314)، ومن طريقه: مسلم (736/ 121)، وأبو عوانة (2/ 58/ 2299)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2/ 332/ 1670)، وأبو داود (1335)، والترمذي في الجامع (440 و 441)، وقال:"حسن صحيح". وفي الشمائل (271 و 272)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 396/ 420)، والنسائي في المجتبى (3/ 234/ 1696) و (3/ 243/ 1726)، وفي الكبرى (1/ 242/ 417) و (1/ 251/ 445) و (2/ 162/ 1422)، وابن حبان (6/ 184/ 2427)، وابن الجارود (279)، وأحمد (6/ 35 و 182)، والبزار (18/ 155/ 126) و (18/ 183/ 166)، وابن نصر في قيام الليل (120 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 175/ 2632)، والطحاوي (1/ 283)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (104)، والجوهري في مسند الموطأ (163)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (496)، والبيهقي (3/ 23 و 44)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 5/ 900).
* هكذا أعرض البخاري عن حديث مالك، إشارة إلى ما وقع له من الوهم في هذا الحديث، وأن المحفوظ فيه أن الاضطجاع إنما وقع بعد ركعتي الفجر، هكذا رواه ابن عيينة عن سالم أبي النضر، وتابعه على ذلك: ابن أبي عتاب عن أبي سلمة، وهكذا رواه الزهري وأبو الأسود ويزيد بن الهاد عن عروة عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.
وترجم البخاري في صحيحه (1160)، لحديث أبي الأسود بقوله:"باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر".
وقال مسلم في التمييز: "وهم مالك في ذلك، وخولف فيه عن الزهري"[الإيماء إلى أطراف الموطأ (4/ 49)، التوضيح لابن الملقن (9/ 145)].
وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (17): "ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتي الفجر بعد اضطجاعه على شقه الأيمن وبعد إتيان المؤذن.
خالفه في لفظه جماعة، منهم: عقيل، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، وغيرهم، رووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فذكروا: أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع الركعتين، ثم يضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه.
ذكروا أنه كان يركعهما قبل الاضطجاع على شقه الأيمن، وقبل إتيان المؤذن، وزادوا
في الحديث ألفاظًا لم يأت بها، منها: أنه كان يسجد في صلاته بالليل قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية قبل أن يرفع رأسه. وزاد الأوزاعي وابن أبي ذئب فيه: أنه كان يسلم في كل ركعتين".
وقال البيهقي: "كذا قاله مالك، والعدد أولى بالحفظ من الواحد، وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 121): "وأما أصحاب ابن شهاب فرووا هذا الحديث عن ابن شهاب بإسناده هذا، فجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لا بعد الوتر، وذكر بعضهم فيه عن ابن شهاب: أنه كان يسلم من كل ركعتين في الإحدى عشرة ركعة، ومنهم من لم يذكر ذلك، وكلهم ذكر اضطجاعه بعد ركعتي الفجر في هذا الحديث، وزعم محمد بن يحيى وغيره أن ما ذكروا من ذلك هو الصواب، دون ما قاله مالك"، ثم اعتذر لمالك، بكونه أثبت أصحاب ابن شهاب وأحفظهم، وأن الحديث محفوظ عن الزهري على الوجهين؛ بدليل مجيئه عن ابن عباس بالاضطجاع بعد الوتر [كما في الصحيحين، ويأتي ذكره في الشواهد].
وقال في الاستذكار (2/ 95): "وقد أنكر أهل الحديث على مالك قوله في هذا الحديث: أوتر منها بواحدة، فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن، وقالوا: لم يذكر غيره في الحديث عن ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضطجع على شقه الأيمن إلا بعد ركعتي الفجر، كذلك رواه عمرو بن الحارث ويونس وابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة؛ الحديث وفي آخره: فإذا تبين له الفجر، وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة"، ثم ذكر نحوًا مما قال في التمهيد.
وقال أبو بكر الخطيب البغدادي: "خالف مالكًا: عقيل، ويونس، وشعيب، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، وغيرهم، فرووا عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع الركعتين للفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن، فيخرج معه، فذكر مالك أن اضطجاعه كان قبل ركعتي الفجر، وفي حديث الجماعة: أنه اضطجع بعدهما، فحكم العلماءُ أن مالكًا أخطأ وأصاب غيره"[زاد المعاد (1/ 320)].
وقال أبو العباس الداني في أطراف الموطأ (4/ 49): "والمحفوظ: ذكر ركعتي الفجر قبل الاضطجاع، وكون الاضطجاع بعدهما.
قال الذهلي: وهو الصواب.
وقال مسلم في التمييز: وهم مالك في ذلك، وخولف فيه عن الزهري، وساقه عن جماعة من أصحاب الزهري، ذكروا فيه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
وخرج هكذا في الصحيحين من طرق،
…
".
وقال ابن رجب في الفتح (6/ 219): "
…
؛؛ لأن مالكًا خالف أصحاب ابن شهاب فيه، فإنه جعل الاضطجاع بعد الوتر، وأصحاب ابن شهاب كلهم جعلوه بعد ركعتي
الفجر، وهذا مما عده الحفاظ من أوهام مالك، منهم: مسلم في كتاب التمييز، وحكى أبو بكر الخطيب مثل ذلك عن العلماء، وحكاه ابن عبد البر عن أهل الحديث،
…
".
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 44): "تقدم في أول أبواب الوتر في حديث ابن عباس؛ أن اضطجاعه صلى الله عليه وسلم وقع بعد الوتر قبل صلاة الفجر، ولا يعارض ذلك حديث عائشة؛ لأن المراد به نومه صلى الله عليه وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر، وغايته أنه تلك الليلة لم يضطجع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، فيستفاد منه عدم الوجوب أيضًا، وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة؛ أنه صلى الله عليه وسلم اضطجع بعد الوتر: فقد خالفه أصحاب الزهري عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ، ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع، والله أعلم".
وانظر أيضًا: إكمال المعلم للقاضي عياض (3/ 83)، التوضيح لابن الملقن (9/ 143).
* وفي الباب أيضًا:
1 -
حديث ابن عباس: وله أسانيد منها:
عباد بن منصور، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فبِتُّ عندها، فوجَدْتُ ليلتَها تلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
…
فذكر الحديث، وفيه: حتى إذا أضاء الفجر، قام فصلى ركعتين، ثم وضع جنبه فنام، حتى سمعت فَخِيخه، ثم جاءه بلال فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى، وما مس ماءً.
وهو حديث منكر، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (2/ 133/80).
* ورواه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني غريب، عن ابن عباس؛ أنه قال: لما صلى ركعتي الفجر اضطجع حتى نفخ، فكنا نقول لعمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تنام عيناي، ولا ينام قلبي".
أخرجه أحمد (1/ 220)، وهو في الصحيحين من هذا الوجه [البخاري (138 و 859)، مسلم (186/ 763)]، لكن بلفظ: ثم صلى [ما شاء الله]، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ.
وقد صح عنه صريحًا في الاضطجاع بعد الوتر، لا بعد ركعتي الفجر، من رواية مالك بن أنس، والشاهد منه: ثم أوتر، ثم اضطجع، حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح [يأتي عند أبي داود برقم (1367)، وهو في الموطأ (317)، والبخاري (183 و 992 و 1198 و 4570 - 4572)، ومسلم (763/ 182)].
ويأتي تخريجه بطرقه موسعًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن بأرقام (1353 - 1358 و 1364 - 1367).
2 -
حديث عبد الله بن عمرو:
يرويه عبد الله بن وهب [ثقة]، وابن لهيعة [ضعيف]:
حدثنا حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع ركعتي الفجر، اضطجع على شقه الأيمن.
أخرجه أحمد (2/ 173)، والطبراني في الكبير (14/ 72/ 14673).
ولا يصح هذا من حديث ألي عبد الرحمن الحبلي عن ابن عمرو، فإن حي بن عبد الله المعافري: منكر الحديث فيما تفرد به عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال فيه ابن عدي؛ فيما رواه ابن وهب، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن ابن عمرو:"وبهذا الإسناد: خمس وعشرون حديثًا، عامتها لا يتابع عليها"[انظر فيما تقدم: الشاهد الخامس تحت الحديث رقم (447)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 423/ 210)].
***
1264 -
قال أبو داود: حدثنا عباس العنبري، وزياد بن يحيى، قالا: حدثنا سهل بن حماد، عن أبي مكين: حدثنا أبو الفَضْل رجل من الأنصار، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، فكان لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة، أو حرَّكه برجله.
قال زياد: قال: حدثنا أبو الفُضَيل.
* حديث ضعيف
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 46)(5/ 475/ 4957 - ط. هجر).
قال المزي في التحفة (8/ 292/ 11703): "وفي نسخة: ابن الفضل؛ وفي حديث زياد: أبو الفضل"، وقال:"رواه محمد بن إسحاق الصاغاني، عن عباس العنبري، فقال: أبو الفضل بن خلف الأنصاري، وهو غير مشهور".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (3/ 350/ 1096): "وعلته أبو الفضل هذا، أو أبو الفضيل، فإنه رجل مجهول".
وقال النووي في المجموع (3/ 80)، وفي الخلاصة (757):"رواه أبو داود بإسناد فيه ضعف، ولم يضعفه".
وقال ابن الملقن في التوضيح (9/ 150): "فيه أبو الفضل الأنصاري، وهو غير مشهور".
قلت: هو حديث غريب جدًّا، لم يروه عن مسلم بن أبي بكرة سوى أبي الفضل الأنصاري، وهو: مجهول، ولا يُعرف بغير هذا الحديث [التقريب (720)]، ولا عن أبي الفضل سوى أبي مكين نوح بن ربيعة، وهو: صدوق، تفرد به: سهل بن حماد أبو عتاب الدلال البصري، وهو: لا بأس به، فهو حديث ضعيف، والله أعلم.
* قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 319): "وقد غلا في هذه الضجعة طائفتان، وتوسط فيها طائفة ثالثة، فأوجبها جماعة من أهل الظاهر، وأبطلوا الصلاة بتركها كابن حزم ومن وافقه، وكرهها جماعة من الفقهاء، وسموها بدعة، وتوسط فيها مالك وغيره فلم يروا بها بأسًا لمن فعلها راحةً، وكرهوها لمن فعلها استنانًا، واستحبها طائفة على الإطلاق، سواء استراح بها أم لا، واحتجوا بحديث أبي هريرة،
…
".
قلت: حديث أبي هريرة في الأمر بها شاذ، والثابت فيها إنما هو فعله صلى الله عليه وسلم، استراحةً من تعب قيام الليل، وفي حديث ابن عباس المتفق عليه، والمشار إليه آنفًا في الشواهد، أنه فعلها بعد الوتر، ولم يضطجع في تلك الليلة بعد ركعتي الفجر، فدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يتركها أحيانًا، وعلى هذا فأعدل الأقوال فيها: أنه يشرع فعلها في البيت لمن قام الليل دون غيره، حيث يستعمل الدليل في موضعه دون ما عداه، وذلك لكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يفعلها في البيت، ولم يكن يضطجع في المسجد، وعلى هذا فلا تشرع في المسجد إلا لحاجة، ولا لمن لم يقم الليل، قال ابن بطال في شرحه على البخاري (3/ 151):"ذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الضجعة إنما كان يفعلها للراحة من تعب القيام".
وقد فعلها بعض الصحابة، وكرهها آخرون [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 54 و 55/ 6379 - 6397)، وغيره].
وقد ثبت عن أبي مجلز، أنه قال: سألت ابن عمر عن ضجعة الرجل على يمينه بعد الركعتين قبل صلاة الفجر، فقال: يتلعب بكم الشيطان.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 55/ 6390)، بإسناد صحيح.
كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عنها لأدنى صارف، مما يدل على عدم سنيتها، لما روى سفيان بن عيينة، قال: ثنا أبو النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة [متفق عليه، وتقدم آنفًا].
قال الأثرم: "فحديث عائشة هذا الآخر يبين لك أن اضطجاعه كان عن غير تعمد للاضطجاع لأنه سنة أو فضيلة"[الناسخ (83)]، ولذا قال أحمد في رواية الأثرم:"ما أفعله أنا، فإن فعله رجل"، ثم سكت كأنه لم يعبه إن فعله، وقال في رواية ابن هانئ حين سأله عن الاضطجاع؟ فقال:"ما فعلته إلا مرة"، وقال أبو طالب لأحمد:"فإن لم يضطجع عليه شيء؟ قال: لا، عائشة ترويه، وابن عمر ينكره"[تقدم نقله بتمامه مع مصادره تحت الحديث رقم (1261)].
وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (3/ 152): "هذا الحديث يبين أن الضجعة ليست بسُنَّة، وأنها للراحة، فمن شاء فعلها ومن شاء تركها، ألا ترى قول عائشة: فإن كنت مستيقظة حدثنى وإلا اضطجع، فدل أن اضطجاعه صلى الله عليه وسلم إنما كان يفعله إذا عدم التحدث معها ليستريح من تعب القيام".