الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
مسألة:
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ؟ .
جوابه:
تصريح بإضافة النعم إليه دون الغضب، فلذلك لم يقل: غير الذين غضبت عليهم كما قال أنعمت عليهم، وهو من باب الأدب من السائل في حال السؤال ومنه: ببيدك الخير ولم يقل والشر، ونبه على ضده بقوله: إنك على كل شىء قدير*.
سورة البقرة
10 -
مسألة:
قوله تعالى: لا ريب فيه، وقد أخبر الله بشك الكفار فيه وريبهم في مواضع؟ .
جوابه:
أنه لظهور أدلته ظاهر عند من نظر فيه لا ريب فيه عنده، وريبهم فيه لعدم نظرهم في أدلة صحته وفيه.
11 -
مسألة:
قوله تعالى: (يؤمنون بالغيب، وقال تعالى: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله
(1)
، وما لا يعلم كيف يؤمن به.
جوابه:
أن المراد: الغيب الذي دل البرهان على صحته ووقوعه
كالقيمة مثلا والجنة والنار.
12 -
مسألة:
قوله تعالى: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ- الآية؟ وفى لقمان:
هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ؟ .
جوابه:
لما ذكر هنا مجموع الإيمان، ناسب:(الْمُتَّقِينَ) ، ولما ذكر ثم
الرحمة ناسب: (المحسنين) .
13 -
مسألة:
قوله تعالى: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ وفى يس (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ)
بواو العطف؟ .
جوابه:
أنه هنا في جملة اسمية، وفى يس جملة مستقلة معطوفة على
جمل فجاءت بواو العطف.
14 -
مسألة:
قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ -
الآية، وكذلك في جميع القرآن قدم السمع على البصر،
ما فائدته؟ .
جوابه:
أن السمع أشرف لأن به تثبت النبوات، وأخبار الله تعالى،
وأوامره، ونواهيه، وأدلته، وصفاته تعالى، بخلاف البصر.
وكذلك لم يبعث الله نبيا أصم أصلا، وفى الأنبياء من كان مكفوفا.
15 -
مسألة:
قوله تعالى: (مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ)
كرر العامل مع حرف العطف في الإثبات؟ .
جوابه:
أنه حكاية قول المنافق، أنه أكد ذلك نفيا للتهمة عن نفسه
فأكذبهم الله تعالى بقوله: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وأكده بالياء.
16 -
مسألة:
كيف طابق قوله تعالى: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وهو نفى الصفة لقوله: (آمَنَّا) وطباقه: وما آمنوا؟ .
جوابه:
أن الفعل المضارع مؤذن بالصفة في قول من يقول، فطابقه
نفي الصفة التي ادعوها بقوله: وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
17 -
مسألة:
قوله تعالى: فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ، ولم يقل خسرت مع أن
الخسران أبلغ في التوبيخ؟ .
جوابه:
أن هم المشترى للتجارة حصول الربح، وسلامة رأس المال،
فبدأ بالأهم فيه وهو نفى الربح، ثم أتى بما يدل على الخسران
بقوله: (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ * فنفى ما هما المقصودان بالتجارة.
18 -
مسألة:
قوله تعالى: كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ (1)، ثم قال:
(ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) 21) ولم يقل بضيائهم مع ما فيه من بديع المطابقة؟ .
جوابه:
أن الضياء أبلغ من النور ولا يلزم من ذهابه ذهاب النور،
بخلاف عكسه فذهاب النور أبلغ في نفى ذلك.
19 -
مسألة:
قوله تعالى: (ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) جمع الظلمات، وأفرد الرعد والبرق؟ .
جوابه:
أن المقتضى للرعد والبرق واحد وهو: السحاب
والمقتضى للظلمة متعدد وهو: الليل والسحاب والمطر، فجمع لذلك.
20 -
مسألة:
قوله تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وفى يونس:
بسورة مثله " وفى هود " بعشر سور مثله "
جوابه:
لما قال هنا: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا*
أنه من عند الله فأتوا بسورة من أمى مثله لا يكتب ولا يقرأ.
وفى يونس لما قال: (أم يقولون افتراه قل فأتوا* أنتم
بسورة مثله أي: فأنتم الفصحاء البلغاء فأتوا بسورة مثل القرآن في بلاغته وفصاحته، واقرءوا مثله وبذلك علم الجواب في هود.
21 -
مسألة:
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ* وفى النازعات: (ؤالأرض بعد ذلك دحاها (4) ؟
ظاهر آية البقرة، وحم السجدة (5) تقدم خلق الأقوات، وظاهر النازعات تأخره؟ .
جوابه:
أن (ثم)(6) هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقوع، ولا يلزم من ترتيب الأخبار ترتيب الوقوع، كقوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ.
ولا ريب في تقديم إيتاء موسى الكتاب على وصيته لهذه الأمة.
22 -
مسألة:
قوله تعالى: " أبى واستكبر وكان من الكافرين " فجاء هنا مجملا وفى بقية السور مفصلا؟ .
جوابه:
لما تقدم التفصيل في السورة المكية أجمله في السورة
المدنية وهي البقرة اكتفاء بما تقدم علمه من التفصيل في
المكيات.
23 -
مسألة:
قوله تعالى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا وفى الأعراف: (فكلا) بالفاء؟ .
جوابه:
قيل إن السكنى فى البقرة: للإقامة، وفى الأعراف اتخاذ المسكن.
فلما نسب القول إليه تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ) ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل، ولذلك قال فيه:(رغدا)، وقال:(حَيْثُ شِئْتُمَا) لأنه أعم.
وفى الأعراف: وَيَا آدَمُ، فأتى بالفاء الدالة على ترتيب
الأكل على السكنى المأمور باتخاذها، لأن الأكل بعد
الاتخاذ، و (من حَيْثُ) لايعطى عموم معنى (حَيْثُ شِئْتُمَا.
24 -
مسألة:
قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ (1)، وفى طه:(فَمَنْ اتبِعَ هُدَايَ) ؟ .
جوابه: يحتمل والله أعلم أن: فعل التي جاء على وزنها: تبع)
لا يلزم منه مخالفة الفعل قبله.
وافتعل التي جاء على وزنها: اتبع) يشعر بتجديد
الفعل.
وبيان قصة آدم هنا لفعله، فجئ ب تَبِعَ هُدَايَ* وفى
طه جاء بعد قوله: (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى
فناسب من اتبع، أي: جدد قصد الاتباع.
25 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ.
الخطاب ليهود المدينة، وقد قال تعالى لأهل مكة قبلهم " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (5) ؟ .
جوابه:
أن يكون ضمير [به] راجعا إلى [ما معكم] لأنهم كانوا
يعلمون من كتابهم صفته، وهم أول يهود خوطبوا بالإسلام،
وأول كافر به من أهل الكتاب.
26 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا (1)
ما فائدة قليلا، والكثير كذلك؟ .
جوابه:
فيه مزيد الشناعة عليهم لأن من يشترى الخسيس بالنفيس لا معرفة له ولا نظر.
27 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ. وقال بعد ذلك: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ.
ما فائدة التقديم والتأخير والتعبير بقبول الشفاعة، تارة، والنفع أخرى؟ .
جوابه:
أن الضمير في منها راجع في الأولى إلى (النفس) الأولى،
وفى الثانية راجع إلى (النفس) الثانية. كأنه بين في الآية
الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا تتقبل منها
شفاعة، ولايؤخذ منها عدل.
ولأن الشافع يقدم الشفاعة على بذل العدل عنها.
ويبين في الآية الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها
عدل عن نفسها، ولا تنفعها شفاعة شافع فيها، وقد بذل العدل للحاجة إلى الشفاعة عند رده.
فلذلك كله قال في الأولى: لا يقبل منها شفاعة، وفى الثانية: ولا تنفعها شفاعة لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع، وإنما تنفع المشفوع له.
28 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ
وفى إبراهيم: (وَيُذَبِّحُونَ بالواو وفى الأعراف: (يقتلون؟ .
جوابه:
أنه جعل (يذبخون - هنا بدلا من يسومونكم، وخص الذبح بالذكر لعظم وقعه عند الأبوين، ولأنه أشد على النفوس. وفى سورة إبراهيم تقدم قوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) فناسب العطف على سوم العذاب للدلالة على أنه نوع آخر، كأنه قال: يعذبونكم ويذبحون، ففيه
يعدد أنواع النعم التي. أشير إليها بقوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) .
وقد يقال: آية البقرة والأعراف من كلام الله تعالى لهم فلم
يعدد المحن.
وآية إبراهيم من كلام موسي عليه السلام فعددها.
وقوله تعالى: (يقتلون، هو في تنوع الألفاظ، ويحتمل
أنه لما تعدد هنا ذكر النعم أبدل: (يذتحون) من
(يسومون) ، وفى إبراهيم عطفه ليحصل نوع من تعدد
النعم ليناسب قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
29 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
وفى الأعراف: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ.
جوابه:
هي اختلاف ألفاظ الآيتين، وفائدة مناسبتهما مع قصد التنويع في الخطاب.
أما آية البقرة: فلما افتتح ذكر بنى إسرائيل بذكر نعمه عليهم
بقوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
ناسب ذلك نسبة القول إليه، وناسب قوله (رغدا
لأن النعم به أتم.
وناسب تقديم (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا*، وناسب
(خطاياكم لأنه جمع كثرة، وناسب الواو في (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ* لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في
(فكلوا) لأن الأكل مترتب على الدخول فناسب مجيئه
بالواو.
وأما آية الأعراف: فافتتحت بما فيه توبيخهم وهو قولهم:
(اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، ثم اتخاذهم العجل، فناسب
ذلك ة (وإذ قيل لهم*.
وناسب ترك (رغدا* والسكنى بجامع الأكل، فقال: (كلوا*.
وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا، وترك الواو في (سنريد.
30 -
مسألة:
قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا.
وفى الأعراف: فبدل
الذين ظلموا منهم.
وقال: (فأرسلنا عليهم.
وقال هنا: (يفسقون وفى الأعراف: (يظلمون؟
جوابه:
لما سبق في الأعراف تبعيض الهادين بقوله تعالى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)
ناسب تبعيض الظالمين منهم
بقوله تعالى: (الذين ظلموا منهم. ولم يتقدم مثله في البقرة.
وقوله: عليهم (1) . ليس فيه تصريح بنجاة غيرهم.
وفى البقرة إشارة إلى سلامة غير (الذين ظلموا) لتصريحه
بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال.
فناسب سياق ذكر النعمة ذلك في البقرة.
وختم آية البقرة ب (يفسفون ولا يلزم منه الظلم، والظلم
يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ منهما سياقه.
31 -
مسألة:
قوله تعالى: (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
وفى الأعراف: (فانبجست) ؟
جوابه:
قيل إن الانبجاس دون الانفجار، وأن الانفجار أبلغ في كثرة الماء فعلى هذا:
أن سياق ذكر نعمته اقتضى ذكر الانفجار، ونسبه.
وقيل: هما بمعنى واحد، فيكون من تنويع الألفاظ والفصاحة.
32 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ.
وقد قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا) ؟
جوابه:
في سورة غافر.
33 -
مسألة:
قوله تعالى: (بِغَيْرِ الْحَقِّ) .
وقد قال في آل عمران: (بغير حق)
فعرف هنا ونكر ذلك؟
جوابه:
أن آية البقرة: نزلت في قدماء اليهود بدليل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ.
والمراد " بغير الحق " الموجب للقتل عندهم، بل قتلوهم ظلما وعدوانا.
وآيات آل عمران: في الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
بدليل قوله تعالى: (فبشرهم بعذاب أليم، وبقوله تعالى: إن الذين يكفرون بآيات الله ويقولون
وبدليل قوله تعالى في الثانية: لن يضروكم إلي أذى -
الآية.
لأنهم كانوا حرصاء على قتل النبى صلى الله عليه وسلم، ولذلك سموه، ولكن الله تعالى. عصمه منهم فجاء منكرا ليكون أعم فتقوى الشناعة عليهم والتوبيخ لهم، لأن قوله تعالى:(بغبر حق) بمعنى قوله ظلما وعدوانا.
وهذا هو جواب من قال: ما فائدة قوله: بغير الحق، أو: بغير حق والأنبياء لايقتلن إلا بغير حق.
34 ـ مسألة:
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ (4)
وقال فى المائدة والحج: (والصابئون وَالنَّصَارَى) .
قدم النصارى فى البقرة، وأخرهم فى المائدة والحج
جوابه:
أن التقديم قد يكون بالفضل والشرف، وقد يكون بالزمان.
فروعي في البقرة تقديم الشرف بالكتاب، لأن الصابئين لا
كتاب لهم مشهود ولذلك قدم: (الَّذِينَ هَادُوا) في جميع
الآيات. وإن كانت الصابئة متقدمة في الزمان.
وأخر النصارى في بعضها: لأن اليهود موحدون (1)
والنصارى مشركون، ولذلك قرن النصارى فى الحج
بالمجوس والمشركين، فأخرهم لإشراكهم بمن بعدهم في الشرك،
وقدمت الصابئون عليهم في بعض الآيات لتقدم زمانهم
عليهم.
وقول بعض الفقهاء: إن الصابئة فرقة من النصارى باطل لا
أصل له.
35 -
مسألة:
ثم قال: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ.
جوابه:
المراد: من استمر على إيمانه، أو من أظهر منهم الإيمان ولم
يعمل به.
والمراد بمن آمن: من عمل بتكميل إيمانه ومات عليه.
36 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
ما فائدة: هم؟
جوابه:
أن العطف على الجملة الاسمية أفصح وأنسب.
37 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا)
بعد قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً
والأمر بذبحها بعد القتل، فما فائدة
تقديم الذبح في الذكر؟
جوابه:
أن آيات البقرة سيقت لبيان النعم كما تقدم، فناسب تقدم
ذكر النعمة على ذكر الذنب.
38 -
مسألة:
الرب تعالى قادر على إحياء الميت دون البقرة، فما فائدة الأمر بذبحها لذلك؟
جوابه:
قد يكون فائدة الأمر لترتيب الأشياء على أسبابها لما
اقتضته الحكمة القديمة، ولجبر اليتيم صاحب البقرة بما حصل
له من ثمنها.
39 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً)
وفى آل " عمران:، معدودات.
ومعدودة: جمع كثرة، ومعدودات: جمع قلة؟
جوابه:
أن قائلي ذلك من اليهود فرقتان:
إحداهما قالت: إنما نعذب بالنار سبعة أيام، وهي عدد أيام
. الدنيا.
وقالت فرقة: إنما نعذب أربعين يوما، وهي أيام عبادتهم
العجل.
فآية البقرة يحتمل قصد الفرقة الثانية، وآية آل عمران
يحتمل قصد الفرقة الأولى.
40 -
مسألة:
قوله تعالى: (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا) ؟
وفى الجمعة: (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا)
جوابه:
لما كانت دعواهم أن الدار الآخرة لهم خاصة: أكد نفى ذلك ب [لن] لأنها أبلغ في النفى من [لا] لظهورها في الاستغراق. وفى الجمعة: ادعوا ولاية الله، ولا يلزم من الولاية لله اختصاصهم بثواب الله وجنته فأتى ب [لا] النافية للولاية. وكلاهما مؤكد بالتأبيد، لكن في البقرة أبلغ
وأيضا: أن آية البقرة وردت بعد ما تقدم منهم من الكفر
والعصيان وقتل الأنبياء: فناسب حرف المبالغة فى النفى
لتمنيهم الموت لما يعلمون ما لهم بعده من العذاب، لأن [لن] أبلغ في النفى عند كثير من أئمة العربية، وآية الجمعة لم
يتقدمها ذلك، جاءت ب [لا] الدالة على مطلق النفى من غير مبالغة.
41 -
مسألة:
قوله تعالى: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى
وفى آل عمران: إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ؟ .
جوابه:
أن المراد بالهدى في البقرة: تحويل القبلة، لأن الآية نزلت
فيه.
والمراد بالهدى في آل عمران: الدين لتقدم قوله تعالى
(لمن تبع دينكم، ومعناه: أن دين الله الإسلام.
42 -
مسألة:
قوله تعالى: - وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
وقال في - القبلة -: مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ
بغير (من)[في الأولى] ؟ .
جوابه:
أن (الذى) أبلغ من (ما) في باب الموصول فى الاستغراق،
فلما تضمنها الآية الأولى اتباع عموم أهوائهم في كل ما كانوا عليه، بدليل: - وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ*
ناسب لفظ (الذى) التي هي أبلغ في بابها من
(ما) .
والآيتان الآخرتان في باب بعض معروف.
أما آية البقرة: ففي اتباعهم في القبلة.
وأما آية الرعد: ففي البعض الذى أنكروه لتقدم قوله: ومن الأحزاب من ينكر بعضه
أي: لئن اتبعت أهواءهم في بعض
* الذي أنكروه.
ودخلت (من) في آية القبلة: لأنه في أمر مؤقت معين
وهو: الصلاة التي نزلت الآية فيها أي: من بعد نسخ القبلة
لأن (من) لابتداء الغاية.
43 -
مسألة:
قوله تعالى: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا) .
وفى إبراهيم: (هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) .
جوابه:
أن البقرة دعي بها عند ترك إسماعيل وهاجر في الوادي قبل
بناء مكة وسكنى جرهم فيها.
وآية إبراهيم بعد عوده إليها وبناها (1)
44 -
مسألة:
106
قوله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) .
وقال في آل عمران والتوبة (من أنفسهم) و (من أنفسكم* (4) ؟ .
جوابه:
أن آية البقرة في سياق دعاء إبراهيم.
وفى آل عمران والتوبة في سياق المنة عليهم، والرحمة
والإشفاق منه عليهم، فناسب ذكر ومن أنفسهم لمزيد
الحنو والمنة، وكذا بالمؤمنين رؤوف رحيم.
45 -
مسألة:
قوله تعالى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ.
كررها مع قرب العهد بالأولى فما فائدة ذلك؟
جوابه:
أن الأولى: وردت تقريرا لإثبات ما نفوه من دين الإسلام
الذي وصى به إبراهيم ويعقوب، ومعناه أن أولئك أدوا ما
عليهم من التبليغ والوصية فلهم أجر ذلك، ولكم من الوزر
والإثم بما خالفتموهم ما يعود عليكم وباله.
وأما الثانية: فوردت نفيا لما ادعوه من أن إبراهيم ومن ذكر
بعده كانوا هودا أو نصارى.
ومعناه: أن أولئك فازوا بما تدينوا به من دين الإسلام،
وعليكم إثم مخالفتهم، وما اقترفتم عليهم من التهود والتنصر
الذي هم براء منه.
46 -
مسألة: -
قوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا.
وفى آل عمران: قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا.
جوابه:
لما صدر آية البقرة بقوله: (قُولُوا) وهو خطاب المسلمين ردا على قول أهل الكتاب: (كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى) قال: (إلينا) . ولما صدر آية آل عمران بقوله: قل قال: (علينا) . والفرق بينهما: أن (إلى) ينتهي بها من كل جهة، و (على) لا ينتهى بها إلا من جهة واحدة وهي: العلو.
والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها،
وإنما أتى النبى صلى الله عليه وسلم من جهة العلو خاصة، فحسن وناسب
قوله: (علينا لقوله: قل مع فضل تنويع الخطاب.
وكذلك أكثرها جاء في جهة النبى صلى الله عليه وسلم ب (على) ، وأكثر ما جاء ق جهة الأمة ب (إلى) .
47 -
مسألة:
قوله تعالى. (وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ)
وفى آل عمران: (النَّبِيُّونَ) .
جوابه:
أن آل عمران تقدم فيها: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ)
فأغنى عن إعادة إيتائهم ثانيا، ولم يتقدم مثل ذلك فى البقرة، فصرح فيه بإيتائهم ذلك.
48 -
مسألة:
قوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)
كرر ذلك مرات. فما فائدته؟
جوابه:
أن الأول: إعلام بنسخ استقبال بيت المقدس له ولأمته. والثانية: لبيان المسبب وهو: اتباع الحق، لقوله تعالى:
" وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ "
والثالثة: إعلام بالعلة، وهو:(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ)
وبعموم الحكم في سائر الناس والأقطار والجهات،
وسائر الأزمنة لاحتمال تخيل أن ذلك مخصوص بجهة
المدينة، وما ولاها وهي جهة الجنوب، أو أنه خاص بمن
يشاهد الكعبة، أو قصد بتكراره مزيد التوكيد في استقبال
الكعبة والتمسك به، لأن النسخ في مظان تطرق الشبهة وأبعد على ضعفاء النظر كما قالوا: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، فلذلك بالغ في التأكيد بتكرار الأمر.
49 -
مسألة:
قوله تعالى: بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)
وقال: (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ.
وقال في المائدة: مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) وقال: (لَا يَعْلَمُونَ) ؟
جوابه:
ما (ألفينا) و (وجدنا) " فمعناهما واحد واختلاف لفظهما للتفنن فى الفصاحة والإعجاز
وأما: (يعقلون) هنا، فلأن سياقه فى اتخاذهم الأصنام والأنداد وعبادتها من دون الله ومحبتها والعقل الصحيح
يأبى ذلك عند نظره
وأما: (يعلمون) فجاء في سياق التحريم والتحليل بعد ما
افتتح الكلام بقوله تعالى: (لا تحرموا طيبات ما أحل الله
لكم، وفى اتخاذ البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى) .
والتحليل والتحريم من باب العلم والنقل.
وأيضا: فلما ختم الآية قبله في المائدة بقوله تعالى:
(ؤأكثرهم لا يعقلون) ختم هذه الآية ب (يعلمون)
وكان الجمع بين نفى العقل والعلم عنهم أبلغ.
50 -
مسألة:
قوله تعالي: (وما أهل به لغير الله) .
وفى المائدة والأنعام والنحل: (لغير الله به) ؟
جوابه:
أن آية البقرة وردت في سياق المأكول وحله وحرمته، فكان
تقديم ضميره، وتعلق الفعل به أهم. وآية المائدة وردت بعد
تعظيم شعائر الله وأوامره، والأمر بتقواه، وكذلك آية النحل
بعد قوله: تعالى (واشكروا نعمة الله) فكان
تقديم اسمه أهم.
وأيضا: فآية النحل والأنعام نزلتا بمكة فكان تقديم ذكر الله
بترك ذكر الأصنام على ذبائحهم أهم لما يجب من توحيده،
وإفراده بالتسمية على الذبائح.
وآية البقرة نزلت بالمدينة على المؤمنين لبيان ما يحل وما
يحرم، فقدم الأهم فيه والله أعلم.
51 -
مسألة:
قوله تعالى: (قلآ إثم عليه إن الله غفور رحيم) وكذلك في المائدة والنحل (4) .
وفى الأنعام: فإن ربك غفور رحيم؟ .
جوابه:
لما صدر آية الأنعام بقوله تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ ناسب
قوله:، قل، وإلى،:(فإن ربك) .
وبقية الآيات المذكورات خطاب من الله تعالى للناس، فناسب: (فإن الله غفور رحيم
أي: فإن الله المرخص لكم في ذلك.
فإن قيل: فلم لم يقل: فإن ربكم؟
قلنا: لأن إيراده في خطاب النبى صلى الله عليه وسلم لايوهم غيره، لاسيما والخطاب عام.
52 -
مسألة:
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ)
الآية.
وفى آل عمران فإن منذ - (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ) الآية.
فوعد في البقر بأكل النار.
وفى آل عمران بأنه لا خلاق لهم أي: لاحظ ولا نصيب؟
جوابه:
أن الذنب في البقرة أكبر فكان الوعيد أشد لأن في كتمانهم
إضلال غيرهم مع كفرهم في أنفسهم.
وآية آل عمران: لا يتضمن ظاهر لفظها ذلك لظهور اللفظ في معنى تأثير ليس كعدمه.
53 -
مسألة: -
قوله تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) .
وقال فيها بعد ذلك: (فلا تعتدوها) .
أن الحدود في الأولى: هي عبارة عن نفس المحرمات في الصيام والاعتراف من الأكل والشرب والوطء - والمباشرة فناسب: (قلا تقربوها.
والحدود في الثانية: أوامر في أحكام الحل والحرمة في نكاح المشركات، وأحكام الطلاق والعدة والإيلاء والرجعة وحصر الطلاق في الثلاث والخلع، فناسب:(فلا تعتدوها أي: لاتتعدوا أحكام الله تعالى إلى غيرها مما لم يشرعه لكم فقفوا عندها، ولذلك قال بعدها: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) .
مسألة:
قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) .
وقال تعالى في الأنفال: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ؟ .
جوابه:
أن آية البقرة نزلت في أول سنة من الهجرة في سرية عبد الله بن جحش لعمرو بن الحضرمي وصناديد مكة أحياء، ولم يكن للمسلمين رجاء في إسلامهم تلك الحال.
وأية الأنفال: نزلت بعد وقعة بدر، وقتل صناديدهم، فكان
المسلمون بعد ذلك أرجى لإسلام أهل مكة عامة وغيرهم،
فأكد سبحانه وتعالى رجاءهم ذلك بقوله تعالى: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) أي: لا يعبد سواه.
55 -
مسألة:
قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) الآية.
ومثله في الأنعام، ومعناه: ينتظرون.
وإنما ينتظر الإنسان ما يعلم، أو يظن وقوعه ولم يكونوا كذلك لأنهم لم يصدقوا بذلك؟
جوابه:
لما كان واقعا لا محالة كانوا في الحقيقة كالمنتظرين له في
المعنى ولذلك جاء تهديدا لهم.
56 ـ مسألة:
قوله تعالى: ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) .
وفى سورة الطلاق: ذَلِكَم يُوعَظُ بِهِ) ؟ .
جوابه:
حيث قال (ذلك) فالخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وقدم تشريفا له، ثم عمم فقال: ذلكم أزكى لكم
وأطهر.
وفى الطلاق: فالخطاب له ولأمته جميعا، وقدم تشريفه بالنداء
لقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ - الآية.
57 -
مسألة:
قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [وَلَمَّا يَأْتِكُمْ] الآية.
وفى آل عمران: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) الآية.
وفى التوبة: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) الآية.
جوابه:
أن آية البقرة في الصبر على ما كان النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه من أذى الكفار وتسلية لهم عنه، وكذلك قال:(في الذين خلوا مستهم البأساء والضراء) ليكون الصحابة مثلهم في الصبر وانتظار الفرج.
وآية آل عمران: وردت فى حق المجاهدين وما حصل لهم يوم أحد من القتل والجراحات والهزيمة، فوردت الآية تصبيرا لهم على ما نالهم ذلك اليوم مما ذكرناه والآية الثالثة في التوبة: وردت في الذين كانوا يجاهدون مع النبى صلى الله عليه وسلم ويباطنون أقاربهم وأولياءهم من الكفار المعاندين لرسول الله صلى الله عليه وسلم -
ولذلك قال: (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً)
وقال بعده (لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ) الآية
58 -
مسألة:
قوله تعالى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) .
جوابه:
أن المراد بالآية الأولى ما شرعه الله تعالى من الأحكام،
ولذلك عرفه بالألف واللام وبالإلصاق.
وفيما فعلن: أي من التعرض للخطاب بالمعروف.
والمراد بالثانية: أفعالهن بأنفسهن من مباح مما يتخيرنه من
تزين للخطاب، وتزويج أو قعود وسفر أو غير ذلك مما لهن
فعله، ولذلك نكره، وجاء فيه بـ " من ".
59 -
مسألة:
قوله تعالى: (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) .
وقال بعد ذلك: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) .
جوابه:
أن الآية الأولى: في مطلقة قبل الفرض والدخول، فالإعطاء في حقها إحسان لا في قبالة شىء لا تسمية ولا دخول.
وهو وإن أوجبه قوم فهو في الصورة مجرد إحسان، فناسب: (المحسنين.
والآية الثانية في المطلقة الرجعية، والمراد بـ (المتاع) عند المحققين النفقة، ونفقة الرجعية واجبة والمراد
بـ (المتاع) عند المحققين، فناسب: حقا على المتقين، ورجح أن المراد به النفقة: أنه ورد عقيب قوله: (متاعا إلى الحول والمراد به: النفقة، وكانت واجبة قبل النسخ، ثم قال: " وللمطلقات " فظهر أنه النفقة في عدة الرجعية بخلاف المطلقة البائن بخلع فإن الطلاق من جهتها فكيف تعطى المتعة التي شرعت جبرا للكسر بالطلاق وهي الراغبة فيه وباذلة المال فيه، فظهر أن المراد بـ (المتاع) هنا: النفقة زمن العدة لا المتعة.
وللعلماء في هاتين الآيتين اضطراب كثير، وما ذكرته أظهر، والله تعالى أعلم، لأنه تقدم حكم الخلع، وحكم عدة الموت، وحكم المطلقة بعد التسمية، وبقي حكم المطلقة الرجعية فيحمل عليه.
قوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) ثم
قال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا) .
ما فائدة تكرار ذلك؟ .
جوابه:
قيل: هو تأكيد للأول تكذيبا لمن ينكر أن يكون ذلك بمشيئة الله تعالى. والأحسن: أن (اقتتلوا) أولا مجاز في
الاختلاف لأنه كان سبب اقتتالهم، فأطلق اسم المسبب على
السبب كقوله تعالى: (إنما يأكلون فى بطونهم نارا) .
فمعناه: ولو شاء الله ما اختلفوا بعد أنبيائهم لكن اختلفوا،
ولو شاء الله بعد اختلافهم لما اقتتلوا.
61 -
مسألة:
قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) الآية.
وقال تعالى في براءة (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) .
وقال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ، وآيات القتال كثيرة.
جوابه:
من وجوه:
أحدها: لا إكراه قسرا من غير إقامة دليل، بل قد بين الله
سبحانه الدلالة على توحيده، وبعث رسوله لمن ينظر فيه.
ويدل عليه قوله تعالى بعده: " قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "
وهذا قول المعتزلة.
والثاني: أنه منسوخ بآيات السيف.
والثالث: أنه مخصوص بأهل الكتاب.
62 -
مسألة: *
قوله تعالى: (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) الآية.
أفرد النور وجمع الظلمات، وذلك في مواضع؟ .
جوابه:
أن الكفر أنواع وملل مختلفة، ودين الحق واحد، فلذلك
أفرده.
63 -
مسألة:
قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ) الآية.
وقال فى سورة الأنعام: (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)
جوابه:
أن هذه خاصة في النفقة في سبيل الله.
وأية الأنعام: فى مطلق الحسنات من الأعمال، وتطوع الأموال
قوله تعالى: (لا يقدرون على.
وفى سورة إبراهيم: (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا)
وفى سورة إبراهيم (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ)
جوابه:
أن المثل هنا للعامل، فكان تقديم نفى قدرته وصلتها أنسب، لأن (على) من صلة القدرة.
وآية إبراهيم عليه السلام: " المثل " للعمل، لقوله تعالى:
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ) تقديره: مثل أعمال
الذين كفروا، فكان تقديم (مما) تقديم نفى ما كسبوا أنسب
لأنه صلة (شىء) وهو الكسب.
65 -
مسألة:
قوله تعالى في آية الربا (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) . وفى الآية الأولى من النساء: مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا. وكذلل في الحديد.
وفى الثانية:
(مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) .
ما فائدة العدول عن قوله: "يبغض "، إلى قوله " لا يحب " مع أنه لا يلزم من نفى المحبة: البغض؟ .
وما فائدة تخصيص كل آية بما ذكر فيها؟ .
جوابه:
أن البغض: صفة مكروهة للنفوس، فلم يحسن نسبته إلى الله تعالى لفظا. وأيضا: فلأن حال العبد مع الله تعالى إما طاعته أو عدمها.
فإذا انتفت محبته لنفى طاعته تعين ضدها، فعبر بما هو أحسن لفظا.
وأما كفار أثيم: فإنها نزلت في ثقيف وقريش لما أصروا على الربا، وعارضوا حكم الله تعالى بقولهم:(إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) ، فهم كفار بالدين، آثمون بتعاطي الربا، والإصرار عليه.
وأما آية النساء الأولى: فجاءت بعد قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)، وبعد قوله:(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) . والعبادة هي التذلل للمعبود والتواضع له، وكذلك الإحسان إلى الوالدين يقتضي التواضع لهما، وذلك ينافي الاختيال والعجب والتفاخر، ويؤيده قوله سبحانه:(وَبِذِي الْقُرْبَى) الآية.
وكذلك جاء في لقمان بعد قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا، وفى الحديد بعد قوله تعالى: (وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ)
وأما آية النساء الثانية: فنزلت قي طعمة بن أبيرق لما سرق
درع قتادة بن النعمان رضى الله عنه وحلف عليه، ورمى به
اليهود، ثم ارتد ولحق بمكة، فناسب:(خوانا) .
وأيضا: فلتقدم قوله تعالى: (عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ)
66 -
مسألة:
قوله تعالى: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ) ومثله في آل عمران.
وقال في النحل والزمر: (ما عملت) *
جوابه:
هو من باب التفنن في الألفاظ والفصاحة.
وأيضا: لما تقدم في الزمر لفظ الكسب في مواضع مثل (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا، وَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عملوا. فعدل إلي لفظ (عملوا) تركا للتكرار، ولم يتقدم ذلك في البقرة وآل عمران.