المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الباء الموحدة - لسان العرب - جـ ٧

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ص

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌ض

- ‌فرف الضاد المعجمة

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌ط

- ‌حرف الطاء المهملة

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌ظ

- ‌حرف الظاء المعجمة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

الفصل: ‌فصل الباء الموحدة

أَي فِيهَا تَغَيُّرٌ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ فِيهِ:

ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه،

بِجَرْداءَ يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها

والإِناضُ، بِالْكَسْرِ: حَمْلُ النَّخْلِ المُدْرِك. وأَناضَ النَّخْلَ «1» يُنِيضُ إِناضةً أَي أَيْنَع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

يَوْمَ أَرزاق مَنْ تُفَضَّلُ عُمٌّ،

مُوسِقات وحُفَّلٌ أَبْكارُ

فاخِراتٌ ضُرُوعُها فِي ذُراها،

وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ

العُمُّ: الطِّوالُ مِنَ النَّخْلِ، الْوَاحِدَةُ عَمِيمَةٌ. والمُوسِقاتُ: الَّتِي أَوْسَقَت أَي حَمَلَتْ أَوْسُقاً. والحُفَّل: جَمْعُ حافِلٍ، وَهِيَ الْكَثِيرَةُ الْحَمْلِ مُشَبَّهَةٌ بِالنَّاقَةِ الْحَافِلِ وَهِيَ الَّتِي امتلأَ ضَرْعُهَا لَبَناً. والأَبْكارُ: الَّتِي يتعجَّل إِدراك ثَمَرِهَا فِي أَول النَّخْلِ، مأْخوذ مِنَ الباكُورة مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَهِيَ الَّتِي تتقدَّم كُلَّ شَيْءٍ. والفاخراتُ: اللَّاتِي يَعْظُم حَملُها. وَالشَّاةُ الْفَخُورُ: الَّتِي عَظُمَ ضَرْعُهَا. والجَبّار مِنَ النَّخْلِ: الَّذِي فاتَ اليَدَ. والعَيْدانُ فَاعِلٌ بأَناضَ، وَالْجَبَّارُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى أَناضَ بلغَ إِناه وَمُنْتَهَاهُ؛ وَيُرْوَى: وإِناضُ العَيْدان، وَمَعْنَاهُ وبالِغُ العَيْدانِ، وَالْجَبَّارُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وإِناضَ.

أيض: آضَ يَئِيضُ أَيضاً: سارَ وعادَ. وآضَ إِلى أَهله: رَجَعَ إِليهم. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَفَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَيْضاً مِنْ هَذَا، أَي رَجَعْتُ إِليه وعُدْتُ. وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ أَيضاً، وَهُوَ مَصْدر آضَ يَئِيضُ أَيضاً أَي رَجَعَ، فإِذا قِيلَ لَكَ: فَعَلْتَ ذَلِكَ أَيضاً، قُلْتَ: أَكثرتَ مِنْ أَيْضٍ ودَعْني مِنْ أَيْضٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأَيْضُ صَيْرورةُ الشَّيْءِ شَيْئًا غَيْرَهُ. وآضَ كَذَا أَي صَارَ. يُقَالُ: آضَ سوادُ شَعْرِهِ بَيَاضًا، قَالَ: وَقَوْلُهُمْ أَيْضاً كأَنه مأْخوذ مِنْ آضَ يَئِيضُ أَي عادَ يَعُود، فإِذا قُلْتَ أَيضاً تَقُولُ أَعِد لِي مَا مَضَى؛ قَالَ: وتفسيرُ أَيْضاً زِيادةٌ. وَفِي حَدِيثِ

سَمُرَةَ فِي الْكُسُوفِ: إِن الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ كأَنها تَنُّومة

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: آضَتْ أَي صَارَتْ ورَجَعَتْ؛ وأَنشد قَوْلَ كَعْبٍ يَذْكُرُ أَرضاً قَطَعَهَا:

قَطَعت إِذا مَا الآلُ آضَ، كأَنه

سُيوفٌ تَنَحَّى تَارَةً ثُمَّ تَلْتَقي

وَتَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَيضاً.

‌فصل الباء الموحدة

برض: البارِض: أَول مَا يَظْهَرُ مِنْ نَبْتِ الأَرض وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَعْدة والنَّزَعةَ والبُهْمَى والهَلْتَى والقَبْأَةَ وبَنات الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ أَول مَا يُعْرف مِنَ النَّبَاتِ وتَتناوَلُه النَّعَمُ. الأَصمعي: البُهْمَى أَول مَا يَبْدُو مِنْهَا البارِضُ فإِذا تَحَرَّكَ قَلِيلًا فَهُوَ جَمِيم؛ قَالَ لَبِيدٌ:

يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً فِي النَّدى،

مِن مَرابِيعِ رِياض ورِجَلْ

الْجَوْهَرِيُّ: البارِضُ أَولُ مَا تُخْرِجُ الأَرضُ مِنَ البُهْمَى والهَلْتَى وبِنتِ الأَرض لأَن نِبْتة هَذِهِ الأَشياء واحدةٌ ومَنْبِتها وَاحِدٌ، فَهِيَ مَا دَامَتْ صَغَارًا بارِضٌ، فإِذا طَالَتْ تَبَيَّنَتْ أَجْناسُها. وَيُقَالُ: أَبْرَضَت الأَرضُ إِذا تعاونَ بارِضُها فَكَثُرَ. وفي

(1). قوله [وأناض النخل إلخ] في شرح القاموس ما نصه: وذكر الجوهري هنا وأَناض النَّخْلَ يُنِيضُ إِنَاضَةً أي أينع، وتبعه صاحب اللسان، وهو غريب فإن أَناض مادته نوض.

ص: 116

حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السَّنةَ المُجدبة: أَيْبَسَت بارِضَ الوَدِيس

؛ البارِضُ: أَول مَا يَبْدُو مِنَ النَّبَاتِ قَبْلَ أَن تُعرف أَنواعُه، والوَدِيسُ مَا: غَطَّى وجهَ الأَرض مِنَ النَّبَاتِ. ابْنُ سِيدَهْ: والبارِضُ مِنَ النَّبَاتِ بَعْدَ البَذْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَرَضَ النباتُ يَبْرُضُ بُروضاً. وتَبرَّضَتِ الأَرضُ: تبيَّن نَبْتُهَا. وَمَكَانٌ مُبْرِضٌ إِذا تعاوَنَ بارِضُه وكَثُرَ. الْجَوْهَرِيُّ: البَرْضُ الْقَلِيلُ وَكَذَلِكَ البُراضُ، بِالضَّمِّ. وماءٌ بَرْضٌ: قليلٌ وَهُوَ خلاف الغَمْر، وَالْجَمْعُ بُرُوضٌ وبِرَاضٌ وأَبْراضٌ. وبَرَضَ يَبْرِضُ ويَبْرُضُ بَرْضاً وبُرُوضاً: قلَّ، وَقِيلَ: خَرَجَ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَبِئْرٌ بَرُوضٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وَهُوَ يَتَبَرَّضُ الماءَ: كُلَّمَا اجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ غَرَفَه. وتَبَرَّضْتُ ماءَ الحِسْي إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا. وثَمْد بَرْضٌ: مَاؤُهُ قَلِيلٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

فِي العِدِّ لَمْ يَقْدَحْ ثِماداً بَرْضَا

وبَرَضَ الماءُ مِنَ الْعَيْنِ يَبْرُضُ أَي خَرَجَ وَهُوَ قَلِيلٌ. وبَرَضَ لِي مِنْ مَالِهِ يَبْرُضُ ويَبْرِضُ بَرْضاً أَي أَعطاني مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا. وتَبَرَّضَ مَا عِنْدَهُ: أَخذ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شيءٍ. وتبرَّضْت فُلَانًا إِذا أَخذت مِنْهُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ وتبلَّغْت بِهِ. والتَّبَرُّضُ والابْتِراضُ: التبلُّغ فِي الْعَيْشِ بالبُلْغة وتطلُّبه مِنْ هُنَا وَهُنَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وتَبَرَّضَ سَمَلَ الحوضِ إِذا كَانَ ماؤُه قَلِيلًا فأَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَفِي حِياضِ المَجْدِ فامْتَلأَتْ بِهِ

بالرِّيِّ، بَعْدَ تَبَرُّضِ الأَسْمال

والتَّبرُّضُ: التبلُّغُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَيْشِ. وتَبرَّضَ حَاجَتَهُ: أَخذها قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

ماءٌ قَلِيلٌ يتَبرَّضُه الناسُ تَبَرُّضاً

أَي يأْخذونه قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَرْضُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَقَدْ كنتُ برَّاضاً لَهَا قَبْلَ وَصْلِها،

فكيفَ وَلَدَّت حَبْلَها بِحِبالِيا؟ «1»

مَعْنَاهُ قَدْ كنت أُنِيلُها الشيءَ بعد الشيءِ قَبْلَ أَن واصلَتْني فَكَيْفَ وَقَدْ عَلِقْتها الْيَوْمَ وعَلِقَتْني؟ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مَبْروض ومَضْفُوهٌ ومَطفوهٌ ومَضْفوفٌ ومَحْدود إِذا نَفِد مَا عِنْدَهُ مِنْ كَثْرَةِ عَطَائِهِ. والبُرْضة: مَا تَبرَّضْت مِنَ الْمَاءِ. وبَرَضَ لَهُ يَبْرِضُ ويَبْرُضُ بَرْضاً: قلَّلَ عطاءَه. أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَتِ العطيةُ يَسيرة قُلْتَ بَرَضْت لَهُ أَبْرُضُ وأَبرِضُ بَرْضاً. وَيُقَالُ: إِن الْمَالَ لَيَتَبَرَّضُ النَّبَاتَ تَبرُّضاً، وَذَلِكَ قَبْلَ أَن يطُول وَيَكُونَ فِيهِ شِبَعُ الْمَالِ، فإِذا غَطَّى الأَرض ورَقاً فَهُوَ جَمِيمٌ. والبُرْضةُ: أَرض لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَهِيَ أَصغر مِنَ البَلُّوقة. والمُبْرِضُ والبَرّاضُ: الَّذِي يأْكل كُلَّ شيءٍ مِنْ مَالِهِ ويُفْسِده. والبَرّاضُ بْنُ قَيْسٍ: الَّذِي هَاجَتْ بِهِ حربُ عُكاظ، وَقِيلَ: هُوَ أَحد فُتّاك الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ مِنْ بُنِيَ كِنَانَةَ، وبِفَتْكِه قَامَ حربُ الفِجَار بَيْنَ بَنِي كِنَانَةَ وَقَيْسِ عَيْلَانَ لأَنه قَتَلَ عُرْوة الرَّحَّالَ الْقَيْسِيَّ؛ وأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَوادِي البَدِيِّ فانْتَحَى لليَرِيض

فإِن اليَرِيضَ، بِالْيَاءِ قَبْلَ الرَّاءِ، وَهُوَ وَادٍ بِعَيْنِهِ، وَمَنْ رَوَاهُ الْبَرِيضِ، بِالْبَاءِ، فَقَدْ صحَّف، وَاللَّهُ أَعلم.

بضض: بَضَّ الشيءُ: سَالَ. وبَضَّ الحَسْيُ وَهُوَ يَبِضُّ بَضِيضاً إِذا جَعَلَ ماؤُه يَخْرُجُ قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ تَبُوكَ:

وَالْعَيْنُ تَبِضُّ بِشَيْءٍ من ماء.

وبَضَّت

(1). قوله: ولدّت حبلها، هكذا في الأَصل.

ص: 117

العينُ تَبِضُّ بَضّاً وبَضِيضاً: دَمَعت. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نُعِتَ بِالصَّبْرِ عَلَى المُصيبة: مَا تَبِضُّ عينُه. وبَضَّ الماءُ يَبِضُّ بَضّاً وبُضُوضاً: سالَ قَلِيلًا قِلِيلًا، وَقِيلَ: رَشَح مِنْ صَخْرٍ أَو أَرْضٍ. وبَضَّ الحجرُ وَنَحْوُهُ يَبِضُّ: نَشَغَ مِنْهُ الْمَاءُ شِبْهَ العَرَق. ومَثَلٌ مِنَ الأَمثال: فلانٌ لَا يَبِضُّ حَجَرُه أَي لَا يُنالُ مِنْهُ خيرٌ، يُضْرَبُ لِلْبَخِيلِ، أَي مَا تَنْدَى صَفاته وَفِي حَدِيثِ

طَهْفة: مَا تَبِضُّ بِبِلالٍ

أَي مَا يَقْطُرُ مِنْهَا لَبَنٌ. وَفِي حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ: وبَضَّت الحَلَمةُ

أَي دَرَّت حلمةُ الضَّرْعِ بِاللَّبَنِ، وَلَا يُقَالُ بَضَّ السقاءُ وَلَا القِرْبةُ إِنما ذَلِكَ الرَّشْحُ أَو النَّتح، فإِن كَانَ دُهْناً أَو سَمْناً فَهُوَ النَّثّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: يَنِثُّ نَثَّ الحَمِيت.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقَالُ بَضَّ السقاءُ وَلَا القِربةُ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ وَيُنْشِدُ لِرُؤْبَةَ:

فقلتُ قَوْلًا عَرَبِيّاً غَضَّا:

لَوْ كانَ خَرْزاً فِي الكُلَى مَا بَضّا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه سَقَطَ مِنَ الفَرَس فإِذا هُوَ جالسٌ وعُرْضُ وَجْهِه يَبِضُّ مَاءً أَصْفَرَ.

وَبِئْرٌ بَضُوضٌ: يَخْرُجُ مَاؤُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَضَضُ: الماءُ الْقَلِيلُ. ورَكِيٌّ بَضُوضٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَقَدْ بَضَّتْ تَبِضُّ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

يَا عُثْمَ أَدْرِكْني، فإِنَّ رَكِيَّتي

صَلَدَتْ، فأَعْيَتْ أَن تَبِضَّ بِمَائِهَا

قَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي السِّقَاءِ: بُضاضةٌ مِنْ ماءٍ أَي شيءٌ يَسِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ: الشَّيْطانُ يَجْري فِي الإِحْليل ويَبِضُّ فِي الدُّبُر

أَي يَدبّ فِيهِ فيُخيّل أَنه بَلَلٌ أَو ريحٌ. وتَبَضَّضْت حَقِّي مِنْهُ أَي اسْتَنْظَفْتُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وبَضَضْت لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ أَبُضُّ بَضًّا: قلَّلْت. وبَضَضْت لَهُ أَبُضُّ بَضًّا إِذا أَعطاه شَيْئًا يَسِيرًا؛ وأَنشد شَمِرٌ:

وَلَمْ تُبْضِض النُّكْدَ للجاشِرِين،

وأَنْفَدت النملُ مَا تَنْقُل

وَقَالَ رَاوِيهِ: كَذَا أَنشَدَنِيه ابْنُ أَنس، بِضَمِّ التَّاءِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، بَضَّ يَبُضُّ وأَبَضَّ يُبِضُّ: قلَّلَ، وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ: وَلَمْ تَبْضُض. الأَصمعي: نَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ وبَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْقَلِيلُ. وامرأَة بَاضَّةٌ وبَضّة وبَضِيضةٌ وبَضاضٌ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ تارَّة فِي نَصاعةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ النَّاعِمَةُ إِن كَانَتْ بَيْضَاءَ أَو أَدْماءَ؛ قَالَ:

كُلُّ رَداحٍ بَضّةٍ بَضاضِ

غَيْرُهُ: الْبَضَّةُ المرأَة النَّاعِمَةُ، سَمْرَاءَ كَانَتْ أَوْ بَيْضَاءَ؛ أَبو عَمْرٍو: هي اللَّحِيمة الْبَيْضَاءُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَضَّة الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ الظَّاهِرَةُ الدَّمِ، وَقَدْ بَضَّت تَبُضُّ وتَبَضُّ بَضَاضةً وبُضوضةً. اللَّيْثُ: امرأَة بَضَّةٌ تَارَّةٌ نَاعِمَةٌ مُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ فِي نَصاعةِ لَوْنٍ. وبَشَرةٌ بَضَّةٌ: بَضِيضة، وامرأَة بَضَّة بَضَاض. ابْنُ الأَعرابي: بَضَّضَ الرجلُ إِذا تَنَعّم، وغَضَّضَ: صَارَ غَضّاً مُتَنَعِّمًا، وَهِيَ الغُضُوضة. وغَضَّضَ إِذا أَصابته غَضاضةٌ. الأَصمعي: والبَضُّ مِنَ الرِّجَالِ الرَّخْصُ الجسدِ وَلَيْسَ مِنَ الْبَيَاضِ خَاصَّةً وَلَكِنَّهُ مِنَ الرُّخوصة والرَّخاصة، وَكَذَلِكَ المرأَة بَضّة. وَرَجُلٌ بَضٌّ بَيّن البَضاضَةِ والبُضُوضة: ناصعُ الْبَيَاضِ فِي سِمَنٍ؛ قَالَ:

وأَبْيَض بَضّ عَلَيْهِ النُّسورُ،

وَفِي ضِبْنِه ثَعْلبٌ مُنْكَسِرْ

ص: 118

وَرَجُلٌ بَضٌّ أَي رَقِيقُ الْجِلْدِ مُمْتَلِئٌ، وَقَدْ بَضَضْت يَا رَجُلُ وبَضِضْت، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، تَبَضُّ بَضاضةً وبُضوضةً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: هَلْ يَنْتظرُ أَهلُ بَضاضةِ الشَّبابِ إِلَّا كَذا؟

البَضاضةُ: رِقّة اللَّوْنِ وَصَفَاؤُهُ الَّذِي يُؤَثّر فِيهِ أَدنى شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ:

قَدِمَ عُمَرَ، رضي الله عنه، عَلَى مُعاوية وَهُوَ أَبضُّ النَّاسِ

أَي أَرَقُّهم لَوْنًا وأَحسنُهم بَشرة. وَفِي حَدِيثِ

رُقَيقة: أَلا فانْظُروا فِيكُمْ رَجُلًا أَبْيَضَ بَضّاً.

وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ: تَلْقى أَحدَهم أَبْيَضَ بَضّاً.

ابْنُ شُمَيْلٍ: البَضَّة اللَّبَنةُ الْحَارَّةُ الْحَامِضَةُ، وَهِيَ الصَّقْرة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَقَانِي بَضَّةً وبَضّاً أَي لَبَنًا حَامِضًا. وبَضَّضَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: حَمَلَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والبَضْباضُ قَالُوا: الكمأَةُ وَلَيْسَتْ بمَحْضة. وبَضَّضَ الجِرْوُ مِثْلُ جَصّص ويضَّضَ وبصّصَ كُلُّهَا لُغَاتٌ. وبَضَّ أَوتارَه إِذا حَرَّكَهَا ليُهَيِّئَها لِلضَّرْبِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ يُقَالُ بَظَّ بَظّاً، بِالظَّاءِ، وَهُوَ تَحْرِيكُ الضَّارِبِ الأَوتارَ ليُهَيِّئها لِلضَّرْبِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّادِ، قَالَ: وَالظَّاءُ أَكثر وأَحسن.

بعض: بَعْضُ الشَّيْءِ: طَائِفَةٌ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَبعاض؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي فَلَا أَدري أَهو تسمُّح أَم هُوَ شَيْءٌ رَوَاهُ، وَاسْتَعْمَلَ الزَّجَّاجِيُّ بَعْضًا بالأَلف وَاللَّامِ فَقَالَ: وإِنما قُلْنَا البَعْض وَالْكُلَّ مَجَازًا، وَعَلَى اسْتِعْمَالِ الْجَمَاعَةِ لهُ مُسامحة، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ غير جائر يَعْنِي أَن هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْفَصِلُ مِنَ الإِضافة. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ للأَصمعي رأَيت فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُقَفَّعِ: العِلْمُ كثيرٌ وَلَكِنْ أَخْذُ البعضِ خيرٌ مِنْ تَرْكِ الْكُلِّ، فأَنكره أَشدَّ الإِنكار وَقَالَ: الأَلف وَاللَّامُ لَا يَدْخُلَانِ فِي بَعْضٍ وَكُلٍّ لأَنهما مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلف ولامٍ. وَفِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَلَا تَقُولُ الْعَرَبُ الْكُلَّ وَلَا الْبَعْضَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ حَتَّى سِيبَوَيْهِ والأَخفش فِي كُتُبهما لِقِلَّةِ عِلْمِهِمَا بِهَذَا النَّحْوِ فاجْتَنِبْ ذَلِكَ فإِنه لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ الأَزهري: النَّحْوِيُّونَ أَجازوا الأَلف وَاللَّامَ فِي بَعْضٍ وَكُلٍّ، وإِنْ أَباهُ الأَصمعيُّ. وَيُقَالُ: جَارِيَةٌ حُسّانةٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضاً، وبَعْضٌ مُذَكَّرٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا. وبَعّضَ الشَّيْءَ تَبْعِيضاً فتبَعَّضَ: فَرَّقَهُ أَجزاء فَتَفَرَّقَ. وَقِيلَ: بَعْضُ الشَّيْءِ كلُّه؛ قَالَ لبيد:

أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفوسِ حِمامُها

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه أَهل اللُّغَةِ مِنْ أَن البَعْضَ فِي مَعْنَى الْكُلِّ، هَذَا نَقْضٌ وَلَا دَلِيلَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لأَنه إِنما عَنَى بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَه. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: أَجمع أَهل النَّحْوِ عَلَى أَن الْبَعْضَ شَيْءٌ مِنْ أَشياء أَو شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ إِلّا هِشَامًا فإِنه زَعَمَ أَن قَوْلَ لَبِيدٍ:

أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا

فَادَّعَى وأَخطأَ أَن البَعْضَ هَاهُنَا جَمْعُ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عَمَلِهِ وإِنما أَرادَ لَبِيدٌ بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَه. وقوله تعالى: تلْتَقِطه بَعْضُ السَّيَّارَةِ، بالتأْنيث فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِ فإِنه أَنث لأَنّ بَعْضَ السَّيَّارَةِ سَيّارةٌ كَقَوْلِهِمْ ذهَبتْ بَعْضُ أَصابعه لأَن بَعْض الأَصابع يَكُونُ أُصبعاً وأُصبعين وأَصابع. قَالَ: وأَما جَزْمُ أَو يَعْتَلِقْ فإِنه رَدَّهُ عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ الأَول، وَمَعْنَاهُ جَزَاءٌ كأَنه قَالَ: وإِن أَخرجْ فِي طَلَبِ الْمَالِ أُصِبْ مَا أَمَّلْت أَو يَعْلَق الموتُ نَفْسِي.

ص: 119

وَقَالَ: قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَا أَجراه عَلَى لِسَانِهِ فِيمَا وَعَظَ بِهِ آلَ فِرْعَوْنَ: إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

، إِنه كَانَ وَعَدَهم بِشَيْئَيْنِ: عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ فَقَالَ: يُصِبْكم هَذَا الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ بَعْضُ الوَعْدَينِ مِنْ غَيْرِ أَن نَفى عَذَابَ الْآخِرَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعْضُ الْعَرَبِ يَصِلُ بِبَعْضٍ كَمَا تَصِلُ بِمَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

؛ يُرِيدُ يُصِبْكُمُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

أَي كلُّ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَي إِن يَكُنْ مُوسَى صَادِقًا يُصِبْكُمْ كُلُّ الَّذِي يُنْذِرُكم به ويتوَعّدكم، لَا بَعْضٌ دونَ بَعضٍ لأَن ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الكُهَّان، وأَما الرُّسُلُ فَلَا يُوجد عَلَيْهِمْ وَعْدٌ مَكْذُوبٌ؛ وأَنشد:

فَيَا لَيْتَهُ يُعْفى ويُقرِعُ بَيْنَنَا

عنِ المَوتِ، أَو عَنْ بَعْض شَكواه مقْرعُ

لَيْسَ يُرِيدُ عَنْ بَعْضِ شَكْوَاهُ دُونَ بَعْضٍ بَلْ يُرِيدُ الْكُلَّ، وبَعْضٌ ضدُّ كلٍّ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يُخَاطِبُ ابْنَتَيْ عَصَر:

لَوْلا الحَياءُ وَلَوْلَا الدِّينُ، عِبْتُكما

بِبَعْضِ مَا فِيكُما إِذْ عِبْتُما عَوَري

أَراد بِكُلِّ مَا فِيكُمَا فِيمَا يُقَالُ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

: مِنْ لَطِيفِ الْمَسَائِلِ أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، إِذا وَعَدَ وعْداً وَقَعَ الوَعْدُ بأَسْرِه وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُه، فَمِنْ أَين جَازَ أَن يَقُولَ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

وحَقُّ اللَّفْظِ كلُّ الَّذِي يَعِدُكُمْ؟ وَهَذَا بابٌ مِنَ النَّظَرِ يَذْهَبُ فِيهِ الْمُنَاظِرُ إِلى إِلزام حُجَّتِهِ بأَيسر مَا فِي الأَمر. وَلَيْسَ فِي هَذَا مَعْنَى الْكُلِّ وإِنما ذَكَرَ الْبَعْضَ لِيُوجِبَ لَهُ الْكُلَّ لأَن البَعْضَ هُوَ الْكُلُّ؛ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

قَدْ يُدْرِكُ المُتَأَنّي بَعْضَ حاجتِه،

وَقَدْ يكونُ مَعَ المسْتَعْجِل الزَّلَلُ

لأَن الْقَائِلَ إِذا قَالَ أَقلُّ مَا يَكُونُ للمتأَني إِدراكُ بَعْضِ الْحَاجَةِ، وأَقلُّ مَا يَكُونُ لِلْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ، فَقَدْ أَبانَ فضلَ المتأَني عَلَى الْمُسْتَعْجِلِ بِمَا لَا يَقْدِرُ الخصمُ أَن يَدْفَعَه، وكأَنّ مؤمنَ آلِ فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُمْ: أَقلُّ مَا يَكُونُ فِي صِدْقه أَن يُصِيبَكم بعضُ الَّذِي يَعِدكم، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ هلاكُكم، فَهَذَا تأْويل قَوْلِهِ يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ

. والبَعُوض: ضَرْبٌ مِنَ الذُّبَابِ مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ بَعُوضة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ البَقّ، وَقَوْمٌ مَبْعُوضُونَ. والبَعْضُ: مَصْدر بَعَضَه البَعُوضُ يَبْعَضُه بَعْضاً: عَضَّه وَآذَاهُ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ البَعُوض؛ قَالَ يَمْدَحُ رَجُلًا بَاتَ فِي كِلّة:

لَنِعْم البَيْتُ بَيْتُ أَبي دِثارٍ،

إِذا مَا خافَ بَعْضُ القومَ بَعْضا

قَوْلُهُ بَعْضا: أَي عَضًّا. وأَبو دِثَار: الكِّلة. وبُعِضَ القومُ: آذَاهُمُ البَعُوضُ. وأَبْعَضُوا إِذا كَانَ فِي أَرضهم بَعُوضٌ. وأَرض مَبْعَضة ومَبَقّة أَي كَثِيرَةُ البَعُوضِ والبَقّ، وَهُوَ البَعُوضُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَطِنُّ بَعُوضُ الْمَاءِ فَوْقَ قَذالها،

كَمَا اصطَخَبَتْ بعدَ النَجِيِّ خُصومُ

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كَمَا ذبّبَتْ عَذْراء، وَهِيَ مُشِيحةٌ،

بَعُوض القُرى عَنْ فارِسيٍّ مُرَفّل

ص: 120

مُشيحة: حَذِرة. والمُشِيحُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: المُجدُّ؛ وإِذا أَنشد الْهُذَلِيُّ هَذَا الْبَيْتَ أَنشده:

كَمَا ذَبَّبَتْ عَذْرَاءُ غَيْرُ مُشِيحَةٍ

وأَنشد أَبو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَعرابي:

ولَيْلة لَمْ أَدْرِ مَا كَرَاهَا،

أُسامِرُ البَعُوضَ فِي دُجَاهَا

كُلُّ زجُولٍ يُتَّقَى شَذاها،

لَا يَطْرَبُ السامعُ مِنْ غِناها

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ البَعُوض وَهُوَ الْبَقُّ. والبَعُوضة: مَوْضِعٌ كَانَ لِلْعَرَبِ فِيهِ يَوْمٌ مَذْكُورٌ؛ قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ يَذْكُرُ قَتْلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ:

عَلَى مِثْلِ أَصحابِ الْبَعُوضَةِ فاخْمُشِي،

لَكِ الويلُ حُرَّ الْوَجْهِ أَو يَبْكِ مَن بَكَى

ورَمْل البَعُوضة: مَعْرُوفَةٌ بِالْبَادِيَةِ.

بغض: البُغْض والبِغْضةُ: نَقِيضُ الْحُبِّ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

وَمِنَ العَوادِي أَنْ تَفُتْك بِبِغْضةٍ،

وتَقاذُفٍ مِنْهَا، وأَنّكَ ترْقُب

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَسَّرَهُ السُّكَّري فَقَالَ: بِبِغضةٍ بِقَوْمٍ يَبْغَضُونَكَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا جَمْعُ كغِلْمة وصِبْية، وَلَوْلَا أَن، الْمَعْهُودَ مِنَ الْعَرَبِ أَن لَا تَتَشَكَّى مِنْ مَحْبُوبٍ بِغْضةً فِي أَشعارها لَقُلْنَا: إِن البِغْضة هُنَا الإِبْغاض، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنه قَدْ عَطَفَ عَلَيْهَا المصدرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وتَقاذُفٍ مِنْهَا، وَمَا هُوَ فِي نِيَّةِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وأَنك تَرْقُب. وبَغُضَ الرجلُ، بِالضَّمِّ، بَغاضةً أَي صارَ بَغِيضاً. وبَغَّضَه اللهُ إِلى النَّاسِ تَبْغِيضاً فأَبْغَضُوه أَي مَقَتُوه. والبَغْضاءُ والبَغاضةُ، جَمِيعًا: شِدَّةُ البغْضِ، وَكَذَلِكَ البِغْضة، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ:

أَبا مَعْقلٍ، لَا تُوطِئَنْك بَغاضَتي

رؤوسَ الأَفاعي مِنْ مَراصِدِها العُرْم

وَقَدْ أَبْغَضه وبَغَضَه؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ وَحْدَهُ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ، أَي الباغِضِين، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَن بَغَضَ عِنْدَهُ لُغَةٌ. قَالَ: وَلَوْلَا أَنها لُغَةٌ عِنْدَهُ لَقَالَ مِنَ المُبْغِضِين. والبَغُوضُ: المُبغِض؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

وَلَكِنْ بَغُوضٌ أَن يقالَ عَدِيمُ

وَهَذَا أَيضاً مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَن بَغَضْته لُغَةٌ لأَن فَعُولًا إِنما هِيَ فِي الأَكثر عَنْ فاعِلٍ لَا مُفْعِل، وَقِيلَ: البَغيض المُبْغِض والمُبْغَض جَمِيعًا ضدٌّ. والمُباغَضةُ: تَعاطِي البَغْضاء؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

يَا رُبَّ مَولًى ساءَني مُباغِضِ،

عليَّ ذِي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارضِ،

لَهُ قروءٌ كقُروء الحائِضِ «2»

والتَّباغُضُ: ضِدُّ التَّحابّ. وَرَجُلٌ بَغِيض وَقَدْ بَغُضَ بَغاضةً وبَغِضَ، فَهُوَ بَغِيضٌ. وَرَجُلٌ مُبَغَّضٌ: يُبْغَضُ كَثِيرًا. وَيُقَالُ: هُوَ مَحْبُوبٌ غَيْرُ مُبَغَّضِ، وَقَدْ بُغِّض إِليه الأَمرُ وَمَا أَبْغَضَه إِليّ، وَلَا يُقَالُ مَا أَبْغَضَني لَهُ وَلَا مَا أَبْغَضَه لِي؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضَني لَهُ وَمَا أَبْغَضَه إِلي، وَقَالَ: إِذا قُلْتَ مَا أَبْغَضَني لَهُ فإِنما تُخْبِرُ

(2). قوله [وضب فارض] الضب الحقد، والفارض القديم وقيل العظيم. وقوله له قروء إلخ يَقُولُ: لِعَدَاوَتِهِ أَوْقَاتٌ تَهِيجُ فِيهَا مِثْلَ وَقْتِ الْحَائِضِ.

ص: 121

أَنك مُبْغَضٌ لَهُ، وإِذا قُلْتَ مَا أَبْغَضَه إِليّ فإِنما تُخْبِرُ أَنه مُبْغَضٌ عِنْدَكَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنْ كَلَامِ الْحَشْوِ أَنا أُبْغِض فُلَانًا وَهُوَ يُبْغِضني. وَقَدْ بَغُضَ إِلي أَي صَارَ بَغِيضاً. وأَبْغِضْ بِهِ إِليَّ أَي مَا أَبْغَضَه. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ مَا أَبْغَضَه لِي شَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما جَعَلَهُ شَاذًّا لأَنه جَعَلَهُ مِنْ أَبْغَضَ، وَالتَّعَجُّبُ لَا يَكُونُ مِنْ أَفْعَل إِلا بأَشَدّ وَنَحْوَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ هُوَ مِنْ بَغُضَ فُلَانٌ إِليَّ، قَالَ: وَقَدْ حَكَى أَهل اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ: مَا أَبْغَضَني لَهُ إِذا كنتَ أَنت المُبغِضَ لَهُ، وَمَا أَبْغَضَني إِليه إِذا كَانَ هُوَ المُبْغِضَ لَكَ. وَفِي الدُّعَاءِ:

نَعِمَ اللهُ بِكَ عَيْناً وأَبْغَضَ بِعَدوِّك عَيْناً

وأَهل الْيَمَنِ يَقُولُونَ: بَغُضَ جَدُّك كَمَا يَقُولُونَ عَثَرَ جَدُّك. وبَغِيض: أَبو قَبِيلَةٍ، وَقِيلَ: حَيٌّ مِنْ قَيْسٍ، وَهُوَ بَغِيض بْنُ رَيْث بْنِ غَطفان بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلان.

بهض: البَهْضُ: مَا شَقَّ عَلَيْكَ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهِيَ عَرَبِيَّةٌ الْبَتَّةَ. التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ أَشْجع يَقُولُ: بَهَضَني هَذَا الأَمر وبَهَظَني، قَالَ: وَلَمْ يُتابِعْه عَلَى ذَلِكَ أَحد.

بوض: ابْنُ الأَعرابي: باضَ يَبُوضُ بَوْضاً إِذا أَقام بِالْمَكَانِ. وباضَ يَبوض بَوْضاً إِذا حَسُنَ وجههُ بَعْدَ كَلَفٍ، وَمِثْلُهْ بَضَّ يَبِضّ، والله أَعلم.

بيض: الْبَيَاضُ: ضِدُّ السَّوَادِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُهُ غَيْرُهُ. البَيَاضُ: لَوْنُ الأَبْيَض، وَقَدْ قَالُوا بَيَاضٌ وبَياضة كَمَا قَالُوا مَنْزِل ومَنْزِلة، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً، وَجَمْعُ الأَبْيَضِ بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بِضَمِّ الْبَاءِ، وإِنما أَبدلوا مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةً لتصحَّ الْيَاءُ، وَقَدْ أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قَوْلُهُ:

إِن شَكْلي وإِن شكْلَكِ شَتَّى،

فالْزمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي

فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فَزَادَ ضَادًا أُخرى ضَرُورَةً لإِقامة الْوَزْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قِيلَ إِنما يَجِيءُ هَذَا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:

لَقَدْ خَشِيتُ أَن أَرَى جَدْبَبَّا

أَراد جَدْباً فَضَاعَفَ الْبَاءَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَى سِيبَوَيْهِ مِنْ أَن بَعْضَهُمْ قَالَ: أَعْطِني أَبْيَضّه يُرِيدُ أَبْيَضَ وأَلحق الْهَاءَ كَمَا أَلحقها فِي هُنّه وَهُوَ يُرِيدُ هُنَّ فإِنه ثَقَّلَ الضَّادَ فَلَوْلَا أَنه زَادَ ضَادًا «1» عَلَى الضَّادِ الَّتِي هِيَ حَرْفُ الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إِذاً الضادُ الأُولى وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ، وَلَيْسَتْ بِحَرْفِ الإِعراب الْمَوْجُودِ فِي أَبْيَضَ، فَلِذَلِكَ لَحِقَتْهُ بَيانَ الْحَرَكَةِ «2». قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا تُحَرّك فَحَرَكَتُهَا لِذَلِكَ ضَعِيفَةٌ فِي الْقِيَاسِ. وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، مِنَ البَياض: كُنْتُ أَشدَّ مِنْهُ بَيَاضًا. الْجَوْهَرِيُّ: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه فِي الْبَيَاضِ، وَلَا تَقُلْ يَبُوضه؛ وَهَذَا أَشدُّ بَياضاً مِنْ كَذَا، وَلَا تَقُلْ أَبْيَضُ مِنْهُ، وأَهل الْكُوفَةِ يَقُولُونَهُ وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:

جارِية فِي دِرْعِها الفَضْفاضِ،

أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِباضِ

قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَيْسَ الْبَيْتُ الشَّاذُّ بِحُجَّةٍ عَلَى الأَصل الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ؛ وأَما قول الآخر:

(1). قوله [فَلَوْلَا أَنَّهُ زَادَ ضَادًا إلخ] هكذا في الأَصل بدون ذكر جواب لولا.

(2)

. قوله: بيان الحركة؛ هكذا في الأَصل.

ص: 122

إِذا الرجالُ شَتَوْا، واشتدَّ أَكْلُهمُ،

فأَنْتَ أَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ

فَيَحْتَمِلُ أَن لَا يَكُونَ بِمَعْنَى أَفْعَل الَّذِي تَصْحَبُهُ مِنْ لِلْمُفَاضَلَةِ، وإِنما هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ هُوَ أَحْسَنُهم وَجْهًا وأَكرمُهم أَباً، تُرِيدُ حسَنهم وَجْهًا وَكَرِيمُهُمْ أَباً، فكأَنه قَالَ: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالًا، فَلَمَّا أَضافه انْتَصَبَ مَا بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ. والبِيضَانُ مِنَ النَّاسِ: خلافُ السُّودانِ. وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: وَلَدَتِ البِيضَ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وَفِي عينِه بَياضةٌ أَي بَياضٌ. وبَيّضَ الشيءَ جَعَلَهُ أَبْيَضَ. وَقَدْ بَيَّضْت الشَّيْءَ فابْيَضَّ ابْيِضاضاً وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الَّذِي يُبَيِّضُ الثيابَ، عَلَى النَّسَبِ لَا عَلَى الْفِعْلِ، لأَن حُكْمَ ذَلِكَ إِنما هُوَ مُبَيِّضٌ. والأَبْيَضُ: عِرْق السُّرَّةِ، وَقِيلَ: عِرْقٌ فِي الصُّلْبِ، وَقِيلَ: عِرْقٌ فِي الْحَالِبِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِمَكَانِ البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ. والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عِرْقَانِ فِي الْبَطْنِ لِبَيَاضِهِمَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وأَبْيَض قَدْ كلَّفْته بُعد شُقّة،

تَعَقّدَ مِنْهَا أَبْيَضاه وحالِبُهْ

والأَبْيَضان: عِرْقان فِي حَالِبِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:

قَرِيبة نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهْ،

كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،

ومُلْتَقَى فائلِه وأُبُضِهْ «3»

والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وَقِيلَ: الخُبْز وَالْمَاءُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ واللبنُ؛ قَالَ هُذَيْلُ الأَشجعي مِنْ شُعَرَاءِ الْحِجَازِيِّينَ:

وَلَكِنَّمَا يَمْضِي ليَ الحَوْلُ كَامِلًا،

وَمَا ليَ إِلَّا الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ

مِنَ الماءِ أَوْ مِنْ دَرِّ وَجْناءَ ثَرّةٍ،

لَهَا حالبٌ لَا يَشْتَكي وحِلابُ

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته مِنَ الْمَاءِ أَو اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَبْيَضانِ الشحمُ وَاللَّبَنُ. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: أَنه سُئِل عَنِ السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه

؛ البَيْضاء الحِنْطة وَهِيَ السَّمْراء أَيضاً، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا، وإِنما كَرِه ذَلِكَ لأَنهما عِنْدَهُ جنسٌ وَاحِدٌ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. وَمَا رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يَعْنِي يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْنِ، وَذَلِكَ لِبَيَاضِ الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: مَا أَحاط بِهِ، وَقِيلَ: بَياضُ الْقَلْبِ مِنَ الْفَرَسِ مَا أَطافَ بالعِرْق مِنْ أَعلى الْقَلْبِ، وَبَيَاضُ الْبَطْنِ بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى وَنَحْوُ ذَلِكَ، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم أَرادوا ذَاتَ الْبَيَاضِ. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ الْبَيَاضِ كَقَوْلِكَ المُسَوِّدةُ والمُحَمِّرةُ لأَصحاب السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عَلَيْهَا بَياضُ الْحَدِيدِ. والبَيْضاء: الشمسُ لِبَيَاضِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وبَيْضاء لَمْ تَطْبَعْ، وَلَمْ تَدْرِ مَا الخَنا،

تَرَى أَعيُنَ الفِتْيانِ مِنْ دُونِهَا خُزْرا

والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرٍو. قَالَ: وَيُقَالُ للقِدْر أَيضاً أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:

(3). قوله [عرقا أبيضه] قال الصاغاني: هكذا وقع في الصحاح بالألف والصواب عرقي بالنصب، وقوله وأبضه هكذا هو مضبوط في نسخ الصحاح بضمتين وضبطه بعضهم بكسرتين، أفاده شارح القاموس.

ص: 123

وإِذْ مَا يُرِيحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ،

يَنُوسُ عَلَيْهَا رَحْلُها مَا يُحَوَّلُ

فقلتُ لَهَا: يَا أُمَّ بَيْضاءَ، فِتْيةٌ

يَعُودُك مِنْهُمْ مُرْمِلون وعُيَّلُ

قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَا فِي مَعْنَى الَّذِي فِي إِذ مَا يُرِيح، قَالَ: وصرماءُ خَبَرُ الَّذِي. والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ

، وَهِيَ الثالثَ عشَرَ والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سُمِّيَتْ ليالِيها بِيضاً لأَن الْقَمَرَ يطلُع فِيهَا مِنْ أَولها إِلى آخِرِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَكثر مَا تَجِيءُ الرِّوَايَةُ الأَيام البِيض، وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ مِنْ صِفَةِ اللَّيَالِي. وكلَّمتُه فَمَا ردَّ عليَّ سَوْداءَ وَلَا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً، عَلَى الْمَثَلِ. وَكَلَامٌ أَبْيَضُ: مَشْرُوحٌ، عَلَى الْمَثَلِ أَيضاً. وَيُقَالُ: أَتاني كلُّ أَسْودَ مِنْهُمْ وأَحمر، وَلَا يُقَالُ أَبْيَض. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ لَا تَقُولُ حَمِر وَلَا بَيِض وَلَا صَفِر، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إِنما يُنْظَر فِي هَذَا إِلى مَا سُمِعَ عَنِ الْعَرَبِ. يُقَالُ: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانَةٌ مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إِذا وَلَدَتِ البِيضانَ والسُّودانَ، قَالَ: وأَكثر مَا يَقُولُونَ مُوضِحة إِذا وَلَدَت البِيضانَ، قَالَ: ولُعْبة لَهُمْ يَقُولُونَ أَبِيضي حَبالًا وأَسيدي حَبالًا، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مَا أَبْيَضَ فُلَانًا وَمَا أَحْمَر فُلَانًا مِنَ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ؛ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ نَادِرًا فِي شِعْرِهِمْ كَقَوْلِ طَرَفَةَ:

أَمّا الملوكُ فأَنْتَ اليومَ ألأَمُهم

لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ

ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للأَسْوَد أَبو البَيْضاء، وللأَبْيَض أَبو الجَوْن، وَالْيَدُ البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وَهِيَ أَيضاً الْيَدُ الَّتِي لَا تُمَنُّ وَالَّتِي عَنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَذَلِكَ لِشَرَفِهَا فِي أَنواع الحِجاج وَالْعَطَاءِ. وأَرض بَيْضاءُ: مَلْساء لَا نَبَاتَ فِيهَا كأَن النَّبَاتَ كَانَ يُسَوِّدُها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ، وَكَذَلِكَ البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: مَا لَا عِمَارَةَ فِيهِ. وبَياضُ الْجِلْدِ: مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: إِذا قَالَتِ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةٌ بَيْضاء فَالْمَعْنَى نَقاء العِرْض مِنَ الدنَس وَالْعُيُوبِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ يُمْدَحُ رَجُلًا.

أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض يُفَكِّك عَنْ

أَيدي العُناةِ وَعَنْ أَعْناقِها الرِّبَقا

وَقَالَ:

أُمُّك بَيْضاءُ مِنْ قُضاعةَ في البيت

الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ

قَالَ: وَهَذَا كَثِيرٌ فِي شِعْرِهِمْ لَا يُرِيدُونَ بِهِ بَياضَ اللَّوْنِ وَلَكِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدْحَ بِالْكَرَمِ ونَقاءِ العرْض مِنَ الْعُيُوبِ، وإِذا قَالُوا: فُلَانٌ أَبْيَض الْوَجْهِ وَفُلَانَةٌ بَيْضاءُ الْوَجْهِ أَرادوا نقاءَ اللَّوْنِ مِنَ الكَلَفِ والسوادِ الشَّائِنِ. ابْنُ الأَعرابي: والبيضاءُ حِبَالَةُ الصَّائِدِ؛ وأَنشد:

وَبَيْضَاءُ مِنْ مالِ الْفَتَى إِن أَراحَها

أَفادَ، وإِلا مَالَهُ مَالُ مُقْتِر

يَقُولُ: إِن نَشِب فِيهَا عَيرٌ فَجَرَّهَا بَقِيَ صاحبُها مُقْتِراً. والبَيْضة: وَاحِدَةُ البَيْض مِنَ الْحَدِيدِ وبَيْضِ الطَّائِرِ جَمِيعًا، وبَيْضةُ الْحَدِيدِ مَعْرُوفَةٌ والبَيْضة مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْض. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ

، وَيُجْمَعُ البَيْض عَلَى بُيوضٍ؛ قَالَ:

ص: 124

عَلَى قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها

أَي صَارَتْ أَو كَانَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ «1» :

أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب،

رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ

فَشَاذٌّ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ بَابٌ لأَن مِثْلَ هَذَا لَا يُحَرَّكُ ثَانِيهِ. وباضَ الطائرُ وَالنَّعَامَةُ بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. وَدَجَاجَةٌ بَيّاضةٌ وبَيُوضٌ: كَثِيرَةُ البَيْضِ، وَالْجَمْعُ بُيُضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسُل مِثْلَ حُيُد جَمْعُ حَيُود، وَهِيَ الَّتِي تَحِيد عَنْكَ، وبِيضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسْل، كسَرُوا الْبَاءَ لِتَسْلم الْيَاءُ وَلَا تَنْقَلِبَ، وَقَدْ قَالَ بُوضٌ أَبو مَنْصُورٍ. يُقَالُ: دَجَاجَةٌ بَائِضٌ بِغَيْرِ هَاءٍ لأَن الدِّيكَ لَا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فَهِيَ بائضٌ. وَرَجُلٌ بَيّاضٌ: يَبِيع البَيْضَ، وَدِيكٌ بائِضٌ كَمَا يُقَالُ والدٌ، وَكَذَلِكَ الغُراب؛ قَالَ:

بِحَيْثُ يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى النَّسَبِ. والبَيْضة: مِنَ السِّلَاحِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عَلَى شَكْلِ بَيْضة النَّعَامِ. وابْتاضَ الرَّجُلُ: لَبِسَ البَيْضةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه

، يَعْنِي الخُوذةَ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْوَجْهُ فِي الْحَدِيثِ أَن اللَّهَ لَمَّا أَنزل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، قَالَ

النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه

عَلَى ظَاهِرِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ، يَعْنِي بَيْضةَ الدَّجَاجَةِ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ أَعلمه اللَّهُ بَعْدُ أَن الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إِلا فِي رُبْع دِينار فَمَا فَوْقَهُ، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَ تَكثيرٍ لِمَا يأْخذه السَّارِقُ، إِنما هُوَ مَوْضِعُ تَقْلِيلٍ فإِنه لَا يُقَالُ: قبَّح اللَّهُ فُلَانًا عرَّض نَفْسَهُ لِلضَّرْبِ فِي عِقْد جَوْهر، إِنما يُقَالُ: لَعَنه اللَّهُ تعرَّض لِقَطْعِ يَدِهِ فِي خَلَقٍ رَثٍّ أَو فِي كُبّةِ شعَرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ

، فالأَحمرُ مُلْكُ الشَّامِ، والأَبْيَضُ مُلْكُ فَارِسَ، وإِنما يُقَالُ لِفَارِسَ الأَبْيَض لِبَيَاضِ أَلوانهم ولأَن الْغَالِبَ عَلَى أَموالهم الْفِضَّةُ، كَمَا أَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان أَهل الشَّامِ الْحُمْرَةُ وَعَلَى أَموالهم الذَّهَبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ظَبْيَانَ وَذِكْرُ حِمْير قَالَ: وَكَانَتْ لَهُمُ البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصَّفْرَاءُ

، أَراد بِالْبَيْضَاءِ الخرابَ مِنَ الأَرض لأَنه يَكُونُ أَبْيَضَ لَا غَرْسَ فِيهِ وَلَا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ مِنْهَا لاخْضِرارِها بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عَلَيْهِ، وَبِالْجِزْيَةِ الصَّفْرَاءِ الذهبَ كَانُوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تقومُ الساعةُ حَتَّى يَظْهَرَ الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ

؛ الأَبْيَضُ مَا يأْتي فَجْأَةً وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَرَضٌ يُغيِّر لَوْنَهُ، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدَّمِ. والبَيْضةُ: عِنَبٌ بِالطَّائِفِ أَبيض عَظِيمُ الْحَبِّ. وبَيْضةُ الخِدْر: الجاريةُ لأَنها فِي خِدْرها مَكْنُونَةٌ. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ العُقْر مَثَلٌ يُضْرَبُ وَذَلِكَ أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وَتُسَمَّى تِلْكَ البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ بَيْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الدِّيكُ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يَعُودُ، يضْرب مَثَلًا لِمَنْ يَصْنَعُ الصَّنِيعة ثُمَّ لَا يعود لها. وبَيْضة

(1). قوله [فأما قول الشاعر] عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات، قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ قَالَ: أخو بيضات إلخ.

ص: 125

البلَدِ: تَرِيكة النَّعَامَةِ. وبَيْضةُ الْبَلَدِ: السَّيِّدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ يُذَمُّ ببَيْضة الْبَلَدِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي الذَّمِّ لِلرَّاعِي يَهْجُو ابْنَ الرِّقاعِ الْعَامِلِيَّ:

لَوْ كُنتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ،

يَا ابْنَ الرِّقاعِ، وَلَكِنْ لستَ مِنْ أَحَدِ

تَأْبى قُضاعةُ لَمْ تَعْرِفْ لَكُمْ نَسَباً

وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ

أَرادَ أَنه لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا عَشِيرَةَ تَحْمِيه؛ قَالَ: وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِذا مُدِحَ بِهَا فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حِينَئِذٍ يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بِهَا فَهِيَ الَّتِي قَدْ خَرَجَ الفَرْخُ مِنْهَا ورَمى بِهَا الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ أَذَلُّ مِنْ بَيْضةِ البَلَدِ أَي مِنْ بَيْضَةِ النَّعَامِ الَّتِي يَتْرُكُهَا؛ وأَنشد كُرَاعٌ لِلْمُتَلَمِّسِ فِي مَوْضِعِ الذَّمِّ وَذَكَرَهُ أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الأَضداد، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الشِّعْرُ لِصِنَّان بْنِ عبَّاد الْيَشْكُرِيِّ وَهُوَ:

لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي لَهُ تَرَعٌ

عَلَى الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذِي لَدَدِ

لَوْ كَانَ حَوْضَ حِمَارٍ مَا شَرِبْت بِهِ،

إِلّا بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ

لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه

رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ

أَي أَمسى ذَلِيلًا كَهَذِهِ البَيْضة الَّتِي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بِهَا الظَّلِيمُ فدِيسَت فَلَا أَذَل مِنْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حِمَار فِي الْبَيْتِ اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ، وشمطٌ هُوَ شَمْطُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْيَشْكُرِيُّ، وَكَانَ أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بْنِ عبَّاد قَائِلِ هَذَا الشِّعْرِ فَغَضِبَ لِذَلِكَ، وَقَالَ الْمَرْزُوقِيُّ: حِمَارٌ أَخوه وَكَانَ فِي حَيَاتِهِ يتعزَّزُ به؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ يَهْجُو حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لِحَسَّانَ:

أَرى الجَلابِيبَ قَدْ عَزُّوا، وَقَدْ كَثُروا،

وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مَدْحٌ. وَابْنُ فُرَيْعة: أَبوه «1» . وأَراد بِالْجَلَابِيبِ سَفِلة النَّاسِ وغَثْراءَهم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَيْسَ مَا قَالَهُ أَبو حَاتِمٍ بِجَيِّدٍ، وَمَعْنَى قَوْلُ حَسَّانَ أَن سَفِلة النَّاسِ عزُّوا وَكَثُرُوا بَعْدَ ذِلَّتِهِم وَقِلَّتِهِمْ، وَابْنُ فُرَيعة الَّذِي كَانَ ذَا ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قَدْ أُخِّرَ عَنْ قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ بالأَمر دُونَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْضة الْبَلَدِ الَّتِي تَبِيضُها النَّعَامَةُ ثُمَّ تَتْرُكُهَا بِالْفَلَاةِ فَلَا تَحْضُنها، فَتَبْقَى تَرِيكةً بِالْفَلَاةِ. وَرَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْكَرِيمِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يَمْدَحُونَهُ، وَيَقُولُونَ لِلْآخَرِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يذُمُّونه، قَالَ: فالممدوحُ يُرَادُ بِهِ البَيْضة الَّتِي تَصُونها النَّعَامَةُ وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فِيهَا فَرْخَها فَالْمَمْدُوحُ من هاهنا، فإِذا انْفَلَقت عَنْ فَرْخِها رَمَى بِهَا الظليمُ فَتَقَعُ فِي الْبَلَدِ القَفْر فَمِنْ هاهنا ذُمَّ الْآخَرُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ بَيْضةُ الْبَلَدِ: هُوَ مِنَ الأَضداد يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، فإِذا مُدِح الرَّجُلُ فَقِيلَ هُوَ بَيْضةُ الْبَلَدِ أُرِيدَ بِهِ واحدُ الْبَلَدِ الَّذِي يُجْتَمع إِليه ويُقْبَل قولُه، وَقِيلَ فَرْدٌ لَيْسَ أَحد مِثْلَهُ فِي شَرَفِهِ؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لامرأَة مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ تَرْثِي عَمْرَو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَتَذْكُرُ قَتْلَ عليّ إِيَّاه:

(1). قوله [وابن فريعة أبوه] كذا بالأَصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن الفريعة كجهينة وهي أُمه.

ص: 126

لَوْ كَانَ قاتِلُ عَمرو غيرَ قَاتِلِهِ،

بَكَيْتُه، مَا أَقام الرُّوحُ فِي جَسَدي

لكنَّ قاتلَه مَنْ لَا يُعابُ بِهِ،

وَكَانَ يُدعَى قَدِيمًا بَيْضَةَ البَلَدِ

يَا أُمَّ كُلْثُومَ، شُقِّي الجَيْبَ مُعْوِلَةً

عَلَى أَبيكِ، فَقَدْ أَوْدَى إِلى الأَبَدِ

يَا أُمَّ كُلْثُومَ، بَكِّيهِ وَلَا تَسِمِي

بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ حَرَّى عَلَى وَلَدِ

بَيْضةُ الْبَلَدِ: عليُّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَي أَنه فَرْدٌ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الشَّرَفِ كالبَيْضةِ الَّتِي هِيَ تَرِيكةٌ وَحْدَهَا لَيْسَ مَعَهَا غيرُها؛ وإِذا ذُمَّ الرجلُ فَقِيلَ هُوَ بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هُوَ مُنْفَرِدٌ لَا نَاصِرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْضَةٍ قَامَ عَنْهَا الظَّليمُ وَتَرْكَهَا لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا مَنْفَعَةً؛ قَالَتِ امرأَة تَرْثي بَنِينَ لَهَا:

لَهْفِي عَلَيْهِمْ لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ

كثيرَة الهَمِّ والأَحزان والكَمَدِ

قَدْ كُنْتُ قَبْلَ مَناياهُمْ بمَغبَطَةٍ،

فصِرْتُ مُفْرَدَةً كبَيْضَةِ البلدِ

وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وبَيْضَة الْقَوْمِ: وسَطُهم. وبَيْضة الْقَوْمِ: سَاحَتُهُمْ؛ وَقَالَ لَقِيطٌ الإِيادِي:

يَا قَوْمِ، بَيْضتَكُمْ لَا تُفْضَحُنَّ بِهَا،

إِنِّي أَخاف عَلَيْهَا الأَزْلَم الجَذَعا

يَقُولُ: احْفَظُوا عُقْر دَارِكُمْ. والأَزْلَم الجَذَع: الدَّهْرُ لأَنه لَا يَهْرَمُ أَبداً. وَيُقَالُ مِنْهُ: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لَهُمْ، وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فَعَلْنَا بِهِمْ ذَلِكَ. وبَيْضَةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا. وبَيْضَةُ الإِسلام: جَمَاعَتُهُمْ. وبَيْضَةُ الْقَوْمِ: أَصلهم. والبَيْضَةُ: أَصل الْقَوْمِ ومُجْتَمعُهم. يُقَالُ: أَتاهم الْعَدُوُّ فِي بَيْضَتِهِمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهم

؛ يُرِيدُ جَمَاعَتَهُمْ وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وَمَوْضِعَ سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ، أَراد عَدُوًّا يستأْصلهم ويُهْلِكهم جَمِيعَهُمْ، قِيلَ: أَراد إِذا أُهْلِكَ أَصلُ البَيْضة كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لَمْ يُهْلَكْ أَصلُ البَيْضة رُبَّمَا سَلِمَ بعضُ فِراخها، وَقِيلَ: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ فكأَنه شَبَّه مَكَانَ اجْتِمَاعِهِمْ والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ:

ثُمَّ جئتَ بِهِمْ لبَيْضَتِك تَفُضُّها

أَي أَصْلك وَعَشِيرَتِكَ. وبَيْضَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَوْزَتُه. وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. وَيُقَالُ: ابْتِيضَ القومُ إِذا أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وَقَدِ ابْتِيضَ الْقَوْمُ إِذا اخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِوَسَطِ الدَّارِ بَيْضةٌ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ فِي رُكْبَةِ الدَّابَّةِ بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يَكُونُ فِي يَدِ الْفَرَسِ مِثْلَ النُّفَخ والغُدَد؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنَ الْعُيُوبِ الهَيِّنة. يُقَالُ: قَدْ باضَتْ يدُ الْفَرَسِ تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: مُعْظَمُهُ. وبَيْضَة الْحَرِّ: شِدَّتُهُ. وبَيْضَة القَيْظ: شِدَّةُ حَرِّه؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:

طَوَى ظِمْأَهَا فِي بَيْضَة القَيْظِ، بعد ما

جَرَى فِي عَنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ

وباضَ الحَرُّ إِذا اشْتَدَّ. ابْنُ بَزْرَجَ: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَكُونُ عَلَى الْمَاءِ بَيْضَاءُ القَيْظِ، وَذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ

ص: 127

الدَّبَران إِلى طُلُوعِ سُهَيْل. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي سَمِعْتُهُ يَكُونُ عَلَى الْمَاءِ حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ الْقَيْظِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَفْرَخَ بَيْضَةُ الْقَوْمِ إِذا ظَهَرَ مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت البَيْضَةُ إِذا صَارَ فِيهَا فَرْخٌ. وباضَ السحابُ إِذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

باضَ النَّعَامُ بِهِ فنَفَّرَ أَهلَهُ،

إِلا المُقِيمَ عَلَى الدَّوا المُتأَفِّنِ

قَالَ: أَراد مَطَرًا وَقَعَ بِنَوْءِ النَّعَائم، يَقُولُ: إِذا وَقَعَ هَذَا الْمَطَرُ هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشَّاعِرُ وَصَفَ وَادِياً أَصابه الْمَطَرُ فأَعْشَب، والنَّعَامُ هَاهُنَا: النعائمُ مِنَ النُّجُومِ، وإِنما تُمْطِرُ النَّعَائمُ فِي الْقَيْظِ فَيَنْبُتُ فِي أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يُقَالُ لَهُ النَّشْر، وَهُوَ سُمٌّ إِذا أَكله الْمَالُ مَوَّت، وَمَعْنَى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا بِمَعْنَى الدَّاءِ، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ بِهِ عَلَى خَطر أَن يَمُوتَ، والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قَالَ: هَكَذَا فَسَّرَهُ المُهَلَّبِيّ فِي بَابِ الْمَقْصُورِ لِابْنِ ولَّاد فِي بَابِ الدَّالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ الدَّوا مَقْصُورًا مِنَ الدَّوَاءِ، يَقُولُ: يَفِرُّ أَهلُ هَذَا الْوَادِي إِلا المقيمَ عَلَى المُداواة المُنَقِّصة لِهَذَا الْمَرَضِ الَّذِي أَصابَ الإِبلَ مِنْ رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إِذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض: اصْفَرَّتْ خُضرتُها ونَفَضتِ الثَّمَرَةُ وأَيبست، وَقِيلَ: باضَت أَخْرجَتْ مَا فِيهَا مِنَ النَّبَاتِ، وَقَدْ باضَ: اشتدَّ. وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. وَيُقَالُ: بَيَّضْت الإِناءَ إِذا فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إِذا مَلأْته، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والبَيْضاء: اسْمُ جَبَلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهل النَّارِ:

فَخِذُ الْكَافِرِ فِي النَّارِ مثْل البَيْضاء

؛ قِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ. والأَبْيَضُ: السَّيْفُ، وَالْجَمْعُ البِيضُ. والمُبَيِّضةُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ: فِرْقَةٌ مِنَ الثَّنَوِيَّة وَهُمْ أَصحاب المُقَنَّع، سُمُّوا بِذَلِكَ لتَبْيِيضهم ثِيَابَهُمْ خِلَافًا للمُسَوِّدَة مِنْ أَصحاب الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَنَظَرْنَا فإِذا بِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وأَصحابه مُبَيِّضين

، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا، أَي لَابِسِينَ ثِيَابًا بِيضًا. يُقَالُ: هُمُ المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بِالْكَسْرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ تَوْبَةِ

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فرأَى رَجُلًا مُبَيِّضاً يَزُولُ بِهِ السرابُ

، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مُبْيَضًّا، بِسُكُونِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الضَّادِ، مِنَ الْبَيَاضِ أَيضاً. وبِيضَة، بِكَسْرِ الْبَاءِ: اسْمُ بَلْدَةٍ. وَابْنُ بَيْض: رَجُلٌ، وَقِيلَ: ابْنُ بِيضٍ، وَقَوْلُهُمْ: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ رَجُلٌ كَانَ فِي الزَّمَنِ الأَول يُقَالُ لَهُ ابْنُ بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه عَلَى ثَنِيَّةٍ فَسَدَّ بِهَا الطَّرِيقَ وَمَنَعَ الناسَ مِن سلوكِها؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَسود الطَّهْوِيُّ:

سَدَدْنا كَمَا سَدَّ ابنُ بَيْضٍ طَرِيقَه،

فَلَمْ يَجِدوا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا

قَالَ: ومثله قول بَسّامة بْنِ حَزْن:

كثوبِ ابْنِ بيضٍ وقاهُمْ بِهِ،

فسَدَّ عَلَى السّالِكينَ السَّبِيلا

وَحَمْزَةُ بْنُ بِيضٍ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ، وَذَكَرَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنه دَخَلَ عَلَى المأْمون وَذَكَرَ أَنه جَرى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَلَامٌ فِي حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ: يَا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ، فأَنشدته أَبيات حَمْزَةَ بْنِ بِيضٍ فِي الحكَم بْنِ أَبي الْعَاصِ:

ص: 128