الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ أَنَ تَمْلآه خَيْرٌ مِنْ أَن تَنْقُصاه؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
أَما تَرَيْني قَدْ فَنِيتُ، وغاضَني
…
مَا نِيل مِنْ بَصَرِي، وَمِنْ أَجْلادِي؟
مَعْنَاهُ نَقَصَني بَعْدَ تَمَامِي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَلَوْ قَدْ عَضَّ مَعْطِسَه جَرِيرِي،
…
لقدْ لانَتْ عَرِيكَتُه وَغَاضَا
فسَّره فَقَالَ: غاضَ أَثَّرَ فِي أَنفه حَتَّى يَذِلَّ. وَيُقَالُ: غاضَ الكِرامُ أَي قَلُّوا، وفاضَ اللِّئام أَي كَثُرُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ الشِّتاء قَيْظاً وغاضَت الكِرام غَيْضاً
أَي فَنُوا وبادُوا. والغَيْضَةُ: الأَجَمةُ. وغَيَّضَ الأَسَدُ: أَلِفَ الغَيْضَة. والغَيْضَة: مَغِيضُ ماءٍ يَجْتَمِعُ فيَنْبت فِيهِ الشَّجَرُ، وَجَمْعُهَا غِياضٌ وأَغْياضٌ، الأَخيرة عَلَى طرْح الزَّائِدِ، وَلَا يَكُونُ جَمْعَ جمعٍ لأَن جَمْعَ الْجَمْعِ مُطَّرح مَا وُجِدَت عَنْهُ مَنْدوحة، وَلِذَلِكَ أَقَرَّ أَبو عَلِيٍّ قَوْلَهُ
فَرُهُنٌ مقبُوضة
عَلَى أَنه جَمْعُ رَهْن كَمَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ، لَا عَلَى أَنه جَمْعُ رِهان الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَهْن، فَافْهَمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا تُنْزِلُوا الْمُسْلِمِينَ الغِياض
؛ الغِياضُ جَمْعُ غَيْضة وَهِيَ الشَّجَرُ المُلْتَفّ لأَنهم إِذا نزَلُوها تَفَرَّقُوا فِيهَا فتمكَّن مِنْهُمُ الْعَدُوُّ. والغَيْضُ: مَا كثُرَ مِنَ الأَغْلاثِ أَي الطَّرْفاء والأَثْل والحاجِ والعِكْرِش واليَنْبُوت. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ مِنْبَر رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْغَابَةُ غَيْضة ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ وَهِيَ عَلَى تِسْعَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ. والغِيضُ: الطَّلْع، وَكَذَلِكَ الغَضِيضُ والإِغْرِيض، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الفاء
فحض: فَحَضَ الشيءَ يَفْحَضُه فَحْضاً: شدَخه؛ يَمَانِيَةٌ، وأَكثر مَا يُستعمل فِي الرطْب كالبِطِّيخ وشِبْهِه.
فرض: فرَضْت الشَّيْءَ أَفْرِضه فَرْضاً وفَرَّضْتُه لِلتَّكْثِيرِ: أَوْجَبْتُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها
، وَيُقْرَأُ:
وفرَّضْناها
، فَمَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ فَمَعْنَاهُ أَلزَمْناكم العَمل بِمَا فُرِضَ فِيهَا، وَمَنْ قرأَ بِالتَّشْدِيدِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى مَعْنَى التَّكْثِيرِ عَلَى مَعْنَى إِنا فَرَضْنَا فِيهَا فُرُوضاً، وَعَلَى مَعْنَى بَيَّنَّا وفَصَّلْنا مَا فِيهَا مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ والحدُود. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
؛ أَي بيَّنها. وافْتَرَضَه: كفَرَضَه، وَالِاسْمُ الفَرِيضةُ. وفَرائضُ اللهِ: حُدودُه الَّتِي أَمرَ بِهَا ونهَى عَنْهَا، وَكَذَلِكَ الفَرائضُ بالمِيراثِ. والفارِضُ والفَرَضِيُّ: الَّذِي يَعْرِف الفرائضَ وَيُسَمَّى العِلْمُ بقِسْمةِ المَوارِيث فَرائضَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفْرَضُكم زَيْدٌ.
والفَرْضُ: السُّنةُ، فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي سَنَّ، وَقِيلَ: فَرَضَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَي أَوْجَبَ وُجُوباً لَازِمًا، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. والفَرْضُ: مَا أَوْجَبه اللَّهُ عز وجل، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ لَهُ مَعالِمَ وَحُدُوداً. وفرَض اللَّهُ عَلَيْنَا كَذَا وَكَذَا وافْتَرَضَ أَي أَوْجَب. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ
؛ أَي أَوْجَبه عَلَى نَفْسِهِ بإِحرامه. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الفَرْضُ التوْقِيتُ. وكلُّ واجِبٍ مؤقَّتٍ، فَهُوَ مَفْرُوضٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: العِلْمُ ثلاثةٌ مِنْهَا فرِيضةٌ عادلةٌ
؛ يُرِيدُ العَدْل فِي القِسْمة بِحَيْثُ تَكُونُ عَلَى السِّهام والأَنْصِباء الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ والسنَّة، وَقِيلَ: أَراد أَنها تَكُونُ
مُسْتَنْبَطَةً مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وإِن لَمْ يَرِد بِهَا نَصٌّ فِيهِمَا فَتَكُونُ مُعادِلةً لِلنَّصِّ، وَقِيلَ: الفَرِيضةُ العادِلةُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مُؤَقَّتًا. والفَرْضُ: القِراءة. يُقَالُ: فَرَضْتُ جُزْئي أَي قرأْته، والفَرِيضةُ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ: مَا بَلَغَ عَدَدُه الزكاةَ. وأَفْرَضَتِ الماشِيةُ: وَجَبَتْ فِيهَا الفَرِيضة، وَذَلِكَ إِذا بَلَغَتْ نِصاباً. والفَرِيضةُ: مَا فُرِضَ فِي السائمةِ مِنَ الصَّدَقَةِ. أَبو الْهَيْثَمِ: فَرائضُ الإِبل الَّتِي تحتَ الثَّنيّ والرُّبُعِ. يُقَالُ للقَلُوصِ الَّتِي تَكُونُ بِنْتَ سَنَةٍ وَهِيَ تُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ: فَرِيضةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَهِيَ بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ: فريضةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وأَربعين وَهِيَ حِقّة وَهِيَ ابْنَةُ ثلاثِ سِنِينَ: فَرِيضَةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي إِحدى وَسِتِّينَ جَذَعةٌ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا وَهِيَ ابْنَةُ أَربع سِنِينَ فَهَذِهِ فرائضُ الإِبلِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَتْ فَرِيضَةً لأَنها فُرِضَتْ أَي أُوجِبَتْ فِي عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنَ الإِبل، فَهِيَ مَفْروضةٌ وفَريضة، فأُدخلت فِيهَا الْهَاءُ لأَنها جُعِلَتِ اسْمًا لَا نَعْتًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الْفَرِيضَةِ تجبُ عَلَيْهِ وَلَا توجَدُ عِنْدَهُ
، يَعْنِي السِّنَّ الْمُعَيَّنِ للإِخراج فِي الزَّكَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ فرْضٍ مَشْروعٍ مِنْ فرائضِ اللَّهِ عز وجل. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا لَهُمْ إِلا الفَرِيضتانِ، وَهُمَا الجَذَعةُ مِنَ الْغَنَمِ والحِقّةُ مِنَ الإِبل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لَهُمَا الفرْضتانِ أَيضاً؛ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
هَذِهِ فَرِيضةُ الصدقةِ الَّتِي فَرَضَها رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى الْمُسْلِمِينَ
أَي أَوجَبها عَلَيْهِمْ بأَمر اللَّهِ. وأَصلُ الْفَرْضِ القطْعُ. والفَرْضُ والواجِبُ سِيّانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، والفَرْضُ آكَدُ مِنَ الْوَاجِبِ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: الفرْضُ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ أَي قَدّرَ صدَقةَ كلِّ شَيْءٍ وبَيَّنَها عَنْ أَمر اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
فإِن لَهُ عَلَيْنَا سِتَّ فَرائضَ
؛ الفرائضُ: جَمْعُ فَرِيضةٍ، وَهُوَ الْبَعِيرُ المأْخوذ فِي الزَّكَاةِ، سُمِّيَ فَرِيضَةً لأَنه فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، ثُمَّ اتُّسِع فِيهِ حَتَّى سُمِّيَ البعيرُ فَرِيضَةً فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَن مَنَعَ فَرِيضةً مِنْ فَرائضِ اللَّهِ.
وَرَجُلٌ فارِضٌ وفَرِيضٌ: عالِمٌ بالفَرائضِ كَقَوْلِكَ عالِمٌ وعَلِيمٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعْرابي. والفَرْضُ: الهِبةُ. يُقَالُ: مَا أَعطاني فَرْضاً وَلَا قَرْضاً. والفرْضُ: العَطيّةُ المَرْسُومةُ، وَقِيلَ: مَا أَعْطَيْتَه بِغَيْرِ قَرْضٍ. وأَفْرَضْتُ الرَّجل وفَرَضْتُ الرَّجل وافْتَرَضْتُه إِذا أَعطيته. وَقَدْ أَفْرَضْتُه إِفْراضاً. والفرْضُ: جُنْدٌ يَفْتَرِضُون، وَالْجَمْعُ الفُروضُ. الأَصمعي: يُقَالُ فَرَضَ لَهُ فِي العَطاء وفرَض لَهُ فِي الدِّيوانِ يَفْرِضُ فَرْضاً، قَالَ: وأَفْرَضَ لَهُ إِذا جَعَلَ لَهُ فَرِيضَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيّ: أَتيت عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنهما، فِي أُناسٍ مِنْ قَوْمِي فَجَعَلَ يَفْرِضُ لِلرَّجُلِ من طَيِء فِي أَلفين أَلفين ويُعْرِضُ عَنِّي
أَي يَقْطَعُ ويُوجِبُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي العَطاء أَلفين مِنَ الْمَالِ. والفرْضُ: مَصْدَرُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْرِضُه فتُوجِبه عَلَى إِنسان بقَدْر مَعْلُومٍ، وَالِاسْمُ الفَرِيضةُ. والفارِضُ: الضخْمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَا يُقَالُ فارِضةٌ. ولِحْيةٌ فارضٌ وفارِضةٌ: ضَخْمةٌ عظيمة، وشِقْشِقةٌ فارِضٌ وسِقاء فارضٌ كَذَلِكَ، وبَقَرة فارضٌ: مُسِنّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الفارِض الهَرِمةُ والبِكْرُ الشَّابَّةُ. وَقَدْ فَرَضَتِ البقرةُ تَفْرِضُ فُروضاً أَي كَبِرَتْ وطَعَنَت فِي السِّنّ، وَكَذَلِكَ فَرُضَتِ الْبَقَرَةُ، بِالضَّمِّ، فَراضةً؛
قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَوْفٍ وَقَدْ عَنى بَقَرَةً هَرِمَةً:
لَعَمْرِي، لَقَدْ أَعْطَيْتَ ضَيْفَكَ فارِضاً
…
تُجَرُّ إِليه، مَا تَقُوم عَلَى رِجْلِ
وَلَمْ تُعْطِه بِكْراً، فَيَرْضَى، سَمِينةً،
…
فَكَيْفَ يُجازِي بالمَوَدَّةِ والفِعْلِ؟
وَقَالَ أُمية فِي الْفَارِضِ أَيضاً:
كُمَيْت بَهِيم اللَّوْنِ لَيْسَ بِفارِضٍ،
…
وَلَا بخَصِيفٍ ذاتِ لَوْنٍ مُرَقَّمِ
وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الفارِضُ فِي المُسِنّ مِنْ غَيْرِ الْبَقَرِ فَيَكُونُ لِلْمُذَكَّرِ وَلِلْمُؤَنَّثِ؛ قَالَ:
شَوْلاء مِسْكٌ فَارِضٌ نَهِيٌّ،
…
مِنَ الكِباشِ، زامِر خَصيّ
وقومٌ فُرَّضٌ: ضِخامٌ، وَقِيلَ مَسانُّ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ فُقَيْم:
شَيَّبَ أَصْداغِي، فرَأْسِي أَبْيَضُ،
…
مَحامِلٌ فِيهَا رجالٌ فُرَّضُ
مِثْلُ البَراذِينِ، إِذا تأَرَّضُوا،
…
أَو كالمِراضِ غَيْرَ أَنْ لَمْ يَمْرَضُوا
لَوْ يَهْجَعُونَ سَنةً لَمْ يَعْرِضُوا،
…
إِنْ قلْتَ يَوْماً: للغَداء، أَعْرَضُوا
نَوْماً، وأَطْرافُ السِّبالِ تَنْبِضُ،
…
وخُبِئَ المَلْتُوتُ والمُحَمَّضُ
وَاحِدُهُمْ فارِضٌ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
مَحامِلٌ بِيضٌ وقَوْمٌ فُرَّضُ
قَالَ: يُرِيدُ أَنهم ثِقالٌ كالمَحاملِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
فِي شَعْشعانٍ عُنُق يَمْخُور،
…
حَابِي الحُيُودِ فارِضِ الحُنْجُور
قَالَ: وَقَالَ الْفَقْعَسِيُّ يَذْكُرُ غَرْباً واسِعاً:
والغَرْبُ غَرْبٌ بَقَرِيٌّ فارِضُ
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ مِنَ الْفَارِضِ فَرَضَتْ وفرُضَت، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ بِفَرِضَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الفارِضُ الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَقَدْ فَرَضَت تَفْرِضُ فُرُوضاً. ابْنُ الأَعرابي: الْفَارِضُ الْكَبِيرَةُ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الفارِضُ المُسِنّةُ. أَبو زَيْدٍ: بَقَرَةٌ فارِضٌ وَهِيَ العظيمةُ السَّمِينَةُ، وَالْجَمْعُ فَوارِضُ. وبقرةٌ عَوانٌ: مِنْ بَقَرٍ عُونٍ، وَهِيَ الَّتِي نُتجَت بَعْدَ بَطْنها البِكْر، قَالَ قَتَادَةُ: لَا، فارِضٌ هِيَ الهَرِمةُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: لَكُمْ فِي الوَظِيفةِ الفَريضةُ
؛ الفَريضةُ الهرمةُ المُسِنّةُ، وَهِيَ الفارِضُ أَيضاً، يَعْنِي هِيَ لَكُمْ لَا تُؤْخذُ مِنْكُمْ فِي الزَّكَاةِ، وَيُرْوَى: عَلَيْكُمْ فِي الوَظِيفةِ الفَرِيضةُ أَي فِي كُلِّ نِصابٍ مَا فُرِضَ فِيهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَكُمُ الفارِضُ والفرِيضُ
؛ الفَرِيضُ والفارِضُ: المُسِنّةُ مِنَ الإِبل، وَقَدْ فَرَضَت، فَهِيَ فارِضٌ وفارِضةٌ وفَرِيضةٌ، وَمِثْلُهُ فِي التَّقْدِيرِ طَلَقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ وطالِقةٌ وطَلِيقةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَهْرُ سَعِيدٍ خالِصُ البياضِ،
…
مُنْحَدِرُ الجِرْية فِي اعْتِراضِ
هَوْلٌ يَدُقُّ بِكُمُ العِراضِ،
…
يَجْرِي عَلَى ذِي ثَبَجٍ فِرْياضِ
«1» كأَنَّ صَوْت مائِه الخَضْخاضِ
…
أَجْلابُ جِنٍّ بنَقاً مِغْياضِ
(1). قوله: العراض بالكسر؛ هكذا في الأَصل ولعلها العراضي بالياء المشدّدة.
قَالَ: ورأَيت بالسِّتارِ الأَغْبَرِ عَيْناً يُقَالُ لَهَا فِرْياضٌ تَسْقي نَخْلًا كَثِيرَةً وَكَانَ مَاؤُهَا عَذْبًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يا رُبَّ مَوْلًى حاسِدٍ مُباغِضِ،
…
عليَّ ذِي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارِضِ،
لَهُ قُروء كقُروء الحائِضِ
عَنَى بِضَبٍّ فارضٍ عَداوةً عَظِيمَةً كَبِيرَةً مِنَ الْفَارِضِ الَّتِي هِيَ الْمُسِنَّةُ؛ وَقَوْلُهُ:
لَهُ قُرُوءٌ كَقُرُوءِ الْحَائِضِ
يَقُولُ: لِعَدَاوَتِهِ أَوقات تَهِيجُ فِيهَا مِثْلَ وَقْتِ الْحَائِضِ. وَيُقَالُ: أَضمر عَلَيَّ ضِغْناً فَارِضًا وضِغْنةً فَارِضًا، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَي عَظِيمًا، كأَنه ذُو فَرْض أَي ذُو حَزٍّ؛ وَقَالَ:
يَا رُبّ ذِي ضِغن عَلَيَّ فارِض
والفَرِيضُ: جِرّةُ الْبَعِيرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهِيَ عِنْدَ غَيْرِهِ القَريضُ بِالْقَافِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: الفَرْضُ الحَزُّ فِي القِدْحِ والزَّنْدِ وَفِي السَّير وَغَيْرِهِ، وفُرْضةُ الزَّنْدِ الْحَزُّ الَّذِي فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: اتَّخَذَ عَامَ الْجَدْبِ قِدْحاً فِيهِ فَرْض
؛ الْفَرْضُ: الحَزُّ فِي الشَّيْءِ والقطعُ، والقِدْحُ: السهْمُ قَبْلَ أَن يُعْمل فِيهِ الرِّيشُ والنَّصْلُ. وَفِي صِفَةِ
مَرْيَمَ، عليها السلام: لَمْ يَفْتَرِضْها ولَد
أَي لَمْ يؤثِّر فِيهَا وَلَمْ يَحُزّها يَعْنِي قَبْلَ الْمَسِيحِ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
؛ أَي مُؤَقَّتًا، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي مُقْتَطَعاً مَحْدوداً. وفَرْضُ الزَّنْد: حَيْثُ يُقْدَحُ مِنْهُ. وفَرَضْتُ العُودَ والزَّندَ والمِسْواكَ وفرَضْتُ فِيهِمَا أَفْرِضُ فَرْضاً: حَزَزْتُ فِيهِمَا حَزّاً. وَقَالَ الأَصمعي: فرَض مِسْواكَه فَهُوَ يَفْرِضُه فَرْضاً إِذا حَزَّه بأَسنانِه. والفَرْضُ: اسْمُ الْحَزِّ، وَالْجَمْعُ فُروضٌ وفِراضٌ؛ قَالَ:
منَ الرَّصَفاتِ البِيضِ، غيَّرَ لَوْنَها
…
بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، واليابسِ الجَزْلِ
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةٍ فَرَضَ: اللَّيْثُ التقْرِيضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كتقْريضِ يَدَيِ الجُعَلِ؛ وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى لَهُ
…
مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَين أَفلَحُ
قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ التَّفْرِيضُ، بِالْفَاءِ، مِنَ الفرْض وَهُوَ الْحَزُّ. وَقَوْلُهُمُ الجُعْلانةُ مُفَرَّضةٌ كَأَنَّ فِيهَا حُزوزاً، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ الثِّقاتُ أَيضاً بِالْفَاءِ: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذِّرَاعَيْنِ، وَهُوَ فِي شِعْرِ الشَّمَّاخِ، وأَراد بالشأْو مَا يُلْقِيه العَيْرُ والأَتانُ مِنْ أَرْواثها، وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَراد الشَّمَّاخُ بالمُفَرَّضِ المُحَزَّزَ يَعْنِي الجُعَل. والمِفْرَضُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُحَزّ بِهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فَرَاضُ النَّحْلِ «2» مَا تُظْهِرُهُ الزَّنْدةُ مِنَ النَّارِ إِذا اقْتُدِحَت. قَالَ: وَالْفِرَاضُ إِنما يَكُونُ فِي الأُنثى مِنَ الزَّنْدَتَيْنِ خَاصَّةً. وفَرَضَ فُوقَ السهْمِ، فَهُوَ مَفْروضٌ وفَريضٌ: حَزَّه. والفَريضُ: السَّهْمُ المَفْروض فُوقُه. والتفْريضُ: التَّحْزِيزُ. والفَرْضُ: العَلامةُ؛ وَمِنْهُ فرْضُ الصلاةِ وَغَيْرِهَا إِنما هُوَ لَازِمٌ لِلْعَبْدِ كلُزومِ الحَزِّ للقِدْح. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ خَرَجَتْ ثَناياه مُفَرَّضةً أَي مؤشَّرةً، قَالَ: والغُروبُ مَاءُ الأَسنان والظَّلْمُ بياضُها كأَنه يَعْلُوهُ سَواد، وَقِيلَ: الأَشْرُ تَحْزِيزٌ فِي أَطراف الأَسنان وأَطرافُها غُروبها،
(2). قوله [فراض النحل] كذا بالنسخة التي بأَيدينا، والذي في شرح القاموس:[الفراض ما تظهره إلخ.]
وَاحِدُهَا غَرْبٌ. والفَرْضُ: الشّقُّ فِي وسَط الْقَبْرِ. وفَرَضْت لِلْمَيِّتِ: ضَرَحْت. والفُرْضةُ: كالفَرْضِ. والفَرْضُ والفُرْضةُ: الحَزّ الَّذِي فِي القوْس. وفُرْضة الْقَوْسِ: الْحَزُّ يَقَعُ عَلَيْهِ الوتَر، وفَرْضُ القوسِ كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ فِراضٌ. وفُرْضةُ النَّهْرِ: مَشْرَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ فُرَضٌ وفِراضٌ. الأَصمعي: الفُرْضةُ المَشْرَعةُ، يُقَالُ: سَقَاهَا بالفِراضِ أَي مِنْ فُرْضةِ النَّهْرِ. والفُرْضة: الثُّلْمة الَّتِي تَكُونُ فِي النَّهْرِ. والفِراضُ: فُوَّهةُ النَّهْرِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَجْرِي خَزَائِنُهُ عَلَى مَن نابَه،
…
جَرْيَ الفُراتِ عَلَى فِراضِ الجَدْوَلِ
وفُرْضةُ النَّهْرِ: ثُلْمَتُه الَّتِي مِنْهَا يُسْتقى. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عليه السلام: حَتَّى أَرْفَأ بِهِ عِنْدَ فُرْضَةِ النَّهْرِ
أَي مَشْرَعَتِه، وَجَمْعُ الْفُرْضَةِ فُرَضٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: وَاجْعَلُوا السُّيُوفَ لِلْمَنَايَا فُرَضاً
أَي اجْعَلُوهَا مَشارِعَ لِلْمَنَايَا وتَعَرَّضُوا لِلشَّهَادَةِ. وفُرْضَةُ الْبَحْرِ: مَحَطُّ السفُن. وفُرْضةُ الدواةِ: مَوْضِعُ النِّقْس مِنْهَا. وفُرْضة الْبَابِ: نَجْرانُه. والفَرْضُ: القِدْحُ؛ قَالَ عبيدُ بْنُ الأَبرص يَصِفُ بَرْقاً:
فَهْوَ كَنِبْراسِ النَّبِيطِ، أَو الفَرْضِ
…
بكَفِّ اللَّاعِبِ المُسْمِرِ
والمُسْمِرُ: الَّذِي دَخَلَ فِي السَّمَرِ. والفَرْضُ: التُّرْسُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ الْهُذَلِيُّ:
أَرِقْتُ لَهُ مِثْلَ لَمْعِ البَشِيرِ،
…
قَلَّبَ بالكفِّ فَرْضاً خَفِيفَا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا تَقُلْ قُرْصاً خَفِيفًا. والفَرْضُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ صِغَارٌ لأَهل عُمان؛ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
إِذا أَكلتُ سمَكاً وفَرْضا،
…
ذهَبْتُ طُولًا وذهَبْتُ عَرْضا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ مِنْ أَجود تَمْرِ عُمانَ هُوَ والبَلْعَقُ، قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ أَعرابها قَالَ: إِذا أَرْطَبَتْ نخلَتُه فتُؤُخِّرَ عَنِ اخْتِرافِها تَساقَطَ عَنْ نَوَاهُ فَبَقِيَتِ الكِباسةُ لَيْسَ فِيهَا إِلا نَوًى معلَّق بالتَّفارِيق. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِذَكَرِ الْخَنَافِسِ المُفَرَّضُ وأَبو سَلْمانَ والحَوَّاز والكَبَرْتَلُ. والفِراضُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
جزَى اللَّهُ قَوْمي بالأُبُلَّةِ نُصْرةً
…
ومَبْدًى لَهُمْ، حَولَ الفِراضِ، ومَحضَرا
وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَنْ لَمْ يكُنْ مِنّا الفِراضُ مَظِنَّةً،
…
وَلَمْ يُمْسِ يَوْماً مِلْكُها بيَمِيني
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ الْمَوْضِعَ نفْسَه، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي الثُّغُورَ يُشَبِّهُهَا بمشارِعِ المياهِ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجبلِ
؛ فُرْضةُ الْجَبَلِ مَا انْحَدَرَ مِنْ وَسَطِهِ وَجَانِبِهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ: مَا عَلَيْهِ فِراضٌ أَي ثَوْبٌ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مَا عَلَيْهِ سِتْرٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ مَا عَلَيْهِ فِراضٌ أَي شيءٌ مِنْ لِباسٍ. وفِرْياضٌ: موضع.
فضض: فَضَضْتُ الشيءَ أَفُضُّه فَضّاً، فَهُوَ مَفْضُوضٌ وفَضِيضٌ: كسرتُه وفَرَّقْتُه، وفُضاضُه وفِضاضُه وفُضاضَتُه: مَا تكسَّر مِنْهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
تَطيِرُ فِضاضاً [فُضاضاً] بَيْنَها كلُّ قَوْنَسٍ،
…
ويَتْبَعُها مِنْهُم فَراشُ الحَواجِبِ
وفَضَضْت الْخَاتَمَ عَنِ الْكِتَابِ أَي كسرْتُه، وَكُلُّ شَيْءٍ كسرْتَه، فَقَدْ فضَضْتَه. وَفِي حَدِيثِ
ذِي الكِفْلِ: إِنه لَا يَحِلُّ لَكَ أَن تَفُضَّ الخاتَم
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الوطْءِ. وفَضَّ الخاتَمَ والخَتْمَ إِذا كَسره وفَتَحه. وفُضاضُ وفِضاضُ الشَّيْءِ: مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ عِنْدَ كَسْرِكَ إِياه. وانْفَضَّ الشيءُ: انْكَسَرَ. وَفِي حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ:
ثُمَّ جِئْتَ بِهِمْ لبَيْضَتِكَ تَفُضُّها
أَي تَكْسِرُها؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
مُعَاذٍ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ: حَتَّى يَفُضَّ كُلَّ شيءٍ.
وَفِي الدُّعَاءِ:
لَا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ
أَي لَا يَكْسِرْ أَسنانك، والفمُ هَاهُنَا الأَسنان كَمَا يُقَالُ: سقَط فُوهُ، يَعْنُونَ الأَسنان، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا يُفْضِ اللهُ فَاكَ أَي لَا يَجْعَلُهُ فَضاء لَا أَسنان فِيهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ لَا يُفْضِضِ اللَّهُ فاكَ، أَو تَقْدِيرُهُ لَا يَكْسِرُ اللَّهُ أَسنانَ فِيكَ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. يُقَالُ: فَضَّه إِذا كَسَرَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ لَمَّا أَنشده الْقَصِيدَةَ الرَّائِيَّةَ قَالَ: لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ
، قَالَ: فَعَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً لَمْ تسقُط لَهُ سِنّ. والإِفْضاءُ: سُقوطُ الأَسنانِ مِنْ أَعْلى وأَسفَل، والقولُ الأَول أَكثر. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِني أُريد أَن أَمْتَدِحَك، فَقَالَ: قُلْ لَا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ، ثُمَّ أَنشده الأَبيات القافيَّة
، وَمَعْنَاهُ لَا يُسْقِطِ اللهُ أَسنانَكَ، وَالْفَمُ يَقُومُ مَقَامَ الأَسنان. وَهَذَا مِنْ فَضِّ الخاتَمِ والجمُوع وَهُوَ تَفْريقُها. والمِفَضُّ «1» والمِفْضاضُ: مَا يُفَضُّ به مَدَرُ الأَرصِ المُثارةِ. والمِفَضَّةُ: مَا يُفَضُّ بِهِ المَدَرُ. وَيُقَالُ: افْتَضَّ فُلَانٌ جاريَتَه واقْتَضَّها إِذا افْتَرَعَها. والفَضَّةُ: الصخْرُ المَنْثُورُ بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ، وَجَمْعُهُ فِضاضٌ. وتَفَضَّضَ الْقَوْمُ وانْفَضُّوا: تَفَرَّقُوا. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
، أَي تفرَّقوا، وَالِاسْمُ الفَضَضُ. وتَفَضَّضَ الشَّيْءُ: تفرَّقَ. والفَضُّ: تفريقُكَ حَلْقةً مِنَ النَّاسِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ، يُقَالُ: فضَضْتُهم فانْفَضُّوا أَي فرَّقْتهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا اجْتَمَعُوا فضَضْنا حُجرَتَيهِمْ،
…
ونَجْمَعُهم إِذا كَانُوا بَدادِ
وكلُّ شيءٍ تفرَّقَ، فَهُوَ فَضَضٌ. وَيُقَالُ: بِهَا فَضٌّ مِنَ النَّاسِ أَي نفَر متفرِّقُون. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنه كَتَبَ إِلى مروانَ بن فَارِسَ: أَما بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خَدَمَتَكُم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ كسَر وفرَّق جَمْعَكُمْ. وَكُلُّ مُنكسر متفرِّق، فَهُوَ مُنْفَضٌّ. وأَصل الخَدَمةِ الخَلْخالُ وَجَمْعُهَا خدامٌ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ: أَنا أَولُ مَنْ فَضَّ خَدَمةَ العَجَم، يُرِيدُ كَسَرَهُمْ وفَرَّق جَمْعَهم. وكلُّ شيءٍ كَسَرْتَه وفرَّقته، فَقَدْ فضَضْتَه. وطارَت عِظامُه فُضاضاً وفِضاضاً إِذا تطايَرَتْ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَقَالَ المؤرِّجُ: الفَضُّ الكسْرُ؛ وَرَوَى لخِداشِ بْنِ زُهَيْر:
فَلَا تَحْسَبي أَنِّي تَبَدَّلْتُ ذِلَّةً،
…
وَلَا فَضَّني فِي الكُورِ بَعْدَكِ صائغُ
يَقُولُ: يأْبى أَن يُصاغَ ويُراضَ. وتَمْر فَضٌّ: متفرِّق لَا يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وفَضَضْتُ مَا بَيْنَهُمَا: قَطَعْتُ. وَقَالَ تعالى: قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً
؛ يسأَل السائلُ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَكُونُ القَوارِيرُ مِنْ فِضَّةٍ وجَوْهرُها غَيْرُ جَوْهَرِهَا؟ قَالَ الزجاج: معنى
(1). قوله [والمفض إلخ] كذا هو بالنسخ التي بأيدينا.
قَوْلِهِ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ أَصلُ القَوارِيرِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا مِنَ الرَّمْلِ، فأَعلم اللَّهُ فَضْلَ تِلْكَ القوارِيرِ أَن أَصلها مِنْ فِضَّة يُرى مِنْ خَارِجِهَا مَا فِي دَاخِلِهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَي تَكُونُ مَعَ صَفاء قَوَارِيرِهَا آمِنة مِنَ الْكَسْرِ قَابِلَةً لِلْجَبْرِ مِثْلَ الْفِضَّةِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَحسن مَا قِيلَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُسَيَّبِ: فَقَبَضَ ثَلَاثَةَ أَصابع مِنْ فِضَّةٍ فِيهَا مِنْ شَعَرٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ فِضَّةٍ أَو قُصَّة
، وَالْمُرَادُ بِالْفِضَّةِ شَيْءٌ مَصُوغٌ مِنْهَا قَدْ تُرِكَ فِيهِ الشَّعَرُ، فأَمّا بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَهِيَ الخُصْلةُ مِنَ الشَّعَرِ. وكلُّ مَا انْقَطع مِنْ شيءٍ أَو تفرَّق: فَضَضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ لِمَرْوَانَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لَعَنَ أَباكَ وأَنتَ فِي صُلْبه فأَنت فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَي خَرَجَتْ مِنْ صُلْبه مُتَفَرِّقاً، يَعْنِي مَا انْفَضَّ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ وتَرَدَّدَ فِي صُلْبه، وَقِيلَ فِي قَوْلِهَا
فأَنت فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ
: أَرادت إِنكَ قِطْعة مِنْهَا وَطَائِفَةٌ مِنْهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: الفُضُضُ اسْمُ مَا انْفَضَّ أَي تفرَّق، والفُضاضُ نَحْوُهُ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ
فُظاظةٌ
، بِظَاءَيْنِ، مِنَ الفَظِيظِ وَهُوَ ماءُ الكَرِشِ، وأَنكره الْخَطَّابِيُّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: افْتَظَظْتُ الكَرِشَ اعْتَصَرْتُ ماءَها، كأَنه عُصارةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ أَو فُعالةٌ مِنَ الفَظِيظِ ماء الفحل أَي نُطْفَةٌ مِنَ اللَّعنةِ. والفَضِيضُ مِنَ النَّوَى: الَّذِي يُقْذَفُ مِنَ الْفَمِ. والفَضِيضُ: الماءُ العَذْبُ، وَقِيلَ: الماءُ السَّائِلُ، وَقَدِ افْتَضَضْته إِذا أَصبته ساعةَ يَخْرُجُ. وَمَكَانٌ فَضِيض: كَثِيرُ الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ عَنِ امرأَة خَطَبَهَا: هِيَ طَالِقٌ إِن نكَحْتُها حَتَّى آكلَ الفَضِيضَ
؛ هُوَ الطَّلْع أَولَ مَا يَظْهَرُ. والفَضِيضُ أَيضاً فِي غَيْرِ هَذَا: الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنَ الْعَيْنِ أَو يَنْزِلُ مِنَ السَّحَابِ، وفَضَضُ الْمَاءِ: مَا انْتَشَرَ مِنْهُ إِذا تُطُهِّرَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ غَزاةِ هَوازِنَ:
فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطْفةٍ فِي إِداوَةٍ فافْتَضَّها
أَي صَبَّها، وَهُوَ افْتِعالٌ مِنَ الفَضِّ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ، أَي فَتَحَ رأْسها. وَيُقَالُ: فَضَّ الماءَ وافْتَضَّه أَي صَبَّه، وفَضَّ الماءُ إِذا سالَ. وَرَجُلٌ فَضْفاضٌ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ، شُبِّه بِالْمَاءِ الفَضْفاض. وتَفَضْفَضَ بولُ الناقةِ إِذا انْتَشَرَ عَلَى فَخِذَيْهَا. والفَضَضُ: المتفرِّق مِنَ الْمَاءِ والعَرَق؛ وَقَوْلُ ابْنِ مَيّادةَ:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ فُروعِ أَراكةٍ،
…
حَسَن المُنَصَّبِ كالفَضِيضِ البارِدِ
قَالَ: الفَضِيضُ المتفرِّقُ مِنْ ماءِ المطرِ والبَرَدِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رَمى الجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَياتٍ ثُمَّ مضَى فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ فَضَضِ الحَصى أَقبل على سُلَيْم ابن رَبيعةَ فكلَّمه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مَا تفرَّق مِنْهُ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، وَكَذَلِكَ الفَضِيضُ. وَنَاقَةٌ كثيرةُ فَضِيضِ اللَّبَنِ: يَصِفُونها بالغَزارةِ، وَرَجُلٌ كَثِيرٌ فَضِيض الْكَلَامِ: يَصِفُونَهُ بالكَثارة. وأَفَضَّ العَطاءَ: أَجْزَلَه. والفِضَّةُ مِنَ الْجَوَاهِرِ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ فِضَضٌ. وشيءٌ مُفَضَّضٌ: مُمَوَّه بِالْفِضَّةِ أَو مُرَصَّعٌ بِالْفِضَّةِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: تَفَضَّيْتُ مِنَ الْفِضَّةِ، أَراد تَفَضَّضْت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا عنَى بِهِ أَتخذْتُها أَم استعملتُها، وَهُوَ مِنْ تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: لَوْ أَنَّ أَحدَكم انْفَضَّ مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّان لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضّ
؛ قَالَ شَمِرٌ: أَي يَنْقَطِعَ وَيَتَفَرَّقَ، وَيُرْوَى يَنْقَضّ، بِالْقَافِ، وَقَدِ انْفَضَّتْ
أَوصالُه إِذا تفرَّقت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَكادُ تَنْفَضُّ منهنَّ الحَيازِيمُ
وفَضّاضٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتِ امرأَة إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِن ابْنتي توُفِّيَ عَنْهَا زوجُها وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَها، أَفَتَكْحُلُها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: لَا مَرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا إِنما هِيَ أَربعةَ أَشهر وعَشْراً وَقَدْ كَانَتْ إِحْداكنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمي بالبَعَرة عَلَى رأْس الْحَوْلِ
؛ قَالَتْ زينبُ بنتُ أُم سلَمَة: وَمَعْنَى الرَّمْيِ بِالْبَعَرَةِ أَنَّ المرأَة كَانَتْ إِذا توُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيابِها وَلَمْ تَمَسَّ طِيباً حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سنةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بدابّةٍ حمارٍ أَو شاةٍ أَو طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهَا فقَلَّما تَفْتَضُّ بشيءٍ إِلا ماتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمي بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ مُسْلِمٍ: سأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَنِ الافْتِضاضِ فَذَكَرُوا أَن المعتدَّة كَانَتْ لَا تَغْتَسِل وَلَا تَمَسُّ مَاءً وَلَا تَقْلِمُ ظُفُراً وَلَا تَنْتِفُ مِنْ وَجْهِهَا شَعَرًا، ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الحوْلِ بأَقْبَحِ مَنْظَرٍ، ثُمَّ تَفْتَضُّ بِطَائِرٍ وتَمْسَحُ بِهِ قُبُلَها وتَنْبِذُه فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ أَي تكسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ العِدَّة بِذَلِكَ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ فَضَضْتُ الشيءَ إِذا كسَرْتَه كأَنها تَكُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجِهَا فَتَكْسِرُ مَا كَانَتْ فِيهِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ بِالدَّابَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنه رَوَى هَذَا الْحَرْفَ فَتَقْبِصُ، بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَمرهم فَيْضُوضَى بَيْنَهُمْ وفَيْضُوضاء بَيْنَهُمْ وفَيْضِيضَى وفَيْضيضاء وفَوْضُوضَى وفَوْضُوضاء بَيْنَهُمْ؛ كُلُّهَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفَضْفَضَةُ: سَعةُ الثوبِ والدِّرْعِ والعَيْشِ. ودِرْعٌ فَضْفاضٌ وفَضْفاضةٌ وفُضافِضَةٌ: واسِعةٌ، وَكَذَلِكَ الثوبُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِب:
وأَعْدَدْتُ للحَرْبِ فضْفاضةً،
…
كأَنَّ مَطاوِيَها مِبْرَدُ
وقَمِيصٌ فَضْفاضٌ: واسعٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ:
أَبْيَضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنْ
أَراد وَاسِعَ الصَّدْرِ وَالذِّرَاعِ فَكَنَّى عَنْهُ بِالرِّدَاءِ وَالْبَدَنِ، وَقِيلَ: أَراد كَثْرَةَ الْعَطَاءِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَس فِي يَوْمِ مَطَرٍ والأَرض فَضْفاضٌ
أَي قَدْ عَلاها الْمَاءُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. وَقَدْ فَضْفَضَ الثوبَ والدِّرْعَ: وَسَّعَهما؛ قَالَ كثيِّر:
فنَبَذْتُ ثَمَّ تَحِيَّةً، فأَعادَها
…
غَمْرُ الرِّداءِ مُفَضْفَضُ السِّرْبالِ
والفَضْفاضُ: الكثيرُ الواسعُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَسْعُطْنَه فَضْفاضَ بَوْلٍ كالصَّبِرْ
وعَيْشٌ فَضْفاضٌ: واسعٌ. وسَحابةٌ فَضْفاضةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. وجارِيةٌ فَضْفاضة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ مَعَ الطُّولِ وَالْجِسْمِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رَقْراقةٌ فِي بُدْنِها الفَضْفاضِ
اللَّيْثُ: فُلَانٌ فُضاضةُ وَلَدِ أَبيه أَي آخِرُهُمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْمَعْرُوفُ فُلَانٌ نُضاضةُ ولدِ أَبيه، بِالنُّونِ، بِهَذَا الْمَعْنَى. الْفَرَّاءُ: الفاضّةُ الدّاهِيةُ وهنّ الفواضُّ.
فهض: فَهَضَ الشيءَ يَفْهَضُه: كسَرَه وشَدَخَه.
فوض: فَوَّضَ إِليه الأَمرَ: صَيَّرَه إِليه وجعَلَه الْحَاكِمُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
فَوَّضْتُ أَمْري إِليك
أَي رَدَدْتُه إِليك. يُقَالُ: فَوَّضَ أَمرَه إِليه إِذا رَدَّهُ إِليه وجعله الحاكم فيه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْفَاتِحَةِ:
فَوَّضَ إِليَّ عَبْدي.
والتَّفْوِيضُ فِي النِّكَاحِ التزويجُ بِلَا مَهْر. وقَوْمٌ فَوْضَى: مُخْتَلِطُون، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ لَا أَمير لَهُمْ وَلَا مَنْ يَجْمَعُهُمْ؛ قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْدِي:
لَا يَصْلُحُ القَوْمُ فَوْضَى لَا سَراةَ لَهم،
…
وَلَا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادُوا
وَصَارَ الناسُ فَوْضَى أَي متفرِّقين، وَهُوَ جماعةُ الفائضِ، وَلَا يُفْرَدُ كَمَا يُفْرد الْوَاحِدُ مِنَ الْمُتَفَرِّقِينَ. وَالْوَحْشُ فَوْضَى: مُتَفَرِّقَةٌ تَتَرَدَّدُ. وَقَوْمٌ فَوْضَى أَي مُتَساوُونَ لَا رَئيسَ لَهُمْ. ونَعامٌ فَوْضَى أَي مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْقَوْمُ فَوْضى، وأَمْرُهم فَيْضَى وفَوْضَى: مُخْتَلِطٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ سَوَاءٌ بَيْنَهُمْ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي فَضًا. ومتاعُهم فَوْضَى بَيْنَهُمْ إِذا كَانُوا فِيهِ شُرَكَاءَ، وَيُقَالُ أَيضاً فَضاً؛ قَالَ:
طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً فِي رِحالِهِمْ،
…
وَلَا يَحْسَبُونَ السُّوءَ إِلَّا تَنادِيا
وَيُقَالُ: أَمرهم فَيْضُوضا وفَيْضيضَا وفَوْضُوضا بَيْنَهُمْ. وَهَذِهِ الأَحرف الثَّلَاثَةُ يَجُوزُ فِيهَا المدُّ وَالْقَصْرُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْقَوْمُ فَيْضُوضا أَمرُهم وفَيْضُوضا فِيمَا بَيْنَهُمْ إِذا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ، فيَلْبَسُ هَذَا ثوبَ هَذَا، ويأْكل هَذَا طعامَ هَذَا، لَا يُؤَامِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صاحِبَه فِيمَا يَفْعَلُ فِي أَمره. وَيُقَالُ: أَموالُهم فَوْضَى بَيْنَهُمْ أَي هُمْ شرَكاء فِيهَا، وفَيْضُوضا مِثْلُهُ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. وشَرِكةُ «2» المُفاوضَةِ: الشَّرِكةُ العامّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وتَفاوَضَ الشَّرِيكانِ فِي الْمَالِ إِذا اشْتَرَكَا فِيهِ أَجمع، وَهِيَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عنن: وشارَكه شَرِكَةَ مُفَاوِضَةٍ، وَذَلِكَ أَن يَكُونَ مَالُهُمَا جَمِيعًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَمْلِكانه بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: شَرِكةُ الْمُفَاوَضَةَ أَن يَشْتَرِكَا فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي أَيديهما أَو يَسْتَفِيئانِه مِنْ بَعْدُ، وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ النُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ جَائِزَةٌ. وفاوَضَه فِي أَمْره أَي جارَاه. وتَفاوَضوا الْحَدِيثَ: أَخذوا فِيهِ. وتَفَاوَضَ الْقَوْمُ فِي الأَمر أَي فاوَضَ فِيهِ بعضُهم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لدَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ: بِمَ ضَبَطْتَ مَا أَرَى؟ قَالَ: بمُفاوَضةِ العُلماء، قَالَ: وَمَا مُفاوَضةُ الْعُلَمَاءِ؛ قَالَ: كُنْتُ إِذا لقِيتُ عَالِمًا أَخذت مَا عِنْدَهُ وأَعطيته مَا عِنْدِي
؛ المُفاوَضةُ: المُساواةُ والمُشارَكةُ، وَهِيَ مُفاعلة مِنَ التفْويض، كأَن كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدّ مَا عِنْدَهُ إِلى صَاحِبِهِ، أَراد مُحادَثة الْعُلَمَاءِ ومُذاكرتهم فِي العلم، والله أَعلم.
فيض: فَاضَ الْمَاءُ والدَّمعُ وَنَحْوُهُمَا يَفِيض فَيْضاً وفُيُوضةً وفُيُوضاً وفَيَضاناً وفَيْضُوضةً أَي كَثُرَ حَتَّى سالَ عَلَى ضَفّةِ الْوَادِي. وفاضَتْ عينُه تَفِيضُ فَيْضاً إِذا سَالَتْ. وَيُقَالُ: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه إِفاضة، وأَفاضَ فُلَانٌ دَمْعَه، وفاضَ الْمَاءُ والمطرُ والخيرُ إِذا كَثُرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ويَفيضُ المالُ
أَي يَكْثُر مِنْ فاضَ الْمَاءُ والدمعُ وغيرُهما يَفيض فَيْضاً إِذا كَثُرَ، قِيلَ: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هُوَ وأَفاضَ إِناءه أَي مَلأَه حَتَّى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه. وأَفاضَ الماءَ عَلَى نَفْسِهِ أَي أَفْرَغَه. وَفَاضَ صَدْرُه بسِرِّه إِذا
(2). قوله [وشركة] ككلمة ويخفف وهو الأَغلب بكسر أَوّله وتسكين ثانيه؛ أفاده المصباح.
امْتَلأَ وَبَاحَ بِهِ وَلَمْ يُطِقْ كَتْمَه، وَكَذَلِكَ النهرُ بِمَائِهِ والإِناء بِمَا فِيهِ. وماءٌ فَيْضٌ: كَثِيرٌ. والحَوْضُ فَائِضٌ أَي مُمْتَلِئٌ. والفَيْضُ: النَّهْرُ، وَالْجَمْعُ أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنه لَمْ يُسَمَّ بِالْمَصْدَرِ. وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعظَمِه. التَّهْذِيبُ: ونهرُ البصرةِ يُسَمَّى الفَيْضَ، والفَيْضُ نَهْرُ مِصْرَ. ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كَثِيرُ الْمَاءِ. ورَجل فَيّاضٌ أَي وَهَّابٌ جَوادٌ. وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كَانَ فِيهَا مَاءٌ يَفِيضُ حَتَّى يَعْلُوَ. وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا. وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كَثِيرُ العَدْو. وَرَجُلٌ فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لطَلحةَ: أَنت الفَيّاضُ
؛ سُمِّيَ بِهِ لسَعةِ عَطائه وَكَثْرَتِهِ وَكَانَ قسَمَ فِي قَوْمِهِ أَربعمائة أَلف، وَكَانَ جَواداً. وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِذا ملأَه حَتَّى فَاضَ. وأَعطاه غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ أَي قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ، وأَفاضَ بِالشَّيْءِ: دَفَع بِهِ ورَمَى؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ كَتِيبَةً:
تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ،
…
تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ
وفاضَ يَفِيضُ فَيْضاً وفُيوضاً: مَاتَ. وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضاً: خَرَجَتْ، لُغَةُ تَمِيمٍ؛ وأَنشد:
تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ،
…
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنَّ الضِّرْس. وَذَهَبْنَا فِي فَيْض فُلَانٍ أَي فِي جَنازَتِه. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ثُمَّ يكونُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ الفَيْضُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: سأَلت البَكْراوِيّ عَنْهُ فَقَالَ: الفَيْضُ الموتُ هَاهُنَا، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ إِلا أَنه قَالَ: فَاضَتْ نفسُه أَي لُعابُه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مَاتَ، وَكَذَلِكَ فَاظَتْ نفسُه. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: فاضَت نَفْسُهُ الْفِعْلُ لِلنَّفْسِ، وفاضَ الرجلُ يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظاً وفُيوظاً. وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَا فَاضَتْ، وإِنما هُوَ فَاضَ الرَّجُلُ وَفَاظَ إِذا مَاتَ. قَالَ الأَصمعي: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، بِالظَّاءِ، وَلَا يُقَالُ فَاضَ، بِالضَّادِ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا. الْكِسَائِيُّ: هُوَ يَفِيظُ نَفْسَهُ «1» . وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاضَ الرَّجُلُ وَلَا فَاضَتْ نَفْسُهُ وإِنما يَفِيضُ الدمعُ وَالْمَاءُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ الأَصمعي خِلَافُ هَذَا، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي تَقُولُ الْعَرَبُ فَاظَ الرَّجُلُ إِذا مَاتَ، فإِذا قَالُوا فَاضَتْ نفسُه قَالُوهَا بِالضَّادِ؛ وأَنشد:
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ
قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ لأَن الأَصمعي حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه لَا يُقَالُ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فاضَ، بِالضَّادِ، بَتَّةً، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا حَكَاهُ مِنْ كَلَامِهِ أَن يَكُونَ مُعْتَقِداً لَهُ، قَالَ: وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فَقَالَ فَاظَتْ نَفْسُهُ، بِالظَّاءِ، لُغَةُ قَيْسٍ، وَفَاضَتْ، بِالضَّادِ، لُغَةُ تَمِيمٍ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٌ: سَمِعْتُ أَبا زَيْدٍ يَقُولُ: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُمْ يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَكَذَلِكَ حَكَى الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: كل العرب
(1). قوله [يفيظ نفسه] أي يقيؤها كما يعلم من القاموس في فيظ.
تَقُولُ فَاظَتْ نفسُه إِلا بَنِي ضَبَّةَ فإِنهم يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، بِالضَّادِ، وأَهل الحجاز وطيِءٍ يقولون فاظت نَفْسُهُ، وَقُضَاعَةُ وَتَمِيمٌ وَقَيْسٌ يقولون فاضت نفسُه مثل فَاضَتْ دَمْعَتُه، وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَنها لُغَةٌ لِبَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ يَعْنِي فَاظَتْ نَفْسُهُ وَفَاضَتْ؛ وأَنشد:
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي، وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنّ الضِّرْسُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ثُمَّ يَكُونُ عَلَى أَثر ذَلِكَ الفَيْضُ
؛ قِيلَ: الفَيْضُ هَاهُنَا الْمَوْتُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ فَاضَتْ نفسُه أَي لُعابه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه. وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وَانْتَشَرَ. وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ: ذائعٌ، ومُسْتَفاض قَدِ اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فِيهِ، وأَباها أَكثرهم حَتَّى يُقَالَ: مُسْتَفاضٌ فِيهِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: اسْتَفاضُوه، فَهُوَ مُسْتَفاضٌ. التَّهْذِيبُ: وَحَدِيثٌ مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فِيهِ قَدِ استفاضُوه أَي أَخذوا فِيهِ، وَمَنْ قَالَ مُسْتَفِيضٌ فإِنه يَقُولُ ذَائِعٌ فِي النَّاسِ مِثْلُ الْمَاءِ المُسْتَفِيض. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ والأَصمعي وَابْنُ السِّكِّيتِ وَعَامَّةُ أَهل اللُّغَةِ لَا يُقَالُ حَدِيثٌ مُسْتَفَاضٌ، وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ، وكلامُ الْخَاصِّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ مُنْتَشِرٌ شَائِعٌ فِي النَّاسِ. ودِرْعٌ فَيُوضٌ ومُفاضةٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَرَجُلٌ مُفاضٌ: واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ.
وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: مُفاض البطنِ
أَي مُسْتَوي البطنِ مَعَ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: المُفاضُ أَن يَكُونَ فِيهِ امْتِلاءٌ مِنْ فَيْضِ الإِناء ويُريد بِهِ أَسفلَ بطنِه، وَقِيلَ: المُفاضةُ مِنَ النِّسَاءِ الْعَظِيمَةِ الْبَطْنِ المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وَقَدْ أُفِيضَت، وَقِيلَ: هِيَ المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عَنْهُ. وأَفاضَ المرأَةَ عِنْدَ الافْتِضاضِ: جَعَلَ مَسْلَكَيْها وَاحِدًا. وامرأَة مُفاضةٌ إِذا كَانَتْ ضَخْمَةَ الْبَطْنِ. واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فَهُوَ مُسْتَفِيضٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط
وَيُقَالُ: اسْتَفاضَ الْوَادِي شَجَرًا أَي اتَّسع وكثُرَ شَجَرُهُ. والمُسْتَفِيضُ: الَّذِي يَسأَل إِفاضةَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كَثِيرَةً، وَقِيلَ: هُوَ صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا دَفَعَها مِنْ جَوْفِه؛ قَالَ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ
…
مِنْ ذِي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا
وَيُقَالُ: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عَنِ الجِرَّة. وأَفاضَ القومُ فِي الْحَدِيثِ: انْتَشَرُوا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا انْدَفَعُوا وخاضُوا وأَكْثَروا. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ
؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فِيهِ وتَنْبَسِطُون فِي ذِكْرِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضاً: لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ
. وأَفاضَ الناسُ مِنْ عَرَفاتٍ إِلى مِنى: انْدَفَعُوا بِكَثْرَةٍ إِلى مِنى بالتَّلْبية، وَكُلُّ دَفْعةٍ إِفاضةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: دلَّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَن الْوُقُوفَ بِهَا واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لَا تَكُونُ إِلا بَعْدَ وُقُوف، وَمَعْنَى أَفَضْتُم دَفَعْتم بِكَثْرَةٍ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ الرَّكْضِ. وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دَفَعَ بَعِيرَهُ سَيْراً بَيْنَ الجَهْدِ وَدُونَ ذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عَلَيْهَا