الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدرك هذا كل من لديه عقل سليم، وفهم عميق:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (1).
(1) سورة النساء الآية 87
2 -
محاولة
قسر الأمور الإسلامية حتى توافق الأهواء:
وفي هذا الجانب يحاول المتربصون بالإسلام وأهله تحريك أنصاف المتعلمين وأرباعهم باستثارة نقطة معينة أمامهم. ليفسروا الأمور المحيطة بهم، بما تصف الأهواء، ويلين في الألسن، تقليدا لأهل الكتاب في بدء إعراضهم عما جاءتهم به رسلهم من الهداية والنور المبين، واستهانة بشرع الله، ومخالفة رسله فيما أمروا به، فيسايروهم في ذلك الأمر، ويسيروا خلفهم حذو القذة بالقذة.
والشباب تبهرهم مسارات الأمم الأخرى، وما لديهم من مظاهر براقة، فيلتفون حول كل دعوة تربط الجديد في حياتهم بالدين، والمظاهر المدنية بنصوص الشرع، وقد لا يميزون بين الصحيح المقنع، والغريب المتكلف.
ففي فترة من الزمن برزت على الساحة الثقافية كتب كثيرة تمجد الاشتراكية وتصفها بأنها من الإسلام، وأن الدين الإسلامي يدعو لها، وقد أخرجت كتب باسم أبي ذر الغفاري ووصفه بأنه أول اشتراكي في الإسلام، وقسرت دراسات وأفكار لتتفق مع ما يدعو له زيد وعبيد، لشحن الأذهان بأن ما دعا إليه هو متلائم مع الإسلام، وضربت النماذج برجال من الزهاد وأهل الورع والتقى كأهل الصفة الذين منهم أبو هريرة، وبمكانة بعض الصحابة كبلال ومصعب بن عمير وغيرهما.
وما أكثر اغترار شباب ذلك الجيل بالعبارات المنمقة والأساليب الخداعة، والتأثر بالأسماء اللامعة من الأدباء والعلماء الذين كتبوا وشجعوا. وكأنه قد خفي على هؤلاء وأولئك منحى الإسلام في تصريف المال، وطريقته في حماية الفرد والجماعة وما تعنيه اشتراكية كارل ماركس
اليهودي، من أمور أساسها وقوامها فكرة الإلحاد في العقيدة، وإنكار وجود الله جل وعلا وتقدس وتعظم، عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ويستطيع الشاب اليقظ أن يدرك حقيقة ما يطرحون لأنهم يسمونه نظرية، والنظرية تعرف بأنها ما يقبل الخطأ والصواب، أما المسلم فيعتبر القرآن والسنة في الشريعة حقيقة لا يتطرق إليهما الشك. فالحقيقة تنفي النظرية والشباب في كل عصر ومصر تتجدد أمامهم أمور، ينبري لتبنيها أصحاب الأهواء، وتنطلي بمظهرها على ضعاف الثقافة، وبسطاء الإدراك.
والحق لا يتبع الأهواء، ولا يخضع للرغبات الشخصية، كما قال جل وعلا:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} (1).
والجهلة من العلماء أو المتجاهلون، هم المطية التي يركبها أعداء الله وأعداء دينه وفي مقدمتهم اليهود، لتحقيق المآرب، وهم الدمية التي تحرك من وراء الستار لتدار في الاتجاه الذي يريده المتخفي. لأن أعداء دين الله يدركون عدم قبولهم في المجتمع الإسلامي، وعدم الإصغاء لما يقدمون من وجهة نظر، بل العكس محاربة كل ما يأتي عن طريقهم ومقته، كما قال بذلك أحد المستشرقين عندما حاول دراسة نفسيات المسلمين في دولة إفريقية فقيرة.
ولقد استغل هذا المركب الاستعمار في بعض ديار الإسلام، فارتفع قدر الدور الصوفي وزاد الاهتمام بالطرقية في البلاد التي دخل، وشجعت الفرق الصغيرة الخاملة لتكون ذات صوت إسلامي كالقاديانية والبهائية وغيرهما، ووجدوا في الشباب خير معين في تحقيق الهدف الذي قصدوه: لحماستهم، واندفاعهم، وسطحية ما لديهم من معارف وعلوم. فأصبح البغاث مستنسرا في ديار الإسلام، ونجح أعداء الله في تغذية مجال التنافر
(1) سورة المؤمنون الآية 71