الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما انفرد به القراء الثمانية
من
الياءات والنونات والتاءات والباءات
لأبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله غلبون
المتوفى سنة 389 هـ
تحقيق / د. علي حسين البواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وبعد:
فقد وردت قراءات متواترة لكتاب الله العزيز، عني العلماء بجمعها وتصنيفها، وتنوعت أساليب التأليف فيها.
ولما كان مما وردت فيه الروايات عن القراء اختلافهم في حروف متشابهة في الرسم مختلفة في الوسم، كالباء والتاء والياء والنون، فقد تنبه أبو الطيب ابن غلبون أحد أعلام القرن الرابع الهجري إليها، وخصها بالتأليف في هذه الرسالة التي نقدم لها، والتي تظهر مدى عناية العلماء بكتاب الله تعالى.
جمع ابن غلبون في هذه الرسالة ما انفرد به كل قارئ من القراء السبعة - أو أحد الرواة - في حرف من الحروف الأربعة: الباء والتاء والياء والنون: فقارئ يقرأ (يعملون) بالياء وسائر القراء السبعة بالتاء، وآخر يقرأ (أولا ترون) بالتاء وغيره بالياء، وقارئ ينفرد بقراءة (حيث نشاء) بالنون، ويتفق القراء على قراءتها بالياء، وأحد القراء يتفرد
بقراءة (بشرا) والقراء (نشرا). وهكذا.
وقد يتعدى الخلاف ذلك إلى اختلاف ضبط الكلمة كلها، فقارئ ينفرد بقراءة (يجزى) بالياء والبناء للمجهول وسائر السبعة (نجزي)، وقارئ يقرأ (نقضي إليك وحيه) وغيره (يقضى إليك وحيه). وقد يكون الخلاف بفك أحد هذه الحروف كقراءة (ما مكنني). والآخرون بالإدغام أو غير ذلك مما يتعلق بهذه الحروف.
والقراء السبعة الذين يتناول المؤلف ما انفرد كل واحد منهم، هم على ترتيب المؤلف:
1 -
عبد الله بن كثير الداري المكي، المتوفى سنة 110 هـ (1)، وقد انفرد بتسع كلمات من الأنواع الأربعة. كما انفرد بكلمة واحدة راويه قنبل، محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 291 هـ (2).
2 -
نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، المتوفى سنة 170 هـ (3)، وانفرد بسبعة حروف.
3 -
عاصم ابن بهدلة بن أبي النجود الكوفي، المتوفى سنة 129 هـ (4)، وله سبعة حروف انفرد بها.
وقد كان لكل من راويي عاصم انفرادات: فأبو بكر، شعبة بن عياش المتوفى سنة 193 هـ (5)، ينفرد بإحدى عشرة كلمة، وحفص بن سليمان المتوفى حوالي سنة 180 هـ (6) ينفرد بثلاث عشرة.
4 -
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي المتوفى سنة 118 هـ (7)، انفرد
(1) ينظر معرفة القراء الكبار للذهبي 71، وغاية النهاية لابن الجزري 1/ 443.
(2)
ينظر معرفة القراء 186، وغاية النهاية 2/ 165.
(3)
ينظر معرفة القراء 89، وغاية النهاية 1/ 346.
(4)
ينظر معرفة القراء 73، وغاية النهاية 1/ 346.
(5)
ينظر معرفة القراء 110، وغاية النهاية 1/ 325.
(6)
ينظر معرفة القراء 116، وغاية النهاية 1/ 254.
(7)
ينظر معرفة القراء 67، وغاية النهاية 1/ 423.
بخمس عشرة كلمة.
كما اختلف راوياه أيضا: فانفرد عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المتوفى سنة 242 هـ (1) بحرفين، وانفرد هشام بن عمار المتوفى سنة 245 هـ (2) بثلاثة.
5 -
أبو عمرو بن العلاء زبان، الإمام اللغوي البصري، المتوفى حوالي سنة 150 هـ (3)، روي عنه واحد وعشرون حرفا انفرد بها.
6 -
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، المتوفى سنة 156 هـ (4)، انفرد بستة عشر حرفا.
7 -
علي بن حمزة الكسائي المتوفى سنة 189 هـ (5)، وله أربعة حروف.
فيكون مجموع الحروف للقراء السبعة تسعة ومائة حرف.
وبعد أن فرغ المؤلف أضاف للقراء السبعة يعقوب بن أبي إسحاق الحضرمي البصري المتوفى سنة 205 هـ (6) وهو الذي عده كثير من مؤلفي القراءات ثامن القراء، وأدرجه من جمع من القراء أكثر من سبعة. وقد نقل عنه المؤلف ثمانية عشر حرفا انفرد بها. كما أن لراوييه انفرادات: فرويس، محمد بن المتوكل، أبو عبد الله اللؤلؤي البصري المتوفى سنة 238 هـ (7) انفرد بثمانية حروف، وروح بن عبد المؤمن الهذلي البصري المتوفى سنة 234 هـ (8) انفرد بحرفين فصار مجموع ما انفرد به يعقوب وراوياه ثمانية وعشرين حرفا.
(1) ينظر معرفة القراء 163، وغاية النهاية 1/ 405.
(2)
ينظر معرفة القراء 160، وغاية النهاية 2/ 354.
(3)
ينظر معرفة القراء 83، وغاية النهاية 1/ 288.
(4)
ينظر معرفة القراء 93، وغاية النهاية 1/ 261.
(5)
ينظر معرفة القراء 100، وغاية النهاية 1/ 535.
(6)
ينظر معرفة القراء 130، وغاية النهاية 2/ 386.
(7)
ينظر معرفة القراء 177، وغاية النهاية 2/ 234.
(8)
ينظر معرفة القراء 175، وغاية النهاية 1/ 285.
ولو جعل المؤلف غرضه أصلا أن يضيف يعقوب إلى السبعة لاختلف الأمر، فمن الانفرادات لبعض السبعة ما وافقهم عليها يعقوب، وعليه لا تعد مما انفرد به قارئ واحد.
أما مؤلف الرسالة (1): فهو الإمام الحافظ الماهر عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الطيب الحلبي، ولد بحلب سنة 309 هـ، وتلقى علومه على أكابر علماء العصر في القراءات والحديث، وانتقل إلى مصر، واستقر بها وتوفي فيها سنة 389 هـ. وقد تلمذ له عدد من علماء العصر، في مقدمتهم ولده أبو الحسن طاهر، ومكي بن أبي طالب، وأبو عمر الطلمنكي. وكان أبو الطيب ذا عفاف ونسك، خيرا صالحا.
ألف ابن غلبون عددا من الكتب في القراءات منها:
الإرشاد في معرفة مذهب القراء السبعة.
إكمال الفائدة في القراءات السبعة.
استكمال الفائدة - في الإمالة.
المرشد في القراءات السبعة.
التهذيب لاختلاف قراءة نافع (2).
أما الرسالة التي بين أيدينا، فمخطوطاتها تحتفظ بها مكتبة شستربتي بإيرلندا تحت رقم 3603، وفي جامعة الإمام صورة لها تحمل الرقم نفسه، وهي ثلاث لقطات (ست صفحات) في آخر المجموع الذي يحوي كتاب " الوجيز في أداء القراء الثمانية " للأهوازي، من ورقة (110 ب - 113 أ) وقد كتبت سنة 657 هـ بخط نسخي واضح، وقوبلت على الأصل، وعليها بعض التصحيحات، وعدد أسطر كل صفحة ثلاثة وعشرون سطرا. وقد وقع في المخطوطة بعض الأخطاء.
(1) ينظر ترجمته في معرفة القراء 285، 286، وغاية النهاية 1/ 470، 471.
(2)
ينظر فهرست ما رواه ابن خير الأشبيلي عن شيوخه 25، 27.
وقد كان من عملي في النص الإشارة إلى أرقام الآيات في السور، ثم مراجعة القراءات على بعض المصادر وهي: السبعة لابن مجاهد، والتيسير للداني، والكشف لمكي، والإقناع لابن الباذش، والنشر لابن الجزري. وفي قراءة يعقوب التي لا توجد - فيما ذكرت - إلا في النشر أضفت إليه إتحاف فضلاء البشر وبعض كتب التفسير التي تعنى بالقراءات.
وقد أشرت إلى ما وقع في المخطوطة من أخطاء صوبتها، وإلى ما أورد المؤلف من قراءات تخالف المصادر التي نعرفها.
وبعد
فهذه رسالة صغيرة نافعة، وهذا عمل متواضع في تقديمها وتحقيقها، نسأل الله تعالى أن يكتب لنا أجر هذا العمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما انفرد به القراء الثمانية من
الياءات والنونات والتاءات والباءات
لأبي الطيب ابن غلبون
قال أبو الطيب، عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ رضي الله عنه:
اعلم - نفعنا الله وإياك - أن المختصين بحفظ القرآن، والمعتمدين على ذكر اختلاف القراء في الروايات، والتالين بالحروف التي صح نقلها في الروايات المذكورات، يحبون أن يعرفوا كل ما انفرد به كل واحد