الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحويل الجيل الأول من المسلمين إلى معتقداتهم، لأن هذا مستحيل حسبما أدركوه عمليا، وهو مصداق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي والنسائي، وجاء فيه «أن المسلم لا يرجع للكفر بعد أن أنقذه الله منه، حتى يعود اللبن في الضرع (1)» .
فقد قال أحد المنصرين إنه لا يشرفنا أن يدخل المسلم في المسيحية بعد أن ترك دينه الإسلامي، لأن من ترك دينه لا خير فيه، ولكن أهم ما يجب عمله هو أن نشكك المسلم في دينه، حتى يكون خاليا من الدين، ثم نجذب الجيل الثاني بعد ذلك لديننا.
(1) صحيح البخاري الإيمان (16)، صحيح مسلم الإيمان (43)، سنن الترمذي الإيمان (2624)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4988)، سنن ابن ماجه الفتن (4033)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 103).
6 -
تسليط المغريات والترغيب في الملذات:
وهذا مدخل من مداخل الشيطان حيث يسلط أعوانه لاقتناص الفرص لمعرفة نقاط ضعف النفس البشرية، وإيقاعهم في الموبقات التي نهى الله عنها فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بأن الجنة حفت بالمكاره، وأن النار حفت بالشهوات (1)» ونحمد الله أن ديننا الإسلامي لم ينه عن الزينة، ولا عن التمتع بالطيبات من الرزق، ولم يأمر الله المسلم بترك الحلال مهما كان نوعه، أو الزهادة فيه ما دام مصدره طيبا، ولا يتعارض مع نص شرعي بالتحريم أو الإباحة كما قال جل وعلا:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (2) ويأتي من تسليط المغريات، ترغيب الشباب في الغناء والرقص، وربطهم بالموسيقى والتصوير وغيرها، بحجة أنها مواهب يجب أن تنمى، وطاقات يجب الاستفادة منها، تقليدا لما هو سائد في بلاد غير المسلمين،
(1) حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، ورواه مسلم والترمذي عن أنس بن مالك ولفظ البخاري حجبت.
(2)
سورة الأعراف الآية 32
فهم لا يرغبون في الحلال وإنما يدفعون بالمغريات، ويحببونها إلى النفوس لتأنس إليها، وترتاح لعملها بأساليب مختلفة، لتقع فيما حرم الله، وفيما نهى عنه شرعه الذي شرعه لعباده، والتماس الأعذار والتسويفات لإماتة القلوب، حتى لا تبتئس بما تعمل، ويقل إحساسها عما فعلته، ومن ذلك قولهم بأن الموسيقى تفيد في علاج بعض المرضى، وتعين النساء على تسهيل الولادة وغير هذا مما نسمعه ونقرؤه في بحوث، يلمس منها تحليل ما حرم الله من الشهوات وتهوين عقابها. ولا شك أن النفوس قد حبب إليها كل شي ممنوع، ويكون لطعمه مذاق خاص، إذا تعاون على ترغيبه في النفس الأعداء الثلاثة: النفس الأمارة بالسوء، والهوى الذي يعمي ويصم، والشيطان الذي نذر نفسه لإغواء الإنسان، وإبعاده عن طريق الرشاد والفلاح. وأعوان الشيطان من الإنس أشد خطرا من جنوده من الجن، لأن الجن يطردهم تكرار ذكر الله، أما الإنس فلا بد من مجاهدتهم بالعلم القوي، والإيمان الراسخ، والفهم العميق، والحجة الداحضة، وفي مقدمة ذلك مدافعة النفس ومحاسبتها، وردعها عن غيها كما قال الشاعر " البوصيري " في حكمته:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
…
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فإذا تعاون مع النفس والهوى والشيطان جماهير من البشر يسلطون غزوا من المغريات التي تتوق إليها النفوس، وسلكوا في هذا السبيل ألوانا عديدة وجذابة، وزينت المداخل لذلك بطرق متنوعة تفتح مغاليق النفس. ثم أمام هذا لم تكن هذه النفوس محصنة بسياج إيماني يحميها، ولا بعلم قوي يوضح لها، فهي بلا شك سوف تنهار أمام المغريات، وتجبن على الصمود أمام الملذات، وأعداء الله وأعداء أمة الإسلام يحرصون في الدرجة الأولى على غزو الشباب بهذه المغريات، وتكسير حدة المنعة لديهم، لأنهم درع الأمة القوي وسبيل التغلغل إلى مختلف حصون المجتمع
المنيعة. وما ذلك إلا لأنهم يهدفون من مغرياتهم تلك لأمور كثيرة منها:
المكسب المادي: إذ الغاية عندهم تبرر الوسيلة، وأمثال هذه الأمور ذات مردود كبير، ولذا تجد أن المخططين لها، والعاملين فيها من اليهود، سواء كانوا أفرادا أو جماعات منظمة، واليهود قد عرفوا بأنهم عباد للمال، ولا يهمهم الطريق الموصل إليه، لأن الغاية في نظرهم تبرر الوسيلة.
إفساد شباب المسلمين وإبعادهم عن دينهم بالانشغال بأمور ينهى الله عنها، حتى يرفع عنهم عونه وتأييده، فيسهل على العدو السيطرة على أمتهم من مداخل الضعف التي فتحتها المغريات والملذات، كما جاء في الحديث القدسي:«من عصاني وهو يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني (1)» .
الهدف العقدي بإفساد الأمم. وهذا منهج صهيوني يهودي تحركه أفكار، وتعمل فيه منظمات تبذل الكثير من ربحها في تحقيق المطلب، ذلك أن من وقع في الرذيلة لا ترتاح نفسه حتى يوقع الآخرين معه.
التسلط والسيطرة، ولا يتحقق هذا إلا مع الهدفين الأولين، فالعقيدة غاية، والمادة وسيلة، أما التسلط والسيطرة فنتيجة لذلك.
من هنا نلمس أنهم أوجدوا لذلك في تياراتهم الموجهة مسارب عديدة، ومطايا مسرجة، كلها مهيأة للوصول للغاية المرسومة، بأساليب ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها يحمل السم الزعاف، توجه للمجتمعات الإسلامية في كل مكان تحت غايات مختلفة مثل:
الترويح عن النفس، شغل الفراغ، التكريم، إحياء التراث، الفنون الشعبية، مسايرة الأمم الأخرى. وغير ذلك من التفنن في الأساليب المؤدية للغاية، والشباب هم أول من توجه هذه الأمور إليه، ويخاطب بها عقله
(1) يروى هذا الحديث ضمن أحاديث أهل الكتاب كما جاء: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج.