الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعمالهم، وإبانة وجهة نظر الإسلام فيها، وكيفية معالجته للأمور، بما يسعد النفوس، ويعلي مكانة المجتمعات ويحقق الأمن والرفاهية للجميع في ظل عدالته، ونظرته للأمور قاطبة.
8 -
إيجاد هوة بالنفرة بين الشباب:
وبين علمائهم وولاة أمورهم:
ويدخل في هذا عقوق الأبناء لآبائهم، وعدم امتثال الطالب توجيهات مدرسه، وذلك بتفسير الأمور على غير وضعها، وتجسيم الصغائر، واختلاق أشياء لا أصل لها، حتى يحدثوا هوة بين الشباب وولاة أمرهم، فيفقد التعاون، ويقل السمع والطاعة. وهذا فيه فساد للمجتمع لأنه مخالفة لمنهج القرآن الكريم، وما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بوجوب السمع والطاعة لأوامر الله، وتوجيهات رسوله وطاعة من ولاه الله أمور العباد، فانتظام الحياة الاجتماعية، والأمن لا يتمان إلا مع الانقياد الذي أمر الله به. فقد تكرر في كتاب الله الكريم، الأمر بطاعة الله، وطاعة رسوله، أكثر من عشرين مرة. مما يدل على أهمية الطاعة ومكانتها في الإسلام.
فولاة الأمور جعلهم الله حماة لشرعه تعليما وتوجيها وقدوة وتنفيذا.
وفي كل شريعة الإسلام يؤدي العالم والوالد والمعلم والولاة أعمالهم بأمانة وإخلاص، ومن مفهوم الشريعة أيضا يعرف كل شاب ما يجب عليه تجاه هؤلاء من السمع والطاعة، وحسن الأدب، وأداء الواجب، وحسن الأخذ والاستجابة.
وبذلك ينتظم المجتمع وتسعد الأمة جمعاء. لأن أمر الله واجب، والاستجابة لرسوله الكريم في دعوته من أسس الإسلام، الذي هو الاستسلام والانقياد. قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1).
(1) سورة النساء الآية 59
ويقول سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (1).
ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله (2)» رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
وأعداء الله، وأعداء دينه، هم أعداء المسلمين، يريدون بعملهم الموجه ضد المسلمين بث الفوضى في المجتمع الإسلامي، وشق عصا الجماعة، وإثارة هذا كمشكلة لدى الشباب، ليتحول مجتمعهم إلى الفوضى والبلبلة، حتى يسهل التغلغل فيه، والسيطرة عليه، عندما يبتعد أبناؤه عن أوامر ربهم، بما شرع لهم من وجوب السمع والطاعة للقيادة، والنصح لها، والتعاون معها.
وما كان ديننا الإسلامي ليؤكد على السمع والطاعة إلا لأن قوام المجتمع وسلامته بالسمع والطاعة، فإذا كان أقل الجماعة اثنين فإنهما في السفر لا بد أن يؤمر أحدهما، وعلى الآخر السمع والطاعة، فعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم (3)» رواه أبو داود.
كما أن هذا الدين يركز على أهمية الجماعة في الصلاة، وهي عبادة بين العبد وخالقه، فيحث على الجماعة، وأن ينقادوا مع الإمام، يقول صلى الله عليه وسلم:«إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا (4)» وفي رواية «فلا تختلفوا عليه (5)» . رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والصلاة توطن النفوس عمليا على ما يجب أن ينقادوا فيه مع قياداتهم استسلاما وتنفيذا، وتعويد الأطفال عليها منذ حداثة أعمارهم تنمي
(1) سورة الأنفال الآية 46
(2)
صحيح البخاري الأحكام (7142)، سنن ابن ماجه الجهاد (2860)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 114).
(3)
سنن أبو داود الجهاد (2608).
(4)
صحيح البخاري الصلاة (378)، صحيح مسلم الصلاة (411)، سنن الترمذي الصلاة (361)، سنن النسائي الإمامة (832)، سنن أبو داود الصلاة (601)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1238)، موطأ مالك النداء للصلاة (306)، سنن الدارمي الصلاة (1256).
(5)
صحيح البخاري الأذان (722)، صحيح مسلم الصلاة (414)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 314).
عندهم الولاء والطاعة عندما يكونون شبابا، وتحبب إليهم في سن التكليف مع الحرص على فهم ما تنطوي عليه من خيرات ومصالح. فهي تؤصل الطاعة والانقياد لولي الأمر.
ووجوب التمسك ببيعة ولي الأمر والسمع والطاعة له، وعدم الخروج عليه من الأمور التي تؤصلها عقيدة الإسلام، كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة منها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر (1)» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه (2).
والذي يجب أن يدرك الشباب خاصة وغيرهم عامة أن لزوم الجماعة في البيئة الإسلامية جزء من العقيدة التي يجب أن تؤصل في النفوس، حتى لو بدر من القيادة ما يكرهه المرء، مما يحرص أعداء الأمة الإسلامية على تجسيمه سواء كان له أساس أو مختلق، مما يقصد من ورائه التفريق، وإذكاء النزاعات، وإفساد المجتمع، فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية (3)» .
ودورنا أن نتأدب بأدبه صلى الله عليه وسلم، ونتأسى بأعماله، حيث نهى أن يتحدث إليه أحد في أصحابه حتى يخرج إليهم، وقلبه سليم، ونفسه صافية، بدون حقد أو ضغينة، أما أعداء الأمة المسلمة، فهم يريدون لقلوب المسلمين أن تحمل الضغينة على العلماء، والبغضاء بعضهم لبعض، وشق عصا لطاعة لولاة الأمر حتى يفسدوا المجتمع الإسلامي، ويبثوا
(1) صحيح مسلم الإمارة (1844)، سنن النسائي البيعة (4191)، سنن أبو داود الفتن والملاحم (4248)، سنن ابن ماجه الفتن (3956)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 191).
(2)
انظر جامع الأصول في أحاديث الرسول جـ4 ص67 وهامش ص68.
(3)
انظر جامع الأصول في أحاديث الرسول جـ4 ص69.