المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌39 - (باب منه في الإسراء) - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ت حسين أسد - جـ ١

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة التّحقيق

- ‌ا الزوائد

- ‌ب- علي بن أبي بكر الهيثمي

- ‌شيوخ الهيثمي رحمه الله

- ‌وسمع معه بمصر والقاهرة:

- ‌كما سمع معه بدمشق من الشيوخ:

- ‌وبحلب من الشيوخ:

- ‌وبحماة من جماعة الشيوخ منهم:

- ‌وبحمص من:

- ‌وبطرابلس من جمع منهم:

- ‌وبصفد من:

- ‌وببعلبك من خلق منهم:

- ‌وبنابلس من عدد منهم:

- ‌وببيت المقدس من جماعة، منهم:

- ‌وبالخليل من عدد منهم:

- ‌وبغزة من جماعة، منهم:

- ‌وبالإسكندرية من جماعة منهم:

- ‌وبمكة المكرمة من عدد منهم:

- ‌وبالمدينة الشريفة من جماعة منهم:

- ‌تلامذته

- ‌أقوال العلماء فيه

- ‌وصف النسخ

- ‌أولاً- نسخة دار الكتب المصرية

- ‌ثانياً: النسخة الظاهرية الأولى والتي رمزنا لها بـ (ظ)

- ‌ثالثاً- النسخة الظاهرية الثانية والتي رمزنا لها بـ (م)

- ‌رابعاً- نسخة الشنواني، وقد رمزنا لها بالحرف (ش)

- ‌تاريخ النسخ:

- ‌خامساً- نسخ المدينة المنورة

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌سادساً: نسخة الهند

- ‌سابعاً: الجزء السادس

- ‌عملنا في هذا الكتاب

- ‌كلمة شكر وتقدير

- ‌رواميز نسخ الكتاب الخطية

- ‌كتاب الإيمان

- ‌1 - (باب فيمَنْ شَهِد أن لا إله إلا الله)

- ‌2 - (باب في ما يحرم دم المرء وماله)

- ‌3 - (باب منه)

- ‌5 - (باب الإسلام يَجُبُّ ما قَبْله)

- ‌6 - (باب فيمن مات يؤمن بالله واليوم الآخر)

- ‌7 - (باب في الوسوسة (مص: 38))

- ‌8 - (باب)

- ‌11 - (باب)

- ‌12 - (باب منه في بيان فرائض الإسلام وسهامه)

- ‌13 - (باب منه)

- ‌14 - (باب منه)

- ‌15 - (باب فيما بني عليه الإسلام)

- ‌16 - (باب منه ثالث)

- ‌17 - (باب في الإيمان بالله واليوم الآخر)

- ‌18 - (باب (مص: 660))

- ‌19 - (باب في حق الله تعالى على العباد)

- ‌20 - (باب منه)

- ‌22 - (باب تجديد الإيمان)

- ‌23 - (باب في الإسلام والإيمان)

- ‌24 - (باب منه)

- ‌25 - (باب منه (مص:78))

- ‌26 - (باب في كمال الإيمان)

- ‌27 - (باب في حقيقة الإيمان وكماله)

- ‌28 - (باب منه)

- ‌29 - (باب منه في كمال الإيمان)

- ‌30 - (باب: في خصال الإيمان)

- ‌31 - (باب أيُّ العمل أفضل وأيُّ الدِّين أحبُّ إلى الله)

- ‌32 - (باب في نيَّة المؤمن وعمل المنافق)

- ‌33 - (باب قوله: خير دينكم أيسره ونحو ذلك)

- ‌34 - (باب دخول الإيمان في القلب قبل القرآن)

- ‌35 - (باب في قلب المؤمن وغيره)

- ‌36 - (باب زيادة إيمان بعض المؤمنين على بعض)

- ‌37 - (باب في إيمان الملائكة)

- ‌38 - (باب في الإسراء)

- ‌39 - (باب منه في الإسراء)

- ‌40 - (باب منه في الإسراء)

- ‌41 - (باب في الرؤية)

- ‌42 - (باب في عظمة الله سبحانه وتعالى

- ‌43 - (باب)

الفصل: ‌39 - (باب منه في الإسراء)

ورواه أبو يعلى (1) وزاد قال: "وَرَأَى الدَّجَّالَ، في صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْن لَيْسَ رُؤْيا مَنَامٍ، وَعِيسَى بْنَ مَرْيَمَ، وَإبْرَاهِيمَ.

قَالَ: فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجَّالِ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ فَيْلَمَانياً (2) أَقْمَرَ هِجَاناً (3)، إحْدَىَ عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّي، كَأّنَّ شَعْرَهُ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ، وَرَأَيْتُ عِيسَى شَاباً أَبْيَضَ جَعْدَ الرَّأْسِ حَدِيدَ الْبَصَرِ، مُبَطَّنَ (مص: 96) الْخَلْقِ، وَرَأَيْتُ مُوسَى أَسْحَمَ، آَدَمَ، كثِيرَ الشَّعْرِ، شَدِيدَ الْخَلْقِ، وَرَأَيْتُ إبْرَاهِيمَ، فَلَا أَنْظُرُ إلَى إرْبٍ (4) مِنْ آرابِهِ إلَاّ نَظَرْتُ إلَيْهِ كَأَنَهُ صَاحِبُكُمْ.

قَالَ: وَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام: سَلَّمْ عَلَى أَبيكَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ".

‌39 - (باب منه في الإسراء)

236 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِفَرَس يَجْعَلُ كُلَّ خَطْوٍ مِنْهُ أَقْصَى بَصَرِهِ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم فَأَتى عَلَى قَوْم يَزْرَعُونَ في يَوْم وَيحْصُدُونَ في يَوْم، كُلَّمَا حَصَدُوا، عَادَ كَمَا كَانَ. فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ مَنْ هؤلَاءِ؟

(1) في المسند 5/ 108 برقم (2720) وهناك شرحنا غريبه وعلقنا عليه.

(2)

هذه النسبة إلى "الفيلم" وهو العظيم الجنة.

(3)

الهجان: الأبيض والكريم ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد.

(4)

الإرب -بكسر الهمزة وسكون الراء المهملة، بعدها باء موحدة من تحت-: العضو.

ص: 420

قَالَ: هؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ الله، تَضُاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ، ثمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُرْضَخُ (1) رُؤُوسُهُمْ بِالصخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ، عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، وَلَا يَفْتُرُ عَنْهُمْ مِنْ ذلِكَ شَيْءٌ.

قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هؤُلَاءِ؟

قَالَ: هؤُلَاءِ (2) الَّذِينَ تَثَاقَلَتْ رُؤُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ، الأَنْعَامُ إِلَى الضَّرِيعِ الزَّقُّومِ (3)، وَرَضْفِ (4) جهنم.

قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ (5) يَا جِبْرِيلُ.

قَالَ: هؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ الله وَمَا الله بِظَلَاّم لِلْعَبيدِ.

(1) يقال: رضخت له -من باب نفع- رضخاً ورضيخاً: أعطيته شيئاً ليس بالكثير. والرضخ أيضاً: الدق والكسر.

(2)

سقطت من (ش).

(3)

الضريع نبت حاد الشوك يقال للرطب منه: الشِّبْرِقُ.

والزقوم: شجرة مرة كريهة الرائحة ثمرها طعام أهل النار. قال تعالى: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} . وقال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ} .

(4)

الرضف، واحدها رضفة وهو الحجر المُحمى بالنار أو بالشمس.

(5)

في (ظ): "من هؤلاء؟ ".

ص: 421

ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ في قِدْر نَضِيج وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ خَبِيثٌ، فَجَعَلُوا يَأكَلُونَ الْخَبِيثَ وَيَدَعُونَ (مص: 97) النَّضِيجَ الطَّيِّبَ. قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هؤُلَاءِ؟

قَالَ: الْرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ يَقُومُ مِنْ عِنْدِ امْرَأَتِهِ حَلَالاً، فَيَأْتِي الْمَرْأَةَ الْخَبِيثَةَ فَيَبِيتُ مَعَهَا حَتَّى يُصْبحَ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالاً طَيباً فَتَأتِي الرَّجُلَ الْخَبِيثَ فَتَبِيتُ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْبحَ.

ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُل قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟

قَالَ: هذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، وَهُوَ يَزِيدَ عَلَيْهَا.

ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيد كُلَّمَا قُرِضَتْ، عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، لَا يَفْتُرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَؤُلَاءِ؟

قَالَ: خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ.

ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ، فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ، فَلَا يَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: مَا هذَا يَا جِبْرِيلُ؟

قَالَ: هذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ [فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا](1) فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا، فَلَا يَسْتَطِيعُ.

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ش).

ص: 422

ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ ريحاً طَيِّبَةً، وَوَجَدَ ريحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ، فَقَالَ: مَا هذَا؟

قَالَ: صَوْتُ الْجَنَّة تَقُولُ: يَا رَبِّ ائْتِنِي بِأَهِلِي وَبمَا وَعَدْتَني، فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي وَحَرِيرِي وَسُنْدُسِي وَإسْتَبْرَقِي وَعَبْقَريِّي وَمَرْجَانِي وَقَصَبِي وَذَهَبِي وَأَكْوَابي وصِحَافِي وَأَبَارِيقِي وَفَوَاكِهِي وَعَسَلِي وَثِيَابِي وَلَبَنِي وَخَمْرِي، ائْتِنِي بمَا وَعَدْتَنِي (1).

قَالَ: لَك ِكُلُّ مُسْلمٍ وَمُسلمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمنَةٍ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبرُسُلِي وَعَمِلَ صَالِحًا: وَلَمْ يُشْرِكَ بِي شَيئاً، وَلَمْ يَتَّخِذَ مِنْ دُونِي أَنْدَاداً (مص: 98)، فَهُوَ آمنٌ.

وَمَنْ سأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَّيْتُهُ، إنِّي أنَا الله لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا، لَا خُلْفَ لِمِيعَادِي، قدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمنُونَ، تَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالقِينَ.

فَقَالَتْ: قدْ رَضيتُ.

ثُمَّ أتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتاً مُنْكَراً، فَقَالَ: يَا جبْريلُ، مَا هذَا الصَّوْتُ؟

قَالَ: هذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ: يَا رَبِّ ائْتني بأَهْلِي وبِمَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَ سَلَاسِلِي وَأَغْلَالِي وَسَعِيرِي وَحَمِيمِي وَغَسَّاقِي وَغِسْلِينِي (2)، وَقَدْ بَعُدَ قَعْري، وَاشْتَدَّ حَرِّي، ائْتني بِمَا

(1) في (ش): "وعدني".

(2)

الغسَّاق -بالتشديد والتخفيف-: ما يسيل من صديد أهل النار =

ص: 423

وَعَدْتَنِي.

قَالَ: لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ، وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.

قَالْتْ: قَدْ رَضِيتُ.

ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَنَزَلَ، ْ فَربَطَ فَرَسَهُ إلَى صَخْرَةٍ فَصَلَّى مَعَ الْمَلَائِكَةِ، فَلَمَّا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ، قَالُوا (1): يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هذَا مَعَكَ؟.

قَالَ: هذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.

قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله (2) مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأخُ، وَنِعْمُ الْخَلِيفَةُ. ثُمَّ لَقُواْ أَرْوَاحَ الَأنْبِيَاءِ فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ تَعَالَى، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلاً وَأَعْطَانِي مُلْكاً عَظِيماً، وَجَعَلَنِي أُمَّةً قَانِتاً، وَاصْطَفَانِي بِرِسَالَاتِهِ، وَأَنْقَذَنِي مِنَ

= وغسالتهم. وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: هو الزمهرير. - النهاية.

والغسلين: هو ما انغسل من لحوم أهل النار وصديدهم. والياء والنون زائدتان. انظر النهاية أيضاً.

(1)

في (ش): "قال".

(2)

في (ظ، م): "حيا الله".

ص: 424

النَّارِ، وَجَعَلَهَا عَلَيَّ (1) بَرداً وَسَلَامًا.

ثُمَّ إنَّ مُوسَى عليه السلام أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لله الَّذِي كلَّمَنِي تَكْلِيماً، وَاصْطَفَانِي وَأَنزَلَ عَلَيَّ التَّوْرَاةَ، وَجَعَلَ هَلَاكَ فِرْعَوْنَ عَلَى يَدَيَّ، وَنَجَاةَ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى يَدَيّ (2).

ثُمَّ إنَّ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم (مص: 99) أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ لِي مُلْكًا. وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الزَّبُورَ، وَأَلَانَ لِيَ الْحَدِيدَ، وَسَخَّرَ لِيَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ مَعِي وَالطَّيْرَ، وَآتَانِيَ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ.

ثُمَّ إنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ تبارك وتعالى فَقَالَ: الْحَمْدُ لله الَّذِي سَخَّرَ لِيَ الرِّيَاحَ وَالْجِنَّ وَالإنْسَ، وَسَخَّرَ لِي الشَّيَاطِينَ يَعْمَلُونَ مَا شِئْتُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوابِي (3)، وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ (4)، وَعَلَّمَنِي مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَأَسَالَ لِيَ عَيْنَ الْقِطْرِ، وَأَعْطَانِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي.

(1) سقطت "عليّ" من (ش).

(2)

"على يدي" ساقطة من (ش).

(3)

الجفان - واحدتها جفنة وهي القصعة الكبيرة المعدة للطعام.

والجوابي: الحياض، جمع جابية. قال الشاعر:

ترُوحُ عَلَى آلِ اْلمُحَلَّقِ جَفْنَةٌ

كَجَابِيَةِ الشَّيْخِ الْعِرَاقِيِّ تَفْهَقُ

(4)

وقدور راسيات: ثوابت في أماكنها تترك لعظمها ولا تنقل. ويقال: رسا الشيء إذا ثبت. ولذا قيل للجبال: رواس.

ص: 425

ثُمَّ إنَّ عِيسَى صلى الله عليه وسلم أَثْنَى عَلَى رَبِّه فَقَالَ: الْحَمْدُ لله الَّذِي عَلَّمَنِيَ اْلتوْرَاةَ، وَالإنْجِيلَ، وَجَعَلَنِي أُبْرِئُ الأَكْمَهَ، وَالأبْرَصَ (1)، وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإذْنِهِ، وَرَفَعَنِي وَطَهَّرَنِي مِنَ الَّذِينَ كفَرُوا، وَأَعَاذَنِي وَأُمِّيَ مِنَ الشَيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَجْعَلْ للشَّيْطَانِ عَلَينَا سَبِيلاً.

وَإنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم أثْنَى عَلَى رَبِّهِ فَقَالَ: كُلُّكُمْ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ وَأَنَا مُثْنٍ عَلَى رَبِّي: الْحَمْدُ لله الَّذِي أَرْسَلَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْقُرْآنَ (2) فِيهِ تَبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ أُمَّتِي وَسَطاً، وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمُ الأَوَّلُونَ، وَهُمُ الآخِرُونَ، وَشَرَحَ لِي صَدْرِي، وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي، وَرَفَعَ بي ذِكْرِي، وَجَعَلَنِي فَاتِحاً، وَخَاتَمًا.

فَقَالَ إبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم: بِهذَا فَضَلَكُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ أُتِيَ بِآنِيَةٍ ثَلَاثَةٍ (3) مُغَطَّاةٍ، فَدُفِعَ إلَيْهِ إنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَقِيلَ لَهُ: اشْرَبْ ثُمَّ دُفِعَ (مص: 100) إلَيْهِ إنَاءٌ آخَرُ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ دُفِعَ إلِيْهِ إنَاءٌ آخَر فِيهِ خَمْرٌ فَقَالَ: قَدْ رَوِيْتُ، لَا أَذُوقُهُ. فَقِيْلَ لَهُ: أَصَبْتَ، أَمَا إنَّهَا سَتُحَرَّمُ عَلَى أُمَّتِكَ، وَلَوْ شَرِبْتَهَا، لَمْ يَتْبَعْكَ مِنْ أُمَّتِكَ إلَاّ قَلِيلٌ.

(1) الأكمه مذكر، والمؤنث كمهاء، وهو الذي يولد أعمى. والبرص: بياض يقع في الجسم لعلة.

(2)

في (ظ، م، ش): "الفرقان".

(3)

في (ش): "ثلاث".

ص: 426

ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ هذَا (1)؟

قَالَ: جِبْرِيلُ.

قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟

قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ. فَدَخَلَ فَإذَا بِشَيخ جَالِسٍ تَامِّ الخَلْقِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْئاً كمَا يَنْقُصُ مِنْ خَلْقِ الْبَشَرِ، عَنْ يَمِينِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيح طَيِّبَةٌ وَعَنْ شِمَالِهِ بَابٌ تَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ خَبِيثَةٌ، إذَا نَظَرَ إلَى الْبَابِ الَّذِي عَن يَمِينِهِ، ضَحِكَ. وإذَا نَظَرَ إلَى الْبَابِ الَّذِي عَن يَسَارِهِ، بَكَى وَحَزِنَ، فَقَالَ: يَا جِبريلُ مَنْ هذَا الشَيْخُ؟ وَمَا هذَانِ الْبَابَانِ؟.

قَالَ: هذَا أَبُوكَ آدَمُ، وَهذَا الْبَابُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ بَابُ الْجَنَّةِ، إذا رَأَى مَنْ يَدْخُلُهُ (2) مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ. وَإذَا نَظَرَ إلَى الْبَابِ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ: بِابِ جَهَنَّمَ (3) مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ

(1) في (ش): "من هذا يا جبريل".

(2)

في (ش): "يدخل".

(3)

في (ش): "الجنة" وهو خطأ. وفي (ظ) زيادة: "إذا رأى" قبل "من يدخله".

ص: 427

ذُرَيَّتِهِ، بَكَى وَحَزِنَ.

ثمَ صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ: مَنْ هذَا؟

فَقَالَ: جِبْرِيلُ.

قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟

قَالَ: محَمَّدٌ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.

قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أَخٍ وَخَلَيْفةٍ، فَنِعْمَ الأخُ، وَنِعْمَ الْخَلَيْفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجيءُ جَاءَ. فَدَخَلَ، فَإذَا هُوَ (1) بِشَابَّيْنِ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ: مَا هذَانِ (مص: 101) الشَّابَّانِ؟.

قَالَ: هذَا (2) عِيسَى، وَيَحْيَى ابْنَا الْخَالَةِ.

ثُمَّ صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقَالُوا: مَنْ هذَا مَعَكَ؟.

قَالَ: مُحَمَّدٌ.

قَالَ: وَقَدْ أرْسِلَ إلَيهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

(1) ليست في (ش).

(2)

ساقطة من (ظ، ش).

ص: 428

قَالُوا: حَيَّاهُ الله (1) مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَدَخَلَ. فَإذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ فَضَلَ عَلَى النَّاسِ في الْحُسْنِ كمَا فَضَلَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكبِ، فَقَالَ: مَنْ هُذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَخُوْكَ يُوسُفُ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ صَعِدَ السَّمَاءَ الرابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيْلُ، فَقَالُوا: مَنْ هذَا (2) مَعَكَ؟

قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

قَالُوَا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أخٍ وَخَلِيفَةٍ، وَنِعْمَ المَجِيءَ جَاءَ، فَدَخَلَ. فَإذَا هُوَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هذَا (3) الرَّجُلُ الْجَالِسُ؟.

قَالَ: هذَا أَخُوكَ إِدْرِيسُ رَفَعَهُ الله مَكَاناً عَلِيًّا.

ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقَالُوا: مَنْ هذَا مَعَكَ؟.

قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

(1) ساقطة من (ش).

(2)

ساقطة من (ظ، ش).

(3)

في (ظ، م، ش): "من هذا".

ص: 429

قَالُوا: وَقَدْ أُرسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الَأخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَدَخَلَ. فَإذَا هُوَ بِرَجُل جَالِسٍ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: يَا جِبْرِيل، مَنْ هذَا، وَمَنْ هؤلَاءِ الَّذِينَ حَوْلَهُ؟

قَال. هذَا هارُونُ صلى الله عليه وسلم المُخَلَّفُ في قَوْمِهِ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمُهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ.

ثمَّ صَعِدَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقَالُوا: مَنْ (1) هَذَا مَعَكَ (2).

قَالَ: مُحَمَّدِّ (3) صلى الله عليه وسلم.

قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَة (مص: 102)، فَنِعْمَ (4) الأخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَدَخَلَ. فَإذَا

(1) في (ش): "يا جبريل، من هذا

".

(2)

ليست في (ش).

(3)

في (ش): "هذا موسى" وهو خطأ.

(4)

في (ش): "فلنعم".

ص: 430

هُوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ فَجَاوَزَهُ، فَبَكَى الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هذَا؟.

قَالَ (1): مُوسَى صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: مَا يُبْكِيهِ؟

قَالَ: تَزْعُمُ بَنُو إسْرَائِيلَ أَنِّي أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَهذَا قَدْ خَلَفَني، فَلَوْ أَنَّهُ وَحْدَهُ، وَلكِنْ مَعَهُ كُلُّ أُمَّتِهِ!!.

ثُمَّ صَعِدَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقَالُوا: مَنْ مَعَكَ.

قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.

قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: حَيَّاهُ الله مِنْ أَخٍ، وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجيءُ جَاءَ، فَإذَا هُوَ بِرَجُل أَشْمَطَ جِالِسٍ عَلَى كُرْسِيٍّ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ في أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ (2) -قَالَ: عَيسَى: يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِي: وَسِمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ: سُودُ الْوُجُوهِ- فَقَامَ هؤُلَاء الَّذِينَ في أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَدَخَلُوا (ظ: 10) نَهَراً يُقَالُ لَهُ: نِعْمَةُ الله،

(1) في (ظ، م، ش) زيادة: "قال: هذا موسى".

(2)

سقطت من (ظ، م، ش).

ص: 431

فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْء، فَدَخَلُوا نَهَراً آخَرَ يُقَالُ لَهُ: رَحْمَةُ الله، فَاغْتَسَلُوا، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوانِهِمْ شَيْءٌ، فَدَخَلُوا نَهَراً آخَرَ، فَذلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى:{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] فَخَرجُوا وَقَدْ خَلَصَ أَلْوانُهُمْ مِثْلَ أَلْوَانِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَلَسُوا إلَى أَصْحَابِهِمْ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ: مَنْ هذَا الأشْمَطُ (1) الجَالِسُ؟ ومَنْ هَؤلَاء البِيضُ الُوُجوُهِ، ومَنْ هَؤلَاءِ الْذينَ في أَلْوَانِهِمْ شَيءْ، فَدَخَلُوا. هذِهِ الَأنْهَارَ فَاغْتَسَلُوا فِيهَا ثُمَّ خَرَجُوا وَقَدْ خلصت أَلْوَانُهُمْ؟

قَالَ: هذَا أَبُوكَ إبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم أَوُل مَنْ شَمَطَ عَلَى الأرْضِ، وَهؤُلَاءِ الْقَوْمُ الْبِيضُ الْوُجُوهِ قَوْمٌ لَمْ يَلْبِسُوا (2) إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، وَهؤُلَاءِ الَّذِين في أَلْوَانِهِمْ (مص: 103) شَيْءٌ قَدْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً تَابُوا فَتَابَ الله عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَى إلَى السِّدْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: هذِهِ السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى يَنْتَهِي كُلُّ أَحَدٍ (3) مِنْ أُمَّتِكَ خَلَا عَلَى سَبِيلِكَ، وَهِي السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى، يخْرُجُ مِنْ أَصلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاء غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَن لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْر لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ،

(1) الشمط -بفتح الشين المعجمة، والميم أيضاً-: بياض في شعر الرأس يخالط سواده، والرجل أشمط، والمرأة شمطاء.

(2)

لبس -بابه: ضرب- لَبْساً عليه الأمر: خلطه عليه حتى لا تعرف حقيقته. والمراد: لم يخلطوا إيمانهم بشرك.

(3)

في (ش): "واحد".

ص: 432

وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وَهِي شَجَرَةٌ يَسِيرُ الراكبُ في ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَاماً، وَإنَّ وَرَقَةً مِنْهَا مُظِلَّةٌ (1) الْخَلْقَ، فَغَشِيهَا نُورٌ، وَغَشِيَتْها الْمَلَائِكَةُ، قَال عِيسَى: فَلذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذْ (2) يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 16]. فَقَالَ تبارك وتعالى لَهُ (3): سَلْ.

فَقَالَ: إنَّكَ اتَّخَذْتَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَأَعْطَيْتَة مُلْكاً عَظِيماً، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيماً، وَأَعْطَيْتَ دَاودَ مُلْكاً عَظِيماً، وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَدِيدَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ، وَأَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكاً عَظِيماً، وَسَخَّرتَ لَهُ الْجِنَّ وَالإنْسَ وَالشَّيَاطِينَ، والرِّيَاحَ، وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكاً لَا يَنْبَغِي، لَأحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَعَلَّمْتَ عِيسَى التَّوْرَاةَ وَالإنْجْيلَ، وَجَعَلْتَهُ يُبْرِئُ الأَكمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَأَعَذْتَهُ وَأُمَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيِهَا سَبِيلٌ (4)؟.

فَقَالَ لَهُ (5) رَبُّهُ تبارك وتعالى: قَدِ اتَّخَذتُكَ خَلِيلاً، وَهُوَ مَكْتُوبٌ في التَوْرَاةِ: مُحَمَّدٌ حَبيبُ الرَّحْمنِ، وَأَرْسَلْتكَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ هُمُ الأَوَّلُونَ، وَهُمُ الآخِرونَ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لَا تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي،

(1) في (ش): "مطلقة".

(2)

في (ش): "إن".

(3)

ساقطة من (ش).

(4)

في (مص، ش): "سبيلاً" وهو خطأ.

(5)

سقطت من (ش).

ص: 433

وَجَعَلْتُكَ (1) أَوَّلَ النَّبيِّينَ خَلْقاً، وَآخِرَهُمْ بَعْثاً، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعاً مِن الْمَثَانِي، وَلَمْ أُعْطِ نَبِياً قَبْلَكَ (مص: 104)، وَأَعْطَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ أُعْطِهَا نَبِياً قَبْلَكَ، وَجَعَلْتُكَ فَاتِحاً وَخَاتمًا.

وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: فَضَّلَنِي ربي تبارك وتعالى بِسِتٍ: قَذَفَ في قُلُوبِ (2) عَدُوِّي الرُّعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجداً وَطَهُوراً، وَأُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلَام وَجَوَامِعَهُ، وَعُرِضَ عَلَيَّ أُمَّتِي فَلَمْ يَخْفَ عَلَيَّ التَابعُ وَالْمَتْبُوعُ (3) مِنْهُمْ، وَرَأَيْتُهُمْ أَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ، وَرَأَيْتُهُمْ أَتَوْا عَلَى قَوْمٍ عِرَاضِ الْوُجُوهِ صِغَارِ الأعْيُنِ فَعَرَفْتُهُمْ مَا هُمْ. وَأُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: بِكَمْ أُمِرْتَ مِنَ الصَّلَاةِ؟.

قَالَ: بِخَمْسِينَ صَلَاة.

قال: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأمَّتِكَ، فَإن أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ شِدَّة. فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ الله التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْراً، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى فَقَالَ لَهُ: بِكَم أُمِرْتَ؟.

(1) في (ش) زيادة "فاتحاً وخاتماً، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجعلني ربي".

(2)

في (م): "قلب".

(3)

في (مص): "البائع والمبيوع" وهو تحريف.

ص: 434

قَالَ: بِأَرْبَعِينَ صَلَاةً.

قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فَإنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ شِدَّة. فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْراً، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى فَقَالَ (1): بِكَم أُمِرْتَ؟.

قَالَ: بِثَلَاثِينَ؟.

قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِكَ، فَإنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّةً. فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْراً (مص: 105)، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى فَقالَ لَهُ: بِكَم أُمِرْتَ؟.

قالَ: بِعِشرينَ.

قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ عَن أُمَّتِكَ، فَإنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ شِدَّةَ. فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْراً، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى فَقَالَ لَهُ: بِكَم أُمِرْتَ؟.

قَالَ: بِعَشْرٍ.

قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِكَ، فَإنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ شِدَّة. فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم

(1) في (ظ، م، ش.) زيادة: "له".

ص: 435

فَسَأَلَ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ خَمْساً، فَرَجَعَ إلَى مُوسَى فَقَالَ لَهُ بِكَم أُمِرْتَ؟.

قَالَ (1): بِخَمْسٍ.

قَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإن أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ شِدَّة.

قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ إلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَمَا أَنَا بِرَاجِعٍ إلَيهِ.

فَقِيلَ لَهُ: كَمَا صَبَّرْتَ نَفْسَكَ عَلَى الْخَمْسِ، فَإنهُ يُجْزِئُ عَنْكَ بِخَمْسِينَ؟ يُجْزِئُ عَنْكَ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا".

قَالَ عِيسَى: بَلَغَنَي أَنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَانَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم أَشَدَّهُمْ عَلَيَّ أَوَّلاً، وَخَيْرَهُمْ (2) آخِراً".

رواه البزار (3)، ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره، فتابعيه مجهول.

(1) في (ظ): "فقال".

(2)

في (ظ، ش) زيادة: "لي".

(3)

في كشف الأستار 1/ 38 - 45 برقم (55)، وابن جرير 15/ 6 - 11، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 397 - 403 من طرق عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية أو غيره، عن أبي هريرة

وهذا إسناد ضعيف، أبو جعفر الرازي حسن الحديث إذا لم يخالف وفيما تفرد به نظر لأنه يهم كثيراً ويخالف كما قال أبو حاتم، وفي إسناده جهالة أيضاً، غير أن البيهقي رواه بدون شك. =

ص: 436