الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعم، قال:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"(1) .
وأما حديث أبي هريرة الذي في السنن أيضاً، وهو أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، قال: فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به النبي صلى الله عليه وسلم (2) .
فالمراد بالقراءة التي انتهى الناس عنها هي قراءة غير الفاتحة لأنه لا يمكن أن ينتهوا عن قراءة سورة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
ولهذا كان الصواب أن قول من أدعى أنه منسوخ، أي أن القراءة خلف الإمام الذي يجهر منسوخة. قوله هذا ليس بصواب لأنه لا يمكن ادعاء النسخ مع إمكان الجمع، ومن المعلوم أنه إذا أمكن الجمع بطريق التخصيص فإنه لا يصار إلى النسخ.
476 سئل فضيلة الشيخ: هل تصح الصلاة بدون قراءة الفاتحة؟ وهل يجوز للمأموم ترك
قراءة سورة الفاتحة خلف الإمام؟ وهل يجوز للمنفرد والإمام ترك قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الفريضة؟ وهل يجوز ترك الفاتحة في صلاة الجنازة؟
فأجاب فضيلته بقوله: الجواب على هذا السؤال أن الصلاة لا تصح بدون قراءة الفاتحة وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم
(1) تقدم تخريجه ص120.
(2)
رواه أبو داود والنسائي وتقدم في ص120.
يقرأ بفاتحة الكتاب". متفق عليه (1) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن، أو قال بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج". أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (2) ، وخداج معناه الشيء الفاسد الذي لا نفع فيه، وهذا البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان للمجمل في قوله تعالى:(فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) . وعلى هذا فمن لم يقرأ بها فإنه لا صلاة له، وعليه إعادة الصلاة، فإن لم يفعل فإن ذمته لا تبرأ بذلك، وظاهر الأدلة وعمومها يدل على أنها ركن في حق الإمام والمأموم والمنفرد، وذلك لعدم التفصيل في هذا، ولو كان أحدهم يختلف عن الآخر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله فيما ينسب إليه: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"(3) .
فإن هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن ظاهر الأدلة أنها تجب على المأموم حتى في الصلاة الجهرية وذلك لعدم التفصيل، ولأن أهل السنن رووا من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الصبح، فلما انصرف سألهم من الذي يقرأ خلفه أو قال:"هل تقرأون خلف إمامكم؟ " قالوا: نعم، قال:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"(4) . فاستثنى النبي عليه
(1) تقدم تخريجه في ص73.
(2)
تقدم تخريجه في ص120.
(3)
تقدم تخريجه في ص122.
(4)
تقدم تخريجه في ص120.
الصلاة والسلام أم القرآن من النهي، مع أن الصلاة صلاة الفجر وهي صلاة جهرية، فدل هذا على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم حتى في الصلاة الجهرية، وفي هذه الحال يقرأ، ولو كان إمامه يقرأ فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تعالى:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .
وأما قول السائل: هل يجوز ترك قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؟
فجوابه: أن صلاة الجنازة صلاة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فتدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"(1) ، فإذا صلى أحد على الجنازة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب فإن الصلاة لا تصح، ولا تبرأ بها الذمة، ولا تقوم بما يجب قيامه جهة أخينا الميت من حق، وقد ثبت في صحيح البخاري أن ابن عباس – رضي الله عنهما – قرأ سورة الفاتحة في صلاة الجنازة وقال:"لتعلموا أنها سنة أو ليعلموا أنها سنة"(2) ، ومراده بالسنة هنا الطريقة، وليست السنة الاصطلاحية عند الفقهاء، وهي التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؛ لأن السنة في عرف المتقدمين تطلق على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم سواء كانت واجبة أم مستحبة، كما في حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال (أي أنس) :"من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً"(3) والمراد بالسنة هنا السنة الواجبة.
…
(1) متفق عليه وتقدم تخريجه في ص73.
(2)
رواه البخاري في الجنائز باب 65: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة (1335) .
(3)
رواه البخاري في النكاح باب 102 – إذا تزوج الثيب على البكر (5214) ورواه مسلم في الرضاع باب قدر ما تستحقه البكر.. ح44 و45 (1461) .