الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم الركبتين على اليدين عند السجود
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من أخيكم محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم الشيخ:. حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فأشكركم على عنايتكم بهذه الأمور، وحرصكم على إبلاغ النصيحة، وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق، وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه، ورأى الباطل باطلاً واجتنبه.
وأقول: إن طريقكم هذا هو سبيل أهل العلم الناصحين، وقد فهمت ما ذكرتم في حكم المسألة (مسألة تقديم اليدين، أو الركبتين عند السجود) ودليلها.
والحقيقة أن من تأمل حديث أبي هريرة (1) تبين له أن لا معارضة بينه وبين حديث وائل (2) حتى يحتاج إلى ترجيح، فإن حديث أبي هريرة فيه النهي أن يبرك كما يبرك البعير، فهو نهي عن الهيئة، والبعير يقدم يديه فينحط مقدمه قبل مؤخره، وإذا قدم الساجد يديه كان باركاً كما يبرك البعير، حيث قدم يديه فانحط
(1) رواه أبو داود ولفظه: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليبدأ بيديه قبل ركبتيه". وتقدم في السؤال السابق والذي قبله.
(2)
رواه أبو داود ولفظه: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه". وتقدم في السؤال السابق والذي قبله.
مقدمه قبل مؤخره، وبهذا نعرف توافق الحديثين ولله الحمد.
نعم لو كان لفظ حديث أبي هريرة (فلا يبرك على ما يبرك عليه) لكان معارضاً لحديث وائل؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه.
وأما ما ذكرتم من أن دعوة القلب لا تقبل بلا دليل، فهذا حق، ولكن في هذا الحديث ما يدل عليها وهو أوله "فلا يبرك كما يبرك البعير" الموافق لحديث وائل.
هذا ما نراه في المسألة، فإن كان خطأ فمنا، ونستغفر الله تعالى، وإن كان صواباً فمن الله، وله الفضل أولاً وأخراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر في 10/8/1402هـ.
514
…
سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -: ما القول الراجح في الهوي إلى الأرض بعد الركوع؟
فأجاب فضيلته بقوله: القول الراجح في الهوي إلى الأرض بعد الركوع: أن الإنسان يبدأ بركبتيه ثم يديه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البداءة باليدين حيث قال:"إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير"(1) فنهى أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير، وبروك البعير كما هو معلوم لكل من شاهدها وهي تبرك أنها تقدم اليدين، وقد ظن بعض أهل العلم – رحمهم الله – من السابقين، ومن المعاصرين أن هذا نهي عن البروك على الركب، وقال: إن ركبة البعير في يديه، وإن نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير معناه: النهي أن يبرك على ركبتيه.
ولكن من تأمل الحديث وجد أنه لا يدل على هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل:(فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير)، فلو قال:(لا يبرك على ما يبرك عليه البعير) لقلنا: نعم، لا تبدأ بالركبتين قبل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ولكنه قال:"فلا يبرك كما يبرك البعير". فجعل النهي منصباً على الهيئة، ولاشك أن البعير ينزل مقدم جسمه قبل مؤخره فيهبط على يديه وهذا شيء معلوم لمن شاهده وتأمله، وقد بحث ابن القيم – رحمه الله – هذا في كتابه:"زاد المعاد"(2) بحثاً وافياً شافياً، وبين أن آخر الحديث "وليضع يديه قبل ركبتيه"
(1) حديث أبي هريرة رواه أبو داود، وتقدم ص170.
(2)
زاد المعاد 1/215 – 223.
مناقض لأوله وحكم – رحمه الله – بأنه منقلب على الراوي وأن الصواب: "وليضع ركبتيه قبل يديه" لأجل أن يوافق آخر الحديث أوله، لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتناقض، ومن المعلوم أن الإنسان منهي عن التشبه بالحيوان ولاسيما في أجل العبادات البدنية وهي الصلاة، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام:"لا يبسط أحدكم ذراعية انبساط الكلب"(1) .
ولم يرد فيما أعلم في النصوص تشبيه الإنسان بالحيوان إلا على سبيل الذم، كما قال الله تعالى:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(2) . وقال سبحانه وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(3) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً (4) . وقال في الذي يعود في هبته: "كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه"(5) .
(1) متفق عليه من حديث أنس بن مالك وفي قوله: "اعتدلوا في السجود"، رواه البخاري في الأذان باب 141- لا يفترش ذراعيه في السجود (822) ، ومسلم في الصلاة، باب 45- الاعتدال في السجود 1/355 ح233 (493) .
(2)
سورة الأعراف، الآيتان: 175، 176.
(3)
سورة الجمعة، الآية:5.
(4)
رواه أحمد بلفظ: "من تكلم والإمام يخطب فهو كمثل الحمار" 3/475.
(5)
متفق عليه وتقدم ص171.