الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية الركوع
وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة، ويرفع يديه مكبراً ليركع، فيرفع يديه إلى حذو منكبيه أو فروع أذنيه ثم يضع اليدين على الركبتين مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جنبيه، ويسوي ظهره برأسه ويهصر ظهره فلا يقوسه، قالت عائشة رضي الله عنها:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك"(1) ويقول: (سبحان ربي العظيم) يكررها ثلاث مرات (2)، ويقول أيضاً:(سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)(3) ويقول أيضاً: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)(4) ، ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.
ثم يرفع رأسه قائلاً: (سمع الله لمن حمده) رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، ويضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في هذا القيام لقول سهل بن سعد:(كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة)(5) ، وهذا
(1) رواه مسلم في الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة 1/357 ح240 (498) .
(2)
رواه أبو داود في الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود (886)، والترمذي فيه باب: ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود (261) ، ورواه ابن ماجة في إقامة الصلاة باب التسبيح في الركوع والسجود (890) ثلاثتهم من حديث ابن مسعود، وعند ابن ماجة (888) من حديث حذيفة.
(3)
متفق عليه من حديث عائشة وتقدم في ص354.
(4)
رواه مسلم وتقدم في ص354.
(5)
رواه البخاري وتقدم في ص160.
عام يستثنى منه السجود، والجلوس، والركوع، لأن السجود توضع فيه اليد على الأرض، والجلوس على الفخذين، والركوع على الركبتين، فيبقى القيام الذي قبل الركوع والذي بعده داخلاً في عموم قوله:(في الصلاة) .
ويقول بعد رفعه: (ربنا لك الحمد) ، أو (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) أو (اللهم ربنا ولك الحمد) ، فالصفات أربع مختلفة وهل يقولها في آن واحد؟
الجواب: يقول هذا مرة وهذا مرة.
وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: أن العبادات إذا وردت على وجوه متنوعة فإنها تفعل على هذه الوجوه، على هذا مرة وعلى هذا مرة.
وفي ذلك ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: الإتيان بالسنة على جميع وجوهها.
الفائدة الثانية: حفظ السنة، لأنه لو أهملت إحدى الصفتين لنسيت ولم تحفظ.
الفائدة الثالثة: أن لا يكون فعل الإنسان لهذه السنة على سبيل العادة، لأن كثيراً من الناس إذا أخذ بسنة واحدة صار يفعلها على سبيل العادة ولا يستحضرها، لكن إذا كان يعود نفسه أن يقول هذا مرة وهذا مرة صار منتبهاً للسنة، قلنا بعد الرفع من الركوع يقول أحد هذه الوجوه، فمتى يقول ذلك؟
الجواب: يقول ذلك بعد أن يقوم؛ لأنه في حال القيام يقول: "سمع الله لمن حمده" إلا إذا كان مأموماً فإن المأموم لا يقول (سمع
الله لمن حمده) ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وإذا قال – أي الإمام – سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد"(1) ويكون هذا في حال نهوضه من الركوع قبل أن يستتم قائماً، وبعد أن يقول (ربنا ولك الحمد) أو إحدى الصفات الأخرى، يقول (ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)(2) .
كيفية السجود
ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين، لقول ابن عمر:"وكان لا يفعل ذلك في السجود"(3)، ويخر على الركبتين لا على يديه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير"(4) .
والبعير عند بروكه يقدم اليدين فيخر البعير لوجهه، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخر الإنسان في سجوده على يديه؛ لأنه إذا فعل ذلك برك كما يبرك البعير.
هذا ما يدل على الحديث خلافاً لمن قال: إنه يدل على أنك تقدم يديك ولا تخر على ركبتيك؛ لأن البعير عند البروك يخر على
(1) متفق عليه، وتقدم في ص167.
(2)
رواه مسلم وتقدم في ص168.
(3)
متفق عليه من حديث ابن عمر، رواه البخاري في الأذان باب 83 و84، رفع اليدين في التكبيرة الأولى (735) و (736) ومسلم في الصلاة باب استحباب رفع اليدين ح21 و22 (390) .
(4)
رواه أبو داود وغيره، وراجع التفصيل في ص170.
ركبتيه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل:(فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير) ؛ لأنه لو قال ذلك، قلنا: نعم، إذاً لا تبرك على الركبتين لأن البعير يبرك على ركبتيه لكنه قال:"فلا يبرك كما يبرك البعير" فالنهي إذن عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه الإنسان ويخر عليه، والأمر في هذا واضح جداً لمن تأمله، فلا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا وأن نقول: إن ركبتي البعير في يديه وإنه يبرك عليهما لأننا في غنى عن هذا الجدل، حيث إن النهي ظاهر في أنه نهي عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه.
ولهذا قال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد: إن قوله في آخر الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه" منقلب على الراوي؛ لأنه لا يتطابق مع أول الحديث، وإذا كان لا يتطابق مع أول الحديث فإننا نأخذ بالأصل لا بالمثال، فإن قوله:"وليضع يديه قبل ركبتيه" هذا على سبيل التمثيل والتفريغ، وحينئذ إذا أردنا أن نرده إلى أصل الحديث صار صوابه:"وليضع ركبتيه قبل يديه".
فيخر على ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، ويسجد على سبعة أعضاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه – ليبين أن الأنف من الجبهة، واليدين والركبتين، وأطراف القدمين"(1) .
فيسجد المصلي على هذه الأعضاء وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض (2) ولا على ركبتيه بل ينصبهما ويجافي
(1) متفق عليه وتقدم تخريجه في ص308.
(2)
لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجدت فضع كفيك ورافع مرفقيك". رواه مسلم في الصلاة باب 45: الاعتدال في السجود ح234 (494) .